-->
U3F1ZWV6ZTMzNTg0ODE3NzI1X0FjdGl2YXRpb24zODA0Njk2NDgxODg=
recent
آخر القصص

رواية وصية والد بقلم على اليوسفى - الفصل الثالث عشر

مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة والروايات الرومانسية في موقعنا قصص 26 مع رواية جديدة من روايات الكاتب علي اليوسفي ووالذى سبق أن قدمنا له رواية أشلاء واليوم سنقدم لكم الفصل الثالث عشر من رواية وصية والد بقلم على اليوسفى هذه القصة مليئة بالعديد من الأحداث والمواقف المليئة بالكثير من الرومانسية والعشق.

رواية وصية والد بقلم على اليوسفى - الفصل الثالث عشر

اقرأ أيضا: روايات رومانسية

رواية وصية والد بقلم على اليوسفى

رواية وصية والد بقلم على اليوسفى - الفصل الثالث عشر

 أصعب مايكون في صدمات القدر، أننا دائماً مانحاول تجنبها، وهي دائماً ما تلاحقنا كقطارٍ مجنون، فقد سائقه القدرة على إيقافه.


...................


مازال على وقفته يوليها ظهره، حتى بعد أن سمع إطارات السيارة تتحرك مُسرعة فوق الطريق الإسفلتي، اقتربت ابنته منه لترفع يدها الصغيرة التي تحمل أوراق الرسومات التي اهدتها إياها ريما ،قائلة بنبرة طفولية: انظر دادي، تلك السيدة اسمها ريما مثلي، اهدتني هذه الرسومات، أليست جميلة؟؟


احتقنت عيناه باللون الأحمر الدامي ،يشعر بأن أذناه باتتا تنفثان الدخان ،انحنى قليلاً ليختطف الأوراق من يد صغيرته بجفاء فخافت وعادت للخلف وهي تضمّ الكرة البلوريّة إلى صدرها بحماية.


ضغطت على أسنانه بغضب حارق وهو يشاهد اسمها متذيّلاً إحدى الأوراق، تلاحم حاجباه وهو يكوّر الأوراق بين يديه ثم مزقها بغلّ ، صرخت ابنته ببكاء فنظر إليها ليوبخها، لكن وقعت عيناه على تلك الكرة، تسارعت أنفاسه وقد تذكرها، قطع المسافة بينهما ليأخذ الكرة منها قسراً، لم يأبه بدموع الطفلة ولا بصرخاتها راجيةً إياه أن يعيدها إليها ، ضغط على الكرة بأصابعه ثم رفعها عالياً ليضربها على الأرض، فغدتْ أشلاءً متناثرة .


صعد صدره وهبط بسرعة كمن دخل سباقاً،زاد غضبه من صرخات ابنته فصرخ بها مرةً أخرى، مما جعل بكاؤها يزداد، اصطفّ الباص المدرسي بجانبه فلم يستمع إلى اعتذارات السائق الذي كان يخبره بسبب تأخره الخارج عن إرادته، فضرب على باب الباص بقوة وهو يصيح بالسائق أن يتابع مسيره ، مما أخاف باقي التلاميذ الذين بدأوا في البكاء.


تحوّل أيمن خلال ثوانٍ إلى وحشٍ مخيف وهو يصرخ على ابنته الصغيرة ليوبخها ويهزها من يدها بقسوة، ارتجفت تحت يديه ولم يستفق من نوبة غضبه إلا على صراخ المربية بقربه، لينظر إلى ابنته فوجدها مغمىً عليها.


...........................................


ماتزال تلك الرعشة تسيطر عليها وإن ادّعت الثبات، حاولت إلهاء نفسها بالتجهيزات الأخيرة قبيل افتتاح المحل ،لكنها كانت ساهمةً شاردة تذرف الدموع طوال الوقت، لاحظت إيمان ذلك فاعتقدت أن السبب هو حنينها لأن تصبح والدةً ،خاصة بعد حديثها مع ريما الصغيرة ،كما لاحظت تبدّل حالها بعد رؤيتها لأيمن، فظنّت إيمان أن الأخير لربما أساء إليها بطريقة أو بأخرى.


كانت ريما تمسك بقطعة قماش مبللة تنظف بها الغبار عن أحد الأرفف، لكنها فعلياً كانت فقط تحرك الخرقة يميناً ويساراً برتابة، اقتربت إيمان منها تريد محادثتها والاستفهام عن سبب شرودها، رسمت على ثغرها ابتسامة بسيطة ،لكنها اختفت فور رؤيتها لدموعها، شهقت بخفة فانتبهت ريما إليها بينما تحدثت إيمان بلهفة: ريما عزيزتي، مالذي حدث؟ لمَ تبكين؟؟


أشاحت بوجهها عنها مجيبة بلا مبالاة مصطنعة وهي تمسح دموعها: لا شيء إيمان، لقد دخل بعض الغبار في عينيّ.


حسناً ،إنها كذبة أكل الدهر عليها وشرب، لذا لم تصدقها إيمان لأنه ببساطة لا غبار على الرفوف وقد تمّ تنظيفهم البارحة، استدارت إيمان حولها لتقف أمامها قائلة بحزم: لا اصدقك ريما، أخبريني مالأمر؟؟

حاولت أن تبعد وجهها عنها وهي تختلق كذبةً ما ،لكن إيمان كانت أعند منها فأضافت بتصميم: هل ضايقك السيد أيمن بشيء؟؟؟


سُحبت الدماء من وجهها لمجرد نطقها بالاسم، فقالت بهمس كمن رأى شبحاً: وهل تعرفين الرجل الذي كان واقفاً خلفي؟؟؟


ابتسمت إيمان ببساطة لتجيبها: طبعاً أعرفه، إنه جارنا السيد أيمن، لقد انتقل إلى حيّنا هذا العام برفقة ابنته الصغيرة.


لم تحسب حساب معرفة إيمان به ،أجلت صوتها لتتحدث بكذب وتوتر مع ابتسامة فاترة على محياها: لا تشغلي بالك إيمان، القصة أنني تفاجأت عندما رأيت والد الصغيرة أمامي، فقط خشيتُ أن يوبخها لأنها تحدثت معي.


بدت كذبتها ركيكة، بلهاء بمعنى أدق، ضيقت إيمان عينيها صائحة باستنكار: فقط؟؟

ظلت محافظةً على تلك الابتسامة المُختلقه وهي تشير لها بالإيجاب: نعم ،فقد أخبرتني أن والدها قد نبه عليها بألا تتحدث مع الغرباء، فقلقتُ عليها لا أكثر.


رغم عدم اقتناعها لتلك الحجة - الواهية- لكنها قررت أن تجاريها فيها فقالت: لا تقلقي ريما، فالسيد أيمن رجل طيب ولا أعتقد أنه سيوبخ ابنته.


سكتت لثانية قبل أن تضيف بنبرة ذات مغزى: وعلى أية حال فأنت لم تؤذيها، بل على العكس لقد أهديتها رسومات تخصك وأيضا كرة بلورية، صحيح؟؟


عرفت انها كانت تراقبها وقد لاحظت كل ماحدث،فاكتفت بإشارة صغيرة من رأسها وتحركت من أمامها فوراً، قبل أن تزداد أسئلتها وتحرجها، بينما تابعتها إيمان بعينيها وهي على اعتقاد أن سبب بكاء ريما لا يمتّ بصله لحججها الغير منطقية.


............................................................................


خرج الطبيب من غرفة الصغيرة ريما بعد إنهاء معاينتها تاركاً المربية ترعاها ، ليقابله أيمن متسائلا بقلق متعاظم: أخبرني أيها الطبيب، كيف حال ابنتي؟؟


وضع الطبيب حقيبته الطبية على الطاولة القريبة، ليخرج منها دفترا صغيراً وقلما وبدأ يدوّن أمرا ما، فيما يتحدث بعملية: سيد أيمن، ابنتك الصغيرة قد دخلت في نوبة انهيار عصبي.


زفر بعجز وارتجفت شفتاه ليسأله مجددا: كيف ،كيف تنهار أعصابها وهي ماتزال صغيرة كيف؟؟


وقف الطبيب بعد أن أنهى كتاباته: هي ليست انهيار عصبي بالمعنى الذي نعرفه ، لكن لنقل أنها صُدمت نفسيا، أي أن أحدهم ربما صرخ بها أو اخافها، أو أنه قد سلبها شيئا عزيزاً عليها، ففي هذه الحالة ستدخل الطفلة فيما يشبه الأنهيار٣.


رفع الورقة أمام وجه أيمن المصدوم مضيفا: اجلب هذه الأدوية وحافظ على إعطائها لها في الوقت المحدد.


أجفل عينيه للأسفل وتناول الورقة منه ، وهو يشير له بالإيجاب، رافقه حتى وصل الباب ثم توقف مجددا ليقبض اتعابه لكن الطبيب أضاف : عندما تستفيق الصغيرة سيد أيمن، احرص على تنفيذ كافة طلباتها مهما بدت غريبة ،حاول أن تنفذها لها جميعها ،وإلا دخلت في متاهة نفسية، عمادها رفضك طلباتها دائما .


عقد حاجبيه بشك من حديث الطبيب الغير مبشر بالخير مطلقا فتسائل باستنكار: ماذا يعني دخولها في متاهة نفسية؟؟، عمرها خمس سنوات فقط بحق الله!!؟؟


شد الطبيب ظهره وأردف بتهذيب و جبين مقطب : أخبرني سيد ايمن ،اين والدة الطفلة؟؟؟


بهتت ملامحه وتهرب بعينيه منه ثم اجاب بتلعثم : لقد...لقد توفيت منذ عامين.

عاد الطبيب يتسائل وهو يعرف طريقه: بغضّ النظر عن سبب الوفاة ، هل عانيتَ مع الصغيرة بعد وفاة والدتها؟؟


فطن أيمن لما يريده الطبيب ، فتراجع خطوتين للخلف حتى سقط على الأريكة المجاورة للباب متحدثاً وقد شرد في نقطة في الفراغ: نعم، لقد كانت تصرخ باستمرار بلا توقف تريد والدتها.


زوى الآخر مابين حاجبيه ليضيف: وكيف كنتَ تتعامل معها أنت؟؟؟

سقطت دمعة يتيمة من عينيه و ازدرم مرارة ريقه مجيباً بهمس: لقد كنتُ اصرخ بها دائماً ،وأحياناً أضربها.


حرك رأسه إيجاباً ليتابع كمن فطن علم جوهر الحديث: لذا بدأت تخاف مني، فانضممتُ إلى مجموعات دعم نفسي حتى أتمكن من التحكم بغضبي وشُفيتُ، واليوم عندما صرختُ بها.....


قطع حديثه لينظر إلى الطبيب الذي عقّب على حديثه بتفهم: اعتقدت أنك ستؤذيها من جديد، سيد أيمن ربما كانت ابنتك صغيرة حينها، لكن ذاكرتها قد احتفظت بمشاهد العنف منك .


أغمض عينيه بقوة وعضّ على شفتيه ندماً وجزعاً ، ثم دفن وجهه بين يديه وهو يتأوه بعجز، ابنته ووحيدته!! كيف له أن يفعل ذلك معها؟؟ كيف استطاع أن يؤذيها؟؟؟


ربت الطبيب على كتفه مردفاً بنبرة هادئة: يجب أن تكون قوياً سيد أيمن ، فهي ماتزال صغيرة على متاهة الأطباء النفسيين.


وقف أيمن قبالته ليشكره بامتنان فعقّب: كن أنت طبيبها سيد أيمن، ليس فقط والدها .

والدها !! وهل يستحق هو هذا اللقب أساساً ؟؟؟


...........................................................................


Flash Back.


يعلم الطبيب عبد الرحمن ،الشاب ذو الأربعين عاما، أن أماليا طبيبة ومتفهمة إضافة إلى وعيها، لذى قرر مصارحتها فلا فائدة من إخفاء الأمر عنها على أية حال، وضع كلتا يديه في جيوب رداءه الطبي متحدثاً بعملية : حضرة الطبيبة ،لا أخفيكِ أن تحاليل والدك الأخيرة لم تكن مطمأنةً بالمرة.


تهدّج صدرها وتحركت عيناها بقلق ،بينما أضاف الطبيب: إن قلب السيد عمار للأسف لم يعد يستجب للعلاج كما السابق .

تهدل كتفاها بجزع وتحدثت بعد أن بللت شفتيها: لكن حضرة الطبيب، والدي ملتزمٌ كلياً بالحمية المطلوبة، ويأخذ الأدوية في مواعيدها بانتظام ،فما المشكلة الآن؟؟

كاد يجيبها قبل أن تقاطعه بلهفة: إلا يمكننا تغيير نوعية الأدوية؟؟ علّها تحدث فرقاً معه؟؟


تفهم خوفها وفزعها بخبرة الطبيب، والتي اكتسبها بمعاناة من سنوات عمله الثلاثة عشر ، فأردف: حضرة الطبيبة انت تعلمين أنني لا أستطيع تبديل نوعية الأدوية، فقال والدك الضعيف أصلا لن يتحمل نوعية أقوى من تلك التي يأخذها حالياً


أخفضت رأسها بأسىً لتكمل مايودّ قوله: وزمرة ده النادرة تجعل الحصول على قلب بديل له صعبة للغاية.


أغمضت عينيها بوجل مع نهاية حديثها وكأنها تدرك أنها النهاية، ،سيطر القلق عليها فربت عبد الرحمن على كتفها مواسياً: آنسة أماليا، كل مانستطيعه الآن أن نوجهه إلى حمية أكثر صرامة مع الاستمرار بتناول الأدوية في مواعيدها، والشيء الأهم بالطبع هو إبعاده عن القلق والتوتر قدر المستطاع.


حركت رأسها بتفهم فتابع مع ربتة بسيطة على كتفها: بالشفاء بإذن الله.

ضغطت على شفتيها لتؤخر عبراتها هامسةً بضعف: أشكرك حضرة الطبيب.


جرّت قدميها لتتحرك متجهةً إلى مكتبها وهي تشعر بالعجز، ألقت بنفسها على كرسي مكتبها متخبطة مابين الخوف والجزع، ومابين الرضا بقضاء الله وقدره، وأن الأعمار بيده وحده، لكن خوفها مبرر على أية حال، فيبقى هو والدها وسندها الوحيد في هذه الحياة، مهما كبرت وتعلمت ماتزال تشعر وهي بجانبه بضآلة حجم ثقافتها ومعرفتها أمام تجاربه الحياتية، وماتزال تشعر بأنها طفلة صغيرة ،تبحث عن الامان في أحضان حبيبها الأول.


...........................


طرقات خفيفة على باب غرفتها اخرجتها من ذكرى حديثها مع طبيب والدها منذ حوالي أسبوع، سمحت للطارق بالدخول والذي لم يكن سوى والدتها، انتفضت بفزع عندما رأتها هاتفة: مالأمر أمي؟ هل أبي بخير؟؟

تبسمت عليا بخفة وهي تقترب منها متحدثة: اهداي عزيزتي والدك بخير وهو نائم الآن.


تنفست براحة طفيفة لكنها زوت مابين حاجبيها بقلق من حضور والدتها إلى غرفتها في هذا الوقت المبكر، ،وكمن قرأت أفكارها أردفت عليا: جئت اسألك أماليا، لماذا غيرتي الحمية الغذائية لوالدك؟ أهناك ما يجب أن أعلمه؟؟

حارت بإجابتها فهي لم تكن قد أخبرت أحداً بحديث الطبيب عبدالرحمن معها، واكتفت بإخبارهم بأن الطبيب يرغب في أن يتبع عمار حمية قاسية أكثر من الأولى.


اصطنعت الابتسام وهي تجيبها: لا داعي للقلق امي، إنها فقط.....

قاطعتها والدتها بنبرة هادئة وهي تكتف يديها أمام صدرها متحدثة بحزم: أرجوكي أماليا، فقط كوني صريحة معي .


ازدردت ريقها وهي لاتعرف الكلمات الملائمة لهذا الحديث، طال صمتها فيما الخوف ينهش قلب عليا، أدمعت عيناها مرددة بغصة خانقة: والدك ليس على مايرام، صحيح؟؟؟


تهدل كتفاها وأشارت لها بالنفي ،ارتجف فكها وأدمعت عيناها هي الأخرى، شهقة مفزوعة فلتت من عليا وهي ترفع يدها لتضعها على فمها المرتعش وقفت أماليا قبالتها لتحاوط كتفيها، حدثتها وعينيها الزرقاء تهدد بعواصف ماطرة: أنا آسفة أمي، لكنها الحقيقة ولا مهرب منها.


ضمتها إليها لتحرر عبراتها أخيرا، ليس أصعب على الإنسان من الوقوف مكتوف الأيدي، عاجزٍ عن مساعدة عزيز عليه.


............................................................................


كان كلاً من أدهم وشقيقه جالسين على مائدة الطعام، يتبادلان بعض الأحاديث عن العمل والمكتب.


تسائل أدهم باهتمام بعد أن أخبره أن أيمن قد ألغى الاجتماع الذي كان مقرراً أن يجمعهما : إذا، ألم يخبرك بالسبب ؟؟؟


قطّع مجد قطعة اللحم بسكينه ثم أجاب مركزاً بما يفعل: لا أعلم، لكنه بدى مرتبكاً عندما اتصل ليخبرني بأن ابنته قد تعبتْ فجأةً واضطرّ لأن يجلب لها الطبيب، كذلك قال أنه عليّ أن أتابع الشحنات بنفسي.


مطّ أدهم فمه بتفكير وهو يمضغ قطعة بطاطا ،لكنه توقف عندما دخلت ريما إلى المنزل لتجدهما جالسين على الغداء.


قطّب جبينه لقدومها باكراً ،كاد يسألها لكنه ثنى حاجبيه بريبة وهو يطالع وجهها المتعب، والذي بدت عليه آثار البكاء واضحةً .


لاحظ مجد جمود شقيقه فجأة ، فالتفت للخلف ليرى ريما هو الآخر، اقلقه منظرها فاتجه إليها مسرعاً صائحا بلهفة: ريما؟؟ عزيزتي مابك؟؟


ارتجف فكها وقد تفاجأت بوجود كليهما في المنزل، ظنّت أنهما مايزالان في عملهما، حركت رأسها للجانبين بإنكار وبسمة صغيرة ارتسمت على شفتيها، لتجيبه باختناق وهي تبلل شفتيها: لا شيء عزيزي، انا فقط متعبة قليلا.


كان قد وصل أمامها في هذه اللحظة، تفرس فى وجهها ثم سألها بشك: هل أنتي متأكدة أنك بخير؟؟؟؟


أشارت له بالإيجاب دون حديث، خشيت أن تخونها عبراتها قبل اأن م تلوذ بالفرار، منحت أدهم نظرة استغاثه لينقذها من اسئلة مجد والتي هي على يقين أنه لن يتوقف حتى يعلم السبب ،ولو كانت تعلم بوجوده هنا لما عادت الآن ، صعدت عقبها إلى غرفتها وراقبها كلاهما حتى اختفت في الأعلى.


التفت مجد صوب شقيقه ليسأله بخشونة: مالأمر أدهم؟؟ هل تشاجرت مع ريما؟؟؟

منحه أدهم نظرة جامدة دون إجابه ،رمى المنديل القماشي على الطاولة ليلحق بها، فيما بقي مجد غير مطمئن من تصرفات كليهما الغريبة .


........... ......


جلست على السرير تعضّ شفتيها المرتعشتين، وهي تخشى من أن يتبعها أحدهما، وقد صدق حدسها مع تلك الطرقات المتعاقبة، تفست بعمق واصطنعت بسمة صغيرة على ثغرها الرقيق، ثم أذنت للطارق والذي لم يكن سوى أدهم ، جلس بجانبهايطالع ابتسامتها المزيفة، ماهي إلا ثوان حتى اختفت ليظهر الأسى بديلاً عنها، ثم اجهشت بالبكاء وهي ترتمي في أحضانه.


بكت بمرار وانتفضت بقهر ،مما جعل القلق يتسرب إليه فسألها بجزع: مالأمر ريما؟؟؟ مالذي حدث؟؟


لم تجبه، بل بقيت للحظات تصرخ ويكتم صدره صرخاتها، شعر بالقلق عليها وهو لا يعرف سبب حالتها تلك، ثوان أخرى مرّت قبل أن يهدأ خوفه عليها عندما همست من بين دموعها : لقد رأيته أدهم، لقد قابلت أيمن.


................................................................


دثرها أدهم في سريرها علها تنام ،وهو يعلم أنها لن تفعل، بل ستحاول الهرب فقط، نزل الدرجات بشرود وقد وغر صدره ناحية كل شيء في حياته، قد يراها الجميع حياة هادئة مثالية بل ويحسده كُثُرٌ عليها ،لكن لا أحد يعلم ما يعانيه هو وريما، فكلاهما خُلِعَ من جذوره وأعيدت زراعته قسراً في مكانٍ ليس مكانه، ربما هو اعتراض على القدر ، لكنهما فقط لم يستطيعا التأقلم في التربة الجديدة رغم طول السنوات.


وصل للأسفل وهو يشعر بالاختناق، ليجد مجد جالساً بانتظاره، حاول تفادي استئلته لكن مجد انتفض واقفا ليسأله: مالأمر أدهم؟؟


لم يكن الأخير على قدر من الجلد والصبر ليردّ على أسئلة شقيقه فاكتفى بكلمة واحدة: لا شيء.

حاول الخروج فاعترض مجد طريقه قائلا بتصميم: ماذا تقصد ب( لا شيء )؟؟؟..


ضغط الآخر على أعصابه بقوة لئلا ينفجر في شقيقه، فتحدث بجمود: لا شيء يعني لا شيء.

أراد التحرك من جديد لكن مجد اعترض طريقه صارخاً: هلّا وقفتَ لثانية واخبرتني بالحقيقة؟؟


زفر من أنفه محاولاً الحفاظ على ما تبقى من صبره، لكن مجد أصرّ على استنزافه وهو يصيح بصوت عال نسبيا : لقد تشاجرت مع ريما ،صحيح؟؟؟

نفرت عروقه من جانبي رقبته ورأسه ليصرخ بشقيقه؛ وأنت هلّا كففتَ عن التدخل في حياتنا انا و ريما؟؟؟؟


عاد مجد للخلف برهبة من صراخ شقيقه وهيئته الجديدة عليه ،في حياته كلها لم يصرخ أحدهم في وجهه خاصة أدهم..

تنفس الآخر بعمق ليثبط حنقه وغضبه من مجد وهو لايعرف حقا مالذي يحدث معه، ماسبب تقلبه هكذا وصراخه في وجه شقيقه؟؟


تحرك من أمامه فورا قبل أن يقدم على فعل اهوج ،تاركاً أخاه بذهوله واستغرابه، سقط على الأريكة خلفه وهو يفكر في أمر شقيقه و ريما كذلك ، ما يجري معهما منذ فترة غريب فعلا.

*********************
إلي هنا ينتهي الفصل الثالث عشر من رواية وصية والد بقلم على اليوسفى
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة