-->
U3F1ZWV6ZTMzNTg0ODE3NzI1X0FjdGl2YXRpb24zODA0Njk2NDgxODg=
recent
آخر القصص

رواية الطاووس الأبيض ج4 بقلم منال سالم - الفصل الثانى

 مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة وأجمل الروايات الممتعة والروايات الرومانسية مع رواية رومانسية جديدة للكاتبة المتألقة منال محمد سالم والتي سبق أن قدمنا لها العديد من الروايات والقصص الرائعة من قبل علي موقعنا قصص 26 وموعدنا اليوم مع الفصل الثانى من رواية الطاووس الأبيض ج4 بقلم منال محمد سالم .

رواية الطاووس الأبيض ج4 بقلم منال سالم - الفصل الثانى

إقرأ أيضا: حدوتة رومانسية 

رواية الطاووس الأبيض ج4 بقلم منال سالم

رواية الطاووس الأبيض ج4 بقلم منال سالم - الفصل الثانى

 هناك نوع من الدفء المغري، تشعر به يسحبك إلي محيطه، بطواعية تامة منك، لا تقدر على مقاومته، ولا تطمح في الاستغناء عنه، هكذا استشعرت للحظات هذا الشعور الغريب خلال محاولتها غلق النافذة بمساعدته. التفتت "فيروزة" لتواجه "تميم" فوجدته يدور بعينيه في المكان، وليست كما توقعت يحدق بها، تحركت لتبدو قريبة منه، واعترفت في لطفٍ:

-تسلم، مكونتش هاعرف أقفله لوحدي.

قابل اعترافها العادي بآخر نزق وهو يتجرأ على إدارة وجهه للنظر إليها:

-أنا موجود عشانك ...

تدارك زلة لسانه، وصحح بتلعثم لا يعلم كيف يصيبه في وجودها:

-قصدي عشان لو احتاجتوا هنا حاجة.

ابتسمت وهي ترد:

-شكرًا ليك، دايمًا تعبينك معانا.

قال في حماسٍ دون أن يحيد بنظراته الوالهة عنها:

-إنتي أؤمري بس.

هذه النظرات التي يمنحها لها كانت من نوعٍ خاص، ليست عابرة، ولا شهوانية جائعة، بها شيء ما دومًا ينفذ إليها بغرابة، فيضاعف من إحساسها بصدق ما يتلفظ به دومًا. تحولت أنظارهما نحو الشرفة عندما نادت "آمنة" عاليًا:

-يا "فيروزة"، التندة شكلها هتطير.

تلقائيًا اندفع "تميم" نحو البلكون ليسبقها قبل أن تصل إلى والدتها، وطلب منها في صرامة:

-ارجعي لورا شوية يا حاجة.

كومة من الغسيل المبتل تكونت على الأرضية الزلقة، بعد أن نجحت في جمع الثياب قبل أن تفقدها، انحنت لتلملم ما تناثر بمعاونة "فيروزة" و"رقية"، في حين قــام "تميم" بسحب المظلة للأعلى وجمعها بقوةٍ واضحة كانت حقًا لتعجز الاثنتان عن فعل ذلك مثله.

دقائق وأصبح الوضع بداخل المنزل على ما يرام، حقًا كان وجوده في مثل هذا التوقيت الحرج ذي فائدة كبيرة لأهل المنزل. أصرت "آمنة" على إكرام ضيفها بسخاءٍ، فألحت عليه قائلة:

-لازم تفضل معانا للغدا، مايصحش تنزل كده بعد التعب ده كله.

اعتذر بتهذيبٍ:

-تعب إيه بس، دي حاجة بسيطة، أنا معملتش حاجة، نخليها مرة تانية.

مع كلماته الأخيرة كان ينظر في اتجاه "فيروزة"، ولحسن حظه كانت تتطلع إليه، فجعلت داخله يخفق في ربكةٍ لذيذة. باعد أنظاره عنها ليحدق في وجه "آمنة" عندما خاطبته:

-أنا عارفة إن أكلي مش زي الحاجة والدكت، بس هيعجبك إن شاءالله.

رد "تميم" بحرجٍ:

-ماتقوليش كده، ده على عيني وراسي، بس معلش عشان مش عامل حسابي، وورايا شوية أشغال ..

ادعى تطلعه في شاشة هاتفه المحمول لينظر إلى الوقت، واختتم جملته:

-ده أنا يدوب أمشي.

اعترضت "آمنة" في حزنٍ طفيف:

-على طول كده؟

هتف مجاملاً:

-ربنا يجعله عامر بحسكم ...

تشجع لينظر من جديد في وجه فيروزته، وسألها:

-مش عايزة حاجة يا أبلة؟ الورق كله بتاع المحل عندك، لو نقص عليكي حاجة عرفيني، واحنا نكلم المحامي يخلصه.

اتضح سبب مجيئه لزيارتهم في المنزل، والذي لم تتمكن من معرفته في البداية نظرًا لانشغال الجميع في تأمين البيت من تبعات حالة عدم استقرار الطقس. لم تكذب عيناه حينما رأها تبتسم في رقةٍ وهي تشكره:

-تعبناك معانا، إن شاءالله ترتاح مننا الفترة الجاية.

رغم عفوية جملتها إلا أنها أشعرته بالضيق، وهتف محتجًا باندفاعٍ طفيف:

-لأ متقوليش كده، إنتي بس شاوري واللي نفسك فيه هيحصل.

حافظت على ثبات بسمتها الطبيعية، وأومأت له برأسها في خفة، فتابع مخاطبًا "آمنة" بعد نحنحنة بسيطة:

-عن إذنك بقى يا حاجة.

بدأ يتحرك في اتجاه الباب، وعبارات الدعاء تسبقه، توقف لمرة أخيرة عند أعتابه يُلقي نظرة على من تزيد من نبض الفؤاد، وتنعش فيه الرغبة في الحياة، رفع يده ملوحًا بالوداع، ووجهها المبتسم لا يفارق مخيلته.

-والله ما في زيه في الزمن ده.

رددت "آمنة" تلك العبارة المادحة وهي تعاود أدراجها تجاه كومة الثياب التي وضعتها على الأريكة، وافقتها "فيروزة" الرأي، وزادت عليها في تلقائية جعلتها تتعجب من نفسها:

-ده حقيقي، مافيش مرة اتأخر عن الواحد فيها سواء قال كده أو لأ.

تصلبت قليلاً باندهاش بعد أن انتبهت لما تلفظت به من وصفٍ لصفاتٍ طيبة متأصلة به، وتطلعت إلى والدتها تراقب ردة فعلها، توقعت أن تسألها عنه؛ لكن على ما يبدو كانت مشغولة بتقسيم الثياب ما بين جافة، وشبه مبتلة، ومبتلة. سحبت شهيقًا عميقًا، وقالت وهي تنسحب:

-أنا هبص على الورق اللي بعته المحامي، وأشوف "كوكي" بتعمل إيه في الأوضة.

علقت عليها "آمنة" بوجهٍ منكب على ما في يدها:

-ماشي يا حبيبتي.

وسيلة مناسبة للهروب من التفكير الغريب الذي شَاب عقلها، والالتهاء بشيء غير استحضار مواقفه الشهمة في ذهنها.

.......................................................

للحب صنوف وأصناف، تظهر حينما يهيم العاشق على وجهه في وادي الغرام، يبحث عن الوَجْد بين طيات الفؤاد، وحين يجده، لا يجعله يبارح ما بين يديه مهما كانت الصعاب. ظل قلبه يخفق في حماسٍ متقد طوال هبوطه على الدرجات، أمنيته البسيطة تحولت لذكرى عظيمة، آثارها ستلازمه كنوعٍ من السلوى لبضعة أيام. خرج "تميم" من البناية، وسار على الرصيف وقد بدأت الأمطار بالهطول، أخفض رأسه ليحتمي من الزخزات الهابطة عليها، ودار بعينيه يمينًا ويسارًا يتفقد المارة.

لمح سيدة كبيرة، تقف على الرصيف في منتصف الطريق بين الضفتين، تحاول العبور مع كم الأكياس التي تحملها، لم يتردد في مساعدتها، وأسرع ناحيتها يسألها:

-عايزة مساعدة يا حاجة؟

أجابته بأنفاسٍ شبه لاهثة:

-يخليك يا ابني ساعدني أروح الناحية التانية، الشنط تقيلة وآ...

لم تكمل طلبها، حيث تناول عنها كل الأكياس، وطلب منها التأبط على ذراعه لتستند عليه، ورغم خطواتها البطيئة إلا أنه بدا صبورًا للغاية، ولم يتعجل سيرها، تأكد من إيصالها لوجهتها المنشودة، فدعت له في صدقٍ:

-ربنا يجازيك خير يا ابني ويعوضك بالحلال.

-تسلمي يا حاجة.

قالها وهو يومئ برأسه عائدًا إلى الجهة المقابلة، لا يعلم أن جزاء معروفه الطيب كان النجاة من لوح معدني سقط بغتةٍ على بُعد عدة خطوات منه، إن لم يكن قد ذهب وساعد تلك السيدة، لربما هشم رأسه. تسمر في مكانه مذهولاً، وحملق في التدمير الذي أحدثه في البلاطات الحجرية مرددًا:

-لطفك يا رب.

التفت برأسه للجانب، حيث ترك السيدة، لم يجدها، فعاد للتحديق مجددًا في اللوح المكسور هاتفًا بقلب ينبض بقوةٍ:

-إنت المنجي يا رب.

جاء من خلفه أحد الغرباء يسأله:

-حصلك حاجة؟

هز رأسه بالنفي، فتابع الغريب كلامه:

-إنت فلت بأعجوبة الحمدلله.

لهج لسان "تميم" بالشكر دون انقطاعٍ حتى ركب سيارته، وتحرك بها وهو يكاد لا يصدق ما حدث لتوه!

..............................................

استغل تجمع العائلة على مائدة الطعام ليقص عليهم ما وقع معه من حادث غريب، نجا منه بفضل الله ورعايته. انقبض قلب "ونيسة" ونهضت عن مقعدها لتلف حول الطاولة، وتنظر إلى ابنها بعينين فاحصتين كأنما تضعه تحت جهاز الأشعة لتتفقد ما لحق به من ضرر، استنكر ما تفعله قائلاً بحرجٍ متذمر:

-يامه أنا كويس والله.

شملته بنظراتها أكثر، وعاتبته بغريزة أمومية:

-مكانش ليه لازمة النزول من أول اليوم وهو وحش كده.

علق عليها الجد قبل أن يضع ملعقة الطعام في جوفه:

-لا يمنع حذر من قدر، سبيها على الله، احنا ندعي إن ربنا يحفظه.

أومأ "تميم" إيجابًا مستحسنًا رأيه وهو يرد:

-صح يا جدي.

بينما أضاف "بدير" مُشيدًا بحُسن أخلاقه:

-ما هو اللي يعمل خير يلاقي خير.

التفت نحو أبيه مؤيدًا إياه كذلك:

-مظبوط.

رجعت "ونيسة" إلى مقعدها ولسانها يدعو له:

-ربنا يوقفلك ولاد الحلال زي ما بتقف مع الغريب قبل القريب.

ضحكت "هاجر" قائلة وهي تهدهد رضيعها:

-أيوه يامه ادعيله وباب السما مفتوح دلوقتي.

احتج عليها "سلطان" بنوعٍ من الدعابة:

-ليه هي كانت قافلة قبل كده؟ ادعوا ربنا في أي وقت، وهو –سبحانه- عليه الاستجابة.

قال "تميم" مبتسمًا:

-ونعم بالله ...

ثم أخفض صوته مكملاً باقي عبارته، وتلك اللمعة الخفيفة تتراقص في عينيه:

-أنا عارف كويس هدعي بإيه.

عمَّ الصمت من جديد إلا من أصوات ملامسة المعالق للصحون. لفت "ونيسة" الانتباه إليها عندما تشدقت قائلة بترددٍ طفيف، مخاطبة زوجها:

-يا حاج، ممكن بعد إذنك .. آ.. تخلي "سراج" يجي يتكلم مع بنتنا الأول، ده لو ميضايقكش.

اختلج وجه "هاجر" حمرة حرجة للغاية من نزق حديثها، وكزت على أسنانها تلوم والدتها في خجلٍ منزعج:

-يامه! هو احنا اتفقنا على كده؟ مش قولتي هتكلميه على جمب؟

استدارت تنظر إليها، وبررت تصرفها:

-ما مسير الكل يعرف، هي دي حاجة تستخبى؟

أنهى "بدير" جدالهما قبل أن يبدأ بقوله الحاسم:

-حاضر، هخليه يجي عندنا في الصالون، و"هاجر" تكلم معاه وتشوف دماغه، وبأقولك من تاني اعملي اللي يريحك، مش مفروض عليكي حاجة.

حاولت أن تبتسم لتخفي حرجها، وقالت بتعجلٍ:

-متشكرة يابا.

هتفت "ونيسة" برجاءٍ، وعيناها تنظران للأعلى:

-ربنا يجعل الفرح يدق بابنا.

أمن عليها الجد "سلطان" وهو يدير وجهه ناحية حفيده:

-يــا رب.

بدا وكأنه المقصود بدعائه، فحمحم "تميم" متسائلاً بتلبكٍ خفيف:

-بتبصلي ليه يا جدي؟

رد عليه "سلطان" بتعابير جادة، وبنبرة جمعت بين الحزم والمرح:

-عاجبني أبحلق هنا، عندك مانع؟

أحنى حفيده رأسه على جانبه من الطاولة، وقال وهو يسحب بمعلقته قدرًا من الأرز:

-براحتك يا سيد الناس.

....................................................

في غفلة منه، سرق المفتاح الاحتياطي لمنزل عمه، ليتمكن من التسلل إليه، في أول فرصة سنحت له بعد تعافيه قليلاً من آثار الاعتداء الأخير أمام باحة منزله. تجول "فضل" بخطواتٍ شبه عرجاء في البهو المعتم، لم ينر أي مصابيح حتى لا يثير الريبة، استعان بالإضاءة المنبعثة من هاتفه المحمول ليرى على أثرها. ما زالت ذاكرته تحتفظ بوصفٍ للمنزل من الداخل رغم قلة عدد مرات زيارته، اتجه نحو الردهة التي احتوت ثلاث غرف نوم؛ واحدة للأبوين، وأخرى للابنتين، وثالثة لمن يأتي من الضيوف. وضع يده على مقبض غرفة النوم، تلك التي يعلم أنها تخصها، كانت غير موصودة، فولج إليها دون عناءِ وهو يُحادث نفسه:

-شكلها متسهلة.

مرر ضوء الهاتف على الأثاث القديم برويةٍ، إلى أن توقف عند الدولاب المجاور للنافذة؛ كان مكونًا من ضلفتين صغيرتين على الجانب، يفصل بينهما ضلفة كبيرة نسبيًا، تلك التي تتدلى فيها الثياب المعلقة. تحرك في اتجاهه قاصدًا فتحه، نظر في محتويات الضلفة الأولى الصغيرة، كانت تضم بعض الأغطية، والملاءات النظيفة، بالإضافة إلى عددٍ من المناشف القطنية المرتبة في صفين متجاورين، دقق النظر في الصورة المثبتة من الخلف، كانت لـ "همسة"، لوى ثغره قائلاً بامتعاضٍ:

-إنتي متلزمنيش.

انتقل للضلفة الأخرى الموجودة في المنتصف، ضمت بعض المعاطف الثقيلة، والمزيد من أغطية الوسائد، غمغم في سخطٍ:

-حاطين هلاهيل هنا؟ إيه القرف ده.

أغلق الضلفة، وعيناه تحدق في الأخيرة، فتحها ونظر بتفحصٍ لما احتوته، تأكد أولاً من أنها تعود لـ "فيروزة"، فصورتها القديمة وهي في سنٍ أصغر كانت مثبتة بشريط لاصق على ظهر الضلفة، انتزعها من مكانها، وطواها ليضعها في جيبه، ثم أكمل تفتيشه الوقح بتأنٍ. وجد على الرف العلوي ضالته المنشودة، قطعة مهملة من ثيابها الداخلية، والمصنوعة من قماش الدانتيل، ربما قد تركتها لعدم حاجتها إليها؛ لكنها كانت غايته لتنفيذ مطلب ذلك المشعوذ الذي لجأ إليه. ابتسامة خبيثة برزت على ثغره وهو يرفعها نصب عينيه ليتأمل لونها الأخضر، توعدها بعينين تتوهجان بطريقة شيطانية:

-استني الخراب اللي هيحل على دماغك .............................. !!

*********************
إلي هنا ينتهي الفصل الثانى من رواية الطاووس الأبيض ج4 بقلم منال سالم
تابعوا صفحتنا على الفيس بوك للمزيد من القصص الرومانسية
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة