-->
U3F1ZWV6ZTMzNTg0ODE3NzI1X0FjdGl2YXRpb24zODA0Njk2NDgxODg=
recent
آخر القصص

رواية فى قلبى انثي عبرية - خولة حمدى - الفصل التاسع

أصدقائي الأعزاء متابعي موقع قصص 26 يسعدني أن أقدم لكم الفصل التاسع من رواية فى قلبى أنثى عبرية بقلم دكتورة خولة حمدى وهي رواية واقعية إجتماعية ممزوجة بالحب وأيضا  تتسم بالكثير من الأحداث والمواقف المتشابكة التي ستنال اعجابك بالتأكيد فتابع معنا.

رواية فى قلبى انثي عبرية - خولة حمدى - الفصل التاسع

حمل تطبيق قصص وروايات عربية من جوجل بلاي
رواية فى قلبى انثي عبرية - خولة حمدى
رواية فى قلبى انثي عبرية - خولة حمدى

رواية فى قلبى انثي عبرية - خولة حمدى - الفصل التاسع

هتفت سماح في إصرار وقلق:
نظراتك لا تطمئن أبدا !
ابتسم في غموض وهو يهمس:
ربما اصبح علينا ان نتصرف بطريقة أخرى!

هناك عريس لندى!
هتفت سونيا في دهشة:
-عريس؟!
كان جورج قد عاد للتومن العمل، وجلس يتناول الشاي مع زوجته وابنتها دانا اللتي لم يمض وقت طويل على
رجوعها هي الأخرى. فقد اقترب موعد زفافها وهي تتأخر كل يوم لقضاء بعض الحاجات وتحضير مستلزمات الحفل من خياطة وحلويات وغيرها. أما ندى فقد كانت خاضعة لحصر تجول بعد ساعات الدراسة التي تعرفها سونيا جيدا
فأصبحت تفضل الانزواء في غرفتها حتى لا تقع صدامات جديدة مع أمها. ابتسم جورجوقال)مازحا:
نعم... هناك من فاتحني في أمرها اليوم، ئسيأتي بيتنا مساء غد. وضعت دانا ساقا على ساق، وتابعت تسوية أظافرها بنفس العناية وهي تقول:
ما وظيفته؟
سيتخرج مهندسا هذه السنة
رفعت حاجبيها في استغراب مشوب بضيق خفي. مهندس؟ ندى تتزوج مهندسا في حين أن إيميل خطيبها هي لم يكن سوى معلم مدرسة ابتدائية! لم ترق لها الفكرة.
لكنها قالت في برود تحركه الغيرة:
لكنها لا تزال صغيرة على الزواج...
قال جورج في هدوء:
كنتِ أكبر منها بسنة واحدة حين تمت خطبتك. لكن لا بأس. لسنا مستعجلين. فليتعرفا إلى بعضهما البعض أولا. فإن وجدا بينهما توافقا، ننظر في أمور الخطبة
والزواج... هتفت سونيا مجددا :
- الم يقل لك كيف عرفها ؟ وما مدى معرفته بها ؟
لم أسأله عن شيء من ذلك، تحدثنا لدقائق معدودة في مقهى الحي. عرفني بنفسه وطلب موعدا ، ثم انصرف لحال سبيله حين يأتي في الغد سنعرف منه كلشيء..
تذكرت دانا أمرا مهما فسألت على الفور:
وما عقيدته؟
لم نتحدث في ذلك. لكنني أظنه مسلما!
هتفت سونيا على الفور في هلع:
مسلم؟! لن أزوج ابنتي من مسلم! أنا أرفض هذه المصاهرة!!
نسأل ندى أولا... قالت سونيأ في ثقة:
ندى سترفض!
حسنا إذن.. فليأت غدا ، ويمكنها أن ترفض، بعدها. لا يمكنني أن أتصل به الآن لأعتذر عن الموعد...
أشاحت سونيا بوجهها في استياء ، ونهضت دانا وفي عينيها سرور غريب.
وتوجهت إلى غرفتها. لكنها توقفت فجأة وغيرت وجهتها. فتحت باب غرفة ندى دون أن
تستأذن ودخلت. رفعت ندى -اللتي كانت مستلقية على سريرها ومستغرقة في قراءة كتاب- رأسها ونظرت إلى دالنا في استغراب.
قالت دالنا في برود:
مبروك.
جاءك عريس!
انتفضت ندى ورمت الكتاب من يدها في فزع.
حدقت في اختها في دهشة وتمتمت كالمصعوقة:
عريس؟!
تعجبت دانا من ردة فعل اختها القوية، لكنها اضافت في هدو:،سيأتي مع عائلته للتعرف إليك غدا...
ولكنني لا أريد أن أتزوج!
هزت دانا رأسها موافقة، وقالت متظاهرة بالشفقة:
لو كنت مكانك لما وا فقت أيضا... لا يمكنني الن أرتبط بشخص لا اعرفه... ولا أحبه!
سنحت ندى مع أفكارها للحظات، ولم تنتبه إلى دانا اللتي لبثت تتابع ردة فعلها وتدرس ملامحها
كانت لديها ككل البنات في مثل سنها احلامها وآمالها فيما يخص الحب والزواج. لكن عقلها اصبح مشوشا في الفترة الأخيرة ولم تعد واثقة مما تريده... لم تعد واثقة من اتفاق عقلها وقلبها.
استدارت دانا لتنصرف وعلى شفتيها ابتسامة غريبة لكن قبل أن تتجاوز عتبة الباب استدارت لتلقي بورقتها الأخيرة:
- نسيت أن أخبرك... العريس مسلم!
مسلم؟! ؛حدقت ندى فيها في عدم استيعاب، ورنت في أذنها كلماته من جديد: وأنت؟ ما نظرتك للمسلمين؟ هل تقبلين بالزواج من رجل مسلم؟))...
لم تتصور أنها ستواجه الموقف بهذه السرعة. لكن الآن لم يكن يهمها إن كان العريس مسلما أم لا. فهي سترفض. سترفض دون شك؛ كانت الفكرة مرعبة بالنسبة لندى.
لا تريد أن تتزوج الآن! ،أو بالأحرى لا تريد أن تتزوج من أي كان!
صارت لديها احلامها الخاصة منذ فترة وجيزة فيما يخص الارتباط والزواج.
لا تدري كيف تعلقت به بمثل تلك السهولة والسرعة.
لم تتحدث إليه إلا لدقائق معدودة،
ومع ذلك فإن صورته لم تفارق خيالها منذ ذلك اليوم.
فرحت بلقاء شقيقته وبالحديث إليها .
تمنت لو أن حديثهما يدور عنه باستمرار... فهي تريد أن تعرف عنه كل شيء!
لكنها لم تستطع الن تفصح عن رغبتها ،
وسماح كانت متحفظة في حديثها. أما الآن فقد انقطعت عنها تماما. لم تعد تتصل بها أو تسأل عنها. إنها تعلم أن والدتها تضيق عليها الخناق وتمنعها من
الخروج، فلماذا لم تعد تأتي لزيارتها أو تحادثها على الهاتف؟
هل انتهت مهمتها؟
كانت تريد شكرها نيابة عن أخيها. ولا يمكنها الن تفعل أكثر من ذلك.
أخرجت الوشاح الذي أهدته إليها سماح حين خرجتا إلى السوق. ضمته إلى صدرها وارتمت على سريرها من جديد
حبست الدموع التي كانت تريد التسلل من عينيها. وهمست باسمه في صوت لم يسمعه غيرها ، ورددته نبضات قلبها... أحمد!
هل كانت تأمل حقا في أن يتقدم إليها يوما ؟
ما الذي يمكنها أن تنتظره منه؟ هل استسلمت لأحلامها أكثر مما يجب؟ هل دق قلبها للشخص الخطأ؟ وما الذي يمكنها فعله لو تقدم؟ هل ستواجه من أجله عائلتها، وهي لا تكاد تعرفه؟
زفرت في مرارة وهي تقاوم الألم الذي يسري داخلها...
فتحت سونيا الباب دخلت عابسة. نظرت إلى ندى اللتي كانت لا تزال مستلقية على الفراش تصارع الأحلام والأوهام وقالت في جفاف: ندى... انهضي في الحال واستعدي.
الضيوف سيصلون بعد وقت قصير!
تململت ندى في ضيق وقالت بصوتي خافت:
! قلت لكم لا أريد أن أتزوج!
لان صوت سونيا التي كانت أكثر استياء من ابنتها من هذه الخطبة وهي تقول:
- نعم أعلم يا عزيزتي. لكنها رغبة ابيك. ستقابلينهم لدقائق معدودة، ثم ينتهي كل شيء... لا احد يجبرك على زواج لا ترضينه. لا تقلقي من هذه الناحية!
رفعت ندى رأسها وقد ساورها بعض الاطمئنان.
كانت علاقتها بوالدتها قد ساءت في الفترة الماضية، وأصبحت تتوقع منها معارضتها في كل شيء، وغاب عنها أنها ستكون أكثر سعادة منها برفضها.
استوت في جلستها وهزت رأسها موافقة:حسنا سأقابلهم.
قامت من مكانها وسارعت إلى الحمام لتخفي آثار دموعها.
كانت دموع حيرة وضياع أكثر منها دموع حزن او خوف من زوج مجهول الهوية... فقد ارهقها تفكيرها
والتساؤلات الغريبة التي صارت تشغل ذهنها منذ عرفت أحمد، ووجدت نفسها تفكر فيه.
ارتدت ثوبا بسيطا متزهدا، لا يتماشى مع ميول عروس تحاول لفت نظر خاطبها وإثارة إعجابه.
كانت تهم بوضع غطاء رأسها حين دخلت دانا وهي تهتف: -وصل خاطبك! انت جاهزة؟
نظرت إلى شقيقتها في ضيق وزفرت وهي تقول:
دقيقة واحدة...
نظرت ندى إلى وجهها في المرآة، وحاولت ان تبتسم. كانت ملامحها حزينة... ولم يكن بإمكانها أن تخفي فتورها
تقدمت بخطى بطيئة باتجاه غرفة الجلوس. لم يكن في نفسها شوق او فضول للتعرف إلى هذا الرجل
الذي جاء لخطبتها، فكل ما يعنيها هو أن تستقبل ضيوفها كما جرت العادة، ثم تنسحب بسرعة بعد أن تكون قد أدت واجبا ثقيلا.
سمعت اصوات رجالية مختلطة قادمة من غرفة الجلوس. تنحنحت وتأكدت من هندامها ثم سارت في سكينة إلى الباب.
وقفت مطرقة في حياء كأنها تستأذن الدخوإل، فتوجهت العيون كلها إليها.
تفضلي يا ابنتي...
حين جاءها صوت جورج، سارت باتجاه الأريكة الخالية في طرف الغرفة في هدوء ولا مبالاة دون ان تهتم بالتطلع إلى الضيوف .
لكن ما إن رفعت عينيها لتلقي التحية، حتى التقطت خلايا عقلها إشارة غريبة، جعلتها تتوقف في ارتباك وتشوش، كأن الارسال قد انقطع فجأة، ولم يعد دماغها يلتقط سوى موجات واحدة هي نبضات قلبها الذي أخذت تتسارع في جنون.
انحبست انفاسها وهي تتفرس في ملامح الشخص الماثل أمامها وعلى شفتيه ابتسامة هادئة.
ابتسامة لمحتها لمرة واحدة وظلت محفورة في ذاكرتها وتزورها في أحلام اليقظة والمنام
اقتلعت نفسها بصعوبة من مكانها وسارت بخطى مترنحة حتى ارتمت على مقعدها، وهي بالكاد تدرك ما يدور حولها.
أمر لا يصدق! هل هو.
هو؟ مضت بضع ثوإن وهي في غيبة عن العالم، لا تكاد تستوعب الأمر.
وبعد لحظات تملكتها رغبة في التأكد من حقيقة ما رأته، حتى تستوسق انه لم يكن من وحي خيالها
رفعت رأسها ببطء في التجاهه، فالتقت بعينين ثاقبتين تحدقان فيها في ثقة وتمعن.
خضعت عينيها بسرعة وقد سرت في جسدها رجفة غريبة.
قليل الأدب! ،تمتمت في سرها في استياء، كم هو هادئ وواثق من نفسه. وفوق كل هذا يتأملها بوقاحة دون أن يراعي وجود والده ووالدها معهما في الغرفة.
كانت تجهل كل شيء عن الرؤية الشرعية لدى المسلمين.
مضت الدقائق سريعا وهي تسترق النظر إليه بين الفينة والأخرى، وتصارع مشاعرها التي أخذت تتملكها أكثر فأكثر.
كان والداهما يتبادلان أحاديث شتى، لكنها لم تتابع شيئا من الكلام الذي قيل، فقد شلت المفاجأة تفكيرها.
لم يعد يعنيها شيء غير وجود أحمد معها في نفس الغرفة! احمد! !
إنه هو ولا أحد غيره
لكن كان قد استعاد صحته وعافيته فبدا أكثر وسامة. مع ان شحوب الإصابة كان يضفي على سحنته هالة من الجاذبية، كان لها مكانها في لقائهما الأول.
انتبهت فجأة حين دخلت والدتها واتخذت مجلسها حذوها وبحركة من مرفقها، نبهت سونيا ابنتها بأنها قد اطالت الجلسة، وصار عليها ان تخرج بعد أن رآها الضيوف.
وقفت ندى في تردد، وقد استيقظت من أحلامها
لم تكن قد نطقت بكلمة واحدة طوال جلوسها،واكتفت بنظرات متوترىة خجلة القت التحية بصوت رقيق هامس،
ونظرت إلى احمد نظرة أخيرة، شحنتها بكل مشاعر الشكر والعرفان
لأنه استجاب لندائها الصامت وحقق حلمها...
ثم جرت إلى غرفتها. أغلقت الباب وارتمت على السرير وهي لا تكاد تسيطر على انفعالاتها...
لقد فعلها! رغم كل الاختلافات اللتي تفرق بينهما فعلهاإ رغم جهله كل شيء عنها وعصر لقائهما الوجيز إلا أنه فكر فيها... وجاء يطلبها من والدها!
تردد في اذنها سؤاله من جديد
هل تقبلين بالزواج من رجل مسلم؟)) الآن فقط أدركت الجواب نعم، أقبل... إن كنت أنت هذا الرجل!

وقفت ريما أمام غرفتها وهي تقاوم الدموع اللتي تجمعت في مقلتيها مذنرة بالهطول.
وقفت تتأمل أثاث الغرفة الذي الفته منذ سنوات طويلة، حتى حسبت أنها غرفتها» فعلا، وأن هذا هو عالمها الخاص. العالم الذي تستسلم فيه لأحلامها وآمالها وتمارس فيه حريتها حرية الدين والمعتقد. ظف أن هذا هو بيتها الذي يشعرها بالاطمئنان والأمان. تلجأ إليه لتحمبي أذنيها من الكلمات الموجعة ، و عينيها من النظرات الحارقة...
تسكب بين جدرانه دموعها الصامتة، وترتل فيه آيات طيبات من ذكر الله الحكيم حين يلف الظلام البيت وأهله، ويخيم الظلام على كل شيء ، عدا قلبها الصغير المؤمن.
لكنها اليوم أيقنت أن كل ذلك كان وهما. وأنها غريبة عن المكان كما هي غريبة عن أهله. لم يعد هناك
مجال للشك، فقد أزفت ساعة الفراق.
القت نظرة على حقيبتها الصغيرة التي جمعت فيها بعض حاجياتها الضرورية، والكثير من الذكريات.
إنها ساعة الرحيل. ستفارق الغرفة التي عاشت فيها منذ نعومة أظفارها، والبيت الذي آواها حين كانت في حاجة إلى عناية ورعاية، والشخص الذي احبها حين فقدت الأب والأم والعائلة.
هل ما لا يزال يحبها؟ لو كان يحبها لما رضي بإبعادها!
انهمرت الدموع من عينيها أنهارا ، نبض قلبها الصغير في صدرها ...
بابا يعقوب لم يعد يحبني! كانت تقاوم هذه الفكرة منذ أخبرها جاكوب بسفرها المرتقب.
لكن جفاءه وقسوته تجاهها بددا كل شكوكها
بابا يعقوب لم يعد يحبني! تانيا لم تعد إلى المنزل بعد، وقد تزايد إصرارها على عدم العودة طالما في البيت نفس مسلم!
وجاكوب كان يعاني في صمت من التفكيك الأسري المفاجئ. صدمته بتصرف تانيا كانت كبيرة. لكن الفراغ الذي خلفه غيابها في حياته كان أكبر، خاصة أنه لم يتعود أن يهتم بشؤونه بمفرده.
وريما كانت عديمة النفع في هذا المجال، وأكثرت من الحماقات والتصرفات الخرقاء حين حاولت ان تطبخ له وتكوي ثيابه.
ويبدو أن صبره كاد ينفد في انتظار تجهيز أوراق السفر الخاصة بها لم يعد يطيق النظر إليها ليس بسبب قمصانه المحترقة أو الأكلات السيئة اللتي حضرتها ، بل لاه بات يخشى نظراتها المعاتبة، ويتجنب تأثير انكسارها الحزين.
لا يريد أن يضعف ويتراجع. فقد اتخذ القرار السليم، وليس هنالك خيار آخر أمامه.
التفتت ريما لتجد جاكوب ينظر إليها في ارتباك.
كان يحاول معاملتها ببرود في الفترة الأخيرة. لكن مع اقتراب رحيلها ملأت مشاعر الحزن قلبه، حتى لم يعد بإمكانه إخفاؤها بدفنها في أعماقه. مسحت الفتاة عينيها بكم عباءتها وسارعت بأخذ حقيبتها بيدين مرتعشتين. لكن جاكوب تقدم نحوها وأخذها عنها، في محاولة أخيرة لإعطائها بعض العطف... ثم سبقها بخطوات سريعة إلى السيارة التي توقفت أمام المنزل. تبعته بخطى متعثرة وهي تجيل نظرات أخيرة في المكان، تودع كل قطعة فيه وإحساس غريب يراودها
ربما لن تعود مرة اخرى! ربما يكون اليوم آخر عهدها
بالبيت وأهله! تزايد ألمها لهذا الخاطر.
وقعت عيناها على صورة عائلية معلقة على حائط غرفة الجلوس.
كان جاكوب يجلس القرفصاء بين سارا وباسكال الذين كانا في سنواتهما الأولى كانت هي تتعلق بعنقه من الخلفء وضحكة مشرقة تملأ وجهها
كان بودها ان تودع الصغيرين... فربما لن تراهما بعد الآن. عانقتهما بنظراتها ثم جرت باتجاه السيارة.
رحلت ريما...
كان الحزن يغلف قلبه وهو يخطو داخل المنزل الهادئ هدوء المقابر.
لم تعد هناك حياة! فحياة البيت وروحه النابضة رحلت رحلت وهو الذي أخذها بنفسه لينفيها إلى أرض بعيدة. هل سيكون لحياته معنى، في غيابها ؟
هل سينظر في وجهه في المرآة دون أن تنعكس أمام عينيه صورة السفاح الذي طرد ابنته الغالية؟ هل سيستحق الانتماء إلى الإنسا نية بعد الآن؟ لم ينطق أحدهما بكلمة واحدة طيلة الرحلة إلى المطار، وبدا أن كل منهما كان يقاوم سيل الذكريات الذي أخذ يتدفق بقوة، يكاد يغطي ملامح الطريق اللتي أمامهما. كانت ريما أول من فقد سيطرته على مشاعره، فانهارت باكية حين وقفت امام بوابة الرحيل. لم تكن تريد
الذهاب. كان يكفيه أن يناديها ويبتسم في وجهها لتدرك انها تعيش كابوسا مزعجا وقد آن أوان الاستيقاظ هنه.
لكنه بدلا عن ذلك، قال بصوته المغلف بالبرود الحازم:
- راشيل ستكون في انتظارك هناك .
أشاح بوجهه عنها ، وتركها تنحكرفط بخطواتها المرتبكة وهي تتعثر في عباءتها الطويلة، وتمسح عينيها بأصابع مرتعشة.
كانت تلك الحقيقة... لم تكن كابوسا. صارت على يقين من ذلك. فأي حياة ترا ها تنتظرها في تلك الأرض البعيدة؟
قادته قدماه إلى غرفتها.
أضاء المصباح فارتسمت على ملامحه الدهشة.
بدت له الغرفة كما هي. لم تأخذ سوى أشياء قليلة. حز في نفسه أنه لم يساعدها في إعداد حاجياتها، ولم يهتم باختيار ما يلزمها. كانت زاهدة في كل شيء لم تكن يوما مثل أقرانها في شغفهم باللباس والزينة،
لكنها بالتأكيد كانت الأجمل والأحلى بين كل بنات الأرض! أليست ابنته الأولى؟ إذن يجب أن تكون كذلك!
تقدم ليجلس على طرف سريرها، يبحث عن آثار وجودها وبقايا ضحكاتها في الغرفة يبحث عن فتات بهجتها اللتي تحطمت إلى أشلاء، على صخور القسوة التي قوبلت بها في أيامها الأخيرة هنا.
حتى ذلك الفتات، كانت قد كنسته بطرف عباءتها وبعثرته في اثناء سيرها إلى حتفها، فلم يعد هناك شيء يقتات منه قلبه السقيم.
نكس رأسه وحاول أن يبكي. يتباكى. يتمنى أن يعبر عن ضعفه الذي داراه عن الشهود دون فائدة.
حانت منه التفاته إلى منضدتها، فانتبه إلى غياب الصورة التي كانت تضعها هناك، تشبع عينيها منها كل ليلة قبل النوم. صورة تجمعها بأمها حين كانت في سن السادسة... سرت رعدة في ثنايا جسده لذكرى والدتها الراحلة. هل حفظت الأمانة يا جاكوب؟ ! ! قبل أن يطرد تلك الأفكار المزعجة من رأسه، وجد عينيه تنجذبان إلى ورقة مطوية بعناية حطت محل الصورة على المنضدة. مد اصابع مرتجفة أدرك ما هي، رسالة، فتحها بسرعة، والتهمت عيناه الأسطر القليلة اللتي خطت عليها في ذهول أعاد قراءتها بتأمؤل كأن روحه تتشرب الكلمات:
بابا يعقوب، شكرا لأنك اعتبرتني ابنة لك طوال السنوات الماضية. وشكرا لأنك استقبلتني في عائلتك واعتنيت بي مثل أطفالك الحقيقيين.
آسفة لأني كنت سببا في مشاكل كثيرة، رغم النني لم أقصد ذلك أبدا.
أحبك كثيرا ، وأدعو الله لك بالهداية كل يوم إن لم يكتب لنا اللقاء مرة أخرى في الحياة الدنيا ، فأسأل الله أن يجمعنا تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله، بعد أن يكون قد من عليك بالإسلام. وهوعلى كل شيء قدير...
إبنتك ريما»
مثل كل اليهود، لم يكن جاكوب يؤمن بالحياة بعد الموت. لكن كلمات ريما انها في عالم آخر تدغدغ قلبه. لم يتمالك نفسه أن ضم الرسالة إلى صدره، وأخذ ينتحب بصوت مكتوم.
استجابت عبراته هذه المرة.
*********************
إلي هنا ينتهي الفصل التاسع من رواية فى قلبى انثي عبرية بقلم خولة حمدى
تابع من هنا : جميع فصول رواية فى قلبى أنثى عبرية 
تابع من هنا: جميع فصول رواية حكاية بقلم إيمان الصياد
تابعوا صفحتنا على الفيس بوك للمزيد من روايات حب
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة