-->
U3F1ZWV6ZTMzNTg0ODE3NzI1X0FjdGl2YXRpb24zODA0Njk2NDgxODg=
recent
آخر القصص

رواية قطرات الحب بقلم إلهام رفعت - الفصل العاشر

مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة وأجمل الروايات الممتعة والروايات الرومانسية مع رواية رومانسية اجتماعية واقعية جديدة للكاتبة إلهام رفعت ورواياتها التى نالت مؤخرا شهرة على مواقع البحث نقدمها علي موقعنا قصص 26 وموعدنا اليوم مع الفصل العاشر من رواية قطرات الحب بقلم إلهام رفعت

رواية قطرات الحب بقلم إلهام رفعت - الفصل العاشر

تابع من هنا: روايات رومانسية جريئة 

رواية قطرات الحب بقلم إلهام رفعت

رواية قطرات الحب بقلم إلهام رفعت - الفصل العاشر

 تكدرت الأمور بينهما عن السابق، وباتت مشحونة بنفور من ناحية الآخر، فلم تقدر حينها على الدفاع عن نفسها، وإعلان الحقيقة المخفية عنه، وتحملت إهانته لشخصها، فقد أضحت متحيرة، وتركته يصنفها في الخانة التي اختارها.

توجهت لمى لفيلا زينة ومعها ابنها، ثم سردت لها بالتفصيل الحوار الذي دار بينها وبينه، وأعلنت ضعف موقفها، وتبدد حيلها، وباهتمام استمعت زينة لها، قالت:

-عارفة اللي حصل ده يا لمى كان في صالحك مش ضده!

سألتها باستنكار:

-إزاي بقى؟!

قالت بنباهة متيقظة:

-يعني لما عرف إن الولد مش باسم سيف، كان فيكِ تقوليله إنه مش ابنك إنتِ كمان

وبختها لمى باعتراض:

-أيه الجنان بتاعك ده!

ردت زينة بعقل داهية:

-كنتِ هتنقذي نفسك من شكه وقتها إنك مش كويسة، هتقولي إن يونس لقتيه واتبنتيه إنتِ ووالدك، وقولتي إنه ابنك علشان تغظيه.

تنبهت لمى لما تقوله وركزت جيدًا، حد أن الكلام جذبها، فتابعت زينة بمكر:

-منها هيعرف إنك طلعتي شريفة، ومنها الولد هيعيش بينكم لحد ما يتعود عليه، ولحد ما نشوف أخرة علاقته بيكِ أيه.

ذاب الضيق من على ملامح لمى، وحل محله الانبهار، فقد أقنعها ما تفوهت به زينة، قالت:

-برفو عليكِ، كده هيبطل يسمعني كلام زي السم، ولما أقرر أقوله عن يونس هيكون حب الولد!

-ومش بعيد يتولى تربيته بنفسه.

قالتها زينة بثقة، أيضًا تفاخرت بتفكيرها المُحنك، فتأملت لمى ابنها أمامها وهو يشاطر الأطفال في اللعب، ووجدت أنه أسلم حل الآن، ردت بعزيمة:

-خلاص هقوله لما يجي

توقفت فجأة وتابعت بقلق:

-بس يا ترى هيصدقني، لأن خوفي على الولد قدامه مكنش طبيعي.

اختلقت زينة حل سريع وقالت:

-قوليله إنه ابن صاحبتك، ووصاتك عليه، وإنه معندوش أهل، أي حاجة وقصة ممكن تدخل عليه

تحمست لمى لفعل ذلك، مع قولها لبعض الإضافات التي ستقنعه، فأردفت زينة بدراية:

-هيضطر يصدقك، وكمان دا طفل، أي حد هيبقى حنين عليه، وحاولي تخليه هو كمان يعطف عليه، لأن قسوته دي علشان ابنك من راجل تاني.

قالت لمى بجدية:

-ووقت ما أحب أقوله على الولد، ممكن اثبت ده بسهولة!

تهللت لمى وارتاحت نفسيًا، ثم عادت تتأمل ابنها، وقد وجدت الأمان له، والسكينة أيضًا، خاصة وأن زين بالطبع سيحاول أن يكون لطيفًا معه، وسيبادله الطفل الألفة ويعتاد عليه، ابتسمت وهي تتخيل التودد بينهما، ثم هدأت رهبتها وتوترها من مقابلته بعد ما حدث، ثم انتبهت لـ زينة تقول بتمنٍ جعلها تكترب:

-وعقبال ما يطلق مراته ويبقى ليكِ لواحدك........!!

____________________________________


مررت أنظارها على باب شقته وهي تدمع بقهر، ولتلك اللحظة لم تستوعب كيف ساقتها قدماها لتأتي إليه، فقد جرفها قلبها الأهوج إلى هنا، ترددت في مقابلته حين أضحت رهينة الأمر الواقع، فها هي بالقرب منه. طرقت ماريان الباب بألم وهي تعتصر بأهدابها هذه العبرات العالقة عليها، وترقبت المواجهة، خاصة وهي تعلم أن زوجته ستكون معه بالطبع. رجف قلبها حين تحرك مقبض الباب؛ ورغمًا عنها عادت تبكي.

صُدم ريان وهو يراها أمامه هكذا، فحدقت به بنظرات لائمة؛ ثم بعفوية منه دنا منها واحتضنها بقوة، قال:

-ماريان!!

استسلمت لإفراغ آلامها بين يديه وتزايد نحيبها، فسحبها ريان لتلج الشقة، أغلق الباب ولم يبتعد عنها قط؛ سوى لينظر لها، قال:

-إنتِ جيتي لواحدك!

اومأت له ثم بيده مسح دموعها، تابع:

-أنا آسف!

سألته بصوت أبح:

-اتجوزت؟!

أعربت كلمتها عن عتاب ممتزج بخيبة الأمل، فأخفض ريان نظراته؛ هربًا من كم العتاب ذاك، انزعجت ماريان وتبدل حزنها للحنق الشديد، ثم دفعته بعيدًا عنها، هتفت:

-إنت ندل، لأنك لو بتحبني بجد مكنتش حتى تفكر إنك تبعني بالطريقة دي

تأمل ملامحها الغاضبة بوجم؛ تاركًا المجال لها لتخرج ما بها، أردفت:

-إنت إزاي كده، إزاي قدرت تخدعني وتمثل حُبك الكبير ليا

قال بعبوس:

-أنا لسه باقي على اللي بينا، ومش عاوز نطلق!

احتدت نبرتها أكثر من خساسته ولم تعلق على ما قاله، هتفت باحتقار:

-على فكرة اللي حصلي في الخلفة كان سبب من ربنا علشان أعرف إنك بني آدم واطي وخسيس!

جاءت إهانتها له صريحة، هو لم يتقبلها؛ لكنه صمت، ولم تكتفي ماريان بذلك، فغضبها المدروس منه دفعها لتصفعه بقوة، صاحت:

-إنت أحقر واحد شوفته!

لم يتحمل ريان ورغم أنه يكبح ضيقه، لاح عدم رضاه على هيئته من طريقتها غير المقبولة في عتابه، فتابعت بغل:

-متفكرش جيالك أجري وراك، إنت أوطى من إني أعمل كده، أنا بس جيت اتأكد إنك....

بترت جملتها إثر صوت فتح الباب من خلفها، فورًا كانت ملتفتة للشخص القادم، ومترقبة هويته، بعكس ريان، فهو يعرف أن ندى من حضرت، وقبل أن تخطو الأخيرة تسمرت موضعها، متفاجئة من وجود ماريان هنا مع زوجها، طالعتها ماريان بنظرات متفحصة، وحين لاحظتها تمسك بحقيبة ورقية مدون عليها اسم أحد المطاعم، استشفت أنها من تزوجها، نظرت لها بسخرية واحتقار ضايق ندى، فهيئتها غير المتكلفة أوحت أنها فتاة بسيطة سجية، قالت:

-لا من شكلك لايقة عليه، ما هو اللي زيه مينفعش يرتبط ببنت ناس زي أنا

عجرفة ماريان أغاظت ريان، ولم يتباطأ في رد اعتبار ندى، حين قبض على عضد ماريان وجعلها تلتفت له، خاطبها بحنق:

-احترمي نفسك، يا ريتك تبقي زيها!

ارغمته على ترك ذراعها هادرة بعصبية:

-إيدك دي لو لمستني تاني هقطعها، ومتنساش نفسك، وشوف بتكلم بنت مين؟!

غضب ماريان دفعها لتفرض تعاليها، وبالأحرى لتنتقم لكرامتها المهدورة، وبنبرتها التحذيرية ردت عليه، تابعت بندم:

-بشكر الظروف اللي بمر بيها علشان كشفتك قدامي، أنا خلاص كرهتك!

نطقتها بمرارة ظاهرة، فهل هي حقًا صادقة؟، لم يستطع ريان الرد عليها ونهرها، فدائمًا كان الزوج المطيع لها، ولا حرج من بعض التذلل؛ احترامًا لوالدها وأهلها ككل.

تحركت ماريان لتغادر هذا المكان المثير لغضبها؛ ورغم شدتها قبل قليل، سارت تبكي بحرقة، فحُبها له لن يختفي هكذا ببساطة.

وعن ريان، تأمل ندى بقسماتٍ مغتمة، خاطبها:

-بعتذرلك يا ندى، أنا اللي حطيتك في الموقف ده!

تقدمت منه وقالت:

-كان عندك حق، هي حلوة بس مغرورة

أشفقت ندى عليه بقولها، بينما تضايق ريان وقال:

-أنا كنت خايف من زعلها، بس بعد اللي حصل النهار ده لأ، هي فعلاً تستاهل أكتر من كده!

بداخلها لم تقتنع بما قاله، فسألته بطريقته وترته:

-بجد إنت فعلاً مش زعلان عليها؟!.......

____________________________________


بنفسه أخذ جولة في القرية، وتوجه لكل ما يعرفه، وتودد قدر المستطاع لهم، وأثناء سيره عائدًا للسراية مع زوجته، كانت البسمة لا تفارقه، حين عاد يتذكر تقززه من السير على هذه الأرضية لأول مرة مند خطا بقدمه هنا، انتبهت رسيل له وابتسمت هي الأخرى ثم توقفت عن السير، سألته:

-ممكن أعرف أيه اللي مفرحك كده!

بالطبع لم يخبرها أن ذلك هو السبب؛ لكنه رد بألفة:

-مبسوط علشان كل أما ابقى هنا افتكر أول مرة شوفتك وحبيتك، وكنت مراهق بفكر فيكِ

ثم ضحك وهو يتذكر، فقالت:

-نفسي يرجع الزمن بينا تاني، كنت هتشوف حب كبير كنت عبيطة إني كنت بخبيه!

فضحت رسيل مشاعرها القديمة له؛ رغم المشكلات التي جمعتهما يومًا ما حينها، فتماسك أيهم ألا يضمها إليها، فالمكان مفعم بالبشر من حولهما، واكتفى فقط بضم كفها بين كفيه، قال:

-رسيل أنا خايف عليك من الشغل الجديد!

باغتها برده المُغاير للحديث الدارج بينهما، فسألته متعجبة:

-ليه بتقول كده؟، اوعى تكون رجعت في كلامك إنك هتساعدني

هز رأسه نافيًا ذلك، قال:

-لا مش هرجع في كلامي، أنا بس الموضوع مريحنيش لما سافرتلك، حسيت باستغلال.

كونها تتوقت لتلك المساعدة، ردت محتجة على قوله:

-مافيش الكلام ده، المشروع كان محتاج تمويل، وللأسف أنا المستفادة منه، لأن أنا اللي بديره، هما بس بيساعدوني

حماس رسيل البادي في عينيها جعله ينفض ذاك الهاجس الذي يطوف برأسه، والتزم فقط بأن يكون قريبًا منها، قال:

-أنا مش معترض يا رسيل، بالعكس اللي بتفكري فيه كويس، بس خايف يكون نجاحك يأذيكِ

ابتسمت وقالت:

-خليك جنبي وخلاص.

-إنتِ شايفة أيه؟!

أقرت رسيل بمدى اهتمامه ولم تشكك به، بينما سحبها أيهم ليكمل الطريق؛ حتى السراية، قال:

-خلينا ننبسط أحسن، بلاش نشغل دماغنا بحاجات تانية!!

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

عدم حضور ابنته الوحيدة أزعجته؛ رغم أن الأخيرة بررت ذلك؛ لكنه لم يخفى تأزقه من ذلك، فخاطبته سميرة الجالسة بجانبه حين فطنت ما به، قالت:

-زينة قالت مينفعش تيجي علشان اللي حصل مع أخت جوزها، فالموضوع ميزعلكش يا فريد، دا يخليك مبسوط إنها واقفة مع أهل بيتها وبتساندهم!

لفتت سميرة نظره لهذه النقطة، والتي بدورها أقنعته، قال:

-أنا بس مش بشوفها غير في المناسبات، يعني بتوحشني

ربتت على كتفه وقالت:

-ربنا ما يحرمها منك، إنت حنين يا فريد، وهي مش بتيجي هنا غير علشانك!

تفهم من حديثها رهبة زينة من عمرو، التي تستمر حتى بعد زواجها، قال:

-عمرو كمان من بعدي هيحطها في عينه، هو شديد شوية بس بيعقل الأمور كويس وبيعمل الصح!

ابتسمت بزيف لتوحي له أنه هكذا بالطبع، والمضمر كان لتلقيها شكوة زينة المستمرة من غلاظته، وتحكماته بها، والسبب التليد في عدم حضورها، ثم انتبهت لـ رسيل قد أتت، فقالت

-رسيل وأيهم رجعوا، يلا علشان ناكل كلنا.....!!

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

حين ولج عليها المطبخ لاحظ عبوسها ما زال موجود، فوقف بجانبها وهي تتابع العمل وقال:

-مكشّرة كده ليه؟!، افردي وشك الناس برة يقولوا أيه!

زفرت بضيق وقالت:

-كان نفسي بابا يكون موجود، هو ومايا وحشوني قوي

-الجيات كتير، مجتش من المرة دي، تلاقيه مشغول!

رددها عمرو بتعقل، بينما كانت تعلم السبب ولذلك ردت بتبرم:

-كله من مراته، علشان بنتها جات من السفر فهو قعد جنبها!

استاء من عقليتها البلخاء وقال:

-بلاش سوء الظن ده يا جاسمين، أنا نفسي متضايقكش حتى من عدم حضور زينة، كل واحد وحياته!

امتص عمرو حزنها بكلماته المتعقلة؛ ورغم ذلك اخترعت مشكلة جديدة، قالت:

-بس إنت عاوز تضايقني، مش قولت العمدة اللي جنبنا ده متعزموش.

نظر لها بغرابة للحظات، ثم بعدها تفهم السبب، قال بظلمة:

-العمدة برضوه!

ارتبكت ولم تعلق، بينما مل عمرو من حماقتها وقال بحزم:

-شوفي وراكِ أيه وافرحي لعيالك، مش ناقص الهبل ده!

ثم خبطها في ذراعها وتحرك ليغادر، فقابلته رسيل عند مقدمة باب المطبخ، ابتسم لها ثم تابع دلوفه، بينما ولجت رسيل مبتسمة لـ جاسمين، خاطبتها:

-مالك إنتِ وعمرو، زعلانين ولا أيه؟!

سألتها رسيل فقد لاحظت المشادة الكلامية رغمًا عنها، ردت جاسمين وهي تنفخ:

-فيه يا رسيل بنت العمدة اللي جنبنا، كل مناسبة عمرو يعملها تلاقيها راشقة، وتقعد تتكلم وتتدلع وبتبصله بطريقة تغيظ.

قالت رسيل بعقلانية:

-لو هتفضلي تنتبهي للأشكال دي مش هتخلصي، المهم جوزك أخباره أيه من ناحيتها، غير كده لازم تطنشي!

بدا على جاسمين أنها ما زالت متضايقة من هذه الفتاة، فابتسمت لها رسيل بود وقالت:

-شوفي لما تيجي وريهالي وأنا هخلصك منها بطريقتي

فرحت جاسمين من لطفها معها، فاستطردت رسيل بمفهوم أثلج صدرها:

-مش هتطلعي تسلمي على باباكِ، وصل برة.......!!

__________________________________


غيابها اليوم جعله يستراب في أمرها، خاصة أن لين ستبدأ اليوم عملها معهم، لم يعطي الأمر أهمية كبيرة، وما تخوف منه، هو إخبار لمى بمشاركتها، فهو يرغب في نضج عمله ليس إلا.

ولجت نيفين غرفة مكتبه، قالت:

-من أولها تأخير كده، لازم الست تفهم إن الشغل شغل!

ثم جلست مقابيله، فتفهم سيف مغزى كلامها، قال:

-تلاقي الطريق زحمة ولا حاجة

قالت بتهكم:

-من أولها هتدافع عنها، إحنا كمان زيها، ووصلنا بدري.

لم يبالي كثيرًا بغيابها، قال بتوتر:

-المهم بس لمى متعرفش بوجودها، ويا ريت تكوني حذرتي مايا متقولش، وكل حاجة هتمشي تمام!

قالت بعدم رضى:

-أنا كلمتها وأنا أصلاً مش مقتنعة، وقولتلها دا علشان الشغل، هي وعدتني متتكلمش، مايا بنت طلعت متفهمة، ومتأكدة مش هتقول!

سأل بترقب:

-وهي مجتش النهار ده ليه؟!

-سافرت بلد كده مع باباها، هيزوروا قرايبهم!

تنهد براحة كون أن ذلك السبب، ثم استشعر أصوات منبعثة من الخارج، نهض متلهفًا وقد استشف حضور لين، قال:

-باين لين وصلت، تعالي نقابلها!

سبقها سيف للخارج وقد دُهشت من اهتمامه الذي تراه مبالغًا فيه، لم تعلق بل لحقت به.


في الاستقبال حمل سيف عنها ما معها، فبررت لين سبب غيابها بأدب، قالت:

-أسفة اتأخرت، أنا قولت أجيب فطار لينا كلنا

ردت عليها نيفين بلطف:

-مكنتيش تتعبي نفسك!

-ولا تعب ولا حاجة!

ناول سيف الطعام لأخته بعدم اهتمام، ثم خاطب لين بتودد:

-على ما نيفين تجهزه تعالي أوريكِ عملت أيه في مكتبك!

سُرت لين بلباقته وسماحته ثم سارت معه، فتتبعتهما نيفين باستياء، غمغمت:

-ماشي يا سيف!..


جعلها سيف تلج أولاً وهو من بعدها، مررت لين نظراتها المبهورة على الغرفة وأعجبت بتفاصيلها؛ خاصة باقة الزهور الموضوعة على المكتب، ابتسمت وقالت:

-ميرسي يا سيف، إنت ذوق قوي وجنتل!

أحيانًا تخدعه عيناه لإظهار إعجابه بها، ومرارًا يذكر ذلك في حديثه المهتم معها، قال:

-كفاية إنك قبلتي تشتغلي معايا هنا

أحبت ذاك اللطف منه، ثم تحركت لتجلس على مقعدها وهو يتابعها بنظراته المترقبة، اتسعت بسمتها وأخذت تتنشق الباقة، قالت:

-باين الشغل هنا هيبقى مسلي وجميل!

دنا من مكتبها متهللاً من مسرتها في التواجد هنا؛ لكن حين تابعت لين حديثها توتر بشدة، قالت:

-النهار ده معزومة على الغدا عن زين أخويا، تيجي معايا؟!......

____________________________________


أخذتها بين أحضانها طيلة المسافة وقد اطمأن قلبها قليلاً حين وجدتها، لم تعاتبها أو تتحدث بشأن تصرفها الجهول، بل وجدت في ذلك تخفيف عما بها، وتتخذ قرارها بمحض إرادتها؛ لكن ما أقلقها صمتها المريب، وحالة التيه التي تنجلي عليها.

أدار زين الجالس بجانب السائق رأسه نحوهن، فنظرت له نور بشجن، سألها:

-هي كويسة!

اومأت فقط له، فوجه زين بصره لابنته وهي تتوسد صدر والدتها وتغمض عينيها، وشفق عليها، عاود التحدث مع نور قائلاً:

-خلاص وصلنا!

لم تعلق نور بل ظلت مشغولة بابنتها، واترعت عقلها في التفكير في مستقبلها، ورسمت حياة لها تغنيها عن الأخيرة، وتنسيها الماضي بكل آلامه. لحظات قليلة مرت؛ حتى ولجت السيارة من البوابة، وهنا فقط نبهت نور ابنتها لتنهض، قالت:

-ماريان، وصلنا يا حبيبتي!

لم تحتاج ماريان الوقت لتعي ما تقوله والدتها، بل بهدوء حزين اعتدلت؛ وكأنها تستشعر ما حولها.

ترجل زين أولا ثم توجه ناحية ابنته، فتح لها الباب وقال:

-يلا يا حبيبتي!

ثم أمسك بيدها ليعاونها على الترجل، ثم خلفتها نور، وحين وجدت ماريان نفسها تتوسط والديها، تسعر حزنها وأدمعت عيناها، تأسفت قائلة:

-سامحوني إني خرجت من غير ما أقولكم.

مسد زين على رأسها وقال:

-المهم إنك بخير، إحنا خفنا عليكِ

نظرت ماريان لوالدتها تريدها تخرج ما في جعبتها؛ لكن قالت نور باقتضاب:

-ارتاحي دلوقت وبعدين نتكلم!

ثم دلفوا ناحية الفيلا، فقابلهم عُمر مبتسمًا، قال:

-جدوا قالي لما ماريان تيجي هو عايز يشوفها.

جاء زين ليعترض؛ كونها تريد الراحة؛ لكن أسرعت ماريان قائلة:

-أنا عاوزة أقعد مع جدي

لم يعترض زين وتركها تفعل ما تهواه، فسارت ماريان برفقة عُمر ناحية غرفة السيد فاضل. هنا حضرت رحمة، والتي سألتها نور بعبوس:

-فين آيان، مش المفروض يجي يقابلنا!

انتبه زين لذلك وانتظر رد ابنته، التي قالت:

-آيان وزينة رجعوا فيلتهم بعد ما حضراتكم مشيتم علشان تجيبوا ماريان.

التفت نور لـ زين وقد احتدت نظراتها، هتفت:

-الست مصدقت، استغلت عدم وجودنا ومشيت

وجد زين الأمر بسيطًا، لذا قال برزانة:

-وفيها أيه، من حقهم يا نور!

احتقن وجهها بشدة، هدرت:

-يا رب تخلي بالها من ابنك، وتبطل تستغل حبه الأهبل ليها

تعقل زين في تهدئتها، قال:

-هما عندهم ولاد، وهما حرين في حياتهم، المفروض يعتمدوا على نفسهم ويكون ليهم مكان خاص

تأملته نور بسخرية وليتها تمتلك القليل من بروده ذاك؛ لكنها تعلم وتدرك أن هذه الفتاة لم تحب ابنها، بل تزوجته عنوة، وتجبر من أخيها، وكل ذلك جعلها تكره ميل ابنها لها، وترفض من البداية الزواج بينهما. نفخت نور بقوة ثم تدرجت للأعلى، فتركها زين ولم يعلق، وتمنى فقط أن تكون الأجواء هادئــة.......!!

____________________________________


انسحب بحذر ناحية الشرفة؛ ليجيب على اتصالها به، وعلى مضصٍ اضطر ليتحدث معها، فقد تجاهلها منذ آخر لقاء، فوقاحتها دفعته للاشمئزاز منها، حدثها بغلظة:

-إنت إزاي تكلميني؟!، فاهمة بكده هتخلي مراتي تشك إني على علاقة بيكِ!

عقلت لمى ما به ولم تجادل أو تلوم، قالت:

-أنا كنت مترددة أقولك الحقيقة، بس قعدت مع نفسي وقولت لازم تعرف!

كان يستمع لها بعدم رغبة؛ لكن ما قالته زاد من جهله لما تخبئه، فتابعت بتوتر داخلي:

-كنت عاوزة أقولك إن يونس مش ابن سيف، ولا ابني!

بدا منتبهًا لكل ما تتفوه به، وقد صُدم واستنكر في ذات الوقت، قال:

-إزاي مش ابنك، مرة واحدة كده هتتبري منه!

لمحت في رده التهكم الواضح، فوضحت بثبات مصطنع:

-يونس مش ابني، دا ابن واحدة صاحبتي جابته في الحرام، هي ماتت ووصتني عليه، وأنا وبابا اتبنيناه

كأنه اهتاف لسماع ذلك، بإعطائها تبرير واحد يسامحها عليه، وحين تابعت اختلج قلبه بشدة، قالت:

-أنا مش ممكن اتجوز وأنا عارفة إني على ذمتك، أنا أعرف ربنا كويس، وحرام تظلمني بحاجة مش فيا.

تسارعت أنفاسه وود الذهاب إليها الآن ليتحدثا بأريحية أكثر، بينما ترقبت لمى بظلمة معرفة درجة اقتناعه بكلامها، قال بمفهوم:

-هجيلك أحسن ونتكلم، أنا عندي ضيوف دلوقت

رده جعلها تفشل في معرفة تصديقه لها، أيضًا غلقه للهاتف فجأة جعلها تغتاظ، رددت بتبرم:

-طيب اعمله أيه ده بس، اللي فيه فيه..


ولج زين الغرفة مبهوتًا ودقاته تتسارع، وحبذ أن تكون هي صادقة، ورجح ما قالته، أو بالأحرى رغب في ذلك، ثم دلف للخارج ويعلو وجهه شيء من البشاشة؛ تعبيرًا عن مسرته مما سمعه للتو.

لمح اخته وزوجته يجلسن على المائدة حيث أعددن الطعام، فتقدم منهن، قالت لمى بمفهوم:

-مبروك مقدمًا، سمر بتقول باين حامل

جلس زين بجانبها وقد طرأ عليه عدم قبول داخلي مفاجئ، فما علم به جعله يعاود اعتراضه على الزواج، قال:

-بكرة هنروح نكشف لسه

ردت لمى بابتهاج:

-أنا متفائلة، أخيرًا هشيل ولادك يا زين!

ارتبكت سمر؛ رغم أنها دبرت كل شيء غدًا، إلا أنها ارتعبت من التنفيذ، بالإضافة أنها تمنت أن تكون أمًا بالفعل، ثم انتبهت لرنين هاتفها، نهضت قائلة:

-تلاقيها ماما، هرد عليها ومش هتأخر.

ابتسمت لين لها ثم نظرت لأخيها وقالت:

-اترددت كتير أجيلك، كنت خايفة تكون زعلان مني!

لامس يدها وقال بأخوة:

-إحنا أخوات، يعني مهما حصل أكيد مش هنتخاصم

وجدت لين أنها غبية؛ كونها تأخرت في الحضور إليه، فإن تفهمت مغزى الأخوة لكانت قد ذهبت إليه دون تردد.

حين شرع زين في تناول الطعام سألها:

-بابا قال إنك اشتغلتي مع واحد كويس، عرفيني أكتر عن شغلك...!!


ووالدتها تتناوب في إلقاء الأخبار عليها، أصابته حالة من الصدمة والذهول، فلم تتوقع منه كل ذلك، سألتها بتوجس:

-وصاحبتك يا مامي دي عرفت مين اللي كانت معاه!

ردت والدتها بجهل:

-لا يا سمر، هي قالت إنها شافته مع واحدة، والكلام ده كان من فترة، وكانت راكبة معاه عربيته

قالت بتخمين:

-يمكن تكون زميلة في الشغل والموضوع مش مستاهل

قالت الأخيرة بنفي:

-للأسف ميرفت أكدت إنهم بينهم حاجة، طريقته معاها وهما في العربية مكنتش طبيعية، باين بينهم علاقة كبيرة

تاهت سمر وأحست بالقلق، قالت:

-أنا خايفة تكون مراته القديمة، هي رجعت يوم جوازنا

ردت والدتها بمفهوم:

-اللي عرفته إنها مخلفة من واحد تاني ورجعت معاه، مش معقول يسمح لنفسه يرجعلها.

ارتمت سمر على المقعد بداخل غرفتها، مغتمة بشدة، فهي لم تشك به مطلقًا، بل أصبح يتودد إليها عن السابق، وباتت معاملته لها حسنة، وقلقت من صدق ما سمعته، فإن ارتبط بغيرها، سيعلم بالطبع عن خداعها، انتصبت في جلستها ثم سألت والدتها بريبة:

-طيب هنفذ اللي اتفقنا عليه ولا أيه؟!..............

__________________________________


استقبلته حين أتى وكأنها كانت تترقب عودته بين الفينة والأخرى، وتلقائيًا أسعد آيان بذلك وأخذ يقبل وجنتيها، قال:

-وحشتك!

هذا ما تفهمه من ترقبها ذاك؛ لكنها ثبطت ظنه حين ردت:

-لا أنا كنت عاوزاك في موضوع مهم!

بعض الأحيان يحزنه جفائها معه؛ لكنه بات يعتاد، قال:

-يا ترى موضوع أيه اللي مستنياني أول مرجع علشان تقوليهولي؟!

-اقعد نتكلم!

تهكم في نفسه ثم جلس منتظرًا، قالت وهي تجلس بجانبه:

-هطلب طلب منك، والمفروض بدون نقاش تنفذه!

زاد فضوله أكثر وهو ينتظر، فتابعت زينة بجدية:

-اللي اسمها جنى دي تسيب الشركة، ومش بس كده، أنا أمسك مكانها!

من رؤيته لها وجدها تتحدث بنزق، بل وتتعسف في طلباتها، فنظرت له زينة بقوة، تنتظر _من وجهة نظرها_ الموافقة، فقال:

-لو بتعملي كده علشان حاجة في دماغك فدا مش صح، الشغل شغل، وكفاية طريقتك اللي تضايق أي حد!

مناقشته لها أغاظتها، فأصرت قائلة:

-لا إنت متدنيش تعليمات وتفهمني حاجات متلزمنيش، بقولك البت دي من بكرة متكونش في الشركة، تشتغل بعيد عننا

نهض آيان وقد توغر صدره، هتف:

-دي بنت عمتي، وعيب أمشيها من غير سبب

قامت هي الأخرى وقالت بحنق:

-خلاص أمشيها أنا!

حقًا لن يفعل ذلك، فهتف باعتراض:

-لا يا زينة، مش من حقك تدخلي في شغلي، وفي الموظفين اللي عندي!

لجأت في حديثها للتهديد الصريح حين قالت:

-يا أنا يا هي، اختار!

سهلت عليه كثيرًا الأمر، فهو لم يحبذ عملها منذ البداية، قال:

-خلاص اقعدي وبلاش شغل

كبحت ضيقها من رغبته التي يضمرها، قالت مصححة:

-لا أنا أقصد أسيبلك البيت مش الشركة!

-تبقي اتجنني.

صاح بها بامتعاض؛ فقد تمادت كثيرًا معه، قالت بانفعال:

-معنى كلامك إنك موافق عليها واختارتها تفضل!

وقف آيان للحظات يتأملها بغموض، وعقله يتذكر مغزى نواياها، وتصميمها العنيد لتأتي هنا، لعن غبائه فقد وعي متأخرًا، ثم ابتسم باستهزاء أدهشها، قال:

-فهمت دلوقتي ليه أصريتي نيجي هنا، بس لو فاهمة إنك بكده هتمشيني على مزاجك، فأنت غلطانة يا زينة........!!

*********************
إلي هنا ينتهي الفصل العاشر من رواية قطرات الحب بقلم إلهام رفعت
تابع من هنا : جميع فصول رواية قطرات الحب بقلم إلهام رفعت
تابع من هنا: جميع فصول رواية أرض زيكولا بقلم عمرو عبدالحميد
تابعوا صفحتنا على الفيس بوك للمزيد من روايات عربية
أو أرسل لنا رسالة مباشرة عبر الماسنجر باسم القصة التي تريدها
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة