-->
U3F1ZWV6ZTMzNTg0ODE3NzI1X0FjdGl2YXRpb24zODA0Njk2NDgxODg=
recent
آخر القصص

رواية أفيندار بقلم صفية الجيار - الفصل السابع

مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة والقصص الرومانسية مع رواية اجتماعية واقعية ومثيرة جديدة للكاتبة صفية الجيار علي موقعنا قصص 26 وموعدنا اليوم مع الفصل السابع من رواية أفيندار بقلم صفية الجيار

رواية أفيندار بقلم صفية الجيار - الفصل السابع

اقرأ أيضا: روايات رومانسية

رواية أفيندار بقلم صفية الجيار

رواية أفيندار بقلم صفية الجيار - الفصل السابع

 توجه "مراد"إلى شركته الخاصة عندما هاتفه "حمزة" وطلب منه الحضور إلى الشركة على وجه السرعة،لمناقشة أمر هام، ورفض أن يفصح عنه ،حاول "حمزة" أثناء حديثه اخفاء غضبه وامتعاضه مما نُشر بالجريدة ؛ لأنه أراد لمراد أن يعلم بهذا الخبر اللعين وهو بصحبته حتى يستطيع كبح غضبه والسيطرة عليه، فـ"مراد"على قدر طباعه الهادئة إلا أن عاصفته ما إن هبت لا يستطيع أحد تهدئتها أو السيطرة عليها،دون أن تحدث خسائر توابعها وخيمة.

****

أثناء قيادته للسيارة بهدوء وتروي،سبح في خياله وعاد يسترجع أحداث مرت منذ وقت ،فهذه هي طبيعته كل شيء يقوم به بعقلانية،وصبر،حتى أنه يعشق قيادة السيارة بسرعة معتدلة، ويبتعد عن المخاطرة في السرعة،فقط يستمع إلى أغانيه المفضلة عبر المذياع ويرددها،حبذا لو قاد السيارة ليلًا في شوارع قاهرة المعز الخالية من زحمة السير،واستمتع بالطرقات الفارغة التي تعج نهارًا بالسيارات ،تجسد في مخيلته موقف حدث فيما مضى؛ فراح يردد كلمات الأغنية التي تعرض في المذياع وابتسامة عريضة تزين محياه،ولن أستطيع انكار تلك اللمعة التي اكتست بها عينه وهو يقول.

{من غير ما أحكيلك عن بكرة،ولا أجيبلك سيرة الماضي،أنا عمري ما عشت إلا في قربك،و اسألي في عنيكي على ميلادي..... من قبل ما أقابلك على فكرة من قبل ما أشوفك وحشاني أنا كنت بحبك من الأول وقابلتك حبيتك تاني}

تنهد براحة وابتسم بسعادة متمنيًا من الله أن يرزقه السعادة وراحة البال،وأن ترسو سفينته عى شاطئ جزيرة ذات العين العسلية.

***

دلف إلى مكتب في وقار، و لم يكن يعلم أن في انتظاره خبر كالصاعقة التي ستحط على حياته وسيحدث على إثرها الكثير، ولن يعود شيء كما مضى بعد الدقائق القادمة ،انتفض "حمزة" من جلسته،ونهض مسرعًا وهو يتوجه نحوه يطالعه بريبة،تعجب "مراد" من هيئة صديقه فقال:

_ما بك يا رجل ،وكأن شبح يقترب منك لينقض على روحك،لما تنظر لي بوجل هكذا!

_هذا الشبح انقض عللى تلك المسكينة، مؤكد ستخسر روحها أو آخر شيء حاولت الحفاظ عليه إلى الآن.

تطلع نحوه بقلق؛ فحالة "حمزة"كانت توحي بأن كارثة حقيقية قد وقعت ،فقال:

_"حمزة"لا تجعلني أصاب بالجنون، ماذا حدث ؟هيئتك توحي بأن هناك أمر غاية الخطورة قد حدث،عن من تتحدث.

مد يده له بالجريدة القابعة بين يده، وقال:

_ لقد هدموا آخر عمود في حياة تلك المسكينة "يسر".

التقط "مراد" الجريدة بفزع ما إن سمع اسمها ،وبدأت عيناه تجول بين كلمات الخبر، فسلط نظراته على جملة كانت الفتيل الذي بسببه اندلعت نيران لن تنطفئ مطلقًا،تجهم وجهه وبدى كقطعة من النار تشتعل أكثر وأكثر ، وجحظت عينيه وقرأها بانفعال صارخ وقال :

_التقطت "يسر"الدالي الابنة الوحيدة لـ"طاهر الدالي" رفقة رجل أعمال عائد من الخارج بعدة أماكن ،ترى هل يكون"مراد عزام" منقذ الشقيق الأصغر للأخوين "الدالي"من الأزمة المالية التي عصفت به بعد فضيحة نجله!

ألقى الصحيفة من يده وقال وقد استشاط غضبًا:

_ اللعنة عليهم، كيف يفعلون هذا! كانت تتخوف من الظهور على العلن معنا خوفًا على سمعتها،لقد حدث ما كانت تخشاه، سأدمرهم جميعًا.

ألقى الصحيفة بعيدًا ،ثم اندفع متوجهًا إلى الخارج،قبض حمزة" على ذراعه وجذبه حتى يمنعه من المرور من باب الغرفة وقال:

"مراد"إلى أين؟

_إلى صاحب هذه الجريدة سأقتله، ومن ثم أذهب لتلك المسكينة لأعتذر لها عما اقترفه هؤلاء الحمقى بها.

_انتظر لا يوجد داع لهذا التهور،لابد أن نتحرك بعقلانية أكثر،حياة تلك المسكينة لا تحتمل فضيحة كتلك، لذلك لنتحدث ونقرر ماذا سنفعل ،الهجوم والقتل لن ينفعها بشيء ،لابد أن نجد مبرر لتلك الصور.

صوبت أنظار "مراد"نحو الصحيفة الملقاة على الطاولة وقال:

_ أي مبرر لجلوسنا هكذا أمام المارة!

_ هذا هو المبرر، إن كانت هناك علاقة تحاولان إخفائها لما تجلسان على العلن؟

_أنتَ لا تفهم، الخبر لا يصف علاقتنا بعلاقة بين عاشقين و نحاول إخفائها،ولكن يصف "يسر"تستغل رجل الأعمال العائد من الخارج حتى تنقذ وضع عائلتها المادي،الذي تدهور على إثر فضيحة عائلتها التي حدثت منذ سنوات،وكأنهم تعمدوا ذكر تلك الفضيحة لنبش جراح الماضي.

احتل القلق صفحة وجه "حمزة"،فالأمر أكثر خطورة مما توقع ، وقال:

_ليكن المهم أن النتيجة واحدة ،لابد وأن يكون هناك مبرر قوي لتواجدكم معًا،في أكثر من مكان كما ذُكر،وهذا المبرر بين أيدينا،وهو مرض "رهف"،تقرير المشفى التي مكثت بها أثناء مرضها سينهي كل هذا الجدل،بالاضافة إلى الحملة الدعائية التي كانت تقوم بها "يسر"لشركتنا.

مرر"مراد"يده على وجهه بغضب ثم قال:

_هذا ما سأفعله ومن ثم سأهدم تلك الصحف فوق رؤوسهم،لأعلم من له يد فيما يحدث ليسر وعائلتها.

في مشفى خاص

جلست"سمية"تناجي ربها وهي لا تدخر دمعاتها، فقد ذرفتهم وبغزارة وهي تنتحب ابن عمها ورفيق دربها الذي يصارع الموت بداخل غرفة العمليات، ففور قراءته لهذا الخبر اللعين،ارتفع ضغطه مما تسبب بجلطة أخرى أصابت القلب فالمرة الماضية كانت الاصابة بالمخ ، ويبقى على إثرها أسيرًا لكرسي متحرك.

التفتت إلى الجهة اليسرى،نحو ابنتها التي كانت تجلس بجانبها وترفع قدميها على الكرسي وهي تثني ركبتيها وتستند بذقنها عليهما،لم تكن تبكي،كما حال والدتها، لقد جفت الدموع بعينيها أما قلبها فقد ذرف دماءً بدلًا من الدموع خوفًا على أبيها، فهو آخر من تبقى لها بالحياة بعد موت شقيقها الوحيد،شعرت بالذنب حياله،ففي كل مرة يستخدمونها في تدميره،ويبدو أنهم نجحوا هذه المرة فقد غادر الطبيب غرفة العمليات مكفهر الملامح، والحزن والغضب جليان على ملامحه،وعندما تطلع بيسر لم يستطع إخفاء حزنه على صديق عمره،فهو على وشك اخبارها أنها محتمل أن تفقد والدها بين الفينة والأخرى،لكن رمقته بنظرة ترجوه من خلالها ألا يسرق منها أملها في نجاته،وأن يعيد للطفلة التي بداخلها أبيها،فقد بدت كمن تتوسل له حتى يخبرها أنه بخير وسيعود لها ولن يتركها بين براثن شيطان خفي يسعى لتدميرها، فوقف أمامهما وحاول رسم ابتسامة كاذبة على محياه وقال:

_اطمئني يا بنيتي والدك رجل قوي محب للحياة ،سيهزم المرض هذه المرة أيضًا.

هبت "سمية"واقفة وحدقتيها كانت تجول بملامحه وعثرت على الاجابة التي حاول اخفائها،فقالت:

_ سيدي الطبيب من فضلك ما هي حالته الآن؟

_ حالته عبارة عن جلطة أصابت القلب....

لم يتم حديثه فقد قاطعته شهقة "سمية"وحدقت به وهي تكمم فمها بيدها،بينما تسمرت يسر بمكانها وشلال دموعها علم مجراه،فاستطرد قائلًا:

_ لما كل هذا الخوف،الأمور تحت السيطرة وهو قوي وسينهض بخير إن شاء الله.

التفت نحو "يسر" وقال :

_صغيرتي لما كل هذا الخوف أعرفكِ قوية،تخطينا صعاب أقوى، إن شاء الله تمر الأربع وعشرون ساعة القادمة على خير وبعدها أستطيع أن أجزم لكِ،أن تلك الدعوة التي رأيتها بعينيكِ ولم تنطقيها ستتحقق.

غادر الطبيب فالتفتت "سمية"إلى ابنتها وقالت:

_ ليتكِ سمعتِ كلامي، لقد حذرتكِ يا يسر حذرتكِ.

نهضت بانفعال وبدت في حالة انهيار،ودافعت عن نفسها قائلة:

_ ما ذنبي أخبريني ما ذنبي كنت أقوم بعملي، وواجبي تجاه ابنة عمي، وطرقاتنا تقاطعت بهذه الأماكن،ماما لا تحمليني أخطاء الآخرين من فضلكِ،أنا وأنتِ نعلم من قام بهذا الأمر.


فيلا"نجيب الدالي"

_ماما من فضلكِ افتحي هذا الباب .

_هل جننتِ يا"رهف"! كيف ترفعين صوتكِ علي، منذ متى وأنتِ تقفين بوجهي؟

_منذ أن حاولتِ منعي من زيارة عمي الذي يرقد بين الحياة والموت.

_ألا يكفي ذهاب أبيك؟ سيأتي ويطمئننا عليه،لن أترككِ لقمة سائغة لتلك الصحافة الصفراء.

تطلعت نحو أمها بتقزز ثم قالت بحنقٍ وغضبٍ:

_ ماما لا تتحدثي وكأن الصحفيين حقًا هم من فعلوا هذا بيسر.

ارتبكت "منار"وقالت مدافعة عن نفسها بعد أن فهمت ما تلمح له ابنتها:

_"رهف"هل جننتِ؟فهمت مقصدكِ بالطبع،وأؤكد لكِ لا دخل لي بالأمر،هذه المرة.

أشاحت "رهف "بيدها وحادت بنظراتها عنها وقالت:

_لا داعي للتأكيد يا ماما، أنا أعلم كل شيء، بل سمعت كل شيء،إن كنتِ ستدعيني أذهب فافعلي، أما إن تمسكتِ برأيكِ شكرًا لكِ حينها، مرة أخرى قمتِ بتقييدي،"يسر"ستتفهم الوضع جيدًا،فما بيننا نتخطاه حتى لو كان جبالًا.

على مدار يومين رفضت "منار"ذهاب ابنتها لزيارة عمها على الرغم من تواجد "نجيب"المستمر بالمشفى،حاول مرارًا التكفل بالتكاليف لكن سمية أبت وبشدة،وتظاهرت بالقوة رغم أن حالتهم المادية لا تسمح بسداد مصاريف المشفى،وحالتها النفسية لم تسمح بالتبسم بوجه ابنتها التي اعتكفت على المكوث أمام غرفة الرعاية المشددة،منتظرة الخبر الجيد، الذي لم يأتي،أراد "مراد"الذهاب لزيارتها،لكن حمزة حذره خوفًا من التقاط الصحافة له وأنه هكذا سيؤكد ما نُشر،وعلى الرغم من تحذيرات صديقه له إلا أنه لم يستطع تركها في مهب الريح بمفردها،خاصة عندما هاتفها وترجته أن لا يتواصل معها مطلقًا،لما تسببه به تواجده بحياتها،وقبل أن تنهي المكالمة اعتذرت منه هو وزوجته وابنته على سوء الفهم الذي حدث،لم يفهم حديثها كان سيطلب منها توضيحًا لكن قبل أن يجيبها، كانت صافرة انتهاء المكالمة اعلنت أن "يسر"لا تريد التحدث معه وأغلقت الهاتف ولم تعاود فتحه مرة أخرى.

ذهب إلى المشفى ليلًا خِلسة ،وحاول التخفي جيدًا ،قام بعدة ترتيبات عن طريق علاقاته الخاصة حتى لا تلتقطه كاميرات الصحافة،لكنه لم يعي أن الثمرة العفنة بداخل سلة الفاكهة.

في غرفة خصصت لأسرة "طاهر الدالي" تمكثان بها "يسر"وأمها،إلى أن يعود إلى الحياة مرة أخرى،طرق "مراد" بحذر على باب الغرفة عدة طرقات،بعد أن علم أنها بالداخل بمفردها بعد ذهاب والدتها،كانت "يسر"تحاول النوم، فلقد أمضت ليلتان واقفة على قدميها،وعندما فقدت الأمل أن يستيقظ والدها قررت الهرب بالنوم ،لكن النوم نفسه فعل نفس الشيء معها وهرب منها،ليت الهروب هو الحل في معضلتكِ يا "يسر"،سمعت الطرق على الباب فاعتدلت بجلستها متخيلة أن الزائر هو أحد العاملين بالمشفى، وسمحت للطارق بالدخول،قبض بيده على المقبض وأداره إلى الأسفل بحذر،ففُتح الباب وقبل أن تطأ قدماه أرض الغرفة جال بنظراته بها،فسقطت على تلك المسكينة ذات الجسد الهزيل ،التي تحدق به بعينيها المتورمتان ،انتفض جسدها فور رؤيته وقالت:

_"مراد"أقصد سيد"مراد" ماذا تفعل هنا؟!

دلف إلى الداخل بحذر والتفت يتأكد هل هناك أعين متلصصة،تحاول مراقبتهما أم لا وعندما تأكد من ذلك أغلق الباب و قال وهو يتوجه ناحيتها:

_"يسر" كيف حالكِ كنت قلق جدًا بشأنكِ؟

اقتربت منه وقالت:

_بخير، بخير من فضلك اذهب ،لما جئت يكفي ما حدث.

كاد أن يعانق كتفيها بكفي يده لكنه تراجع باللحظة الأخيرة وقال بعد أن كور قبضة يده بشدة حتى ابيضت مفاصله:

_ جئت اطمئن عليكِ ،كنت قلق بشأنكِ، لما تغلقين هاتفكِ؟

اضطربت أنفاسها وقالت:

_ أرجوك اذهب من هنا لو رآك أحدهم سيتأزم الأمر أكثر .

ارتسمت ابتسامة صغيرة على محياه وقال:

_ لن يحدث شيء، غدًا صباحًا سيتم نشر اعتذار رسمي لكِ،في الجرائد التي نشرت هذا الخبر المغلوط.

_هذا الخبر ليس مغلوطًا،هو خبر مدروس ليست أول مرة أن يلتصق اسمي بأخبار مشينة كتلك،هناك من يحاول تلويث سمعتي ،كان لابد أن أخذ الحيطة،وحذرتك كثيرًا.

تألم بداخله،فهي حاولت كثيرًا الابتعاد عنه،لكن شاء القدر أن يحدث ما كانت تخشاه،لذلك لن يغامر هذه المرة،وسينصاع لرغبتها وسيذهب،فابتسم إليها مرة أخرى وقال:

_حسنًا جئت اطمئن عليكِ وأخبركِ أن كل شيء سيصبح على ما يرام،هناك اعتذار رسمي لكِ سيكتب بنفس الخط وحجم المنشور الذي نشر، وبتوضيحات صادقة حقيقية، لن تثير ريبة القراء، المهم أن تتحسن حالة والدكِ،إن احتجتِ شيئًا لا تتردي في طلبه،دمتِ بخير.

ابتلعت ما كانت ستقوله عندما التفت ليرحل،قبل أن يُمسك بهما بداخل الغرفة وهذه ستكون الطامة الكبرى.

مر يوم آخر دون جديد، سوى أن "سمية"بدأت تلين تجاه ابنتها وعلمت أن ما باليد حيلة وأن الذنب ليس ذنبها،وفي يوم الثلاثاء بالثامنة والنصف تحديدًا،مدت والدتها يدها بالهاتف وابتسمت لها، صحيح أن تلك الابتسامة كانت مكسورة حزينة، بسبب غياب الأحبة،لكنها حاولت أن تخفف عن ابنتها فقالت:

_ هيا لنقرأ ما خطته تلك الأفيندار.

حدقت بها بغير تصديق وقالت:

_ هل هذا وقته ماما!؟

_ نعم وقته، لن ننتحب،سنجلس ننتظره يعود من جديد، طاهر قوي وسيفعلها،هيا اسمعيني ما خطته أفين بصوتكِ يا حبة القلب.

فامتثلت لأمها،وبدأت تقرأ خاطرة أفيندار.

أفيندار

"لماذا كلما زاد الحب زاد الألم، والبعد والجرح ؟

لما أجمل حب يكون نهايته فراق وندم؟"

يبدو أن العلاقات أشباه الحب ستستمر معنا لفترة،فبعد الحب من طرف واحد،جاءت تلك الرسائل على هيئة أسئلة تصف معاناة بطلة أو بطل أفيندار خُدع بعلاقة ظن أنها عشقًا حقيقيًا، لكن الحقيقة يبدو أنه أساء الاختيار منذ البداية، إجابتي على أسئلتك عزيزتي& عزيزي ستكون جملة واحدة وهي"لأنه لم يكن حبًا"

الحب الحقيقي لا يؤلم وإن حدث يزول الألم سريعًا، فالمحب لا يسمح بجرح أو ألم حبيبه،المحب لا يفارق حبيبه وإن حدث ذلك يعود له مهما طالت المسافات وافترقت الطرق، ولا يتخلى عنه ،يحترق شوقًا في غيابه،لذلك إن حدث كل هذا لا يكون حبًا وإنما هراءً، وسوء اختيار.

{أتفق إن زاد الحب

زاد الألم من المحب

لأنه لم يعاملنا كما يجب

لكن سرعان ما يزول الألم

ويصبح عشقًا

إن كان حبًا سيأتي يطلب الغفران

نادمًا

وإن كان كذبًا لن يأتي

سيبتعد طالبًا النسيان

الجرح

يداويه لقاء المحب بعد البعاد بفرح

ليس كل حبًا يكتمل

أتفق

وارد نفترق

وتتباعد الطرق

و

تأتي النهاية بدون ميعاد

يكون جميلًا بالبداية

مطعم بالكذب ومزين بالخداع لكنه لن يصمد للنهاية

مؤكد

سيظهر على حقيقته بلا دراية

ببساطة لأنه لم يكن حبًا}


كلمات "أفين" وتلك الموسيقى الحزينة المؤلمة، كانت سببًا أن تُفتح جروح "يسر"القديمة مرة أخرى،فهي أحبت بصدق وذاقت على يدي من أحبت الألم والجرح، والفراق والبعد، ووفقًا لما خطته أفين وقالته "لم يكن حبًا" ،تلك هي الحقيقة التي حاولت الهروب منها كثيرًا لكنها باتت متيقنة بها.

في صباح اليوم التالي

بغرفة الرعاية المشددة،كانت تجثوا "يسر"على ركبتيها وتنحني برأسها تتوسد بها ذراع والدها الموصول بالأسلاك والأجهزة الطبية،وتذرف دمعاتها بصمت بالغ،وسط مراقبة أمها لها، كانت تتابع حالتها التي تدمي القلوب لقد بدت كطفلة تتوسل أحدهم أن يعيد أبيها لها، كطفلة تتوسل الشمس أن تشرق بعد ظلام دامس دام لليالٍ عدة،ظلت صامتة لبعض الوقت،لكن جثمت كلماتها على صدرها وشعرت بالاختناق فحاولت التنفس بالبوح بما بداخلها وقالت:

_بابا هيا استيقظ،هل قررت تركي وحيدة بين هؤلاء الذئاب،انظر لأنك غبت عني تبارزوا من منهم ينهش أكبر قطعة من جسدي وراحوا ينشرون تلك الأكاذيب،أنتَ تعلم أني بريئة من كل هذه الاتهامات، ألم استأذنكَ أن أذهب لزيارة رهف ووافقت والله لم أفعل شيئًا ،تلك العجوز الشمطاء كالت إلي الاتهامات فركضتُ ابكي بالخارج وهو لحقني،وكان مهذبًا،لديه زوجة وطفلة لا أعلم كيف ينشرون هذا بحقنا،بابا هيا عد أبرد بدونك ألا يكفي كل هؤلاء الراحلون لم يبقى لي سواكما،إن تركتني لن تتحمل ماما وستلحق بك حينها سيكونون انتصروا ،أستتركَ صغيرتك بمفردها بلا حضن دافئ بليال الشتاء قارصة البرودة،هل ستتركها بدون حنانك وبسمتك وسط كل هذا الكره !

تعالت شهقاتها وازدادت توسلاتها له،فكادت أمها أن تذهب إليها وتقوم بمعانقتها واحتوائها لعلها تخفف من حزنها، لكن جذبها أحدهم من ذراعها قبل أن تصل إليها ليقوم هو بتلك المهمة، وأشار بسبابته كي لا تصدر صوتًا،بسبب المفاجأة فلقد عاد الغائب بعد طول انتظار،ابتسمت له براحة هي تعلم جيدًا أن ذلك العائد من السفر البعيد هو الوحيد القادر على احتواء ابنتها في محنتها.

بدأت "يسر" بفقدان السيطرة على نفسها وراحت تهز جسد والدها بعنف وهي تطالبه بالنهوض،وفجأة شعرت بذراعين يحيطان بجسدها النحيل بحنان بالغ وينتشلانها من غرقها بالبكاء ونهض بها وهو يدفن وجهه بعنقها،فوقفت بصعوبة وهي تلقي بثقل جسدها على صدره، فقد تعرفت على صاحب تلك الأنفاس التي لفحت وجهها،التفتت باندفاع نحوه وصاحت:

_كرم!

_بذاته يا حلوتي،كفي عن البكاء كل شيء سيصبح بخير، هأنا عدت،سيدفعون ثمن تلك الدموع،من يجرؤ على فعل هذا بصغيرتي عليه أن يتحمل نتيجة أفعاله، كفي عن البكاء لقد عادت لياليكِ السعيدة.

*********************
إلي هنا ينتهي الفصل السابع من رواية أفيندار بقلم صفية الجيار
تابعوا صفحتنا على الفيس بوك للمزيد من القصص الرومانسية
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة