-->
U3F1ZWV6ZTMzNTg0ODE3NzI1X0FjdGl2YXRpb24zODA0Njk2NDgxODg=
recent
آخر القصص

رواية فى قلبى انثي عبرية - خولة حمدى - الفصل العاشر

أصدقائي الأعزاء متابعي موقع قصص 26 يسعدني أن أقدم لكم الفصل العاشر من رواية فى قلبى أنثى عبرية بقلم دكتورة خولة حمدى وهي رواية واقعية إجتماعية ممزوجة بالحب وأيضا  تتسم بالكثير من الأحداث والمواقف المتشابكة التي ستنال اعجابك بالتأكيد فتابع معنا.

رواية فى قلبى انثي عبرية - خولة حمدى - الفصل العاشر

حمل تطبيق قصص وروايات عربية من جوجل بلاي
رواية فى قلبى انثي عبرية - خولة حمدى
رواية فى قلبى انثي عبرية - خولة حمدى

رواية فى قلبى انثي عبرية - خولة حمدى - الفصل العاشر

خذ
ألقى الرجل السلاح بحركة رشيقة، فتلقاه أحمد شاكرا ،
وسارع لينضم إلى صفوف إخوانه في حصة التدريب.
كانت إصابته قد تماثلت للشفاء، ولم يرى مصوغا للتأخير خاصة بعد أن نبأه حسان
وأيهم بالتطورات المهمة اللتي طرأت على نظام التدريب ووسائله.
فلم يزده ذلك إلا حماسا وتشوقا.
استقبله رفاقه بالعناق والدعابات الساخرة. فقد كان خبر خطبته لندى قد انتشر بسرعة، مخلفا لديهم انطباعت متباينة.
لكنه كان يبتسم في لا مبالاة أمام تعليقاتهم، لأنه كان يتوقعها من جهة، ولأنه كان مقتنعا بأن الموضوع يخصه وحده ولا علاقة لأحد به من جهة أخرى...
لذلك فهو ليس مطالبا بتقديم تبريرات أمام أحد.
فجأة، ناداه قائد المجموعة الذي كان يتابع المشهد عن بعد.
توجه احمد نحوه في هدوء وثقة. ابتسم وهو يحييه في احترام، ثم وقف ينتظر الأوامر.
نظر إليه القائد مليا ثم قال بلهجة أبوية حانية:
-مبارك عليك الخطبة يا بني!
ارتبك احمد للحظات، فهو لم يتوقع أن يحدثه القائد في ذلك. تمتم بعد تردد قصير:
بارك الله فيك... لكن التهنئة سابقة لأوانها، لأنني لم أحصل على الموافقة بعد...
سكت القائد لثوان، ثم تابع في هدوء:
سمعت أن الفتاة... يهودية!
تصاعد الدم إلى رأس أحمد، واحمر وجهه بشدة. لا يريد أن يبرر تصرفاته
إنها كتابية يا سيدي؛
كانت لهجته صارمة وقاطعة، في ثناياها بوادر انفعال.
سأله القائد بهدوء مستفز:
وهل تعلم من نقاتل في أراضي الجنوب؟
الصهاينة الإسرائيليين سيدي،! تنهد القائد في شفقة وهو يقول:
أحمد يا بني... أنت لا تزال شابا يافعا... فكر جيدا في قراراتك، فإنها تبني مستقبلك...
أمن قلة الفتيات المسلمات الملتزمات نشكو، حتى تفكر في يهودية؟
حتى إن لم تكن صهيونية إسرائيلية، فبينكما مسافات بعيدة في القناعات والمعتقد.
لا تستسلم لعواطفك ونزوة عابرة، فتغفل عن واجباتك تجاه الأمة! ألا تريد أن تبني بيتا مسلما أساسه تقوى الله؟
رد أحمد في عصبية وانزعاج:
بلى يا سيدي...
كان يقف في توتر ، وقد أطرق إلى الأرض مخفيا عينيه المحمرتينين من الغضب.
أدرك القائد أنه لا فائدة ترجا من العتاب
أحمد لم يكن مستعدا لتلقي النصائح من أحد. فقال بنبرة حزينة: - بإمكانك الانصراف يا بُنَيّ
أدى أحمد التحية، وانطلق إلى التدريب وفي نفسه ثورة عارمة.
إنهم لا يفهمون.
لا أحد يفهمني! لماذا يضغطون علي ويناقشون خياراتي؟ هذه حياتي الخاصة، ولا حق لأحد بالتدخل فيها.
حتى أنت ايها القائد! ألا يكفيني الصراع القائم في العائلة؟ أبي وافق دون أن يقتنع...
وأمي لم تتوقف عن البكاء منذ سمعت بالخبر!
اخترتها يهودية، لكنها لن تبقى كثيرا كذلك.
سأجعلها تسلم ويكون لي الأجر... خير من حمر النعم! اليس ذلك ما وعدنا به رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام؟
سأنقذها من الضلالة إن شاء الله،، وأعيدها إلى دين الحق.
سترون حينها ، سترون جميعا!

خطت ريما في ارتباك إلى داخل المنزل وهي تحمل حقيبتها بين يديها.
سبقتها راشيل بضع خطوات، ثم استدارت إليها وابتسامة واسعة تزين وجهها:
تعالي من هنا يا حبيبتي... هذه ستكون غرفتك...
كانت قد فتحت باب غرفة جانبية تطل على الرواق، وأفسحت المجال أمامها لتلقي نظرة على داخلها.
تقدمت ريما في خجل وتردد ؛لم تكن راشيل غريبة عنها
فهي قد عرفتها قبل زواجها وسفرها إلى لبنان.
وكانت هي الأخرى تحبها وتعطف عليها مثل كل افراد أسرتها التي عاملتها خير معاملة طوال الفترة الماضية
لكن لقاءاتهما قَلَّت في السنوات الأخيرة، حيث كانت راشيل تكتفي بزيارة سنوية واحدة لبلدها، خاصة بعد وفاة والديها.
اجالت ريما بصرها في المكان في انبهار.
كانت الغرفة في غاية الجمال والترتيب.
كما أنها كانت تحتوي عددا كبيرا من الألعاب والتحف، وقد تم إنجاز ديكورها حتى تكون ملائمة لطفل صغير ، فدهنت الجدران بلون عشبي باهت، وملأت صور الحيوانات والطيور الستائر والإطارات المعلقة، وظهرت علامات الطفولة الحية على المفارش وكل المتاع
التفتت ريما إلى مضيفتها في دهشة، فابتسمت را شيل وهي تقول موضحة:
منذ زواجي وأنا أتمنى أن يرزقني الله بطفل يملأ حياتي... ومن فرط لهفتي وشوقي فأنني أخذت في إعداد هذه الغرفة، وملأتها بكل ما يحلو للأطفال الَّهو به.
ولبثت أنتظر قدوم الطفل الموعود...
لكن... اختنقت الكلمات وتوقفت على شفتي راشيل، لكنها قالت بسرعة وهي تخبي انفعالها العابر:
انظري... نافذة الغرفة تطل على الحديقة... منظر خلاب في الربيع... ارجو أن تعجبك...
هتفت ريما في حماس مفتعل: - تعجبني؟ إنها رائعة... رائعة جدا ! حتى غرفتي في منزل بابا يعقوب لم تكن بهذا الجمال!
ضمتها راشيل في حنان وهي تهمس: أرجو أن تطيب لك الإقامة معنا
انقبض قلب ريما في صدرها عند تلك الكلمات.
كانت تأمل أن إقامتها عند راشيل لن تطول كثيرا...
بابا يعقوب قال إن سفرها مؤقت، ريثما تهدأ تانيا وتتجاوز المشكلة.
راشيل طيبة وتحس بها أيضا.
لكن كيف تبتعد عن بابا يعقوب إلى الأبد؟! كانت تلك الأفكار تعتمل في رأس الصغيرة، لكنها لم تفصح عن أي منها.
بل تابعت تمثيلها وابتسمت وهي تسلم كفها لراشيل التي قادتها في جولة في أرجاء المنزل.
كان !المنزل صغيرا يكتنفه هدوء مريح، وقد أضفى عليه ذوق راشيل الراقي جمالا شرقيا مميزا .
لكن رغم محاولات صاحبة المنزل لاستيعاب ريما وتعويدها على المكان، فإن نفس الفتاة ظلت منغلقة واختارت أن تنعزل في الغرفة التي جهزت من أجلها لتستريح، فتركتها راشيل تجلس مع نفسها لبعض الوقت، وانصرفت تعد العشاء على شرف ضيفتها .
جلست ريما على طرف السرير في حزن. كان التعب قد أخذ منها مبلغا عظيما. تعب جسدها الغض من السفر
الطويل الذي لم تتعود عليه. وتعب قلبها المهموم من فراق الأهل والبلاد...
الأهل؟، أين هم الأهل؟
بعد رحيل والديها كان جيكوب وعائلته هم بقية أهلها،، لم تشك من اليتم يوما واحد!.
لكنها أدركت الحقيقة المرة منذ بدأت معاملتهم تتغير معها.
ومع ذلك، فإنها تشبثت بهم.
تشبثت ببصييص الأمل الوحيد في حيا تها. فقد كا نوا يعنون لها الكثير... كانت مشاعر الحب الصادقة هي أملها.
لم تكن قد اهتمت بتفريغ حقيبتها الصغيرة بعد
كان أمل واها يراودها بأنها ستغادر عما قريب، وتأخذ حاجياتها معها.
لكن الدقائق كانت تمر بطيئة ثقيلة، معمقة إحساسها بالغربة والوحدة.
لم تتوقف عن البكاء طوال رحلتها بالطائرة. لم تبك لفراق أحبابها وبلدها
وحسب... بل أن اكثر ما آلمها هو إحساسها بالهوان
نعم، فقد هانت على جاكوب حتى رماها خارج بيته بتلك القسوة وبذلك البرود.
هانت عليه حتى أبعدها عنه كل هذه المسافة، حتى لا تفكر في العودة، لأنها لن تملك النقود اللازمة للسفر ولن تملك الجرأة على القيام برحلة الرجوع، بعد ان طردت بذلك الشكل.
عادت الدموع لتتجمع في مقلتيها وتحدر على وجنتيها في صمت، بعد أن كانت قد حبستها أمام راشيل وجاهدت نفسها لرسم ابتسامة وديعة على وجهها.
لم تتمالك نفسها أكثر، فرتمت على السرير وجسدها الصغير يهتز من النحيب، وتركت دموع الألم والحسرة تغسل وجهها. لعلها تغسل قلبها من همومه أيضا .
لماذا فعلت هذا يا بابا يعقوب؟ لماذا؟
قبل ان يأتيها الجواب على تساؤلها، وقبل أن تستوفي الوقت الكافي لإفراغ شحنة عواطفها المجروحة، فتح باب الغرفة في حركة عنيفة جعلت نحيبها ينقطع لترفع عينيها الدامعتين في فزع.
اصطدمت نظراتها بعينين قاسيتين تطالعانها في برود مخيف.
كان رجلا فارع الطول، ضخم الجثة يقف عند الباب في صمت.
مسحت ريما عينيها بسرعة محاولة إخفاء آثار دموعها، وقد راودها إحساس غريب بأن عبراتها أزعجت الواقف أمامها، وقد يبدي ذلك إلى ما لا تحمد عقباه.
في هذه الأثناء كان الرجل قد تخلص من جموده، وتقدم في اتجاهها.
كانت ملامحه قد لانت بعض الشيء وتحولت شفتاه في شبه ابتسامة تقترب من التكشيرة. بحركة غريزية تراجعت ريما وهي تضم ذراعيها إلى صدرها
انحنى الرجل ليقترب من الصغيرة أكثر، ثم قال بصوت هادء أراده مسالما:
- أنت ريما ... اليس كذلك؟
لكن كلماته لم تزد ريما إلا نفورا وانكماشا على نفسها .
اتسعت الابتسامة المخيفة وهو يمد يده ليمسك بذقنها
ويجبرها على النظر إليه وهو يهمس من جديد: -
لا تخافي يا صغيرتي...
انحبست انفاس الفتاة وهي تنظر إليه بعينين فزعتين مغرورقتين بالدموع.
وعلى عكس ما نطق به، بدا على ملامحه الاستمتاع بألمها وخوفها.
لم تستطع أن تنطق أو أن تتحرك من مكانها، فقد كان جسده الضخم يسد المساحة أمامها ، ويسحب الهواء من فضاء الغرفة حتى كادت تختنق.
- عزيزي... أنت هنا؟؛ هذه ريما التي حدثتك عنها
كان صوت راشيل اللتي وقفت عند الباب.
أفلت الرجل ريما على الفور، واعتدل في وقفته دون أن يبعد نظراته عنها وببرود شديد، تراجع بضع خطوات مبتعدا ومستمتعا بنظرات الفزع اللتي تملأ عينيها، ثم خرج من الغرفة دون أن ينطق بكلمة واحدة.
التفتت را شيل إلى ريما في ارباك، واقالت في تلعثم وهي تهم بمغادرة الغرفة:
- العشاء... سيكون جاهزا بعد قليل...
استردت ريما أنفاسها بعد ان ظنت الهواء انقطع عنها
تسمرت عيناها على الباب نصف المفتوح الذي غاب وراءه الرجل المخيف.
لم تكن البداية تنبء بخير كثير .

موافقة!
لم تصدق سونيا أذنيها، وهي تسمع الكلمة اللتي قالتها ندى، ورددها جورج نيابة عنها أمام أفراد العائلة المجتمعين في ال
انسحبت الدماء من وجه سونيا اللتي كانت تعيش أسوأ كوابيسها
لكن كيف؟ كيف وافقت بهذه السهولة وهي اللتي كانت ترفض مجرد رؤية الخاطب؟
ابتسم ميشال، الذي كانت ندى قد أنبأته بهوية الخاطب، وهو يقول مهنئا الجميع::مبارك علينا! أين العروس إذن؟
قبل أن يجيبه أحد، كانت سونيا قد هبت من مجلسها في عصبية.
كانت ندى معتصمة في غرفتها منذ قرارها، فهي لم تملك الشجاعة الكافية لمواجهة أمها
فتحت سونيا الباب بقوة، فاعتدلت ندى في جلستها بعد أن كانت مستلقية على سريرها، وطالعت والدتها بنظرات ثابتة واثقة، في حين كانت مهتزة في داخلها، ولا تدري إن كانت قادرة على الصمود للنهاية.
زمجرت سونيا بصوت غاضب:
ما هذا الذي سمعته من أبيك؟ !
ازدردت ندى ريقها بصعوبة، وهي تحاول السيطرة على دقات قلبها المجنونة التي يصم اذنيها مثل دق الطبول، وجاهدت نفسها لتبدو لهجتها حازمة وقاطعة:
هو قرا ري!
أي قرار هذا؟، بالأمس كنت ترفضين بشدة فما الذي غير رأيك؟!
تنحنحت ندى لتقول الكلمات اللتي أعدتتها مسبقا وتدربت عليها ، لكن كلامها خرج هامسا بلكاد يسمع: -
الشاب اعجبُنَيّ وارتحت إليه في لقائنا الأول...
أفلا يحق لي أن أختار الشخص الذي يناسبني؟ هذا قراري وهذا مستقبلي!
دانا لم يناقشها أحد في اختيارها لإيميل. وأنت أيضا أمي، لا أحد تحكم في اختيارك حين تزوجت من أبي أولا...
ثم من بابا جورج! أفلا يحق لي أن اختار ! الشخص الذي سأقضي معه بقية حياتي بكامل حريتي أيضا؟!
كان صوتها قد ارتفع رويدا رويدا مع تزايد انفعالها، حتى علا وتهدج واكتسبى وجهها حمرة قانية، وعيناها لا تفارقان عيني والدتها في تحدي سافر.
أخذت نفسا عميقا، ثم واصلت في هدو، محاولة السيطرة على توترها: -
صحيح أنني لا أعرف عنه سوى القليل...
لكنني لن أتزوجه اليوم أو غدا ، ستكون لدي فرصة التعرف إليه والتحدث معه، حتى أتأكد من مناسبته لي.
فأنا أوافق على الخطبة وحسب. والخطبة يا أمبي ما هي إلا وعد بالزواج، وفرصة لدراسة الطرف الآخر.
كما أنني لن أتنازل عن ديني وعقيدتي كما فعلت خاللتي وخالي.
فإن احترم شعائري، فسأبادله احتراما باحترام...
وإلا فأنني لن ارضى لنفسي الإهانة ونقض العهد!
أعلم أن مصلحتي تهمك، وأنك تخشين علي من تجربة فاشلة...
لكن لا تخافي لن أتسرع ولن أغامر...
سآخذ كل وقتي قبل أن اتخذ القرار النهائي!؛ حملقت فيها سونيا في صدمة وعدم تصديق. ثم انسحبت من الغرفة دون أن تعلق بكلمة.
تنهدت ندى وهي ثلقي بنفسها على السرير مجددا .
وسرعان ما تسللت ابتسامة رضا لتزين شفتيها ، هل كان اداؤها مقنعا؟ لا بأس به على أية حال.
فقد كان كافيا ليلجم والدتها اللتي لم تعدم الحجة يوما

جلست السيدة سعاد في حزن، وهي تمسك منديلد بيدها اليسرى تلوح به في أسى، في حين لم تتوقف كفها اليمنى عن الَّطم تارة على فخذها، وتارة أخرى على صدرها،
وهي تتمتم في حرقة:
أخ يا أحمد... آخ!، يهودية؟! يا بُنَيّ ...
ماذا فعلت لك حتى تختارها يهودية؟ آخ يا قلبي... آخ! ماذا فعلت في حياتي حتى أعاقب بهذا الشكل؟ آخ!!
أمسكت سماح بكفها لتوقف حركة اللطم، وهي تقول في مواساة:
يا أمي ارجوأف... توقفي عن هذا وأريحي نفسك...
تركت السيدة سعاد كفها بين كفي ابنتها، ومسحت وجهها بالمنديل، وهي تولول من جديد:
أرتاح؟ كيف لي أن أرتاح وابُنَيّ الوحيد يخالف أمري
ولا يهتم برضائي عنه؟ كيف لي ان أرتاح وهويرى دموعي وحسرتي ويصر على رأيه؟
تنهدت سماح في ضيق، وهي تعيد على مسامع أمها للمرة الألف نفس الكلمات:
- يا أمي... تعلمين ان أحمد اكثر الابناء برَّا بوالديه. لكن هذه المرة مختلفة عن المرات السابقة! احمد يحب ندى، والحب أعمى يا أمي! لا يمكنك أن تقنعيه بالبكاء والعويل، فذلك لن يزيده إلا إصرارا وتمسكا بها... دعيه يخطبها ، هذا إن وافق أهلها أولا) فهم مثلنا في تشبثهم بعقيدتهم- ثم لن يحصل إلا الخير إن شاء الله!
هتفت والدتها في لوعة: خير؟ كيف يأتي الخير من يهودية؟!
ابتسمت سماح وهي تقول موضحة في هدوء وتؤدة:
أحمد الآن تحت سيطرة مشاعره المراهقة. فأخي الحبيب رغم عقله الراجح لم يسيطر على قلبه بعد ولكنها نزوة عابرة ستمضي في حينها
هو الآن معجب بشخصية ندى وأخلاقها وجمالها، لكنه فيما بعد سيدرك الاختلافات العميقة بينها وبينه... بين أهله وأهلها... بين بيئته وبيئتها، وخاصة بين عقيدته وعقيدتها
فإما أن تسلم ندى، وفي ذلك خير كثير وسعادة وارتياح للجميع! وإما أن تصر على دينها... وحينها تشتد الخلافات بينهما حول ذلك، ويحصل الانفصال بصفة طبيعية
كانت سعاد قد توقفت عن حركتها اليائسة، ودخلت تنصت إلى ابنتها في اهتمام.
قالت في وجوم:
هل تعتقدين ذلك؟
هزت سماح رأسها مؤكدة وهي تقول:
أحمد لم يتعلق بندى إلا لأنه يأمل إسلامها... فإن تبين له أنه لا فائدة ترجى منها فسوف يصيبه الفتور. ثم لا يلبث ان يَيْأس من أمرها ويعود إلى رشده.
ثم اضافت مداعبة:
وحينها يا غالية، يمكنك الن تختاري له الزوجة التي تناسبك وترضيك، ولن يجرؤ على الرفض أو الاعتراض!، والآن، امسحي دموعك وارسمي على وجهك ابتسامة صافية.
أحمد سيعود بعد قليل، وسيكون من الأفضل أن تستقبليه بوجه مشرق، فقد أصابه الاكتئاب من عبوثك المتواصل!
تركت والدتها المنديل والحزن لا يفارق وجهها. اقتربت منها سماح ومسحت عينيها بكفيها في حنان وهي تهمس: هيا ابتسمي!
في تلك اللحظة تناهى إليهما صوت فتح الباب الخارجي، ووقع أقدام يتردد في الممر المبلط.
وما لبث القادم أن دخل عليهما ، القى أحمد السلام بصوت هادئ ووجهه مطرق إلى الأرض.
كان غضب والدته عليه يحز في نفسه كثيرا ، ويؤلمه أنها لا تقذر مشاعره ولا وجهة نظره. تقدم حتى جلس على الأريكة المجاورة، وقد بدا على ملامحه التردد.
بادرته سماح في مرح محاولة تبديد التوتر المسيطر على الجو:
كيف كان يومك؟ أراك عدت باكرا اليوم!
رفع أحمد عينيه في توجس، وقال وهو ينظر إلى والدته بطرف خفي:
خيرا إن شاء الله... عدت إليكم بخبر، لا أدري إن كان سيسعدكم مثلما أسعدني...
التفتت سماح إلى أمها وهي تقول في احتجاج: - كيف تقول هذا الكلام ما يسعدك يسعدنا بالتأكيد. اليس كذلك يا أهي؟
لم تنطق السيدة سعاد، ولم تتحول نظراتها الصامتة اللتي كانت مركزة على المنديل الذي تعبث به بين أصابعها، لكنها هزت رأسها ببطء علامة موافقة باردة.
أعطت حركتها احمد بعض الشجاعة، فقال بصوت فرحته مخنوقة:
عائلة ندى وافقت!
هتفت سماح في سرور وهي تحتضن أخاها:
مبارك يا أحمد! مبارك!
إبتسم أحمد وهو يربت كتفها في فتور، وعيناه لا تزا لان معلقتين بوجه والدته، ينتظر ردة فعلها في لهفة وشوق.
مضت لحظات من الصمت الرهيب، قبل أن تتمتم سعاد بصوت لا يكاد يسمع:
- مبارك يا بُنَيّ
لم يتمالك أحمد نفسه وأسرع نحوها يقبل رأسها وكفيها وقد اغرورقت عيناه بالدموع.
عانقته والدته وبكى كل منهما في حضن الآخر. -
الآن فقط اكتملت فرحتي!

دفعت راشيل دفة الباب بهدو، وأطلت برأسها إلى داخل الغرفة. لم تنتبه ريما إلى وجودها، فقد كانت منكبة على أوراق دفترها اللتي لم تفتحها منذ وصولها .
ابتسمت راشيل في حنو، وهي تتأمل الطفلة التي كانت منغمسة في الكتابة بكل جوارحها ، تنحنحت وهي تفتح الباب وتتقدم في اتجاهها
ارتبكت ريما وأغلقت الدفتر على الفور، وأخذت ترتب الأوراق. نظرت إليها راشيل في استغراب وقالت وابتسامة رقيقة تطل على شفتيها:
ريما عزيزتي ،ماذا تفعلين؟
تمتمت ريما بصوت خفيض:
-أكتب...
انحنت راشيل لتقترب من مستواها وهي جالسة إلى المكتب، وقالت
وماذا تكتبين؟
-رسالة...
جذبت راشيل كرسي وجلست حذوها. كانت قد تعودت على صمت ريما العميق وانطوائها الذي لازمها منذ وصولها إلى لبنان، لكنها كانت تحاول بصبر وأناة أن تحملها على الكلام فقالت بنفس الهجة الحانية
المتمهلة:
ولمن هذه الرسالة؟
هذه المرة سكتت ريما ولم تجب، بل راحت تشد طرف ثوبها في توتر.
بعد صمت قصير أدركت راشيل أن الفتاة تود الاحتفاظ بخصوصياتها، ومن غير المجدي أن تضغط عليها، فغيرت الموضوع وقالت في مرح:
ألم تغيري رأيك بخصوص سهرة الليلة؟ ستجدين هناك فتيات قريبات منك في السن...
ستقضين وقتا ممتعا، أؤكد لك!
هزت ريما رأسها علامة الرفض وقالت بصوت حزين: -
شكرا لك. أنا اريد البقاء في البيت
كان في عينيها توسل ورجاء كأنها تناشدها ان تتركها في عالمها ولا تحاول إخراجها منه.
تنهدت راشيل في يأس، ثم قامت في تثاقل لتغادر الغرفة.
اغلقت الباب في حرص وتنهدت مجددا إلى متى ستستمر حال ريما على ما هي عليه؟ ،لم تدخر جهدا للترفيه عنها وإخراجها من قوقعتها...
لكن الفتاة تبدو رافضة لأي تدخل أو اقتحام لوحدتها وعزلتها.
مضى أسبوعان على مجيئها، لم تكن تغادر فيهما الغرفة التي خصصت لها إلا في أوقات الطعام، أو لتجلس لبعض الوقت في الحديقة، حين لا يكون زوجها في البيت.
أنشطتها المفضلة هي الكتابة والقراءة.
تنكب على دفترها لساعات طويلة وتخفيه كأنه كنزها الصغير .
عزيزتي... ماذا تفعلين هنا؟
رفعت رأسها لتجد زوجها يقف إزاءها، وعلى وجهه علامات الضيق.
كانت لا تزال تقف أمام غرفة ريما، وقد شغلها التفكير في أمرها. ابتسمت راشيل وهي تأخذ بيده وتذهب معه إلى غرفتهما
-كنت أتفقد ريما... أضافت بصوت قلق:
إنها لا تزال ترفض الخروج... الليلة حفل خطبة ندى. لكن لا يمكنني أن أترك الصغيرة بمفردها.
وسونيا ستغضب مني إن تخلفت لا مفر من الاعتذار...
ابتسم وهو يربت كفها في حنان وقال:
ولمذا تعتذرين؟ اذهبي إلى حفلتك مطمئنة... سأظل هنا وأعتني بريما .
نظرت إليه راشيل وفي عينيها مزيج من الفرح والدهشة:
أتفعل حقا؟ ليست لديك مواعيد الليلة؟ هز رأسه نافيا ، ثم قال في هيام:
حتى إن كانت لدي مواعيد، أؤجلها ! ألا أضحي مرة واحدة حتى تنعم زوجتي الحبيبة بسهرتها ؟
لم تنتظر راشيل لحظة واحدة، بل رمت إليه قبلة سريعة، وقامت من فورها في سرور لتستعد للسهرة.
أما هو، فابتسم في ظفر، وقد سافرت أفكاره إلى الكائن الصغير الذي يختفي خلف الباب المغلق
*********************
إلي هنا ينتهي الفصل العاشر من رواية فى قلبى انثي عبرية بقلم خولة حمدى
تابع من هنا : جميع فصول رواية فى قلبى أنثى عبرية 
تابع من هنا: جميع فصول رواية حكاية بقلم إيمان الصياد
تابعوا صفحتنا على الفيس بوك للمزيد من روايات حب
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة