-->
U3F1ZWV6ZTMzNTg0ODE3NzI1X0FjdGl2YXRpb24zODA0Njk2NDgxODg=
recent
آخر القصص

رواية عصفورة تحدت صقراً بقلم فاطمة رزق - الفصل الخامس الثلاثون

مرحبا بكم متابعين قصص 26 موعدنا في قسم روايات رومانسية كاملة والكاتبة فاطمة رزق والفصل الخامس الثلاثون برواية عصفوره تحدت صقراً 

وَعَـىَ على مُر الحياهِ ، حين إِصطَدم بواقِعِــهِ .. فنشأَ على كُره حــواءَ ، فلم تكن يوما منزلُــهُ .. وبنفورِهِ جعلَ الجواري تَشتهى قُربَــهُ .. فعُزِزَ الغُــرور في نفسهِ ، بأنُ لا مِثل لـهُ .. فأتتْ هي قبل أن ينخدِعَ بِظَنــهِ .. لتُريهُ مدى ضآلة حجمــهِ .. فليست من الجــَواري، ولا أَمـه يروق لها منزلــُه .. هي سيـدةٌ فى قصرٍ من الحيــاءِ تزينت جُدرانُـهُ .. هي سيـدةُ حسنـاءٌ ، تملك من الكـِبْرِياءِ ما تَكبَح بـِهِ غـرورَهُ .. فقطعَ العهــودَ والمواثيــقَ على نفســهِ .. بأن أيامها القادمــةُ ستكونُ داخلَ جحيمــهِ .. ولِتـَـرى ابنه حــواء ذاك الذي قَـللتْ من شأنِــهِ .. كيف يَسوقهـا إلى هاويةِ الهـلاكِ بنفسـهِ ..! هل ستقاوم سَبيـهُ ، أَم هل ترضـخُ لــهُ ؟ هل ستعيش حبيسَــةً ، أَم سيُجّــلِي قَيــّدَهُ ؟ اللي مشفش الفصل الرابع يقدر يشوفه من هنا رواية عصفوره تحدت صقراً "الفصل الرايع الثلاثون"

روايات رومانسية كاملة | رواية عصفوره تحدت صقراً "الفصل الخامس الثلاثون"

عصفوره تحدت صقراً

الفصل الخامس والثلاثون

جزء مما وراء الرواية...
العاشر من مارس ٢٠٠٥
صباحًا، لم تترك الشمس أرضًا إلا وسلطت ضوءها عليها، إلا هذا المكان، فهو كظهر للمباني لكن لا تطل نافذة واحدة عليه، وغالبًا ما تسيطر عليه الظِلال، كان طريقًا هادءًا لا أحد يمر به. لكن لحظة، هناك فتاة ما تمر منه الآن، حجاب أبيض، وتنورة طويلة تصل لقدمها زرقاء، وقميص أبيض، هكذا ترتدي، وتحمل في إحدى يديها حقيبة، وبالأخرى بعض الكتب، على الأرجح هي عائدة من المدرسة. تسير بهدوء شديد، ويبدوا أنها معتادة على المرور يوميًا من هذا الطريق، فهي وبرغم الهدوء المسيطر على المكان لا يبدوا عليها الكثير من الرهبة!

سمعت تلك الفتاة صوتًا ما يأتي من الخلف، فنظرت وراءها جيدًا، ولكنها لم تجد أحدًا، حينها ظنت أنها تتوهم وتابعت سيرها للحظات بسرعة أكبر، وفجأة رأت يد أحدهم تمتد أمامها لتتوقف عند فمها بمنديل أبيض، حاولت المقاومة لأكثر من عشر ثوانٍ، ولكن سرعان ما فقدت وعيها مغلقة عينيها على نظرات الخوف والفزع، فحملها ذاك الذي خدرها ثم سار بها نحو إحدى السيارات....!!!
اقرأ ايضاً ... الحب والقدر بين الحياه والموت أجمل قصص الحب الواقعيه
الحادي عشر من مارس ٢٠١٠ الساعة التاسعة صباحًا..
جلس هو على الكرسي بجانب تلك الراقضة في سريرها، وقد كان ممسكًا بهاتفه يدون فيه رقمًا من هاتف آخر،
وبعد أن انتهى ضغط على زر الإتصال ووضعه على أذنه. ثوانٍ يسمع صوت الجرس من الجانب الآخر، حتى أنصت أخيرًا للصوت الهادئ:
-السلام عليكم!

أجابه الآخر بهدوء:
-إنت براء صح؟؟

تغيرت نبرة الأخير حين سمع صوته، وسأل بتوجس:
-أيوة، إنت مين؟

رد ببساطة:
-مش مهم أنا مين، المهم إنك لازم تيجي الوقت مستشفى ((...))
زفر براء من الجانب الآخر وأعاد السؤال بنفاذ صبر:
-بقولك إنت مين؟

-تعالى المستشفى وهتلاقي كل الأجوبة،
نظر الأخير في ساعته، ثم تابع ببرود:
-نص ساعة بالكتير وتكون هنا، و.. وعلى فكرة الموضوع ليه علاقة بأختك

صاح الأخير من الجانب الآخر برعب:
-جويرية! تقصد إيه؟ جاوبني
لكنه لم يأبه له وأنهى المكالمة في التو، ثم نزع البطارية من الهاتف وتركهما بجانبه، ليحيط عينيه بها مرة أخرى...

لقد كان يفكر منذ الصباح في شيءٍ قد يساعدها على التحسن، فلم يجد أفضل من براء ليساعده، بحكم قربهما وأخوتهما. حين نقلها إلى المشفى البارحة وإلى اليوم لم تفتح عينيها، فقط ساكنة، هادئة، لكنها عابسة حزينة..

هو يدرك هذا جيدًا، والشعور الغبي الذي يسكنه حين يراها هكذا هو الألم، أي غباءٍ هذا، تحزن هي فيتألم هو ماذا لو بكت إذًا بماذا سيشعر؟!

أخبره الطبيب أنها دخلت في غيبوبة، ولا تحمل الرغبة بالرجوع إلى الحياة، أجهزتها تعمل بشكلٍ متكاسل، وكأنها تستجيب لرغبتها بالرحيل، حسنًا لكن مع هذا هو واثق أنها ستقاوم هذا الشعور، ربما لن يمضي أكثر من ثلاث أو أربعة ساعات حتى تفيق، هل سأل نفسه لما يشعر بذلك؟ لا لكن يعلم أنها أقوى من كل هذا، ستتحمل وتعود من جديد تمارس دورها كمبرد للجو أو ما شابه.

إبتسم حين وصل إلى تلك النقطة وهو يتذكر كوب النعناع الذي لم يذق مثله من قبل، هو مستعد الآن أن تفيق وتتابع هذا الجنون. المهم أن تعود.

أثناء حديثه الطويل مع نفسه، لم يكن ينسى أبدًا أن ينظر لها، من الجيد أنه لم ينسى وضع الحجاب على شعرها، فبعد ما فعلت البارحة جاءه شعور بأنه فقط من يُسمح له برؤية شعرها...
-إنت مين، وبتعمل إيه هنا؟

كان هذا الصوت الغاضب صادرًا من خلفه، حينها وقف هو وإستدار نحوه، فاتسعت عينا الأخير وسأله بنبرة حادة:
-إنت؟

مشى نحوه بثبات وهو يردف بهدوء:
-إهدى يا براء عشان أختك وتعالى نتكلم برا

إندفع براء نحوه بغضب وهو يقول:
-أهدى إيه، إنت مجنون، إنت بتعمل إيه هنا، وعملت إيه في أختي؟!

وكاد أن يسدد له لكمة لكنه أمسك يديه بسرعة وأنزلها وهو ممسدك بها، ليقول بعدها بنفاذ صبر:
-قولتلك إهدى، متخلنيش أندم إني جبتك

كاد براء أن يتفوه، لكن سبقه هو بـ:
-تعالى نطلع برا ونتكلم
زفر براء بحنق، بينما ترك الأخير يده بهدوء، ليخرجا بعدها بسرعة.
نظر براء له ينتظر التفسير ثم قال:
-إتفضل يا صهيب وضح!

بدأ صهيب يقص عليه بهدوء:
-أنا وأختك إتجوزنا
إتسعت عينا براء، وصاح به:
-أنا بتكلم بجد على فكرة
رد ببساطة:
-وأنا كمان بتكلم بجد
أمسكه براء من ياقة قميصه وأردف بغضب:
-إنت بتكلمني عن أختي يا متخلف، وأختي عمرها ما..
تلونت عينا الأخير بغضب هو الآخر ونزع يد براء من عليه، ثم أخرج ورقة ليريه إياها وهو يقاطعه:
-دي قسيمة الجواز، وأولاً أنا مجبتكش عشان نتخانق، ثانيًا أختك مغلطتش في أي حاجة
نظر براء في الورقة بغضب بعد أن تأكد ورد عليه بإنفعال:
-أنا عارف، جويرية مستحيل تعمل كدة إلا إما يكون فيه سبب قوي
ثم نظر له بحدة وسأله:
-هددتها بإيه؟!

أجابه صهيب بضجر:
-إسكت وسيبني أكمل
زفر براء وأشاح وجهه، فتابع صهيب بهدوء:
-أنا اللي خطفتها من كام يوم، وكنت بهدد أختك بيك لو متجوزتنيش، وهي وافقت بعد ما أبوها مات وخافت تخسرك إنت كمان
كان يتفوه بالترهات وكأن شيئًا لم يكن، وبراء ينظر إليه مصدمومًا بعد كل كلمة، ثم صمت صهيب فجأة ليتابع رد فعله، لكن براء لم يمهله، فقد هجم عليه في توه ولكمه في بطنه، وكاد يعيد اللكمة لولا أن صهيب أمسكه من يده بسرعة، فصاح به براء:
-أنا هقتلك، إزاي تخطفها يا...
قاطعه
صهيب بنفس الهدوء العجيب:
-إهدى يا براء قولت، الإنفعال دة مش هيفيدك ولا هيفيد أختك في حاجة الوقت.
لم يتوقف براء وأفلت يديه بسرعة وحاول ضربه من جديد، فعمد صهيب إلى قدمه وأوقعه أرضًا، ثم ثبته جيدًا في الأرض، ومع أن براء ظل يحاول مقاومته، إلا أنه ثبت يديه بقوة وبدأ يتحدث:
-قولتك مش جايبك عشان نتخانق، أنا عاوزك تساعدني
نظر له براء بكره وأردف ساخرًا:
-أساعدك إنت، إنت أكيد إتجننت..!

رد بهدوء:
-دة عشان أختك يا براء، مش عشاني
قال بإستهجان:
-آه أختي اللي إنت استغليت ضعفها في الوقت دة بالذات، وإتجوزتها!
وقف صهيب وتركه، ثم مد إليه يده ليوقفه، لكن براء أبى ووقف وحده، حينها أردف صهيب مبررًا بثبات:
-أنا مكنتش أعرف
رد عليه براء وعيناه مشتعلتان:
-مكنتش تعرف إيه؟

-إنه مات!
أشاح براء وجهه عنه، فهو قد علم قبل ساعة فقط من محادثة صهيب أنه قد توفي، تذكر حينما ذهب إلى منزلهما فلم يجد أحدًا وظل يتصل بهما ولكن لا فائدة، ثم قرر الذهاب للمشفى الذي يذهب إليه والدها كلما تعب، وعلم هناك أنه قد توفي البارحة.
وبالطبع هو لم ينتبه لهاتفه الذي كان مغلقًا منذ بالبارحة ونسي شحنه، ليتفاجأ بعدها بالكثير من الإتصالات الواردة من قِبَلها.

-دة مينفيش إنك إستغليتها!
اقرأ ايضاً .... قصص رومانسية قصة فتي احلامي.
قالها براء فجأة، فنظر له صهيب وقال بضيق:
-لو كنت أعرف مكنتش هضايقها، بس كل حاجة جت كدة
سخر منه براء بقوله بنبرة حادة:
-صح زي ما إنت ماستغلتهاش وإبتزتها بفيروز قبل كدة!

إقترب منه صهيب وأجاب بحنق:
-بس أنا مكنتش بجرحها أو بأذيها ساعتها!

أجابه براء بنظرات قوية:
-مين قالك كدة، إنت تعرف أختها ماتت إزاي، إنت...
صمت براء فجأة ونظر له بإحتقار وقال:
-أنا بقولك كدة ليه أصلاً، اللي زيكم كل اللي بيهمهم يرجعوا اعتبارهم وخلاص!
سأله صهيب مهتمًا وقد أثار ذاك الموضوع فضوله بشكل غريب:
-أختها ماتت إزاي؟

لم يجبه، بل ظل يرمقه بغضب، وأردف قائلاً:
-لازم تطلقوا
تجهم وجه الأخير ونظر له، ثم قال بهدوء عكس ما يبدوا:
-مستحيل
أمسكه براء من ياقة قميصه، فأبعده صهيب عنه بقوة وظل ممسكًا بيديه وهو يتابع:
-أختك بقت تخصني الوقت، وإنسى الفكرة دي خالص
سأله براء بغضب وهو يحاول إفلات يده:
-إنت عاوز منها إيه؟ سيبها في حالها بقى.
أجابه صهيب وهو يضغط على الحروف:
-عاوزها هي إنت فاهم!
ثم أفلت يده ودفعه للخلف، وتابع:
-ياريت تبطل شغل الهمج دة، وتفكر معايا نطلع أختك من اللي هي فيه دة إزاي
سأله براء بغضب:
-إنت عملت فيها إيه؟

أغمض عينيها وكور يديه محاولاً تماسك أعصابه، ثم أجابه بنفاذ صبر:
-إنت شايف إن موت أبوها سهل ولا حاجة! بص يا براء بلاش الطريقة دي، لو عاوزين نوصل لتنيجة يبقى لازم نتعاون سوا
ظل يرنوه بنظرات ساخرة، فلم يهتم صهيب وظل صامتًا تمامًا.
-يعني المفروض إن أنا أصدق إنك عاوز مصلحة أختي!

أردف بها براء بترقب
-أيوة
-والمفرض إنك جايبني هنا عشان أساعد أختي، اللي بقدرة قادر بقت مراتك وإنت كمان عاوزها تخف!
-بالظبط
كاد يتابع براء بنفس النبرة المستفزة، إلا أن صهيب قاطعه بثبات:
-جويرية في غيبوبة الوقت، والدكتور قال إنها مش عاوزة تفوق، أجهزتها الحيوية مش بتتجاوب مع العلاج
صدم الأخير مما يسمع، فقد ظن أنها فقدت وعيها ككل مرة، لكن..
-إزاي دة حصل؟

سأله براء بذعر
فأجابه صهيب:
-إمبارح بعد ما طلعنا من عند المأذون أغمى عليها، نقلتها على البيت عندي، ولما صحت قالتي إنها عاوزة تنام، فتحت الباب عليها بعد شوية كان مغمى عليها في نص الأوضة، لما صحت كانت ناسية اللي حصل، وبعد دقايق بدأت تفتكرت وهي طلبت تطلع برا فطلعتها برا في الجنينة وكنا بنتكلم وبعدها تاني أغمى عليها، صحت بعدها بحوالي عشر دقايق كنت لسا بجهز العربية عشان أوديها المستشفى وفضلت تبص حواليها شوية ومتكلمتش ولا كلمة وبعدها وأغمى عليها تاني، ومن ساعتها ماصحتش.

صمت قليلاً وصمت الآخر معه، تبادلوا النظرات، نظرات مختلفة إلى حد كبير، بين الغضب، والحنق، لكنها إتفقت في الحزن، والألم.

إخترق حاجز الصمت صوته المضطرب يقول:
-أنا عاوز أشوفها

أومأ الأخير رأسه وتركه يمر، ففتح براء الباب ودلف إليها، وتبعه صهيب مغلقًا الباب بعدها. كان الصمت يحيط بالمكان بطريقة مريعة، جلس براء بجانبها على الفراش وظل ينظر لها بحزن.

قبل عدة سنوات أصيب هو في حادث وهو يعبر الطريق، وبالرغم من أن الحادث لم يكن خطيرًا، إلا أنها ظلت بجانبه، ظلت تهتم به كأم تعتني بابنها، وإنتقلت للمشفى الماكث هو فيه وظلت هناك حتى خرج منه، وأصرت بطريقة رهيبة على ألا تتركه، برغم أنه ألح عليها أن تفعل ولكنها كانت تصده بغضب وهي تقول له بحسم "مستحيل" وقد كان ردًا قاطعًا يمنعه من مناقشتها أكثر، وللحق كان سعيدًا بهذا، فحتى أنها كانت تداويه أفضل من الممرضة ذاتها.

ولن يبالغ إن قال أنها كانت تخاف عليه أكثر من والديه، لقد كان صغيرًا حينها ولم يتم بعد الرابعة عشر من عمره، إلا أنه لم ينسَ ما فعلته لحظة، فقد ينسى المرء الكثير عدا الإهتمام الصادق.

في السابق حينما كانت تراه حزينًا، كانت تستمر بإغاظته حتى ينفعل ويغضب، ثم تضحك وتخبره بأنه ضحيتها المسكينة، وما إن تنتهي من إزعاجها له حتى يجد نفسه يضحك هو الآخر، بدون أن يعلم السبب الذي دفعه للضحك، وينسى السبب الذي أحزنه، أو يبدأ في قصه عليها فتعطيه رأيًا في الغالب لم يفكر هو فيه، أو تبدأ بتبسيط الأمور بطريقة عجيبة. لقد كانت ملجأه حين يصيبه الغم، ولكنها تغيرت كثيرًا بعد كل ما حدث، لقد غيرها الألم.

كان صهيب ينظر إليهما كل ذاك الوقت، تارة ينظر لها، وأخرى لأخيها بهدوء.
ولكنه صدم حين رآى براء يبكي، لماذا، ما الذي يبكيه؟
إقترب منه ووضع يده على كتفه قائلاً بثبات:
-الموضوع مش مستاهل يا براء، جويرية مش ضعيفة وهتقوم.
رفع رأسه وقد إنتبه للدموع في عينيه فمسحها بسرعة ووقف ناظرًا له، ثم أجابه بتماسك:
-بس الدكتور قال إن..
قاطعه صهيب بحسم:
-الدكتور يقول اللي هو عاوزه، أنا قولتلك هتفوق
سأله بتعجب:
-وإزاي متأكد كدة؟

أجابه ببساطة:
-أنا عارف إنها أقوى من كل دة، وأنا عمري ما حكمت على إنسان إلا وكان حكمي صح
ثم تابع وهو يشدد على الحروف:
-جويرية هتقوم
نظر له براء مندهشًا، فهو يتحدث مثلها تمامًا، حتى مخارج الحروف، وطريقة النطق، وحتى تلك الكلمة عن الحكم على الناس!
سأله براء بهدوء:
-طيب، لو أختي صحت، ومتحملتكش في حياتها هتطلقها؟

تجهم وجهه من جديد وسأله بتريث رغم غضب عينيه:
-هو إنت مُصر تنرفزني ليه؟!

زفر الأخير وأجابه بحنق:
-ما هو مش معقول أختي تصحى تلاقيك في حياتها بين يوم وليلة
ثم نظر له وتابع بجدية أكثر:
-ثم إنها مأخدتش القرار دة إلا تحت ضغط!

كتف صهيب يداه وأردف بثقة:
-كدة كدة أصلاً أختك كانت هتتجوزني، فاكر لما قولتلك إني بهددها بيك!

نظر له وعيناه تشتعلان، وسأله بنبرة حادة:
-كنت هتخطفني مثلاً؟

هز رأسه نافيًا وأجابه ببرود:
-أمممم، يعني حاجة زي كدة، كنت هدخلك السجن، والأكيد إن أختك مكنتش هتتحمل تشوفك هناك أكتر من يوم.
وضع براء يده بين خصيلات شعره، وجذبها للخلف من الغضب، وسأله وهو يصر على أسنانه:
-عندك إيه ضدي؟

رد بإبتسامة سمجة:
-هو فيه حد بيغلب في البلد دي؟

فهم براء ما يرمي إليه، فهو محامٍ، ويعلم جيدًا مدى سهولة تزوير الأوراق! وخاصة لدى الأثرياء!

حين تأكد صهيب من أنه فهم مقصده، جلس على المقعد المجاور وتابع بهدوء:
-على فكرة مكنتش هسجنك بجد، كنت هستضيفك عندي بس وهخليها تصدق إنك إتسجنت، يعني زي ما إنت قولت في الأول هخطفك.

تابع براء النظر له بغضب وهو صامت، فعاد صهيب يتحدث:
-عامةً أنا مش بقولك الكلام دة عشان أستفزك، أنا بفهمك إني كنت هاخدها في كل الحالات.
عاد براء للجلوس بجانبها مرة أخرى، وهو يضع يداه الإثنتان خلف رأسه، وظل صامتًا لفترة شاردًا في الأرض، أما صهيب فقد شرد أثناء النظ إليها. رفع براء رأسه فجأة وقال بروية:
-ماشي يا صهيب، أهم حاجة جويرية ترجع زي ما كانت، وإنت ميكنش ليك أي تأثير سلبي عليها.
أرجع صهيب رأسه للخلف وقال:
-كدة إبتدينا نمشي صح

أخذ براء نفسًا عميقًا وتابع باضطراب:
-و.. و جويرية عمرها ما فكرت في الجواز في يوم، يعني بمعنى أصح بلاش تحاول تـ...
قاطعه صهيب مطمئنًا:
-دي آخر حاجة ممكن أفكر فيها يا براء.
تنهد هو ببعض الإرتياح، ومضت بعض الثوان القليلة قبل أن يسمع صوتًا خافتًا يصدر من جانبه، وقبل أن يتحرك هو، كان صهيب قد وصل ووقف أمامها وناولها كأسًا من الماء، ثم بدأ يسقيها!

إتسعت عيناه فمتى حدث كل هذا، ولما لم يسمعها هو حين طلبت الماء!
الفصل الرابع ..إغتصاب ولكن تحت سقف واحد
إنتهى صهيب من سُقيها الماء وسألها بسرعة وهو يعيد الكوب إلى محله:
-أجيبلك كمان؟

هزت رأسها هزة خفيفة بالنفي، في حين نظرت هي لبراء ونطقت مستعجبة بصعوبة:
-براء!

إبتسم لها وإقترب أكثر منها وهو يقول بمودة:
-آه يا حبيبتي أنا هنا
حينها تركهما صهيب وخرج سريعًا لمنادات الطبيب.
حاولت جويرية الجلوس فساعدها براء على ذلك حتى إعتدلت جليسةً، وظلت صامتة تنظر بهدوء حولها
سألها براء بقلق:
-إنتي عاملة إيه الوقت؟

أجابته بفتور:
-الحمد لله
نظرت له فجأة وقالت مبتسمة:
-شوفت بابا وماما وسوفانا النهاردة في الحلم، إجوا وكانوا لابسين أبيض خالص، وحضنوني، وفضلنا قاعدين شوية، نتكلم، وكانوا فرحانين أوي، وبعد شوية مشيوا وسابوني، وصحيت.
كانت عيناها تلمعان بشدة، فإبتسم لها وقال:
-شوفتي حتى هما حابين القاعدة هناك، كلهم كويسين نخلي إحنا بالنا من نفسنا شوية بقى
أخذت نفسًا عميقًا، ثم قالت:
-براء، أنا عاوزة أصلي
نظر لها بهدوء قبل أن يردف:
-طيب هـ..
قاطعهما صوت الباب وهو يطرق، فتأكدت جويرية من حجابها، وللحق إستعجبت حين وجدته!
-إدخل
قالها براء بهدوء، فدلفت الطبيبة ومعها صهيب، إبتسمت الطبيبة لها وسألتها:
-عاملة إيه الوقت يا مدام؟

أجابتها بهدوء:
-الحمد لله
سألتها بصيغة أخرى:
-طيب حاسة بإيه الوقت؟

ردت عليها بنفس الهدوء:
-مش حاسة بحاجة، أنا تمام
عقدت الطبيبة حاجباها وإقتربت منها قائلة لها بمزاح:
-ماتخافيش مفيش حقن
إبتسمت جويرية مبادلة إياها وأجابت ببساطة:
-لأ إنتي فهمتيني غلط، أنا بجد كويسة
جاءت الطبيبة لكي تفحصها، إلا أنها نزلت من الجانب الآخر من الفراش قائلة:
-بجد مفيش داعي للقلق أنا كويسة
إقترب منها صهيب وقال بضيق:
-كويسة عشان أول ما ترجعي يغمى عليكي!

لم تعره إهتمامًا وهي تمشي للأمام قليلاً و فجأة كادت أن تقع لكنه أمسكها بسرعة وسحبها للفراش من جديد وهو يتابع بغضب:
-بطلي عناد، وخليها تكشف عليكي
نظرت الطبيبة لمن حولها بدهشة، فأول مرة ترى فتاة تخرج من غيبوبة خطيرة كهذه وتقف وكأن شيئًا لم يكن.
أجلسها هو على الفراش، فنظرت له بغضب وقالت:
-صهيب، أنا قولت أنا كويسة!

جاء براء من الجانب الآخر ونظر لها قائلاً بهدوء:
-جويرية، صهيب معاه حق، إنتي لازم تهتمي بنفسك شوية عن كدة
نظرت له بحنق هو الآخر وفي حين أن كلاهما ظلا ينظران لها بحدة وصحتها بالفعل لا تقوى على المقاومة، إضطرت آسفة للإستسلام، والعودة للفراش مرة أخرى.......!!!

....................................!!!!

يتبع ....

يارب تكون حلقة النهارده عجبتكم وأستنونا كل يوم في نفس الميعاد فصل جديد من رواية عصفورة تحدت صقرا وعلشان تجيلكم الفصول بتسلسلها تقدروا تتابعونا من خلال صفحتنا علي الفيس بوك
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة