-->
U3F1ZWV6ZTMzNTg0ODE3NzI1X0FjdGl2YXRpb24zODA0Njk2NDgxODg=
recent
آخر القصص

رواية الطاووس الأبيض ج4 بقلم منال سالم - الفصل الرابع والثلاثون

مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة وأجمل الروايات الممتعة والروايات الرومانسية مع رواية رومانسية جديدة للكاتبة المتألقة منال محمد سالم والتي سبق أن قدمنا لها العديد من الروايات والقصص الرائعة من قبل علي موقعنا قصص 26 وموعدنا اليوم مع الفصل الرابع والثلاثون من رواية الطاووس الأبيض ج4 بقلم منال محمد سالم .

رواية الطاووس الأبيض ج4 بقلم منال سالم - الفصل الرابع والثلاثون

إقرأ أيضا: حدوتة رومانسية 

رواية الطاووس الأبيض ج4 بقلم منال سالم

رواية الطاووس الأبيض ج4 بقلم منال سالم - الفصل الرابع والثلاثون

 القلب ليس مجرد عضلة تدفق الدماء النقية إلى الشرايين وتستقبل غيرها، وإنما هو موطن الإحساس بكل ما هو جميل ومميز. ما تفوهت به جعله يدير دفة الأمور إلى الاتجاه المعاكس، على أمل أن تكون النتائج في صالحه. ألقى "تميم" بشرطه المباشر عليها منتظرًا ردها، فاستغرقت "فيروزة" في تفكيرٍ سريع قبل أن يأتي وجهها بأكثر من لون وهي تصرخ رافضة:

-لأ طبعًا، إنت بتساومني؟

تسلح بالهدوء، وسألها بوجهٍ متقلص العضلات إلى حدٍ ما:

-مين قال إنها مساومة؟ احنا بنتناقش سوا.

احتدت نبرتها وهي تجادله:

-فين النقاش، وإنت بتعقد الأمور أكتر؟

رد مستنكرًا في ضيقٍ بدأ بالظهور عليه:

-أنا اللي بعقدها؟ طب إزاي؟ ده احنا لسه بنقول يا هادي.

ارتفع صوتها قليلاً وهي تواصل هجومها غير المبرر عليه، مستخدمة يدها في التلويح:

-أنا ضد إن حد يحطني تحت ضغط، ويجبرني على حاجة مش عاوزاها.

لم يسعَ للخروج عن طور هدوئه رغم المحفزات الداعية للعكس، وسألها بتريثٍ كابتًا ما يعتريه من ضيقٍ:

-فين الإجبار بالظبط؟

كان صوتها أقرب للصراخ وهي تتهمه:

-أومال اللي إنت قولته ده إيه؟ لو اتأجل ميعاد كتب الكتاب هيبقى كتب كتاب ودخلة سوا، ده مش أسلوبك للضغط عليا؟

برر لها موقفه بهدوءٍ حذر:

-ما أنا سايب المدة مفتوحة، خدي كل الوقت اللي إنتي عايزاه، مابقولش نعمل ده بكرة ...

سرعان ما أنار وجهه بسمة لطيفة وهو يختتم جملته:

-ولو إني أتمنى إنه يحصل.

استمرت في مهاجمته بعدائيةٍ غريبة وقد ارتفعت يدها للأعلى في الهواء:

-أه طبعًا لازم يحصل على مزاجك، وإنت يفرق معاك حاجة؟ ما هو كل حاجة بيعة وشاروة بالنسبالك، نجيب شبكة بأد كده، ندفع مهر بأكوام فلوس عشان عين العروسة وأهلها يزغللوا فيوافقوا بدون تفكير، وكأننا مصدقنا، ولما تضمن حقك، تروح تشوف بيعة جديدة تملى عينك!

حملق فيها "تميم" مدهوشًا للحظات محاولاً استيعاب كل ذلك التحفز ضده؛ كأنما ارتكب جريمة ما دون أن يعلم عنها شيئًا، استنكر اختلاقها لأسبابٍ غير حقيقية في تحميل كامل الذنب لأمر مجهول، وهتف –رغم ذلك- مدافعًا عن نفسه بحذرٍ:

-إنتي بتجيبي الكلام ده منين؟ أنا مش فاهم حاجة، وبعدين ده مش طبيعي يا أبلة، إنتي جايز متعرفنيش كويس، بس أنا مش كده.

رمقته بنظرة حانقة قبل أن تخبره بحسمٍ:

-أنا مش للبيع يا معلم "تميم" ..

حدق فيها بوجومٍ، وزادت نظراته قتامةً عندما نطقت في حزمٍ:

-اعتبر الجوازة منهية!

وكأنها وخزته بطعنة غدرٍ في صدره، فصاح بها في صدمةٍ وقد استبد الألم بكامل كيانه:

-إنتي بتقولي إيه؟

........................................................

بقائهما بالداخل طوال تلك الدقائق أعطى الصائغ الفرصة لعرض أحدث المشغولات لديه، لتكون الخيارات متنوعة ومتاحة للعروس حين تنتقي الأفضل، الأقيم، والأغلى، بناءً على طلب "ونيسة". توقعت "آمنة" أن تلحق بها ابنتها؛ لكنها بقيت بالخارج، فنظرت عبر زجاج واجهة المحل إليها وهي تتحدث إلى "تميم"، ظنت أنهما يتأملان الحُلي المعروضة بالخارج، فلم تلقِ لهما بالاً، إلى أن انتبهت للصوت شبه المرتفع بينهما، حينئذ ارتكزت نظراتها عليهما، وقلبها ينبض في توجسٍ، وعند ارتفاع وتيرة الصدام بينهما، تركت ما في يدها لتخرج إليهما وهي تتساءل في قلقٍ كبير:

-خير يا "فيروزة"؟ في إيه؟

النظرة التي منحتها ابنتها لها أكدت أن الأمور ليست على ما يرام، تجمدت الكلمات على طرف لسانها، واتسعت عيناها في ذعرٍ، في حين تساءلت "ونيسة" في تحيرٍ:

-في إيه يا ولاد؟ حصل إيه؟

سلطت "فيروزة" عينيها الحانقتين على والدتها، وأخبرتها بقسوةٍ جعلت قلبها يقصف هلعًا وهي تنفض يديها أمامها:

-خلاص يا ماما ارتاحي، كله بح، خلص، انتهى!

لطمت "آمنة" على صدرها في حسرةٍ، بينما رددت "ونيسة" مذهولة:

-يا ساتر.. ليه كده؟

اندفعت بعدها "فيروزة" مغادرة المكان، لتسرع في خطاها متجهة للأمام دون أن تحدد وجهتها، بينما وجهت "ونيسة" سؤالها إلى ابنها بوجهٍ مال للشحوب:

-إيه اللي جرى يا "تميم"؟

لم يعرف بماذا يجيبهما، فقال وهو يهم باللحاق بطاووسه الجامح:

-معلش يا جماعة، ده سوء تفاهم بسيط، استنونا جوا، أنا هاجيبها وأرجع.

ارتجفت شفتا "آمنة" عندما سألته بوجهٍ أقرب للموتى:

-في إيه؟

ابتسم في تصنعٍ، قبل أن يقول كنوعٍ من المزاح، ليبث الطمأنينة لكلتيهما:

-هرمونات!

ثم هرول ليلحق بها وصوته يأمرهما:

-استنونا جوا المحل، شوية وراجعين.

تسمرت "آمنة" في مكانها، ونظراتها تشيع "تميم"، شعرت بالوهن يزحف إلى قدميها، فعجزت عن المشي باستقامةٍ وهي تولول متحسرة:

-استر يا رب، ده اللي كنت عاملة حسابه، العين ودت صاحبها القبر، أكيد هما اتحسدوا.

ربتت "ونيسة" على كتفها قائلة:

-ربنا يبعد عنهم الشيطان، تعالي يا "آمنة"، خلينا نستنى ونشوف هيحصل إيه.

جرجرت ساقيها عائدة إلى الداخل، ولسانها لا يتوقف عن الترديد في خفوت:

-ربنا يعديها على خير، استرها يا رب، مش ناقصة خساير.

.................................................

في لحظة الاختيار، وحين أصبحت بين مطرقة وسندان، رفضت بشتى الطرق أن تكون في موضع إكراه لشيء لا ترغب في فعله، انطلقت دفاعاتها تلقائيًا لتمنعها من القبول بما قد يجعلها تحت وطأة الضغوط، فانسحبت طواعية عن اختيار المجازفة، رغم الوجع الغريب الحارق في صدرها! إن كان ذلك قرارها، فلماذا كل هذا الشعور بالألم والندم؟

لم تحدد "فيروزة" وجهتها، سارت إلى حين اندفعت قدماها، كأنهما يملكان بوصلة توجهها، سمعت صوت "تميم" يأتي من خلفها يناديها:

-يا أبلة!

واصلت السير بخطواتٍ أقرب للركض متجاهلة إياه، وعند أول زقاقٍ قابلته انحرفت عنده، وصل إليها صوته المنادي عاليًا:

-استني يا أبلة، إنتي رايحة فين؟

تلفتت حولها لتحدد أين هي، فوجدت نفسها محاصرة بين بناياتٍ قصيرة الارتفاع، يفصلهما شارع غير معبد، يكسوه التراب، وعرضه لا يتجاوز المترين، استمرت في التقدم بخطواتها العصبية، وصوته ما زال يلحق بها. بلغت نهاية الزقاق، فوجدت عنده حائطًا من الطوب يسد عليها الطريق، توقفت في مكانها، وهي تبرطم بغيظٍ، استدارت حين سمعت صوته قريبًا منها:

-اسمعيني يا أبلة!

صرخت به في تشنجٍ، وقد كورت قبضتيها:

-محدش ليه دعوة بيا، أنا حرة في نفسي.

رفع "تميم" كفيه قائلاً على مهلٍ؛ كأنما يحاول امتصاص نوبة غضبها المستريبة:

-ماشي، بس إنتي داخلة كده فين؟

جاوبته بعصبيةٍ:

-رايحة في داهية.

بيد أنه علق في مزاحٍ طريف، علها بذلك تهدأ:

-بس مش دي سكتها.

اغتاظت من أسلوبه الممازح في هذا الظرف الهام، وسألته في حدةٍ:

-عاوز إيه مني؟

أخبرها بودٍ مشيرًا بسبابته، وما زالت تلك الابتسامة اللطيفة تنير ثغره:

-دي حارة سد على فكرة، أنا بس بعرفك.

أطبقت على جفنيها، ورفعت رأسها للأعلى لتعقب في سأمٍ:

-زي كل حاجة في حياتي.

رد عليها بعد زفيرٍ سريع:

-استهدي بالله كده يا أبلة.

فتحت "فيروزة" عينيها ورمقته بنظرة نارية محذرة، فقال بشبح ابتسامة وهو يشير بكفيه لها:

-أنا عاوز بس أفهم إيه اللي مخليكي تفكري كده.

الصراع القائم بين طيات عقلها بلغ أوجه، واتحد مع الضغوطات المتولدة مما عايشته صباح اليوم، فانفجرت مكنونات صدرها، وباحت له بما يستعر فيها:

-إنت تاجر يا معلم، يعني أكيد فاهم إيه الصفقة الرابحة ليك، وإيه الصفقة الخسرانة، وبالنسبالك أنا كده.

لازم أسلوب العقلانية وهو يسألها:

-وليه تحسبيها بالمنطق ده؟

جاءه ردها صريحًا ومنفعلاً:

-عشان هي ماتتفهمش إلا كده، تقدر تقولي إيه اللي يخليك تدفع كل الفلوس دي في واحدة الله أعلم إن كانت هتحبك ولا لأ؟!!!

رغم قساوة تبريرها، وحصره في مفهوم المال، إلا أنه تغاضى عنه متفهمًا ما تمر به، وخاطبها بتعقلٍ:

-لأن ده الطبيعي، طالما أنا قادر أتجوز وأريح اللي هاتكون مراتي، ليه ماجبلهاش كل اللي نفسها فيه.

هزأت منه في فظاظةٍ:

-كلام مايتصدقش غير في الأفلام.

رمقها بنظرة معاتبة، لم تتجاوب معها، واستمرت في تحقير نواياه:

-يا معلم إنت بلوكشة الفلوس دي كلها تقدر تدفعهم في أربعة ستات بدل واحدة، وتبقى إنت الكسبان كمان.

مجددًا لم يحاول أن يخرج عن هدوئه وهو يسمع سوء ظنها به، تنفس بعمقٍ، وكرر عليها بصدقٍ بائن في نبرته ومن قبلها عينيه:

-بس أنا مش عايز إلا إنتي.

رغم بساطة الكلمات، إلا أنها نفذت إلى قلبها بشكلٍ جعلها تتلبك لوهلةٍ، ومع هذا أنكرت الشعور اللذيذ الذي تسلل إليها باعترافه المتمسك بها، وسألته في نفس اللهجة العصبية:

-وأنا فيا إيه مختلف عشان تصمم عليا للدرجادي؟

سكت لهنيهةٍ عن الكلام؛ لكن القلب لم يسكن، بل انتفض صارخًا به أن يثور ويثأر لحبه المهدد بالضياع. تخير كلماته حين نطق أخيرًا:

-كل حاجة، ومش هينفع أقول أكتر من كده.

برقت عيناها أمام اعترافه المريب، وأوشكت على الاحتجاج بقولها:

-يا معلم ..

قاطعها بلطفٍ -سبقها تنهيدة خاطفة- وبإشارة من سبابته أمام وجهها:

-يا أبلة أنا اعترفتلك إني عاوز أتجوزك عشان عاوزك أكتر منك، مش حكاية بيع وشراء خالص.

تعقدت ملامحها في توترٍ، فترديده لنفس العبارة بهذه النبرة أربكها، وزاد ذلك الشعور بداخلها عندما تابع مؤكدًا:

-وبقولك من تاني مش مستعجل على إنك تبقي مراتي، خدي كل وقتك، لحد ما تبقي متأكدة إنك عايزة الخطوة دي، إن شاءالله نأجل الجوازة سنة، وصدقيني لو كان قرارك في النهاية إنك مش هتكملي، فأنا مش هتعرض.

لن تنكر أنها شعرت بالراحة عقب ذلك، بأن ثقلاً كان جاثمًا على صدرها قد أزيح مرة واحدة. صمتها الطويل كذلك شعره بالطمأنينة، فسألها بنظراتٍ حذرة:

-اتفقنا؟

لم تعطه ردًا مباشرًا، وأردفت تقول في صوتٍ حاسم:

-طب أنا مش عايزة شبكة.

هز رأسه موافقًا وهو يعلق عليها:

-حاضر، هنجيب حاجة بسيطة.

صححت له نافية:

-لأ، مش عاوزة حاجة نهائي.

عارضها بصوتٍ ما زال هادئًا:

-ما إنتي قولتي نخليها دبلة وخاتم، هترجعي في كلامك؟

قطبت جبينها أكثر، فكرر عليها مبتسمًا في عذوبة:

-دبلة وخاتم بس، مش أكتر من كده!

حين استمرت على صمتها، زاد الأمل بداخله بأنها لن ترفض، بعد برهةٍ، كتفت ساعديها أمام صدرها، وأطلقت زفرة سريعة، لتقول بغير ابتسامة:

-إذا كان على أد دول ماشي ...

ثم اشترطت عليه وهي تشير بإصبعها أمام وجهه:

-ومافيش حفلة خطوبة.

جاراها في قرارها قائلاً بمنطقية:

-طيب .. بس أهالينا مالهومش ذنب يزعلوا، ولا حتى نكسر فرحتهم اللي مستنينها .. اعتبريه بثوابه، دخلي السرور عليهم مؤقتًا.

انزوى ما بين حاجبيها قائلة:

-مش فهماك.

تنحنح قبل أن يوضح لها:

-بصي هنعمل حيلة كده عليهم ...

لاحقته بسؤالٍ متعجل دون أن تمهله الفرصة لإتمام جملته:

-حيلة إيه دي؟

لفظ الهواء من رئتيه، وقال على مهلٍ:

-يعني نقي كام حاجة كده قصادهم، وأنا هفهم الصايغ إننا هنرجع الحاجة بعدها بيومين، حلو الكلام؟

هزت كتفيها رافضة بعنادٍ:

-أنا مش موافقة.

لم يكف عن محاولة إقناعها، فقال:

-يا ستي، دي لعبة صغيرة، وقولتلك عشان ما يزعلوش، ونبقى راضيناهم، وعملنا اللي احنا عاوزينه.

حلت تشابك ساعديها، وهتفت به في حدةٍ:

-إنت بتاخدني على أد عقلي؟ مفكرني هبلة ولا حاجة؟

ابتسم نافيًا:

-لأ، لا سمح الله، إنتي أعقل حد قابلته.

علقت في غيظٍ:

-بتتريق حضرتك؟

فاض به الكيل بعد كافة المحاولات لإظهار مدى رغبته الشديدة بالظفر بحبها بأفعاله لا أقواله، فتحدث إليها في يأسٍ بعد أن نضبت كل السبل أمامه:

-والله العظيم أنا غُلب حماري، ومابقتش عارف أعمل إيه معاكي، طب إيه يرضيكي؟

نظرت له بعبوسٍ، فغمغم في مزاحٍ:

-كتالوجك مالوش ماسكة.

بالكاد منعت ابتسامة خائنة من الظهور على شفتيها، وردت بجدية شديدة، لتبدو على نفس موقفها المتصلب:

-قول أي كلام، وإنت ذات نفسك بتتعالى عليا، كأنك مجبور على الجواز.

حدق فيها في غير تصديقٍ، وأنكر هذا بشدة، وهناك ابتسامة هازئة تداعب ثغره:

-أنا؟ طب قولي كلام غير ده.

جاءه تعليلها منطقيًا جراء معاملته المتحفظة لها:

-أومال مش طايق تبص في وشي ليه؟ وبتكلمني من تحت الضرس، وعلى فكرة دي مش أول مرة.

حمحم بعد لحظة من التفكير المتأني:

-بصي كل اللي أقدر أقولهولك إني براعي ربنا فيكي، لأنك في غلاوة أختي "هاجر"، اللي مقبلش بيه عليها، مرضاش بيه ليكي!

كانت كلماته كالبلسم الذي ضمد جراحًا غير مرئية فيها، ربما لم تكن راضية كليًا عن جفائه معها؛ لكن نوعًا ما بدا محقًا في تصرفاته. قفزت "فيروزة" في ذعر، وصرخة مباغتة انفلتت من بين شفتيها، حين سمعت صوت قذيفة غريبة أُلقيت من خلفها، ارتدت تجاه "تميم"، وضربته في صدره بحقيبة يدها، فتشبث بالحقيبة بقبضتيه، كأنما يمنع سقوطها.

توازنت "فيروزة" سريعًا، واستعادت ثباتها لتحدق بشيءٍ من الفزع في الشيء الذي أرعبها وهي تتساءل:

-إيه ده في إيه؟

أجابها "تميم" بهدوءٍ:

-محصلش حاجة، الظاهر حد حدف بلوى من الشباك.

تأملت "فيروزة" كيس القمامة الذي تبعثرت محتوياته على مسافة متر منها، وصاحت في استهجانٍ ساخط:

-الناس دي معندهاش ذوق ولا دم، بيحدفوا الزبالة كده على الناس اللي واقفة.

بوجهٍ لا زال جادًا أخبرها "تميم":

-الحمدلله إنه مكانش تنضيف فراخ ولا سمك، كنا هنتبهدل، ومنظرنا هيبقى وحش أوي.

خنقت ضحكة متأثرة لخفة دمه، وعقبت بتجهمٍ غير مقنع:

-حقيقي سلوكيات بشعة.

اتسعت بسمة "تميم" على الأخير، وراح يمازحها:

-بس بصي للجانب الحلو، أنا لحقت شنطتك، وخدتها بالحضن، الحمدلله مجرلهاش حاجة.

تلقائيًا انخفضت عيناها نحو حقيبتها التي ما زالت ممسكًا بها، استعادتها منه، وهي تبتسم! تنفس "تميم" الصعداء، واستطرد قائلاً في ألفةٍ:

-نستعيذ كده بالله من الشيطان الرجيم، ونروح نعمل مشوارنا ...

ظل محافظًا على عذوبة ابتسامته وهو يكمل:

-بدل ما نتحدف بالطوب، وساعتها هنقضي يومنا في الطوارئ.

علقت "فيروزة" حقيبتها على كتفها، وضمت شفتيها في قسوةٍ لتمنع هذه الضحكات الغادرة من الظهور على وجهها، أشار لها بيده لتتقدمه، وتابع من خلفها في نفس اللهجة الطريفة، ليجبرها على الضحك بخفوتٍ:

-اتفضلي يا أبلة، خديلك ساتر بس وإنتي معدية، محدش ضامن هايجيلنا إيه تاني من فوق، جايز المرة الجاية تكون بطيخة، ودي هتبقى القاضية، لا هينفع معاها شبكة ولا دخلة ............................................... !!

*********************
إلي هنا ينتهي الفصل الرابع والثلاثون من رواية الطاووس الأبيض ج4 بقلم منال سالم
تابعوا صفحتنا على الفيس بوك للمزيد من القصص الرومانسية
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة