-->
U3F1ZWV6ZTMzNTg0ODE3NzI1X0FjdGl2YXRpb24zODA0Njk2NDgxODg=
recent
آخر القصص

رواية الطاووس الأبيض ج3 بقلم منال سالم - الفصل الثانى والأربعون

 مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة وأجمل الروايات الممتعة والروايات الرومانسية مع رواية رومانسية جديدة للكاتبة المتألقة منال محمد سالم والتي سبق أن قدمنا لها العديد من الروايات والقصص الرائعة من قبل علي موقعنا قصص 26 وموعدنا اليوم مع الفصل الثانى والأربعون من رواية الطاووس الأبيض ج3 بقلم منال محمد سالم .

رواية الطاووس الأبيض ج3 بقلم منال سالم - الفصل الثانى والأربعون

إقرأ أيضا: حدوتة رومانسية 

رواية الطاووس الأبيض ج3 بقلم منال سالم


رواية الطاووس الأبيض ج3 بقلم منال سالم - الفصل الثانى والأربعون

 الوفاء، الاعتزاز، الحنين، الاشتياق، والإخلاص العميق كلها سماتٍ استشعرتها بصدقٍ خلال حديثه المسترسل عن حياته السابقة، لم تكن "فيروزة" مهتمة في البداية بما يخبرها به الجد "سلطان"؛ لكن لمحة التأثر الظاهرة في صوته، وأيضًا في عينيه، نفذت إلى قلبها، وجعلتها تشعر بما يكنه في صدره من مشاعر غير مزيفة. نصائحه المتوارية، وتلميحاته المبطنة، كانت كإشاراتٍ خفية لإرشادها نحو الطريق الذي انحرفت عنه بفعل الضغوطات النفسية المتعاقبة عليها، ناهيك عن التذكار الذي تلقته من حفيده على وجه الخصوص، بدا مفاجأة غريبة ودافعة للفضول في نفس الآن. حملقت فيه بين الفنية والأخرى لوقت طويل، تستعيد مع تلك النقشة مواقف عايشتها جمعت بين الحزن والفرح؛ لكنها رمزت إلى قوتها، إلى تمردها، إلى صمودها، إلى معافرتها حتى تقف على قدميها.

أطبقت "فيروزة" بأناملها على الميدالية، كأنما تحاول استمداد قوتها منها، سرعان ما ارتخت قبضتها عنها، وشعرت بالوهن ينخر في روحها، فأغمضت عينيها تاركة فيضًا من الدموع ينساب من طرفيها؛ كانت مستنزفة القوى، زاهدة في مقاومتها، أرادت استعادة ما كانت عليه؛ لكن أين السبيل لهذا الطريق وهي تشعر بالوحدة والوَحشة؟!

.....................................................

انقضى على تلك الزيارة يومان، ومع هذا ظلت آثارها حاضرة، دومًا تصدح كلمات الجد في رأسها خلال استغراقها في التفكير، لتذكرها أنها ليست الضعيفة المستكينة لتستسلم هكذا، وفي نومها فتشت بداخل أعماقها المظلمة عن ذرة صمودها؛ لكنها ضلت عن دربها، وكادت تيأس من بلوغها، لولا أن رأته حاضرًا لأجلها، خفقة لذيذة أنعشت فؤادها، وأيقظت ما كان في الوجدان كامنًا، استيقظت "فيروزة" من نومها في حالة غير الليالي السابقة، بدت هادئة، منتبهة لما يدور من حولها، أحست أن شعورها بالخذلان قد خبا قليلاً عن السابق؛ وإن ظل ملازمًا لها.

تحولت أنظارها نحو باب الغرفة حينما أطلت "علا" منه أولاً، وهتافها المرح يقول:

-"فيرو" حبيبتي، وحشتيني أوي...

تقدمت نحو فراشها، ولمحت بطرف عينها شقيقها يتبعها، مالت عليها الأولى لتحتضنها وهي تواصل سؤالها باهتمامٍ:

-عاملة إيه النهاردة؟

شملتها بنظرتها، وأضافت:

-حساكي أحسن، مظبوط؟

لم تتوقع أن تجيبها، فقد لجأت للصمت الإجباري كوسيلة للهروب عن المواجهة، التفتت "علا" ناظرة إلى شقيقها تسأله؛ وكأنها تدعوه لمشاركتها في تفقدها بطريقة لطيفة:

-إيه رأيك يا "ماهر"؟

ألقى عليها نظرة فاحصة قبل أن يومئ برأسه مؤكدًا:

-هي فعلاً شكلها أفضل، ولسه برضوه لما نطمن من الدكتور.

جلست "علا" على طرف الفراش، وامتدت كلتا يديها لتحتضن كفها، وأخبرتها بغموضٍ مثير:

-أنا عايزاكي تشدي حيلك، وتخرجي من هنا بسرعة ...

توقفت للحظة لتضمن سماعها للبقية، ثم غمزت لها قبل أن تكمل:

-في مناسبة حلوة في الطريق.

تنهدت ببطءٍ، وتابعت بابتسامةٍ مزجت بين الخجل والحماس:

-خطوبتي قريب ..

رمشت بعينيها مضيفة:

-وطبعًا محدش هيساعدني ولا يظبط الديكور غيرك يا "فيرو"، ما إنتي أكتر حد فاهم ذوقي عامل إزاي.

علق "ماهر" من خلفها بابتسامةٍ هازئة، وهو يدس يديه في جيبي بنطاله:

-الله يكون في عون "وجدي"، أنا عارف عجبه فيكي إيه؟!

اغتاظت من طريقته المستفزة، وهتفت تشكوها في عبوسٍ زائف:

-شايفة يا "فيرو"؟ ده بدل ما ياخد صفي؟

رد بنفس أسلوبه المازح:

-يا بنتي ده كفاية إني مستحملك، ليه نبلي غيرنا بيكي.

استاءت منه، وأوشكت على التشاجر معه بقولها:

-بلاش كده يا "ماهر"، إنت هتعصبني.

توقفا عن الثرثرة مع دخول إحدى الشابات الأنيقات للغرفة، لم يكن وجهها مألوفًا في البداية لثلاثتهم، بدأت بالترحيب بهم، كاستهلالٍ منمق للتعريف بنفسها:

-مساء النور على حضراتكم.

ركز "ماهر" أنظاره المحققة عليها، وبادلتها "علا" التحية بقولها:

-مساء الخير.

تابعت تقديم نفسها بابتسامة مهذبة:

-أنا الدكتورة "ريم هلالي"، جاية للمدام بناءً على تعليمات الدكتور المسئول عن علاجها.

ظلت عينا "ماهر" عليها تتفرس بها، بدا وكأنه يعرفها من مكانٍ ما؛ لكن عقله لم يسعفه بعد لتذكرها. حمحم بصوتٍ خفيض، وسألها بلهجةٍ كانت شبه رسمية:

-حضرتك الدكتورة النفسية؟

نظرت في اتجاهه، وأجابته باقتضابٍ، دون أن تفتر بسمتها:

-أيوه.

قال بقليلٍ من الترفع:

-تشرفنا.

ردت مجاملة:

-شكرًا.

أوصاها وهو يخرج إحدى يديه من جيبه ليشير بها:

-شوفي يا دكتورة أنا مش هوصيكي على "فيروزة"، دي في مقام أختي، وآ...

قاطعته بثقةٍ ظاهرة على تعبيراتها الهادئة:

-مش محتاجة وصاية، أنا بحب أقوم بشغلي على أكمل وجه.

هتفت "علا" تشجعها:

-يا ريت بجد يبقى في نتيجة مع "فيرو"، أنا مش حابة أشوفها أعدة كده.

طمأنتها "ريم" ببسمتها الرقيقة:

-متقلقيش، بإذن الله هايكون في نتيجة طيبة.

تحركت رأسها في اتجاه "ماهر" لتنظر إليه بحاجبين معقودين عندما سألها:

-حاسس إني شوفتك قبل كده، هو والدك كان شغال في الداخلية؟

رغم تطفله الفضولي الغريب –وغير المستلذ عليها- إلا أنها أجابته بأسلوبها الرزين المهذب:

-أيوه، كان لواء، بس تقاعد بقاله فترة.

صمت لهنيهة معتصرًا ذاكرته قبل أن ينطق أخيرًا في صيغة متسائلة:

-اللواء "فاروق الهلالي"، صح كده؟

تفاجأت من صحة تخمينه، وأكدت هذا بترديدها:

-أيوه، حضرتك تعرفه؟

ارتخت تعابيره، واعتلت ملامحه ابتسامة زهو وهو يرد:

-أه، أنا خدمت معاه زمان، فكريه بيا "ماهر حجازي".

هزت رأسها قائلة:

-حاضر.

تبدلت نبرته المليئة بالعنجهية لأخرى ودية إلى حدٍ ما في سؤاله التالي:

-إزي صحته؟ وأخبار سيادته إيه؟

جاوبته ببسمةٍ ناعمة:

-الحمدلله.

ضحك وهو يكرر عليها:

-طالما طلعنا معرفة كده، يبقى مش هوصيكي على "فيروزة".

لم تفتر ابتسامتها وهي تعقب عليه بقليلٍ من العتاب:

-تاني؟ حضرتك اطمن، إلا إن كنت مش واثق فيا.

ارتسمت قسماته بالجدية وهو يقول:

-لأ إزاي.

راقبت "علا" ما يدور بينهما من حوارٍ تحول من تعارفٍ عابر إلى وسيلة لتعميق الصلات في طرفة عينٍ، مالت نحو "فيروزة" تهمس لها ساخرة منه:

-شايفة بيعمل إيه؟ فاكر إنه بيثبت البنات بطريقته دي.

اعتدلت في وقفتها، وانتبهت لـ "ريم" التي قالت:

-هستأذنكم تسبوني معاها شوية.

ردت عليها وقد انبعجت شفتاها عن بسمة مفتعلة:

-أوكي.

في حين استطرد "ماهر" قائلاً وهو يمد يده لمصافحتها:

-فرصة سعيدة، وإن شاءالله نتقابل تاني، سلامي لسيادة اللواء.

بادلته المصافحة، وقالت:

-حاضر.

وضع "ماهر" يده على كتف شقيقته يستحثها على الخروج وهو يقول:

-تعالي يا "علا"، خلي الدكتورة تاخد راحتها.

لكن كانت أنظاره مرتكزة على "ريم" التي تحاشتها لتتطلع إلى مريضتها المستلقية على الفراش. ودعت "علا" رفيقتها هاتفة:

-باي يا "فيرو"، هاجيلك تاني.

انتظرت مغادرتهما للمكان، لتغلق الباب خلفهما، ثم قامت بحمل أقرب مقعدٍ، ووضعته مجاورًا لفراش "فيروزة"، جلست عليه في مواجهتها، وبدأت في خلق جو من الحوار الودي معها بقولها اللطيف:

-مساء الخير، اسمحيلي أفرض نفسي عليكي شوية.

أخرجت مفكرة صغيرة من حقيبتها الجلدية، وسحبت قلمًا من جيبٍ داخليٍ بنفس الحقيبة، لتبدأ بعدها في تقليب الصفحات، وتدوين ملحوظاتٍ سريعة. تطلعت إلى مريضتها بنظراتٍ حانية وهي تخبرها بصورة ودية:

-أكيد إنتي عرفتي اسمي، الدكتورة "ريم"، وأنا موجودة هنا عشان أساعدك.

نظرات "فيروزة" نحوها كانت ضيقة، حذرة، أظهرت جانبًا دفاعيًا فيها، ومع هذا قابلت "ريم" أسلوبها المتحفظ بلينٍ معكوسٍ في نبرتها عندما خاطبتها:

-أنا عارفة إنك مريتي بحاجات كتير، واللي خلاكي توصلي للحالة دي مش موقف ولا اتنين، دي تراكمات على فترات طويلة.

كانت كمن يضع يده على الجرح المفتوح، فجعلتها تتحفز تتلقائيًا وتتخذ موقفًا غير متساهلٍ معها؛ لكن "ريم" استمرت في طمأنتها:

-ودوري هنا إني أساعدك تتجاوزي المحنة دي، وترجعي أفضل من دلوقتي بكتير، وقادرة على مواجهة أي مشكلة بعزيمة.

حافظت "ريم" على نعومة ابتسامتها وهي تكمل:

-أتمنى إن يكون في بينا استجابة كويسة، وحابة أقولك إني مش مستعجلة على النتيجة، أنا أفضل إننا ناخد وقتنا، لحد ما تتخطي أزمتك بنفسك، وتكوني أقوى من الأول.

لانت تعابير "فيروزة" المشدودة نسبيًا مع عبارتها الأخيرة، فتابعت توصيها مجددًا:

-تعاونك معايا هيفرق كتير.

أغلقت المفكرة، وأعادتها إلى مكانها بداخل الحقيبة، ثم قالت في نفس الأسلوب الودي الهادئ:

-النهاردة مجرد تعارف بسيط بينا، وإن شاءالله هنظبط مواعدينا سوا.

بقليلٍ من المجازفة مدت "ريم" يدها، وربتت على كفها عدة مراتٍ في حنوٍ، وأخبرتها وهي تتطلع إليها بنظراتٍ متفهمة:

-وأتمنى إني حقيقي أقدر أفيدك، زي ما كنت سبب في مساعدة ناس كتير.

..................................................

نزعت بجشعها اللا محدود كل ما كان ثابتًا في حياته، ألجمت الصدمة لسانه، وأصابت تفكيره بالعطب، بل وجعلته يتجمد في مكانه لمدة طويلة، محاولاً استيعاب الحقائق المريرة التي اكتشفها بمحض الصدفة، أعاد "هيثم" كل شيء إلى مكانه فيما عدا بضعة رزم من النقود، قطع متنوعة من الذهب، والأوراق التي أظهرت كذب والدته، وادعائها بالباطل على زوج خالته، فوالده الراحل لم يكن مالكًا لمحله المحترق، وإنما مستأجرًا لم يسدد دينه مطلقًا منذ اللحظة التي وطأه فيها، والأدهى من ذلك أنه تلقى مساعدات كثيرة لإقامة مشروعات عدة، أظهرت العقود القديمة هذا، إذًا كيف يكون "بدير" مخادعًا، وهو من كان يمول كافة أعمال أبيه غير الناجحة؟ من المفترض أن يُطالب بدفع مستحقاته؛ لكن على العكس تحمل مغالطات والدته، واتهاماتها الباطلة له على مدار سنوات.

شعر بكسرة النفس، بألمٍ قاسٍ يحز في قلبه، جر ساقيه خارجًا من المنزل وهو يمسح دموعه لئلا يراه أحدهم فيظن السوء. لا يعرف كيف قاد سيارته إلى المستشفى، جلس منتظرًا رؤيتها بصدرٍ موجوع، وحزن لا يمكن شرحه، بدا انتظاره طويلاً لا نهاية له، لم يعرف كيف يبدأ معها؛ لكن لا فرار من المواجهة بينهما. دار بنظراته في الحديقة المورقة المتواجد بها، لم تساعده المناظر الخلابة على تهدئة رأسه المشحون، كان فاقدًا لشعور السكينة، ومشبعًا بإحساس الألم، تحفز في مقعده، ونظر إليها في لومٍ عندما لمحها من على بعدٍ تسير ناحيته، جاءت إليه بصحبة إحدى الممرضات، أجلستها الأخيرة قبالته ليتحدثا معًا، وبقيت على مقربة منهما، حتى تتدخل عند استدعت الحاجة لذلك. اكتسب صوت "هيثم" ألمًا واضحًا عندما استطرد قائلاً:

-كويس إنهم سمحوا بالزيارة المرادي يامه.

بدت غير مهتمة بما يقول، ونظرت له باستخفافٍ غير مبالٍ، بالكاد ضبط نبرته، وجحَّم من انفعالاته وهو يخبرها:

-مكونتش هاقدر أكتم في نفسي.

تنفس بعمقٍ، ونظر إليها مليًا قبل أن ينطق بأنفاسٍ لم تكن منتظمة:

-مش أنا عرفت خلاص اللي موجود تحت البلاطة.

جحظت "بثينة" بعينيها مذهولة، وأدرك حينها أنها فهمت ما يرمي إليه. رفع الحقيبة الصغيرة المسنودة إلى جوار مقعده البلاستيكي ليضعها على الطاولة أمامها، فتح سحابها بأصابع متعصبة، وأخرج منها النقود والمشغولات الذهبية ملقيًا إياهم قبالتها وهو يردد في حرقةٍ:

-دول كانوا أهم عندك مني أنا وأختي.

ارتكزت كامل نظراتها عليهم، بل وامتدت يداها لتتحسهم، شعر "هيثم" بالمزيد من الغضب الممزوج بالاستياء منها، حدجها بنظرة لائمة وهو يعنفها:

-عيشتينا في كدب وضلال، وكل ده عشان تكنزي فلوس على أد ما تقدري، ومش مهم احنا يجرالنا إيه، الفلوس أهم عندك.

ارتفعت نبرته الحانقة نوعًا ما وهو يتابع هجومه عليها:

-سنين فاكر إن احنا اتنصب علينا، بس الورق اللي قريته، والحقيقة اللي عرفتها أكدتلي إنك مش على حق!

اختنق صوته مع إكماله:

-ورغم كده محدش لامك، سابوكي تتهمي، وتدعي بالباطل إن أبويا اتاخد حقه، وأهي حجة عشان تبرري بيها اللي بتعمليه، وتغرسي جوانا الشر والحقد.

تجمعت العبرات في عينيه، وأصبح صوته أكثر حدية عندما هتف بها:

-وطبعًا "خلود" كانت أول ضحية ليكي...

رأى "هيثم" في عينيها وهج الذهب، وطمع المال جليًا، لم تكن معه بذهنها، ولم تعبأ بصياحه المعاتب، تخيل أن لعابها يسيل وهي تأكل بعينيها قبل يديها ما يملأ الطاولة، هب واقفًا ليهاجمها مرة أخرى بعصبيةٍ جعلت الممرضة تنهض من مكانها في وضع تحفزٍ مستريب:

-يا ترى الفلوس دي هترجعها من قبرها؟ ولا جايز هتخلي لسانك يتعدل؟

جمع ما استعرضه قبالتها وسط نوبة من الصراخ غير المفهوم منها، اختطف ما حاولت الاحتفاظ به عنوة، وواصل لومه الشديد لها:

-ظلمتينا يامه بطمعك، ومحدش دفع التمن دلوقتي إلا احنا.

اهتاجت "بثينة" واِربدت قسماتها بعلامات الغضب الحاقدة، تهجمت عليه، ونبشت أظافرها في وجهه غيظًا من تصرفه، تفاجأ من جحودها، من تحجر مشاعرها؛ لكنه تماسك أمام صدمته، نجح في إبعادها عنه، وفي الاحتفاظ بمحتويات الحقيبة دون أن ينقص منها شيء. على الفور تدخلت الممرضة لمساعدته، ومع هذا لم تتمكن من تقييد حركتها. أولى "هيثم" ظهره لوالدته، وأخبرها بعزمٍ حاسم وهو يعلق الحقيبة على كتفه:

-الفلوس دي هرجعها لأصحابها.

نجحت "بثينة" في الإفلات من الممرضة، وانقضت على ظهر تضربه بعنفٍ وقسوة، مما جعله يرتد للأمام، بالكاد منع نفسه من الانكفاء على وجهه، واستدار ليواجهها، فأطبقت بكلتا قبضتيها على عنقه في غضبٍ أشد تريد خنقه، صرخت الممرضة عاليًا طالبة للمساعدة الفورية، فجاءت إليها وبدأوا في تخليصه منها. هتف "هيثم" عاليًا في صوتٍ متألم:

-إنتي خسرتيني يامه بطمعك.

لم تكف والدته عن الصراخ الهائج طوال سحبها للداخل، ونظرات "هيثم" تتبعها في حسرةٍ وألم، نكس رأسه في خزي معترفًا لنفسه:

-أنا مُت من وقت ما عرفت سرك.

تسللت الدموع الحارقة إلى عينيه، ولم يقاوم انسيابها، بل تركها تنهمر على وجهه ولسانه يردد في انكسارٍ:

-ليه ظلمتينا يامه؟ ليه ................................................. ؟!!

*********************
إلي هنا ينتهي الفصل الثانى والأربعون من رواية الطاووس الأبيض ج3 بقلم منال سالم
تابعوا صفحتنا على الفيس بوك للمزيد من القصص الرومانسية
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة