-->
U3F1ZWV6ZTMzNTg0ODE3NzI1X0FjdGl2YXRpb24zODA0Njk2NDgxODg=
recent
آخر القصص

رواية الطاووس الأبيض ج4 بقلم منال سالم - الفصل الثانى والعشرون

مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة وأجمل الروايات الممتعة والروايات الرومانسية مع رواية رومانسية جديدة للكاتبة المتألقة منال محمد سالم والتي سبق أن قدمنا لها العديد من الروايات والقصص الرائعة من قبل علي موقعنا قصص 26 وموعدنا اليوم مع الفصل الثانى والعشرون من رواية الطاووس الأبيض ج4 بقلم منال محمد سالم .

رواية الطاووس الأبيض ج4 بقلم منال سالم - الفصل الثانى والعشرون

إقرأ أيضا: حدوتة رومانسية 

رواية الطاووس الأبيض ج4 بقلم منال سالم

رواية الطاووس الأبيض ج4 بقلم منال سالم - الفصل الثانى والعشرون

 ما إن طار إليه الخبر اليقين، حتى حسم أمره، وأوكل مهامه الصباحية لغيره، لينطلق فورًا إلى بلدته دون أن يعلم عن ذهابه أحد، لتسنح له الفرصة لتصفية كافة الحسابات المعلقة. اللعين لم يكفه ما تسبب فيه لها من إيذاء بدني ونفسي، ليواصل بخ سمومه القميئة، والنيل منها بأحقر الطرق الممكنة. اندفع "تميم" بكامل عنفوانه وغضبه، نحو كتلة الشحم الملقاة أرضًا، ليقبض عليه من تلابيبه ويجره جرًا غير عابئ بغلق الباب من خلفه.

حاول "فضل" مقاومته، وتحين أي فرصة للإفلات من قبضتيه المحكمتين حول عنقه؛ لكنه فشل أمام قوته وخشونته القاسية، حيث انهال عليه لكمة وراء أخرى في وجهه، معيدًا تشكيل ملامحه السمجة، ومُفرغًا في نفس الآن تلك الشحنة المكبوتة فيه، انخفضت قبضته المضمومة ليسدد له لكمة مؤلمة في معدته، جعلته يصرخ بأنينٍ باكٍ، قبل أن يعنفه:

-فكرك مش هعرف أوصلك؟ وريني هتفلت المرادي إزاي مني.

ضغطت أصابع "تميم" القاسية على مجرى تنفسه، فاختنق صوته وهو يسأله بوجهه الذي تحول لكتلة من الدماء الحمراء:

-أنا عملت إيه؟ هو .. رمي بلى؟

منحه لكمة عنيفة في فكه ليخرسه وهو يهدر به:

-معملتش حاجة غير العمل بس، فأنا جاي أطلعه على جتتك.

لم يعطه فرصة اختلاق أي أكاذيب، استمر في لكمه، وضربه، في مفترق أنحاء وجهه، حتى شاع في التورم، وامتزج مع دمائه ونحيبه. كالذبيحة التي تلفظ أنفاسها الأخيرة، انتفض "فضل" محاولاً المناص منه، ظن أنه حاز على فرصةٍ للفكاك منه، حين نهض عنه "تميم"، لينزع حزامه الجلدي، فصرخ مستغيثًا بأعلى ما يكون؛ وإن تسبب هذا في بح أحباله الصوتية الجريحة:

-غتوووني يا ناس، همـــوت.

لف "تميم" مقدمه حزامه حول قبضته، لتصبح كسوطٍ قاسٍ، ثم هوى به على ظهره، في صفعة مباغته جعلته يصرخ من الألم الشديد، لم يكن قد تعافى بعد من آلام الأولى ليلحقه بواحدة أخرى مفاجأة أشد عنفًا وهو يتوعده بالمزيد:

-محدش هيعتقك مني النهاردة.

استمر في زحفه وهو ما زال يصرخ طالبًا النجدة:

-الحقوني ....

لم يجد بدًا من الهتاف بجنونٍ للنجاة من بطشه الأهوج:

-حـــــــرامي، حرامي!

حيلة رخيصة للفت الأنظار، واستدعاء المساعدة على وجه السرعة، بصق عليه "تميم"، ولعنه باشمئزاز صريح:

-أه يا (...).

واصل جلده في مواضع متفرقة من جسده، غير مكترث بصراخه وعويله المرتفعين، لم يكن ليوقفه أي شيء أو أي شخصٍ عن تأديبه بما يستحق.

.................................................

في تلك الأثناء، خلال سيرها وسط طرقات البلدة الرملية، لاحظت نظرات النساء غير الطبيعية لها، كانت تشملها من رأسها لأخمص قدميها، غالبيتها مالت للازدراء، حاولت "سعاد" التغاضي عنها؛ لكن الهمهمات الجانبية استرعت فضولها، لمحت إحدى من تعرفهن من النساء، ذوات السيرة الطيبة، تقدمت نحوها حتى تلاشت المسافة بينهما، وقربت رأسها منها تسألها في حيرة:

-هو حريم البلد مالها؟

وضعت المرأة طرف حجابها على فمها تغطيه، ثم اختلست نظرات سريعة على من حولها قبل أن تجيبها بحرجٍ:

-إنتي مش دريانة باللي حاصل يا حاجة ولا إيه؟!

ضاقت نظرات "سعاد" في توجسٍ أكبر وهي تتساءل:

-لأ ياختي، في إيه؟

ضغطت المرأة على شفتيها في ترددٍ، استحت أن تخبرها بما انتشر في البلدة من أخبار مخزية تخص ابنها، ألحت عليها "سعاد" لتخبرها:

-يا بت انطقي، إيه اللي حاصل؟

تحاشت النظر نحوها قائلة بصعوبة، وكامل وجهها يكسوه الخجل:

-أصل بيقولوا في تصويرة كده لسي "فضل" مش ولابد.

انعقد حاجبا "سعاد" في قلقٍ أكبر، وتساءلت بملامح مالت للشحوب:

-تصويرة إيه؟

لم تتجرأ المرأة على متابعة النظر ناحيتها، خاصة وهي تعلق:

-أنا مشوفتش، ده الناس اللي بتتكلم.

نفذ صبرها من مماطلتها غير المحتملة، فصاحت بها:

-بيقولوا إيه يعني؟

لم تجد بدًا من إخبارها، فقالت وقد نكست رأسها قليلاً:

-هاتي ودنك.

أرهفت "سعاد" السمع للكارثة التي عرفت عنها، جحظت عيناها في ذهول مرتاع، وامتدت يدها لتلطم على صدرها وهي تردد:

-يا نصيبتي!!

لم تستطع متابعة ما عقدت العزم على تنفيذه، دون أن تعود للمنزل لتخبر ابنها بالفضيحة التي نالت منه، وبالطبع لن تمر مرور الكِرام.

......................................................

بدا وكأن الصلة بينه وبين جميع من في البلدة قد انقطعت فجأة، فلم يهب أحدهم لتلبية أصوات صراخه، أوشك على تصديق أنهم اتفقوا فيما بينهم سرًا على أن يأتي هذا الشرس لمعاقبته، وقبل الأخير مرحبًا بهذا الاتفاق الضمني. تقلب "فضل" على جانبه الآخر ليقيه من كم الضربات المبرحة التي أصابته، وأيضًا ليعطي الفرصة لقطعة أخرى من جسده لتأخذ نصيبها، صاح مجددًا مستغيثًا ببقايا صوته المشروخ، وهو يزحف على مرفقيه ليفر من جلاده:

-حد يغتني يا نـــاس!

لم يجد من يلبي ندائه، فرد عليه "تميم" في تهكمٍ:

-الناس عايزة اللي يخلصها منك يا نجس!

رفع من جديد حزامه في الهواء، ولفحه بجَلدةٍ أصابته في مقتل، فارتفع الصراخ المبحوح، وعم في الأرجاء، قبل أن يغدق عليه بأخرى، اقتحمت "سعاد" المكان لتتفاجأ بما يناله ابنها من تقريع عنيف، كادت عيناها تخرجان من محجريهما من هول المشهد، وبغريزتها الأمومية تحركت للزود عنه، وإن كان مجرمًا يستحق العقاب، حالت بينه وبين "تميم"، وصوتها يصيح في فزعٍ:

-يا نصيبتي، في إيه؟ ابعد إيدك عنه.

وكأن النجدة هبطت لتوها من السماء لإنقاذه، اختبأ "فضل" خلف ساق والدته، تاركًا جسدها يبدو كدرعه الواقي من لسعاته المؤلمة، توسلها من بين بكائه المهين:

-غتيني يامه، هيموتني.

لوحت "سعاد" بذراعيها في الهواء تستصرخه:

-حرام عليك، هيموت تحت إيدك.

بقساوة شرسة علق عليها "تميم" وهو يحدج ابنها بتلك النظرة المغلولة:

-ابقى ريحت الناس من شره.

قرأت في عينيه نية مبيتة للقضاء عليها، فلم يكن أمامها سوى الاستغاثة بأعلى أصواتها علَّ أحدهم يجير امرأة تستغيق:

-يا نـــــاس، يا خلق هووه.

تعلق "فضل" بساق والدته، وهتف من خلفها بهسيسٍ موجوع:

-صوتي كمان يامه.

سدد له "تميم" نظرة قاتلة بعد أن التقطت أذناه ما تفوه به، ثم هتف يسأله في احتقارٍ ظاهر على كل قسماته:

-بتتحمى في أمك؟

خبأ "فضل" وجهه من أمام نظراته المميتة، فتابع "تميم" إهانته له:

-ما إنت جبان و(...).

شهقت "سعاد" أمام وابل الألفاظ البذيئة التي تنال من ابنها، لم تكن قد أفاقت بعد من صدمة فضيحته، والتي على ما يبدو لم يعلم بها بعد، لتُصدم بما يتلاقاه من عقابٍ غير مبرر، استمرت في حمايته، وتساءلت مدافعة عنه بحرقةٍ:

-هو عملك إيه؟ بتفتري عليه ليه؟

مهما بلغ غضبه ذروته، ومهما كانت محاولات استفزازه لم يكن ليوجه انفعاله نحو النساء، خاصة العجائز منهن، تراجع مرخيًا ذراعه، وأخبرها بصوت مزمجر:

-ابنك ماسبش حاجة معملهاش.

كأفعى متلونة، تُجيد تغيير جلدها في كل لحظة، حرك "فضل" فكه ليدعي كذبًا:

-كل ده عشان عايز بنت عمي بحلال ربنا يامه.

اشتاط "تميم" غضبًا، واحتقنت نظراته بشدة من كذبه الحقير، فهدر به رافعًا سبابته محذرًا بعدائية غير مشكوك فيها:

-ماتكلمش عن الحلال والحرام.

لم يحسن "فضل" تقدير الموقف، واستمر في استفزازه بقوله الحاقد:

-أيوه، اعمل الشويتين دول عشان تغطي على ريحتها اللي فاحت، ما هي بعتاك عشان كده.

من جديد لف "تميم" الحزام حول قبضته ينوي الفتك به مرة أخرى هادرًا:

-تاني؟!!

تشبث "فضل" أكثر بساق والدته، وهتف يتوسلها كالجبناء:

-حوشيه يامه.

على الفور استعطفته:

-ماتقربلوش بالله عليك.

المشهد كان مبتذلاً، هزليًا، وباعثًا على النفور والحقد، أخفض "تميم" يده، وقال في خشونةٍ:

-كنتي ربي ابنك كويس يا حاجة، بدل ما هو عامل زي وساخة البطن، ناشر قرفه على اللي حواليه.

حفظًا لماء وجهه المهدور، ردد "فضل" دون حياءٍ وبالباطل:

-أني وساخة بطن؟ أنا أنضف من اللي جاي محموء لها.

لم تحط دماء "تميم" المحتقنة بعد، وهدر ينذره بهديرٍ مفزع:

-إيــــاك!!

تجاهل تحذيره واستمر قائلاً:

-زمان ركبتوني الغلط عشان قولت نتأكد إن كانت المحروسة بنت بنوت ولا لأ، مع إنه حقي اطمن على شرفها، ولو مكونتش عملت كده، كانت سيرتها بقت على كل لسان ...

الحقيقة الغائبة برزت للعلن الآن، كان السؤال الذي يلح عليه ليل نهار، ما الذي قام به هذا الخسيس معها، واليوم اكتمل المشهد المنقوص، استيعابه للتفاصيل المؤلمة استغرقه بضعة لحظات، و"فضل" ما زال يتكلم معتقدًا أنه ربح في جولةٍ خاسرة:

-أما دلوقتي فشوفوا الشريفة الطاهرة مقضياها إزاي ..

انتهى وقت الهدنة الافتراضية، فاندفع نحوه "تميم" متجاوزًا والدته، لينقض عليه بكل ما أوتي من شراسةٍ، وينتشله بقبضتين محكمتين ليطرحه أرضًا في عنفٍ مفرط وهو ينهال عليه بالسباب:

-عندك يا (...)!

لم تتمكن "سعاد" من إيقافه، وفشلت في ردع بطشه المنفعل، ظلت من خلفه تضربه على ظهره بقبضتيها وهي تصرخ به:

-سيبه، حـــرام عليك.

أطاحت لكمة "تميم" بالسنة الأمامية لـ "فضل"، وأملى عليه بنبرة حاسمة:

-اللي بتكلم عنها دي هتبقى مراتي، سامع.

ذُهل مصعوقًا من اعترافه وسط ما يعانيه من ضرب مبرح، ومن بين أسنانه المتلجلجة هتف:

-بتقول إيه؟

اندست يد "تميم" في جيبه الخلفي، ليخرج مديته، أشهرها أمام وجهه هادرًا بنظراتٍ ميتة، خلت من الشفقة:

-وأنا اللي يمس أهل بيتي بكلمة بدبحه.

لطمت "سعاد" على صدغيها في جزعٍ، وصرخت شاهقة:

-يا لهوي، هيموت.

لحسن الحظ اقتحم المنزل عند تلك اللحظة قبل أن ينغرز النصل المدبب في جلد عنقه، بضعة أشخاصٍ، على رأسهم "رشيد"، على الفور تحركوا صوب "تميم" وقيدوا حركته، ثم نجحوا في إبعاده عنه قبل أن يتهور، قاومهم الأخير بكامل قوته وهو يهدر بصوتٍ مليء بالقوة والخشونة:

-حاسب إنت وهو ..

رد عليه "رشيد" وهو يحكم لف ذراعه حوله:

-اهدى يا أستاذ، ده لسه ليه حساب معانا.

رغم وضوح العبارة إلا أنها كانت مثيرة لحيرته، ما الذي ارتكبه هذا الوضيع أيضًا ليكسب المزيد من العداوات؟ تجاوز عما يُحيره، وهتف في عنادٍ:

-وأنا حسابي معاه مخلصش!

جثت "سعاد" على ركبتيها أمام جسد ابنها المسجي، تولول في حسرةٍ وخوف:

-حرام عليكم، عاوزين إيه منه؟ كلكم اتكاترتوا عليه؟

لم يبدُ أي أحد من المتواجدين في هذا المكان متعاطفًا مع ابنها، ولم يكن الصفح خيارًا مطروحًا، ولو على سبيل المفاوضة. جاء "إسماعيل" من الخارج مهرولاً بعد أن أبلغه أحدهم بحشد أفراد عائلة "رشيد" لزمرةٍ من أشداء رجالها، واتجاههم لمنزله، توقع أن يكون ابنه قد تسبب في مصيبة لا تغتفر، لهذا أسرع الخطا، وعاد إلى بيته، ليتفاجأ هو الآخر بالتجمهر الحادث بداخله، صاح من الخلف وهو يخترق صفوف الرجال لينظر إلى ابنه المهشم عظامه:

-هو في إيه اللي بيحصل في بيتي؟

حلت عليه الصدمة فور أن رأى "تميم" متواجدًا بينهم، فاق ذلك حدود توقعاته، وهتف يخاطبه في دهشة عظيمة:

-إنت!

استصعب "تميم" توقير أمثاله من مدعي الرجولة، وقال وهو ينفض الأذرع المكبلة عنه:

-كان أكرملك يا حاج بدل ما تنصح غيرك باللي ما بتعملوش، وتبلي البشرية بواحد زي ابنك ده إنك تعلمه الأصول.

ثم أشار لمن يحيطون به من الرجال بعدم لمسه بكفه، وتابع كلامه مع "إسماعيل" بنبرة شديدة اللهجة:

-ابنك إكرامًا لأمه مش هدبحه، بس يفكر تاني يقرب من اللي يخصني.

غادر بعد أن حدج "فضل" بنظرة احتقارية سافرة، أوسع له الرجال الطريق للمرور بينهم، في حين تقدم "رشيد" لينظر هو الآخر إلى كتلة اللحم المهترئة المتكومة أرضًا بنفور، ثم استطرد مخاطبًا "إسماعيل" بسخطٍ ممزوج بالتهكم:

-أنا كنت جاي أخد حقي منك عشان الكلام اللي قولته عن مراتي وإنت مبلبع، بس واضح إن غيري سبقني.

سأله "إسماعيل" بوجهٍ شاحب:

-فضايح إيه دي كمان؟

رد عليه مبتسمًا في سخرية من زاوية فمه:

-في فيديو منتشر للمحروس أرجل ناسه وهو لا مؤاخذة بيتعبط.

انفرجت شفتاه في صدمة كبيرة يغلفها الحرج والذهول:

-إيـــه!!!

تحرك "رشيد" بخطوات بطيئة ليقف أمام "إسماعيل" متابعًا بصوتٍ جليدي، يحمل الإهانة:

-وأنا كنت جايبله فيديو تاني ليه مع واحدة من إياهم، ما هو ولاد الحرام كتير، صوروه وهو مقضيها نجاسة.

ارتجفت نبرته وهو يردد مصدومًا:

-ابني يـ.. عمل كده؟

التفت "رشيد" ناظرًا إلى أشباه الرجال الباكي عند أقدامهم، وأهانه في احتقارٍ أكبر:

-ورينا بقى هترفع راسك إزاي وسط الخلق ...

عاود النظر إلى والده المصدوم، ومنحه قدرًا من التعنيف المهذب كذلك:

-وإنت يا حاج "إسماعيل"، مش فاهم فاتك إزاي ده، يعني (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ)؟

أحنى رأسه في خزيٍ وانكسار، فلم ينطق "رشيد" بالمزيد، يكفيه ما قاله، ثم أشار لأتباعه بالتحرك آمرًا:

-بينا يا رجالة، وقفتنا معدتش تلزم هنا.

انصرفوا تباعًا، تاركين خلفهم من لن يبكي عليه أحد إن مات توًا. تجمد "إسماعيل" في مكانه للحظاتٍ، فاقدًا قدرته على التعبير، أو التعليق، اهتزت صورته أمام نفسه قبل الغرباء، صار يرى شخصيته الوقورة تذهب أدراج الريح، تضاءلت كرامته، وتبعثر كبريائه، لم يتحمل ذلك الكهل هذا التجريح المهين له، فترنح في غير اتزانٍ باحثًا عما يدعمه، ويمنعه من السقوط. رأته "سعاد" وهو على وشك الوقوع، فهبت ناحيته تناديه في ارتياعٍ مفزوع:

-حاج "إسماعيل"!

أسندته بذراعيه، وأجلسته على المصطبة القريبة، لتتابع بعدها صياحها المرتعب:

-الحق أبوك يا "فضل".

تمدد ابنها على الأرضية، متحسسًا بيده مواضع الألم، بالكاد اختطف نظرة مشوشة نحو أبيه، ودمدم في هسهسة متحشرجة:

-أنا عاوز اللي يلحقني ....................................!!

*********************
إلي هنا ينتهي الفصل الثانى والعشرون من رواية الطاووس الأبيض ج4 بقلم منال سالم
تابعوا صفحتنا على الفيس بوك للمزيد من القصص الرومانسية
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة