-->
U3F1ZWV6ZTMzNTg0ODE3NzI1X0FjdGl2YXRpb24zODA0Njk2NDgxODg=
recent
آخر القصص

رواية برلنت بقلم قسمة الشبيني - الفصل الرابع

 مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة والقصص وأجمل الروايات الممتعة والروايات الرومانسية مع أحدث رواية للكاتبة المتألقة والمبدعة قسمة الشبينى التي سبق أن قدمنا لها العديد من القصص والروايات الجميلة علي موقعنا قصص 26 وموعدنا اليوم مع رواية رومانسية تتسم بالواقعية ذات طابع إجتماعى مميز مع الفصل الرابع من رواية برلنت بقلم قسمة الشبيني

رواية برلنت بقلم قسمة الشبيني - الفصل الرابع

رواية برلنت بقلم قسمة الشبيني

رواية برلنت بقلم قسمة الشبيني - الفصل الرابع

 استسلمت تماما ورغم ما تعانيه من انحدار وانكسار نفسى ترى علامات الراحة بقسماته والرضا بكل ما تقدم عليه من إهمال متعمد لاعباء كانت ترهقها ، هى مرهقة بما يكفى ، ربما لم تكن تشعر بهذا الإرهاق مسبقا ، بالطبع هو إرهاق نفسى يثقل كاهلها .


مر ثلاثة أسابيع وبدأ شهر جديد وهذا اليوم موعد حضور أبيها للزيارة وموعد رؤية أبناءه أمهم أيضا فقد تعمد أبيها اختيار موعد يخلو المنزل فيه من الجميع فقد اعتاد ماهر صحبة أطفاله للتنزه حال رفضهم رؤية أمهم .. يتوقف شحه أمام أبناءه ويجود بأكثر من المطلوب فقط ليستمروا معه . يظن أنها تجهل تصرفاته غير المقبولة ..

لها آذان تسمع همسات الصغار بعد كل عودة لتزداد بغضا لهذا الذى لا يستحق هؤلاء الصغار فهو يشوههم بجهله وانانيته .


هى لا تعلم كيف يفكر ؟

ربما تحتاج يوما لكسر جمجمته للتعرف على طبيعة أفكاره الشاذة والغريبة عن كل سمات الرجولة ورغم ذلك يراه الجميع رجلا ..


جلس أبيها منذ دقائق وهى تحضر الضيافة اللائقة به ، وضعت الصينية ومنحته ابتسامة باهتة ، نظر لها أبيها طامرا حزنه ، لقد فقدت الكثير من وزنها منذ زارته اخر مرة ، وجهها يخلو من الراحة وعينيها تخلو من البريق بشكل يؤلم قلبه فعليا .


جلست على مقربة منه وليس بجانبه كالعادة ليتنهد بحزن وينظر أرضا لدقيقة كاملة قبل أن يقول : انت زعلانة منى يا برلنت ؟

نظرت نحوه بوجه فارغ : ليه بتقول كده يا بابا ؟ مقدرش ازعل منك .

نظر لها ليزداد كمدا لفراغ ملامحها : علشان رجعتك اخر مرة .


لاحت نفس الابتسامة الباهتة : ياااه لسه فاكر !! ماتقلقش يا بابا الموضوع انتهى .


أومأ ولم يجب ، يعلم أن الأمر لم ينته ، لكن ما بيده حيلة ، يمكنه أن يلبى طلبها لكن كيف يتركها تصارع الحياة بعده !!

هو لن يعش ابد الدهر وفرصتها مع رجل ثالث شبه معدومة ورعاية أحد أشقائها لها شبه مستحيل ..


أشار للحقائب التى أتى بها : شيلى الحاجة قبل ما جوزك يرجع علشان القهوة بتاعتك لوحدها .

عادت إليه بكامل ملامحها : انا مابقتش احب القهوة يا بابا ماتجبش تانى وتكلف نفسك .

ونهضت من فورها لتفريغ الحقائب ، نظر فى أثرها ، هذه ليست ابنته ، إنها شبح مشابه لها ، شبح بلا روح ، بلا حياة .

مسح جبينه بحزن ، لابد أن يتحدث إلى ماهر بهذا الشأن ، عليه أن يحسن رعاية ابنته ، لن ينزعها منه حقا لكن يمكنه أن يروعه بذلك .


****


جلس ماهر وأبناءه فى منزل أحد إخوة زوجته السابقة حيث اتفقوا أن ترى أبنائها ، قدم أخيها الضيافة بوجه مكفهر لوجوده لكنه لن يتحرك تاركا لها أبناءه وهو غير واثق من نواياها ، هو يتعجب أيضا إلحاح الفتاتين لرؤيتها هذه المرة .


لقد اعتاد رفض الفتاتين رؤيتها وصحبتهما للتنزه موهما برلنت أنه يواظب على موعد الرؤية .

يشعر بالضيق لوجوده هنا وبالدهشة لصمت الصغار .

اخيرا اقبلت مهرولة ليهب نحوها رامى فتتلقاه بأذرع مفتوحة ، تعجب برود الفتاتين رغم اصرارهما سابقا لرؤيتها ، جلسوا جميعا لتنظر نحوه بتأفف فينهض مبتعدا عدة أمتار فقط ويجلس على مقربة منهم .


ساد الصمت الذى يتبع تساؤلاتها عن دراستهم وأحوالهم ، نظر نحوهم بدهشة لهذا الصمت ليرى رهف ورنا تتهامسان ، عاد ينظر أرضا ليرفع رأسه فور تحدث رهف متسائلة : انتو اطلقتوا ليه ؟ 


واجهته نظراتها المتهمة له ولم يجب اى منهما لتتابع رنا : إحنا مش صغيرين ومن حقنا نعرف ليه عملتوا فينا كده ؟ ليه نعيش بعيد عن حد منكم ؟ ليه نعيش حاسين بالنقص ؟

أجاب ماهر متصنعا الهدوء فخوض هذه المحادثة فى هذا المكان اخر ما توقعه أو تمناه : حاسين بالنقص ليه ؟ ناقصكم إيه ؟ 

رفعت رهف وجهها إليه : مراتك عمرها ماتاخد مكان ماما .

نظرت نحو ابنتها بشئ من الامتنان سرعان ما زال مع نظرة الفتاة المتألمة لها : ليه ماحاولتيش علشانا ؟ ليه !! هى بتستحمل أضعاف اللى كنتى بتستحمليه مع إنها ماعندهاش ولاد ؟ ليه يا ماما عملتى كده ؟؟ 


نظرت لأطفالها بحدة : لما تكبروا هتفهموا .. مش معنى إنها بتستحمل تبقى العيشة عجباها .. كل إنسان ليه قدرة تحمل لما بتخلص مابيقدرش يكمل .. انا وابوكم فعلا أطلقنا لكن هفضل طول عمرى امكم ووقت ماتحتاجونى هتلاقونى .


تساءلت رنا فورا : ولو جوزك منعك تشوفينا هتعملى إيه ؟ 

نظرت نحوها بحزم : مش هيمنعنى عارفة ليه ؟؟

لم تجب الصغيرة لتتابع : علشان راجل بيدور على راحة مراته ويشوف اللى يسعدها ويعمله .. 


انتفض ماهر مقاطعا حديثها : مش كفاية كده !!

نهضت رهف أولا ، هى لم تحصل على إجابة تريح تساؤلات عقلها الصغير ، زادت تشوشا وحقدا وكرها للجميع .

تبعتها رنا بينما كان رامى هو الوحيد الذى يشعر بالأسف للمغادرة .


لم يعد ماهر للمنزل بل صحب أطفاله للتنزه سيرا كالعادة ، ساروا جميعا بصمت وحديث الفتاتين ينهش صدره كوحش أطلق بعد جوع طويل .


إنهما محقتان .. برلنت تتحمله كثيرا دون أن تملك أسبابا تتعذر بها لهذا التحمل . 

هل تستمر معه يأسا ؟؟

لأنه فرصتها الأخيرة ؟؟

ابتسم بتهكم ؛ مؤكد لو تمتعت بالخصوبة لما تحملت كل هذا .

زفر بضيق ونظر نحو فتاتيه الصامتتين ليقول : انا ماحبتش غير امكم .

نظرا له لينظر لثلاثتهم ، لقد أغفل أن ابنته الكبرى تخطت الرابعة عشر من عمرها ورنا تصغرها بعام واحد .

إنهما مراهقتين تتخبطان .


اتجه بعينيه نحو رامى ذو الثمانية أعوام ليبتسم ، كرهت زوجته السابقة حملها مجددا لكن رغم أنفها رزقه الله رامى منها .وكأن القدر يخصها هى بحمل أبناءه فها هو بعدها يتزوج عاقرا لا أمل فى إنجاب منها .

استمر الصمت ليسير ماهر ممسكا كف رامى وابنتيه على يمينه ليتابع : يمكن اكتفيت بحبى ليها لما اتقدمت لها ومافكرتش هى بتحبنى ولا لا .. لكن لو كانت حبتنى كانت شافت فيا اللى يزود حبها ..

تنفس ببطء : انا مش ملاك وعارف انى مليان عيوب ، بس هى كانت بتدور على العيوب دى علشان يبقى عندها عذر تسبنى .


همست رهف بتساؤل : يعنى هى الغلطانة ؟؟

هز رأسه نفيا : إحنا الاتنين غلطانين .. وانا عارف إن مالكمش ذنب فى فشلنا علشان كده بحاول اعوضكم عن غيابها .


عاد الصمت إنه محق ، لقد تغيرت معاملته لصغاره كثيرا بعد انفصاله عن امهم وكان هذا التغيير نابعا من شعوره بالذنب تجاههم ، لقد كرهته زوجته .. وهذا يقتله ألما لأنه أحبها .


بل لم يحب من النساء سواها .. 

برلنت تفوقها فتنة وجمالا ومهارة وقوة .. تفوقها فى كل شىء لكنه لا يحبها .

يعاشرها كرها دون أن يهتم برغبتها ، يتطاول عليها لفظا وبطشا بسبب ودون سبب .

كل ما قدمه لها ينزعه من برلنت معاقبا ذاته بالحرمان من الرضا .

رضاها !! 

كم يخشى أن يتذوق رضاها فيستسيغه ويستلذه .


إنها تفقده صوابه وهى كارهة فكيف إن رضت ؟؟


لا .. لن يسقط فى هذا الشرك مجددا يكفيه كراهتها 


ظل يصارع أفكاره من ناحية وذلك الوحش الذى أطلقه حديث الفتاتين من ناحية أخرى ويرفض الرضوخ للندم الذى يوخز ضميره بين صراعاته تلك حتى أفاق من كل هذا مع رنين هاتفه ليجد اسم أبيها على غير العادة ظاهرا على الشاشة .


*****


انتظره أبيها على غير عادته هذه المرة ثم انصرف اخيرا وقد أفاض فى شرح أسبابه عن ضرورة استمرار هذا الزواج وعن حديث مرتقب بينه وبين ماهر لتوبيخ الأخير ، لم تهتم بأكثر الحديث الذى افرغه أبيها وكأنه يتحدث عن حياة شخص آخر .


أعدت الطعام بعد انصرافه ثم آوت لفراشها كما اعتادت مؤخرا ، لكم تشعر بالراحة للنوم ساعات طويلة تريح فيها عقلها من التفكير وقلبها من الأنين .


عاد ماهر وأبناءه ليكون الهدوء مستقبلهم الوحيد كالعادة ، اتجه الأطفال لتغيير ملابسهم بينما دخل هو غرفته ليجدها تغط فى نوم عميق .


نظر لها مسترجعا حديث أبيها عن ذبول ملامحها ، هو لم يهتم حقا مؤخرا سوى برضوخها الممتع .

لم يلتفت لتفويتها الوجبات ، ولم يلحظ نقصان وزنها .

ربما لأنه يراها فاتنة فى كل الأحوال !!

وربما لأنه لا يراها فعليا !!

هو يرى رغباته ثم حقوقه ثم طلبات أبناءه ليعود ويبحث عن رغباته مجددا ، دائرة مغلقة ليست هى من ضمن المحاطين بها .


أشاح بوجهه عنها وبدل ملابسه ثم اقترب منها يهزها بشئ من الحدة : برلنت .. برلنت قومى علشان الغدا .

فتحت عينيها بخمول : ماليش نفس كلوا انتو .


وعادت تغمض عينيها ليغلق هو باب ضميره مدعيا أن رفض الطعام خيارها ، ليست طفلة ليرغمها على تناول الطعام .


غادر الغرفة نحو المطبخ ليجهز الطعام الذى أعدته ويتناوله وأطفاله محاولين جميعا تناسى لقاء الأم الذى فتح جروح الجميع .

أنهى طعامه ليهرع لرى ظمأه منها والذى أصبح يخشاه مثلها تماما .لم يغفل عن تهديد أبيها المبطن ولن يسمح له ولها بالفرار من براثنه .


******


اغلق سعفان مقدمة السيارة بحدة اجفلت رجب الذى انتفض ، الحدة ليست طبعا فى سعفان وحدته مؤخرا تخيف الفتى .

لقد استراح من الحدة و الألفاظ النابية والسب والضرب منذ إلتحق بالعمل لديه لذا تشبث به فعليا بكل كيانه وسعى للتشرب من كل ما يقدمه له من حرفة يبرع فيها .


اتجه لداخل الورشة : هات لي قهوة يا رجب .

هرول رجب تجاه المقهى بصمت بالتزامن مع مرور ماهر الذى لا يلتفت لوجوده مطلقا .

راقب دخوله وأبناءه للمنزل بغضب ، لقد أصبح كل همه مراقبة أهل هذا المنزل .

يال حماقته !!

ويال سفه مشاعره !!!

ظلت حبيسة أضلعه عمره كله لتتحرك اخيرا نحو امرأة متزوجة !!


لقد تنصل بالكاد من أمر زواجه الذى أصبح شاغل أمه الوحيد مؤخرا .

ارتفعت عينيه نحو الشرفة المغلقة دائما .

لم يعد يراها سوى بتلك الشرفة دقائق كل عدة أيام .

مرت من أمامه مرة واحدة بعد لقائهما المخزى بمدخل البناية ذلك اليوم المشؤوم ، يوم رؤيته اثر الضرب بوجهها .تلك الخطوات الواسعة التى تخصها دون النساء والتى رأها ذلك اليوم خطوات رجولية أصبحت هاجس لياليه المزعج ، أصبح يرى فيها تمايلا مستترا خلف العباءة يتمنى ألا يلحظه غيره .

زفر بغضب من نفسه وهو يفرك وجهه بكفيه معا 

كم كان فظا غليظ القلب !! 

تراءت أمام عينيه نظرتها الفزعة لحظة رفع نقابها ليشعر بنفس الوخزة بصدره مجددا .

ضرب جبهته بقبضته المضمومة ؛ إنها زوجة ايها الاخرق .

هبطت قبضته لجانب صدره الأيسر ليلكمه بقوة : كفاية بقا 


صرخ لتتجمد خطوات الفتى الذى اقبل يحمل قهوته ليتساءل بقلق : كفاية إيه يا اسطى ؟

نظر له دون أن يملك إجابة ، صمت لحظات ثم قال : عاوزين ندور على ورشة تانية .. الورشة دى بتخنقنى .

والتقط قهوته متجها للخارج ليس أمامه سبيل سوى الفرار .


فهل يمكنه أن يفر منها ؟؟

وكيف يفر منها وهى داخله ؟؟

وماذا إن نجح فى الفرار ؟؟

كيف ينزع صورتها من صدره ذا ؟؟


صراع .. صراع .. صراع 

هذا حاله منذ إلتقى تلك المرأة وكأن لقائها بداية نهايته

*********************
إلي هنا ينتهي الفصل الرابع من رواية برلنت بقلم قسمة الشبيني
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة