-->
U3F1ZWV6ZTMzNTg0ODE3NzI1X0FjdGl2YXRpb24zODA0Njk2NDgxODg=
recent
آخر القصص

رواية أفيندار بقلم صفية الجيار - الفصل الأول

مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة والقصص الرومانسية مع رواية اجتماعية واقعية ومثيرة جديدة للكاتبة صفية الجيار علي موقعنا قصص 26 وموعدنا اليوم مع الفصل الأول من رواية أفيندار بقلم صفية الجيار

رواية أفيندار بقلم صفية الجيار - الفصل الأول

اقرأ أيضا: روايات رومانسية

رواية أفيندار بقلم صفية الجيار

رواية أفيندار بقلم صفية الجيار - الفصل الأول

 "ألم يجد هذا البغيض يوماً يتقدم لخطبتي به سوى يوم إطلالة أفيندار علينا!"يسر"أقول لكِ من الآن، هذه الزيجة لن تتم،فقط قَبِلتُ لقائه حتى أتخلص من توسلات أبي، ومعاملة أمي المهينة لي ولكم،ولأنه اختار هذا اليوم خصيصاً طلبه لزواجي كُتب عليه الرفض قبل أن التقي به، ليكن بعلمكِ"

هذه كانت الرسالة النصية التي أُرسلت إلى هاتف "يسر" المحمول من قبل صديقتها السرية"رهف"والتي لا يعلم أحد من أسرة الأخيرة عن تواصلهما ، وإن حدث ستتفاقم الأمور بين الأسرتين، وتعود مشاحنات دامت لسنوات بينهم،ولم تنتهي سوى عندما أصبح اسم عائلة "الدالي" يستوطن الصحف لأشهر ،قرأت "يسر" كلمات "رهف" وهي تحاول جاهدة كبح عبراتها المتحجرة بمقلتيها،وتأبى التحرر،ليس لعدم تألمها من تلك الزيجة بل على العكس ،وإنما لأنها أقسمت أن لا تبكي على أمر جيد سيحدث بحياتهم،لقد تشاركتا بألم لا يمكن احتماله،رغم ذلك لم تستسلم،على عكس "رهف" وقررت الوقوف بوجه الريح من أجل تخطي الأزمة،مررت أصابعها على شاشة الهاتف المحمول بعد أن زفرت بهدوء، لتظهر صورة رهف تتوسد صدر من تملك قلب يسر،شردت بتلك الأعين الناعسة والتي اشتاقت إليها بجنون،رغم حنقها عليه؛ فباغتتها عبراتها وسقطت بغزارة لتغزو وجنتيها، كجنود حرب ينتظرون بفارغ الصبر ساعة الصفر للاندفاع بضراوة نحو العدو،قطع وابل ذكرياتها صوت رهف وهي تصيح:

_ "يسر" أتسمعينني؟

_ ها، أسمعكِ،رهف ما هذا الجنون ،كيف لكِ أن ترفضين الزواج من الرجل قبل أن تلتقي به!

_أقسم لكِ،أفكر بالهرب والمجيء إلى منزلكم،لن أتزوج،فقط حاولت التخلص من أفعال أمي الغير محتملة.

بدت "رهف"كتلميذة نجيبة تلجأ لمعلمتها وتسألها عن رأيها بإجاباتها الغير متأكدة من صحتها ،فأجابتها "يسر وقد خانتها عبراتها مرة أخرى:

_ إياكِ يا"رهف"،ستتزوجين وتتحققين حلمكِ، الحياة لن تتوقف،حسناً تألمنا كثيراً ،ولابد أن تحين لحظة الفرح.

تبدلت نبرة صوت "رهف" لأخرى أشبه بنبرة طفلة أخبروها أنهم سيأخذونها من كنف أمها، ليعطونها لأخرى لا تعرفها، أو تألفها وقالت:

_ حلمي كان معه كيف تطلبين مني أن أكمل حلمي مع آخر!

_هو لم يفكر بنا عندما فعل فعلته الشنعاء تلك،لذلك توجب علينا عدم الالتفات للماضي، لابد وأن نعاند القدر ونبتسم ونخرج له ألسنتنا عناداً به،أم أنكِ قابلتِ العريس ولم يكن وسيماً!

ابتسمت "رهف رغماً عنها وقالت:

_وإن كان أوسم رجال الأرض.

تعلم "يسر"مدى تردد "رهف"وعدم قدرتها على اتخاذ القرارات الصحية،وقررت أن تسلك الطريقة الوحيدة التي دوماً ما تجدي نفعاً معها،فتنهدت بنفاذِ صبرٍ وقالت:

_"رهف" لعل الخير سيأتي على يده،رب ضرة نافعة.

"يسر طاهر الدالي"فتاة من أسرة ميسورة الحال،كانوا منذ عدة سنوات من أصحاب شركات الاستيراد والتصدير ويمتلكون أموال طائلة لا حصر لها،نستطيع القول أن "طاهر الدالي" كان من الشخصيات المرموقة من صفوة المجتمع، لكن سقط ضحية حادث أليم ،و أطاحت به أيدي المكر والخداع، وهوى من الطبقة العليا بالمجتمع للطبقة المتوسطة،تعمل "يسر" بأحد المجلات المصرية،كمحررة بقسم الدعاية والإعلان، في السابق كانت لا تفكر بالعمل،لكنها اضطرت لذلك،للاعتماد على ذاتها،في ظل ظروفهم الراهنة،شارفت "يسر"على تخطي منتصف العشرينات،تتسم بالهدوء ملامح وجهها بريئة للغاية ،جميلة للحد الذي يؤهلنا القول أنها أنثى صارخة الجمال ،فاتنة للغاية، ملامح بريئة ،أعين بنية ذات سحر خاص، أنف صغير منمق، وجنتان بارزتان،شفاه مكتنزة،وشعر بني اللون انسيابي يتناسب مع ملامحها الطفولية،هذه هي مقومات الجمال التي تمتلكها وعلى الرغم من كل هذا ،جمالها لم يكن شفيعاً لها حتى تأخذ من الحياة ما تستحقه،بل على العكس ،لقد تفنن القدر في تبديد أحلامها،بكت،ضعفت،انهارت،خاصمت الحياة،أبت شفتيها التبسم،لكن بالنهاية دفنت وجعها بين ثنايا روحها،فهناك من هم بحاجة إليها،وبنظرها أنه من الأنانية المفرطة، أن يفقد شخص مسئول عن أسرته ما فقده الآخرين وتكون ردة فعلهم متساوية،على الرغم أن المسؤولية تكن على عاتقه هو، وعندما يحتاجونه لا يجدونه يمد لهم يدى العون،وإنما يجدون حطام لا فائدة له؛لذلك وبعد انهيار دام لثلاث سنوات،عادت للحياة ،عادت من أجل والديها،عادت قوية كما لم تكن من قبل، من أجلهم ومن أجل صديقتها ورفيقة روحها "رهف" وراحت تحثها على المضي قدماً رغم كل شيء.

في قصر يقبع بأحد المناطق السكنية الجديدة والتي شيدت خصيصاً من أجل فئة معينة من فئات المجتمع، وهم الطبقة المخملية،شيدت ليتخذوها ملاذاً لهم من ضوضاء وصخب المدينة،وكأن هؤلاء بائسي الحال،ساكني الأحياء الشعبية الفقيرة،أو حتى متوسطة الحال،ليس لديهم الحق في العيش بهذه المدن ،ورفاهية الحصول على حياة كريمة لم تكتب بصحيفتهم، وأصبحنا نرى من يسكنون بهذه المدن يتشابهون في الوسط الاجتماعي،والحالة المادية،وأحياناً الدرجة العلمية،ككبار رجال الدولة،ورجال اللأعمال،وذوات المنصب والجاه،ومن تعج أرصدتهم بالمصارف بأرقام طائلة من الأموال ،بينما الأحياء الفقيرة تكتظ بمن لا حظ لهم بالحياة،ونراهم يفرون منها كما تفر حبات الخضار العفنة من سلة الخضروات،فتصيب من حولها بالعفونة،الحق ليس على حبة الخضار وإنما على من وضع بالسلة كميات تفوق قدرة استيعابها ،وغالباً ببداية زراعتها لم يعطيها الاهتمام والرعاية الكافية،لم يهيئ لها أرض خصبة ،تنمو بها،وتخرج ثمرة مكتملة النضوج صالحة للقيام بدورها ،وعلى النقيض هناك أرضٍ بمكان بعيد،قدم لها الرعاية المطلوبة ،وعندما اعطته من خيرها ،عزل تلك الثمار بمدن يطلق عليها المدن العمرانية الجديدة،خوفاً عليه من ثماره العفنة.

هذه القصر ملك لـ "نجيب باشا الدالي" الذي كان يجلس بمقابل زوجته"منار" يتبادلا الحديث قبل أن يصل ضيوفهما، وهم أسرة العريس المتقدم لطلب الزواج من ابنتهما "رهف" التي امتنعت عن الزواج منذ ثلاث سنوات بعد حادث أليم تعرضوا له جميعاً،ولم يستطع أحد أن يثنيها عن قرارها،"نجيب"رجل يغلب عليه الوقار والاحترام،حسن الخلق،وهذه هي الصفة الوحيدة المشتركة بينه وبين شقيقه "طاهر"والذي حدث بينهم قطيعة لا يمكن وصالها مهما حدث،أما زوجته "منار"هي امرأة ما يشغل بالها هو مظهرها العام،وقد عزمت الفترة الماضية على التخلص من وصمة العار التي وصمتهم بها ابنتهم ،والتي لن يستطيعون التخلص منها سوى بزواجها على حد قولها، وتلك الزيجة هي طوق نجاتهم الوحيد.

عقدت "منار" ذراعيها أمام صدرها بتوتر، وقالت وهي تحرك قدميها بصورة متتالية تثير التوتر:

_برأيك هل ستفعل"رهف"ما فعلته بالمرات السابقة؟

أخفض "نجيب"قدمه التي كان يضعها فوق الأخرى،وتفقد الوقت بساعته الفضية التي تزين معصمه الأيسر وقال:

_ هي لم تفعل شيئاً ،كانت تصارحهم بالحقيقة وهم يلوذون بالفرار،وهذا من غبائهم،على الأغلب هم شر وقد حجبه الله عنها.

نهضت "منار" باندفاع تنوي معاتبته على ما تفوه به ،فهي ترفض تماماً فكرة مصارحة ابنتها لمن يتقدمون لخطبتها بماضيها الجالب للعار على حد قولها،ابتلعت ما كانت ستقوله عندما دق جرس الباب،معلناً عن قدوم أسرة العريس.

في غرفة "رهف" وعلى سريرها بالتحديد كانت تجلس متقوقعة على ذاتها تثني ركبتيها وتضع ذقنها عليهما وتحيطهما بذراعيها،غلبها شوقها إليه فذرفت دمعتها بغزارة،وأخذت تتمتم بصمتٍ"يس،لن أفعلها،طلب هذا الحقير مرفوض من قبل قدومه،سأقابله كما أفعل دوماً من أجل التخلص من معاملة أمي المهينة"

سمعت طرقات على الباب يصحبها صوت أمها الهادر:

_الجميع ينتظركِ بالأسفل،واحذري،إن فعلتي ما يعرقل هذه الزيجة،سيكون هناك رد حازم مني.

اغتاظت فقررت تبديل فستانها أسود اللون،إلى منامة قطنية لتخلد إلى النوم،وتضرب بحديث والدتها عرض الحائط،لكن وصلت إليها رسالة نصية من "يسر" وكأنها السبيل لمقابلة هذا العريس المرفوض ومحتواها" رهف،رورو،هيا افعليها وافتحي باب السعادة بوجهنا مرة أخرى،لا تدعي "منار" تنتقم منا دوماً بسبب رفضكِ للزواج،لا تجعليها تكيل إلينا الاتهامات،الكاذبة"

كفكفت "رهف"دمعاتها وقررت المثول أمام رغبة الجميع،ثم قالت بتحدي:

_حسناً من أجلكم أنتم سأفعل.

وبعد تقديم واجب الضيافة،وتم التعارف بين الأسرتين، طلب"نجيب"من زوجته ووالدة "حمزة" التوجه للجهة المقابلة من القصر ،لإعطاء ابنته وعريسها الفرصة التحدث تحت أنظارهم،

جلست "رهف" تتطلع نحو رجل يغلب عليه الهدوء ولين الطباع، يرمقها بنظرات تحمل الكثير من الاعجاب"حمزة جلال" شاب يملك من العمر اثنان وثلاثون عاماً

،يعمل مهندس في إحدى شركات البرمجة،لديه ذقن مهذبة خفيفة،وشعر قصير للغاية يتماشى مع وقار ذقنه،يملك وحمة أسفل عينه العسلية،حمحم بهدوء وهو يعتدل بجلسته وقال:

_ "رهف" كيف حالك؟

تعجبت من تحدثه معها وكأنه يعرفها مسبقاً،أشارت إليه محذرة وهي تضع سبابتها على شفتيها وقالت:

_ سيدة "رهف" هذا اسمي، من فضلك دعنا لا نتخلى عن ألقابنا سيد "حمزة".

حدق بها بذهول وكأن حط الطير على رأسه وقال:

_"سيد حمزة"!

اومأت برأسها إلى الأسفل بتحدي فقال:

_ إن انتهت هذه الجلسة بالشكل المرجو ستصبحين خطيبتي إن شاء الله،لا داعي لكل هذا التوتر.

تمتمت بغضب"معاذ الله"ثم استطردت:

_سيد "حمزة" دعنا لا نستبق الأحداث فمن الممكن أن ترفض أنت اتمام هذه الزيجة.

_لا اطمئني ،هذه الزيجة ستتم إن قلتِ أنتِ نعم،الأمر متوقف على قبولكِ.

حركت رأسها يميناً ويساراً،وراحت تحرك قدمها بسرعة فائقة ،وكأنها تخبره أنها سئمت من تواجده وتطلب منه الرحيل، وزعت أنظارها بالغرفة وقالت:

_ كيف لك أن تقرر هذا ؟ أتعرفني المعرفة الكافية التي تخيلني أن أصبح زوجتك وأم أبنائك،وأن تأتمنني على بيتك وعرضك ومالك؟

ابتسم ابتسامه ساحرة لتزيد محياه وسامه و قال:

_حق المعرفة.

امتعض وجهها ثم نهضت وقالت بانفعال:

_وبما أنك تعرفني لما جئت لخطبتي، ألا تعلم أني ممتنعة عن الزواج!

_أعلم.

_إذاً لما جئت؟

_لا يوجد قانون صريح بدولتنا يمنع الرجل من التقدم للفتاة التي رأى بها زوجة صالحة وأم أبنائه،أعلم أنكِ ترفضين كل من يتقدم لخطبتكِ،لكن من الممكن أن أكون أنا سعيد الحظ.

_ألا تعلم ما أعلنته منذ ثلاث سنوات،ألم ترى الصحف تتشح بالسواد واسم عائلتي يكتب بها بالخط العريض؟

اومأ بوقار متحليا بهدوء غير مسبوق بمواقف كتلك وقال:

_أعلم جيداً.

_مؤكد تعلم ما حدث منذ ذلك الحين؟

_ بالتأكيد.

ارتفع صوتها وازداد حدة ثم قالت:

_أتعلم كل هذا وجئت لخطبتي،من فضلك ارحل كما حدث مع من سبقوك.

نهض ثم قلص المسافة بينهما؛ فارتجفت من قربه فقال:

_أعلم ماضيكِ جيداً،لما أتي لأتحدث بتلك الأمور ، أنا قبلت بكِ،بماضيكِ وأتمنى مشاركتك حاضركِ،جئت أتحدث عن نفسي وارحل انتظر قرارك.

كانت ستتحدث لكنه أشار إليها محذراً وتابع:

_أنا "حمزة جلال"مهندس، عملت بالخارج لسنوات عدت منذ ما يقارب العام،دخلي وما ادخرته لسنوات يوفر لنا حياة كريمة،لدي مسكن خاص،سأحسن معاملتك بما يرضي الله،لن أسألك شيئا عن الماضي،سأخرس لسان من يحاول ذكر تلك القضية أمام عينيكِ ،أو على مسامعكِ،لن أقول سأعشقك هكذا سأستبق الأحداث،لكن أعدك ،سأكون نعم الزوج.

فور انتهائه رفعت رهف وجهها وصوبت أنظارها نحو الساعة المعلقة على الحائط وكأنها تنتظر لقاء هام فقالت منتوية انهاء اللقاء:

_ طلبك مرفوض.

قهقه بصوت خفيض،حتى لا يدركه الاخرين وقال:

_يا ويلي،تنهي لقائنا من أجل اللحاق بأفيندار، سأعاني منكِ،على هذا النحو .

حدقت بها بذهول فـ"حمزة"بدا كمن قرأ أفكارها، هي حقاً كانت تحاول إنهاء اللقاء حتى تركض لعالمها الجميل عالم أفيندار، والغريب بالأمر أنها تشارك بالمدونة باسم حركي ،فكيف عرفها إذاً!فقالت:

_أتعرفها؟

_نعم من أهم متابعيها.

جلس مرة أخرى ،ووضع قدم فوق الأخرى وتطلع بها بوقار ثم قال:

_حتى أنها كانت دواء لجرحي وستكون دواء لجرحك أنتِ إن شاء الله،غالباً سنكون انجاز من انجازاتها.

نهض غير مبالياً بصدمتها البادية على ملامحها ، وتحرك حيث يجلس الجميع وقال:

_ انتظر ردك.

قالت،بنبرة طفولية مغتاظة:

_ أيها المتعجرف طلبك مرفوض.

ابتسم بثقة زائدة وقال دون أن يلتفت نحوها:

_تركت لكِ هدية بحوزة أفيندار ،لا تتخذين قراركِ قبل أن تصلك هديتي،انتظر ردكِ يا "رورو".

رحل ،تاركاً "رهف" تتخبط بمشاعرها بسبب ما قاله ،ولأنها لا تستطيع التحرك سوى بعد أخذ مشورة ابنه عمها "يسر" قررت التحايل على والدتها وأخبرتها أنها في صدد اعطاء الموافقة المبدئية على الزواج من "حمزة"،لكنها تحتاج الاختلاء بنفسها قليلا ،وعلى ذلك وافقت والدتها على خروجها بهذا الوقت المتأخر من الليل.

_"رهف"هل جننتِ؟عن أي هدية تتحدثين؟

_هذا المجنون أخبرني أنه أرسل لي هدية مع أفيندار، وطلب مني أن لا أبدي رأي في الزواج منه إلا بعد حصولي على الهدية.

تطلعت بها "يسر"فاغرة فاهٍ،وقالت:

_ما علاقة هذا "الحمزة" بأفيندار؟

ازدردت "رهف"ريقها بصعوبة بالغة وبدت كمن تلتقط أنفاسها بصعوبة بعد أن انتهت من الركض مسافة طويلة وقالت:

_ اتضح أنه من أسرة أفيندار مثلنا تماماً،ترى كيف علم أني من ضمن متابعيها،الأهم كيف علم بلقب"رورو" ؟

جلست "يسر القرفصاء على الفراش ثم قالت وهي تلوي ثغرها وبسمة ماكرة تعلوه:

_من الواضح أن هذا اللئيم سيشغل تفكيرنا لفترة .

"يسر" ليست تلك الفتاة التي تمرر أي أمر أو موقف يحدث أمام عينيها، أو تمر به دون أن تفكر به ملياً وبعقلانية،هدوءها دوماً ما يدلها على الطريق الصواب،فنحن لا نتخذ قراراتنا الصحيحة إلا عندما نفكر بتروي، وأكثر قراراتنا خطأَ تلك التي اتخذناها في لحظة غضب.

قالت "يسر" وهي تلتقط الهاتف وتستريح بجلستها على الفراش:

_هيا عزيزتي لنرى ما بجعبة أفيندار لهذه الليلة.

شاركتها "رهف"الاستلقاء بأريحية على الفراش، وقالت:

_ أتحرق شوقاً لأتعرف على بطلها لهذه الليلة،مؤكد سيحظى بدعم كبير وانتقادات لاذعة من البعض.

زفرت "يسر"بضجر وقالت:

_ أمثالك من يكيلون الانتقادات لأبطال أفيندار ،أما أنا أحثهم على المضي قدماً،لن أقتل إرادة من يحاول التعافي.

_كفي عن العيش بمثالية وهيا نلحق برفقائنا،أوشكت أمسية أفيندار على الانتهاء.

************

**أفيندار**

بطلتنا لهذه الليلة ،تلك الفراشة التي خاصمها الحظ وسرق منها ما قضت حياتها ترجوه،وبعد أن كانت حبيبة وعاشقة ومدللة تمتلك الدنيا بين راحتي يديها،راحت تدافع عن عشقها وحقها بالحياة بين أروقة المحاكم ،وخرجت منها بخسارة فادحة ،وانكسرت ،حتى أنها لم تحاول النهوض من أسفل انقاضها للآن،لم يكن هذا مصيرها بمفردها وإنما مصير عائلة بأكملها ،بكت، انتحبت،عاتبت القدر،لكن نحمد الله هي من بين أسرتنا "أفيندار"و واجبنا أن نشد عضدها،ونسافر بها إلى بحور السعادة ونلقيها في أعماقها،لتحيى بسعادة رفقة أمير البحار، ونعود لنكمل مسيرتنا،ولأن القدر لا يأخذ دائماً، وعندما قرر أن يعطيها أعطاها بسخاء ،والقدر أرسل لعزيزتي المتمردة ما تستحقه هذه الليلة،عاشقتي الجميلة حتى و إن كللت أحلامكِ بالفشل لا ترضخين ،هناك من يستحقون التبسم في وجوههم، وإعطائهم فرصة ،ليكونوا جزءً من حياتنا،لقد دق العشق بابكِ،وهناك من أرسل من أجلكِ هدية ستأخذينها أم ستردينني بعد أن ظننتك تضعين نصيحتي بعين الاعتبار ، مؤكد تتساءلين عن تلك الهدية ،هديتي هي أيدي محبة ممدودة لكِ،إياك أن ترديها وإلا خسرتِ خسارة لن تعوض، تبسمي بوجه المحب،اعطي للحياة فرصة كي تصالحكِ،تذكري رب ضرة نافعة، هذه هي نصيحتي لكِ وسننتظر آراء ودعم باقي أعضاء أسرتنا.


هذا ماقرأته يسر" على مسامع "رهف" التي التفتت نحو ابنة عمها وتطلعت بها بعدم تصديق وقالت:

_هذا المجنون يعرف حكاياتي كاملة ،من الواضح أنه عاصر تلك الفضيحة.

وضعت "يسر"الهاتف على الفراش بهدوء ثم غافلتها دمعة كانت تنتظر تلك الغصة التي شعرت بها في حلقها عندما نبشت أفيندار بالماضي ، حتى تعرف مجراها وسقطت على وجنتها،ابتلعت ريقها وقالت وهي تحتضن وجه "رهف"بين كفيها:

_مهما كانت آراء المتابعين هناك رأي واحد هو الصواب.

_ما هو؟

_إجابتك ستكون نعم.

_لا إجابتي ستكون لا،المفترض أن تكوني آخر من يطلب أمر كهذا،حقاً ردود أفعالكِ الباردة تلك باتت تغضبني.

_"رهف" بل قراراتك هي ما باتت تزعجني وتجلب لي الضيق ،وتعيدني لسنوات ،ليوم مشئوم،أقول لكِ نحن بحاجة للفرح،إن كانت إجابتكِ لا،اياك أن تأتي إلى هنا مرة أخرى،بابي مغلق بوجهك دوماً.

انهمرت العبرات على وجنتي رهف وقالت:

_ كيف سأعشق رجل آخر؟

_والله إن دق بابي رجل كحمزة وفعل ما فعله سأعشقه حتى يتوقف خافقي عن النبض، هيا لنرى ما خطته أفيندار بأناملها الساحرة.

التقطت "يسر"الهاتف مرة أخرى وتابعت الفتاتان فيديو لكلمات خطتها أفيندار كرسالة إلى رهف،مرفقة بموسيقي تارة هادئة للغاية تطيب جراح القلب، وتارة أخرى تأخذه لعوالم مليئة بالفرح والحب.

ربٌ ضرة نافعة

وكانت توابعها لها شافعة

رب صدفة خير من ألف ميعاد

صدفة جمعت قلبين ليتصل حبل الوداد

فأبى العشق يقف على الحياد

بين عقل قال تروي وانتظر خير ميعاد

وقلب صرخ اندفع طبول قلبي تقرع كمن تركض خلفه الجياد

والضحية

فتاة إن غابت عن الباحة أعلن المحب الحداد

صالحها القدر

وإن أرادت الحياة لسلمته الفؤاد

رب ضرة نافعة

فتحت الطريق لمشاعر يافعة

لا تتردي

حلقي كالفراشة بأفق العشق الواسعة

انضمي

للقافلة المتعافية

من مرض كنا عن علاجه أمة لاهية

هيا تجرئي تنتظرك سعاد لجروحك شافية

هيا عودي للحياة كوني قدوه له، هو وهي.

أفيندار

********

تنهدت رهف"وحدقت بـ"يسر"لوهلة ثم قالت:

_إجابتي ستكون نعم،لكن "يس" سيبقى بالقلب مهما مر الزمان .

*********************
إلي هنا ينتهي الفصل الأول من رواية أفيندار بقلم صفية الجيار
تابعوا صفحتنا على الفيس بوك للمزيد من القصص الرومانسية
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة