-->
U3F1ZWV6ZTMzNTg0ODE3NzI1X0FjdGl2YXRpb24zODA0Njk2NDgxODg=
recent
آخر القصص

رواية أفيندار بقلم صفية الجيار - الفصل التاسع والعشرون

مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة والقصص الرومانسية مع رواية اجتماعية واقعية ومثيرة جديدة للكاتبة صفية الجيار علي موقعنا قصص 26 وموعدنا اليوم مع الفصل التاسع والعشرون من رواية أفيندار بقلم صفية الجيار

رواية أفيندار بقلم صفية الجيار - الفصل التاسع والعشرون

اقرأ أيضا: روايات رومانسية

رواية أفيندار بقلم صفية الجيار

رواية أفيندار بقلم صفية الجيار - الفصل التاسع والعشرون

 جلس يطالع والدته بلومٍ شديدٍ، يحملها مسؤولية ما جرى منذ سنوات، رمقها بغضبٍ قالت عينيه ما لم يتجرأ لسانه على قوله، قال لها كُرهكِ لحبيبتي وأمها أوصلني إلى هذا الحالة، مؤامراتكِ التي أتقنتِ القيام بها دومًا كانت السبيل ليرقد أبي على فراش المرض لا حول له ولا قوة، الغدر والخبث الكامن بروحكِ جعلني أخسر حب عمري، قسوتكِ وافتقاركِ للحنان والأمومة جعل ابنتك تلتجئ لألد أعدائكِ لتبقى تحت كنفها، الشر المنبعث من عينيكِ سيجعلني أُقدم على خطوة لم ولن أندم عليها من بعد الآن، لم يتحمل الضجيج الذي يعج بداخله؛ فنهض متوجهًا إليها ينفث عن غضبه، قال بصوتٍ خفيضٍ وهو يقف مقابلها:

"أيعجبكِ ما وصلنا إليه الآن؟ زوجكِ يصارع الموت، ابنتكِ اتهم شقيقها بيومِ عقد قرانها بقتل ابنة عمه، وتهرب من عائلتها بعد أن أدلت بشهادتها لتضع شقيقها بمأزقٍ الله وحده يعلم متى وكيف سيخرج منه، ابنكِ أكثر شخص أحبكِ بالحياة، أطاعكِ بالصحيح والخطأ وكأن عصيانكِ بالحالتين حرام، فعل من أجلكِ ما لم يتجرأ على فعله من قبل، خسر بسبب طمعكِ وجشعكِ عائلته وشقيقته وحبيبته، شرفه، وسمعته، والأهم خسر نفسه...."

صرخ وبات فاقدًا للسيطرة على انفعاله، وانسابت العبرات على خديه وهو يقول:

"والأهم خسر نفسه، نعم لقد خسرتني، انظري هل أنا موجود؟ كرم نجيب الدالي رجل الأعمال الشاب، الحنون، المُقدم على الزواج من حب طفولته، المفعم بالحياة والحب، تطلعي بوجهي، هل هذا أنا؟"

مال عليها أكثر بينما تتابعه بصدمةٍ وقال:

"ما يحدث الآن عقاب رب العالمين، لن أسعي لتبرئة نفسي من ذنب اغتصاب ياسمين من بعد الآن، رغم براءتي منه، سأترك الأمور للعدالة الالهية، لن أقم بحمايتك، فعلت من قبل وندمت، لن ألوم رهف، سأهتم فقط بحالة أبي الصحية، وسأنتظر عقابي، وعقابكِ"

كادت تتحدث، لكنه وضع سبابته على شفتيه يحذرها وتابع بكلماتٍ تشي أن قائلها يحتضر:

"لم يعد بيننا مجال للحديث، كلمات كادت تصيبيني بالاختناق وقلتها ليس إلا، لا تكترثي لها"

ابتسم بتهكمٍ، وتابع وهو يوليها ظهره:

"كل تفكيركِ منصب على سمية، ومتى اكترثتِ لنا!"

جذبته من ذراعه وقالت وهي تحدق به تحذره مما قرر القيام به:

"إياكَ أن تضعف، لن يستطيع أحد الايقاع بكَ، أنا بظهركَ، سأقوم بحمايتكَ، وأبيك سينهض من مرضه بكامل عافيته، يكفي أن تتماسك"

صرخ بها:

"أنسيتِ؟ ابنتكِ شهدت ضُدي، رهف هي من ستلف حبل المشنقة حول عنقي، التفكير بهذا الشيء قاتل لا أتحمل أن شقيقتي من تفعل ذلك"

لاحت ابتسامة خبيثة على ثغرها، ولمعت عينيها بمكرٍ كعادتها عندما ترفع راية الانتصار على جثة أعدائها، وكأن ابنها لم يقل لها ما لا تتحمله أم قط، فبنظرها الخروج من تلك المعضلة أهم بكثير من مشاعر ابنها، أو الحالة التي أوصلته إليها، لقد انهارت فور إلقاء القبض عليه، حالها كحال أي أم، لكن فور معرفتها بملابسات فتح ملف القضية من جديد اطمئنت، فهي على ثقة تامة من براءته من التهمة المنسوبة إليه، وتيقنت أن الطب الشرعي سيبرئه؛ لذا لم تُحرك ساكنًا، وكرست اهتمامها بزوجها، وقررت ترك أمر رهف للأيام، ستلقنها درسًا لن تنساه طوال حياتها من شأنه أن تصبح رهف يتيمة ووالديها على قيد الحياة، قلصت المسافة بينهما وقالت:

"اذهب إلى المنزل يا صغيري، رهف كانت ومازالت طفلة من سيأخذ بحديثها"

تطلع بها بعدمِ فهمٍ، لم يدرك مقصدها، لكن خيل له أنها لا تعطي شهادة رهف أهمية ليس إلا، أشاح لها بيده ورحل متوجهًا إلى منزله، ليستجمع رباط جأشه ومن ثم ينفذ أول خطوة في طريق الخلاص.

**

منزل طاهر الدالي

"الغريب بالأمر ردة فعل يسر توقعتها ستشن الحرب علينا بعد اطلاق سراح كرم!"

قالت رهف موجهة حديثها إلى حمزة وزوجة عمها وشقيقها، كان يبدو عليها القلق والتوتر فهي متهمة من قبل البعض بالخيانة، خاصة بعد مواجهتها لوالدتها بالمشفى والتي انتهت بصفعة على وجهها رحلت بعدها بصحبة حمزة، أقسمت بعدها ألا تعود إلى منزلهم إلا بعد أن يتعافى والدها، لقد أيقنت أنها غريبة في منزلها بغيابه، ترددت كثيرًا في اللجوء إلى منزل عمها، لكن دومًا ما تكون سمية سباقة بالخير فبمجرد أن علمت بما جرى معها دعتها إلى البقاء بمنزل عمها إلى أن تتحسن حالة والدها الصحية، قال حمزة مؤكدًا حديثها:

"وأنا توقعتها ستأتي إلى هنا وتعاتبكِ؛ لذا جئت على وجه السرعة فور قراءتي للأخبار"

قال كرم:

"إن كنت أعرف يسر سأقول لكم أنها ليست بحاجة لطب شرعي أو محكمة تتهم أو تُبرأ كرم، لقد نصبت محكمته منذ زمن، واتخذت القرار بشأنه يكفي أن تعلن الحكم وتنفذه، وهذا ليس ببعيد"

طأطأت رهف رأسها بحزنٍ ممزوج بخجلٍ واضح، ها هي تجلس بمنزل الفتاة التي يتهم شقيقها بقتلها، تشارك أمها وخالها المجلس، يشهد زوجها على خجلها مما فعله شقيقها، لاحظت سمية حالتها؛ فقالت:

"صدقوني أتمنى أن يكونَ ما يحدث كابوسًا وسنستفيق منه عما قريب، خاصة من أجلكِ أنتِ يا رهف"

سالت دمعاتها رغمًا عنها فتمزقت قلوبهم من أجلها، قبض حمزة على يده حتى ابيضت مفاصله، وظل يتابعها والحزن يحتل قلبه، بينما عينيه تصرخ وهي ترى سيل دمعاتها؛ فقالت سمية عندما لاحظت حالته:

"كرم تعال لنرى كيف سنواجه المجنونة ابنتي عندما تداهمنا"

فور مغادرتهما للغرفة توجه حمزة إليها وجلس بالقرب منها، مد يده ليمررها على وجنتها بحنوٍ وهو يزيل دمعاتها، وراح يهمس لها بالكلمات المطمئنة ويبث عشقه من خلال لمساته الحنونة مما جعلها تنهار أكثر، وانخرطت في البكاء فضمها إليه وقال بصوتٍ رخيمٍ:

"سلمي أموركِ لرب العالمين"

"لقد استهلكت، أنا على وشك خسارة أبي، أمي لم أكسبها بيومٍ لأخسرها، أخي متهم بقتل ابنة عمي، وأنا.........."

قبل أن تكمل جملتها، أبعدها عنه وقال:

"لم يعد بأيدينا شيء نفعله سوى الانتظار، سننتظر ظهور الحقيقة، الشيء الوحيد الذي أريدكِ أن تعرفيه أن بجانبكِ، لو بيدي لأخذتكِ الآن إلى منزلنا"

تنهدت ثم قالت وهي تكفكف دمعاتها:

"لأطمئن على أبي هذا ما يهمني الآن وبعدها لن أفكر بشيء"

ضمها إليه مرة ثانية وقال:

"لنطمئن عليه، ونجتمع بعدها، لن تبقي هنا مدى الحياة أو أخبركِ شيئًا تعالي ننتظر تحسن حالته بمنزلنا"

ابتعدت عنه وقالت:

" انظر إليّ هل تستغل ضعفي الآن وتتقرب مني، عناق بين الدقيقة والأخرى وأشياء من هذا القبيل!؟"

تصنع الابتسام رغم حزنه على حالها وقال:

"ومن لا يستغل الوضع أمام هذا جمال؟"

عاودت عناقه لكن هذه المرة شددت من قبضة ذراعيها حوله وقالت:

" أنتَ مصالحة القدر لي يا حمزة، وكأن الحياة اعتذرت لي بكَ، أرجوكَ لا تتغير كن كما عرفتكَ أول مرة"

همس لها:

"لن أعدكَ بذلك، سأعمل جاهدًا أن يكبر حبكِ بقلبي كما يكبر الرضيع يومًا بعد يوم"

**

فور سماع مراد لحديث والدته مع زوجته، ورؤيته لنظرات مريم السعيدة والقلق والترقب بأعين يسر عاد أدراجه إلى خارج الغرفة دون أن يلاحظ وجوده أحد، وابتسامة مشرقة تزين صفحة وجهه وصدره يعلو ويهبط كمن يصعد الدرج مهرولًا، لقد صعد مراد درج علاقته بيسر متأنيًا أعجب بها وأخفى الأمر بداخل قلبه حتى لا يخسرها، وقف بجانبها في المحن رغم تخلي الجميع عنها، كان ملاذًا لها، حتى عندما أقدم على هذا الفعل الأهوج ندم، ندم كثيرًا لكنه الآن ليس نادمًا إن كان هذا الخطأ الذي اقترفه سينتج عنه أن يصبح أبًا لطفل يسر والدته لن يندم مطلقًا، بل سيشكر كرم على تلك الصور التي جعلته يفقد أعصابه، آثر الصمت وأخفى مشاعره ليرى ردة أفعالها وليتأكد من الأمر، لكنه سيعكف على راحتها حتى لا يعرضها للخطر، ما تمر به نفسيًا كفيل أن يفقدها جنينها إن كانت تحمل طفله بأحشائها، هذه هي مخاوفه، وعلى مدار يومان ظل يتابعها ويهتم بها كثيرًا، على الرغم من عدم تجاوبها معه كما تفعل مع عائلته، ورفضت التحدث بشأن القضية أو عائلتها، وأثناء ذهابه إلى العمل كان يطلب من مريم متابعتها عن كثبٍ، وأصبحت مريم مرافقة لها بتوصية من مراد وخالها، مما أتاح لعلاقة مريم وكرم الفرصة أن تتوطد أكثر،وبدأت الأمور تتطرق إلى حالتها النفسية أثناء حديثهما عن يسر.

منذ طلبها منه النوم بجانبها ومعانقتها بتلك الليلة وهو يستغل ضعفها ويصر على مشاركتها السرير، وحتى لا تتجادل معه أصبحت تسمح له بذلك دون أن تنبس ببنت شفة، هذا ما تبرر به موافقتها لنفسها، لكن الحقيقة مغايرة تمامًا، حقيقة لا تود الاعتراف بها، لم تعد تطمئن إلا بوجوده، شعرت به يتحرك على السرير بصورة متتالية، كان يلفت نظرها لوجوده وأنه ما زال مستيقظًا، بداخله الكثير يود التحدث به ولم يستطع؛ بداخله كلمات يود قولها وأرقت مضجعه، لم تبادر بالحديث لذا قرر محادثتها، قال وهو ينظر لسقف الغرفة:

"يسر هل ما زلتِ مستيقظة؟"

أجابت:

"لا"

ابتسم لعفويتها وتابع:

"وكيف تجيبين وأنتِ نائمة"

"هذا أمر طبيعي بعائلتنا، نتحدث ونحن نيام، حنى أننا نغادر الغرفة عندما يوقظنا أحد ليتحدث معنا الثالثة فجرًا"

اتسعت ابتسامته، وصلته رسالتها إنها تقوم بتهديده بترك الغرفة إن لم يصمت، قال وهو ينظر لها بحبٍ:

"لا ينتابني النعاس ماذا أفعل؟"

"انهض وتوجه إلى الحديقة، أو اقرأ كتابًا، أو تصفح بريدكَ الالكتروني، شاهد التلفاز، افعل أي شيء سوى التحدث معي"

أولاها ظهره وقال قاصدًا كل حرف نطق به:

"ومن قال أنني أريد كل هذا؟ لو أردت لفعلت دون أن أسألكِ مستيقظة أم لا، كنت أريد شيئًا آخر، لكن أخبركِ شيئًا، أنا الآن أريد اللعب مع ليان وحدهم الأطفال قادرين على تخفيف آلامنا، واكتشافنا لجمال الحياة"

ابتسمتٍ بسعادةٍ ثم دون أن تشعر توجهت يدها إلى موضع وجود جنينها وراحت تمررها بلطفٍ وهي تهمس:

"كن بخير، لن يخفف آلامي سواك"

وفي صباح اليوم التالي وبعد مغادرة مراد للعمل، وتأكد يسر من انشغال مريم بصغيرتها وتوجه شروق لمتابعة إنهاء الطعام تسللت إلى الخارج على وجه السرعة، وهي تدعو ربها ألا يلاحظ غيابها أحد وبعد نصف ساعة عادت إلى المنزل وهي تتلفت من حولها وتقبض على شيءٍ ما بين يديها، حالتها تثير الشكوك العبرات تغشي عينيها، وجهها يتضرج بالحمرة، تبتسم ببلاهةٍ، إن حدثها أحدهم ستبكي لا محالة، توجهت مسرعة إلى غرفتها ثم قامت بالكشف عن كنزها الثمين الذي ذهبت لتبتاعه من أقرب صيدلية، جهاز كاشف للحمل منزلي، قامت بالخطوات المدونة عليه وانتظرت للحظاتٍ ظهور النتيجة، لحظات كالسنوات، لحظات تذكرت بها حديث مراد ليلًا، عناقه واحتواءه لها بعد أن توهمه أنها غفيت، كل ليلة تمارس حيلتها عليه تتظاهر بالنوم فيعانقها إلى أن يغلبه النوم، تذكرت عائلتها أشقائها أمها وأبيها، تذكرت ليان، وتمنت أن يصبح لديها طفلة صغيرة مثلها، وفجأة بدأت خطوط السعادة والأمل ترتسم، سقطت العبرات من عينيها، كما سقط الجهاز من بين يديها، فتبعتهما وسقطت أرضًا تبكي، تبكي سعادة، تبكي احتياج، تبكي خوف مما هو قادم، تبكي لأنها لن تستطع الذهاب إليه ومعانقته والقول له"أنظر ها أنا أحمل بأحشائي قطعة منكَ"

وبعد مرور وقت استعادت نفسها وقررت أن تتماسك، أن تحافظ على هدية رب العالمين لها، والأهم من ذلك، قررت ألا تخبر أحد بسرها الكبير ستخفيه عن الجميع ستستمر في حالة اللامبالاة التي تلبستها منذ أيام، ستنتظر بترقبٍ نتيجة المحاكمة وعلى أساسها ستتخذ قراراتها الحاسمة.

وصل مراد إلى المنزل قبل ميعاده بوقتٍ فسألته والدته:

"لما جئت باكرًا يا بُني؟"

ابتسم لها وقال وهو ينحني ليحمل الصغيرة:

"أنهيت أعمالي سريعًا وعدت لأقضي الوقت مع أربعة من أجمل نساء الأرض"

قالت مريم بخبثٍ عندما لاحظت هبوط يسر للدرج:

"ليس من العدل أن نكون رجل وأربعة نساء، أنتَ مظلوم بيننا يا عزيزي"

سايرها في الحديث بعد أن أدرك المغزى من حديثها وقال:

"وماذا أفعل هل أدعو أحد موظفي الشركة ليعيش بمنزلنا؟"

تابعت والدتهما ما يفعلان، ونظراته السعيدة لابنة أخته، بينما قالت مريم لتزيد معيار الضغط على يسر:

"لسنا بحاجته يا شقيقي، ستقوم يسر بهذه المهمة عما قريب إن شاء الله"

تعرقلت يسر وكادت أن تسقط من أعلى الدرج حين تزامنت كلمات مريم مع نظرات مراد العاشقة لها، عندما طالعها مبتسمًا، لمعت عينيه بوميض الحب، الكلمات التي ارتسمت حروفها بنظراته قالت لها الكثير؛ فارتبكت وكادت أن تسقط لكنها تمسكت بدرابزين السلم، فركض إليها كالبرق وفور وصوله إليها وضع يده على وجنتها والأخرى على بطنها، نظر لها والخوف يتقافز من عينيه، قال بنبرةٍ مرتجفةٍ تنم عن مدى فزعه:

"يسر هل أنتِ بخير، هل يؤلمكِ شيء؟"

خفضت أنظارها لتحملق بيده التي ترتكز على أسفل معدتها تحديدًا، ثم عاودت النظر إلى عينيه تعجبت من حالته والخوف بنظراته وأفعاله، خُيل لها أنه يعلم بأم حملها، ارتدت خطوتين إلى الخلف وقالت:

"مراد ما بكَ أنا بخير، كدت أسقط لكن لم يحدث شيء لمَ كل هذا الخوف!"

رفع يديه إلى الأعلى وقال وقد شعر بالخجل ولام نفسه على تهوره:

"أعتذر منكِ خشيت أن يحدث لكِ مكروه"

لم يستطع اخفاء ارتباكه وخوفه عنها، ليس من الطبيعي المبالغة هكذا خاصة بعد وضع يده بهذا المكان تحديدًا، من يراهما يعتقد أنه يعلم بحملها وقد قلق عليها، فأولاها ظهره، وقالت وهي تتبعه إلى الأسفل:

"لم يحدث شيء، بالمناسبة سأذهب الآن لزيارة عائلتي، عيب بحق رهف لم أطمئن عليها"

توقف وهو يفكر لبرهةٍ ثم قال:

"تتجاهلين الجميع منذ أيام هل تذكرتِ أمر رهف الآن، أم أن هناك شيء تودين القيام به في الخفاء؟"

انزعجت من تلميحاته، وفهمت ما يقصد فقالت بعد أن تخطته:

"تعلم ليس لدي ما أخفيه، أنا بحاجة لوقتٍ مقتطع، سأذهب لأطمئن عليها، أخبرني خالي أن حالتها النفسية سيئة بعد هجوم والدتها عليها"

"علمت من حمزة أنه تجاوز مرحلة الخطر ويمكث بغرفة عادية بالمشفى أيام وسيغادرها إن شاء الله عما قريب"

وضع يده على كتفها وقال وصوته يتخلله نبرة رجاء:

"يسر أنا قلق جدًا حيالكِ، ويحزنني تجاهلكِ لي، إلى متى سيستمر هذا الوضع؟"

دارت بعينها بالمكان لتلاحظ نظرات والدته المتابعة لهما بصمتٍ؛ فقالت:

"وأنا أتعجب من تقربكَ مني طوال الوقت، والدتكَ تنظر لنا"

اقترب منها؛ لفحت أنفاسه الدافئة وجهها وأربكتها وقال:

"لا يهمني وجود أحد، أنتِ زوجتي، ليرى من يرى، المهم أن أطمئن عليكِ"

"أنا بخير يكفي أن تمر هذه الأيام على خير"

عانقتها نظراته، بث حبه وحنانه من خلال نبرة صوته، بات يشعر أن علاقتهما تتخذ منحنى آخر، صورتهما الخارجية تبدو كزوجٍ وزوجة يحملان لبعضهما البعض الكثير من الحب، قال:

"تناولتِ طعامكِ؟"

"نعم"

"حسنًا سأقوم بتوصيلكِ إل منزلكِ"

توترت فأثارت بنفسه الريبة وقالت وهي تهرب بنظراتها بعيدًا عنه:

"لا جئت لتوكَ، سأذهب بمفردي"

"قلت سأذهب معكِ"

**

زفرت بضيقٍ فور وصولهما إلى منزل والدها، وقالت وهي تتطلع به غاضبة جدًا من قيادته للسيارة على مهلٍ لقد استغرقا ضعف وقت وصولهما الطبيعي:

"حمدًا لله أننا وصلنا، تخيلت أننا سنصل غدًا"

ابتسم لها وقال:

"مزاجكِ متقلب جدًا هذه الفترة، منذ قليل كنتِ منسجمة مع أشعار عمرو حسن كنتِ ترددين الكلمات معه، والآن منزعجة من طول الطريق!"

" مراد استغرقنا ساعتين لنصل"

"تعلمين أفضل القيادة على مهلٍ"

تطلعت به بغيظٍ وقالت وهي تغادر السيارة:

"بل تفعل كل شيء على مهلٍ"

*********************
إلي هنا ينتهي الفصل التاسع والعشرون من رواية أفيندار بقلم صفية الجيار
تابعوا صفحتنا على الفيس بوك للمزيد من القصص الرومانسية
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة