-->
U3F1ZWV6ZTMzNTg0ODE3NzI1X0FjdGl2YXRpb24zODA0Njk2NDgxODg=
recent
آخر القصص

رواية وصية والد بقلم على اليوسفى - الفصل الثالث

مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة والروايات الرومانسية في موقعنا قصص 26 مع رواية جديدة من روايات الكاتب علي اليوسفي ووالذى سبق أن قدمنا له رواية أشلاء واليوم سنقدم لكم الفصل الثالث من رواية وصية والد بقلم على اليوسفى هذه القصة مليئة بالعديد من الأحداث والمواقف المليئة بالكثير من الرومانسية والعشق.

رواية وصية والد بقلم على اليوسفى - الفصل الثالث

اقرأ أيضا: روايات رومانسية

رواية وصية والد بقلم على اليوسفى

رواية وصية والد بقلم على اليوسفى - الفصل الثالث

 ليلة الخميس.


تأنق مجد ببذلة ذات ماركة عالمية لهذا اليوم المميز، فاليوم سيقدم على خطبة من اختارها قلبه دوناً عن باقي الفتيات، رتب شعره ورشّ عطره الثمين بكثرة، تنفس بعمق وهو يطالع هيئته في المرآة برضا، ثم خرج من غرفته متجهاً إلى شقيقه الذي كان بانتظاره في الأسفل.


تقدّم أدهم نحوه و هو يبتسم باتساع، تأمله بسعادة ليربت على كتفه: أتمنى لك السعادة دائما أخي.

بادله مجد ابتسامته ليتمتم : أنا سعيدٌ للغاية أدهم.

تجهم وجهه لثوان قبل أن يردف: لكن سعادتي ناقصة لعدم حضور ريما.


راوده القلق على شقيقه فسأله بتفحص: هل أنت حزين لأنها لم تحضر مجد؟؟ انت تعلم أنها تغيبت مُرغمةً أخي.

ابتسم مجد ابتسامة باهتة مجيباً وهو يشير بيده: لا أخي لا، فأنا أعلم أنها أُرغمت على عدم الحضور،وأعلم ايضاً أنها موهوبة في مجالها وأتمنى لها النجاح بالطبع.


ربت أدهم على كتفه بدعم وهو يتحدث: لا بأس ، فهي ستحضر حفلة خطبتك بالتأكيد، ومن ثمّ لاتنسى، فهي ستعود بعد العرض لتستقرّ معنا هنا.


ثم دفعه بخفة قائلاً: والآن هيا لنذهب قبل أن نتأخر عن موعدنا.


...........................................................................


كان الجميع في قصر عائلة الصاوي يعملون على قدمٍ وساق بانتظار الضيوف المُرتقبين، كانت أماليا جالسةً مع والدها في صالة القصر الكبير ،تلبس فستاناً طويلاً ذو أكمام تصل إلى مرفقيها، لونه الأزرق عكس على وجهها وعينيها التي ماثلته زرقةً ليشكل لوحة بهية ندر أن ترى مثلها،رغم أنها لا تحبذ ارتداء الفساتين لكنها اضطرت اليوم تحت إلحاح والدتها وشقيقتها.


سمعت جرس الباب فعرفت أن الضيوف قد وصلوا، أطلت عليا من المطبخ لتنادي عليها: أماليا حبيبتي، هل بإمكانك فتح الباب؟؟ فأنا أحضر الضيافة هنا.

استقامت من مكانها لتهتف بضيقٍ مصطنع: حاضر ،طبعاً فأنا البواب الخاص بكم هنا.


مشت بخطوات ثابتة لتفتح الباب، أطلّ مجد مُبتسماً من خلفه ليهتف: مساء الخير حضرة الطبيبة.

فابتسمت له مُرحبةً: أهلا وسهلا بك مجد، تفضل.

تنحى مجد للجانب قليلاً لترى الرجل الواقف خلفه، اختفت ابتسامة كليهما عندما تقابلت العيون.


كان صوت مجد كالصدى بالنسبة إليها وهو يردّد : أيتها الطبيبة، أريد أن أُعرفك إلى أدهم، شقيقي الأكبر وبمقام والدي.

استدار نحو أخيه الواجم متابعاً: أدهم، هذه الطبيبة أماليا الصاوي،شقيقة نور الكبرى.


للحظات لم يستطع أن ينطق، بل كان شارداً بها وهي كأنها الكوكب الدريّ الذي سقط من علوّ.


انتبه لنفسه بعد هُنيهة، ليرفع يده نحوها بابتسامة مُختلقة لم تصل إلى عينيه، مُردّداً بنبرة بدى التأثر واضحاً فيها: تشرفتُ بلقائك حضرة الطبيبة.


رفعت يدها بالمقابل، عاد بها الزمن اثنا عشرة عاماً لحظة التقاء أيديهما بالسلام، ارتسم على وجهه صورةٌ لفتاةٍ مراهقة لم تتجاوز الثمانية عشر عاماً تقف على قارعة الطريق، تراقب ظهر شابٍ يماثلها عمراً ،شعرت بأن نفسها قد انقطع للحظة وكأن يد الشيطان امتدت لتقبض على عنقها فتسحب روحها وتمنعها من الصراخ في وجهه.

كانت أيديهما ترتجف للغاية، دام ذلك الاتصال بينهما لثانية واحدة لكنها كانت كافية ليرى مقدار الكراهية في عينيها، بينما هي لم تلحظ الاشتياق البادي في رماديتيه.


تنحت للجانب ثم هتفت بابتسامة مقتضبة ونبرة ضعيفة: تفضلوا.


مشت أمامهما لترشدهما إلى حيث كان والدها ينتظرهما، تركتهما ليتعرفا إليه ثم هربت إلى المطبخ، حاولت السيطرة على تنفسها السريع وكأنها في سباق لتقول لوالدتها: امي، لقد وصل الضيوف، انا سأصعد إلى غرفتي لأرتاح قليلاً.


تعجبت والدتها من تغيرها السريع فهتفت خلفها بتفاجؤ: أماليا!! حبيبتي لا يصحّ أن تتركي والدك وحيداً،على الأقل حتى أُنهي مافي يديّ.


كم ودت لو أن بإمكانها الهرب الآن لكن والدتها محقة، هزت رأسها إيجابا بتردد ثم عادت إلى الصالة بوجه واجم ، لتجلس قبالة أدهم الذي ارتبك عندما رآها ثانية لكنه أجاد إخفاء توتره.


سأله عمار بغتةً: أخبرني أدهم، هل أنت متزوج؟؟

أجفلت من سؤال والدها برغم أنه سؤال طبيعي ورغم أنها تعرف الإجابة مسبقاً.

أجلى صوته بارتباك وهو يجيب محاولاً عدم النظر إليها : في الحقيقة سيد عمار أجل، أنا متزوج لكنّ زوجتي في لندن حالياً، فهي تحضر لعرض الأزياء الخاص بها.


هزّ عمار رأسه متفهما ،في هذا الوقت حضرت عليا تتبعها نور التي حملت في يدها القهوة لتقدمها للضيوف، كانت تمشي بارتباك عظيم وهي تحاول أن توازن نفسها لئلا تنسكب القهوة منها.


رفع مجد عيناه لتقعا عليها، ابتسم باتساع وهو يرى وجهها الذي تخضب بحمرة الخجل، مُتماشياً مع فستانها الأحمر الناري ذو الأكتاف الساقطة لكن دون ابتذال، وكان فستانها يصل لما بعد ركبتيها .


صافحتهما عليا ثم عادا ليجلسا مكانهما، تقدمت نور نحوهما لتقدم لهما القهوة، وحينما وصلت إلى مجد لم تستطع رفع عيناها إليه، فهمس لها وهو يمدّ يده ليأخذ كوبه: أحبك.


اتسعت ابتسامتها وكاد محياها أن ينفجر من فرط تدفق الدماء فيه، لينقلب كأنه حبة طماطم.


جلست إلى جانب شقيقتها ،وضع أدهم كوبه على الطاولة أمامه ثم تحدث بجدية: سيد عمار نحن....

قاطعه عمار بابتسامة بشوشة وهو يرفع يده: لا داعي للرسميات بيننا بني، فقريباً سنغدو عائلة واحدة.


أخفض رأسه لثانية ثم رفعه قائلاً: بالطبع، وأنا يسعدني ويشرفني أن أطلب يد الآنسة نور لشقيقي مجد.

تنهد عمار بخفة مجيباً: أنا لا مانع لديّ ياولدي، ولأكون صادقاً معك فقد سبق وسألت عنك وعن شقيقك، ولم اسمع عنكما إلا مايسرني ،لكن يجب أن نسمع رأي نور.


توجهت الأنظار إلى نور التي أخفضت أنظارها خجلاً وهي تتمتم بصوت خفيض: كما تشاء أبي.

ضحكت عليا بخفة وهي تقول مازحةً: يبدو أن نور غير موافقة.

رفعت رأسها بغتةً، وضعت يدها على خصرها لتقول بصوت جهوري وقد ذاب خجلها: ومن أخبرك بهذا؟؟ موافقة طبعاً.


قهقه الجميع عليها فانتبهت لنفسها، فعادت وأخفضت نظرها بحرجٍ كبير ، كانت أماليا تبتسم مُجاملةً إياهم وأدهم الذي كان يسرق النظرات إليها على غفلةٍ من الجميع.


تحدث عمار: على بركة الله، فلنقرأ الفاتحة.

رفع الجميع أيديهم وشرعوا في تلاوة سورة الفاتحة،

فيما أماليا كانت كالجالس على صفيحٍ من نار، ماإن فرغ الجميع من القراءة حتى وقفت بعجالة وهي تتحدث بتوتر واضح: اسمحوا لي.


استدارت لتمشي خطوتين قبل أن يصدح صوت والدها خلفها مُتعجباً: إلى أين تذهبين ياابنتي؟؟؟

وقفت لثانية تفكر في كذبة سريعة، التفتت إلى والدها لتخبره: لقد تذكرتُ أنّ لديّ مناوبة في المشفى الليلة أبي.

عقد حاجبيه باستغراب، لكنها لم تنتظر أكثر، تحركت هاربةً من أمامهم بشكلٍ مثير للتعجب، وحده أدهم من فهم أنها تهربُ من مكانٍ يجمعهما سوياً.


...................................


لا تعرفُ فعلاً كيف صعدت إلى غرفتها وبدلت ثيابها بسرعة، ثم نزلت مرة أخرى وهي تتحاشى النظر إلى الصالة حيث يجلس الجميع، استقلت سيارتها وقادتها لتبتعد عن المنزل، أوقفت السيارة إلى جانب الطريق، ظلّت للحظات شاردة في نقطة في الفراغ وصدرها يعلو ويهبط بسرعة ولا تعلم، أمن فرط الغضب أم من هول المفاجأة؟؟


سمحت لعبراتها بالتحرر أخيراً، أسندت رأسها إلى مقود السيارة، ثم بدأت تضرب رأسها عليه بضربات خفيفة،لماذا؟؟ لماذا من بين ذكور الأرض جميعهم يكون هو أخاً لمن سيكون زوجاً لأختها؟؟


رفعت رأسها فجأة وقد خطر لها خاطر، مجد شقيقه أليس كذلك؟؟ فهل يشبهه ياترى؟؟ ربما فهي دماءٌ واحدة تلك التي تسري في عروقهما، هل مجد يحب نور حقاً أم أنه يخدعها كأخيه؟؟ وهل سيأتي ذلك اليوم حين يتركها ويترك لها جرحاً نازفاً في فؤادها؟؟


تسارعت أنفاسها باضطراب بمجرد أن التمعت تلك الخاطرة في ذهنها، لا نور المدللة ذات القلب الرقيق لن تتحمل ، فهي تحب مجد أكثر مما قد تتخيل.


رفعت رأسها تناجي الخالق برجاء، لا ياإلهي أرجوك، لا تصدم نور فيمن أحبت مثلي، لا تدع خيبة الأمل تسيطر على حياتها لتحولها إلى اللون الأسود.


ظلت مُتخبطةً في بحر أفكارها، يجرفها موج ذكرى قديمة لتعود موجة الحقيقة وتعيدها إلى شاطئ الواقع، افيقي عزيزتي، هو قد تزوج وأنشأ عائلة ،وبقيت أنتِ البائسة الوحيدة في الحياة.

لم تشعر بالوقت الذي تعدّا الثانية ليلاً، فكرت بأن تعود إلى المنزل لكنها عدلت عن تلك الفكرة فلا تريد أن تثير الشكوك حولها، لذا اعتزمت أن تذهب إلى فندقٍ ما لتستأجر لنفسها غرفة تنام فيها حتى الصباح.


...........................................................................


أمضت باقي ليلتها تتقلب على السرير المريح في الغرفة التي استأجرتها في الفندق، لم يزرها سلطان النوم وهي تسبح في بحر ذكرياتها، ظلّت تتذكر أول لقاءٍ بينهما، مواقف مضحكة وأخرى حزينة، اول كلمة حب صدرت عن أحدهما، إحساسها بالغدر عندما تركها بعدما أمطر سماء أحلامها بوعود كاذبة .


تباً لك ياقلب، لمَ لم تنساه؟؟ لمَ مازلت تحيا على ذكرى جراحه؟؟ لمَ لمْ تقتلعه منك كما اقتلعك هو من حياته؟؟؟

أتراك خائنٌ ياقلب مثله؟؟ نعم فأنت خائن، كيف لك أن تعلن العصيان عليّ وتتبع خطاه ؟؟ليس وكأنه من ذبحك وتركك تنزف وحيدا؟؟

افهم ياقلب، ليس لكَ فيه أي أملٍ ،لقد قتلك وخطى بعيداً عنك كأنك لم تكن شيئاً ذا قيمة عنده اساساً.


ألا تذكر يا قلب؟؟ كيف تركك تلملم شتات نفسك وآلامك لتقسم بعدها ألا تفتح أبوابك لأي رجلٍ مهما علا شأنه في حياتك؟؟

يكفي ياقلبي ، يكفينا عذاباً وقهراً ونواحاً لأجله ، منذ الآن لن يكون لهذا الخائن أي مكانٍ في حياتنا ولا ذكرياتنا، يكفي اثنا عشرة عاما من الألم والدموع والسؤال الذي لن تجد له إجابة.


حرّر ذاتك، لا تحبس نفسك وتحبس روحي معك بين زوايا الذكريات، لن اسمح لك بأن تطحن عمري في انتظار من لا يستحق.


تعال معي ياقلب، فلنقفل تلك الصفحات ،سنكون أقوى من تلك الذكريات ولندفنها سوياً ،وسنقيم عليها الحداد الليلة، لإن غداً هو يوم جديد.


................................


لم تكد تغفو حتى انتشلها رنين هاتفها من أحلامها ،جاهدت بفتح عينيها إجباراً لتنظر إلى ساعة يدها ، لم تتعدى الخامسة بعد فرفعت الهاتف لترى

اسم المتصل ،عقدت حاجبيها وهي ترى اسم صديقتها هدى، قلقت من سبب اتصالها في هذا المبكر جداً وأيقنت أنّ مكروهاً ما قد حدث.


اعتدلت جالسةً على سريرها لتجيب الاتصال بلهفة: الو، نعم هدى؟؟

أتاها صوت بكاء هدى ثم اتبعته بكلمات متقطعه: أرجوكِ أماليا، تعالي بسرعة فأنا بحاجتك.


لم تفكر مرتين وهي ترمي الغطاء عن نفسها، أغلقت الهاتف ثم جمعت مُتعلقاتها وخرجت من الفندق بسرعة، استقلت سيارتها لتنطلق بها وهي تشقّ ظلام الفجر ، ماهي إلا عدة دقائق وكانت تركن سيارتها أمام منزل هدى، ترجلت بسرعة وصعدت الدرجات لتصل إلى الباب لتقرع جرسه، ماهي إلا ثوانٍ حتى فتحت هدى، التي ماإن رأتها حتى ألقت نفسها في أحضان صديقتها تبكي بحرقة.


زادت دقات قلبها وهي تحاول تخمين ماحدث، ماتعرفه أنّ مازن زوجها قد سافر منذ الأمس، ولم يتبقَ سوى هدى وولديها.


...........................


جلست في صالة منزل هدى وهي تحاول تهدأة الأخيرة، زاد قلقها وحيرتها خاصة بعد أن دخلت إلى غرفة الأطفال فوجدتهما يرقدان بسلام، ثم عادت إلى هدى التي استحال لون عينيها إلى الأحمر وقد انتفخت عيناها وذبلتا من كثرة البكاء.


مسدت على ظهرها بحنان وهي تحاول استنباط السبب الذي استدعى أن تدخل هدى في هذا الحال، فتسائلت: والآن ،هلّا أخبرتني مالذي حدث لتنخرطي في هذه النوبة الطويلة من البكاء؟؟؟


أجابتها هدى وهي تشهق بخفة من فرط البكاء: مازن يا أماليا، مازن يخونني.

رفعت حاجبيها بدهشة بائنة من كلماتها فهي تعرف كم يعشق مازن زوجته فكيف له أن يخونها؟؟

حاولت التحدث بعقلانية علّها تعرف كيف علمت: لكن كيف علمتي بأنه يخونك إن كان مسافراً؟؟


حركت رأسها للجانبين بإنكار وهي تتحدث بنشيج: لقد رأيته يااماليا، رأيته بأم عينيّ.

تبسمت بخفة وهي تردف : حسناً هلّا أخبرتني كيف رأيته؟؟ أقصد هل أرسل لكِ أحدهم صورةً ما؟؟ أو ربما مقطعاً مصوراً؟؟


هزت رأسها مجدداً بالنفي وهي ترتجف، فعادت أماليا تسألها بنفاذ صبر: إذاً كيف رأيته وتأكدتي من خيانته؟؟


صاحت هدى باقتناع تام: لقد رأيته في الحلم.

جحظت عيناها وهي تهمس بصدمة: في الحلم؟؟!!


حركت الأخرى رأسها وهي تضيف بجدية: نعم في الحلم ،لقد رأيته جالساً أمام بحيرةٍ كبيرة ،وإلى جانبه جلست فتاة شقراء،وعلى الجانب الآخر جلست أخرى سمراء ذات شعرٍ مجعد.


لم تستوعب بعد حديثها الذي كان ضرباً من الجنون، راقبتها بعينين مُتسعتين بدهشة حقيقية، فيما استفاضت الأخرى بالشرح وهي تشير بيديها: لقد كان يضحك باتساع وسعادته واضحةً على مُحياه،تخيلي؟؟ لقد هاتفته أكثر من مرة دون أن يردّ عليّ ،بالطبع لن يجيب فهو مشغولٌ الآن!!

لقد قررت أن اتطلق منه فور عودته هذه المرة ،و....


بترت حديثها المجنون عندما استقامت أماليا وهي تخطو بشرود إلى خارج المنزل، كان وجهها جامداً بلا تعابير ،فقط أرادت الهرب قبل أن ترتكب بها جريمةً ما.


ناظرتها هدى باستغراب وهي تراقبها حتى خرجت، قطبت جبينها وهي تتمتم: ما بالها تلك؟؟

حركت كتفيها بلا مبالاة ،ثم تثائبت بنعاسٍ وتوسدت الأريكة لتنام عليها وهي تتمتم مُغمضةً عينيها : سأنام قليلاً بعد ،وبعد استيقاظي سأتعامل معك أيها الخائن.

ثم غطت في نوم عميق، كأنها لم تفعل شيئا!!!


..........................................................


ظلت تمشي بلا هدى ،حتى انتبهت لشروق الشمس ، فركت جبينها بتعب وهي تشعر بصداعٍ قاتل قد فتك برأسها، نظرت إلى ساعتها لتجدها قد تجاوزت السابعة صباحاً، لم يعد هناك متسعٌ من الوقت للنوم فداومها في المشفى يبدأ عند الثامنة، سحبت هاتفها لتطلب رقم والدتها وتطمئنها عن نفسها فلعلها ستقلق عليها إن استفاقت ولم تجدها في المنزل.


تلك السيدة لهي خيرُ مثالٍ على عظمة الأم وعاطفتها الصادقة، ربتها كأنها وُلدت من رحمها حقيقةً ، رغم فارق السن الكبير بين أماليا وشقيقتها، إلا أنها يوماً لم تُفرق بينهما ولم تُفضل إحداهما على الأخرى، وقد كانت دائما ماتُردّد على مسامعها كلمةً حفرتها أماليا بين ثنايا قلبها قبل عقلها: لم تولدي من رحمي، لكنّ بذرة حبكِ قد خُلقت في قلبي.


أغلقت الهاتف معها ثم قررت أن تذهب إلى عيادتها الخاصة فهي أقربُ لها من المنزل، حيث احتفظت هناك ببعض الثياب للطوارئ، ثم توجهت إلى المشفى لتبدأ يوماً جديداً، لكنه مختلف.

*********************
إلي هنا ينتهي الفصل الثالث من رواية وصية والد بقلم على اليوسفى
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة