-->
U3F1ZWV6ZTMzNTg0ODE3NzI1X0FjdGl2YXRpb24zODA0Njk2NDgxODg=
recent
آخر القصص

رواية أثواب حريرية - إلهام رفعت - الفصل الثالث والخمسون

مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة وأجمل الروايات الممتعة والروايات الرومانسية مع رواية رومانسية اجتماعية واقعية وصعيدية جديدة للكاتبة إلهام رفعت ورواياتها التى نالت مؤخرا شهرة على مواقع البحث نقدمها علي موقعنا قصص 26 وموعدنا اليوم مع الفصل الثالث والخمسون من رواية أثواب حريرية بقلم إلهام رفعت

رواية أثواب حريرية بقلم إلهام رفعت - الفصل الثالث والخمسون

اقرأ أيضا : حدوتة قبل النوم

رواية أثواب حريرية - إلهام رفعت
رواية أثواب حريرية - إلهام رفعت

 رواية أثواب حريرية بقلم إلهام رفعت - الفصل الثالث والخمسون

تابع من هنا: روايات رومانسية جريئة

يمرر أوراق الجريدة اليومية منهمكًا في مطالعة أخبارها باهتمام، وبالأخص رغب في رؤية أي خبر يخص عائلته، لمح نعي ابنته مدون بها فتجمعت الدموع في عينيه، تأثر السيد رشدي بالخبر وعاد حزنه عليها يتجدد، ترك الجريدة من يده بجانبه وأخذ يدعي لها من قلبه، معتزمًا عمل صدقة جارية على روحهـا..
وهو في أوج حزنه استمع لمن يدق باب الغرفة الماكث فيها، نظر للباب متنهدًا ثم مسح دموعه بـ (منديله)، عدّل من هيئته ثم تنحنح قائلاً:
-أدخل!
انفتح الباب وقد ظن السيد أنها هدى، جاءت لتطمئن عليه، لكن اعتلته دهشة شديدة من قدوم هذه الفتاة عنده، نظر لها بترقب فتحركت غزل ناحيته مبتسمة، على غير العادة ملأتها ثقة عجيبة عن السابق، حضورها مميز وهي تقترب منه، وقفت أمامه مبدية احترامها وترحيبها بوجوده هنا، قالت:
-جيت أسلم على حضرتك يا رشدي بيه، القصر نور بوجودك!
ببطء مرر السيد نظراته الغامضة عليها من رأسها لأخمص قدميها، فابتسمت غزل، رجع لعينيها وقال:
-طلعتي بنت أصول، المفروض تغيّري من نفسك بقى!
تفهمت مقصده ثم جلست، قالت:
-أنا فيا أيه، ما أنا كويسة أهو؟!
لاحت بسمة على محياه لم تتفهمها، قال:
-مع مراد أكيد هتكوني كويسة، أصله مش بيرضى بالحال المايل.
تذكرت طريقة ملابسها التي كانت يبغضها ولم تعلق على كلامه، قالت بتودد:
-حضرتك راجل معروف، والكل بيخاف منك ويحترمك، اتمنى تكون موافق عليا!
رد بتعالٍ ضايقها قليلاً:
-متفكريش مراد إتجوزك من غير رضايا، محدش يقدر يخالف أوامري
أدّعت غزل الابتسام؛ كي لا تظهر حنقها، قالت بجدية:
-مراد حبيبي وفي عيني، هو والولاد
-وهو ده اللي أنا عاوزه..
انتبها لدخول الخادمة حاملة صينية عليها كوب من الماء وشريط من الحبوب، قالت باكتهاء:
-ميعاد الدوا يا سعادة البيه!
نهضت غزل مسرعة لتأخذه منها، قالت:
-هاتي وروحي إنتِ أنا هديله الدوا
أطاعتها الخادمة ثم أعطته لها ورحلت، توجهت غزل بالصينية نحو السيد وقالت:
-اتفضل!
أخذ منها حبة الدواء ثم ابتلعها بالماء، قالت مبتسمة:
-بالشفــا!
رد بنظرة منه شكرًا لها، قالت بمغزى:
-لو عايز أي حاجة أطلبها مني، إن شالله أغسلك رجليك، أنا موجودة
لمّحت له بوقت كانت تفعل ذلك، ضحك بخفوت وقال:
-كنتِ بتغسليها حلو
ضحكت هي الأخرى وقالت:
-ولسه باغسل حلو
وجد السيد في شخصيتها شيء جذاب، ثقتها بنفسها، والعناد اللائح في عينيها، ناهيك عن هيئتها الملفتة، قال:
-أنا دلوقت عرفت ليه مراد أختار يتجوزك................!!
__________________________________

هبطت للأسفل متلهفـة لتستقبل ابنتها، التي لمحت دخولها من باب الفيلا، تحركت سميحة نحوها بحفاوة، عندما وصلت إليها تلاشت فرحتها وتعجبت من ملابسها غير المهندمة، وحجابها أيضًا، سألتها بقلق:
-مين مبهدلك كده يا هدير؟!
نظرت هدير للأرضية باهتة التعابير وقد تخضبت، ضمت نفسها بذراعيها ولم تتحمل الوقوف على قدميها، الأمر الذي أفزع سميحة وجعلها خائفة عليها، أمسكت بخصرها قائلة بتخمين:
-فيه حد تاني طلع عليكِ وضربك؟!
أجهشت هدير بالبكاء ثم بتقاعس سارت ناحية الأريكة أمامها، تحركت سميحة معها مدهوشة، عاونتها على الجلوس فعادت تسألها بقلق أشد:
-طمنيني يا بنتي مالك، حصلك أيه؟!
ثم جلست بجانبها، بكت هدير بحرقة وأخذت وقت تستجمع فيه كلماتها، قالت باقتضاب مريب:
-موسى!
نطقها لاسمه جعلها تستشف مضايقة هذا الفظ لها، هتفت بامتعاض:
-عمل أيه الـ*** ده؟!
نظرت لها هدير تبكي، تشرح بعينيها ما فعله معها، كونها محرجة مستاءة من مرورها بهذا الأمر المستهجن، لم تتفهم سميحة أي شيء، ولم يأخذها عقلها لشيء آخر سوى تهديده لها، قالت:
-انطقي قلبي وجعني أ..
صمتت فجأة وقد ربطت هيئتها غير المرتبة باسمه، وعيت سميحة لحالة ابنتها المقهورة فنظرت لها هدير تهز رأسها، تؤكد أن ما جاء في فكرها هو بالضبط، وضعت سميحة كفها على صدغها مبهوتة، غير مستوعبة كيف تجرأ الأخير على ذلك، تبدلت قسماتها للغضب وهي تسألها:
-حصل إزاي، وفيــن؟!
زاد نحيب هدير المرير فانفعلت سميحة أكثر، هتفت:
-متعيطيش، قوليلي عمل كده فين وإزاي، وأنا وحياة أبويا لأدفنه في قلب فيلته!
ببكاءٍ ملتاع ردت هدير بتقطع:
-كـ كنت نايمة.. في أوضتي.. صحيت لقيت.. نفسي في شقته
ثم أخفضت رأسها متحسرة تبكي بضياع، وتركت هدير بقية الشرح تستنتجه والدتها، نهضت سميحة من مكانها، تحركت ناحية الدرج ثم وقفت عند المقدمة، صاحت بهياج مدروس:
-مــــاهر....... يا مــــاهر!!
ظلت تنادي عليه بأنفاس متهدجة، حتى خرج من غرفته مذهولاً من طريقة دعوتها له، وقف بالأعلى يحدق بها قائلاً بتعجب:
-خير يا سميحة، بتنادي كده ليه؟!
ردت بانفعال:
-مش خير، إنزل شوف المصيبة!
قلق من نبرتها وطلعتها الثائرة، تحرك ليهبط الدرج فورًا، حتى وصل عندها، قال:
-أيه بقى؟!
أشارت بيدها على هدير التي تجلس وتبكي، نظر ماهر تجاه ابنته غير متفهم، هتفت باستياء:
-الـ*** موسى خطف بنتك واغتصبها!
اضطرب ماهر وأصابه التيه، توجه ناحية هدير مندهشًا، فتحركت سميحة خلفه متجهمة للغاية، جثا على ركبته أمام هدير وقال:
-هدير الكلام دا مظبوط؟!
ظلت هدير مخفضة رأسها تنتحب بشدة، خجلت من والديها فهذا يعني تعريها أمامهما، وعدم ردها كان بمثابة تأكيد له، نهض ماهر حائرًا، فقد ضغط هذا الوقح عليه بطريقة مستقبحة مقرفة، تعجبت سميحة من سكونه وعدم غضبه من الأمر، سألته عابسة:
-أيه مالك، بنتك اغتصبها وإنت هادي كده؟!
نظر لها لبعض الوقت، استفزها بقلة حيلته حين قال:
-عاوزاني أعمل أيه، هو عمل كده علشان يتجوزها!
ثارت سميحة ورمقته باستهانة، هتفت:
-إنت مفكر هجوزهاله بعد اللي عمله، دا على جثتي د....
قاطعة بتفهم:
-مش في صالح بنتك، لازم يتجوزها
بعنف دفعته من صدره فتراجع للخلف، هدرت به بغضب:
-إنت أب إنت، بندم كل يوم أكتر من اللي قبله إني اتجوزتك، مافيش أحقر منك
انفعل عليها من فظاظتها:
-احترمي نفسك أنا جوزك ومش الخدام بتاعك، ولا أبوكِ هيقويكِ عليا.
لعنته في نفسها واحتقرته، قالت:
-دا اللي شاغل بالك، إنت عُمرك ما حبيت أبويا، لدرجة مفكرتش في مصيبة بنتك
تابعت حديثها باغتياظ:
-مش إنت اللي ممكن أخليه ياخد حقها، هروح لراجل العيلة اللي هيقف معاها، مــراد، اللي حارق دمكم كلكم!
رفع يده ليصفعها لكن نظرتها المحذرة له جعلته يتوقف ثم أنزلها، ابتسمت في سخط وقالت:
-مد إيدك، علشان مش هتبقى في مكانها، يا ابن أسعد
أنهت سميحة جملتها ثم وجهت نظراتها لابنتها التي تستمع لهما بألم، جعلتها تنهض معها وهي تقول:
-قومي إرتاحي شوية وغيّري هدومك، وأنا بنفسي هروح لجدك ومراد يتصرفوا
احتقن وجه ماهر من قرارها هذا، ثم تعقبهن بنظراته المحتجة، وبدا في نظر ابنته وزوجته منحطًا، نفخ بضيق وقال:
-كل حاجة مراد، ما هو القرف اللي إحنا فيه بسبب طمعه.........!!
__________________________________

وهو يأخذ جولة بالمخازن الجديدة التي سيضع البضاعة بداخلها، لاحظ شرود الأخير وعدم انتباهه له في بعض الأحيان حين يتحدث مع العمال، وجه مراد الكلام له مباشرةً، سأله:
-اللي واخد عقلك يا صرغام؟!
توتر ضرغام وهو ينتبه له، قال:
-نسمة مرتي بعد ما جعدت معايا، كل أما تشوفني تسألني عن أخوها، وآني ما عرفش أجولها أيه.
قال مراد بتعقل:
-لازم تقولها الحقيقة، هي مش صغيرة، وتفهم إن الطريق ده أخرته وحشة، وكفاية إنك سامحتها.
وجده ضرغام محقًا، أردف مراد بجدية:
-صحيح الزفت جاسم ده هرب برة مصر؟!
رد ضرغام موضحًا:
-أيوة، فيه حد بلغه جبل ما الحكومة تاجي تجبض عليه
قال بنفور:
-يلا في داهية، المهم ما أشوفش وشه العكر ده تاني، ويبعد عن مراتي!
استفهم ضرغام بمفهوم:
-آني باجول بدل ما نتعب نفسينا ونحط البضاعة إهنه، نرجع نحطها في مخازنا، منتصر بيه فيه اللي مكفيه ومهفتكرش يعني يفكر يعمل حاچة!
بالفعل فكر مراد في ذلك، قال مقتنعًا:
-يمكن دا اللي يحصل، بس مبقاش قدامي غير موسى، اللي هفضل وراه لحد ما يبعد عن هدير، مش معقول يتربط بعيلتنا
قال ضرغام بعدم قبول:
-حاقة يا بيه لو حُصل هيلوثكم بوسـ***، إوعاك يا مراد بيه تخليها توافج
شرد مراد قليلاً في الأمر، قال:
-هاعمل اللي عليا، بس مش متأكد حد ياخد بكلامي
ثم تنهد مراد بقوة، فرغم حلول الأمور المعقدة من حوله، تبقى القليل منها لتنغص عليه عيشته، هتف متذكرًا:
-أيه يا ضرغام، معقول لسه لحد دلوقت مش لاقي فرصة توقع بيها يوسف ده، مش قولت هتخلص منه؟!
ارتبك ضرغام داخليًا، فهو يحب هذا الشاب، ووقوعه في هذا الطريق ليس بيده، دنا من مراد؛ كي يسمعه هو فقط، همس بمعنى:
-الليلة هيروح في الرجلين زي ما اتفجنا
أنصت له مراد بفضول، ورغم تردد ضرغام في الإيقاع بالأخير، تابع بطاعة منه لسيده:
-في عربيته هحطله بودرة، وهخلي واحد من الرجالة يبلغ.........!!
__________________________________

دلف من الغرفة ثائرًا، تحرك نحوها وهي تشاهد التلفاز ثم حدجها بنظرات قاتلة، رغم أنها تعمدت اللامبالاة؛ لكن أخافتها ردة فعله، قال من بين أسنانه:
-فين الورج اللي كان في الدولاب؟!
استعدت ياسمين لهذه المواجهة، متخذة قرارها بعدم الإنكار، قالت:
-معايـا!
دنا منها بغتةً فانكمش في الأريكة خائفة منه، سحبها من عضدها لتنهض، أمرها بحدة:
-مين جالك تمدي إيدك عليهم، روحي هاتيهم
ثم دفعها لتذهب وتحضرهم، ابتعدت مسافة عنه، تحدته قائلة:
-لا مش هتاخدهم، هيفضلوا معايا
كلامها سعّر غضبه نحوها، صاح بصوت هز بدنها:
-هاتيهم دلوقتي، لا واللهِ هندمك
قالت بتصميم عكس هيئتها المتذبذبة:
-دول ضمان إنك ما تبعدش عني، ومش هتاخدهم لو هتقتلني
سكن يوسف قليلاً ثم رمقها بنظرات مبهمة، قال:
-هاعمل معاكِ حاچة أكتر من الجتل
ركزت حواسها معه فتابع بغيظ:
-كنت سمحتلك تخرجي، بس من دلوق مافيش، وكمان مافيش الجرف اللي هتشميه ده
تيقنت ياسمين أنه سيفعل ذلك، بيننا أردف يوسف بحنق:
-هخليكِ تبوسي رجليًا علشان شمة قصاد الورج
ردت بتمنٍ عجيب:
-أنا أصلاً زهقت، يا أبطل الزفت ده يا أموت وأرتاح
كور قبضته بغضب واحتدت نظراته الشرسة عليها، ظنته ياسمين سيضربها لكن تفاجأت بيه يقول:
-أنا مشغول دلوقت، بس لو فاضيلك كنت هتشوفي، لأ، مكنتش هتشوفي تاني
هددها باقتلاع عينيها وبالفعل تأثرت ياسمين، تحرك يوسف نحو الخارج ثم صفق الباب من خلفه فانتفضت، حدقت بالباب قائلة:
-كان يوم أسود يوم ما فكرت آخد السم الهاري ده......!!
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
دلف يوسف من العمارة فوجد جبس ينتظره على مدخلها، كان قد استدعاه يوسف لأمرٍ هام، أخذه عند زاوية متوارية ثم خاطبه بمعنى:
-كنت عاوزك في موضوع كده، وملقتش غيرك ينفذه
خبط جبس على صدره عدة مرات مرددًا بطاعة:
-أنا عيني ليك يا يوسف بيه، خيرك مغرقني، أؤمر
سكت يوسف للحظات كأنه يتهيأ للشرح، قال بجدية:
-عاوزك تخطف ولد!
تردد جبس قبل إبداء رأيه في ذلك، سأل بترقب:
-بيرضع يعني؟!
نفى يوسف موضحًا أكثر:
-باين عنده عشر سنين كده، هو كبير مش صغير يعني
بدا الأمر صعبًا بالنسبة له، لاحظ يوسف تردده فسأل:
-مش هتقدر؟!
انتبه له ثم رد باقتراح:
-لوحدي لأ، بس ممكن أجيب واحد معايا، بالمرة يساعدني
قال يوسف محذرًا:
-بس متعرفوش عني حاچة، وتكون واثق فيه
-متخافش دا أخويا مش غـــريب...............!!
__________________________________

عند دخولها قصر والدها برفقة ابنتها، لم يمر وقت كبير حتى وصل مظروف باسم ابنتها، جعلتها سميحة تصعد لغرفتها بينما استلمته عنها، نظرت له بحيرة ثم صعدت خلفها؛ كي تفتحه في حضورهــا..

جلست هدير على تختها منكبة على نفسها، أحمرت عيناها من كثرة البكاء، وضعف جسدها من معاملة الأخير العنيفة معها، فقد تناوبت الازمات على عاتقها، ولم تتحمل أكثر فقد كرهت جسدها ونفرت من لمساته عليها، وما انتوته هو عدم زواجها من هذا الخسيس وإن كلفها ذلك الموت..
ولجت سميحة الغرفة عليها ممسكة بالمظروف، دنت منها وهي تفتحه، عند إخراجها ما بداخله شهقت بفزع مهلك، تصلبت نظرات هدير الخائفة عليها مترقبة شرح والدتها، رفعت سميحة الصور الفوتوغرافية نصب أعينها، دق قلبها بتوجس عظيم وهي ترى توثيق ما افتعله هذا اللعين، ابنتها عارية على التخت و...، أحست سميحة بصداع قوي يغزو رأسها، وتعاسة لازمتها، نهضت هدير من مكانها لفهم الموضوع فهي ضجرت من كثرة المصائب، سألتها:
-حصل أيه تاني يا ماما؟!
بتعابير شاحبة ناولتها سميحة الصور، أخذتها هدير وانصدمت بالطرق المستقبحة التي صوّرها بها، شعرت بدوران كل شيء من حولها فقد رسّخ الأخير فعلته الشنعاء بهذه الطريقة، عادت تبكي بألم وهي تقول:
-أنا اتفضحت يا ماما خلاص، أنا انتهيت!
ثم انقلتوا من يدها على الأرضية، توجهت لتجلس على الفراش تعاني مرارة ما تمر به وهي تتمنى الموت عاجلاً، بينما وقفت سميحة موضعها غير قادرة على فعل أي شيء بمفردها، انزعجت من عدم وجود والدها فحتمًا حين يعلم لن يتركها..
توجهت ناحية التليفون متذمرة رافضة خضوع زوجها له، اتصلت به وانتظرت حتى رد، هتفت بتوبيخ:
-الحيوان ده مصور بنتك عريانة، بيبتزنا، عاوز يكسر مناخيرنا ويجيبنا الأرض، لسه بتفكر تجوزها ليه بعد اللي عمله معاها..

دقيقة واحدة مرت منذ اتصلت، ودخل يزيد عليها الغرفة دون استئذان غاضبًا، تفاجأت سميحة به وكذلك هدير التي نظرت له بانكسار، تأمل يزيد حزنها مكفهرًا، فأشاحت هي بوجهها عنه تنتحب دون توقف، وجه بصره لعمته متسائلاً بحدة:
-موسى عمل أيه؟!
تركت سميحة السماعة من يدها وارتبكت، سألته:
-إنت عرفت منين؟!
تحرك نحوها ثم هب قائلاً بتوضيح حانق:
-كنت جاي اتكلم في التليفون سمعتك بتتكلمي، الـ*** موسى عمل أيه قولي؟!
نظرت سميحة لابنتها بحسرة، اضطرت للرد عليه قائلة:
-خدرها وخطفها من قلب أوضتها، استغل إن محدش هنا واتجرأ ودخل القصر ومش خايف!
كل ذلك لم يبالي به يزيد، بل شغلته نقطة معينة توجس من حدوثها، حالة هدير وشكوة عمته من وجود صور لها، كشف أمامه الحكاية كاملة، التفت بنظراته نحو هدير بوجهها الشاحب، خاطبها بهوادة:
-إهدي يا هدير إنت ملكيش ذنب، أنا جنبك!
تفهم خجلها منه، قال بعزيمة جعلت سميحة تنظر له بمحبة:
-أنا مش هتخلى عنك، ولسه عاوزك
لطفه المستمر معها جعلها تكره نفسها وتلعن يوم ولادتها، ووضعها في موقفٍ كهذا، ولم تتوقف لحظة عن البكاء ثم دفنت وجهها بين ركبتيها، دنت سميحة منه ثم ربتت على كتفه معجبة بشهامته مع ابنتها، قالت:
-ربنا يحميك يا يزيد، جميلك ده مش هنساهولك
تذكر أمر ما وقال بتفهم:
-الموضوع دا مدبر، فيه حد خدرنا كلنا علشان يعمل كده، أنا من شوية كنت بتكلم بخصوص إني مش فاكر نمت إزاي
هتفت سميحة باستنكار:
-معقول بسهولة كده حد يدخل قصر الخياط لو كلنا حتى مش فيه، فين الأمن والخدامين؟!
انتبه يزيد لكل ذلك وأخذ يفكر بحنكة، وحتمًا لن يمر الأمر دون أن يكشف، فبالتأكيد هنا من ساعدهم، لم ينتبه أحد أن السماعة ما زالت مفتوحة، وكل حديثهم استمع له ماهر، ولم يخفي ابتئاسه مما حدث لابنته، ثم أخذ يفكر في حـل................!!
_________________________________

-مالك مترددة كده ليه، زي ما تكوني مش عاوزة تفرطي في كل اللي كتبه باسمك؟
بانفعال قال مراد هذا لـ غزل، التي تتناقش معه في غرفة مكتبه الخاصة بالطابق العلوي، توترت غزل وقالت:
-مش بالظبط، أنا بس مش فاهمة هيروحوا فين؟!
صاح باحتدام:
-إن شا الله يروحوا في داهية، إنتِ مالك، الفلوس الحرام دي مش عاوزها في بيتي
ردت بنية أدهشته:
-سيبني أفكر!
لم يتخيل أن تجادله وترفض التنفيذ، لذا لم يصدق ما تقوله، هتف بحزم:
-لا مش هتفكري، ولما أقول كلمة تتنفذ، بكرة تكوني متنازلة عن كل حاجة للحكومة، أو اتبرعي بيها، المهم تخلصينا منها!
بداخلها رفضت غزل ذلك، فقد تاقت لأن تملك هذه الأموال ويرتفع شأنها، فإذا استغنت عنها، عادت فقيرة، لم يعجبه مراد طمعها في أملاك جاءت من الحرام، شدد من أمره قائلاً:
-أنا بنفسي هاجي معاكِ، وهشرف على كل حاجة
تأففت غزل واختنقت من تعسّفه، وبدت متذمرة، تركها مراد بالمكتب ثم دلف للخارج، بينما وقفت هي تفكر، فقد حُرمت من الكثير، وبالطبع لن تجبر نفسها على العودة للماضي الأليم بفقرها المدقع، غمغمت باستياء:
-معقول هتنازل عن كل حاجة وأرجع زي ما كنت، وكمان هيبتدي يتحكم فيا، بيعمل كده علشان هو اللي معاه وأنا لأ!
ثم حثها فكرها على الرفض، ومحاولة اقناعه بأن كل شيء باسمها وهذا ما أراده القدر، تابعت مبتسمة بمكر:
-ربنا عاوز كده، بيعوضني، ومش معقول هرفض خير ربنا......!!
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
عند هبوطه الدرج انصدم بابنه شريف في البهو يبكي على غير العادة في حضن السيدة هدى، دنا مراد منهما مزعوجًا، سحب ابنه منها ثم خاطبه بصلابة:
-بتعيط ليه، حد زعلك؟
ردت السيدة بحيرة:
-لسه داخل دلوقت وعمال يعيط، حتى حسام مش معاه!
انتبه مراد لعدم وجود ابنه الآخر، سأله بتلهف:
-حسام فين؟!
رد شريف وهو يبكي:
-كنا بنشتري أيس كريم من قدام النادي قبل ما نركب ونيجي، جات عربية كبيرة، خرج اتنين كانوا عاوزين يشدونا فيها، أنا بسرعة جريت وفكرت حسام ورايا، بس أخدوه
ارتعبت السيدة وقالت:
-اتخطف يا مراد!
تاه مراد في شرح ابنه ولم يعي الموقف فقد ظنها خدعة ربما، تابع شريف بأسف ظنًا منه أن أبيه يلومه على تخليه عن أخيه، قال:
-جريت ورا العربية يا بابا بس كانوا خدوه ومشيوا، صدقني مش قصدي أسيب أخويا، أنا باحبه.
ضمته السيدة لها لتجعله يهدأ، بينما وقف مراد هادئًا من الخارج فقط؛ كي لا يرعب ابنه أكثر، زاغ فيما حدث وقال بإدراك:
-أكيد حد عاوز فلوس، بتحصل مع ناس كتير!
ثم نظر لابنه ليهدئه، خاطبه بمدح:
-أنا عارف يا حبيبي إنك بتحب أخوك، ومش قصدك تسيبه
ثم تحرك مراد ناحية التليفون، هبطت غزل الدرج فتعجبت من بكاء شريف، وحالة السيدة التي قالت بأسى:
-حسام اتخطف يا غزل!
دنت غزل منهما مصدومة، سألت شريف باهتمام:
-متعرفش مين عمل كده؟!
لعنت غزل نفسها فسؤالها غبي، زفرت بضيق ثم تحركت نحو مراد مضطربة وهو يتحدث مع أحدهم، انتبهت أنه يخبر الشرطة بذلك، ثم قلقت فالموضوع جدي، حين أغلق السماعة خاطبته بشغف:
-مين يا مراد اللي يعمل كده؟!
نظر للفراغ متحيرا، قال:
-مش عارف، مين ليه مصلحة تخليه يخطف ابني؟!، تكونش حماتي، رجعت تعمل كده تاني علشان حرمتها تشوفهم
رن التليفون فنظر له مراد أولاً، سريعًا رد متلهفًا بقوة، جاء صوت رجل غريب فسأله:
-إنت مين؟!
أخبره الرجل بمتطلباته التي أملاها عليه يوسف بالطبع، دُهش مراد من هذا الطلب الأوحد والغريب، أغلق الأخير الخط وترك مراد مشدوهًا بعدما حذره من إبلاغ الشرطة، تعجبت غزل من حالته التائهة، سألته باهتمام:
-مين ده يا مراد، وعاوز أيه؟!
تصلبت نظراته الغير مفسرة عليها، ومن هذا الطلب الذي لم يتفهمه حتى الآن، قال متهكمًا:
-بيقولي ابنك هيرجعلك قصاد إني أطلقك يا غزل، ولو بلغت أو رفضت مش هشوفه تاني...........!!
_______________________________

جعله ينتظر كالأغراب في الخارج متعمدًا إذلاله والتقليل منه، حيث جلس ماهر في غرفة الانتظار التابعة لمكتب موسى بشركته، مرت ساعة وأخرى وهو هكذا، آلمه قلبه من حقارته معه، وتيقن أنه لن يعترف بما ارتكبه، وسيستمر في إبتزازه الوخيم له، وحق ابنته سيهدر بالطبع..
بعد فترة كانت طويلة أشعرت ماهر بانعدام قيمته، سمحت له مشرفة مكتبه بالدخول، نهض كالذليل كي يلج، وعند دخوله وقعت عيناه عليه ليراه يجلس مستندًا على مكتبه ويضع ساقًا فوق الأخرى، تقدم ماهر منه ليجلس فابتسم موسى بسخافة قائلاً:
-معلش كان عندي شغل مهم، فقولت أخلي اللي مش مهم في الآخر
لم يعلق ماهر على كلامه المثير للحنق بل جلس بهدوء، اغتر موسى وهو يتابع بتعالٍ:
-يلا قول عاوز أيه علشان مش فاضي!
استمرار ما يفعله موسى له غير محمود، قال ماهر باطراق حزين:
-اللي عملته مع هدير بنتي كان أكبر غلط يا موسى
رد موسى بلا مبالاة مزعجة:
-هو أنا كنت عملت أيه؟!، فكّرني كده
لم يرد على سؤاله السخيف، بل خاطبه بغضب يستفيض تدريجيًا على سحنته:
-بنتي هدير أنا باحبها قوي، أوقات بطلع أناني، بس لما باشوفها زعلانة مبقدرش أمسك نفسي، وبنتي فضّلت الموت على إنها تتجوز واحد زيك
احتقن موسى وهتف:
-خلي بقى صورها تلف مصر كلها، ويشوفوا بنت الناس المحترمين وهي من غير هدوم
-هتروح في داهية، علشان إنت اللي عملت كده
قال موسى بثقة:
-لو عملت أيه مش هتقدر تثبت، أحسن لك تقنعها بالجواز، وكمان نسيت أقولك إني مش دافع فيها قرش واحد، جوازة ببلاش، كتر خيري هاسترهالك!
ابتسم ماهر شاكرًا كرم فضله، قال بغموض:
-أنا جاي علشان حاجة تانية
بعجرفة نظر له موسى، بينما بحذر جم أخرج ماهر سلاحه الناري من سترته، قبل أن يشهره في وجهه قال:
-جاي علشان آخد حق بنتي!!
ثم نهض ليقف أمام المكتب، رفع السلاح في وجه وقبيل أي صدمات أو رد فعل من موسى كان قد ضغط على الزناد وأطلق جميع رصاصاته في رأسه وعنقه وصدره، هتف بغلول وكراهية:
-موت يا ***، أنا محدش يكسر بنتي..................!!
*********************
إلي هنا ينتهي الفصل الثالث والخمسون من رواية أثواب حريرية بقلم إلهام رفعت
تابع من هنا: جميع فصول رواية أثواب حريرية بقلم إلهام رفعت
تابع من هنا: جميع فصول رواية أرض زيكولا بقلم عمرو عبدالحميد
تابعوا صفحتنا على الفيس بوك للمزيد من روايات عربية
أو أرسل لنا رسالة مباشرة عبر الماسنجر باسم القصة التي تريدها
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة