-->
U3F1ZWV6ZTMzNTg0ODE3NzI1X0FjdGl2YXRpb24zODA0Njk2NDgxODg=
recent
آخر القصص

رواية عصفورة تحدت صقراً بقلم فاطمة رزق - الفصل السادس والعشرون

مرحبا بكم متابعين قصص 26 موعدنا في قسم روايات رومانسية كاملة والكاتبة فاطمة رزق والفصل السادس والعشرون برواية عصفوره تحدت صقراً 

وَعَـىَ على مُر الحياهِ ، حين إِصطَدم بواقِعِــهِ .. فنشأَ على كُره حــواءَ ، فلم تكن يوما منزلُــهُ .. وبنفورِهِ جعلَ الجواري تَشتهى قُربَــهُ .. فعُزِزَ الغُــرور في نفسهِ ، بأنُ لا مِثل لـهُ .. فأتتْ هي قبل أن ينخدِعَ بِظَنــهِ .. لتُريهُ مدى ضآلة حجمــهِ .. فليست من الجــَواري، ولا أَمـه يروق لها منزلــُه .. هي سيـدةٌ فى قصرٍ من الحيــاءِ تزينت جُدرانُـهُ .. هي سيـدةُ حسنـاءٌ ، تملك من الكـِبْرِياءِ ما تَكبَح بـِهِ غـرورَهُ .. فقطعَ العهــودَ والمواثيــقَ على نفســهِ .. بأن أيامها القادمــةُ ستكونُ داخلَ جحيمــهِ .. ولِتـَـرى ابنه حــواء ذاك الذي قَـللتْ من شأنِــهِ .. كيف يَسوقهـا إلى هاويةِ الهـلاكِ بنفسـهِ ..! هل ستقاوم سَبيـهُ ، أَم هل ترضـخُ لــهُ ؟ هل ستعيش حبيسَــةً ، أَم سيُجّــلِي قَيــّدَهُ ؟ اللي مشفش الفصل الرابع يقدر يشوفه من هنا رواية عصفوره تحدت صقراً "الفصل الخامس والعشرون"

روايات رومانسية كاملة | رواية عصفوره تحدت صقراً "الفصل السادس والعشرون"

عصفوره تحدت صقرا

الفصل السادس والعشرون 

أدخلت رأسها من السور الخاص بالدرج، عيناها قد إشتعلتا بوهج غريب، ولأول مرة تخرج عن حد السيطرة لتلك الدرجة ..
لقد شكرت ربها أنها هنا بالأعلى وهو بالأسفل، وإلا لكانت قد ... قد .. قد قتلته!
-كل دة عشان ييجي ورايا وأنا ..
زفرت حتى تخرج ما بها من غضب، واستندت على السور بظهرها، الأمر أنها لم تعد تحتمل هذا الكائن في حياتها أكثر من هذا ...
ألم تعده بالعمل ؟!
لقد وفت بوعدها وعملت، أما هو فقد كذب عليها، وهي لا تحب الكذب ..
لا تحبه أبدًا ..
فلينسَ إذًا أنها كانت تعمل لديه، الأمر مفروغ منه ... لن تعود

لم يكن من الصعب كشف كذبته، فقد تذكرت ميعاد الإجتماع الحقيقي، لا الزائف، لذا أسرعت تنظر للأسفل ..
كيف لم تتذكر الأمر قبلًا وانطلت عليها تلك الحيلة السمجة !

حسنًا إهدأي يا فتاة، الأمر مفروغ منه لا عمل بعد اليوم لدى هذا الكائن ..

وبعد أن إستقرت على ما أهدأها قليلًا تابعت صعودها الحذر بهدوء ....
-لأ يا عم هو أصلًا معندوش أي فرصة يكسب بيها القضية !
قالها هو مندفعًا فجأة فنظر له الآخر بغضب وقال :
-يعني إيه يا براء، يهددك وإحنا نقف نتفرج عليه !
وقف براء ووضع يده على كتفه قائلًا بروية :
-معتصم هو أنا كل ما أحكيلك تتعصب أوي كدة، بجد الواحد معدش هيقولك على حاجة !
أزاح معتصم يده عنه، ورمقه بنظرات مغتاظة وهو يردف بـ :
-يا براء بطل غباء، دول شكلهم سوابق !
ضحك الأخير ولم يتمالك نفسه ليقول بعدها بهدوء :
-ياعم طب ما أنا اتهددت كتير قبل كدة، أصل إنت لازم تدافع عن الباطل في البلد دي عشان تفضل في أمان !

-دي مسر يابني، أم الدنيا و .. هتفضل أم الدنيا
قالها الدخيل عليهما فجأة فضحك براء بينما ظل معتصم متجهم الوجه ...
نظر براء لآخر من خطى من الباب قائلًا :
-حاضر يا أبان، أم الدنيا !
ذهب نحوهما وهو لا يزال يتحدث :
-أومال ماله معتصم يا براء ها ؟
هز الأخير كتفه وقال ساخرًا :
-زعلان على مسر !
ثم تبعها بضحكته، وبالمثل فعل أبان
حينها نظر لهما معتصم بضيق وسار نحوهما ثم دفعهما برفق من ظهرهما قبل أن يتشدق بـ :
-إطلعوا برة إنتوا الإتنين، يلا ومشوفش وشكوا في مكتبي تاني
ظلا يضحكان وأوقفه براء قبل أن يصل للباب وتكلم بقليل من الجدية :
-طيب طيب خلاص إهدى يا معتصم
أمسك بيده وسحبه خلفه متابعًا :
-تعالى أقعد بس
حينها سار أبان خلفهما وبصعوبة منع نفسه من الضحك ...
ظل معتصم يرمقهما بجدية لم يعتاداها، وخمن كلاهما بعد وقت قصير أن هناك ما يعكر مزاجه بالفعل، لذا حين إستقروا ثلاثتهم على مقاعدهم سأل براء :
-معتصم فيه إيه مالك ؟
أشاح معتصم بوجهه وهو يردف بإقتضاب :
-مفيش
-إزاي مفيش إنت مش شايف نفسك !
قالها أبان بضيق ..
ثم قرب براء مقعده إلى مقعد صديقه وأعاد السؤال بإصرار :
-قول مالك بقى ؟
زفر معتصم بنفاذ صبر وهو يقول :
-مفيش بجد ضغط الشغل بس واليومين دول الشغل زاد أوي، وبس
نظرا له مشككين في حديثه، في حين وقف هو وسار موليهما ظهره بصمت
وفجأة إسدار ليواجههما بعينين جادتين وهو يقول :
-ما .. ما تيجوا نخرج !
نظر كلاهما لبعض بدهشة قبل أن يردف أبان باسمًا بمرح :
-دة بجد !
ضحك براء وهو يقف متجهًا إليه بسيره، وأكمل واضعًا يده على جبهته يتحسسها :
-إنت سخن يا معتصم ؟!
رفع الأخير يده من على جبهته وهو يردف بحنق :
-فيه إيه يا جماعة هو أنا قولت حاجة غلط ؟
رد أبان بهدوء :
-لأ أصل إحنا دايمًا اللي بنتحايل عليك عشان نخرج !
أشاح وجهه عنهما ولم يجيب، أما براء فأسرع نحو المكتب وإلتقط هاتفه ومفاتيحه، وأخذ هاتف صديقه هو الآخر وسار بمحاذاته قائلًا :
-يلا يا أبان قبل ما يغير رأيه
حينها إبتسم أبان ووضع يده خلف ظهره وكذلك فعل براء وسحباه للخارج ...

قبل أن يغير رأيه !


تأكدت أن والدها في فراشه نائم ...
صنعت فنجان قهوتها ..
وتوجهت بها ساخنة إلى غرفتها ..

أغلقت الباب برغم عدم وجود سواها ووالدها في المنزل !
وأحضرت كتابها ووضعته على الطاولة بجانب القهوة وجلست على الكرسي ..
أمسكت القلم، وبدأت تدرس بعد أن قالت :
-بسم الله
ولكن قبل أن تمسك الكتاب تذكرت أمرًا، فأسرعت تمسك هاتفها وتتصل بأحدهم، وما إن وصلها صوته حتى قالت :
-وعليكم السلام، بقولك يا براء أنا في البيت ناو يعني متعملش حسابك تيجي تاخدني ..

لم تطل المكالمة ..
وبدأت بعدها تذاكر ..
مضى بعض الوقت عليها وهي منهمكة في الدراسة، حاولت التركيز فتركيزها يعمل في أي شيء بسرعة مثالية عدا الدراسة ولم تفهم هي لما يومًا !

لكن وبعد ما يقرب من الأربعة ساعات من المذاكرة المتواصلة ألقت القلم بعيدًا، والكتاب إلى حافة الطاولة ووقفت مردفة بحنق :
-هي السنادي هتخلص امت بقى، أوف !

نظرت في الساعة قبل أن تتسع عينيها وتتحدث بضيق :
-نسيت خالص
ركضت خارج الغرفة متجهة للحمام، وبعد دقائق خرجت منه مبتلة وذهبت نحو غرفتها من جديد وهي تُنْزل أكمامها، وإلى الخزانة إتجهت، وبداخلها نظرت، لتخرج بعدها إحدى عباءاتها السوداء وترتديها، وتتبعها بحجابها، لتأخذ القبلة بعدها وتبدأ بالصلاة ...

بعد أن أنهت صلاتها كادت تخلع عباءتها لكنها سمعت صوت طرق الباب ..

ذهبت نحو الباب وفتحته بهدوء قبل أن يطالعها و ...
-المفروض تفرحي لما تشوفيني، مش تكشري !
قالها هو حين رآها تعقد حاجباها بإندهاش لرؤيته
لكنها فتحت له الباب ليدخل وهي تردف بصوت منخفض :
-براء، إدخل ومتعليش صوتك عشان بابا نايم
دلف معها إلى أن قادته لغرفتها، أدخلته وأغلقت الباب ثم نظرت إليه لتردف ببساطة :
-إنت مش ليك أهل تقرفهم جاي تقرفني ليه ؟
لو بيده لها قائلًا :
-طب إستكي وإسمعيني، فيه النهاردة فيلم رعب هيتعرض والكل بيقول جامد و...
-زي بتاغ المرة اللي فاتت، إرحمنا يا براء، كل أفلامك شبه أفلام الأطفال !
قاطعته بضجر، فقام هو وإتجه نحو التلفاز قائلًا بتحدي :
-دة جواه جن وتعاويذ وهتخافي
إبتسمت بثقة قائلة :
-يا شيخ !
ضحك براء حينها، وفتح التلفاز متحدثًا بنبرة ساخرة :
-كون إنك مبتخافيش خالص دي مش مشكلتي أنا !
هزت كتفاها مبتسمة وهي تصعد على السرير، وتجلس عليه لتردف بعدها بهدوء :
-طيب أنا أصلًا زهقانة ..
هي تعلم أنها لن تخاف، ولن يدخل الرعب أي جزء من قلبها، فمنذ صغرها برمجت نفسها على أن كل ما في التافاز خيال، وهل يصح للمرء أن يخشى الخيال !
وحتى ولو كان هناك بعض المشاهد الواقعية، الأمر ليس مجرد برمجة فهي حقًا تفتقد كثيرًا شعور الرعب والخوف، إلا أنها لم تجربهما يومًا ..
ربما لأنهما استبدلا بالألم !
تقدروا تشوفوا الفصل الأول من عصفورة تحدت صقرا
مدت يدها له بالمفتاح قائلة بهدوء وهي تقف قرب منزلها :
-مش عارفة كان لازمته إيه تتعب نفسك وتصر توصلني يا عقاب، الموضوع مكانش مستاهل
إبتسم لها بود وهو يردف بنبرة طبيعية :
-أنا شوفتك تعبتي ومش تقدري تسوقي بنفسك !
إبتسمت تبادله الإبتسامة مجاملة، ثم قالت بنبرتها الرقيقة :
-شكرًا عقاب، أنا بس عشان مش متعودة على الشغل، بس متخافش شوية وهبقى تمام إن شاء الله
اومأ رأسه بنفس الإبتسامة، وسألها وهو ينظر للبيت خلفها ويقول :
-امممم أومال إنتي عايشة في البيت دة لوحدك ؟
عقدت يديها أمام صدرها، ونظرت للبيت خلفها قائلة بشجن :
-آه ما إنت عارف، بس معايا سلمى وباقي الـ servants
وضع يده بين خصيلات شعره وأرجعها للخلف وقد بدى عليه الشرود، لكنه قال فجأة :
-طب ما .. تسبيها وأنا أجيبلك واحدة تانية في أي مكان تختاريه !
الأمر أشبه بمن يعرض عليها ترك وكر الأحزان والآلآم والإنتقال إلى وكر خالٍ من النقاط السوداء، والعجيب انها كانت تفكر في الأمر ذاته البارحة !
لذلك وبنبرة بها بعض اللهفة قالت :
-آه موافقة، أنا أصلًا إمبارح كنت بفكر في كدة !
-خلاص بكرة نخلص شغل بدري، ونشوفلك بيت في مكان تحبيه و..
قاطعته بسرعة :
-طب أنا عاوزاه في مكان بين الناس، أقصد شعبي
عقد حاجباه مستعجبًا مما قالته، ثم سألها :
-شعبي !
-أيوة
-ليه ؟ ، أقصد إشمعنا !
أجابته بهدوء يخفي لمحة من الحزن إلتقطها هو :
-عارفة إني غنية، بس أنا مش عاوزة أكون لوحدي، البيت دة كان محدش بيسمعني منه حتى لو صرخت، عاوزة .. عاوزة ..
-تحسي بالأمان
أكمل لها جملتها فجأة فنظرت له حينها وأومأت رأسها تؤيده
إبتسم لها مطمئنًا إياها، وقال :
-قادرة ناو ولا تعبانة ؟!
هزت رأسها نافية على فورها وقالت :
-لأ معتش تعبانة !
حسنًا، هي تريد أن تنهي كل رابط يجمعها بذاك البيت، ومن الآن، وهو بحكمه صديقًا يريد مساعدتها لتنسى
إتجه نحو سيارته بعد أن قال لها بروية :
-طب أنا عارف شقة كويسة ممكن تعجبك، بينا عليها
ذهبت معه بدون أن تقول أي شيء، وإكتفت بركوبها السيارة معه ردًا ...
وإنطلق بسيارته بعدها مقدرًا حالة الصمت التي وصلت لها ..

هو يتذكر أنها كانت من أشهر الفتيات في الجامعة قديمًا،
يتذكر مرحها وسعادتها، لكنها إختلفت الآن ..
في السابق كان يعاملها جيدًا لكي يضمن أنها ستساعده في الدراسة، والآن هو يعاملها جيدًا ليس فقط ليرد لها الجميل، بل لأنه يريدها أن تعود كما كانت، لا لشيء فقط يريدها مرحة !

بعد القليل من الوقت كانوا قد وصلوا إلى مقصدهم ..
إرتجلوا من السيارة، ودنى منها وهو يحك أنفه قائلًا :
-بصي هي دي العمارة، عارف إنها مش في مكان راقي أوي و ..
-لأ أنا حابة كدة، تعالى نطلع نشوفها
-طيب المفتاح مع البواب، نجيبه ونطلع

بعد دقائق قليلة كانوا في داخل المنزل، جابت هي أركانه فقد أعجبها كثيرًا برغم أنه ليس ضخمًا مثل الآخر ..
وبعد أن نظرته كله أردفت بثقة :
-عجبني
إبتسم عقاب وسألها بجدية :
-يعني هاتخديه ؟
أومأت رأسها مرتين قائلة :
-أيوة عجبني، وهجيب سلمى بس معايا
-خلاص، أنا هخلص الإجراءات ومن بكرة البيت دة بتاعك
نظرت له، ثم نظرت للمنزل، فلقد أحبته كثيرًا ولم تعد تريد الذهاب إلى آخر ..
تابع عقاب نظراتها، ثم سألها بحيرة :
-كاثرن، مالك ؟
هزت رأسها نافية أن لا شيء، وكادت أن تخرج من المنزل إلا أن قال :
-مش عاوزة تمشي ؟
إستدارت لتنظر له، فتابع هو قائلًا بجدية :
-خلاص خليكي هنا النهارة، وبكرة لما تروحي الشغل هخليهم يرتبوه، بس وهتلاقي سرير جوة، وأنا هبعت أجيبلك عشاء
رفعت حاجبها بإندهاش وهي تسأله :
-هو إنت عرفت إزاي أنا إتفرجت لوحدي !
ضحك قائلًا :
-آه ما أنا شوفتها إمبارح عشانك، وكنت واثق إنها هتعجبك ..
كتفت يداها وهي تردف :
-خلاص يبقى اتفقنا، بس عاوزة عشاء جامد
ضحك الآخر وقال :
-على الأقل لسا مفجوعة زي الأول ..

تثاءبت مرة أخرى وهي ترى ذو المخالب الطويلة يقطع رأس الرجل المسكين ودماؤه قد إنفجرت فشرت منها ذو المخالب حتى إرتوى ..
أرجعت رأسها للخلف قائلة :
-أجيبله ترشي يبلع !
نظر لها المندمج مع الفيلم وأردف بضيق :
-إنتي ميؤوس منك !
-بالله إنت رهيب، قولتلك الفيلم هيبقى زفت ومصدقتش
-يابنتي دة مصنف على إنه أكتر فيلم رعب مرعب السنادي
ردت ببساطة :
-طيب، بس الفيلم المرعب أوي دة هيخلص إمت ؟!
وضع يده على جبهته بخيبة أمل، ثم أغلق التلفاز بجهاز التحكم مردفًا بـ :
-إرتاحي يا جويرية إعتبرية خلص
نظرت له وقالت تغيظه :
-أكتر حتة ضحكتني بجد لما الراجل شال عين التاني وهي بنزل دم، وفضل يلعب بيها بينج بونج
أجابها بنبرة هادئة :
-إنتي فعلًا مش بنت، إنتي مش معقول أصلًا تبقي بنت !
تثاءبت مرة أخرى وألقت بجسدها على الفرلش، وسحبت الغطاء فوقها قائلة :
-أيوة أيوة أنا مش بنت، يلا بقى حل عني وروح
نزع الغطاء من فوقها وهو يردف بضجر :
-لأ مش هروح
-بابا هنا يا بابا ملكش مكان عندي يلا على بيتك،
ثم تابعت وهي تشد الغطاء منه :
-وهات دة
-ليه في سرير تاني ولا إنتي ناسية
قالها ضاحكًا، فنظرت له قليلًا قبل أن تقول :
-لاجيئين !
إتجه نحو السرير الآخر قائلًا بنبرة ساخرة :
-أنا برضوه لاجئ، ماشي هسيبك بس عشان عندك شغل بكرة
أجابته بنبرة خافتة :
-لأ معدتش هروح
وقف بعد أن حلس توًا على السرير وسألها بسعادة :
-بالله عليكي !
أجابته ناظرة إليه بهدوء :
-أيوة
-ليه !
لم يكن سؤاله في الحسبان، لكن على أية حال هي لن تجازف وتخبره لما، فهو متهور وإن علم ماحدث فاسيثور ..
-عادي، إتخنقت منه
قالتها بثبات، ثم أغمضت عينيها، فذهب هو إليها ونزع الغطاء عنها من جديد قائلًا ببرود :
-ومفكرة إني هسيبك تنامي، دة إنتي بتحلمي !
جلست على السرير بعد أن أيقنت أنها لن تنام بسلامٍ الليلة، وقالت بهدوء :
-أحسنلك ترجع الغطا، لحسن تبات ليلتك زي القطط في الشارع ..
هز رأسه غير مكترث بما تنطق، ليجيبها بعدها بنفس البرود بـ :
-عادي ساعتها هروح البيت !
ضمت ركبتيها ووضعت رأسها عليهما وأغمضت عينيها قائلة :
-طب ما تهويني طلاما إفتكرت إن عندك بيت !
سحب يدها فرفعت رأسها ناظرة له بضيق وقالت :
-مالك يابني ماتسيب خلق الله يناموا بقى !
لم يترك يدها وإنما سألها بدهشة :
-ومن إمت إنتي بتنامي بدري ؟
-ما أنا صاحية بدري، وطول اليوم بذاكر
-طول اليوم !
-يا براء أربع ساعات يعني طول اليوم على فكرة
ضحك وترك يدها قائلًا :
-كتر خيرك، بس برضوه أنا مش عاوز أنام
ردت بفضب :
-وأنا عاوزة
إستفزها بالقول :
-الأغلبية للأكبر
إبتسمت ترجع رأسها للخلف وأردفت :
-بكام شهر !، لاء مش لاعبة
-أنا مش حايلي نوم، وجاي النهاردة بالذات أخنقك في عيشتك، عشان كدة إنتي هتسكتي خالص وهتسمعيني وأنا بتكلم ..
كان ردها أن وضعت رأسها على الوسادة وأغمضت عينيها، فياله من مزعج ..!


واقفًا عند مفترق الطرق، لديه طريقان
كلاهما يشبه الآخر لدرجة رهيبة، فأي المسلكين يسلك !
كان الظلام قد عبأ المكان من حوله، وشعر لدرجة رهيبة أنه يكاد يختنق ..
ولم يتحرك من مكانه من عند المفترق ..
وحين يستدير إلى الجهة التي أتى منها، يرى كل ما يكرهه من مشاهد ..

أغمض عينيه حين شاهد تمه يقتل أباه من جديد، ولمَّا أن سمع صوت صراخ أمه المستجدي سد أذنه ..
الكابوس نفسه، ومرة أخرى لا يدري كيف الخلاص منه !

إستدار وقرر أن يسلك إحدى الطرق، لكنه حين رآهما تملكته الحيرة من جديد، فلربما كان ذاك الطريق أسوأ بكثير ..
وضع قدمه في إحداهما، وكاد أن يخطو فيه، لكنه إستدار راجعًا حين سمع صوتًا يناديه ..
رجع لمكانه الذي كان فيه، وظل يدور حول نفسه ليعلم من كان يردد إسمه، ولأن الصوت كان مألوفًا لدرجة غريبة حاول تحديد صاحبه، وفجأة رآى والدته مع عمه في غرفة ما، وحدهما، حينها نسي الصوت ونسي كل شيء، هو فقط يريد الإبتعاد ..
لكن حينما إستدار عادت إليه الحيرة ..
لم يعلم أين يسلك، في كل مرة يحلم فيها ينتهي الكابوس هنا، بعد أن يتعذب برؤية تلك المشاهد مرارًا وتكرارًا !

فجأة وجد في الطريق الأيمن فتاة ما، تلك الفتاة يعرفها جيدًا، لذلك أسرع نحوها وظل يمشي وراءها وهو ينادي :
-جويرية، جويرية .. جويرية !
لم تجبه، لكنها يعلم أنها هي، ظلت تمشي إلى أن وصلت لنهاية الطريق وتوقفت، فظنها ستنظر له، لكنها لم تفعل، بل توقفت أمام مفترق الطريق هي الأخرى !
رآها تنظر خلفها، ليس له بل لما كان واءه
لقد كانت خلفه أيضًا، لكن ليست وحدها بل ممسكة بيد نفسها وتبكي عليها !
نفسها، أو أخرى تشبهها تمامًا ..
إختفت من خلفه، لتظهر بجانبه من جديد، لكنها تلك المرة لم تكن تبكي على نفسها، بل على سيدة أخرى، ..
نظر لها لكن من قف أمامه لا خلفه أو بجانبه وسألها بنبرة عالية :
-مين دول ؟
لم تجبه، أو ربما لم تسمعه أصلًا، بل كانت واقفة تنظ إلى من تبكي عليهم في الجهة الأخرى بألم
إقترب منها وحاول أن يمسك يدها، لكن لا جدوى فبمجرد أن حاول لمسها إختفت من أمامه ..
دار حول نفسه لربما يجدها، لكن لا فائدة لأنه وجد نفسه بعدها في منزله ..
والهدوء قد سيطر على الجو .. وأسكنه ..
وحينها سمع صوتًا غريبًا، صوتًا لموسيقى مزعجة حاول أن لا يصغي إليها، لكن صوتها إخترق أذنه ..

وفجأة فتح عينيه وإنتفض من على السرير ..
تنفس الصعداء حين إنتهى ذلك الحلم المزعج، ومع ذلك لم يفهم أي شيء، لما شاركته الحلم !
ووجد نفسه يتساءل سؤالًا غريبًا :
-هو أنا قدرت أشوفها من جوة ؟!

نظر للساعة فوجدها السابعة، قرر أن يذهب لإرتداء ثيابه الآن، فقد أصرت عليه رغبتة برؤيتها في أسرع وقت ..

....................

بمجرد أن إنتهت من إرتداء ثيابها وجدت جرس الباب يرن ..
تعجبت فأنى له أن يأتيها بتلك السرعة !
ذهبت وفتحت الباب، وبمجرد أن رأته قالت :
-عقاب هو إنت لحقت ؟
إبتسم لها ووضع يده علاي شعره قائلًا :
-إيه دة هو أنا مقولتلكيش، أنا ساكن فوقك
إتسعت عينها بإندهاش وهي تردف بـ :
-نعم !
-أيوة، ساكن فوقك على طول
وضعت يدها في خصرها متسائلة :
-طب ليه مقولتش ؟
رد بهدوء :
-مجاش فرصة أقول، المهم أنا مجبتش عربيتك إمبارح، عشان كدة هتضطري تخليني أوصلك
-ها !
أردفت بها بصدمة، فأجابها هو :
-مالك يا كاثرن ؟!
أجابته بفتور :
-مفيش، بس إستغربت، فكرتك جيبتها
-معلش والله كنت تعبت خالص و..
قاطعته بإحراج :
-لأ مقصدش، أنا بس اللي بتقل عليك !
أومأ رأسه مؤيدًا إياها وقال :
-آه جدًا مقولكيش،لدرجة إنك تخليني أخبط عليكي وآخدك بالعربية مرة واحدة، لأ كتير مقولكيش !
نظر لها بجدية بعدها وتابع :
-كاثرن بطلي الكلام دة، هو أنا بعنل إيه يعني !
إستيقظت صباحًا على صوت هاتفها، أمسكت الهاتف ونظرت للمتصل في حنق ولم تجبه، وقررت أن تتبابع النوم
ظل الهاتف يرن عدة مرات فإغتاظت وقامت بإغلاقه تمامًا وهي تقول :
-إبقى إتصل حلو ..
نظرت إلى السرير في الجانب الآخر فوجدت براء نائمًا وقد إنتُزع الغطاء من عليه، فنزلت من على السرير، وغطته بغيظ لتردف بعدها :
-إبقى قولي تاني هاجي أنام عندك، ساعتها هطردك على طول صدقني
عادت إلى سريرها وهي تتثاءب، فبراء لم يجعلها تنام إلا بعد أن صلت الفجر، يا الله كم هو تقي !
كادت أن تضع رأسها على الوسادة عندما سمعت جرس الهاتف الأرضي
-أشوفك محروق يا صهيب
إضطرت أن تذهب إلى الهاتف، وتجيب لكب لا يصحوا من بالمنزل
-السلام عليكم
قالتها عبر الهاتف بهدوء عجيب، فأتها الرد من الجانب الآخر بضيق :
-مش معقول كل دة تأخير و..
قاطعته بنبرة حاسمة :
-أستاذ صهيب أنا مش جاية الشركة تاني، أنا إتعاملت معاك بمصداقية، لكن بمجرد إنك تكدب فدة يديني الحق أخل بالإتفاق
أجاب عليها متسائلًا بحيرة :
-مش فاهم، وأنا إمت كدبت !
ردت بدون تردد :
-أنا عندي إجتماع ناو تقدري تروحي، يا ترى مين فضل ماشي ورايا !
إتسعت عيناه فهو لم يعلم أبدًا أنها رأته، ومع ذلك قرر أن يجاريها فقال :
-الموضوع مش كدب و..
-إنك تداري كدبة، بتانية أكبر دي مش من الحكمة !
سأبها بخبث :
-يعني إنتي عمرك ما كدبتي ؟
أجابته بثقة :
-كدبت، بس معاك إنت مكنش فيه فرصة أكدب، وعشان كدة مش من خقك تكدب عليا أبدًا !
لم يتوقع ذاك الرد أبدًا، والرائع أنها لم تكذب أبدًا وأجابته بثقة لا تخشى رده بعدها !
-يعني إني تبع مقولة، "لأ ما اللي هعمله في الناس ميطلعش عليا" !
زفرت بنفاذ صبر، وقد شعر هو أنه بدأ يتسنفذها، فقال :
-طيب هتيجي الشغل امت
-مش هاجي
كانت تلك إجابتها دون أن تطرف لها عين ..
رد عليها بهدوء :
-بس إنتي كدة كدة لازم تيجي، ولا إنتي نسيتي العقد !
رفعت حاجبها الأيسر، وسألته بجمود :
-عقد إيه ؟
رد عليها بنبرة سمجة :
-اللي إنتي وقعتي عليه، بحيث إنك لو سيبتي الشغل قبل شهرين من دلوقت هتضطري تدفي 300,000 جنيه
إبتسمت بهدوء، وردت عليه ببرود :
-يا أستاذ مش أنا اللي حد يستغفلني، أنا قبل ما بكتب إسمي على حاجة بقرأها كويس !
وصلتها تنهيدته الحارة، وصوته المفعم بالتحدي وهو يقول :
-طب لو الورقة فاضية ؟
أجابته بنبرة مستفهمة :
-قصدك ؟
-إمبارح لقيت ورقة كاتبة عليها إسمك، شكلك كنتي سرحانة، المهم لقيت ليها حل أصرفها فيه !
أجابته بنبرة جليدية :
-تمام، قولي إمت هروح على السجن عشان بس أبقى عاملة حسابي ..
ثم أغلقت الهاتف، ونزعت منه أسلاكه ..

وقفت بعدها متجهة نحو غرفتها وهي تقول :
-أهو حتى السجن تغيير جو
ثم ضحكت قائلة :
-أنا عمري ما كتبت إسمي على ورقة إلا لما كنت عارفة إيه اللي فيها !
ثم جلست على السرير لتنام بعدها بهدوء ..

........................

لم يستوعب ما حدث قبل ثوان معدودة،
مع أنه كان يعلم كم هي عنيدة، إلا أنه لم يصدقك أن يصل بها العند لتلك الدرجة ..
أمسك الورقة الفارغة عدا من إسمها في نهاية الورقة، لقد حصل عليه حينما كانت تحادث أحدهم في الهاتف البارحة، ويبدوا أنها كانت شاردة معه تمامًا لدرجة أنها لم تلحظه ..!

ترك الورقة، وأمسك هاتفه وطلب أحدهم، ثم وضعه على أذنه ليردف بعدها بهدوء :
-أيوة يا عقاب، أنا عاوزك تكلملي المحامي، وتقوله يعدي على مكتبي بعد ساعة ............!!!

.........................................!!!!!

يتبع ....

يارب تكون حلقة النهارده عجبتكم وأستنونا كل يوم في نفس الميعاد فصل جديد من رواية عصفورة تحدت صقرا وعلشان تجيلكم الفصول بتسلسلها تقدروا تتابعونا من خلال صفحتنا علي الفيس بوك
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة