-->
U3F1ZWV6ZTMzNTg0ODE3NzI1X0FjdGl2YXRpb24zODA0Njk2NDgxODg=
recent
آخر القصص

رواية وحوش لا تعشق رحاب إبراهيم - الفصل الرابع عشر

مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة والقصص والروايات الرومانسية مع رواية رومانسية درامية جديدة للكاتبة المتألقة رحاب إبراهيم علي موقعنا قصص 26 و موعدنا اليوم مع الفصل الرابع عشر من رواية وحوش لا تعشق رحاب إبراهيم. 

رواية وحوش لا تعشق رحاب إبراهيم - الفصل الرابع عشر

تابع الجزء الأول من هنا: جميع فصول رواية ليالي بقلم رحاب ابراهيم

رواية وحوش لا تعشق رحاب إبراهيم
رواية وحوش لا تعشق رحاب إبراهيم

رواية وحوش لا تعشق رحاب إبراهيم - الفصل الرابع عشر

لم يكن حزنها بالاقتران بذلك المجرم أكثر من حزنها الآن ، لم تشك للحظة أنه قرر الزواج منها للانتقام !! ، ماذا فعلت لكل هذا ! ، لا......رددت هذه الكلمة بداخلها برفض وهي تتذكر آخر مقابلة لهم ...فأرادت أن يرد اليها صفعتها كي لا يلاحقها ..فرفض ! ....ليس هذا السبب الحقيقي ..هناك شيء خفي وراء حديثه فلم يكن ثمة لمعة غادرة بنظرته الملتهفة حينما رأى بيدها السم !! ..هناك شيء لابد أن تعرفه ....ولا يجب أن تخبر احدا من والديها عن حقيقية علاقتها بزوجها في الوقت الراهن ....فهما سيعودان للصعيد بأقصى سرعة حتى لم ينالهم غدر ذلك المجرم وذلك أن أرسل إليهم أحد من تابعيه .....لم تدرى ما يحدث طيلة طريق العودة حتى رأت نفسها تقف بجانبه أمام باب شقة تبدو من مظهرها الخارجي أنها ذات أثاث فاخر حتى لوى فهد مفتاحه بالباب وفتح الباب ليظهر ما بالداخل ...
جذبها من يدها للداخل وهي على حالتها الشاردة وكأنها دمية تتحرك بإرادته حتى قال بعجالة :-
_ انا هرجع تاني الشغل وما تقلقيش على اهلك هما عارفين العنوان هنا ، انا اديتهولهم ، وفي جميع الاحوال هما راجعين الصعيد زي ما ابوكي قالي وهناك هيبقوا في آمان ...
لم يبدو علي وجهها الشاحب وعيناها التائهة أنها استوعبت شيء مما يقوله ..زفر بضيق ثم ذهب واغلق الباب خلفه واغلقه بالمفتاح جيداً وهو يعلم تمام العلم أن لن يجرؤ احد على اقتحام عرينه وكل ما يستطيعون فعله مراقبته بالخارج فقط ...اما هنا فمنطقة محذورة لا يستطيع احداً العبور إليها وإلا سيكلفه ذلك الكثير مما سيعانيه ....
وكأن صرير صوت المفتاح عند إغلاقه كان راية البدء في إذابة الصقع وتحرير قيد التجمد من أساريرها حتى سقطت باكية ..مجهشة في البكاء بألم .....
والشك الذي راودها طيلة الطريق إلى هنا لم يمنع حزنها من قسوته التي اعلنها بوجهها فجأة ....وكأنها كانت الغريق عندما انقذها وتمسك بيدها حتى لا تسقط وإذ فجأة وهي في ربوة الآمان قد أراق لروحها غدرا حتى تفرقت انامله لتعود بحطام الامواج متلاطمة بعنف بين طياتها ...
ولكن طفو العشق يمنعها ويبرر ويخلق له المعاذير ...هذا هو العشق فكيف تنكره ؟

🌸وأني بين العشق لا أدري أي الفريقين اختار 🌸
☀سماءً مقحلة غائمة أم عشقٍ ملفوفٍ بستار ☀
☀وأراق طيف الهوى قلبي وتاهت افكاري☀
☀بين دفوف اليأس لأقف بصريخ العين ☀
☀لرجلاً لم أعرف أن كان غريقاً أو بحار ☀
☀فأني اعشقك يا رجلاً ولو ذُقت بوزني ☀
🌸كؤوس المر من ينبوع الماً ونيران #روبا🌸

هكذا نهضت ، هكذا التهمت حزنها بمدارك القوة ، هكذا كانت فاطمة ..وهكذا ستغزوا بعشقها ..قسوته
كفكفت دموعها بباطن يدها ثم أخذت نفسا عميقا وقالت بصوت أدعم نفسه بنفسه وكأن طاقته تتجددا تلقائيا :-
_ اقسى اد ما تقسى ، وذلني زي مانت عايز ، بس مش هخليك يا فهد تقدر تعيش ساعة واحدة من غير فاطمة ، وده فعلا لو كنت اتجوزتني عشان كدا .....
بقلم رحاب إبراهيم
بدافع هذه القوة المكتسبة ذاتيا نظرت حولها للمكان وبدأت ترى مدى الفوضى رغم الثراء البادي جلياً على كل شيء يحيط بها ....اقتربت من أحد الغرف وشعرت بثقل ردائها الابيض الثقيل بعض الشيء وما شعرت بثقله مثل الآن ، أم لأنها ستبدأ طريقها بإتجاه آخر بغير الطبيعي ...

لوت مقبض باب الحجرة بين يدها حتى فُتح الباب بسهولة وظهرت طيف ابتسامة بسيطة على وجنتيها عندما أخذها حثها إلى هذه الغرفة بالتحديد ...فأتضح أنها تخصه من فوضى الملابس المترامية على الأركان والمشجب الخشبي بجانب الفراش ...عدت نحو الدولاب وفتحته لترى أكوام من الملابس المطوية بعناية ونظام بعكس ما بخارج الدولاب من فوضى ....نظرت جيدا حتى لمحت طقم شتوي رياضي يخصه فجذبته لتتفحصه ولم يخيب ظنها فأعجبت به وقررت أرتدائه في الحال ولكن هناك عائق وحيد ...
قالت بتذمر :-
_ ترنج تحفة وفظيع بس طوووويل أوووي عليا !
بحثت بأحد الأدراج عن خيط وإبرة خياطة ولم تجد ، فما وجدته كان كافيا لحل المشكلة ....مقص ✂
بدأت بتهذيب البنطال بالمقص حتى اصبح يلائمها تمامًا ..ثم بدات بخلع ردائها واستصعب عليها بعض الشيء لثقل الفستان ولكن استطاعت في النهاية ابعاده عن جسدها حتى توجهت إلى باب صغير بالغرفة ولم يكن الأمر يحتاج لأدنى ذكاء حتى تتكهن أنه حمام الغرفة الخاص...

________________________صلّ على النبي الحبيب

في الطريق وبين هبّات الرياح الشتوية لطقس عروس البحر المتوسط ..تطلع إليها متمعناً بوجهها وهي شاردة بأمواج البحر المتلاطمة وتقف أعلى الكوبري المقارب للشاطئ ..ذابت كل لحظة يأسه من قلبها وتأكدت أنها بدأت تعدو إلى سُبل الهناء والسعادة الذي تمنتهم دائماً....قالت وهي تضع يدها بجيب معطفها حتى تتلمس الدفء :-
_ أول مرة ابقى مبسووطة كدا لدرجة أني عايزة اجري
حاوط كتفيها بقوة وقال بحنان :-
_ بفرح لما بتقولي كدا ، بحس أني اديت مهمتي
اجفلت من جملته الآخيرة حتى التفتت يمينا ونظرت له بتمعن وقد ارتبك قليلا وشعر بوجود سوء فهم قد حدث دون قصد بسب هذه الجملة التي لا معنى لها سوى أن هذا واجب الزوج العاشق ....كيف يفسر لها دون أن يخبرها بما تُكنّه نفسه ؟! .....كيف ؟

ضبطت انفعالتها حتى اصبح وجهها دون تعابير وقالت بهدوء لم يكن يتضامن مع ثوران قلبها :-
_ الدنيا شكلها هتمطر والجو هيقلب ، يلا نروح
تنفس بعمق وظهر سمات الضيق على قسماته ثم أخذ يداها بإتجاه السيارة وذهب عائداً إلى الشاليه البحر ..

"أمام الشاليه"
دلفت للداخل مقتطبة الجبين ثم صعدت الدرج وكأنه ليس معها ..راقبها هو بهدوء وهو يوبخ نفسه بغضب على هفواته اللاذعة التي تحمله لنقطة البداية ...فلو أراد أخذها لفعل ...ولو أراد الاعتراف لفعل ...ولكن تسرعه سيؤدي في النهاية لطريق مسدود ...فقبل الحب يجب أن يكون هناك الكثير من التفاهم فالحب وحده لا يكفي في الحياة الزوجية ، وهي صغيرة على الفهم أو ربما يظن ذلك فكل الدلائل لا تشير بعكس هذا ......ولو سفر والديها ما كان سيتزوجها الآن قبل أن تنضج لتكون له حواء قوية مثلما سيكون لها آدم ....فرأيه دائما أن الحب في الزواج لا يكفي ....هكذا هو ..
أحضر مشروبا دافئ وصعد لها فوجبة العشاء تناولها بالخارج ....دلف للحجرة ورأها ممدة على الاريكة التي اصبحت فراشه ...قال :-
_ أشربي حاجة سخنة عشان تدفيكي
اعتدلت مريم بجلستها ولم تريد إكثار صمتها أكثر من ذلك حتى اجابت بهدوء :-
_ حاضر
ركضت الهرة إليها كالبرق والتقفتها مريم بإشتياق فلم تراها طيلة هذا اليوم إلا الآن ...وضعت المج من يدها على المنضدة وضمت القطة بقوة ....نظر آدم للقطة بغيظ وهتف :-
_ ياريت توديها في أي مكان ، لا يمكن أنام هنا ودي هنا
التفتت له مريم بحدة واجابت بضيق :-
_ امبارح عملت كدا عشان ماكنتش حابة تحصل مشكلة بس مش معنى كدا أني هسيب كيتي تنام في حته تانية كل يوم ...بقلم رحاب إبراهيم
نهض بعصبية وصاح بها :-
_ انا مابحبش القطط وعندي حساسية منهم ، يعني هيعجبك اني انا اللي انام برا في البرد بس القطة لأ ...صح ؟
لولا جملته الذي جعلتها بهذه الحالة من الغضب لكانت اطاعت آمره بسهولة ولكن حقا هي غاضبة ...اجابت لتستفزه ملثما فعل :-
_ اتفضل لو عايز تنام برا ...مش همنعك
زم شفتيه بغيظ وخطف من يدها القطة حتى توجه الى خارج الغرفة ودفعها بغيظ بشكل عشوائي ....تحركت مريم بخوف حتى هتفت بها وهي ترى قطتها تهوي بعيدا بشكل المها :-
_ انت مش بني آدم ، حرررام عليك ، انا ساعات بحس أني بكرهك ومش بطيقك ...
تحرك عصب فكيه غضبا حتى هتف بوجهها بعصبية مفرطة :-
_ ادي اللي انا اتجوزتها !! ، طفلة .....لولأ سفر أمي واقسم بالله ماكنت اتجوزتك ولا خدت الخطوة دي ....انتي ماتنفعيش زوجة عاقلة عارفة يعني مسؤولية بيت وزوج ، انتي اكبر حاجة ممكن تعمليها أنك تهتمي بقطتك ....بس للأسف قدري ونصيبي وقعني فيكي ...وبحاول اتقألم

بلع ريقه بصعوبة وهو يرى الذهول على وجهها الذي رافقه البكاء الصامت حتى تركها وما كاد أن يهبط درجتين إلا وسمع صوت ارتطام حاد .....اتسعت عيناه بذعر وهو يراها تسقط مغشيا عليها ....
وآخر شيء رأته قبل أن تذهب في غشاوة تامة هو صوته الهاتف بذعر ويداه الذي حملتها ....

___________________________استغفرك ربي وأتوب إليك

"في قسم الشرطة "
جلس فهد وبدأ الطبيب الذي أرسل في مجيئه وهو في الطريق تضميد الجرح وبعد أن انهى الطبيب عمله قال :-
_ حاول ما تجيبش مية عليه على الاقل النهاردة والادوية اللي هكتبهالك تاخدها لمدة أسبوع ....نقش الدكتور أسماء الأدوية اللازمة ثم رحل ....
دلف خالد للمكتب وجلس أمام فهد وقال بتساءل :-
_ هتعمل إيه مع حداد والعيال اللي جاية معاه
اخفى فهد بكم قميصه جرح يده ثم قال بنظرة متوعدة :-
_ هنطقه لحد ما يقر على اللي وراه
ضيق خالد عيناه بمكر ثم قال :-
_ يعني مش عشان حاجة تانية ؟
هي البت اللي اسمها فاطمة صحيح عاملة إيه دلوقتي ؟
نظر فهد لخالد بغضب ثم نهض وصرخ به بعنف لم يره خالد من قبل وقال :-
_ إياك تجيب سيرتها تاني ياخالد ، دي بقت مراتي
نهض خالد بابتسامة واسعة وهتف بمرح :-
_ والله كنت حاسس ونرفزتك عشان تقولي ، بقى كدا ياندل ..طب كنت قولي ، انا كنت فاكر الموضوع مجرد تعاطف وبس
زفر فهد بنفاذ صبر وهتف مرة أخرى بشكل أكثر حدة :-
_ انا قولتلك ماتجبش سيرة فاطمة تاني يا خالد ، وده آخر تحذير ..
رفع خالد يده بإستسلام وقال بضحكة يكبتها :-
_ خلاص ياعم بالراحة ، انا ماشي
خرج خالد من المكتب ثم جلس فهد صامت لعدة دقائق حتى يتأكد أنه يقظ وليس هذا مجرد حلم وسيصحو منه متعرق الجبين ......
_______________________________سبحان الله وبحمده

عادت ليالي إلى الفندق مع عمر وقد مضت طيلة اليوم في إجراء الفحوصات اللازمة التي لم تنهيها بالكامل فسيلزمها عدة أيام أخرى كي تنهيها ....قالت بإرهاق :-
_ ربنا يستر
ربت عمر على كتفيها ببسمة ماكرة وقال :-
_ أن شاء الله ربنا هيستر ومش هيطلع في حاجة عشان ناخد شهر عسل بقى 😂
ضحكت على مرحه وقالت :-
_ مافيش في دماغك غير شهر العسل وبس
بادلها ضحكتها بمكر قد تبين من نبرته وقال :-
_ مش هيطلع في حاجة أن شاء الله وانا احساسي ما يخايبش ابدا ، وده كله حصل عشان انا دعيت بكدا والدعوة استجابت يا لوليتا😂
هزت رأسها بضحكة ثم قالت :-
_ هتفضل زي مانت يا عمر مش هتتغير
قرب لها وقال بعشق :-
_ محدش هيحب ادي ويعرف يبطل يعشق ، انتي عايزاني ابطل احبك ؟!
لكمته على صدره بتذمر وقالت :-
_ كنت خنقتك 😑
رفع انامله إلى شفتيه وقبلها بحنان ثم قال :-
_ ربنا ما يحرمني منك ابدا ، انا ما اقدرش اعيش من غيرك يا ليالي ...أموووت
لمحت لمعة بعينها فتأكدت أن كله مرحه هذا ماهو إلا قناع خارجي يخفي به خوفه وتوتره من اجلها ثم سكن وجهه بين يديها بدفء واجابت :-
_ هبقى كويسة أن شاء الله يا عمر وبأذن الله مش هحتاج لعملية تاني ، مش عايزاك تقلق أو تخاف
جذبها لصدره بقوة حتى دفن رأسه بكتفها وسقطت دموعه الذي اعلنت خوفا وقلقه حتى اعتصرها بين ذراعيه وكأنه أراد حبسها خلف ضلوعه .....
دعت ربها أن يشفيها لأجل زوجها الذي أخذ كل الاماكن بداخل بما فيهم مكانة الأب ...كانت وصيته وكان نعم الواصي عليها ...
أما هو ترجي ربه في صمت أن يرحل قبلها ولا يشهد رحيلها ابداً، حاول أن يتماسك كثيرا ولكن لم يستطع أكثر من ذلك .....
_________________________سبحان الله العظيم

فتحت جفونها بالتدريح ودموعها الذي انسالت بدون أن تتوقف ويبدو أنها حتى أثناء اغمائتها كانت تتألم ...ومن أن رمشت بعيناها حتى وجدته بجانبها واقترب وقبّل رأسها بدفء ثم نظر لها عن قرب وتأسف :-
_ مريم ، انا أسف ....انتي ماتعرفيش عملتي فيا إيه لما شوفتك مغمى عليكي
بلعت ريقها الجاف واشاحت وجهها عنه حتى قرب وجهها إلى صدره بضمة قوية لم تكن تتوقعها وتأسف مرة أخرى حتى اجهشت في البكاء بألم ....قالت :-
_ ابعد عني ، مش عايزة أشوفك
وما حركت به جملتها شيء غير يداه التي ضمتها أكثر بحنان ثم ابتعد قليلا بنظرة متمعنة في وجهها ومرر يده على رأسها بلطف وقال :-
_ مش هبعد ، وكل ما هتقولي كدا هقرب أكتر
وضعت يدها على وجهها وعادت للبكاء مرة أخرى ثم قالت بنبرة متهدجة :-
_ طالما انا عبئ عليك يبقى سيبني في حالي ، أو طلقني
اتسعت عيناه بصدمة وغضب ثم هدر صوته :-
_ انتي اتجننتي ، ايه اللي بتقوليه ده !
اعتدلت بجلستها وقالت بقوة :-
_ لأ مش مجنونة ، هبقى مجنونة لو عشت مع واحد شايفني مانفعش زوجة ، شايف أني ماقدرش اشيل مسؤولية ...شايف أني ما انفعش في أي حاجة

تنهد بضيق ثم قال بطريقة جعلتها ترق قليلا :-
_ مريم ، انتي مراتي ...الحياة مش دايما هتبقى كلها فسح وخروج ...هنقابل مشاكل وهنتعصب ..مش معقول يكون حلك للمشاكل انك تطلقي .. انا بتعامل معاكي زي ماكون بتعامل مع طفلة ومش عايز اقسى عليكي لكن ساعات بيحصل كدا غصب عني ...مش ببقى حاسس بقول إيه ..ارجوكي افهميني ...

لم يصل لها ما قاله غير أنه وجد مبرر لعصبيته حتى هتفت بعصبية :-
_ وانا مش هقدر استحمل عصبيتك دي كتير ، انت مابتبقاش عارف أنت بتقول إيه ..ولا كلامك ده بيعمل فيا إيه ...
نهض وقد انطلق غضبه مرة أخرى دون أن يدري وقال :-
_ وده اللي كنت عامل حسابه ، انك مش هتقدري تكملي معايا ...اديتك فرصة عشان ت....
صمت ولم يكمل جملته ..رمقها بنظرة عاتبة ومتألمة ثم ذهب من الغرفة واغلق الباب خلفه ....
شعرت أنه يتألم مثلها وشعرت ببعض الندم ..استمرت تفكر في الأمر جيدا حتى رأت أنه له حق في بعض الأشياء وليس جميعها ...نهضت من فراشها وعدلت من هندامها امام المرآة ثم فتحت باب حجراتها لتهبط ...

بعد أن هبط للأسفل دلف للمطبخ ليعد لها شراب دافئ آخر ، فلم يتركها هكذا مهما فعلت حتى أتاه اتصال هاتفي من رقم غريب...أجاب بعد أن ترك كوب من يده :-
_ الو ؟
اجابت ندى وهي أحد الطلاب في الجامعة وقالت بضيق :-
_ مساء الخير استاذ آدم
اجابها آدم بتعجب :-
_ مساء النور ، مين معايا ؟
قال ندى بغنج مبتذل ولم تغب نبرة الغضب في نبرتها رغم أنها تحاول اخفائها ..قالت :-
_ انا ندى ، طالبة عند حضرتك في الجامعة ...ايه نسيتني ؟!
رفع آدم حاجبيه باستغراب وشعر بنفاذ الصبر ولكن حينما التفت بالصدفة رأى مريم تقترب إليه وعلى وجهها علامات الفضول لمعرفة مع من يتحدث ! حتى أراد أن يستفزها وقال :-
_ أه ، آه ، ازيك يا ندى عاملة إيه ؟
تعجبت ندى من اسلوبه فلأول يعاملها هكذا ! حتى استغلت الفرصة واطلقت ضحكة عالية وقالت بعدها:-
_ طب الحمد ، حضرتك عامل إيه ، بصراحة انا حسيت أني عايزة اسمع صوتك
نظر آدم بمكر إلى مريم الذي عقدت حاجبيها ببدء ثورة غاضبة حينما قال بعذوبة مصطنعة :-
_ بجد يا ندى ؟
اطلقت ندى ضحكة عالية مرة أخرى قد اظهرت صوتها من خلال الهاتف حتى انتبهت له مريم بصدمة ثم تابعت ندى حديثها بخبث :-
_ سمعت كدا أنك اتجوزت ، ده صحيح ولا اشاعة ؟
اجابها آدم بصوتٍ عالٍ وقال قد تعمده :-
_ أه للأسف
ضغط آدم على الانهاء بأصبع يده دون أن تلاحظ مريم حتى لا يتمادى في الحديث مع تلك الحمقاء الأخرى وتابع حديثه متظاهرا أنه يتحدث معها ولم ينهي الاتصال :-
_ مش كل حاجة عايزنها بتكون لينا يا ندى للأسف

تحركت مريم مبتعدة عنه حتى خرجت من الكابين بالكامل ...ترك آدم هاتفه على رخامة قاتمة اللون وأزاح نافذة المطبخ قليلا لكي يراقبها حتى اتسعت عيناه بفزع وهو يراها متوجهة للمياه حتى ابتلعها الماء ....مريم لا تستطيع السباحة بقدمها !!.....ركض خارجا بأسرع ما عنده وقلبه يصرخ بجنون ....
____________________________لا حول ولا قوة إلا بالله
عاد فهد إلى المنزل ونفس ذات النظرة الغاضبة لم تفارقه بل واشتدت غضبا بحيث أنه كان يضرب المقود أثناء السير بقوة وادى ذلك لنزف جرحه مرة أخرى .....فتح باب الشقة وبحث عنها ولم يجدها وتبقى الغرف ...دق على أحدى الغرف حتى سمع صوتها يجيب فقد اعدت العشاء الذي وجدته بالثلاجة ثم دلفت لغرفته مرة أخرى ...تنفس الصعداء ثم
دلف للحجرة الأخرى وترك الباب على مصراعيه ..
دفع مفاتيح سيارته على منضدة بالحجرة حتى جلس وشعر أن كل جزء بجسده يصرخ من الأرهاق ....
خلع معطفه ببطء ليرى يداه الذي بثت دمائها على اللفافة الطبية بغزارة ....تأوه من الألم فيده المصابة هي نفس اليد الذي يلازمها مرضه المزمن ....تعاقبت آناته حتى نهض واحضر من درج الكمود بجانب فراشه صندوق صغير يحتوي على بعض الاعدادت الطبية السريعة ...
جلس مرة أخرى ولم تغب عن فكره صغيرته التي تجلس بالغرفة المجاورة ....اجفل عيناه متألماً من كل شيء وحينما أشرقت جفونه رأها أمامه وكأنها وجدت من العدم ....نظر لها من رأسها لأخمص قدميها بدهشة وبعض الارتباك الذي جاهد ليخفيه ...فما ترتديه لابد أنها بحثت في خزانة ملابسه كي تجده ..بحيث أنها ارتدت أحد ملابسه ويبدو أن ذوقها مثل ذوفه فقد اختارت أفضل ما بالخزانة وهو عبارة عن بنطال ومعطف من اللون الأسود والأبيض.....وما جعله يطرف بعيناه بتوتر تلك التموجات الشديدة الطول من شعرها الأسود التي سافرت عبر ردائها هبوطا للأسفل...
هل تعرف أنها كادت أن تجعله يعترف لها بما يشعر به ؟
بهذه النظرة الجامدة بعيناها فلابد أنها لا تدري شيء ..
اخفض عيناه بصعوبة من عليها وبدأ في تضميد جرحه..

اتت لكي تصب غضبها عليه ولكن صُدمت بيداه المصابة فكتمت خوفها وقلقها عليه بداخلها وتظاهرت بالثبات فكم كانت حمقاء عندما كادت أن تعترف له بحبها الذي اكتشفته بآخر مقابلة بينهم ....قررت ترويضه أولاً ، لن تستسلم أبداً فذلك زوجها وسيظل كذلك رغما عنه ....هكذا عزمت النية ..
جثت على ركبتيها حتى تساعده ولكنه نفض يداها بعيدا عنه بحدة فقالت معنفة :-
_ هطهر الجرح ، ابعد اااايدك
اتسعت عيناه بعصبية وكاد أن يعنفها حتى خطفت منه القطن الطبي وغمرته بالمطهر وبدأت في التضميد ...راقبها بغيظ ثم جعد حاجبيه بألم عندما هاجمه الم الجرح من جديد ....رفعت اناملها ثم نفخت بلطف على الجرح ونظرت له خلسه حتى اخفض عيناه التي ذابت بوجهها الذي لم يعشق سواه ....بدأت في لف الجرح بشاشة نظيفة وبعد الانتهاء استقامت ووقفت أمامه وهي تتضع يدها بجيوب المعطف وقالت بهدوء اغاظه:-
_ يلا عشان تتعشى يا فهودي

فغر فاه وهو يراقبها تبتعد حتى خرجت من الغرفة ولم يلاحظ ابتسامتها الماكرة ...
قال بذهول :-
_ فهودك !، انا فهودك 😒
تنحنح قليلا بقلق ولم ينهض من مقعده بل وتمسك بالجمود ، ولكن كيف للقلب أن يصمد أمام معشوقه ..ظن أنها ستيأس من عدم خروجه حتى تفاجئ أنها تأتي بصينية الطعام حيث يجلس ....نظر للطعام وشعر أن معدته تتضور جوعا ولكن سيبدو أنه تساهل معها فأمتنع ...
مطت شفتيها بعدم أكتراث وقالت :-
_ الأكل قدامك مش هقولك كل ، بس انا هاكل ده بيتي مش هتكشف يعني ..
رفع حاجبيه بذهول وردد كلمتها هاتفا :-
_ ده ااااايه ؟! ...بيتك !!
هزت رأسها بالإيجاب وهي تلوك الطعام بفمها وقالت :-
_ اه بيتي وانت جوزي يا فهودي ، انت قولت لأهلك طبعا أنك اتجوزتني ..
نهض بغضب وهتف بها :-
_ انتي صدقتي نفسك ولا ايه ، ده لا بيتك ولا انتي هتفضلي مراتي كتير. ....وأن كان على أهلي فأقولهم وانا عارف رأيهم مسبقا ...مش معقول يعني هيفرحوا لما يعرفوا انا متجوز مين ... فاطمة بنت ...
نهض بغضب وقاطعت حديثه بغضب لم يتملكها يوما قبل الآن وقالت :-
_ أوعي تكمل ، احترم مراتك يا فهد بيه ، ولو مش معتبرني مراتك على الاقل احترم بنت هتفضل تتعلم لحد ما تبقى احسن منك انت شخصيا ...انا جبت في الثانوية العامية ٩٨،٥٪ وهدخل هندسة وهبقى مهندسة اد الدنيا ..مش جاهلة ولا بنت من الشارع عشان تعاملني كدا ...ويوم ما اسيبك هلاقي اللي احسن منك يتمناني انا مش واقفة عليك .....
كاد أن يصفعها على وجهها بغضب ولكن هزها بقوة من كتفيها وهتف :-
_ مش واقفة عليا..صح ؟ ...انا بقى مش هخليكي تشوفي الشارع تاني ...ولا حتى هخليكي تكملي تعليمك

دفعت يداه بحدة ولم تأبى لجرح يده الذي لا يساوي شيء أمام جرحها الذي تخفيه واجابت بحدة :-
_ يبقى الموت والعيشة معاك مايفرقوش كتير ، ما تفتكرش اني ضعيفة يا فهد ...انا اقدر اخليك ماتنامش الليل من التفكير واوعدك أني هعمل كدا ....انت لسه ما تعرفنيش
والفقر اللي بتعايرني بيه ده نشف عضمي قبل قلبي ومش هيفرق معايا اي حاجة هتعملها ...ولا انا اللي اتحبس ...انا لو عايزة امشي كنت مشيت ...بس مش همشي من هنا غير لما انفذ اللي في دماغي وانت مالكش رأي عندي ...لا هتقدر تجبرني اقعد ولا هتقدر تجبرني امشي ..واللي عندك اعمله

ذهبت بخطوات ثابته وواثقة من أمامه واغلقت الباب خلفها وتوجهت إلى غرفتها ...جلست على الفراش وتعجبت لقوتها وجرائتها بهذا الشكل حتى تتحداه هكذا وهي لا تدري هل حقا ستفوز بذلك أم ستجر اذيال الخيبة عند الرحيل ...ولكن لابد أن تقوى مثلما تظاهرت على الأقل...

تجمد في مكانه منذ أن خرجت من الغرفة ولم يظن أن تلك الصغيرة بهذه القوة ..جلس ببطء وظهرت الابتسامة على وجهه وهو يقول :-
_ لولا أنك بنت ، كنت شكيت أني واقف قدام نفسي يا فاطمة !!
كيف ستجعله يسهر أكثر منذ ذلك فإن كانت تعتقد أن ذلك حدث بالفعل منذ أن رأها فحقا هي بريئة ....
لم يكن ليقسى ولكن لابد أن تذهب بعيدا فلن يستطيع أن تبتعد عنه بعد أن تعرف سره فهو للأن لا يعرف أن كانت تحبه أم لأ ..وما حدث بالسيارة من غنائها فارجعه إلى الامتنان بإنقاذها ليس أكثر وسيكون من السخف أن يعتبره حباً......ولكن اعجبته مالم تعجبه فتاة من قبل ...

اطلق هاتفه رنين حتى اخرجه من معطفه ولاحظ رقم غريب ..اجاب بعد برهة لتتسع عيناه بذهول بعد أن اجاب موظف من المشفى العام يعلمه بموت احدهم
*********************
إلي هنا ينتهي الفصل الرابع عشر من رواية وحوش لا تعشق رحاب إبراهيم
تابع من هنا: جميع فصول رواية وحوش لا تعشق بقلم رحاب ابراهيم
تابعوا صفحتنا على الفيس بوك للمزيد من روايات حب
أو أرسل لنا رسالة مباشرة عبر الماسنجر باسم القصة التي تريدها
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة