-->
U3F1ZWV6ZTMzNTg0ODE3NzI1X0FjdGl2YXRpb24zODA0Njk2NDgxODg=
recent
آخر القصص

رواية أثواب حريرية - إلهام رفعت - الفصل الرابع

مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة وأجمل الروايات الممتعة والروايات الرومانسية مع رواية رومانسية اجتماعية واقعية وصعيدية جديدة للكاتبة إلهام رفعت ورواياتها التى نالت مؤخرا شهرة على مواقع البحث نقدمها علي موقعنا قصص 26 وموعدنا اليوم مع الفصل الرابع من رواية أثواب حريرية بقلم إلهام رفعت

رواية أثواب حريرية بقلم إلهام رفعت - الفصل الرابع

اقرأ أيضا : حدوتة قبل النوم

رواية أثواب حريرية - إلهام رفعت
رواية أثواب حريرية - إلهام رفعت

 رواية أثواب حريرية بقلم إلهام رفعت - الفصل الرابع

تابع من هنا: روايات رومانسية جريئة

في مكتبه بأحد المخازن القديمة جلس ماهر برفقة أخيه منتصر الجالس أمامه يتحدثا معًا، بتجهمٍ جم ردد ماهر:
-شايف بيعمل فينا أيه، رميلنا شوية شغل أي كلام بيلهينا فيه، إنما الكلمة كلمته في الآخر، وإحنا مجرد ديكور
صحح له منتصر ما قاله بمغزى:
-رميلك إنت، لازم تعرف إني مش صغير علشان أخلي عيل يتحكم فيا
كلماته جعلت ماهر رغمًا عنه يقهقه، هتف بسخرية:
-وإنت عملت أيه يعني، سيبت القصر وقعدت برة علشان ميتحكمش فيك، لا وشغال مع واحد في الممنوع
تهكم منتصر في رده قائلاً بعلو شأن:
-وماله، معايا كتير اللي معرفتش تحوشه في شغلك ده
رغم انزعاج ماهر من ذلك لكنه رد بظلمة:
-بس من الحرام، وكل مدى ما بيزيد لحاجات استغفر الله!!
تجاهل منتصر ما يقوله فقد رسخ ما يفعله في دمه، لذا رد بلا مبالاة:
-عاجبني اللي باعمله
تحاشى أن يتعمق ماهر معه كي لا يتخاصما كالعادة وأن لا يهتم بما يفعله، تحدث بجدية:
-أنا مش عارف أعمل أيه في البضايع بتاعته، دا بنفسه بيسهر مع الرجالة في المخزن الكبير
زم الأخير شفتيه ثم رد بمعنى:
-أنا كلمت بابا وقال هيتصرف، والريس جعفر وعد هيساعد
رد قاطبًا جبينه:
-كل مرة بيقول كده ومبينفعش اللي بيعمله، زي ما يكون فيه حد بيبلغ مراد بكل حاجة، واخد حذره من كل حركة بتحصل
بعد تفكير خاطف ردد منتصر بتأكيد:
-أنا متأكد إنه ضرغام ليه يد في كده، الراجل ده كبير وفاهم ومراد ميقدرش يستغنى عنه، صعب ناخده في صفنا، لازمله حاجة تانية
بدا على ماهر الإنصات الجيد فتابع منتصر بقساوة:
-نخلّص عليه، شوية سم في الأكل بتاعه ولا رصاصة طايشة تجيب أجله
أحب ماهر الفكرة ولم ينكر تخوفه من عواقبها ولا النتائج المترتبة عليها، لذا رد بقلق:
-مراد مش هيسكت!!
ضحك منتصر بغموض مريب، رد بمكر:
-الموضوع هيجي طبيعي خالص، ولا حد هيشك فينا.........!!
____________________________________

أثناء سيرهم هم الثلاثة في اتجاه المنزل تنفست براحة كبيرة حين خرجوا من مأزق قد يودي بحياة أخيها، شكرت غزل أختها قائلة:
-جيتي في وجتك يا أمل، الله أعلم الراجل ده كان ممكن يعمل أيه في يوسف!
ردت عليها بتبرم:
-دا أخويا ومن دمي، عاوزاني أشوفه في موجف زي ده ومعتصرفش
توتر يوسف من تلميحات أخته فقد خشي أن تفسد كل شيء بنزقها الذي تتعمده ثم غمز لها أن تكف عن ارباكه فابتسمت بثقة لتهمس له حين مالت عليه:
-آني ساكتة علشانك بس السنين اللي فاتت دي، بس دا معيمنعش تشبرج أختك بشوية حاجات حلوة
وجد يوسف نفسه يهز رأسه منصاعًا لما تطلبه هامسًا:
-اللي تجولي عليه هاعمله، بس اجفلي خشمك
شعرت أمل بانتشاء عظيم فهتفت غزل بمدح ممتزج باللوم:
-عليكي تفكير يا أمل، بس اعتب عليكي تفوّلي على ابونا، أنا جلبي كان هيوجف لما قولتي قدام البغل رفاعي تعالى يا يوسف أبوك بيموت، ارتاحت لما غمزتيلي
رد يوسف بلطف:
-سلامة جلبك، ربنا ما يحرمنا من أبونا
كان يوسف حذرًا في عدم شك غزل بما يحمله من مشاعر ناحيتها كي لا ترتاب في شيء، لذلك جمع بين حبه الأخوي وبين حبه العاشق نحوها، انتبه لـ غزل تتابع بشغف المهووس وهي تحدق في جنينة القصبي:
-عاوزة تفاح يا يوسف!
اتسعت بسمته ليتحرك نحو الجنينة ليجلب لها ما تريد مرددًا:
-هجبلك من كل الفاكهة الموجودة
لم تلبث غزل مكانها لذا تحركت خلفه لكن ظلت أمل موضعها تتأفف من متطلباتها المجابة في الحال ووقفت تتابع ما يفعله؛ تسلق يوسف السور بخفة شديدة ثم وصل ليجلس على حافته، انتقى لها بعض من ثمار التفاح الأحمر ثم خاطب غزل التي ترفع رأسها وتتأمله:
-خدي يا غزل
التقفت الثمار بتهليل وضحك فتابع يوسف:
-هجبلك موز كمان
لم تمانع ليجلب لها الموز أيضًا، ألقاه عليها بحرس لتمسك به فحملته غزل في أحضانها، لمحه محسن القصبي ابن صاحبها من داخل شرفته فهتف بغضب:
-يومك مش فايت يا حرامي إنت
استمعوا لصوته فارتعب يوسف لتخاطبه غزل بخوف:
-إنزل يا يوسف قبل ما يشوفك ويعرف إنت مين
أسرع يوسف بالنزول من على السور حين قفز ليسقط على الأرض فالتوت قدمه ليخرج أنينًا متألمًا فشهقت غزل بفزع، هرعت أمل نحوه مستفهمة بقلق:
-حُصولك حاجة؟
نهض متحاملاً على نفسه وهو يرد مدعي اللا شيء:
-أنا كويس، يلا بسرعة من إهنه
تحرك الثلاثة قبل رؤية أحد لهم ثم لفت غزل الفاكهة في وشاح كان على كتفها لتخبأه ليكملوا طريقهم.....
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
ركب الحنطور الخاص به ومن حوله رجاله على أحصنتهم ليفسح لهم الجميع الطريق كي يمر بهيبته التي يرهبها من حوله؛ عرج سائق الجواد بالحنطور ليسلك ذاك الطريق وللحظات وقعت عينا جعفر على غزل وهي تسير منتصفة أخويها وتأكل من ثمرة التفاح، نبضة شاردة خرجت من قلبه ولمعة ظاهرة في عينية أعربت عن إعجابه بها، لم تكن غزل بقدر الجمال الساحر لكن بشرتها الحنطية من حرارة الجو مع ملامحها الصغيرة الطبيعية وجسدها الممشوق وطولها المثير جعله يحدق فيها وقد سال لعابه، حدث العربجي باستفهام:
-مين البنتة العود دي يا ولا؟
وجه العربجي بصره نحو الثلاثة وفطن من سؤاله أنه يستفهم عن غزل، عرفها على الفور ولهذا رد بمفهوم:
-دي غزل يا سعادة البيه، بت حسن السجا اللي بيروي الأراضي
دقق جعفر النظر فيها وهو يتمتم بقتامة:
-بجى حسن الفجير ده عنده الحلاوة دي كلها
-لا وكمان يا بيه متعلمة، بتروح المدرسة في البلد اللي جمبينا
زاد انبهار جعفر بها في تلك اللحظة التي مرت من الطريق المجاور ليفتن بها فابتلع لعابه مرددًا:
-بت كيف الفرس، حرام تترمي في مكان زي اللي هي فيه، دي عاوزة اللي يجدرها.........!!
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
حين اقتربوا من المنزل وجدوا سيدة واقفة بتمايل أمامه مرتدية عباءة أنيقة مزخرفة ببعض النقوش اللامعة وشعرها يظهر من تحت غطاء للرأس شفاف، حين أدارت رأسها ناحيتهم ظهرت هويتها فلوت أمل فمها مغمغمة بصوت سمعه الاثنان:
-هي الست دي مبتختشيش، ماشية على حل شعرها ومافيش راجل يلمها، فاكرة نفسها فين دي!!
رد يوسف على أخته هامسًا بتنبيه:
-ملكيش دعوة، كل واحد حُر ربنا هو اللي بيحاسب
كانت غزل تتأملها من نظرة أخرى حيث أعجبت بما ترتديه لتحزن على وضعها فهي لم تحظى بشيء مما تملكه هذه المرأة التي غطت مساحيق التجميل على ملامحها، دنوا منها فهتفت السيدة بتغنج وهي تلك العلكة:
-كنت جاية علشانك يا يوسف، عندي شوية شغل في الدوار عاوزاك تعملهولي!
رد بتردد:
-شغل أيه يا ست نوال؟
ردت بنظرات غامضة:
-تعالى بنفسك شوف الشغل، مش المفروض لما أطلبك في حاجة تقول حاضر وخلاص
تدخلت أمل لتقول مزيفة ابتسامة:
-هيجي يا ست نوال، هو يقدر يرفض
تأفف يوسف في نفسه فقدمه ما زالت تؤلمه ثم نظر لـ غزل التي أخفت ابتسامتها، همست في أذنه بنبرة أعجبته:
-حاسب على نفسك منيها ومتجلعش هدومك جدامها
ثم ابتعدت لتكتم ضحكتها بصعوبة، ابتسم لها يوسف فمجرد اقتراب صغير بينهما يفرحه، رمقت نوال غزل بنظرات حاقدة داخليا لتحسدها على هيئتها الملفتة وطولها الجذاب، لم يظهر يوسف ألمه أمام غزل كي لا تندم كونه فعل ذلك من أجلها ثم خاطب نوال بامتثال:
-يلا يا ست علشان إتوريني الشغل
هزت نوال رأسها لتتمايع بتعمد في مشيتها وهي تتحرك أمامه ليتحاشى يوسف النظر إليها، قالت أمل لاوية شفتيها:
-الله يكون في عونك يا يوسف، الست دي معرتحلهاش واصل، جليلة أدب وناجصة رباية جاية من البندر تجرفنا إهنه
أنهت أمل كلماتها ثم تحركت لتلج منزلهم، بينما وقفت غزل متيبسة بعد أن رأت تلك السيدة الكبيرة التي تبحث عن ابنتها تجلس تحت ظلال إحدى الأشجار، ساقتها قدماها نحوها وحين اقتربت منها نظرت لها السيدة بخوف، حدثتها غزل بلطف:
-متخافيش، أنا جيبالك أكل
ثم بتلقائية كشفت غزل عن الفاكهة التي بحوزتها، نظرت لها السيدة باشتهاء وهي تبتلع ريقها لتدرك غزل أنها تتضور جوعًا، جثت غزل على ركبتيها أمامها ثم ناولتها الثمار، اختطفت السيدة واحدة لتأكلها بشراهة فنظرت لها غزل بشفقة ثم ابتسمت لتبعث لها الأمان وهي تضع ما تملكه من فاكهة أمامها، بعد فترة قليلة سألتها غزل بحنكة:
-أنا اسمي غزل، إنتي بجى اسمك أيه؟
توقفت المرأة عن الأكل وقد لمعت عيناها لترجع بذاكرتها للخلف ومن يعرفها يناديها باسمها وهي في ريعان شبابها، ردت بعد وقت بتلجلج:
-هـ هانم!!
ردت غزل ببسمة ودودة:
-اسمك حلو
ابتسمت السيدة ثم عاودت الأكل، سألتها غزل بحذر:
-هو إنتي ملكيشي أهل؟
ظلت المرأة تأكل متجاهلة الرد وأثناء ذلك بدأت في الهذيان والتخريف ليظهر خبلها، نهضت غزل متخوفة منها ثم تراجعت بضع خطوات، وجدت المرأة تحمل دمية قديمة أخرجتها من طيات جلبابها الرث وتقبل فيها، كشفت عن صدرها لترضعها قائلة:
-ارضعي يا حبيبتي، زمانك جعانة
رق قلب غزل وهي تراها ميؤوسة الحال هكذا، التمعت بعض العبرات في عينيها وهي تشاهدها هكذا، خشيت أن يراها أحد هكذا لذا سترتها حين سحبت الوشاح من عليها لتستر به صدرها العاري، ابتعدت غزل لتراها ساكنة فقط ملامحها تتحدث عن حالتها المحزنة، قالت بصوت خفيض:
-إنتي صعبانة عليا جوي............!!
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
وقف أمامها بشموخ ليتأمل ضعفها وهي متسطحة أرضًا على فرش قديم في غرفة خافتة الإضاءة، فتحت المرأة الكبيرة عينيها بضعف وهي مستلقية على جانبها حين انتبهت لولوج أحدهم عليها، تمعنت النظر فيه جيدًا لتعود كل قسوة نالتها منه على ذهنها، رمقته بعدائية فهو السبب في تحطيمها، لم تجد سوى البصق عليه ثم قالت بشراسة:
-جبان وندل
اعتاد على ذلك منها لذا التزم الهدوء، رد بحقارة:
-آني ممكن أخليكي تحصلي بتك، بس صابر عليكي على ما تخبريني فلوس أبوكي فين
كل مرة تراه فيها يتأجج احتقارها له، ودت لو أكالت له بعض الضربات لتفرغ غضبها فيه، لكن لضعف جسدها ظلت طريحة فقد أنهك جسدها بقلة إطعامها لتهتاف عليها الأمراض، ردت عليه بكره:
-ليك يوم يا جعفر، ودم بتي اللي جتلتها مهيروحش هدر، طول عمرك واطي وبادعي رابنا يطول إف عمري علشان أشوفك جدامي مذلول
ضحك من قلبه فهذا مستحيل، صمتت لتتمنى فقط ذلك فهي مقيدة الآن، رد بقلب ميت:
-اللي يجف جدامي حكم على نفسه بالموت، وإنتي عارفة إكده من زمان، أنا جعفر يا عزيزة ولا نسيتي، وبتك كانت خاطية ومصيرها كان جطع رجبتها
جملته الأخيرة جعلتها تتخيل منظر ابنتها مفصولة الرأس لذا بكت عليها متحسرة، لم يرحمها فهي أيضًا ابنته لكنه متحجر وتعرفه، هتفت بقلب منفطر:
-حسبي الله ونعم الوكيل فيك، أشوف فيك يوم!!
ثم تابعت بكائها فابتسم بغرور ليقول بمكر:
-جولي الفلوس حطاها فين وآني هرحمك من اللي إنتي فيه.....!!
____________________________________

طرق باب غرفة أخيه الأكبر بهدوء ثم انتظر أن يسمح له بالدخول، حين تنبه مراد النائم على تخته بمن يدق الباب استجمع حضور ذهنه وهو يرد:
-أدخل!
هنا ولج يزيد عليه فاعتدل مراد ليجلس حين رآه، تقدم يزيد منه ليقول بحرج شديد:
-أنا آسف إني بصحيك من النوم، أصلي كنت محتاج منك فلوس
بنظرة أربكت يزيد رد مراد:
-والمدام عاوزة أيه المرة دي؟
ازدرد ريقه وهو يقول بنبرة مشدودة:
-دا أنا محتاجهم للمصاريف، ما إنت عارف إني متجوز وليا أسرة أصرف عليها، دا طبيعي يا مراد!!
ابتسم باستهزاء من حديثه المبرر ونبرته المتوترة، تنهد مراد بعمق ليقول بكل هدوء:
-إنت أخويا يا يزيد، وأنا مقدرش أمنع عنك حاجة، بس مش كل شوية تيجي تطلب فلوس علشان تراضي المدام اللي بتصرفهم في التفاهة
شدد في نطق الكلمة الأخيرة بضيق فانحرج يزيد وتخضبت ملامحه، تابع مراد بصرامة ونظرات قاسية:
-مافيش فلوس يا يزيد، إنت ومراتك عايشين معانا، وليك مرتبك اللي بتقبضه واللي يكفيك وزيادة، يلا روح على شغلك عاوز أكمل نومي
حرك رأسه بامتثال ليتركه على راحته ثم سارع بالخروج فنفخ مراد بحنق ليعاود النوم...
حين دلف يزيد كانت زوجته بانتظاره على مقربة، اقترب منها فهتفت بشغف:
-جبت الفلوس؟
رد بقلة حيلة ازعجتها:
-مرضيش يديني ومعرفش اعمل أيه!
صرت أسنانها بغيظ قائلة:
-أنا عايزة أعرف أنا متجوزة مين، إنت ولا هو؟، بلاش أطلب منك طالما إنت كده، يا رتني كنت اتجوزت مراد على الأقل هيكون عندي كل حاجة!!
رسم الغضب الذي لم تقتنع به وهو يوبخها:
-احترمي نفسك، أنا باشتغل وباقبض، إنتي اللي طلباتك مبتخلصش وكل شوية عايزة حاجة، ومتنسيش إنك عايشة وسطينا وكل طلباتك مجابة زي أي حد هنا، كفاية حاجات ملهاش لازمة علشان تتجملي وسط أصحابك
ردت بانفعال:
-كمان مغلطني، باطلب أيه يعني، دا صحباتي اللي عايشين أقل مني عندهم اللي مش عندي
أنهى يزيد معها الحديث قائلا بتنبيه:
-آخر كلام مافيش فلوس، وإذا كان عاجبك هو ده اللي عندي، غيرك يتمنى يعيش مكانك
ثم تركها تغلي من عدم اهتمامه بأمرها، عضت قبضتها بغل قائلة:
-وأنا اللي فاكرة الدنيا ضحكتلي يوم ما اتجوزتك، عندها حق صاحبتي، كنتي اتجوز مراد..........!!
____________________________________

لم تغفا لتظل متيقظة وعقلها زائغ فيما مرت به وقبلها طيلة السنوات الدابرة، جزء بداخلها أدركت به الشر وجزء حائر مريض حاقد أصبحت به تخطط للنيل ممن دمروا حياتها، بغرفتها جلست قسمت على فراشها منكمشة في نفسها تلوم نفسها شاعرة بالقهر، لكن من ماذا؟!، لم يكن سبب ما هي عليه هو انفصالها عن زوجها بل اعتادت على ذلك؛ طاش فكرها لبعيد لتتذكر استغنائها عن قطعة منها لسطوة من أحبته عليها واصراره على عدم وجود ما يربطهما، عاقبها الله ليحرمها من الإنجاب ثم بكت بحرقة لتخرج ما في جعبتها من آلام.....
شهقت بهلع حين نادتها هدى من الخارج:
-قسمت!
سريعا كفكفت عبراتها جيدًا وهي تحاول الهدوء، عاود صوت هدى يقول لها:
-قسمت أنا عارفة إنك منمتيش عاوزة اتكلم معاكي، مش معقول هتنامي والنور والع
لم تجد قسمت مفر لترد مختلقة تبرير:
-استني يا هدى أنا بلبس هدومي
انتظرت هدى وبعد وقت هيأت فيه قسمت نفسها حين نهضت لتظبط نفسها قالت لها بجأش:
-ادخلي يا حبيبتي
ولجت هدى مبتسمة كعادتها ثم سألتها وهي توصد الباب:
-إنتي منمتيش ولا أيه؟
جلست قسمت على الأريكة ثم دعتها للجلوس معها، حين جلست هدى ردت الأخيرة بكذب:
-لا نمت شوية وبعدين صحيت
سألت هدى بجدية:
-لو متضايقة من وجودك هنا علشان سميحة ممكن تسافري الصعيد عند عمك، مش إنتي عندك كمان صاحبتك نادية هناك
ذلك الاسم بدل تعابير قسمت لشيء مريب جعل هدى ترتاب في أمرها، ابتلعت قسمت ريقها في توتر ولم تعلق، أكملت هدى باستفهام:
-صحيح نادية ليه مش بتيجي من سنين، إنتم كنتم أصحاب قوي، حتى مبقتيش تجيبي سيرتها أو تقولي عاوزة أروح عندها
شحبت قسمت فجأة ولم تستطع إخفاء ذلك لتبين وجود ما يقلق، قالتها صراحة:
-بيقولوا هربت، وفيه بيقولوا أبوها قتلها
أوجست هدى من ردها فهذا ما وصلها من زمن، سألت هدى باهتمام:
-يعني متعرفيش عنها حاجة، دي كانت أقرب صاحبة ليكي!
أرادت قسمت أن تكف الأخيرة عن الحديث عن ذلك لذا قالت بضجر:
-خلاص يا هدى معرفش، أنا بقالي سنين بعيد عن الصعيد ومعرفش عنها حاجة
لاحت عصبية قسمت في ردها فقالت هدى بامتثال:
-طيب يا قسمت على راحتك، أنا قولت تروحي تفكي عن نفسك شوية
ردت بمفهوم بعدما زفرت بقوة:
-أنا هنا مرتاحة، ومش عاوزة أروح البلد، علشان ماليش حد فيها ممكن يهمني، حتى أسعد ميهمنيش............!!
___________________________________

شغلته تلك الفتاة اللعينة ليظل فكره لا يذكر سواها بين الفينة والأخرى متذكرًا دلالها حين تتحدث معه واقترابها منه بحجة طلبه لشيء ما؛ نفوذه ومكانته وأيضًا عُمره الكبير يمنعوه من الارتباط بفتاة في منزلتها المتدنية، ناهيك عن فارق السن بينهما، أشبع أسعد اشتهائه لملامسة فتاة في عُمرها بتفكير شيطاني خطط له بمكر، ليجد أن هذا هو الحل الوحيد...
استدعى أحد خفراء سرايته لينفذ مخططه المستهجن فأتى الخفير مطأطئ الرأس ثم وقف أمامه باحترام، نظر له أسعد لبعض الوقت ثم استجمع كلماته قائلاً بدجنة:
-مش عاوز تتجوز يا عوض؟
تنبه عوض لسؤاله فنظر له بحرج قائلاً:
-نفسي يا بيه دا العُمر بيجرى بيا، بس منين؟
رد أسعد بخبث:
-أما أنا شايفلك عروسة هتعجبك قوي، ومتقلقش جوازتك عليا
تهلل عوض واتسعت بسمته غير مصدقٍ ما يسمعه منه، تابع أسعد بنفس دهائه:
-هجوزك البت أمل بنت حسن السقا، عارفها يا عوض
تذكرها عوض فهي تأتي الفترة الأخيرة كثيرًا ثم قال بموافقة حماسية:
-موافج يا بيه، حلوة أمل!
انتهت مهمة أسعد الأولى وجاءت المرحلة الأهم، قال بابهام:
-بس إنت هتتجوزها قدام الناس بس يا عوض
لم يتفهم عوض ليستفهم بجهل:
-مش فاهم يا بيه؟
رد بجبروت:
-يعني في الأصل هتكون مراتي أنا، وقدام الناس مراتك
تجمدت تعابير عوض عليه مصدومًا متلعثمًا في النطق وقد ألجم لسانه، هتف أسعد بحدية:
-قولت أيه يا عوض، لو مش عاوز قول، بس قبل ما ترفض هتندفن بالسر ده معاك
تذبذبت نظرات عوض ناحية هذا الرجل الفاجر عديم الأخلاق، أراد خنقه من بذائته لكنه قليل الحيلة أمامه، أراد الرفض لكن سيدفع حياته ثمن هذا، نظرات أسعد الشرسة نحوه جعلته لا يقوى على الرفض، وافق خوفًا منه وهو يقول باذعان:
-اللي تشوفه يا بيه...............!!
___________________________________

ولج المنزل مجهدًا فقد تعمدت المرأة أن تزيد الأعمال على عاتقه بعدما رفض أن يقترب منه حيث راودته عن نفسها فانتقمت، شعر يوسف بالتعب وبألم في قدمه جعله يجر قدمه وهو يتقدم للداخل، كانت غزل أول من رأته ثم ركضت نحوه، رددت بقلق وهي تدنو منه:
-مالك يا يوسف، شكلك مش منيح؟
رد بعدم اهتمام وهو يرتمي على الأرض متعبًا:
-مافيش يا غزل، شوية تعب إكده
ثم شرع في فرك قدمه أمام غزل التي لم تقتنع أنه على ما يرام، تيقنت أن قدمه وقت قفزه ما زالت تؤلمه، تحركت دون كلمة معه نحو المرحاض وما هي إلا لحظات وكانت تدلف منه حاملة إناء كبير مليء بالماء، وضعته أمامه فاستغرب، تحركت لتجلب القليل من الملح من المطبخ فقالت لها سعاد وهي تقلب الطعام:
-واخدة الملح فين يا غزل؟
ردت وهي تتحرك للخارج:
-هغسل رجلين يوسف ياما لجاي تعبان جوي
لم تعلق سعاد لكن فجأة وعيت للموقف فهو ليس بأخيها، لم تعطي الأمر حجمًا أكبر لذا صمتت...
توجهت غزل نحو يوسف لتغسل قدميه وهذا ما استشفه، حين جثت أمامه رفض بشدة قائلاً:
-لا يا غزل مهيحصولش، أنا منيح
ردت بإصرار عنيد:
-لا أنا جبت المية وهتغسل رجليك
ثم رفعت قدميه واحدة تلو الأخرى لتضعهما في الإناء، بدأت في تدليكهما بلطف شديد وهي تغسلهما، شعر يوسف بقشعريرة غريبة تسري بداخله ويديها تلامس قدميه حتى الركبة، لم يحِل ذلك لذا عاود الرفض قائلاً وهو يسحب قدميه:
-خلاص يا غزل معاوزش، روحي ذاكري وأنا هعيط على أمل تيجي هي
أمسكت بقدميه بقوة لتظهر قوة جسدها وهي ترد بحزم:
-محدش هيغسلها غيري، كفاية إنه بسببي
ثم تابعت تدليكهما وكل ذلك كان يضرم مشاعر غير محمودة بداخله، هو شاب وأكمل الثلاثين ولم يشعر أحد بما يخالجه، تمالك نفسه ولكن نظراته نحوها فضحته، هذا ما لمحته أمل التي تقف عند باب الغرفة تتابع ما يحدث بعدم رضى، تسللت للمطبخ لتتحدث مع والدتها حيال ذلك، تقدمت منها قائلة باستياء:
-ياما مينفعش اللي بيوحصل ده، يوسف زودها جوي مع غزل
إلتفتت لها سعاد لتستفهم بعبوس:
-فيه أيه يا بت، يوسف عمل أيه؟
لم ترد أمل الآن بل سحبتها من يدها كي ترى بنفسها أولاً، تحركت بها عند باب المطبخ لتشاهد بنفسها ثم همست لها بغيظ:
-شوفتي ياما بيبصلها كيف، أيه رأيك بجى في اللي بيوحصل ده؟
لم يعجب سعاد تطلعات يوسف على الأخيرة، خاصةً كشفها لشعرها أمامه، لم يكن خطأ غزل منذ البداية لكن ارتضاء يوسف واستباحته للنظر إليها تغضبها فقد كبرت الفتاة عن زي قبل ولابد من الاهتمام بالأمر، عادت للداخل ومن خلفها أمل تريد سماع قرارها بشأن ما يحدث، بعد تفكير جاد قالت سعاد بحسم:
-غزل لازم تفارجنا، جعادها إهنه مش هيجيب خير
رددت أمل بفضول:
-هتوديها فين ياما؟
لم تجد سعاد الرد المناسب لذا طلبت منها بتصميم:
-شوفيلي أبوكي فين وخليه يجي ضروري...........!!
____________________________________

استدعاه لغرفته التي لم يغادرها منذ فترة، لم يتوانى مراد في تلبية طلبه ليستجاب فورًا، بعد تقبيل يده جلس مراد ليستمع له، فكر السيد رشدي جيدًا فيما اتخذه من قرار ولهذا قال دون مقدمات:
-أنا كنت كلمت هدى في موضوع جوازك يا مراد، وخلاص اختارتلك واحدة حلوة
عقد مراد جبينه وهو يرد:
-أنا دلوقتي مش في دماغي جواز يا جدي
لم يقتنع السيد رشدي بذلك لذا قال بمكر لطيف:
-إنت مكسوف تتجوز، أنا عارفك يا مراد، بس مافيش راجل بيختشي!
ارتبك مراد حين افتضح بما بداخله، تابع السيد بمحبة:
-أنا فاهمك يا مراد، إنت راجل وليك احتياجاتك وكنت متجوز ولازملك واحدة
حافظ مراد على هيبته رغم أنه يتمنى حياة طبيعية فقد توفيت زوجته من سنوات، ناهيك عن ذاك الفراغ الغائر بداخله، انتبه مراد أن جده لم يعلن عن الزوجة المستقبلية ولهذا سأل بفضول دفين:
-ومين يا جدي اللي هتجوزها؟
رد جده بحماس ممزوج بالفطنة:
-هدير بنت عمتك سميحة
فور نطقه الاسم حدق مراد في جده بذهول، ردد اسمها بسخط:
-هدير!!
ادرك السيد رشدي أنه لن يرتضي بسهولة فهي أصغر منه بالعُمر، لكن قال السيد بحكمة:
-عارف إن فرق السن كبير شوية، بس ده ما يمنعش تتجوزها، وفيه بيتجوزوا بنات صغيرة عنهم بكتير
-بس أنا مش منهم، هدير دي باعتبرها بنتي، إزاي هتجوزها
-ليه بقى؟، أوعى تكون مكسوف علشان هتتجوز بنت عمتك
رد بحرج أكد حدس السيد:
-شوف غيرها أنا مقدرش أعيش معاها!!
رد السيد بتهكم:
-لا يا مراد، جوازك من هدير هيخليهم يحبوك، هتكسب عمتك وابن عمك والكل، مافيش غير هدير، أنا عاوز استقرار يا مراد، والجوازة دي هي الاستقرار
شرد مراد في كيفية التأقلم مع تلك الفتاة وكيف سيتعايش معها، لم يجحف حرجه فهذه شخصيته، لكن انصب تفكيره على أولاده وفكر فيهما، بعد انتظار من السيد وافق مراد مرددًا:
-خلاص يا جدي أنا موافق، بس بشرط........!!
___________________________________

بعد تناول طعام العشاء جلست في أحد الجوانب هي وزوجها يتهامسا سويًا حول أمر الأخيرة، سألت سعاد بجدية:
-فتحية جالتلك أيه لما حكيتلها؟
همس لها بمعنى:
-جالت هات غزل عِندي، وجعدت كتير تبكتني علشان خبيت عليها حاجة زي إكده
ردت بلا مبالاة:
-لازم تعرف علشان الحل عِنديها، أومال هنوديها فين؟
تأمل حسن غزل وهي جالسة مع أولاده بتودد جارف فقد اعتبرها في منزلة ابنته ولم يفرق بينهم، لاحظت سعاد ذلك فربتت على كتفه قائلة:
-إحنا بنعمل الصح يا حسن، غزل مش لازم تخليها وسطينا، محمود كبر ومبجاش عيل إصغير علشان تنكشف عليه إكده، إحنا صعايدة وإنت خابر إن ده حرام ومنرضاشي بيه
هز رأسه ليتنهد بضعف فرحيل غزل سيسبب فراغ بداخله، استفهمت سعاد بتحير:
-وهي إكده هتسيب العلام يا حسن، دي في آخر سنة وجربت تخلص علشان تخش الجامعة كِيف ولاد كبرات البلد!
رد بدراية خفيفة:
-هتيجي تمتحن وتسافر تاني، ومن هناك تدخل الجامعة اللي بيجولوا عليها
تفهمت سعاد ووجدت الأمر لن يضر بالأخيرة، قال حسن بقلق وعينيه تقع على ابنه:
-يوسف مش لازم يعرف، هيضايج قوي دا بيحبها
-هنخبي عليه يعني؟
رد بحزم:
-يعرف بعد ما تسافر لخالتها، أنا هاخدها من وراه بكرة الصبح علشان نلحج الجطر دا سفر بياخد ساعات
فكرة رحيل غزل عن المنزل أثرت في سعاد التي جمدت نظراتها عليها لتشبع شوقها القادم فسوف تشتاق لمرحها وطلعتها الودودة، انتبهت لـ حسن يقول بألم:
-البت دي هتجطع فيا، أنا اتعودت عليها...................!!
*********************
إلي هنا ينتهي الفصل الرابع من رواية أثواب حريرية بقلم إلهام رفعت
تابع من هنا: جميع فصول رواية أثواب حريرية بقلم إلهام رفعت
تابع من هنا: جميع فصول رواية أرض زيكولا بقلم عمرو عبدالحميد
تابعوا صفحتنا على الفيس بوك للمزيد من روايات عربية
أو أرسل لنا رسالة مباشرة عبر الماسنجر باسم القصة التي تريدها
اقرأ أيضا: رواية احببتها في انتقامي بقلم عليا حمدى
يمكنك تحميل تطبيق قصص وروايات عربية من متجر جوجل بلاي للإستمتاع بكل قصصنا
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة