-->
U3F1ZWV6ZTMzNTg0ODE3NzI1X0FjdGl2YXRpb24zODA0Njk2NDgxODg=
recent
آخر القصص

رواية صفقة حب بقلم شيماء جوهر - الفصل الرابع عشر

 مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة والقصص والروايات حيث نغوص اليوم مع رواية رومانسية مصرية كاملة جديدة للكاتبة شيماء جوهر والمليئة بالعديد من الأحداث الإجتماعية المليئة بالتضحيات , وموعدنا اليوم علي موقع قصص 26 مع الفصل الرابع عشر من رواية صفقة حب بقلم شيماء جوهر.

رواية صفقة حب بقلم شيماء جوهر - الفصل الرابع عشر

تابع من هنا : رواية غرام

رواية صفقة حب بقلم شيماء جوهر

رواية صفقة حب بقلم شيماء جوهر - الفصل الرابع عشر

 "يوم الحسم"


تجلس سلمى على مكتبها وأمامها حاسوبها المحمول، تنهي به عملها المتاخر وهي في قمة الانسجام .. دخل عاصم فجاة دون أن يقرع على الباب حتى، ودون أن تشعر بوجوده .

جلس قبالتها ثم تنحنح، انتبهت له ونظرت له دقيقة بلامبالاه وعادت تكمل ما بدات .. الشىء الذي استفز عاصم للغاية، فقالت بهدوء شديد وبرود دون النظر إليه :

- ايوة يا عاصم في حاجة

تمالك أعصابه ثم قال :

- أخبارك إيه ؟

ردت سلمى بلامبالاة :

- زي كل يوم مفيش جديد

لم يتحمل عاصم الأسلوب الذي تعامله به على الإطلاق، طرق على سطح المكتب بعنف وهو يقول بغضب :

- كلميني زي ما بكلمك

وسريعا أغلق شاشة الحاسوب بعنف، رمقته نظرة غاضبة للغاية ثم نظرت سريعا تتفحص الحاسوب أن حدث له شئ .. عادت تنظر إليه وبكل عصبية وإنفعال قالت :

- في إيه يا عاصم على الصبح هو أنا ناقصة .. أنت أتجننت ولا إيه ! فوق

رمقها نظرة غاضبة وهو يقول بشراسة :

- في إن المهلة قربت تخلص أنتِ وﻻ على بالك

ردت سلمى بنفس النبرة :

- والمفروض أعمل إيه يعني ها .. هو أنا في أيدي حاجة !

قطب حاجبيه في شك ليقول بوعيد :

- يعني أنتِ ممكن تتجوزي طارق بجد !! .. أنتِ عارف إني بحبك مش كده ؟!

نهضت سلمى بغضب وبدأ صوتها في العلو :

- حب إيه إللي بتتكلم عنه، فوق يا عاصم خلاص إللي بينا أنتهى

تناولت حقيبتها وهمت بالإنصراف، جذبها من ذراعها بشدة وهو يقول بعنف :

- رايحة فين ؟

نزعت ذراعها منه سريعًا وهي تنظر له بتحدي وقوة لتقول بغضب :

- وأنت مالك

جذبها مرة أخرى وقال بصوت عال :

- يعني إيه وأنا مالي من حقي أعرف

نزعت قبضته وقالت بتحدي :

- سيب أيدي مش من حقك تعرف يا عاصم .. عن أذنك عشان متأخرش

تركته وخرجت سريعا بخطوات أشبه بالركض، طرق بشدة على سطح المكتب بكل قوة وعنف، وعيناه مازالت مرتكزة على الباب منذ خروجها وهو يتوعد لها بشراسة .. ليقول بوعيد :

- ماشي يا سلمى أما شوف أخرة العند ده إيه


****************


يجلس محمود في مكتبه وهو يحتسي قهوته المعتادة بعد وجبة الغداء .. وباليد الأخرى يتناول الجريدة ويقرأ ما بها بتركيز .

تدخل تهاني وتجلس على المقعد قبله .. قال محمود دون النظر إليها :

- طارق فين ؟

ردت تهاني بهدوء :

- فوق ونازل دلوقتي عايزه في حاجة ؟

رد محمود على نفس الحال :

- أيوة حاجة ضرورية، أول ما ينزل خليه يجيلي

تنهدت تهاني وهي تنهض :

- حاضر يا حبيبي


خرجت تهاني وهي تدعو أن تمر هذه الفترة على خير .. غير مطمئنة بهدوء طارق ومحمود بهذا الشكل .. ولكن ما الجديد، فطارق أحيانًا يتسم بالهدوء والبرود الشديد، ولكن هذه المرة تختلف بكل تأكيد .

كادت أن تذهب إلى الحديقة شاهدت نور وطارق ينزلان سريعاً على درجات السلم، متجهان إلى الباب .. لحقت بهم تهاني في آخر لحظة وهي تقف امامهم، فنظرت لطارق بجدية لتقول :

- طارق تعالى كلم أبوك في مكتبه

نظر إلى نور في صمت وتوتر، ثم إلتفت إلى والدته ليقول بعجالة :

خير في حاجة أنا مستعجل

ردت تهاني بثبات :

- مش عارفة بس بيقول حاجة ضرورية

تنهدت نور وهي تنظر في ساعة يدها لتقول سريعًا :

- روح يا طارق هحصلك في العربية

رد طارق مضطرًا :

- ماشي يا نور


تركته نور وخرجت تنتظره في السيارة .. أتجه طارق مباشرة إلى غرفة مكتب محمود، قرع على الباب ثم دخل بعدما سمع الأذن بالدخول .

أقترب من مكتبه وهو يقول :

- خير يا بابا عايزني في حاجة

وضع محمود الجريدة جانباً ثم نظر إليه في هدوء وهو يشير إلى المقعد قبله ثم قال :

- ايوة تعالي يا طارق عايزك في موضوع

تنهد طارق وهو يجلس لأنه يعرف جيدًا ماذا يريد والده، أختصر عليه الحديث وهو يقول بصرامة وسرعة :

- لو بخصوص جوازي من سلمى بعدين نتكلم في الموضوع ده أنا مستعجل دلوقتي

قضب محمود حاجبيه في تساؤل وهو يقول :

- ليه رايح فين ؟؟

رد طارق وهو ينهض ليقول :

- مشوار مهم لما أرجع هقولك على كل حاجة .. يلا سلام


رحل طارق سريعًا وأغلق الباب خلفه، يحمد الله أنه لم يطول الحديث مع والده أكثر من ذلك .. ففكره منشغل للغاية في هذه الفترة ووجب عليه الرحيل للتو .

كان محمود مندهشا حقا من هدوء طارق والحزم الذي كان يغلب على أسلوب حديثه .. توقع بأنه طريقة تعبيره عما حدث ولكنه غير مطمئن هو الآخر .

كانت تهاني تنتظره في الخارج للإطمئنان على أخر الأخبار، ولكن كالعادة لم تجدي منه بأي منفعة .

ودعها ورحل إلى سيارته وقادها دون أي كلمة .. أوصل نور إلى الشركة وأنتقل هو حيث يذهب .

نور قلقة كثيرا على حال أخيها وصمته عندما قامت بسؤاله .. لم ترد الضغط عليه أكثر من ذلك، فصعدت سريعا وهي تفكر .


*****************


بعد خروجه من مكتب سلمى وهو يستشيط غضبا وإنفعالا من برود أسلوبها وعدم أكتراثها به

.. وما يشغل تفكيره أكثر إلى أين تذهب ولما لا تريد أخباره شيء، بالتأكيد تفعل شيئاً ما لا تريد معرفته بها .

عاد إلى مكتبه وهو يجلس على مكتبه يفكر، حك ذقنه بكل عصبية .. رفع سماعة الهاتف وقام بطلب صلاح :

- صلاح تعالى مكتبي حالًا

صلاح بقلق :

- في إيه ؟

رد عاصم بعصبية :

- تعالى وأنت تعرف


وضع السماعة، لم يمر خمس دقائق وكان صلاح يقرع باب مكتبه .. دخل على الفور وجلس قبله وهو يصيح به في قلق :

- خير في إيه ؟

عاصم بغضب :

- سلمى لسة نازلة من الشركة حالًا .. عايزك تراقبها وتشوفها رايحة فين

صلاح نظر له بقلق :

- خير في حاجة وﻻ إيه ؟

رمقه عاصم نبرة غاضبة :

- أسمع إللي بقولك عليه ومضيعش وقت أنت سامع هتفهم بعدين، يلا وإياك تطير من أيدك

تنهد صلاح بحيرة ونهض على الفور ثم قال و هو يهم بالإنصراف:

- تمام أعتبره حصل


لم يرد عاصم واكتفى باشاحة يداه بمعنى الخروج .. وعيناها تطلق شرار .. فخرج صلاح وهو غير غير مطمئن .


****************


سلمى طيلة الطريق تفكر في علاقتها بعاصم إلى أي مدى قد وصلت، يتعامل معها كأنها مازالت خطيبته ولم يقتنع إنها ليست له بعد الآن، وهذا الأمر يشعرها بالضيق الشديد .. فهي تخشى تهوره الآن، خاصة وهي لا تعرف ماذا يريد منها طارق .. ولكن لا يوجد ما يمكن أن يجمعهم الآن سوى مشكلة الزواج .

وصلت بموعدها، فهي تقدس الوقت بشدة .. دقائق ووجد طارق سلمى بإنتظاره .

تنهد وإقترب من الطاولة وجلس قبلها وهو يقول :

- آسف اتأخرت عليك

ردت سلمى بهدوء شديد :

- ﻻ أبدًا جيت في ميعادك، ها خير كنت عايزني في إيه برة الشركة ؟

صمت طارق دقيقة يرتب ما يقوله ثم التفت إليها وقال بجدية :

- أسمعي يا سلمى كلامي ده كويس من غير مقاطعة

قالت سلمى بنفس الهدوء :

- خير سمعاك

حسم أمره وقال :

- بعد تفكير كتير وصلت إيه رأيك لو نعمل مع بعض صفقة ؟

اندهشت سلمى من حديثه، صفقة ماذا التي يتحدث عنها وهم في مشكلة كبيرة في هذا الوضع .. قضبت حاجبيها وقالت بغرابة وتساؤل :

- صفقة ! صفقة إيه دي ؟

رد طارق بجدية:

- صفقة حب

سلمى سيطر عليها الاندهاش أكثر وعدم الفهم .. بدأ الغموض ولم تستعمل بعد .. فتسائلت بجدية :

- نعم !! صفقة حب! يعني إيه وضحك كلامك

حاول طارق سد منافذها أولا ليقول :

- أسمعيني من غير مقاطعة الأول

نظرت له سلمى بضيق ثم قالت بنفاذ صبر :

- طيب أتفضل عايز تقول إيه ؟

استرد طارق حديثه قائلًا :

- أنتِ عارفة كويس أوضاع الشركات التلاتة الجوهري والإبياري وبخلاف شركة أبو عاصم ؟

ردت بهدوء وقالت :

- اه وبعدين ؟!

استرد طارق :

- لو الموضوع ده متمش في خسارة كبيرة بنص الأسهم للشركات كلها وده شغل بملايين .. يعني خراب بيوت غير كمان العمال إللي هيتشردوا من ال3 شركات، لو حالهم جاب النص زي ما أنتِ فاهمة

أعتدلت سلمى في جلستها وهي تحاول إستيعاب ما يقول، فقد تغيرت قسمات وجهها ما بين الجدية والبرود إلى الخوف والقلق مما وصل إلى فهمها .. فقالت على الفور :

- امممم تقصد ..

قاطعها طارق بجدية :

- ايوة بالظبط إللي وصلك ده مفيش حل إلا إننا نتجوز

نهضت سلمى سريعا بإندفاع .. فصاحت به بغضب :

- نعم نتجوز !! أتجوزك أنت ﻻ طبعاً مستحيل

توقع رد فعلها .. فهو الآخر مجبر على ذلك .. قرر أن يتحمل عصبيتها فقال بنفاذ صبر :

- أقعدي بس نتفاهم

صاحت به وبدأ صوتها بالعلو :

- مفيش تفاهم إللي بتتكلم فيه ده أسمه جنان أنا أتجوزك أنت !!

لم يتحمل اكثر من ذلك، فهو به ما يكفي، فنهض وإنفعلت وهو يقول :

- يعني أنا إللي كنت هرضى على جوازي منك!

إنفعلت سلمى بغضب أكثر لتقول :

- اومال إيه إللي جبرك على كده يا أستاذ ؟!

طارق نظر حوله وجد من في المكان ينظرون لهم وعلى سياحهم، أمسك معصمها وجعلها تجلس عنوة .. فرد بقسوة وجدية :

- زي ما قولتلك المهم دلوقتي مصلحة الشركات لأن من غيرها هنشحت

طرقت سلمى على الطاولة بعنف وهي تصيح بجدية :

- ﻻااااا أنت أكيد مش في وعيك .. فوق يا كابتن أنت خاطب على ما أظن

رد طارق بنبرة قاسية وعنيفة :

- نتجوز وﻻ نشحت ؟ وساعتها الأوضاع المالية وسمعتنا في البورصة وفي السوق هتكون في الأرض

عقدت سلمى ذراعها بقوة وهي تقول بعناد :

- وأنا مش موافقة يا طارق

زفر طارق بقوة وقال بنفاذ صبر :

- أعقلي يا سلمى .. شوفي يا ستي هنتجوز لحد ما الموضوع يتم ويخلص وساعتها كل واحد يروح لحاله ونعمل إللي احنا عايزينه .. ونمثل أننا بنحب بعض لحد ما الأوضاع تتثبت ونطمن على الشركات

صاحت به سلمى وقالت بسخرية :

- أنا أحبك أنت ليه يعني !! .. مراية الحب عامية صحيح

شعر بالغضب الشديد من حديثها، شعر بأن شيئًا ما فقد في قلبه، شعر بالألم .. تغاضى عن شعوره سريعًا وقال بجدية :

- سلمى مفيش حل غير كده .. ده حل ليك وليا وللشركات والعمال كلهم .. تخيلي لو موافقناش هندمر أكتر من 9 الاف عامل بأسرهم ! متخيلة أنا بقولك قراري ده مش من يوم وليلة .. أنا فكرت كتير في الموضوع ده

فكرت سلمى في حديثه قليلاً ثم قالت بجدية :

- امممم عاصم مش هيسكت على فكرة .. وخطيبتك هتعمل معاها إيه أن شاء الله !!

تنهد طارق بقوة لهدوء روعها قليلًا، ولديه إحتمال ولو بسيط من موافقتها على هذا الاقتراح :

- هنفهمهم طبعًا للوضع الجديد أن جوازنا مؤقت لحد ما الموضوع يتم ونسيب بعض تمام كده ؟!

نهضت سلمى وهي لم تستطع إستيعاب ما يقول، فمجرد التمعن به يرفض عقلها بشدة .. فصاحت به :

- ﻻ ﻻ مش مصدقة إللي بتقوله ده مستحيل

نهض طارق بعد نفاذ صبره إجمالا .. ﻻ يعرف ماذا يفعل أكثر من ذلك أمام عنادها .. فصاح بها بإنفعال وشراسة :

- أنتِ طلعتي عيني، سلمى فكري في كلامي بعقل شوية ومعنديش حل تاني، ولو عندك أنتِ يا ستي قولي وأنتِ حرة كده كده المهلة فيها أقل من أسبوع .. هسيبك تفكري أي كان قرارك كلامي إللي هيمشي .. هستني تليفونك سلام

تركها وذهب سريعا وسط ذهول سلمى، التي طرقت على سطح الطاولة بإنفعال شديد وهي تقول :

- أنت أكيد مجنون ماشي يا طارق

لنفسها...(صبرك عليا مبقاش أنا سلمى الجوهري)


من كثرة إنفعالها هذا اليوم، صباحًا مع عاصم وظهرا لطارق .. لم تتحمل أعصابها أكثر من ذلك .. كادت أن تفقد وعيها ولكنها تماسكت؛ جلست بكل غيظ وهي تعيد التفكير في حديثه، ولم تستطع الإقتناع بإقتراحه أبدًا .

تناولت حقيبتها وخرجت على الفور بضجر شديد، قادت السيارة بأعلى سرعة في منتهى الغضب .

في ذات الوقت كان صلاح يسير خلفها، وبالطبع تناول هاتفه ليبلغ عاصم بما حدث

- ايوة يا عاصم

رد عاصم بعصبية إهتمام :

- ها عملت إيه عرفت كانت مع مين ؟

قال صلاح سريعًا :

- ايوة مع طارق الإبياري

نهض عاصم وهو يطرق على سطح المكتب بغيظ .. فصاح بغضب وإنفعال شديد :

- إييه طارق !! متعرفش كانوا بيتكلموا في إيه ؟

توقع صلاح رد فعله، فرد بهدوء كي يمتص غضبه ليقول :

- ﻻ معرفش بس شكلها كان متعصب جدًا

رد عاصم بحنق :

- طيب أقفل دلوقتي .. ماشي يا سلمى صبرك عليا بس

أتصل بسلمى ولكن وجد الهاتف غير متاح .

فقال لنفسه .. وكمان قفلاه حلو أوي


*****************


بعد أن أنهى مقابلته مع سلمى، كان يشعر بالضيق الشديد، لقد تحامل نفسه ليكون على مقدرة من الصبر لحديث سلمى، فإنه يعلم جيداً رد فعلها .

فكفى الأيام السابقة، يريد إنهاء هذا الكابوس بأي طريقة كانت .. فذهب إلى الكلية ولكنه لم يكن بحالة نفسية وعصبية جيدة ليدرس .. فأتجه إلى الكافتريا ينتظر بها إيهاب .

رأته سارة صدفة من بعيد، تركت صحبتها التي كانت تقف تتسامر معهم وذهبت إليه .. وجدته شريد يفكر، في عالم أخر، جلست بجواره ولم يشعر بوجودها :

- مالك يا حبيبي قاعد مسهم كدة ليه ؟

أنتبه لها ثم قال بجدية :

- كويس إنك جبتي .. عايزك في موضوع مهم جدًا

دب القلق في قلبها .. شعرت بأنه يريدها بشأن الصفقة، فأعتدلت بجلستها وهي تقول بقلق :

- خير في إيه ؟!

تنهد طارق ثم قال بجدية :

- أوعديني في الأول إنك هتفهمي الموضوع بعقل قبل أي حاجة

لم تتحمل سارة النبرة الغامضة التي يتحدث بها، فإنفعلت به :

- طيب في إيه يا طارق ؟

طارق بتردد :

- أنا هتجوز

سارة بصدمة فتحت فاها لتقول منفعلة :

- نعم ! أنت بتقول إيه !! أنت بتهزر !

طارق رد في ثبات وجديدة :

- ﻻ بتكلم جد أنا هتجوز سلمى

طرقت سارة على الطاولة بعنف، فقالت بغضب :

- ﻻ يبقى أنت أكيد أتجننت .. يعني إيه تتجوزها ! وأنا فين من كل ده .. اوام نسيتني ؟! .

لم يتحملها طارق هي الأخرى فإنفعل بشراسة وهو يقول :

- أسمعي بس إللي حصل وقرري أنتِ في النهاية

بالفعل قص عليها اتفاقه مع سلمى .. وهي تنظر له بحنق، نظرة المخدوع والمصدوم .. تنهد طارق بضيق ليقول :

- بس يا ستي أدي الحكاية كلها

رفعت سارة إحدى حاجبيها سريعًا وهي تقول بعدم تصديق :

- ﻻ والله عيلة أنا عشان أصدق إللي قولته ده

تنهد طارق بضيق شديد شديد، فزاد حنقه ليقول وهو يرمقها بغضب شديد :

- أنتِ أمرك غريب أعمل إيه أكتر من كده !! .. لو معملتش كده مش هنتجوز والشركة هتبوظ وناس هتتشرد وكده كده كل واحد هيروح لحاله لما الموضوع ينتهي وجدت سارة بأن جميع المنافذ قد سدت، ولا مجال لكي تنقذ مفاداها بعد الآن .. فقالت بحنق وقلة حيلة خافية :

- والمفروض أعمل إيه أنا دلوقتي ؟

تنهد طارق وقال بنبرة هادئة نوعًا ما :

- لو بتحبيني صحيح هتستحمليني .. أنا بعمل كل ده عشانا كلنا

سارة : .....

تفهم طارق من سكوتها، وعلامات الضجر تملأ وجهها .. ولكن على الأقل هدأت قليلًا .. فتنهد ليقول بهدوء :

- ماشي يا سارة هسيبك تفكري براحتك .. بس مش كتير لأن المهلة قربت تخلص .. وأي كان قرارك أنا موافق عليه


نهض وتركها تفكر في ضيق شديد .. وعاد هو إلى أدراجه .


*****************


عادت سلمى إلى الشركة مرة أخرى وهي تفكر في عرض طارق، وما يحدث حقاً إذا لم تقبل؛ فمصير الشركات وعمالها أصبحوا بين يداها الآن .. أصبحت في حيرة كبيرة الآن بين إختيار حريتها وبين إنقاذ الآلاف .

يا اللهي كم من حيرة .. دخلت مكتبها ثم ألقت بحقيبتها على الأريكة بالقرب من المكتبة .. كادت أن تخطو ولكن تفاجئت بصوت رطم الباب بشدة، فزعت وألتفتت خلفها لترى عاصم والشرار يطلق من عيناه كالسهام الملتهبة .

ترتعش قلبها من نظراته لها .. فأخفت خوفها وصاحت به بقوة :

- مالك يا عاصم في إيه خضتني .. أفتح الباب

يقترب منها عاصم وهو يصيح بغضب :

- مش قبل ما تقولي كنت فين !

زفرت سلمى بقوة لتقول بضيق وتحدي :

- ما أنا قولتلك كنت في مشوار مهم .. ملكش دعوة

تحركت متجهة إلى المكتب، مسكها من معصمها بعمق وجذبها نحوه وهو يقول بشراسة والغيرة تنهش في قلبه :

- كنت مع طارق مش كدة ؟! .. ردي عليا

أفلتت سلمى معصدها سريعًا بألم، ثم نظرت لعيناه بقوة وتحدي وهي تصيح بإنفعال شديد :

- إيه ده أنت بتراقبني كمان ! هي حصلت !

صاح عاصم منفعلا هو الآخر :

- ردي على أد السؤال

ردت سلمى بتحدي :

- ايوة كنت مع طارق وأنت مالك بنتكلم في شغل

عاصم بنفس النبرة :

- وشغل إيه ده كمان برة الشركة ؟!

سلمى بعد لحظات من التفكير، ردت بصرامة :

- بعدين هتفهم كل حاجة

لم تتحمل الإنتظار في الشركة لحظة واحدة بعد الآن .. تركته وذهبت، دفعها من ذراعها وهي تفتح الباب وهو يقول بخشونة وعنف :

- أستني هنا

نزعت معصمها بقوة لتقول بصرامة :

- أوعى كدة قولتلك بعدين هتعرف كل حاجة .. تعبانة دلوقتي ومحتاجة أستريح .. عن أذنك

خرجت سريعًا بخطوات أشبه بالركض، بينما عاصم يصيح بنبرة عالية :

- ماشي يا سلمى أما شوف أخرتك معايا إيه


قادت سيارتها سريعًا والدمع يسيل من مقلتيها دون كلمة، بمجرد أن وصلت إلى المنزل صعدت سريعًا وأرتمت على فراشها، وإنهارت من البكاء الشديد .

تشعر بأنها بين نارين لا تستطيع التخلص من عاصم وتحكماته على الرغم من إنفصالها عنه، لا يزال هو مرتبط بها ويتحكم بها أكثر من قبل .. لا تعرف ماذا تفعل، إذا كان يعاملها هكذا الآن فما يكون رد فعله عندما يعلم صفقتها مع طارق وموافقتها عليه أن فعلت ؟! .. لدمر الدنيا وبما فيها تعتقد، غير شكه بها الغير مفهوم .

أغلقت هاتفها فهي لا تريد التحدث مع أحد ولا تريد رؤية أي شخصاً كان .. إلى أن هجم عليها النوم لعله الراحة الوحيدة التي تسكن إليها بعد يوما عصيب .


****************


يجلس محمود في حديقة المنزل ومساءًا، يحتسي فنجال القهوة المعتاد بعد يوم طويل وشاق في الشركة، ينظر إلى ساعة يده ليلاحظ وصول نور، فإقتربت منه وتجلس بجواره لتقول باسمة :

- مساء الخير يا بابا

رد محمود باسما هو الآخر :

- أهلاً مساء الفل يا حبيبتي أخبارك إيه ؟

تنهدت نور وهي تنظر لأبيها بتساؤل وإهتمام :

- الحمد الله تمام .. مالك في إيه ؟

رد محمود بقلق :

- اخوكي لحد دلوقتي ولسة مجاش

إبتسمت نور وهي تربت على يداه، فقالت لتطمئنته :

- متقلقش يا حبيبي أكيد مع حد من صحابه يعني

صاح محمود بضيق بنفاذ صبر :

- أنا مأكد عليه في التليفون إنه ميتاخرش .. مفيش فايدة فيه

زفرت نور بشدة ورجعت بظهرها للخلف .. فقد أحتارت لأمرهما كثيراً ولا تعرف ماذا تفعل، فالمهلة على وشك الإنتهاء ولم يحرك أيا منهم قدمًا واحدة، فردت بكآبة :

- الغايب حجته معاه، شوية وهتلاقيه جي .. حتى سلمى نفس الكلام

محمود بقلق :

- ليه مالها سلمى ؟

تنهدت نور بحزن لتقول :

- أستاذنت من الشركة، كلمتني وكان صوتها تعبان .. راحت مشوار من ساعة ما جات نايمة الله أعلم وقافلة الفون بتاعها ومش عارفة أوصلها

تمهد محمود هو الآخر بقلق وحزن وحيرة، على الدوامة التي حاصرت الكل برد فعلها الغريب، فقال بقلة حيلة مسلما أمره لله :

- والله يا بنتي مش عارفة أقولك إيه ربنا يصلح الحال

نهضتنور تحاول التخفيف عن والدها قليلًا، وقامت بإحتضانه وقالت :

- حبيبي يا بابا إن شاء الله خير


تركته نور بعد قليل من مواساتها له، وصعدت لغرفتها كي تستريح قليلاً، وهي تعرف جيدًا أن ﻻ يغمض لها خفن بسهولة بعدما حدث .

مازال محمود يجلس في الحديقة بإنتظار طارق، بعد مرور نصف ساعة وصل طارق المنزل، سمع صوت محمود ينادي عليه من الداخل ..

توقع ما الذي يحدث، تنهد بعمق وهو يبدو عليه التعب واتجه إلى الحديقة

مساء الخير يا جماعة

رد محمود بنبرة صارمة :

- أخيراً شرفت يا أستاذ!! .. كنت فين لغاية دلوقتي

لا كفى هذا يكفي، لن تتحمل أكثر من هذا

. كفى تذمر كفى غضب .. يكفى ما حدث اليوم على كل حال، ظهرت عليه علامات الضجر الشديد فتمالك نفسه قليلًا ورد بنبرة هادئة نوعًا ما :

- مفيش خلصت الشركة وطلعت على الكلية كان عندي كذا مشوار كده

قال محمود بهدوء :

- طيب تعالى عايزك مش عارف أتلم عليك من الصبح

أغلق طارق عيناه بضعة دقائق، حقًا يشعر بالتعب والإرهاق الشديد، فلا طاقة له كي يتحمل ويواصل النقاش والجدال من جديد .. فرد بنفاذ صبر :

- معلش أجلها وقت تاني أنا تعبان ومحتاج أنام

ألتفت إليه محمود وقال بغضب :

- وبعدين معاك يابني هو أنا هاخد منك ميعاد كمان !!

تنهد طارق بضيق ولكن رد بنفاذ صبر :

- بابا لو هتكلمني في موضوع الصبح هتعرف قراري إجتماع

مجلس الإدارة الجاي تمام كده .. تصبح على خير


تركه طارق ولم يعطيه فرصة للرد عليه .. فإذا لم يرحل الآن سيكون رد فعله غير محبوب بالمرة.

في وقت عودة طارق، سمعت نور محركات سيارته تقترب، فعلمت بوصوله أخيرًا إلى المنزل .. فنزلت للاطمئنان عليه وخاصًة إذا وردت مشاحنات بينه وبين محمود كي نطمئن ..

وبالفعل قد سمعت المحادثة كاملة وتشعر بالأسف الشديد تجاه اخيها، فهي تشعر به وتقدر كثيرًا الأزمة التي أنحصر بينها .

بعد أن رحل أقتربت نور من والدها وربنا على منكبيه بحنان لتقول تهوينا :

- معلش يا بابا أعذره متعرفش الصغط عليه والموضوع مأثر فيه إزاي

رد محمود بحزن :

- عارف يا بنتي أنا زعلان عليه أنا كمان ربنا يستر

تنهدت نور بحيرة ثم قالت باسمة :

- خير والله يلا قوم أستريح بقى شوية تصبح على خير

نهض محمود معها وقال بعدما قبل جبينها :

- وأنتِ من أهله يا حبيبتي


صعدت نور إلى الأعلى، وفي طريقها لغرفتها مرت على غرفة طارق، توقفت أمامها مليًا وهي تفكر، هل تدخل للإطمئنان عليه أم تتركه يستريح الآن ؟ حسمت أمرها بتركه والتحدث معه في وقتًا لاحق أفضل .


****************


مر يومان وسلمى تحاول تصفية ذهنها للرد على طارق .. أستيقظت وهي تشعر بوجع في كامل جسدها، كأنه منكسر من الإجهاد والتعب .

ﻻ يوجد ما يشغل تفكيرها سوى إقتراح طارق لها، فهو مستقبلها وﻻ تسطيع في شيئًا سواه، ترى بأن حديثه منطقي نوعًا ما ولكن عقلها ﻻ يريد الإستيعاب، أو بمعنى أصح ترفض قراره .

سمعت رنين هاتفها وجدت المتصل طارق .. أغمضت عيناها ثوان لتتمالك أعصابها ثم ردت بهدوء :

- ايوة يا طارق

طارق رد بنفس النبرة الهادئة :

- صباح الخير

قالت سريعًا بنفاذ صبر :

- صباح النور أنجز عايز إيه ؟

ارتسم على محياه بسمة صغيرة وهو محاولة العبث بداخلها :

- أنجز ! في واحدة تقول لزوجها المستقبلي أنجز !!

شعرت بالغضب الشديد من تلك النبرة التي يتحدث بها، فاعتدلت جلستها وهي تقول بتذمر :

- نعم! أنت صدقت يا استاذ أنا موافقتش أصلا

تنهد طارق بحيرة :

- هو مفيش فايدة في عندك ده !! .. ده آخر كلام عندي يا سلمى ها

سلمى بعند أكثر :

- اممم آسفة يا طارق مش هقدر أنفذ قرارك

طارق بغضب ونفاذ صبر، إنفعل وقال بشراسة :

- أسمعي يا سلمى مفيش وقت نضيعه، لازم نتقابل النهاردة الساعة 2 في نفس المكان عشان نتفق هنقول إيه وﻻ هنتصرف ازاي .. سلام


أنهى معها المكالمة وهي في قمة الغيظ والحيرة .. تنهد بقوة وهي تشتعل من الداخل بشدة ولا تعرف ماذا هي بفاعلة بحيرتها هذه .

صرخت بغيظ شديد .. لقد إنتهى الوقت وجاء وقت الإجتماع لأخبار الجميع بقرارهم الأخير .. والكل في تشويق وإنتظار كبير على أحر من الجمر .. وخاصًة عاصم .

لا تعرف ماذا تفعل .. مسحت كفيها بشعرها في غضب شديد .

أغتسلت وصلت فرضها، ثم أتجهت إلى الشركة .. أنهت عملها مع تجنبها التعامل مع عاصم بشكل نهائي .. وكلما أراد التقرب منها تبتعد وتتحجج بالعمل الكثير .. وعند إقتراب الساعة من الثانية ظهرًا كانت على تردد شديد في ذهابها أم عدم الإكتراث له .

حسمت أمرها وقررت الذهاب كي تنهي كل هذا بأسرع وقت ممكن .


*****************


مر يوم وجاء يوم الحسم .. إجتماع مجلس الإدارة الذي ينتظره الجميع بفارغ الصبر .. سوف يتم تحدد مصير الجميع .. منهم من ينتظر القبول ومنهم الرفض .


نور في الكلية وها قد قاربت الساعة الواحدة ظهرًا، محاولة منها إنهاء ما يجب عليها إنهاءه هنا كي لا تتأخر عن موعد الإجتماع .. إتصل بها يوسف وقرر ضرورة مقابلتهم حتى يروا ما العمل في اخويهم في يوم الحسم هذا .

جالسان في الكافتريا يفكران عن الحل الذي توصل إليه الثنائي الكتوم .. منذ ما حدث ولم تحكي معها سلمى بأي شيء .. ولا أحد كان يعلم الإقتراح بينها وبين طارق إلا إيهاب فقط لا غير .

نظر يوسف لها وجدها شريدة تمامًا في عالم آخر، قطع الصمت بينهم ليقول :

- آنسة نور مالك سرحانة في إيه ؟

أنتبهت نور له وقال بشرود :

- في الإجتماع إللي جاي أعصابي مش على بعضها

تنهد يوسف وقال بحيرة :

- ومين سمعك تفتكري ممكن يوافقوا ؟

نظرت له نور وقالت بجدية وقلق :

- وإحتمال كبير يرفضوا بجد مش عارفة أنا أحترت .. الساعة معاك كام ؟

نظر إلى ساعة يده ثم إليها ليقول وهو ينهض :

- 3 .. يلا بينا دلوقتي


نهضت هي الأخرى وكل منهم أستقل سيارته متجهيين إلى الشركة مقر الإجتماع .


*****************


في هذا الوقت حاول طارق مرات وتكرارًا الإتصال بسلمى ولكن لا يوجد رد .. خاف كثيرًا ألا تكون نوت الهروب ولكن لا، شخصية سلمى تواجه لا تهرب .

حسم أمره وقرر الذهاب إلى شركة الجوهري، على يقين بأنه سوف يجدها هناك .

وصل أمام الشركة وعيناها مصوبة على غرفة مكتبها .. قرع على الباب بسرعة ودخل على الفور دون إنتظار أذن له بالدخول .. وبالفعل وجدها على مكتبها تجلس بوقار ولا مبالاه .

زفر بقوة وهو ينظم أنفاسه .. إقترب من مكتبها وجلس قبلها، كانت تنظر لها ببرود شديد وبسمة صغيرة رسمت على محياها .. شعر بالعيد الشديد من رد فعلها، فقال بعصبية :

- كنت متأكد إني ألاقيكي هنا .. ولا على بالك

سلمى ردت بنفس البرود :

- اممم أهلًا عايز إيه يا طارق ؟

تماسك طارق ثم قال بصرامة :

- نعم ! يلا قومي مش في إجتماع النهارده وﻻ نسيتي ؟

سلمى إبتسمت بإستفزاز وهي تقول بهدوء :

- ﻻ سوري يا طارق مش هقدر بجد

فتح فاه بشدة .. من الواضح أن حديثه معها في آخر مرة لم يجدر نفعًا معها .. كفى لن يتحمل سخافتها وعنادها أكثر من ذلك .. فجأة وبدون أي مقدمات أرتفعت نبرة صوته وقرع على سطح المكتب .. فأنتفضت فزعة بشدة وقلبها يدوي بشدة .. وقال بشراسة وعنف :

- سلمى لآخر مرة أنا كل ده وماسك نفسي وبتعامل معاكِ بلطف للآخر .. أنا مش ناقص عنادك ده وأنتِ فاهمة !! .. أتفضلي معايا زمانهم مستنينا كلهم على نار دلوقتي .. عندك ده في النهاية مش هيجيب نتيجة ..

ردت سلمى وهي تجزت علي أسنانها بغضب شديد :

- أنت أتجننت ! أعمل إللي تعمله لا يعني لا

طرق بشدة وعنف على المكتب، وتحول إلى فك مفترس .. أمسكها من معصمها وجذبها خارج المكتب بعنف .. وهي تبكي بشدة من شدة الألم وتصرخ لتقول :

- صبرك عليا يا طارق لوريلك النجوم في عز الضهر من إللي بتعمله ده مبقاش أنا


أجبرنا على ركوب سيارته ولكن أبت، دون كلام أستقلت سيارتها وقادت بسرعة جنونية وهو خلفها يحاول اللحاق بها .. كان يخطف نظرات لها بين الحين والآخر .. وهي نظرات غل وغضب بدموعها التي تسيل بغزارة على وجنتيها .

وقفت السيارتان بعنف أمام الشركة .. نظر إليها وجدها مازالت تبكي .. في لحظة كاد أن يتعاطف معها ولكن عاد لرشده .. أخرج منديلًا وإعطاءه إياها وهو يقول :

- أمسحي دموعك قبل ما تطلعي ألا يقولوا ضربك ولا حاجة

سلمى رمقته نظرة غاضبة ثم صاحت به بغضب :

- مش عايزة منك حاجة خليهولك

أمسكها من معصمها بشدة فتألمت :

- متعليش صوتك أنت سامعة


تركته وسارت بخطوات أشبه بالركض، سار خلفها وأسرع خطواته حتى وصل إليها، أمسكها من معصمها وأتجه بها نحو الحمام فقال ببرود وهدوء :

- أدخلي أغسلي وشك .. مينفعش يبان عليك آثار العياط بالشكل ده وإلا بيقولوا هتجوزك غصب .. مش عايزين نبان إننا كنا مع بعض .

إنتظرها حتى خرجت ثم قال بهدوء :

- أسبقيني أنتِ هعمل مكالمة وجاي على طول

ذهبت وهي تحاول أن تتماسك حتى لا يظهر عليها آثار البكاء مرة أخرى ... يجب أن تكون متماسكة اكثر من ذلك .. فهي سلمى الجوهري اقوى من أن يكسرها رجل .


****************


دخلت غرفة الإجتماعات .. وجدت بالفعل الجميع بإنتظارها وكل الأعين مصوبة نحوها بشدة، كأن كلاشنكوف مصوبة نقطة الليزر نحو هدفه .

فقد فر منهم الشعور بهروبهم على تأخرهم الشديد .

أغلقت سلمى الباب وهي تقول :

- سلام عليكم

الكل :

- وعليكم السلام

جلست بجوار نور في هدوء شديد، هدوء قاتل لم تتفوه بكلمة واحدة، الجميع في حيرة وقلق من أمرها .. خاصةً نور، فقد أخبرها طارق بأنه سوف يمر على سلمى ويحضران الإجتماع سويًا .. ولكن سلمى جاءت بمفردها .. أين هو وماذا حدث بينهم يا ترى ؟! .

قطع الصمت صوت هاشم ليقول :

- أتأخرتي ليه يا سلمى كل ده ؟

إبتسمت سلمى وقالت ببرود :

- سوري يا بابا المرور واقف

نور ردت بتساؤل :

اومال فين طارق يا سلمى هو مجاش معاك ؟

سلمى بنفس النبرة :

- طارق زمانه في السكة

نظر لها عاصم وقال بغيرة وغضب :

- هو أنتِ كلمتيه ؟؟

نظرت له سلمى بتحدي وقالت :

- اممم كلمني في السكة

لحظات وسمعوا صوت قرعات على الباب ليدخل طارق .. جلس أمام دون كلام .. وكل منهم يتحاشى النظر إلى الآخر .. الجميع ينظروا لهم بغرابة شديدة وعدم أطمئنان لهدوئهما الشديد وعدم النظر للآخر .. قطع الصمت مجددًا صوت طارق بجدية بالغة :

- ها نبدأ الإجتماع

تنهد محمود وقال بحسم :

- احنا من ساعتها مستنينكم نعرف قررتوا إيه

ألتفت طارق لسلمى باسمًا وهو يفجر القنبلة الكبرى في وجوههم :

- قررنا إننا نتجوز

كلمة نزل كالصاعقة على الجميع وبالأخص عاصم بالطبع .. نظروا جميعًا بعضهم بعض بصدمة ودهشة كبيرة .. على غير إستيعاب لمسامعهم للتو .

محمود صاح بدهشة :

- إيه ؟!!

أكمل طارق بنفس النبرة الهادئة :

- مش هلاقي أحسن من سلمي زوجة ليا .. والفترة إللي فاتت أصبحنا فاهمين بعض كويس

نهض عاصم وصاح بإنفعال شديد وتعالت نبرة صوته :

- أنت أتجننت تتجوز مين؟ دي مراتي

رد طارق بتحدي وبرود :

- ﻻ أحب أصححلك معلوماتك دي كانت خطيبتك ومش هتبقى مراتك .. ثم هتبقى مراتي أنا

عاصم بنفس النبرة :

- على جثتي إللي يقرب منها

ردت سلمى بهدوء شديد :

- متنساش يا عاصم إن القرار ده في مصلحة الكل وأولهم أنت، وأنا عارفة إنك ممكن تعمل أي حاجة عشان مصلحتك

نور بغير إستيعاب لم تصدق ما تقوله ولا حالة الهدوء التي تبدو عليها .. فقالت بدهشة :

- سلمى أنتِ إيه إللي غير رأيك بالشكل ده ؟

إبتسمت وهي تنظر لطارق وعيناها تنزف ألما لتقول :

- البركة في طارق بقى تقولي إيه .. دكتوراه في الإقناع

أختصر طارق الحديث عندما شعر بأن حديث سلمى به لذعة من الألم أصابت قلبه .. فقال بحزم وجدية :

- أظن إننا ﻻزم نحدد ميعاد كتب الكتاب عشان نحط الشركة المقابلة قدام الأمر الواقع

هاشم بتأييد :

- أنا شايف كده بردو

لم يكن محمود على وفاق وراحة من هذا القرار، يشعر بأن خلفه شيء صادم لا يعلمه .. فنظر لهم بشك وقال :

- متأكدين من قراركوا ده يا وﻻد ؟!

ابتسمت سلمى وردت على الفور :

- طبعًا يا أنكل .. وﻻ إيه يا طارق ؟

نظر لها وتبتسم هو الآخر وقال :

- ده أكيد .. أفضل كتب الكتاب على كمان يومين بالكتير

ابتسم هاشم وكأنه جاءت له الفرصة من ذهب، في داخله كان سعيد للغاية .. فرد بحماس :

- على خير الله مبروك يا وﻻد .. نقرا الفاتحة


قرأوا الفاتحة وسلمى وطارق ينظران إلى بعض بغل وغيظ وغضب بينهم .. ثم نظرت إلى هاشم وفرت دمغة من عيناها كأنه تخلص منها وشعر بالراحة من ذلك، من تلك البسمة التي فرت من محياه دون أن يدري .. أما عاصم كان أن يشتغل غيظًا وغضبًا مما يحدث .. ويوسف ونور ينظران إلى بعضهما بغرابة وعدم تصديق .

إنتهت القراءة أراد طارق أن ينهي هذا الإجتماع بأي طريقة ويرحل من هنا .. نظر لسلمى وقال بحب :

- مش يلا يا سلمى عشان نشوف هنعمل إيه

إبتسمت سلمى وقالت بحب هي الأخرى :

- عندك حق يلا بينا

نهض طارق وهو يقول ومعه سلمى :

- سلام يا جماعة


لا تزال نظرات الحب والإبتسامات متواجدة .. ولكن عقب خروجهم وإغلاق الباب خلفهم، عادت قسمات وجوههم إلى الأصل، عادت لطبيعتها تمامًا .

وقفت أمام سيارتها وهي نظرت له بضيق وقالت بحنق شديد :

- ها تمام كدة أرتحت !

نظر لها طارق بغرابة، وقال بهدوء محاولًا أستدراجها :

- تمام أوي، بس مكنتش مصدق النبرة إللي كنت بتتكلمي بيها

إبتسمت سلمى ببرود لتقول بألم :

- كله حسب الإتفاق إللي بينا وكفاية إني عملت حاجة غصب عني عن أذنك

كادت أن تخطو وتذهب، وقفها بأمساكها من معصمها وصاح بها :

- رايحة فين ؟

أفلتت يداه بقوة ونظرت له وقالت بتحدي :

- وأنت مالك رايحة فين مش نفذت إللي عايزه سيبني بقى

طارق بغضب : سلمى أعقلي احنا في الشارع

ردت سلمى بإنفعال شديد :

- طارق أنا أستحملت فوق بما فيه الكفاية أرجوك كفاية كده

إنفعل طارق بتلقائية وغضب ليقول :

- لما جوزك يجي يكلمك أتكلمي كويس

اندهشت سلمي من تلك الكلمة، فرفعت إحدى حاجبيها وقالت ساخرة :

- جوزي ! جوزي مين يا أستاذ

أدرك طارق ما تفوه به لتوه دون أن يشعر، فغير الحوار محاولة منه إخفاء إرتباكه وهو يقول :

- بإعتبار ما سوف يكون .. أتعدلي يا سلمى أحسنلك .. حسابك معايا بعدين

نظرت له بقوة وقالت بتحدي :

- ملكش دعوة بيا وتبقي قابلني .. سلام


كل منهم أستقل سيارته ورحل على الفور، ومازالت سلمى تفكر في رد فعل عاصم .. فهي تخشى تصرفات، فهل ما فعلته هو الصواب ؟؛ فقد أرادت أن تتخلص من هذه الزيجة ومن عاصم بأي ثمن، بسبب سلوكه وتصرفاته معها .. زادت من سرعتها بضيق وغضب شديد .

والغضب كذاك كان مسيطر على طارق، لم يكن على إستيعاب إنه تجرأ وقام بتنفيذ تلك الخطوة، بالنسبة له كانت حلم غريب .. كيف سيستمر حياته معها بعد الآن والخلافات بينهم كبيرة بهذا الشكل .. فهي ستصبح زوجته، كيف سيتحمل عنادها ؟ .. ما موقفه مع سارة بعدما وضعها أمام الأمر الواقع هكذا ؟.


*****************


في ذات الوقت تشتعل النيران في الشركة، والمحترق هو عاصم .. لم يصدق بان سلمى فضلت طارق عنه، أصبحت لغيره ولن تكون له بعد الآن .

تخطيط السنوات الماضية رحل هبائًا .. وسوف يكون لطارق حصص أكثر بنصيب سلمى بالشركة بإعتباره زوجها يتصرف بأموالها كيفما يشاء، تفكيره فقط في المال ومصلحته الشخصية فقط ﻻ غير، حتى ولو أشعلت الدنيا من حوله .. يتصور بأن جميع البشر من حوله يفكرون بتلك القذارة والجشع والطمع الذي يفكر بها، وأمتلئ قلبه بهما ..


عاصم يفكر الوجوم يسيطر على قسمات وجهه، طرق على مائدة الإجتماعات بعنف وصاح بهم في إنفعال شديد :

- إيه التهريج إللي بيحصل ده ! مش مصدق إن سلمى تعمل كدة .. مستحيل !!

رد هاشم بوجوم هو الآخر مع مبالاه :

- مش ده قرارها إللي كنا مستنينه ؟ .. هي إللي عايزة كدة .. كنت هتنبسط لما شركتكوا تنزل الأرض لو قرارها كان العكس ؟!

نور إنفعلت في عاصم، جاء الوقت كي تفجر ما في قلبها له من سنين، فقالت :

- اومال كنت عايزها تعمل إيه ها ! ضغط منك ومن طارق ومن مستقبل الشركات بعمالهم .. كلمة منها تنزلنا الأرض ومكنتش هتبقى قاعد كده وسطنا كنت هتجري زي الملهوف تلحق شركتك .. أنت للآسف يا عاصم مبتفكرش غير في نفسك وبس إنما سلمى عمرك ما أهتميت بيها وﻻ كانت تفرق معاك أصلًا .. ثم منكرش إني اتفاجئت زيي زيك بالقرار المصيري ده !

تهرب عاصم من مواجهة نور، لن يستطيع مهاجمتها أمام الجميع سيكون هو المذنب، علق فقط على مصلحته ﻻ غير، فقال بإنفعال :

- أنا المفروض أوجهلك سؤال ده .. مش أنتِ صاحبتها بردو ؟!

ردت نور بنفس حالتها الإندفاعية :

- ايوة لكن الفترة الأخيرة مكنتش بتحكيلي أي حاجة .. قدرت إللي هي فيه ومرضتش أضغط عليها

قطع محمود مداولاتهم وقال بحسم وجدية :

- مادام هما مقتنعين بقرارهم ومتفقين على كل حاجة يبقى كفاية لحد كده ومحدش يدخل وننهي الموضوع

أيد هاشم رأيه، فهو أكثر منهم يريد إنهاء هذا الحوار للربح بالصفقة :

- أنا بقول كدة بردو الحكاية خلصت نتفق مع الشركة التانية ونكمل الموضوع

يرى عاصم كل شئ تهدم أمام عيناه وأصبح كل شيء أمر واقع، والجميع على إتفاق وإجماع لقرار سلمى .. نهض وسحب المقعد بعنف وهو يقول بغضب :

- وأنا مش هسكت على التهريج ده وحسابي مع سلمى


خرج سريعًا وأغلق الباب خلفه بعنف، لم تتحمل نور ويوسف أكثر من ذلك فهموا بالرحيل .


******************


لم يتحمل يوسف أن يرى نور تستقل سيارتها بهذه الحالة .. فعرض عليها أن يذهبا سويًا لأي مكان هادئ تستجم فيه قليلًا وترخي أعصابها، أبت بالطبع وبعد محاولات منه ذهبت معه على إتفاق منه بإرسال سيارتها إلى منزلها، بواسطة سائق والده .وبالفعل ذهبوا إلى إحدى الكافتريات على شاطئ البحر، وكانت نور في عالم بعيد تفكر فيما حدث، إلى أن قطعت الصمت قائلة :

- أنا مش مرتاحة للي حصل ده أبدًا على فكرة

تنهد بوسف وقال بتفكير :

- عندك حق .. سلمى مش شخصية بتستسلم بسرعة .. وﻻ تعمل حاجة ضد رغبتها .. في حاجة غلط

نور بنفس الحالة ردت قائلة :

- حتى طارق مش مظبوط هو كمان اليومين إللي فاتوا دول .. هادي جدًا على غير العادة، لكن لما حد يكلمه إنفعاله كله بيطلع، ولا يمكن حد يفرض عليه حاجة

يوسف بعد تفكير :

- ربنا يهديهم ويسترها بجد على إللي جاي


*******************


بعد عودتها من المنزل دخلت في نوبة بكاء شديدة، ﻻ تعرف ماذا يخبئ لها القدر أكثر من ذلك .. مسحت دموعها ووعدت نفسها بأنها ستكون قوية .

بعد قليل قامت وبدأ تعمل على حاسوبها المحمول .. عند عودة يوسف وهاشم من الخارج حاولا التحدث معها ولكنها أبت بشدة .

ظلت تعمل إلى منتصف الليل .. قامت بفتح هاتفها وبعد عشرة دقائق سمعت رنين هاتفها، وجدت المتصل طارق فقامت بإغفال المكالمة .. تكرر الإتصال وتغفل المكالمة عدة مرات، وهذه الحركة تزيد من عصبية طارق كثيرًا .

لم يستتسلم وكرر الإتصال حتى شعرت بالملل والضيق الشديد، فهي ﻻ تريد التحدث إليه .. حسمت أمرها وقامت بالرد عليه وهي في قمة إنفعالها وغضبها :

- ألو ايوة يا طارق عايز إيه .. رن رن رن

رد هو الأخر بغضب وإنفعال ليقول :

- بقالي ساعتين برن عليك مبترديش ليه يا هانم

زفرت بقوة ثم ردت بنفاذ صبر:

- وبتتصل ليه هو أنا فاضيالك .. ورايا شغل

قال طارق بخبث مع إنفعال :

- حد يكلم خطيبه كده

تفهمت النبرة التي يتحدث بها، فقالت بحسم وجدية :

- طيب من هنا ورايح مفيش كلام إلا لما يكون في حاجة رسمي ما بينا وتيجي تتقدملي .. تمام كده

رفع طارق إحدى حاجبيه ورد بسخرية :

- نعم !! أتقدملك !! كمان يعني ايه ؟!

إبتسمت سلمى وقالت ببرود :

- زي ما سمعت يا كده يا مفيش جواز أحسن وتبوظ كل حاجة

طارق بنفاذ صبر :

- ماشي يا ست سلمى أما نشوف أخرتها إيه

ردت سلمى بهدوء شديد وعلى محياها بسمة خبيثة :

- خير أن شاء الله

ثم لنفسها...(أخرتها تركواز عليك يا طارق .. لسة شوفت حاجة)

*********************
إلي هنا ينتهى الفصل الرابع عشر من رواية صفقة حب بقلم شيماء جوهر
تابع من هنا: جميع فصول رواية المؤامرة بقلم منة محسن
تابع من هنا: جميع فصول رواية غدر الزين بقلم مروة محمد
تابعوا صفحتنا على الفيس بوك للمزيد من روايات رومانسية
أو أرسل لنا رسالة مباشرة عبر الماسنجر باسم القصة التي تريدها
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة