-->
U3F1ZWV6ZTMzNTg0ODE3NzI1X0FjdGl2YXRpb24zODA0Njk2NDgxODg=
recent
آخر القصص

رواية الطاووس الأبيض ج3 بقلم منال سالم - الفصل السادس عشر

مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة وأجمل الروايات الممتعة والروايات الرومانسية مع رواية رومانسية جديدة للكاتبة المتألقة منال محمد سالم والتي سبق أن قدمنا لها العديد من الروايات والقصص الرائعة من قبل علي موقعنا قصص 26 وموعدنا اليوم مع الفصل السادس عشر من رواية الطاووس الأبيض ج3 بقلم منال محمد سالم .

رواية الطاووس الأبيض ج3 بقلم منال سالم - الفصل السادس عشر

إقرأ أيضا: حدوتة رومانسية 

رواية الطاووس الأبيض ج3 بقلم منال سالم


رواية الطاووس الأبيض ج3 بقلم منال سالم - الفصل السادس عشر

 ارتكن بظهره على الجدار الممتد لمدخل بنايته، بعدما انسحب بهدوءٍ من العزاء مستندًا على عكازيه الطبيين، بقي "تميم" لدقائق بمفرده، مترقبًا عودة رفيقه إليه، ونظراته تدور على الأوجه المارة من حوله. النظر في وجهه في تلك اللحظة يعني رؤية كافة تعابير الغضب، كظم ما يعتريه من مشاعر حانقة، ريثما تتضح له كافة الأمور الغامضة؛ لكن ما أراحه قليلاً معرفته لمكان اختفاء هذا النذل القاتل. انضم إليه "منذر" وهاتفه على أذنه، دون تأخيرٍ أنهى الاتصــال، وأخفض يده ليتطلع إليه، استطرد قائلاً دون مقدمات استهلاليةٍ:

-اتنين من رجالتي قريبين من الحتة اللي هو موجود فيها، هيسبقونا على هناك ويستنونا.

علق متسائلاً باستهجانٍ يشوب صوته وملامحه:

-واحنا إيه معطلنا؟ ما نطلع نجيبوه على طول ابن الـ (...) ده!

أجابه موضحًا له بقليلٍ من التعقل:

-يخلص العزا وهنتوكل على الله، مش عايزين نلفت النظر لينا يا "تميم"، وخصوصًا إن في كذا حد من الداخلية هنا.

نفخ في سأمٍ رافضًا المماطلة وإضاعة الوقت هباءً، فكل دقيقة تمر تعنى منحه فرصة للهرب قبل الإمساك به. وضع "منذر" يده على كتفه، ضغط عليه بأصابعه مؤكدًا عليه:

-وربنا ما هيتساب.

سأله "تميم" بنوعٍ من الفضول:

-قولي إنت عرفت مكانه إزاي؟

جاوبه وهو يدير رأسه للخلف:

-من "ناجي".

تقطب جبينه في دهشةٍ، لينطق لسان حاله:

-ناجي؟!!!

أومأ برأسه بالإيجاب، وأكمل مسترسلاً:

-أيوه، رجالته "شيكاغو" و"حمص" قالوا إنهم شافوه في بلده القديمة.

ظلت تعابيره مليئة بأمارات الاندهاش، في حين أضاف "منذر" بوجهٍ مزعوج:

-ده غير إننا مسكنا واحد من العمال عندك في الدكان، كان مشغله عين ليه عليك، يبلغه بكل خطواتك!!

احتقنت نظراته، وحلت غمامة غاضبة على تعبيراته عندما هتف في حدةٍ:

-كمان، واحد من رجالتي دلدول عنده؟ وبيخوني؟

استياءٌ صريح انعكس على وجه "منذر" الذي تابع:

-هانقول إيه بس، في ناس كده (...) مايطمرش فيها اللقمة، وبعدين "محرز" ده طلع داهية، محدش يتوقع إن المصايب دي كلها يعملها.

عقب رفيقه بغصةٍ حارقة:

-اللي حازز في نفسي أكتر إني كنت مأمنه على أختي وأهلي ومالي، وفي الآخر يطلع (...).

أطلق "منذر" زفرة طويلة، تمتم بعدها:

-هو استغفل الكل، ووقت الحساب جه.

استقام "تميم" في وقفته، ومرر عكازيه أسفل إبطيه ليساعداه على السير، وقال بلهجةٍ قاتمة:

-شوفلنا العربيات يا "منذر"، أنا مش هاقدر أستنى لحد ما الناس تمشي، أبويا موجود وجدي، هما موجودين يسدوا مكانا.

أدرك صديقه أنه لن يستطيع إثنائه عن رأيه، فتنهد مرددًا:

-ماشي يا سيدي، هاشوف "دياب" وراجعلك.

تركه بمفرده ليستدعي شقيقه، ويرتب معه في عجالةٍ ما قد يحتاجون إليه للانتقال بالعدة والعتاد للقبض على "محرز"، بجهد جهيد حاول "تميم" تثبيط الانفعالات الثائرة بداخله، فما زال إحساسه بالتراخي في حماية جزءٍ من عائلته يعذبه؛ وإن لم يعلم بعد بالمؤامرات الخبيثة التي حيكت ضده لإهلاكه.

.................................................

سحقًا لأمثاله من عديمي المشاعر، مقتنصي الفرص لإظهار الشماتة علنًا، هكذا كان "فضل"! يستمتع بنشوةٍ منفرة بإظهار نواقص غيره؛ وكأنما يخلو شخصه المقيت من العيوب، فحينما لمح "تميم" يقف بعكازيه، وعلامات الألم تبدو عليه كلما جاهد ليتحرك قليلاً على الرصيف، حتى أحس بسرور غريب يتفشى في روحه العليلة، ظن أنها فرصته المناسبة لرد الصاع صاعين له، والاقتصاص منه لإهانته الوقحة له، بكلماتٍ تستثير غيظه، وتجعل في نفس الآن غير قادرٍ على مجابهته. دنا منه، ورمقه بنظرة استعلاءٍ متشفية، قبل أن يستوقفه صائحًا بنبرةٍ شبه هازئة:

-سلامتك يا .. معلم، مين اللي عَلم عليك كده؟ شكله واحد إيده طارشة، مايعرفش أبوه.

لم يكن مراعيًا لمشاعر غيره الحزينة، وقاحته تخطت المقبول، استدار "تميم" ليواجهه، ونظراته توحي بغضبةٍ على وشك الاندلاع فيه، زجره متسائلاً بصوته الأجش:

-عَلم عليا؟ إنت اتجننت يا بنى آدم؟

واصل سخريته منه، غير مكترث بتبعات لغو لسانه الأحمق:

-أومال اللي حصلك ده من إيه؟ أوعى تقول قشرة موزة مثلاً دوست عليها بالغلط وإنت بتنقل الأقفاص؟

هدر به "تميم" بخشونةٍ، وهو يرفع عكازه في وجهه ليهدده به:

-القفص ده هتلبسه في دماغك لو مغورتش من قدامي.

أزاحه "فضل" بيده، قاصدًا دفع "تميم" بعدائية للخلف لطرحه أرضًا، رغم كون الأخير قد حافظ على اتزانه، إلا أن ذلك الوقح تابع استفزازه البارد بقوله السمج:

-بالراحة يا معلم، لأحسن عروقك تطق، وإنت شكلك مش حِمل خناقة تانية.

وقبل أن يضيف المزيد من العبارات المهترئة التف بغتةً حول عنقه ذراعًا قوية، لم يستطع المناص منها، فشل رغم محاولاته إبعاده، وأصبح أسيرًا لمن لم يستطع رؤية وجهه. ضغط "منذر" بعضلات ذراعه أكثر عليه، ليحبس الهواء عنه، وتساءل بهدوءٍ؛ وكأنه يتعمد إذلاله، وإظهاره بحجمه الحقيقي:

-في إيه "تميم"؟ قولي الشِوال ده مضايقك في حاجة؟

أجابه بتجهمٍ:

-شايف نفسه البغل.

تلوى "فضل" بجسده الممتلئ، وعجز عن تحرير نفسه، فقال بصوتٍ مختنق، وبوجهٍ مشتعل في حمرته:

-أوعى كده..

سدد له "تميم" نظرة استحقارٍ، بينما أكمل "منذر" كلامه، بنفس السيطرة المطلقة، قاصدًا إهانة هذا السمج:

-ما تسترجل يا جدع، وتنشف كده؟ هو أنا لسه عملت حاجة، ولا إنت بتقلب حُرمة لما بتشوف الرجالة اللي بجد؟

زادت مقاومة "فضل" لقسوته، وبدا على وشك البكاء من شدة الألم، تدخل "دياب" في الحوار قائلاً بتسلية:

-لأ سبهولي يا "منذر"، أنا إيدي بتاكلني عايز أضرب حد، ومعنديش مشكلة أعلقه على باب العمارة.

ولأن الموقف لا يتحمل المزيد من التهكم، فأنهى "تميم" تلك السخافة هاتفًا بوجومٍ:

-سيبوه!

هز "منذر" رأسه احترامًا لرغبته، وتركه مع دفعةٍ غليظة للأمام، ليستدير "فضل" لمواجهته، رأه يفوقه طولاً وحجمًا، بالكاد إن تلقى لكمة طائشة منه لأعاد ترميم قسماته، بلع ريقه، وصاح بصوتٍ مهتز حاول أن يحفظ به ماء وجهه المُراق:

-إنتو مجانين.

استشعر "منذر" رهبته، وسأله بنظراتٍ مهددة:

-مش كنت عامل فيها دكر؟ خوفت ليه؟

تراجع بعيدًا عن محيطه خطوتين، وقال بلجلجة بائنة وهو يشير بيده نحو "تميم":

-أنا .. كلامي مش.. معاكو.

على الجانب الآخر، اندفع "هيثم" خارج البناية، بخطواتٍ مهرولة أقرب للركض، ومن خلفه زوجته تحاول اللحاق بخطاه السريعة، لم يكن في حالةٍ جيدة، غضبه خرج عن حدود السيطرة، وربما إن تركته بمفرده لارتكب من الحماقات من قد يودعه في غياهب السجن. توسلته وهي تسعى لإيقافه بالتعلق بذراعه:

-استنى يا "هيثم"، عشان خاطري ماتروحش وإنت في الحالة دي.

نفض ذراعها، والتفت يحدجها بنظرة مشبعة بحمرة ملتهبة وهو يقول في تهكمٍ سافر:

-عايزاني أقعد مع الحريم أولول جمبك؟

انزعجت من حدته، ولم تعاتبه تقديرًا منها لحالته النفسية؛ لكنه أكمل بنفس اللهجة المنفعلة:

-وطبعًا أسيب الكلب اللي قتل أختي كده عايش حياته ومبسوط؟

ردت برجفةٍ طفيفة، أظهرت خوفها عليه:

-لأ، بس مش عايزاك تودي روحك في داهية.

رفع إصبعه أمام وجهها، وأخبرها بلهجةٍ عبرت عن ألمه العميق:

-حق أختي هاجيبه يا "همسة"، مش هاسيب دمها ولا دم أمي يروح هدر...

أدمعت عيناها تأثرًا، فأضاف بنبرةٍ متشددة:

-واطلعي يالا على فوق.

أصرت على البقاء معه رغم تحركه، تبعته من جديد، وهتفت محتجة:

-لأ يا "هيثم"، مش هاطلع، ومش هاسيبك تضيع نفسك إنت كمان.

تجاهلها متجهًا إلى "تميم" ومن معه، وصوته الآمر يرن عاليًا:

-اطلعي فوق

توقفت "همسة" عندما رأت ابن خالته ورفاقه، استعطفتهم برجاءٍ:

-بلاش تتهوروا، وخلوا الشرطة تجيب حق اللي راح، إنتو في غنى عن المشاكل.

تكلم "تميم" قائلاً دون أن ينظر في اتجاهها:

-المشاكل جت عندنا من زمان.

صاح "هيثم" بها موبخًا إياها:

-متوجعيش دماغي، هي كلمة، اطلعي اقعدي فوق.

نظرت له بعتابٍ، تنفست بعمقٍ لتمنع نفسها من البكاء أمامهم، وأردفت تسأله بصوتٍ خرج مضطرمًا متقطعًا:

-يعني ماليش خاطر عندك؟

بنفاذِ صبرٍ هدر بها:

-يوووه، كفاية بقى، أنا مش هاتكلم كتير.

تحرك "منذر" ليقف إلى جواره، لف ذراعه حول كتفه ليهدئه، وأخبره بصوتٍ خفيض:

-بالراحة يا "هيثم"، الجماعة خايفين عليك.

على عكسه فكر "فضل" في استغلال الموقف، وإظهار رجولةٍ زائفة ليكسب بها بضعة نقاطٍ يعيد بها كرامته المبعثرة، لذا خشن من نبرته، وهتف في "همسة"؛ وكأن إحراجها أمرًا عاديًا:

-ما تتلمي يا بت وتسمعي كلام الرجالة...

هتف "هيثم" يحذره بعد أن تفاجئ من إقحام نفسه في شأن لا يخصه:

-ماتدخلش!

بينما تدلى فك "همسة" السفلي في صدمةٍ مليئة بالذهول، وحملقت في ابن عمها بعينين متسعتين، ليتابع هجومه الوقح عليها:

-ولا مفكرة إن بعد ما اتجوزتي عيارك هايفلت، لأ ده أنا ممكن أكسر رقبتك فيها، إياكش مفكرة نفسك هتستعصي عليا؟ أختك وجبت رقبتها تحت رجلي.

كلماتٍ نطق بها بعفويةٍ استرعت انتباه ذاك المحمل بهمومٍ كالجبال، قست عينا "تميم"، وهو يتطلع إليه، وقد استحوذ وجه "فيروزة" على خلايا عقله، لم يطرف جفناه، بل ازداد وجومًا وقسوة، استمر في مطالعته، كما لو كان يحاول بنظراته النافذة كشف غموض جملته المبطنة، تلك التي تخص الطاووس المهاجر، بقي كامل تركيزه معه، رغم الغيظ المستبد بـ "همسة"، والذي غلف صوتها وهي ترد ملوحة بيدها:

-إنت بتكلمني كده ليه؟

-إياكي ترفعي صوتك عليا!

قال "فضل" عبارته الأخيرة وهو يهوي بكفه على وجنتها ليصفعها، كان تصرفه الأرعن كفيلاً بنزع فتيل غضب "هيثم"، حيث اندفع الأخير كالمجنون نحوه بكامل ثقله، تعلق بتلابيبه، ثم هزه بعنفٍ وهو يصيح به:

-إنت اتجننت؟ بتمد إيدك على مراتي؟

بدا "فضل" وكأنه سيبول على نفسه من خوفه الشديد، لعق شفتاه، وبرر تصرفه قائلاً بارتعابٍ شديد:

-ده أنا بأدبها .. عشانك يا أبو نسب.

هدر به في غضبٍ أهوج:

-تقوم تضربها؟ هو أنا اشتكيتلك؟

صاحب صياحه المنفعل لكمات متتابعة عنيفة في أنحاء وجهه، حتمًا ستترك أثرها عليه، ليطرحه أرضًا بعد ذلك، ويجثو فوق عنقه بركبته، قاطعًا عن مجرى تنفسه الهواء، في البداية لم يمنعه أحد، رأى من حوله أن يستحق هذا الجزاء لطيشه، لكن إشارة جادة من عيني "تميم" لـ "دياب" دفعت الأخير للتحرك نحوه، وبصعوبةٍ تمكن الأخير من انتشال "هيثم" من فوقه، وهو يخبره:

-كفاية عليه كده، إنت ربيته يا "هيثم".

قاومه بشراسةٍ، وهدر بنفس النبرة الغاضبة:

-لأ مش كفاية.

أتى الحاج "اسماعيل" مهرولاً في اتجاههم، بعد غياب ابنه لمدة طويلة، خرج من السرادق للبحث عنه، وحدث ما كان يخشاه، وجده يتشاجر مع من هم أشد منه قوة، جحظت عيناه رعبًا عليه، وهتف متوسلاً السماح:

-بالله عليك تسيبه، حقك عليا أنا يا ابني!

حينها انحنى "منذر" هو الآخر ليجذبه من كتفه، وهتف في أذنه:

-إنت عملت معاه السليمة، سيبه!

استعان بمساعدة شقيقه ليفصله عنه، فأخذ "فضل" يصدر أنينًا موجوعًا، وقال بنوعٍ من الشكوى، ملقيًا بالذنب على "همسة" في تبجح منفر:

-شايف يابا، عشان مش راضي بالغلط من بنت عمي، يتكاتروا عليا، بقى هي دي المرجلة؟

قال والده في ازدراءٍ؛ وكأنه لا يصدقه:

-هو أنا مش عارفك يا "فضل"؟

غمغم ابنه بكلماتٍ متبرمة غير مفهومة، لاعنًا إهانتهم المذلة له؛ لكنه لم يجرؤ على النطق بهذا علنًا، كان بحاجةٍ للمساعدة للنهوض، ولم يمد له أحد يد العون، حتى والده وقف كالمتفرج ينتظر قيامه، بمزيدٍ من الجهد استند على راحتيه، ليرفع جسده عن الأسفلت القاسي، بمجرد أن استقام واقفًا، اعترض "تميم" طريقه، نظر في عينيه بنظراتٍ تقدح شرًا، ارتعب الأول من طريقة تحديقه به، وانعكس الخوف على كامل وجهه، بدا صوت الأخير قريبًا منه، ثم أخبره بلهجة لا تعرف للمزح لونًا:

-لو فكرت تقرب من جماعة "هيثم"...

اشتدت نبرته قساوة وحزم، عندما أتم باقي جملته:

-ولا حتى أختها، عيالك هتتيتم!

انتصبت كامل شعيرات جسده على إثر تهديده، أكدت نظراته الفارغة من الحياة جديته، شحبت بشرته أكثر، وتراجع بخطواتٍ متعثرة للخلف هاربًا من أمامه، كفرار الفريسة من الأسد الجامح.

صراخ جنوني صدح في الأجواء، أجبر الجميع على الالتفات نحو المدخل، لتطل بعدها "هاجر" وهي تهتف مستغيثة، ويدها على رأسها المغطى بحجابٍ غير محكم:

-الحقني يا "تميم"! ابني اتخطف!

....................................................................

أصبح من الصعب ردعه، بعد وصوله لتلك المرحلة الحرجة، في مشواره المتخم بالجرائم النكراء، اِنقاد وراء جنونه غير المحدود، تاركًا عاطفته الأبوية وراء ظهره، ليشرع لاهثًا خلف ما ينجيه من الهلاك؛ وإن كان يعني هذا اختطاف رضيعه للمساومة به من أجل المال، بعد عقده لصفقة جديدة لتهريبه خلال البلاد، سلبت ما بحوزته من نقود ومشغولات ذهبية مطعمة بالدماء. استغل "محرز" عدم توقع الغالبية العظمى لقدومه خلال مراسم العزاء، ليختبئ في عباءة نسائية فضفاضة، وسوداء اللون، يزينها نقاب طويل يخفي وجهه، فيبدو كواحدة ممن جئن لتقديم هذا الواجب الضروري، ولكونه يعرف مداخل المنزل جيدًا، لم يجد صعوبة في التجول بحريةٍ ليصل إلى غرفة "هاجر".

كانت الأخيرة تنوح موت "خلود"، خلال بقائها مع حفنة من النساء في صالة منزلها، فرحيلها بتلك الصورة الشنيعة شكل صدمة أوجعت قلبها، خاصة مع تقاربهما الشديد، وأيضًا لكون القاتل زوجها، بكت مدمدمة بنحيبٍ:

-آه يا حرقة قلبي عليكي يا أختي! كنتي غالية عندي.

واستها إحدى السيدات قائلة:

-هوني على نفسك يا حبيبتي، ربنا يرحمها برحمته الواسعة.

ضربت بكفيها على فخذيها، وتابعت عويلها المليء بالشجن:

-لأ واللي قتلها جوزي؟ شوفتي النصيبة! هي الدنيا جرالها إيه؟

ردت عليها أخرى وهي تزم شفتيها:

-ربنا يلطف بيكي وبالست "ونيسة".

هزت جسدها للجانبين في حركة اهتزازية متكررة، وهي تواصل ندبها:

-مابقناش ملاحقين على المصايب، منك لله يا "محرز"، أشوفك متعلق على حبل المشنقة، يا رب انتقم منه!

ربتت عليها ثالثة، وطلبت منها بنوعٍ من التعاطف:

-ماتعمليش في نفسك كده يا حبيبتي، وقومي شوفي ابنك، هو اللي باقي.

التفتت ناظرة في اتجاهها، وعلقت باستهجانٍ شديد:

-ابني؟ هاقوله إيه لما يكبر؟ أبوك ماشي يقتل في الناس؟

أطرقت رأسها في أسفٍ، وقالت:

-لا حول ولا قوة إلا بالله، معلش يا بنتي، ده النصيب.

هتفت تلعنه في حرقةٍ:

-نصيب منيل ومهبب، ربنا ياخد يا "محرز".

استندت على مسند الأريكة لتنهض من جلستها، سارت عبر الردهة في اتجاه غرفتها، ولم تنتبه للخطوات التي تتعقبها، ولجت إلى حجرتها، باحثة عن رضيعها المتواجد في فراشه، انحنت لتحمله بين ذراعيه، وما إن التفتت حتى وجدت "محرز" أمامها، شخصت أبصارها، وهمّت بالصراخ؛ لكنه أطبق على شفتيها بكفه، ولف ذراعه الآخر حول رأسها، شعر بحرارة أنفاسها المكتومة تحرق راحته، رمقها بنظرة ميتة أرعبتها، صر على أسنانه متسائلاً بغلٍ محموم:

-بتدعي عليا يا "هاجر"؟

سرت ارتجافة رعب في كامل بدنها، صحبتها خفقات عنيفة كادت توقف نبض قلبها، الواقف قبالتها الآن يختلف كليًا عمن عاشرته، ليس هذا بزوجها الذي أفنت سنواتها لرعايته والاهتمام به، خفقة أخرى مرتاعة عصفت بها، حينما توعدها بفحيحه الذي جعلها تزداد جحوظًا:

-أنا هاحسرك على ابنك.

بغريزة أمومية متأصلة فيها، ضمت رضيعها بقوةٍ محاولة حمايته من بطشه الأعمى، الشرر المتطاير من مقلتيه أكد لها عزمه على تنفيذ تهديده. شحنت "هاجر" قوى هاربة منها لتقاومه بضراوةٍ دفاعًا عن وليدها؛ لكنه باغتها بضربة مؤلمة على مؤخرة رأسها، تبعها بأخرى عنيفة أفقدتها الوعي، ثم تلقف الرضيع منها، وحاوطه بحجاب نقابه ليخفيه عن الأعين، ثم تسلل مثلما جاء خارج الغرفة، بخطواتٍ متعجلة، قاصدًا باب المنزل، ومنه قفز الدرجات هبوطًا للأسفل.

تجمد مشدوهًا عند مدخل البناية، حينما رأى "تميم" ومن معه، اعتراه الخوف، وكاد يتراجع عن استكمال خطته الدنيئة لولا أن وقف الحظ في صفه، والتهوا بشجارهم الغريب، لينسحب في تخفي مثلما جاء، مع فارق أنه سرق ابنه الوحيد.

حينما أفاقت "هاجر" من إغماءتها السريعة، فتشت بنظراتٍ مشوشة عن رضيعها، هتفتٍ بقلبٍ واجل:

-"سلطان"، ابني!

التقطت حجابها الأسود، طرحته على رأسها، وهرولت صارخة خارج غرفتها تصيح باهتياجٍ:

-"محرز" خطف ابني!

واصلت هرولتها المذعورة، قافزة على درجات السلم، لم تهتم إن انكفأت على وجهها أم لا، المهم أن تلحق بفلذة كبدها قبل أن يطاله الأذى، في الأخير وقفت أمام شقيقها، وبأنفاسها اللاهثة المليئة بكل ما فيها من لوعةٍ وجزع استنجدت به:

-الحقني يا "تميم"! ابني اتخطف!

صراخها الملتاع جذب كافة الأنظار إليهم، فلم يعد للسكوت معنًا، هدر "تميم" آمرًا من حوله من رجالٍ أشداء:

-يالا يا رجالة، مش هايطلع عليه نهار.

وقبل أن يتقدموا نحو السيارات التي اصطفت أمام الرصيف، ظهر "بدير" في المشهد، ومن خلفه "سراج"، هتف الأول متسائلاً بشكلٍ عابر، رغم تعابيره القلقة:

-إيه اللي حصل يا ولاد؟

أجابه "دياب" مباشرةً:

-الكلب خطف ابنه، شكله عايز يلوي دراعنا.

جزع "بدير" للخبر، وردد في خوفٍ:

-الكلب ده ممكن يأذيه!

كلماته العفوية ضاعفت من ارتعاب "هاجر"، فاندفعت نحو شقيقها تتوسله بعينين غارقتين في الدموع:

-رجعهولي يا "تميم"، أنا مش عايزة أخسره، متوجعش قلبي عليه.

لامست بلهفتها المحترقة قلب "سراج"، فاربدت تعابيره بالحنق والغضب، سلط أنظاره على شقيقها، ورأه يضع قبضته على كتفها ليخبرها بنظراتٍ أظهرت وحشية يفهمها جيدًا:

-هارجعه يا "هاجر".

هزت رأسها بإيماءات متتالية عبرت عن تصديقها المطلق لوعده، ثم أمرها بصوته الخشن:

-اطلعي فوق، وخليكي مع أبويا وجدي، ماتنزلوش من البيت مهما حصل

التفت "منذر" نحوه مقترحًا عليه:

-أنا هاسيب كام حد من رجالتنا هنا يأمنوا الجماعة، ماشي؟

وافقه الرأي، واستدار مواجهًا أبيه:

-خد بالك منهم يابا، الليلة نهاية "محرز".

لم يبدُ والده مصدومًا من عزيمة ابنه القاطعة، فالعائلة تأتي أولاً، وقبل أي شيء، صدّق عليه بتشجيعه للمضي قدمًا للنهاية:

-رجع حق اللي راحوا كلهم يا "تميم".

قامت "همسة" باحتضان "هاجر"، وسحبتها نحو الداخل، بينما أسرع "سراج" في خطاه حاسمًا أمره:

-أنا جاي معاكو برجالتي.

لم يلقَ معارضة من الرجال، على ما يبدو صحت مقولة عصر الشهامة لم ينتهي بعد، اتفق الجميع على الوقوف معًا لردعه، فكلما كثر الحشد، كلما دبوا في قلب هذا الوضيع الرعب!

.........................................................

حافظ مؤقتًا على جموده الهش حتى يصل إلى هناك، حينها فقط سيظهر غضبه الكاسح، ولن يأبه لشيء، سيفنيه عن بكرة أبيه. مرت الدقائق كأنها ساعات، رغم انطلاق السيارات تتبع بعضها البعض بسرعات تجاوزت المسموح، ركز "تميم" كامل أنظاره على الطريق، وسأل "منذر" الجالس خلف المقود بصوته الأجوف:

-فاضل كتير؟

أجابه باقتضابٍ يخفي خلفه شحنة من الغضب المكبوت:

-هانت يا صاحبي.

استمر في قيادته لما يقرب من النصف ساعة، ظهرت تشنجات أصابعه خلال إدارته للمقود بين الفنية والأخرى، حاولت الاسترخاء لكنه فشل، فالورطة تلك المرة ليست بالهينة، وربما تحصد بعض الأرواح معها. قبيل الانعطاف للجسر المؤدي للبلدة المنشودة، استطرد "منذر" يُعلمه:

-وصلنا خلاص

تحفز "تميم" في جلسته، وتقلصت جميع عضلاته مسببة له ألمًا لا يمكن احتماله، غالب أوجاعه ليظهر استعداده بقوله الصارم:

-الكلب ده بتاعي، أنا اللي هحاسبه.

رد دون جدالٍ:

-ماشي الكلام.

..................................................

-الفلوس هاتكون عندك في ظرف يومين، بس إنت خلصني.

عبر هاتفه المحمول، نطق "محرز" بتلك العبارات بصوتٍ بدا متجهمًا، ووجهه يداعبه القلق العميق، استدار ناظرًا نحو رضيعه الذي شرع يهمهم ببكائه، حاول إسكاته بحمله بيده الأخرى وهدهدته؛ لكنه فشل بسبب عصبيته الواضحة، أسنده على فراشه الحقير، وأكمل مكالمته بلهجةٍ غاضبة:

-ملكش دعوة هاتصرف إزاي، إنت ليك أكل ولا بحلأة؟ وبعدين ما إنت سيبتلك الدهب كله، يعني تعتبر خدت فوق حقك وزيادة.

أطلق زفرة مسموعة، واختتم معه المكالمة بترديد:

-أيوه هنتقابل في نفس المكان، سلام.

ضغط على زر إنهاء الاتصال، ودس هاتفه في جيب بنطاله، ثم لف بذراعه الآخر الرضيع ليحتويه، نظر إليه بغرابةٍ، وأردف يكلمه بابتسامة ساخطة على زاوية فمه:

-مين كان يصدق يا "سلطان" إني أعمل فيك كده؟ بس هاعمل إيه، ما أنا روحي بقيت على كف عفريت!

تململ الصغير بين ذراعيه، وتلوى ببكاءٍ أصبح مزعجًا، فتش بعينيه عما يمكن أن يستخدمه لإلهائه لبعض الوقت، فقد غفل في غمرة تفكيره الدنيء، عن إحضار ما يلزم لرعاية رضيعٍ مثله يحتاج للطعام والشراب في هذا المكان المقفر:

-اهدى شوية على نفسك، أنا كده مش عارف أركز.

شوش صوت الرضيع الباكي، على الأصوات الحثيثة المتسللة، والتي اقتربت من كوخه البائس الواقع على مقربة من المصرف الصحي. مع نجاحه في إخراسه لم يرتاب في شيء، بالنسبة له بدا الوضع طبيعيًا. نظرة مدققة ألقاها "دياب" عبر سدات الغاب المعقودة معًا، ليحصر المتواجدين بالداخل، لم يجد سواه، حاول وسط الإضاءة الباهتة أن يتفحص المكان، لينقل الصورة كاملة لأقرانه، وما إن أكمل مهمته، حتى عاد إليهم مثلما جاء بحيطة أكبر، انخفض بجسده، وهمس بصوتٍ شبه لاهث لمن معه:

-الكلب موجود لوحده.

رائحة المكان الكريهة، أصابت المتواجدين بالغثيان والنفور، تغاضوا عنها مرغمين، ليبادر "منذر" متسائلاً بتعابيرٍ جادة:

-هنطلعه برا إزاي؟

هتف "هيثم" بتهورٍ من بين أسنانه المضغوطة:

-سيبوني أطلع أجيبه من رقبته!

أمسك به "منذر" ليثبته في مكانه، محذرًا إياه بصرامةٍ:

-هي مش فتونة ولا فرد دراع دلوقتي يا "هيثم".

على مضضٍ تحامل على نفسه، بينما تنفس "تميم" بعمقٍ، وأشار لهما بيده ليصمتا، ثم أخبر الجميع بصوته الأجوف:

-في دماغي فكرة، هي صحيح فيها مجازفة، بس مقدمناش إلا كده.

تفقه ذهن "منذر" لما طرأ في بال رفيقه، وسأله بصوته الخفيض:

-أوعى تكون ناوي تحرق العشة عليه؟

عقب عليه بنظراتٍ غاب عنها الإشفاق:

-مافيش غير كده، ده هيجبره يطلع برا.

استطرد "سراج" يقول في توترٍ حقيقي:

-أنا خايف على الواد الصغير، بعد الشر النار تمسك فيه، مافيش حاجة مضمونة.

أدار "تميم" رأسه في اتجاهه ليخاطبه:

-هو جمب واحد اللي هنولع فيه، وفي نفس الوقت نهجم برجالتنا من الجمب التاني.

سأله بقلقٍ أكبر:

-طب لو فكر يدبح ابنه!

إن كانت نفسه الخبيثة بمثل هذا السوء، فلن يتمكن بالطبع من رده، رجا "تميم" الله ألا يتهور بأملٍ مغلف بالشك:

-إن شاءالله مايحصلش.

.........................................................

التزم كل رجلٍ بمهمته الخطيرة، واضعين جميعًا في المقامِ الأول حياة الرضيع، وبدأوا في محاصرة الكوخ من كافة الاتجاهات، حتى لا يجد "محرز" مهربًا بعد تضييق الخناق عليه، وعند الإشارة المتفق عليها، أُلقيت على ذاك الجانب من الكوخ البعيد عن الفراش، زجاجة مليئة بمادة الكيروسين، فوهتها تسدها قطعة قماشٍ مشتعل طرفها، فالتقطت سدات الغاب النيران بلهفة الجائع، واضطرمت سريعًا فيه، أتى صوت "محرز" المذعور مخترقًا سكون الليل، انتفض خارجًا من الكوخ حاملاً الطفل بين ذراعيه، تسمر في مكانه عندما رأى "تميم" يواجهه بعكازيه، استدار باحثًا عن مهربٍ آخر، فوجد كل المخارج مسدودة برجالٍ قساة في تعاملهم.

دار حول نفسه، وذراعاه يشتدان على الرضيع، هدر مهددًا بتشنجٍ:

-اللي هايقرب مني هاموته.

رد عليه "تميم" بصوته القاتم، المليء بالتهديد الصريح:

-جرب تلمسه، وساعتها هتتمنى الموت ومش هتنوله!

في حين أضاف "منذر" بنبرة جليدية، تعبر عن استعداده للتضحية:

-كلنا مسيرنا نموت يا "محرز"، مش فارق مين الأول، بس إنت كده كده رايح.

هدر "هيثم" مرددًا بحرقة شديدة، وقلبه يدق في عنفٍ:

-قتلت أختي، ورميت أمي بين الحياة والموت في المستشفى، ومن قبلهم "نوح"، فكرك هاسيبك تعيش للحظة؟

التفت ناحيته، وأخبره بلمحةٍ ساخرة:

-ده أنا ريحتكم منهم، هو إنت فاهم إنهم ملايكة؟ دول مايفرقوش عني.

تحركت عينا "محرز" نحو "تميم"، وخاطبه ويده تلتف حول عنق الرضيع:

-اللي إنت فيه كان بأوامر الست خالتك.

حملق فيه الأخير بتعابيرٍ ذاهلة جعلت "محرز" يستمتع بانتشاءٍ برؤيته على حالته المصدومة؛ وكأنه ظفر بنصرٍ ساحق؛ لكن صوت "هيثم" المستنكر شتت أنظاره عنه ليستدير مجددًا ناحيته عندما هلل:

-إنت كداب.

بكل برودٍ دمدم عاليًا:

-مش محتاج أكدب، هي متتخيرش عني، و"خلود" كان فاضلها تكة وتطلب مني أقتل "أبو الرجولة" من تاني، ده يعني لو كانت فضلت عايشة!

التفافه حول نفسه للرد على الصيحات الغاضبة، جعله غير منتبه لذاك الزاحف على بطنه، بطول حافة المصرف الصحي، ليصل إليه في غفلةٍ منه، وقد نجح بعد مجهودٍ مضني، انتظر "سراج" اللحظة المناسبة، ليرفع جسده المغطى بالطين عن الأرض، وينقض عليه. في غمضة عين هب قابضًا على قدمه اليسرى، وعرقله منها بكل ما أوتي من قوة ليسقطه على جانبه، وكردة فعل سريعة، استغل "تميم" تلك الفرصة الغالية، لينتفض على الفور، متخليًا عن عكازيه، وملقيًا بثقل جسده عليه، فقد كان الأقرب إليه من تلك الناحية. لكزه بكوعه في فكه، وانتشل من براثنه الرضيع، وأبعده عنه.

حاوط "سراج" الرضيع ببدنه، وزحف به لبقعة آمنة، بينما تعانق جسدا "تميم" و"محرز" في قتال بالأيدي، جعلهما يدورا في دوائر متواترة قادتهما نحو حافة المصرف، وقبل أن يهوى كلاهما في أعماقه المظلمة، امتدت أيادي "منذر"، و"دياب"، و"هيثم" للإمساك بـ "تميم" من ساقيه، ألمًا مبرحًا اجتاح نصفه السفلي مما جعله يصرخ بشدة، شعر وكأن عظامه تنفصل عن بعضها البعض مع شدة الجذب، خاصة بعد تعلق "محرز" في عنقه، تشبث الأخير به، وهتف بأنفاسٍ ملتهبة، وتلك النظرة الخبيثة تكسو عيناه:

-مش هاموت لوحدي.

غالب "تميم" أوجاعه القاتلة، ووضع أصابعه في عيني ذلك الجاحد يريد اقتلاعها وهو يخبره:

-ساعتك أزفت خلاص.

بين طرفة عينٍ وانتباهتها، ارتخت قبضتي "محرز" عن عنقه، مستسلمًا لمصيره الأسوأ على الإطلاق، سقط وحده في القاذورات النجسة، ضرب بذراعيه المياه الملوثة عله يبقى على سطحها؛ لكنها رحبت به بحفاوة بين بقاياها الآدمية .. أدرك حينئذ أنه غارقٌ فيها لا محالة، اشتد صراخه الجنوني المجلجل لوهلةٍ قبل أن تسحبه نحو أعماقها الكريهة ..................................................... !!

*********************
إلي هنا ينتهي الفصل السادس عشر من رواية الطاووس الأبيض ج3 بقلم منال سالم
تابعوا صفحتنا على الفيس بوك للمزيد من القصص الرومانسية
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة