-->
U3F1ZWV6ZTMzNTg0ODE3NzI1X0FjdGl2YXRpb24zODA0Njk2NDgxODg=
recent
آخر القصص

رواية عصفورة تحدت صقراً بقلم فاطمة رزق - الفصل السابع عشر

مرحبا بكم متابعين قصص 26 موعدنا في قسم روايات رومانسية كاملة والكاتبة فاطمة رزق والفصل السابع عشر بروايةعصفوره تحدت صقراً 

وَعَـىَ على مُر الحياهِ ، حين إِصطَدم بواقِعِــهِ .. فنشأَ على كُره حــواءَ ، فلم تكن يوما منزلُــهُ .. وبنفورِهِ جعلَ الجواري تَشتهى قُربَــهُ .. فعُزِزَ الغُــرور في نفسهِ ، بأنُ لا مِثل لـهُ .. فأتتْ هي قبل أن ينخدِعَ بِظَنــهِ .. لتُريهُ مدى ضآلة حجمــهِ .. فليست من الجــَواري، ولا أَمـه يروق لها منزلــُه .. هي سيـدةٌ فى قصرٍ من الحيــاءِ تزينت جُدرانُـهُ .. هي سيـدةُ حسنـاءٌ ، تملك من الكـِبْرِياءِ ما تَكبَح بـِهِ غـرورَهُ .. فقطعَ العهــودَ والمواثيــقَ على نفســهِ .. بأن أيامها القادمــةُ ستكونُ داخلَ جحيمــهِ .. ولِتـَـرى ابنه حــواء ذاك الذي قَـللتْ من شأنِــهِ .. كيف يَسوقهـا إلى هاويةِ الهـلاكِ بنفسـهِ ..! هل ستقاوم سَبيـهُ ، أَم هل ترضـخُ لــهُ ؟ هل ستعيش حبيسَــةً ، أَم سيُجّــلِي قَيــّدَهُ ؟ اللي مشفش الفصل الرابع يقدر يشوفه من هنا رواية عصفوره تحدت صقراً "الفصل السادس عشر"

روايات رومانسية كاملة | رواية عصفوره تحدت صقراً "الفصل السابع عشر"

عصفوره تحدت صقراً

الفصل السابع عشر 

توجهت تلك السيدة سوداء الثياب نحو السيدة العجوز الجالسة على الأريكة والحزن هو ما شكل ملامحها ...
وبضيق النبرات أردفت :
-يا حماتي مش عارفة أوصلها خالص، عمالة أتصل بيها وبتليفون البيت مش بترد خالص !
نظرت السيدة لها بحنق، ووقفت في مكانها، ولم تجيب
وحتى إذا ما ظنت الأخرى أنها لن تجيب، قالت هي بهدوء :
-خلاص إبعتيلها سُهيِّل يعرفها باللي حصل ويجيبها معاه ..
أومأت صفا رأسها بتمهل، وأجابت :
-ماشي، هقوله كده ونشوف البت دي لحسن بدأت أقلق عليها ..

...........

بين الأشجار والزهور، وبين نسمات النسيم، وأسفل شجيرة تفاح خضراء، جلس هو، وعليها إستند ..

ظهر على ملامح وجهه الضيق، ونظر إلى الهاتف أمامه بغضب شديد وقال :
-عاوز أفهل ليه مبتردش بس !
إستند بيده على الشجيرة خلفه ووقف، ثم وضع الهاف في جيبه ومشى عدة خطوات في الحقل ..
نظر إلى الأفق البعيد أمامه، وأردف بضيق :
-أنا لازم أروحلها وأعرف هي فين !

ثم توجه نحو بيت المزرعة بخطى ثابتة ..
وحين إقترب من المنزل رمق صفا القادمة من بعيد بنظرات هادئة

إقتربت منه صفا حتى وقفت أمامه، ونظرت له قبل أن تردف بـ :
-سهيل إحنا من يوم ما الحاجة ماتت بنحاول نوصل لفيروز عشان نقولـ ..
قاطعها هو بنبرة عازمة :
-أنا كمان بحاول أكلمها مش بترد، وهي في العادة مش بتتجاهل حد، وأنا فكرت أروح أجيبها وآجي، وكمان هيبقى أحسن لو قولتلها الخبر وأنا قدامها عشان أمهدلها ..
إبتسمت له صفا بود، ووافقته بـ :
-أيوة دا اللي كنت عاوزاك تعمله، ناوي تروح إمت ؟
وضع يديه في جيبه، وبدون تردد قال بهدوء :
-النهاردة ..
كانت جالسة بهدوء، على الأريكة القريبة من الشرفة، وإلى صدرها ضمت قدميها، وشردت تفكر ..
في الفترة السابقة لم يتسنى لها أن تفكر في اي شيء، لكنها تذكرت والدتها فجأة، وأن هاتفها قد أضاعته بعد تلك .. تلك الحادثة .
ربما سقط في أي ركن من أركان الشركة، او تهشم تحت أقدام أحدهم !
لكن ليس هذا هو شاغلها الأكبر الآن، فهي تريد أن تعلم كيف حال والدتها هناك، فهي لم ترها منذ وقت طويل ...

في ذاك الوقت خرجت جويرية من حجرتها، ونظرت إلى فيروز قبل أن تهديها إحدى أجمل إبتساماتها، وتقترب منها ..
وحين صارت على مقربة منها قالت باسمة :
-صباح الخير !
بادلتها فيروز إبتسامة باهتة، وأجابتها :
-صباح النور !
جلست جويرية بجانبها، ومسدت على شعرها وهي تقول بود :
-عاملة ايه النهاردة
أومأت فيروز رأسها مرتين بالإيجاب، قبل أن تردف :
-الحمد لله كويسة
صمتت قليلًا قبل أن تتابع :
-جوري، عاوزة أكلم ماما، والتلفون وقع مني لما .. أنا .. في الشركة وقع هناك و ..
فهمت جويرية ما ترمي هي إليه، فأخرجت هاتفها من جيب سترتها، وأعطتها إياه قائلة :
-خدي كلميها
إبتسمت لها، ثم مدت يدها لتأخذ الهاتف منها، وبروية أخذت تطبع الرقم على الهاتف، وما إن إكتمل حتى قامت بضغت زر الإتصال، ووضعته على أذنها ..
ظلت تستمع إليه لفترة ثم أنزلته من على أذنها وهي تقول بحزن :
-مقفول !
-طب حاولي مرة كمان يمكن الشبكة !
ضغطت على الزر مرة أخرى فلم يتغير الرد "الهاتف الذي طلبته غير متاح حاليًا" ..
زفرت بضيق ثم تركت الهاتف بجانبها، ولم تقل شيئًا ..
شَق على جويرية أن تراها هكذا، فقالت لها :
-طب ما تتصلي بحد من هناك يمكن
قاطعتها فيروز بضيق :
-المشكلة مش حافظة إلا رقمها هي بس ومش حافظة أي أرقام لحد هناك
-طب حابة تروحيلها !
نظرت لها فيروز وإبتسمت، لا لأجل أنها أرادت ذلك، بل لأنها لن تجد مثل صديقتها أبدًا !
كل شيء يحدث بسببها هي، وإن لم يك بإرادتها، لكنها مشاكلها وحدها، ولكن لا
تلك تريد أن تتحمل كل شيء وحدها، وتبعدها عن الساحة بجميع نواحيها !

-لأ يا جوري، هي شوية أكيد وهتفتح تلفونها، وهتصل بيها ...
كادت جويرية أن تتحدث إلا أنها سمعت طرق الباب، فنظرت نحو فيروز وقالت :
-أكيد ده براء !
أومأت رأسها وأخذت الإسدال القريب منها على الأريكة، وارتدته..
ثم قالت :
-خلاص روحي إفتحي
أومأت جويرية رأسها، وذهبت نحو الباب وفتحته ..
وبالفعل كان براء، لكن وجهه قد إمتزج به الغضب، والحنق..
-أدخل !
قالها هو متسائلًا بهدوء قدر الإمكان ..
فأجابته هي بعجب من حالته بـ :
-إدخل
دلف هو، بينما ظلت جويرية تنظر له منتظرة تبريره على حالة الغضب تلك
وقبل أن تتفوه هي بكلمة، وجدته يخرج ورقة من جيبه مطوية ويعطها لها قائلًا :
-دي حتة من جرنال إقرأي كدة
فتحتها جويرية لتقرأها بينما إقتربت منهما فيروز وتساءلت :
-فيه إيه !
إمتلأت عينا جويرية بالغضب بعدما قرأت نص الجريدة، والذي هو كالآتي "ومساءًا وفي ستار الليل إعتدى السيد بيجاد رشوان صديق رجل الأعمال الشهير صهيب قصي على سكرتيرة المكتب الخاصة، وبعد التحقيق أنكر هو وصديقه كل ما حدث، ولكن إختلفت أقولهما و على الجانب الآخر كان ..."

نظرت جويرية إلى براء وزفرت في التو، فنظرت لهما فيروز بضيق وقالت :
-ماتفهموني فيه إيه !
لم تُرد جويرية أن تريها المقالة، لكن في ذات الوقت لا مفر من الأمر..
ستراه في أية حال !
وفجأة وجدتها جويرية تنتزع الورقة منها وأخذت تقرأ ما فيها بتروٍ ..
حينها دمعت عيناها، ولم تستطع التحكم في ما ينهمر من من مآقيها ..
نظر لها براء بحزن، وغضب مختلطين، ذاك المقال قبل أن ينصفها، سيدمر سمعتها، والآن ستذكر على لسان الجميع ...
أو لربما أخذوها في الأمثال، فتقول أم لإبنتها، إحذري يا بنيتي لكي لا يصيبك ما أصاب فيروز !
لما لا يفكرون في مشاعر البشر قبل أن يفكروا في السبق الصحوفي خاصتهم !

ولم يكن لدى جويرية رأي آخر لتضيفه، عدا أنها شعرت بالألم حقًا مما أصاب صديقتها ..
فاليوم إعتُديَ عليها ..
وغدًا الفتاة المُعابة !
ما أروع مجتمعنا الشرقي !

حقًا ما أروعه !

إقتربت منها جويرية وأخذت منها الورقة ومزقتها إربًا ..
ثم نظرت لها بجمود، وبدأت تمسح لها ما سقط من عبرات، قبل أن تقول :
-بتعيطي ليه الوقت !
نكست الأخرى رأسها، وبنبرة حزينة قالت :
-ماما هيجرالها حاجة لو عرفت الخبر ده !
ضمت جويرية وجهها بكلتا يديها، ورفعت رأسها قائلة :
-مامتك في البلد هناك مش هتعرف أي حاجة، إنتي عارفة في الأرياف آخر همهم المكتوب في الجرايد
-ولو عرفت !
-صدقيني مش هتعرف حاجة إن شاء الله

وضع براء يديه في جيبه، وفكر أن يخرجهما من تلك الحالة بأي طريقة فقال بنبرة شبه طبيعية :
-اللي حصل ده على فكرة بيقوي موقفنا أكتر، وكمان كون إن الجريدة تدعمنا دي حاجة كويسة جدًا ..
نظر كلاهما إليه ببعض الأمل، فتابع هو :
-بطلوا نكد شوية، ويلا عشان بزور عمي عبد القدوس ..


كان صهيب نائمًا، فقد قرر أنه لن يذهب للعمل اليوم، ولكن فجأة دلف رحيل إليه ..
وأخذ يناديه بصوت منفعل :
-صهيب، قوم !
إستفاق صهيب على إثر صوته العالي ونظر له ليقول بعدها ببرود :
-رحيل إقفل الباب عاوز أنام !
إغتاظ رحيل ونزع عنه الغطاء بالكامل، فزفر صهيب وجلس على السرير ، ثم أردف بغضب :
-فيه إيه !
دنى منه رحيل وجلس بجانبه وهو يقول غاضبًا :
-إنت إمبارح كنت في القسم !
فهم صهيب ما يحدث، فإستند برأسه على السرير، وقال :
-أيوة
إستشاط رحيل أكثر وهو يسأله :
-ومقولتليش ليه
أجابه ببرود :
-عادي
إغتاظ منه رحيل ومن إجاباته المستفزة، فأردف بـ :
-صهيب، بطل الطريقة دي وقولي إزاي تسيبهم يمسكوك و .. وإنت ليه مقولتايش أجيلك
زفر صهيب ونظر له ..
هو يعلم أنه لن يتوقف إلا حين يجيبه، وخاصة أن ملامحه توحي بالقلق مع أنه أمامه !

أجابه حينها بهدوء :
-الموضوع مكنش مستاهل يا رحيل، وبعدين محدش مسكني أنا روحت بنفسي وإديتهم إفادتي !
هدأ رحيل قليلًا، ثم أعاد النظر إليه وسألة :
-طب ... طب حد عملك حاجة هناك !
هز صهيب رأسه نافيًا وأجابه بهدوء :
-لأ متخافش
-طب هو بيجاد بجد إعتدى عليها !
-أيوة

ضيق رحيل عينيه في حيرة وهو يقول :
-أومال ليه كدبت !
أجابه صهيب دون تردد :
-عشان أطلعه من السجن ..
عقد حاجباه غير مقتنع، ففهمه صهيب وقال بهدوء :
-و ... وعندي أسبابي الخاصة برضوه !

......................

واقفة هي أمام الشرفة، تستنشق هواءها العليل ..
تشد نسمات الهواء خصيلات شعرها فيرجع للخلف، ثم يتذكر أنه مقيد من جذوره فيزداد الهواء إشتدادًا عله يسحبه مع تياره ..

رغم كل الحزن في قلبها، طفت سعادة صغيرة ملامحها ..
في النهاية لم تقتل هي أحدًا لتنعم بحياة أفضل !
وأخذ هو ما يستحقه من عقاب ...

زفرت لتخرج تلك النيران المتأججة بداخلها، فنعم مجرد سجنه قليل ليكفيه عقاب، فحين علمت ما ألحقه بغيرها ازداد شعورها بالكره نحوه ..
وأقسمت أن تكون عونًا لتلك الفتاة .. إن إحتاجتها ..
-مدام كاثرن !
إستدارت كاثرن لترى من يناديها، وحين طالعتها تلك الشابة بهدوء :
-What !
أجابتها الفتاة بنبرة طبيعية :
-ماما قالتلي أطلع أشوف حضرتك لو عاوزة حاجة !
هزت كاثرن رأسها أي لا، وإقتربت منها وهي تقول :
-لأ مش محتاجة حاجة ناو، بس إنتي مين !
إبتسمت لها الفتاة وقالت :
-أنا ماسة بنت سلمى اللي بتشتغل عندك هنا
أومأت كاثرن رأسها عدة مرات، ثم سألتها بإتزان :
-عندك كام سنة !
-عندي 16
لم تعقب كاثرن، ثم إستدارت نحو خزانة ثيابها وفتحتها، وأخرجت منها علبة فضية، وذهلت بها نحوها ثم قالت :
-ممكن طلب
-إتفضلي !
مدت كاثرن يدها لها بالصندرق الفضي، فأمسكته الفتاة في عجب، وسألت بفضول :
-إيه ده !
إستدارت كاثرن ومشت عدة خطوات وهي تقول :
-دي كل المجوهرات اللي جوزي جابهالي، خديها أو إرميها، إعملي فيها أي حاجة عشان بتفكرني بيه !
نظرت الفتاة لها فاغرة فاها، وفتحت العلبة للتأكد، ثم قالت حين وجدت كم المجوهرات التي بها :
-إنتي ... إنتي واثقة يا هانم !
-أيوة واثقة خديهم يلا
قالتها هي بهدوء وهي تتجه نحو الشرفة مرة أخرى ..
ستتخلص منه ..
نعم ستفعل ..
منه ومن ذكراهُ ..

وضعت هي كف يدها على يده، وبإبتسامة هادئة قالت :
-معلش يابابا والله كنت عاوزة آجي أزورك امبارح بس مفضيتش خالص
إبتسم الأب لها بود، وبنبرة حانية أردف :
-أنا عارف إنك كنتي مشغولة، وبعدين خالك كان قاعد معايا طول اليوم امبارح، ولسا ماشي من شوية بس ..
أومأت هي رأسها له، ولم تعقب ..
راح نظره على تلك الجالسة بعيدًا عنهم، فقال لها :
-فيروز، إنتي عاملة إيه !
إبتسمت له مجاملة إياه، ثم أومأت رأسها أي نعم مرتين وهي تقول :
-الحمد لله يا عمي، وإنت عامل إيه !

....

وبعيدًا عنهم شردت هي تفكر في الخطوة القادمة، فيجب عليها أن تلقن ذاك المُعتدي درسًا قاسيًا ...
هي تعلم أن فترة السجن المفروضة عليه لن تتعدى الـ15 عامًا ..
وهذا جيد ..
إن لم يتدخل أحدهم في الأمر ويفسد كل شيء !
وماذا عن تزوير ذلك المدعو صهيب للحقائق !

-جوري، إنتي سرحانة في إيه !
همس لها بها براء، فنظرت هي له وقالت :
-أنا بفكر لو هما إشتغلوا على النقطة اللي صاحبه قالها يعني إنه كان متنرفز بس وقال الكلام ده عشان يعصبني
ومع النفوذ بتاعتهم والرشاوي يقدوا يطلعوه براءة !
عقد براء حاجبيه، وجلس بجانبها على الكرسي الآخر، وظل يفكر قليلًا قبل أن يقول :
-أنا برضوه فكرت في كدة، ولازم نجيب دليل تاني قوي ضده !
-زي !
-يعني مثلا إن ... إن إنتي تخلي فيروز تعمل تقرير طبي و...
قاطعته جويرية بصرامة :
-مستحيل، أنا إمبارح خليتها تروح تقدم البلاغ معانا بالعافية ولولا إن ده مكنش ضروري مكنتش هخليها تهوب هناك ..
زفر براء وهو يجذب شعره بقوة ...
عنيدة هي ولن توافق، ويجب أن يجدوا دليلًا قويًا ضدهم ...
بهدوء شديد قال لها حينها :
-بصي يا جوري، البلد دي اللي عاوز ياخد حقه فيها لازم يكون قوي، وإنتي مينفعش تفضلي تدافعي عنها كدة ! ، هي لازم يكونلها دور عشان تتحسن
هزت رأسها أي لا، ووقفت ناظرة لوالدها ثم قالت :
-بابا أنا همشي أنا عشان ورايا مشوار مهم وهرجع تاني بس بتاع ساعتين كدة وأرجع ...
أومأ الأب رأسه موافقًا، وهو يقول :
-ماشي بس متتأخريش عليا
-حاضر يا حبيبي وخلي فيروز معاك الوقت بقى ..
قالتها ثم إستدارت لتذهب بينما لحقها براء بعد أن قال :
-طب أستأذن أنا بقى ..

نظرت لهما فيروز ولم تعترض، فوجودها هنا مثل وجودها بالمنزل ..
إلا أنها يجب عليها التحرك، فلا يجب أن تتركها تأخذ لها حقوقها وهي جالسة هكذا !
أين هي من كل هذا !
بعد أن خرجا من المشفى، ظلت هي تتقدم للأمام بدون أن تنتظره، فدنى منها ثم وقف أمامها ليسد عليها الطريق ..
فهو لن يناديها بصوت مرتفع في الشارع ..
يعلم هو كم تبغض هي ذلك

لكن وقف أمامها فنظرت له بهدوء ولم تقل شيئاً ...
فأردف هو بنبرة حائرة :
-ناوية على إيه !
أجابته ببساطة وهي ترنوه :
-مش ناوية

وضع يده خلف ظهرها ثم تقدم بها عدة خطوات وهو يرسم إبتسامة غير متكلفة على ثغره ويقول :
-طب تعالي نفكر سوا ...

طرأ على عقلهما معًا ذكريات من الماضي البعيد، فلطالما كان تخطيطهم مشترك وكانوا يسمو بأخطر ثلاثي ..
ثلاثي ..
ثلاثي ..
سوفانا ..

تنهدا بضيق معًا ونظرا لبعضهما في ذات الوقت، وما لبث أن تحدث هو بنبرة متألمة :
-بتفكري فيها !
إبتسمت هي ونظرت للسماء، حينها إختلط لون عينها بزرقة السماء
وحصل هو على إجابته حينها

وحين إشتد الألم على كليهما بدأت أطياف من ذكريات بعيدة تلاحقهم بشراسة ..
تنهش قلبهما بجمالها القديم، والغير موجود الآن ..

.....

وقف الثلاث يتسامرون مساءًا في إحدى المنازل المتواضعة ...
وقف هو على مقربة منهما وظل يرنوهما بنظرات متحيرة وهو يقول :
-بطلوا رخامة انتو الإتنين، متقلدوش بعض أنا بفرق بينكم بالعافية !
ضحكت إحداهما ضحكة عالية فنظرت لها شبيهتها وإبتسمت إبتسامة أظهرت أسنانها البيضاء ...
فنظر هو للتي تضحك وأشار عليها مردفًا بغيظ :
-إنتي سوفانا ..
ثم أشار على الأخرى وتابع :
-وإنتي جويرية، وشيلي أم النضارة دي ..
وتقدم نحوها، وحين وقف أمامها مد يده وإنتزع النظارة التي ترتديها وهو يقول :
-يخربيت برودكم مش كفاية عليا إنكم توائم !
ضحكت جويرية، وتبعتها سوفانا وأردفتا معًا :
-بس معرفتش تفرق بينا
ثم وضعت جويرية يدها في خصرها، وإبتسمت بثقة وهي تقول :
-بس إيه رأيك فينا شبه بعض خالص بس ضحكتها دي اللي بتفضحنا دايمًا ..
إقتربت منها سوفانا وقالت بغضب مصطنع :
-إنتم اللي بتضحكوني أنا إيه ذنبي ! ، وبعدين جوري قالتلي بما إن جنابك من أسبوع مشوفتناش وكنت مسافر نشتغلك شوية
رفعت حاجباها وهي تتابع :
-والعسل معرفش يفرق بينا

رفع هو حاجباه مثلها تمامًا، ثم مد يده وجذب شعرها برفق وهو يقول :
-كده ماشي
كادت جويرية أن تهرب، فأمسك بها من يدها وتابع :
-لأ يا جوري مش هتهربي المرادي
-سيب شعري يا غتت
قالتها سوفانا بإنزعاج مصطنع قبل أن تستدير جويرية وتضربه في قدمه وهي تقول :
-متستضعفناش دا احنا جامدين اوي
ترك شعر الأخيرة ووضع يده على قدمه وهو يقول :
-آآآه يلا ياباردة
أخرجت سوفانا لسانها له لتغيظه، ثم إبتعدت عنه وهي تهذب شعرها بيدها قائلة :
-أيوة جامدين اوي يا عسل ...
نظر لهما ضاحكًا، ثم ذهب ليجلس على السرير رافعًا يده بإستسلام وهو يقول :
-أستسلم، أستسلم، إنتي واختك تاخدوا جايزة في البرود

زفرت جويرية بإرتياح وقالت بهدوء :
-هذا من فضل ربي
جحظ الأخير عينيه، بينما ذهبت سوفانا وجلست بجانبه وربتت على ظهره قائلة بمزاح :
-معلش يا براء معلش طب إنت خدت منها أجازة أسبوع أما أنا وشي في وشها أربعة وعشرين ساعة
ذهبت جويرية نحوهم بخطوات سريعة ورنت كلاهما بنظرات مغتاظة وهي تقول :
-يلا يا معفنة
نظر براء لها وأردف بـ :
-والله بتوحشوني حتى ببرودكم ده مش بقدر أكمل اليوم من غيركم !
إبتسمتا له، وقالتا سويًا :
-ولا إحنا على فكرة
ثم نظر لبعضهما وضحكا ...
وتابعت بعدها سوفانا :
-شوفت بقى القلوب عند بعضها
مد هو يده وسحب جويرة لتجلس بجانبه على يمينه، بينما كانت سوفانا تجلس بجانبه على يساره ووضع يده ليحيط بكليهما وقال :
-امممم على كده عملتوا إيه في الأسبوع ده !
-أحرقنا الشوق إليه يا عزيزي !
قالتها سوفانا بنبرة هادئة، فضحكوا جميعًا بعدها، وأردف براء مازحًا :
-بس يا عسل سبينا من جانب الشاعرة ده ونتكلم جد شوية
هزت كتفها وقالت :
-هقولك، نجحنا في إمتحانات تانية إعدادي
-عارف
-وماما جابتلنا ...
-كومبيوتر جديد
-أيوة وأنا كنت هقع ..
-من الدور الخامس بس جوري لحقتك
وقفت هي فجأة وهي عاقدة حاجباها في ضيق وقالت :
-اه وجوري ضربت واحد في الشارع
-عشان عاكسك
-وطلاما إنت عارف بتسأل ليه !
ضحك هو ومد يديه ليجلسها مرة أخرى وهو يقول :
-طب ما إنتي حكتيلي كل ده في التليفون لما كنت مسافر !
حكت هي رأسها بحيرة، وهي تقول :
-أيوة صح أصل أنا نسيت ..
نظرت لها جويرية باسمة وهي تضيف :
-قولتيلوا على المقلب اللي عاملناه في ..
-صبا، لما خليتوها تفكر إن المدرسة مسكونة !
نظرت لها جويرية وقالت ضاحكة :
-ياني كل حاجة قالتهالك ...

......

وبالعودة إلى الوقت الحاضر ..

نظرت جويرية لبراء وقالت بصوت هادئ :
-براء !
أجابها الأخير على فوره بـ :
-نعم !
نظرت له وهي تجيبه بنبرة مختنقة :
-قولي لازم نعمل إيه عشان الحيوان ده يفضل مسجون !
-لازم فيروز تكون معانا
-أنا موافقة بس مش هجرحها بأي طلب ولو حسيت إنها مش موافقة أنا هـــ...
قاطعه هو بتلهف :
-ماشي ماشي موافق، إن شاء الله هي ترضى بس ..
أومأت رأسها مرة واحدة، وأردفت بهدوء لنفسها :
-المهم ميحصلهاش أي حاجة ...
المهم متواجهش نفس مصير أختي ...
أقرا أيضا رواية آدم وحياة الفصل الثامن
كان جالسًا في إحدى الأركان وحده يشعر بالرعب من كل شيء حوله ..
خارج هذا المكان، كان له سُلطة وهيبة ..
وها هنا لا شيء ..
ليس إلا مجرد مجرم !

ما ذنبه هو إن فعل شيئًا خارج إرادته !
وأرغمه ما شرب على فعله !
ما ذنبه إن فعله مخدرًا أو غائبًا عن عقله !

يجب أن يخرج من ذام المكان المريع ..
وفي الحال

-بيجاد رشوان هنا !
صاح بها أحد الضباط فإنتبه هو ونظر نحوه قائلًا بصوت عالٍ مرتبك :
-آآ أنا
رمقه الضابط بإحدى نظراته المتفحصة وهو يردف :
-عندك زيارة
أومأ رأسه في الحال، وخمن أنه المحامي فلم يسأل من هو
ومشى خلفه بهدوء شديد..

بعد لحظات دلف لغرفة المقابلة، وتقدم عدة خطوات ليرى من جاء
لكنه توقف مكانه فجأة حين رآها مولية إياه ظهرها، وأردف ببرود رغم دهشته :
-إيه اللي جابك !
إستدارت نحوه، ونظرت إليه، ثم سارت عدة خطوات حتى تقف أمامه وتقول بهدوء :
-متدايق إنك شوفتني ؟
هز رأسه نافيًا وهو يضع يده بجيب بنطاله الذي لم يغادر جسده من البارحة ويقول :
-لأ عادي بس كنت مفكر المحامي !
-للأسف لأ
قالتها هي ببرود شديد وهي تنظر نحوه ..
ومن ثم وقفت أمامه ناظرة إليه بحنق، بكره، بحقد وراحت الكلمات تفارق شفتيها :
-عارف أنا جيت ليه ! ، مش عشان أشمت فيك زي أي حد عادي لأ، لما كنت صغيرة كنت متعودة آجي مصر هنا كتير وكنت بحبها أوي وبحب أهلها عشان طيببن كلهم
عشان مكنتش عاشرتهم ..
عشان مش فهمتهم ..
وكنت نصرة دايمًا أتكلم لغتهم ومن غير ما تكون لغتي مكسرة، عشان لما أكبر أتواصل معاهم ويفهموني ويحسوني منهم ..
صمتت فجأة، وسارت بعيدًا عنه، بينما كان ينظر هو لها بفضول، وتابعت هي حينها :
-ولما كبرت وقفت قدام رغبات ماما وبابا وإتجوزتك، وإيه النتيجة !
ماتوا ..
وإنت .. دمرت كل الحلو فيا ! ، دمرت حياتي

غادرت دمعة عينيها، فمسحت طريقها، وغادرت أخرى على الجانب الآخر فمحت طريقه أيضًا ...

إستدارت فجأة لترنوه، وقالت :
-ليه يا بيجاد ؟
أشاح هو بوجهه عنها فإقتربت هي منه ونهرته قائلة :
-قولي ليه ؟

ماذا يقول لها !
هل يخبرها أنه أسوأ إنسان رأته، أم يخبرها أنه نفسه لا يعلم لما فعل كل هذا ؟
هل يخبرها أنه أخطأ بحق نفسه قبل أن يخطئ بحقها أم يصمت !

هزته هي بقوة يعد أن سيطرت عليها حالة من الغضب وظلت تقول :
-إديني سبب واحد يخليك تعمل فيا كده ..
أذيتك في إيه ! ، طب أنا غلطت معاك بس في إيه !
أنا إديتك حياتي كلها بس إنت مستحقتهاش
نظر لها بضيق ووضع يده على كتفيها محاولًا تهدأتها وهو يقول :
-شششش كاثرن خلاص إهدي
أبعدت يده عنها بإنفعال وأردفت :
-لأ مش ... مش ههدى، أنا عاوزة أتطلق
وضع يده على فمها ليهدأها قليلًا لكي لا يسمعها أحد، وبخفوت همس في أذنها :
-كاثرن، إهدي شوية إحنا مش في البيت
هزت رأسها نافية وهي تقاومه بقوة
ولكن هيهات أن تصل قوتها إلى نصف قوته ..
لكنها إستطاعت أن تقول :
-قولتلك طلقني
هز رأسه عدة مرات وقال :
-لأ يا كاثرن مش هطلقك، وبطلي بقى أنا شوية وهطلع من هنا .....!!!

......................................!!!!!!

روايات رومانسية كاملة | رواية عصفوره تحدت صقراً "الفصل السابع عشر"

يتبع ....

يارب تكون حلقة النهارده عجبتكم وأستنونا كل يوم في نفس الميعاد فصل جديد من رواية عصفورة تحدت صقرا وعلشان تجيلكم الفصول بتسلسلها تقدروا تتابعونا من خلال صفحتنا علي الفيس بوك
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة