-->
U3F1ZWV6ZTMzNTg0ODE3NzI1X0FjdGl2YXRpb24zODA0Njk2NDgxODg=
recent
آخر القصص

رواية أفيندار بقلم صفية الجيار - الفصل الثالث والعشرون

مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة والقصص الرومانسية مع رواية اجتماعية واقعية ومثيرة جديدة للكاتبة صفية الجيار علي موقعنا قصص 26 وموعدنا اليوم مع الفصل الثالث والعشرون من رواية أفيندار بقلم صفية الجيار

رواية أفيندار بقلم صفية الجيار - الفصل الثالث والعشرون

اقرأ أيضا: روايات رومانسية

رواية أفيندار بقلم صفية الجيار

رواية أفيندار بقلم صفية الجيار - الفصل الثالث والعشرون

 كانت تجلس على حاسوبها المحمول تبحث عن وظيفة خالية بالصحف أو المجلات،ورغم تأكدها أن لا فرصة لقبولها لكنها حاولت ببسالةٍ،تذكرت وعد مراد بتوفير وظيفة لها فور طلاقهما،لكن متى صدق مراد بوعوده معها؟

سمعت جرس الباب، تعجبت من الأمر فهم من الأسر التي لا يطرق أحدهم بابهم، تأففت وهي تسير نحو الباب وقالت بتذمرٍ:

_ أتمنى أن أعلم لما لا تأخذان مفتاح المنزل معكما،بدلًا من إزعاجي من وقتٍ لأخر؟

قبضت على مقبض الباب بعنفٍ، ثم أدارته قائلة:

_ من بعد الآن خذا المفتاح معكما،لست بمزاج أن أنهض لأفتح ل.........

ابتلعت باقي جملتها،عندما لمحته بابتسامته السمجة يقف أمامها بتفاخرٍ،وكأن لا شيءٍ حدث، وكأنه لم يهرب سارقًا سعادتها وأموال والدها، ومعه أحلام طفولتها وشبابها، دب الخوف بقلبها، وبدأت أهدابها بالتسابق فمازالت لا تقوى على النظر إليه، لم تتخلص من ضعفها أمام عينيها بعد،حدقت به مشدوهة فقال وهو يتقدم نحوها:

_سو مازلتِ تتذمرين عندما يقطع أحدهم خلوتكِ،ترى بماذا كنتِ منشغلة؟


أبى لسانها مطاوعتها، والتصقت شفتيها ببعضها البعض، فقط تحدق به بعيونٍ زائغةٍ، فتابع يقتحم باب الشقة :

_ ألن تدعوني ابنة عمي وزوجتي للدخول!

مناداته لها بزوجتي، كما الصفعة التي هبطت على وجنتها لتجعلها تستفيق من حالة التيه التي كانت تمر بها، تصلب جسدها بمواجهته؛ لتكون حاجزًا أمام اقتحامه الغير مقبول للشقة؛ تبدلت نظراتها لأخرى لم يستطع تفسيرها، هل كانت تيه، أم صدمة، أم فوهة بركان سيتطاير منه اللهب ليلتهمه فورًا، قال وهو يرفع حاجبيه محذرًا:

_بالتأكيد لن أبقى واقفًا أمام الجيران، ماذا إن رآنا أحدهم؟ماذا سيقولون يسر التي تطلقت من زوجها منذ عدة أيام تقف تتبادل الحب مع الأغراب؟

فك لجام لسانها عندما صاحت به:

_عن أي حب تتحدث أيها السارق الحقير، هيا اذهب من هنا،لا أريد رؤيتكَ مرة أخرى، أغرب عن وجهي، قبل أن يراك خالي،أو تقتلك أمي.

وعلى حين غفلة منها دفع جسدها بعنفٍ إلى الداخل، وقام بصفع الباب بقدمه بحدةٍ،ثم هدر بها:

_لن تفعل سمية الدالي شيئًا أسوء مما فعلت، لذا لم أعد أخشاها.

_وأنا أيضًا لا أخشاها، وإنما أخشى أن تراني معكَ، كما تعلم صحبتكَ ليست شيئًا مشرفًا.

قلص المسافة بينهما فتراجعت إلى الخلف، فاستمر بالتقدم قائلًا:

_ لما تهربين هل خوفًا من ضعفكِ تجاهي، أم تحاولين إخفاء حبكِ وشوقكِ لي، أليست هذه هي مخاوفكِ؟

أدركت فورًا أنه يحاول إخبارها أن حديثها مع رهف وصل إليه بالحرفِ، فتطلعت به باشمئزازٍ قائلةٍ:

_هذا كان سابقًا، قبل أن تهين عرض وشرف ابنة عمكَ التي كانت بيومٍ ما زوجتكَ، وتقوم بإرسال لحظات كانت تعني لها الكثير بيومٍ إلى زوجها، أنا الآن أبغضك وأحتقر نفسي عندما أفكر بما كنت أكنه لكَ يومًا،ارحل يا كرم وإلا أقسم لكَ سأستدعي الشرطة.

انقض عليها كالذئب، وقبض على كتفيها قائلًا:

_الفضل لكِ فيما فعلت، كيف لكِ أن تتزوجي غيري!الخطأ خطأكِ، استغليت غيابي وتزوجتِ لم أجد طريقة أخرى لاستردادكِ سوى أن أخبره كم كنا محبين وسعداء، وإن كان على الشرطة بالتأكيد ستدخل عندما أقدم شكوى بحق هذا السارق، الحقير رفض إعادة خاتم جدي.

اعتلت الصدمة صفحة وجهها ثم دفعته بعيدًا عنها و قالت:

_تركتني في أكثر أوقاتي احتياجًا لكِ وتأتي الآن بهذا الهراء،تبًا لكَ !

_نعم لكن الحق عليّ كان لابد أن أعود عندما تأكدت من اقترابه منكِ.

ابتسمت بمرارةٍ قائلة:

_فضلت الهرب واستخدمت أقذر أساليبك، التشنيع بابنة عمكَ في صفحات الجرائد.

حدق بها مصعوقًا ثم تمتم قائلًا:

_أن لا لم أفعل شيئًا،على العكس سعيت جاهدًا ألا يتضخم الأمر أكثر.

كانت تجاهد، غاضبة منه للحد الذي يجعلها تقتله، وقلبها يصرخ شوقًا له، بينما عقلها يذكرها بالخذلان الذي أصابها على يده، هدرت به بمرارةٍ

_أغرب عن وجهي لست سوى سارق حقير، جئت لتسترد خاتم جدكَ، لكن أقسم لكَ إن لم تكفوا عن ايذائنا، سيعانق القمر النجمة ويستقرا بقاعِ نهر النيل، لنرى حينها كيف ستشبع طمعكَ أنتَ و منار؟.

انقض عليها وراح يهز جسدها بعنفٍ قائلٍ:

_أقتلكِ حينها، أنتِ وإرث جدي ملكًا لي سأستردكما مهما حدث.

بدا عليها الارتباك من قربه وبدأت تحاول التملص من بين يديه لكنه استغل ضعف جسدها بين يديه؛ فانحنى يحاول التقرب منه وتقبيلها لكنها صرخت وحاولت الهرب منه، قيد ذراعيها وألقى بها على الأريكة واعتلى جسدها وقد فقد السيطرة على أفعاله، وأصبح حيوان بجسد إنسان، حاولت الفرار منه، فخانتها قواها وبعد محاولات مستميتة، نجحت بتحرير جسدها من بين يديه، فنهضت تركض نحو الباب قاصدة طلب المساعدة من الجيران، لكن لم يحالفها الحظ وقبض على خصلات شعرها فصرخت صرخة مدوية وهو يجذبها نحوه ليرتطم ظهرها بصدره وراحت أنفاسه القذرة تلفح عنقها على إثر اقترابه منها، طوق جسدها بذراعيه، قال بفحيحٍ :

_سو إلى أين؟ كنتِ لي سابقًا و ستبقين هكذا طالما هذا القلب ينبض.

صرخت وهي تحرك رأسها يمينًا ويسارًا:

_لا لم أكن لكَ بيومٍ، لقد استغليت حبي ولن أصبح، مراد امتلك هذا الجسد وانتهى الأمر.

أدارها إليه ثم هدر وعينيه تطلقان النيران:

_أقسم إن كنتِ فعلتيها سأقتلكِ،ِ سأقتلكِ يا يسر.

انهال عليها بالضرب مستغلًا قوته وضعفها، وصدمتها من هجومه الضاري عليها، شعر فجأة بأيدي أحدهم تقبض على ذراعيه وترفعه من فوقها، لتخلصها من براثنه.

***

قبل ساعتين، بشركة ""mmh بالتحديد فور مغادرة كرم لغرفة مكتب مراد ، لقد حدثت بينهما مواجهة انتهت بطرده من الشركة على أيدي رجال الأمن، بعد أن تهجم على مراد عندما رفض إعادة الخاتم له، فكر قليلًا بحالته ودرس خطورة اندفاعه، وتفوهه بالهراء عندما قال له أنه سيعيد الخاتم إلى صاحبته فأجابه"بل صاحبته من ستأخذه منك واليوم"،هب واقفًا فور إدراكه لما يقصده، وراح يدعو ربه ألا يحدث ما يفكر به، خاصة أنه يعلم أن والدتها وكرم ذهبا في زيارة إلى نجيب، فركض لاعنًا حظه متوجهًا إلى شقة طاهر الدالي، لينقذ حبيبته من خطر محتم.

***

تكالب عليه كل من مراد وكرم اللذين تقابلا صدفة أسفل البناية،وقاما بإبعاده عنها بينما احتضنتها والدتها وهي تنهض بها من على الأريكة، قام مراد بلكمه عدة لكمات وهجم عليه مستخدما يديه وقدميه في ضربه، بينما حاول كرم التملص من أيدي عمه التي تحيط به لتقييده، وحين شعرت سمية أنه سيلفظ أنفاسه الأخيرة بين يديهما صرخت بهما:

_يكفي إلى هذا الحد.

قال شقيقها بدون تفكير:

_بالفعل يكفي إلى هذا الحد سأستدعي الشرطة.

وهنا هبت يسر واقفة مرة أخرى:

_ شرطة لا،هو سيذهب،هيا يا كرم اذهب يكفي إلى هذا الحد.

قال مراد:

_هل ستتركينه يذهب بعدما فعل بكِ.

راحت تهذي وهي تهز رأسها برفضٍ لما يقول:

_ لم يفعل شيء لم يفعل شيء.

قبض على تلابيبه مرة أخرى وقال:

_ لكن كان سيفعل، وطالما لن تتدخل الشرطة لأقم أن بما يتوجب عليّ.

دفعه كرم نجيب قائلًا:

_ بأي صفة ها بأي صفة؟ لم تعد زوجها.

قالت سمية صارخة به، ونظراتها تلعنه آلاف اللعنات:

_أغرب عن وجهي، أغرب قبل أن تحدث جريمة قتل هنا.

نهرها شقيقها:

_لن يذهب طالما يسر هنا لن يفعل، سنطلب الشرطة ونتخلص منه.

تخلص كرم من قبضة مراد وأخيرًا ثم قال:

_وماذا ستقولون لهم، جئنا ووجدناها بين أحضان ابن عمها وزوجها المستقبلي.

لفظ جملته الأخيرة وهو ينظر إلى مراد بتحدٍ، هنا ولم يتحمل الأخير أكثر وراح يكيل له اللكمات لتنساب الدماء من أنفه وشفتيه وهو يهدر:

_عن أي زوج تتحدث يا حقير، سأقتلك لنتخلص من بلاءك.

قال كرم نجيب:

_قل لي ماذا تفعل هنا ألم تطلقها، ما شأنك بنا نحن أسرة واحدة لا نقبل تدخل الأغراب.

_ حتى وإن طلقتها لن أسمح لأحدٍ بإيذائها، ومن يكون سبب في دمعة من عينيها سأقتله، لذا ارحل قبل أن ألوث يدي بدمائكَ القذرة.

قام بدفعه إلى الخارج رفقة كرم ثم أغلقا الباب من خلفه وتوجها نحو يس التي تعانقها والدتها بينما ترتجف بضعف بين يديها، نظرت لها سمية بغضبٍ ثم صرخت موجهة حديثها لها :

_ماذا كان يفعل هنا؟

أجابتها وهي تتهرب بعينيها بعيدًا عنها:

_ جاء يفتعل المشكلات.

_ولِمَ فتحتِ الباب هل جننت يا يسر،لمَ!

قالت بانهيار:

_ لم يمهلني الوقت كنا نتحدث على الباب وفجأة تبدل حاله،لم أستطع ردعه، دخل رغمًا عني.

_وبما كنتما تتحدثان؟ إلى متى يا يسر، إلى متى ستجلبين لاسم أبيكِ العار؟.

صرخت بها بانهيار ودموع الحسرة والرفض تحرق وجنتيها، فيسر أطهر وأنقى من أن يتم اتهامها بتهمة كهذه :

_أنا! لم ولن أفعلها يومًا، الوحيدة بأبنائكِ التي حافظت على اسم عائلتها، أنا التي ضحيت بكل شيء حتى لا يتلطخ اسم أبيها بالوحل، أنا التي دفعت الثمن غاليًا ومازلت أفعل حتى أصلح أخطاء ابنتكِ.

رفعت سمية يدها لتهوي بها على وجنة يسر لتسكتها وتعاقبها عما قالت، لكن سبقها مراد وجذبها نحوه لترتطم بصدره ثم أحاطها بذراعيه وقال:

_ إلى هذا الحد وكفى.

حدق به كرم غير مصدق فقالت سمية:

_ابعد يدك عن ابنتي يا مراد، لقد طفح الكيل منها.

شدد من قبضته علي جسدها وقال:

_لا أسمح لأحدٍ برفع يده على زوجتي حتى وإن كانت أنتِ.

حدقت به يسر بعدم تصديق لكن استمرت بالتشبث بقميصه، تلتجئ له، شعرت لوهلةٍ أنه ملاذها بتلك الحرب والتي خسرت بجميع جولاتها، لكنها أبت أن ترفع الراية البيضاء ومازالت تحارب ببسالةٍ، بينما قالت سمية بغيظٍ:

_هذا كان سابقًا، قل لي كيف ستمنعني الآن.

وقامت بجذب يسر من يده فتمسك بها أكثر يحيط جسدها بتملكٍ، وهو يغرق بداخل بندقيتها وكأنه يرجوها أن تكف عن تعذيبه، وتقف بصفه لمرة واحدة وسيحميها من العالم، سيمحو كل من يحاول الاقتراب منها أو إسالة دمعة من عينيها، قال بتحدٍ:

_ هكذا لقد أعدتكِ إلى عصمتي مرة أخرى يا يسر🌹

الألم هو ذاك الحاضر الغائب، ظروف الحياة تحتم علينا لقائه، ولا يدم هذا اللقاء سوى بعض الوقت إن فكرنا بها وأدركناها ستكون سويعات من السعادة، سويعات لم ندرك قيمتها جيدًا ونحن نعيشها، لحظات كان يحدثنا بها وأعيننا تقول ما لم تعترف به أفواهنا، نندم عندما نُدرك قيمة ما أهدرناه، ونبقى نتضرع شوقًا لتسنح لنا الحياة بفرصة واحدة بجانبه، ندعو لتتعانق نظراتنا مرة أخرى.
والأسر أن تتعلق نظراتنا ومشاعرنا وأفكارنا بشخصٍ كل الطرق لا تؤدي إليه، نعم ندرك هذا لكن لا نتوقف لحظة واحدة عن التمني، تمني قربه، تمني سعادته، تمنى فرصة واحدة نكن بها سويًا، العشق هو أن نسعى ليكن سعيدًا رغم كل شيء، والحظ أن تبتسم لنا الحياة وتتقاطع طرقاتنا مرة أخرى، وما بين ألم الأسر وعشق وتمني سقط مراد ضحية يسر.
***
"إلى متى سأدخل هذا المنزل خجلة، ولا أستطيع رفع عيني ومواجهة أهلكَ، وكأني أُمسك بي بالجرم المشهود، إلى متى ستتقاطع طرقاتنا رغمًا عنا؟ لا أصدق للآن أنني وافقتكَ على هذا الجنون؟!"
هذا ما قالته يسر في محاولة منها على التفكير بصوتٍ عالٍ لعله يشاركها التفكير كما أقحمها بهذا الموقف للمرة الثانية، لكنه لم يتجاوب معها وظلت عينيه مسلطة على الطرقات تائهًا في بحر جنونه، يلعن تهوره، يفكر في رد فعلها المثير للشكوك، لقد تعرضت لنفس الموقف مرتان، معه استسلمت، ومع من تقول عنه عشق طفولتها والجميع يتغنى بعشقها له دافعت عن نفسها باستماتةٍ، تساءل هل لهذا دلالة ما أم أن غضبها من كرم جعلها ترفضه وتعاقبه؟ وحينما تغلب عليه ضعفه تجاهها دون وعي منه التفت إليها ثم أوقف محرك السيارة فجأة، فأصدر احتكاك الإطارات صوتًا دوى صداه بالأرجاء، أجفلت من حركته المباغتة وحدقت به وشفتيها وأهدابها يتسابقان من منهما ستسجل الرقم القياسي بالتحرك والارتجاف أسرع، قبض على ذراعها وبينما تحدق به طالعها برجاءٍ وقال بنبرةٍ لا تقل رجاء عن نظراته:
_ بينما رفعتِ راية الاستسلام لي منذ بداية الحرب، لِمَ دافعتِ عن نفسكِ باستماتة معه، أرجوكِ قولي كلمة واحدة لا تصبح رصاصة تستقر
بقلبي ؟!
انفرجت شفتيها وصدرت عنها شهقة مكتومة غادر الهواء على إثرها رئتيها ولم يعاود الدخول مرة أخرى، ها هو يُظهر ضعفه أمامها مرة أخرى، لقد ضحت بالغالي والنفيس حتى تقتل كل الآمال بداخله تجاهها وها هو يقول بنظراته ما رفضت شفتيه البوح به، لكنها لم تتخلى عن عنادها فقالت:
_إنه الخوف من رب العالمين، لا تخلق أسباب لا وجود لها، ما جعلني أدافع عن نفسي حينما قرر كرم تجاوز حده معي، هو خوفي من ربي أن لا أسلم جسدي لمن لا حق له، أظن أنكَ تأكدت بذلك بنفسك أم لديكَ اتهام آخر لي؟
اغرورقت عينيه بالدموع وقال وهو يدير وجهه ناحية الطريق ويعاود القيادة مرة أخرى:
_ قلتُ لكِ قولي كلمة واحدة لا تكن رصاصة بقلبي، لقد زاد رصيد طعناتك وندباتكِ بداخلي، تُرى متى سيتم العفو عني.
قالت:
_ تسأل وتحزن من الاجا.................
أشار بيده لها معلنًا انتهاء الحوار بينهما، وكأنه فقد الأمل أن تُهدأ تلك الظالمة من روعه، وتقتل الخوف الكامن بداخله.
***
فيلا نجيب الدالي
دلف كرم إلى الداخل ككتلةٍ من النيران، تحرك صوب الأعلى قاصدًا الفتك بمن كانت السبب بما حدث معه، أثناء جلوس رهف رفقة أبيها يحاول معرفة سبب ارتباكها منذ مغادرة زوجة أخيه، لقد بدى القلق ظاهرًا على صفحة وجهها، لكن راوغت ولم تكشف مخاوفها له، ليست بالجرأة الكافية لتفعل هذا، أدرك الاثنان أن كارثة ما قد حلت منذ أن دلف كرم للداخل، تلك الهالة من الطاقة السلبية التي أحاطت بهما ونظرا ته الحائرة الباحثة بالمنزل بجنون جعلتهما ينهضان ويلحقان به إلى الأعلى ووالده ينادي باسمه:
_كرم،كرم تعال إلى هنا ماذا هناك؟
صرخ:
_ابتعدا عني الآن.
وأخيرًا وصل إلى وجهته، غرفة والدته التي كانت تقف بالشرفة تحدق بالفراغ من أمامها،وقد فقدت السيطرة على عقلها وأصبحت أفكارها مشوشة، فالقوة التي استشعرتها بنبرة صوت سمية ونظراتها دبت الخوف بقلبها، راحت تراجع حساباتها لتأخذ الحيطة حتى لا تسقط صريعة ميراث عائلة الدالي قبل أن تحصل عليه،هدر كرم فجأة وهو يقف من خلفها وعينيه ترسل لها النظرات الحانقة:
_ تقفين هنا تتابعين الشمس الساطعة، بينما تحولت حياتي بسببكِ إلى غيوم وأمطار وأعاصير!
التفتت بفزعٍ قائلةٍ:
_ كرم ماذا هناك؟
تحرك صوبها باندفاع وقال:
_ ماذا هناك!هناك ابن فقد حياته بسبب أمه، هناك أم قتلت ابنها من أجل خاتمين، لقد تركت يسر مع عدوي ورحلت، لقد خسرتها للمرة الثانية، حذرتكِ كثيرًا حربك مع سمية الدالي سأكون الخاسر الوحيد بنهايتها لكن لا أذن تسمع ولا قلب يحن.
_وما ذنبي أنا هل جننت؟
قال والده وهو يجذبه من ذراعه ليلتفت له:
_ حدثني أنا يا ابن عائلة الدالي، هل صحيح أنك تدخلت بين ابنة عمك وزوجها؟
صرخ كالطفل الذي يدافع عن دميته التي يأخذونها منه عنوة، وعينيه تترقرق بالعبرات:
_ليس زوجها لم يعد كذلك، سأستردها، تركتها منذ سنوات لأنني أعلم أنها لي، لكن الذنب ذنبي، من فعلت المستحيل لحمايتها، دفعت يسر للزواج من مراد عزام، تُرى ماذا اقترفت لتعاقبني أمي هكذا؟
التفت ناحية والدته وتابع:
_ حذرتكِ من محاربتها بالصحافة انظري إلى نتيجة أفعالكِ، حقدكِ على سمية، وطمعكِ بما بيدها جعلني أخسر طفلتي.
تبع حديثه صفعة فجائية منها على وجنته فصرخت رهف بينما هدر نجيب:
_منار هل جننتِ؟
قالت:
_لم أجن، بل ابنكَ من فعل، لذا توجب علي اعادته لرشده والآن لا أريد كلمة واحدة بهذا الموضوع.
_بأي حق تنهي الحديث، لم أحصل على اجابة لأسئلتي بعد؟عن ماذا يتحدث ابنكِ؟أي اتفاقات تمت ولم يكن لنا علم بها؟
قالت:
_إنه يهذي لا تلتفت له.
قالت رهف باندفاع غير محسوم عواقبه:
_ لا يهذي هناك عدة أمور مبهمة يتوجب عليكما توضيحها،ماذا كانت تقصد ماما سمية بحديثها، ماذا فعلتما سابقًا ولم تستطع اثباته وستفعل الآن؟
قالت منار بينما يتابع كرم الحديث بخوفٍ بالغٍ:
_وهل هذا يحتاج إجابة، بالطبع تقصد أزمة أخيكِ مع عمه والأموال التي أخذها منهم.
التفتت ناحية كرم وسألته بينما ترفع حاجبيها محذرة إياه، أن تهوره لن يكن بصالحه:
_ أليس كذلك يكرم؟
سؤالها هذا كان تذكرة له ألا ينبش بالماضي فستكون خسارته فادحة إن فُتحت الدفاتر المغلقة، لذا طأطأ رأسه وهو يقول:
_لم تستطع سمية نسيان أمر الأموال، لكنها كانت حقي ماذا أفعل هل أتركها للبنوك تصادرها؟ بالطبع كنت سأسافر بها، لننهي هذا لحديث، وهيا ليعد كل منا إلى كهفه، منذ متى ونحن نجتمع هكذا، ونتحدث كعائلةٍ!
كان سيرحل هاربًا من المواجهة لكن جذبه والده وحدج به ثم قال:
_ لم ينتهي الحديث بعد لم اقتنع بما قلت وسأبحث عن الحقيقة لا تقلق لكن أخبرني، ماذا عن الصور التي وصلت إلى هاتف مراد، هل فعلت هذا بابنة عمك؟
_إنها حرب يا أبي وكل شيء مباح بها، يسر لي وأنا أقف على أرض صلبة قلبها معي، وسأفعل كل شيء لتعد لي مهما كلفني الأمر، نهاية حبي هذه ستكون دماء أو حب وكلاهما اللون الأحمر طغي عليهما؛ لذا لا تقفوا بطريقي سيأتي يوم وأدخل هذا المنزل ممسكًا بيدها، هذا وعدي لكم.
**
ممسكًا بيدها، يسير بها إلى بهو منزله وكأن القدر أراد أن يعد كرم ويفي مراد بالوعد، هو العائد بالكنز الثمين، هو العائد لأهل بيته بقوت السعادة، وتأشيرة الوجود، عينيه تجول بالأرجاء تبحث عمن يقابله، ليصرخ"ها هي معي مرة أخرى تعود لبيتي، لاسمي من جديد، ها أنا استغليت ضعفها واستقويت بها، وظفرت بها"
أما هي تتقدم خطوة وتتراجع عشرة، تتلفت كالسارقة تعلم جيدًا أنها تخطو نحو حياة لا حق لها بها، فقدت هذا الحق عندما قررت قطع أول وآخر خيط للوصال، تضغط على يده بشدة ليس لتمسكها بقربه، وإنما خوفًا من كل شيء وأي شخص سواه، تلتجئ له كعادتها كما تفعل دومًا،منذ تعارفهما يجرحونها ويداويها، يطعنوها وينتزع السكين، تهرب له يفتح لها أحضانه، تقف على أعتاب قلبه لا هي تدخله ولا تتركه صريع الموت وترحل،أليس هذا اختيار للقرب، أليس هذا بداية عصر جديد"عصر الاحتماء بداخل أضلعه"؟!
شعر بخوفها، برجفة يدها فشدد من قبضة يده وقال:
_قفي شامخة مبتسمة رغم كل شيء، وكأن لا شيء حدث، كنا على خلاف وها نحن معًا من جديد، عاشقان يا يسر، عاشقان.
أفرجت عن مخاوفها وقالت:
_ لا أستطيع المواجهة.
فقال:
_مريم ستفرح كثيرًا بكِ، لتتعانقا..
طأطأ رأسه وتابع معترفًا بجريمته:
_لتتعانقا، لتطيب جراحكما، أكثر من يفهم ما تمر به مريم هو أنتِ، كما أن ليان تحتاجكِ كثيرًا صراخ مريم بتلك اليلة يؤثر عليها.
تألمت، تملك منها الخجل واكتست صفحة وجهها بالحمرة، لحديثه المبهم عما حدث بينهما، جزء بها غضب هذا الجزء الذي تحاول اسكاته، غضب لاعترافه أن وجودها مهم من أجل شقيقته وابنتها، وليس من أجله هو، أليست هي من اختارت، ألم تحارب حتى لا ينقض عهدهما الأول،ألم تضحي بالغالي والثمين من أجل أن تقتل الأمل بداخله، يسر تشبه من يحاول النجاة لكنه يتمنى الغرق، ترى ما هي خطوتها القادمة هلى ستتمسك بطوق النجاة من غزو مشاعر مراد، أم ستغرق وترفع رايات الاستسلام.
قالت وعينيها تحمل الكثير من العتاب:
_ مجددًا زواج مشروط، قمت بحمايتي من براثن الشيطان، واتهامات أمي، وأنا سأبقى بجانب شقيقتكِ أدفع ثمن ما تقدمه لي.
جذبها بحدةٍ ليرتطم جسدها بصدره بينما أدار ذراعها لخلف ظهرها؛ مما جعل المسافة بين جسديهما معدومة؛ فحدقت به بذهولٍ وراحت أهدابها تتراقص، لا تصدق جرأته، قال وأنفاسه ترتطم بوجهها كعاصفة من الرياح الدافئة التي هبت فجأة لتصيبها بالتيه:
_لا هذه المرة دون شروط، أنتِ هنا بصفتكِ زوجة مراد عزام بنظري أنا والشرع والقانون والناس، فقط ننتظر اعترافكِ بهذا.
حاولت التملص من بين يديه، لكن هذه المرة مختلفة لقد قرر وانتهى الأمر، حاوط خصرها بيده الأخرى، وكانت حركته الفجائية تلك، فتيل الحرب التي أشعلها مراد بجرأته، فقالت:
_مراد ابتعد،لا تنسى كان بيننا اتفاق.
قلص المسافة بين وجهيهما وقال وهو يميل نحوها:
_ هذه المرة لم نتفق، قلت تعالي فأتيتِ لم أضع شروط فبالتالي ليس بيننا اتفاق.
_جئت لأنني اتفقت معكَ منذ البداية.
_كل وعودي واتفاقاتي معكِ لاغية.
نظرت له بتحدٍ وقوةٍ لا وجود لهما بالأساس، بل تتظاهر بهما حتى لا تظهر أمامه خاسرة قبل أن تبدأ الحرب وقالت:
_مراد كل شيء بكَ رائع، إلا أنكِ تنقض العهود،هذه الصفة تجعلني أنفر منكَ دومًا.
دفعها لأقرب حائط بالقرب منهما ومازال يعانقها ثم قال:
_في حربي معكِ كل شيء مباح، افعلي ما بوسعكِ ودافعي عن نفسكِ لن ألومكِ،وأنتِ لا تلومينني، وحتى لو حدث لن أتوقف، إما أكون الفائز أو تفعلين أنتِ.
عقدت ما بين حاجبيها، فخيل له أنها تتألم، كان سيتفقد بيده ظهرها لكن توقف عندما سمع صوت تلك القطة وهي تقول:
_ملااد لوسا{مراد عروسة}
انتفضت يسر من بين يديه وطاوعها عندما اكتشف وجود والدته بجانبهما تحمل الصغيرة بين ذراعيها، تراجعت خطوة وكأنها تحتمي به من والدته لكنه أمسك يدها وقال متحليًا بابتسامةٍ عذبةٍ:
_ نعم يا قطتي إنها العروسة، جاءت لتنير منزلنا مرة أخرى ولنعلمكِ كيف تلفظين اسمها الحقيقي يسر.
_نفهم من ذلك أن ابنة الدالي بيننا مرة خرى؟
قالت شروق فأكد مراد حديثها عندما قال:
_لم تعد كذلك إنها زوجتي، زوجة عزام، أنسيتِ في غيابها كنتِ تتساءلين زوجتكَ أين، ها أنا جئت بها ألن تقولي لنا مرحبًا؟
اختار كلماته بعناية فأجبرها أن تتخلى عن مهاجمتها وقالت:
_بالطبع مرحبًا بكِ يا بُنيتي.
قررت يسر مد أيدي السلام أولًا والتوجه إليها، لكن أوقفتها جملة مراد المباغتة لها حينما همس بأذنها بمشاكسةٍ:
_ مرحبًا بكِ بيننا، لكن تذكري في كلتا الحالتين أن الفائز...
**
*********************
إلي هنا ينتهي الفصل الثالث والعشرون من رواية أفيندار بقلم صفية الجيار
تابعوا صفحتنا على الفيس بوك للمزيد من القصص الرومانسية
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة