-->
U3F1ZWV6ZTMzNTg0ODE3NzI1X0FjdGl2YXRpb24zODA0Njk2NDgxODg=
recent
آخر القصص

رواية عصفورة تحدت صقراً بقلم فاطمة رزق - الفصل السادس والخمسون

مرحبا بكم متابعين قصص 26 موعدنا في قسم روايات رومانسية كاملة والكاتبة فاطمة رزق والفصل السادس والخمسون برواية عصفوره تحدت صقراً 

وَعَـىَ على مُر الحياهِ ، حين إِصطَدم بواقِعِــهِ .. فنشأَ على كُره حــواءَ ، فلم تكن يوما منزلُــهُ .. وبنفورِهِ جعلَ الجواري تَشتهى قُربَــهُ .. فعُزِزَ الغُــرور في نفسهِ ، بأنُ لا مِثل لـهُ .. فأتتْ هي قبل أن ينخدِعَ بِظَنــهِ .. لتُريهُ مدى ضآلة حجمــهِ .. فليست من الجــَواري، ولا أَمـه يروق لها منزلــُه .. هي سيـدةٌ فى قصرٍ من الحيــاءِ تزينت جُدرانُـهُ .. هي سيـدةُ حسنـاءٌ ، تملك من الكـِبْرِياءِ ما تَكبَح بـِهِ غـرورَهُ .. فقطعَ العهــودَ والمواثيــقَ على نفســهِ .. بأن أيامها القادمــةُ ستكونُ داخلَ جحيمــهِ .. ولِتـَـرى ابنه حــواء ذاك الذي قَـللتْ من شأنِــهِ .. كيف يَسوقهـا إلى هاويةِ الهـلاكِ بنفسـهِ ..! هل ستقاوم سَبيـهُ ، أَم هل ترضـخُ لــهُ ؟ هل ستعيش حبيسَــةً ، أَم سيُجّــلِي قَيــّدَهُ ؟ اللي مشفش الفصل الرابع يقدر يشوفه من هنا رواية عصفوره تحدت صقراً "الفصل الخامس والخمسون"

روايات رومانسية كاملة | رواية عصفوره تحدت صقراً "الفصل السادس والخمسون"

عصفوره تحدت صقراً

الفصل السادس والخمسون

مكتفة اليدين، منزعجة العينين، متذمرة الوجه كانت. زفرت للمرة العشرون منذ أن استيقظت وحتى الآن، ثم تحدثت بتذمر:
-لأ مش كل يوم كدة، مش هفضل في البيت لحد ما يرجع مستحيل!
نزعت الغطاء عنها بعنف، ونزلت من على السرير، ثم جيئة وذهابًا أخذت تسير وهي عابسة الوجه. وتتحدث مع نفسها بحدة:
-أنا مش هفضل كدة والله، أنا بكره قاعدت البيت دي!

جديًا صار الأمر مزعجًا، لن تستيقظ كل يومٍ لتجده في العمل وتجلس هي في المنزل لتنتظره! لا فإن كانت هذه قاعدته ستخرق القاعدة أم أنه لا يعلم من هي زوجته!

سارت فجأة متجهة إلى الخزانة، وأخرجت ثيابها سريعًا، وحجابها الطويل وهي تتابع بجدية:
-مش هفضل قاعدة في البيت كدة، زهقت!

ثم أخذت الثياب بعدها واتجهت للحمام سريعًا...

..............

-سايبك بمزاجي يا عقاب، المهم ميزدش عن يومين كمان لأن الشغل الجاي هبقى محتاجك فيه.
أردف بها صهيب عبر الهاتف بنبرة طبيعية وهو ينظر لشاشة حاسوبه النقال، ثم صمت قليلاً ليتحدث بعدها بجدية:
-عقاب قولت ميزدش عن يومين اتنين وبس سمعت.
أومأ رأسه وهو يتابع بهدوء:
-طيب زي ما قولتلك، يلا سلام.
أغلق الهاتف ووضعه بجانبه، ولم يمضِ أكثر من عشر دقائق حتى وجد أحدهم يطرق الباب..
-ادخل
دلفت فتاة حمراء الثياب، شقراء الشعر، على الأرجح وقعت في علبة الطلاء قبل مجيئها إلى هنا.. المهم أنها اقتربت منه ممسكة بملفٍ ما وذهبت لتضعه على مكتبه بقوة وهي تردف بانزعاج:
-اتفضل الملف اللي طلبته!
لم ينظر لها، بل أمسك الملف وأخذ يعبث بمحتوياته قليلاً قبل أن يعيد النظر للحاسوب ويتحدث باقتضاب:
-اتفضلي.

نظرت له الفتاة بغيظ، وظلت واقفة في محلها، وللعجب ظلت أكثر من خمس دقائق تنظر له، وهو ينظر لها في حالة من التجاهل التام، أو ربما هو لم ينتبه لها من الأساس، لأنه اندهش فجأة حين وجدها تقف بجانبه، وتمد يدها لتضعها على كتفه قائلة بدلال:
-هو أنا وحشة للدرجادي عشان متبصليش، دة أنا ليلية واحدة و..
نفض يدها عنه بدون لمسها كأنه يخشى أن تلوثه، ثم وقف ونظر لها نظراتٍ أرعبتها مع أنها ظلت محلها، ليحاول هو السيطرة على نبرته وهو يردف:
-إنتي مجنونة! أنا مش قولتلك اتفضلي؟

اقتربت منه من جديد ووضعت يدها على كتفيه، فظل ينظر لها بصدمة.. خطر في باله فجأة زوجته وهي تضع المسدس على رأس الرجل لأنه أمسك بها عنوةً، لقد كان يرى ملامح وجهها حينها، خالية من الرعب، لا تخلوا إلا من الإشمئزاز! كيف لهاتين أن ينتميا لنفس الفصيلة؟ الإناث..!!

حين شرد هو استغلت هي الفرصة وأخذت تتحدث:
-أنا هنا في الشركة من زمان، عمرك ما لاحظتني.. أنا بحبك جدًا و..
رفع هو يده ليزيحها عن يده، و في ذات الوقت ولجت جويرية إلى الداخل، فرأتهما على ذاك الوضع، حينها كتفت يديها ورفعت حاجبيها، ولم تتحدث.. مما جعل الأخرى تذهب ناحيتها وتهدر بها بغضب:
-إنتي ازاي تدخلي كدة من غير ما تخبطي!

ابتسمت هي وظلت على نفس وضعها، فتابعت الأخرى بغيظ:
-أنا بكلمك على فكرة!

كان صهيب حينها قد استند على مكتبه يراقبها تستنزف دمها باستمتاع، فقد استحقت ما سيحدث لها وبجدارة.. لكنها أثارت حنقه أكثر حين صرخت بوجهها من جديد، مما جعله يذهب ويقف بجانبها، ثم وضع يده على كتفها وجذبها إليه قائلاً ببرود:
-الطريقة دي تكلمي بيها حد في الشارع مش مـ..
نظرت له جويرية بهدوء وقاطعته وهي تعيد النظر إليها:
-لحظة يا صهيب، سيبها تقول اللي عندها.
نطرت لهما الفتاة بصدمة قبل أن تتحدث بغضب:
-اشمعنا دي يعني!

رفع كلاهما حاجباهما بدهشة ثم سألتها:
-اشمعنا أنا إيه؟
-سامحلك تقربي منه، حتى لما كنتي بتيجي الشغل مكنش بيشيل عينه من عليكي!

ببرودٍ عادت لتسألها:
-طب إنتي عاوزة تقربي منه بصفتك إيه؟

حدثتها الأخرى بنحق:
-طب وإنتي بصفتك إيه سمحاله يقرب منك، طب ما احنا زي بعض في النهاية!
لم يتحمل صهيب أكثر من هذا فتشبيهها بها أثار حنقه لدرجة رهيبة، فثار عليها وهو يتحدث:
-دي مراتي أولاً، ثانيًا لو سمعتك بتشبهي نفسك بضافر من ضوافرها هيبقى دة آخر يوم في حياتك، واتفضلي من هنا!
كادت أن تخرج غاضبة الوجه إلا أنه أوقفها بجملته الأخيرة:
-ومتنسيش تستلمي ورقة رفدك، وتطلعي أوقعهالك.

تجمدت الفتاة في ملحها بعد أن استمعت له، وحين استدارت وجدته ينظر لها والشرار يتطاير من عينيه، فآثرت الخروج.
نظرت له جويرية بضيق وبدأت تتحدث:
-مين البت دي!

أجابها بهدوء:
-كانت السكرتيرة، مش عاوز أقولك إني غيرت أكتر من ٥٠ سكرتيرة لحد الوقت، أنا مش عارف إيه دة!
-الله وكيل، دي مش أشكال والله!

نظر لها باسمًا وتحدث بهدوء:
-بس إيه المفاجأة دي؟
ابتعدت عنه ووضعت يدها في خصرها وهي تجيبه بتذمر:
-يعني إنت كل يوم هتصحى تروح الشغل، وترجع على آخر النهار ولا أيًا يكن واكون أنا قاعدة كل دة في البيت!
ضيق عينيه بحيرة وتساءل:
-وأنا المفترض اعمل إيه؟
صمتت قليلاً قبل أن تجيب ببساطة:
-عاوزة اشتغل!

كاد أن يرفض، ودلت تعابيره على ذلك، وفي المقابل اتخذت هي تعابير الدفاع، إلا أنها تفاجأت به يقول:
-لو معايا أنا موافق.
فكرت قليلاً قبل أن تجيب بجدية:
-والمرتب كام؟
ضحك هو لسؤالها، فرفعت حاجباها وهي تتابع قائلة:
-لو أقل من ألف منيش لاعبة!
وضع يده على كتفها، وسار معها للدخال وهو يحاول ألا يضحك وهو يجيب:
-ألف لأ كتير ٨٠٠ حلو
-لا طبعًا ألف
-طب ينفع اتنين
جلست على المقعد، وجلس هو على المجاور لها ثم نظرت له مليًا وهي تتصنع التفكير قبل أن تجيب:
-ألفين، امممم مش بطال!

ابتسم هو وتابع متسليًا:
-وواحد كمان عشاني!
نظرت له وهي تقوس حاجباها وتتحدث:
-إنت بتحاول تستعبطني بقى، ماشي موافقة، بس مش هقبل تنازلات أكتر من كدة!
-وكمان واحد عشانك!
-ما اول اتنين عشاني!

-لأ أول اتنين بتوع الشغل، وواحد عشاني، وواحد عشانك، ركزي!
ضحكت بخفوت وهي تردف:
-ماشي موافقة
-وواحد عشان العيال!

رفعت حاجباها متسائلة:
-فين العيال دول؟
كتف ذراعاه وهو يجيب بجدية مصطنعة:
-ما العيال لسة هتيجي ركزي بقى الله!
وقفت هي وضرت على المكتب بيديها قائلة بانفعالٍ زائف:
-لأ إنت بتخم!

ضحك عليها فهي بارعة في التمثيل إلى حدٍ كبير، ثم أجاب بهدوء:
-معلش عشاني
-ما أنا هاخد ألف عشانك، لأ كدة عملت كتير أوي عشانك!
وقف هو بجانبها ثم رفع وجهها إليه، فلم تقوَ على التحمل وضحكت، فظل ينظر لها وهي تضحك وكأنه يراقب لوحة فنية أبدع الرسام فيها إبداعًا. وحين توقفت، تحدث هو باسمًا:
-معلش كمان المرادي استحمليني.
جلست هي على المكتب، ونظرت له بتأنٍ قبل أن تتحدث:
-يعني في البيت، وهنا كمان.. دة إنت هتشوف أيام ما يعلم بيها إلا ربنا!

استدار هو ناحية المكتب، وأخرج منه بضعة أوراق، ثم أعطاها لها قائلاً بهدوء:
-إيه الجديد، ما من يوم ماشوفتك أيامي اتلخبطت!

هزت كتفاها ثم قالت ببرود:
-إنت اللي بتجيبه لنفسك!

لتنزل بعدها من على المكتب وتسير بداخله وكأنها تتفحصه، فوجدته يمسك يدها فجأة ويديرها إليه وهو يسألها ببساطة:
-وأنا اشتكيتلك؟
ثم تبعها بوضعه بعض الأوراق في يدها، وتابع:
-يلا ابدأي من الوقت.

نظرت له نظراتٍ دافئة بالرغم من محاولتها إخفاءها، فأكمل هو حديثه بجدية:
-المكتب واسع هخليهم ينقلولك مكتبك هنا.
-طب هات..
ثم صمتت، فسألها بحيرة:
-أجيب إية؟
أجابت بهدوء:
-قلم عشان اشتغل!


-طب هي حالتها إيه يا دكتور الوقت؟
هذه هي الجملة التي نطق بها هو بقلقٍ بالغ وهو ينظر نحو الغرفة التي أمامه..

أخذ الطبيب نفسًا هادءًا، ثم بدأ يتحدث باتزان:
-مش هخبي عليك، حالتها خطيرة خصوصًا إنها كانت لسة في شهور الحمل الأولى.. واحتمال كبير أوي للأسف نفقد الجنين لأن الإرتجاج كان قوي عليها.

تراجع للخلف قليلاً بعد سمع تلك الأخبار المحزنة، لكن سرعان ما استعاد توازنه وهو يسأله بتلهف:
-المهم هي ميجرلهاش حاجة، هي هتبقى كويسة صح؟

-والله يا فندم لسة هنعملها العملية دي يمكن نقدر ننقذها، بس ساعتها هنضطر ننزل الجنين! أو ممكن منعملش العملية ساعتها حياتهم هما الاتنين هتبقى في خطر.

نظر له بصدمة فقد أصبح هو الآن المسؤل الأوحد عن اعطاء القرار له، خاصةً أنه وحده من يعرفها هنا الآن..
كل قرار من كلا القرارين مؤلم، أيتخلى عن طلفها لتبقى هي على قيد الحياة، أم يـ..
-إياس إنت كويس؟

التفت إياس نحو مصدر الصوت فوجد صديقه وزوجته ينظران له بقلق.. لقد كانت رأسه مضمضةً ومعصميه، وكان يبدوا عليه الإنهاك التام وبرغم كل هذا كان يقف ثابتًا يحاول الإستفسار عن حالتها..

-إياس إيه اللي حصل؟ وفين كاثرين، اللي جابكم هنا اتصل بيا وقالي على مكانكم وانكم عملتم حادثة! فرجعت البلد على طول.
انتبه له، ونظر إليه بحزنٍ وأجاب:
-كاثرين في الطوارئ.

أسنده رفيقه وذهب به نحو إحدى المقاعد ليجلسه عليه، بينما ذهبت زوجته للطبيب لتسفسر عن حالتها بعد أن أشار لها زوجها وهو ينصرف..

سألته بهدوء:
-خير يا دكتور؟ كاثرين عاملة إيه؟
-إن شاء الله يبقى خير احنا بنعمل اللي علينا والباقي على ربنا، بس لازم حد يدينا التفويض اننا ننزل الجنين عشان حياتها في خطر.
نظرت له بصدمة وتحدثت:
-آآ إيه! تنزلوا الجنين؟!
روايات كاملة / رواية أرض زيكولا بقلم عمرو عبد الحميد "الفصل التاسع والعشرين"
أجابها بروية:
-دة الحل اللي في ادينا، ولازم تاخدوا القرار بسرعة لأن الوقت بيفرق.
أخذت هي نفسً عميقًا وزفرته على عجالة، ثم حاولت أن تهدأ نبرتها وهي تتحدث:
-خلاص يا دكتور، شوف إيه اللي المفروض يتعمل عشان تفضل بخير
-طب وجوزها معندوش رأي تاني
-دة مش جوزها كلنا هنا صحابها وهي معندهاش أهل هنا.
أومأ الطبيب رأسه ثم سار على عجالة نحو الغرفة، بينما ذهبت هي نحوهم فسألها زوجها بجدية:
-الدكتور قالك إيه يا حور؟

أجابت بحزن:
-لازم ينزلوا الولد عشان تفضل كويسة وفرصة نجاتها تبقى أكبر، وأنا وافقت يا عقاب.
بدى على ملامح عُقاب الكآبة، في حين نظر لهما إياس، وتحدث بقلق:
-إن شاء الله تقوم، بس أرجوكم محدش يقولها لما تصحى إن احنا وافقنا ننزله، إحنا هنقول إنه نزل لما عملت الحادثة على طول.

ربت عقاب على ظهره برفق، ثم أردف مطمئنًا له:
-متقلقش، كل حاجة هتبقى كويسة وهي هتقوم..
...

مضى الوقت ثانية كساعة ساعة كدهر.. يُحمل نفسه كل لحظة الذنب، لماذا ذكرها بتأخرهما على العمل! أما كان يستطيع أي يصمت، فليذهب العمل إلى الجحيم حين تتأذى هي أي عملٍ سيفيده!

نزلت دموعه، وبدأ الدوار يلف رأسه من جديد، فظل يقاومه.. فقط يريد الإطمئنان عليها.. فقط يريدها أن تكون بخير.
خرج الطبيب فجأة، و هو يهديهم بسمته لتريحه بها نفوسهم، فتقدم إياس نحوه وبدأ يسأله بتلهفٍ عن حالها حتى أجاب طبيبها:
-متقلقش العملية نجحت الحمد لله، هننقلها لأوضة عادية وتقدروا ساعتها تطمنوا عليها.

تنفس الصعداء بعد هذا الخبر، وتلاه تنهيدات ارتياح منه ومن الإثنين اللذان يقفاه حوله.

.............

كانت جالسةً على الأريكة، ممسكة ببعض الأوراق تتفحصها بعناية، فلم تلحظ ذاك الذي يختلس النظرات إليها، ولم تشعر به وهو يسير نحوها ببطءٍ حتى صار واقفًا بجانبها تمامًا..

حينها انحنى قليلاً ليستطيع أن ييهمس لها بهدوء:
-إيه رأيك نـ..

تركت هي الأوراق ونظرت وأخذت نفسًا عميقًا وهي تغمض عينيها قبل أن تتحدث بانزعاج:
-يا صهيب الله يرضى عليك متجتزنيش كدة!

ابتسم، لتتحول بسمته بعدها إلى ضحكة قصيرة، ثم سألها مندهشًا:
-بجد اتجعزتي!

أجابته ببساطة:
-آه
-مع إني حاولت كتير وفشلت!

-واتكتبلك النجاح أخيرًا.
قالتها وهي تقف وتترك الأوراق على الأريكة لتسأله بعدها ببرود:
-إيه رأيي في إيه؟

نظر غير مستوعبٍ أنها اهتمت بما سيقول، اقترب منها خطوات قليلة، فرفعت بصرها له ولم تتحدث، حينها تكلم هو بخفوتٍ وهو يقترب من أذنها:
-نخرج باقي اليوم.
رفعت حاجباها وردت بجدية:
-و دي محتاجة رأي!

ألقت بالقلم على الأريكة بجانب الأوراق ثم تابعت بهدوء:
-معاك يلا
ازدادت ابتسامته تأقلقًا وهو يبتعد قليلاً عن وجهها، إلا أنه لم يتركه طبع قبلة على خدها، ثم عاد ليهمس وهو يتخلل كفها بأصابعه:
-وأنا كمان معاكي، وهفضل دايمًا.

شاءت أم أبت، دق قلبها بعنفٍ بعد تلك الكلمة وكأن قلبها يؤيده، ابتسمت، وسمحت لأصابعها أن تنحني لتصل إلى باقي يديه، ثم نظرت له وسألته بكل بساطة:
-و نوع الكلام!

نظر في عينيها وأجاب:
-وعد
-والضمان!

ابتسم، ثم رفع وجهها قليلاً بيده وتحدث:
-اطلبي وهنفذ.

-أيًا يكن؟

-أيًا يكن.
ظلت ابتسامتها كما هي، لتجيبه بثقة بعدها:
-خدت الضمان اللي عاوزاه.
أومأ رأسه مبتسمًا، وسحبها معه وهو يسير في اتجاه الباب بعد أن أردف:
-طب يلا نمشي.
بعد القليل من الدقائق كانا قد ركبا السيارة، وبدأ هو يقودها بسرعة بدون أن يخبرها على مقصدهم.
لكن العجيب في الأمر هو تبدل ملامحها كلما نظرت لزجاج النافذة في هذه الثواني ثم..
-صهيب! إحنا متراقبين.
قالتها بهدوءٍ حذر وهي تنظر نحوه، فنظر لها بثباتٍ، فتابعت هي:
-متسرعش، هيعرفوا إن إحنا أخدنا بالنا منهم، وأنا هبعت رسالة لمعتصم أقوله!
كاد هو أن يجيب، إلا أنه تفاجأ بأهدهم يطلق النار على دولاب سيارته فبدأت السيارة تتباطأ
-جويرية مين دول!
سألها بحدة، فأجابت بقلق:
-من نفس العصابة اللي كانت السبب في موت أختي
ثم نظرت له و بدأت ملامحها تهتز، وجمودها يقل وهي تقول:
-بص هما عاوزيني أنا بس، وقف العربية ونزلني وأنا هـ..
نظر لها بغضبٍ و صاح فيها:
-إنتي مجنونة!
سمعت هي صوت رصاصة أخرى لكنها أخطأتهما، فلمعت عيناها وهي ترجوه:
-عشان خاطري يا صهيب، مش عاوزة يحصلك حاجة بسببي.
حاول هو السيطرة على انفعاله، ثم مد يده والتقط يدها، وظل ممسكًا بها وهو يقود، ويتحدث بنبرة حاسمة:
-بصي يا جويرية، أنا و إنتي متقابلناش صدفة، لأ كان مكتوبلنا نتقابل.. أنا و إنتي مختلفناش، مافترقناش، برغم إننا كنا بنقرب من غير ما نحس..
جويرية لو دة آخر يوم في حياة واحد فينا هيبقى دة آخر يوم في حياة التاني.
جويرية لو مُتنا هنموت سوا، ولو عشنا يبقى سوا. محدش فينا هيسيب التاني.
عشان كدة عاوزك تفضلي قوية زي ما إنتي، عشان مستحيل أخلي حد يشوفك بالملامح دي غيري.

أغمضت عينيها لثوانٍ لتحاول التماسك، لقد اعتادت أن تخسر من تحب، من يتعلق قلبها بهم، لذا فقد بدأ الخوف عليه يدب في روحها.
أُطلقت عدة رصاصاتٍ أخرى على باقي إطارات السيارة. ففعلت جويرية ما تجيده.. ألا وهو الإبتسام بثبات وحين توقفت السيارة، نظر كلاهما لبعضهما نظراتٍ لن يفهمها غيرهما إن أبصرهما.. نظرات ثقة، وثبات، نظرات حب، ووداع، ونظرات تحدٍ وإصرار.. الكثير والكثير كانت تحمله لكنها في النهاية قالت بإصرار:
-إنت وعدتني.
إبتسم وأجاب بثقة:
-ومش هخلف.
ثم ترجلا سويًا لينتصفا الطريق الذي قادتهما تلك السيارة السوداء القادمة إليه، ووقف كلاً منهما ظهرًا إلى ظهر، ينظرون للرجال الذين يترجلون من تلك السيارة بثبات، وكسى وجوههم الجمود.
نزل أربعة رجالٍ مُسلحين من السيارة، فأيقن كلاهما أن النجاة تكاد تكون مستحيلة..
حينها تحدث صهيب بخفوت:
-جويرية!
أجابته بهدوء:
-نعم
أخذ نفسًا طويلاً، عميقًا، وتابع:
-عاوزك تعرفي حاجة قبل كل دة
-حاجة إيه!
-إني بحبك.
ضحكت برغم أن الموقف الذي هم فيه لا يحتاج إلى الضحك، وأجابته ببساطة:
-طب ما أنا عارفة ياصهيب زي ما إنت عارف إني ببادلك نفس الشعور!
ابتسم لضحكتها، وإجابتها، ورد وهو يرى الرجال الذين لم يعد يفصل بينهم وبينهما الكثير:
-مهما كان اللي هيحصل..
قاطعته هي بجدية تامة:
-متخافش، هنكون مع بعض.......!!!

.....................................!!!!!

يتبع ....

يارب تكون حلقة النهارده عجبتكم وأستنونا كل يوم في نفس الميعاد فصل جديد من رواية عصفورة تحدت صقرا وعلشان تجيلكم الفصول بتسلسلها تقدروا تتابعونا من خلال صفحتنا علي الفيس بوك
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة