-->
U3F1ZWV6ZTMzNTg0ODE3NzI1X0FjdGl2YXRpb24zODA0Njk2NDgxODg=
recent
آخر القصص

رواية قطرات الحب بقلم إلهام رفعت - الفصل الحادى عشر

مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة وأجمل الروايات الممتعة والروايات الرومانسية مع رواية رومانسية اجتماعية واقعية جديدة للكاتبة إلهام رفعت ورواياتها التى نالت مؤخرا شهرة على مواقع البحث نقدمها علي موقعنا قصص 26 وموعدنا اليوم مع الفصل الحادى عشر من رواية قطرات الحب بقلم إلهام رفعت

رواية قطرات الحب بقلم إلهام رفعت - الفصل الحادى عشر

تابع من هنا: روايات رومانسية جريئة 

رواية قطرات الحب بقلم إلهام رفعت

رواية قطرات الحب بقلم إلهام رفعت - الفصل الحادى عشر

 حضرت سريعًا لمقر المشفى حين وصلها خبر الإعتداء على مكتبها بداخله، وقفت رسيل بين طاقم الأطباء العاملين والأمن مشدوهة، تتفحص ما حدث لمكتبها وللمعمل المقترن به، وللحظةٍ عابرة أحست أن الأمر متعمد من أحدهم، ويرتبط بمشروعها القادم؛ لكن تأنت وفكرت بهدوء؛ عل في الأمر شيء آخر، فعدة أشياء جعلتها تستراب، حدثت المسؤول عن الأمن باقتطاب:

-مين عمل كده؟!

رد بجهل ضايقها:

-منعرفش يا دكتورة.

رمقته بنظرة ساخطة وهي تستهزئ به قائلة:

-إزاي، وكاميرات المراقبة اللي مالية المستشفى دي راحت فين؟!

وضح ما حدث بعملية:

-فيه حد قطع الكهربا، وكمان الكبل المؤقت لما تقطع الكهربا، لقيناه كان عاوز تصليح، فالكاميرات كلها وقفت.

عقدت جبينها مذهولة، فرغم بساطة ما حدث من خسائر، لم تقارن بكم المجهود المبذول لفعل ذلك، قالت:

-وكل ده ليه، علشان يكسرولي المكتب والمعمل.

تدخلت راندا وردت عليها بمعنى:

-أنا شايفة إن بعد اللي حصل ده، سهل أي حد يدخل ويعمل حاجات أكتر، يمكن المرة دي عدت، بس الله أعلم بعدين هيحصل أيه.

توترت آلاء وانحرجت، فهي المسؤولة في غياب رسيل، قالت باغتمام:

-صدقيني يا رسيل، أنا كنت متابعة كل حاجة، بس دا حصل بليل جدًا و...

قاطعتها راندا بنبرة حادة:

-كان المفروض يا دكتورة تتممي على كل حاجة، الدكتورة رسيل بنفسها كل يوم بتمر تتأكد إن كله تمام!

لم تتقبل آلاء اتهامها بالتقصير، وكذلك أيضًا ألجم لسانها ولم تجد ما تقوله، وترقبت من رسيل معاقبتها على ذلك، والتي تابعت ما يحدث بقسماتٍ متجهمة، تنهدت بضيق وقالت:

-خلاص حصل خير!

تيقنت آلاء أنها سامحتها كونها صديقتها فقط؛ ورغم ذلك أحست بالذنب، استطردت رسيل حديثها للأمن بحزم:

-متجبش سيرة عن اللي حصل هنا، أنا مش عاوزة دوشة، ومن هنا ورايح لو لقيت تقصير منكم اعتبروا نفسكم مرفوضين.

شرعوا في تنفيذ ما أمرتهم به، وكذلك بدأ عمال النظافة في ترتيب كل شيء، بينما تحركت رسيل للخارج، وخلّفتها آلاء تريد التحدث معها، قالت:

-رسيل، ممكن نتكلم!

بالرواق الخارجي وقفت رسيل لتستمع إليها، فتابعت آلاء بتحير:

-أنا لحد دلوقتي مش فاهمة دا حصل إزاي، وليه أصلاً، وأيه الاستفادة من كده!

من نبرتها وعيت رسيل بمدى تأثرها بما حدث، قالت:

-أنا مش بلومك يا آلاء، بس الله أعلم ليه دا يحصل، بس أنا برجح إنه مقصود إن المستشفى سمعتها تهتز، وإنها مش آمان، ودا ممكن يضرني أنا شخصيًا.

حقًا كان الأمر غريب، ويسبب الريبة، فقد خشيت رسيل تعقب أحدهم لها، ومن ثم تخريب ما تسعى إليه، استأذنت من آلاء لتجري مكالمة هامة، قالت:

-تابعي يا آلاء كل حاجة، وأنا هاعمل تليفون!


ثم توجهت رسيل لغرفة الاجتماعات الجانبية؛ كي تتحدث بأريحية، خاطبت الطرف الآخر بهدوء ظاهري:

-أهلاً مستر هانك، كل حاجة وصلت ولا لسه؟!

قال متحمسًا:

-كله تمام، ممكن تيجي بكرة نبدأ شغل، كلنا في انتظارك، والدكتورة إيما وصلت من ساعة كمان وجاهزة.

هدأ توتر رسيل وقالت:

-طيب الحمد لله، أنا هاجي بكرة ونبدأ، وهكلم مدام نور تيجي كمان.......!!

___________________________________


في ملعب الاسكواش، ضربت الكرة المطاطية الصغيرة بالمضرب وقد بدا عليها رشاقة تماثل الفتيات الصغار، فحركاتها وأسلوبها في كل شيء يجعله يتفاخر بها أمام الجميع؛ خاصة حين تفوز عليه في اللعب، فاستلم الكرة ليضربها هو الآخر وقال:

-برافو يا مامي!

ضربت الكرة ببراعة وقالت:

-مصدقتش لما لقيتك هنا، أومال فين العيال؟

حاذرت نور من ذكر اسم زوجته فهي لا تطيقها، فرد آيان بتردد:

-أنا قولت آجي ألعب شوية وأرجع، وكمان زينة ملهاش مزاج.

ثم استمرا في ضرب الكرة بالتناوب، قالت بتهكم:

-ملهاش مزاج!!، دا بالعكس دا انتوا هتغيروا جوا وتنبسطوا، ولا هي ملهاش في الانبساط، ما أنا عارفاها!

ارتبك آيان ولذلك لم يضرب الكرة جيدًا، وبطرف عينيها نظرت له نور لتستشف ما به، وحين لاحظت اضطرابه توقفت عن اللعب، فسألها:

-خلاص كده؟

تقدمت نور منه وبزيف ردت بتحنن:

-مش عارفة ليه حاسة إنك مخبي عني حاجة، احكيلي يا حبيبي

ابتلع ريقه وبتلجلج تصنع الابتسام، قال:

-مافيش يا مامي، ليه بتقولي كده؟

تضايقت من رده ومدى احتماله لأفعال زوجته، فهي أمه وأحست به، قالت:

-ما أنا عاوزاك يا حبيبي سعيد دايمًا

ثم وضعت يدها لتلامس وجنته كاملة، تابعت:

-أنا عاوزاك راجل، متضعفش، يعني متعملش حاجة غصب عنك وتتنازل، لأنك بعد كده هتقل من نفسك وهتبان ولا حاجة!

كأن حديث والدته نصح متعلق بالمشاجرة ليلة أمس، ووجد فيه الحل لما يمر به، واندهش كونها تستشعر ما بداخله، قال:

-كلامك مريح قوي يا ماما، بيجي في وقته يعني

كما توقعت نور، يوجد ما يضايقة، فجاء حنانها عليه هنا صادقًا، حين احتضنته قائلة:

-حبيبي، لو مش هحس بيكم هحس بمين!

حاوطها آيان بذراعيه بمحبة، وفكر في كلامها جيدًا، لن يتنازل أكثر فهذا غير مقبول، لذا بادر من اليوم بالتجاهل، عل زوجته تتخلى عن نزقها الدائم معه......!!

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

مرة وأخرى هاتفته ولا فائدة، فهاتفه مغلق، اهتاجت زينة فقد تغابى تمامًا عن رؤيتها أو الحديث معها، واغتاظت حين رفض طلبها في إقالة الأخيرة، وبعدم تردد منها وكأنها قد حسمت الأمر، طلبت من الخدم ضب أغراضها وأغراض أطفالها، فسوف تتركه يعاني لفراقها؛ كونها متيقنه أنه لن يتحمل، ثم شرعت في مهاتفة رسيل، وانتظرت..

تقطب وجهها حين وجدتها مشغولة وتتحدث مع آخر، فنفخت وهي تنتوي مهاتفة عمتها، ردت الأخيرة فقالت:

-وحشتيني يا عمتي عاملة أيه؟

ثم لم تمهلها زينة فرصة للرد لتتابع بمفهوم:

-كنت بكلمك علشان عاوزة آجي أقعد معاكم كام يوم كده!

هنا اندهشت سميرة واستفهمت:

-هتيجوا كلكم ولا أيه؟!، اوعى تكوني زعلانة مع آيان

ردت عليها بشرح مقتضب:

-أيوة زعلنا شوية

قالت سميرة بتأنٍ:

-استهدي بالله يا حبيبتي، احكيلي حصل أيه يمكن الموضوع ميستهلش!

كظمت زينة غيظها وهي ترد باعتراض:

-لا الموضوع كبير، ولازم أسيبه كام يوم علشان يتربى

فكرت سميرة في الأمر من كل جوانبه، قالت:

-طالما كده باباكِ هيزعل إنك جيتي هنا ومرحتيش ليه علشان يقف جنبك!

-بابا مش هيعملي حاجة، وبلاش عمرو يدخل في الموضوع!

قالتها زينة بتوجس منه، خاصة أنه متشدد معها من وقت زواجها، تفهمت سميرة وقالت:

-لو كده هنضطر نخبي على فريد إنك هنا، لأنه ممكن يضايق

-هو دا اللي لازم يحصل، أنا مش عاوزة أروح البلد، خلي أيهم يقف معايا!

رغم أن سميرة رفضت هذا المزج في قراراتها غير العقلانية، قالت:

-هحاول، وربنا يستر

اغلقت زينة الهاتف وقد انتوت تأديب الآخر، مرددة بداخلها توعدات له، قالت:

-ارجع بقى متلاقنيش، علشان تطنشني بالشكل ده..........!!

___________________________________


تغاضى عن أمنيته، والتي بسببها سيعاقب من اجتهدت في تدميره، واليوم تبدلت مشاعره، واستفاض ولهه نحوها بحفاوة، وكأنه يتلهف لرؤيتها نقية لم تخنه، استغنى باندفاع كالعادة عن رغبته في إنجاب طفل، وتمنى ألا يحدث ذلك..

و برفقة زوجته داخل إحدى العيادات الخاصة، جلس زين بجانبها ينتظر دورها، فتأبطت سمر ذراعه بحبٍ وتهلل، قالت:

-فرحانة قوي، أخيرًا هيكون فيه رابط قوي يجمعنا!

قال بطلعة غير مفسرة:

-لسه متأكدناش!

قالت بانشراح صدرٍ:

-بس أنا متفائلة، هما خدوا تحاليل الدم وشوية وهنعرف!

علق زين على ذلك مستفهمًا:

-هو كان لازم ياخدوا تحاليل مني، مش المفروض إنتِ بس؟!

اضطربت قليلاً وعللت بخداع:

-ما إنت أول مرة ومتعرفش، هو النظام كده، بياخده عينة من الزوج والزوجة، علشان لو فيه حمل يعملوا اللازم للجنين!

زادت حيرته أكثر وغرابته، ولم يدرك ما الصلة بين ذلك وذاك، فنظرت له سمر بحذر، متوترة من ريبته في ذلك، وحين وجدته توقف عن أسئلته المقلقة لها ارتاحت، ثم ترقبت بداية الشرارة التي ستنطلق بعد قليل، بالاتفاق مع الطبيبة..

وفي ظل مناشدته ألا يحدث هذا الحمل، نادتهما الممرضة، فنهض زين وهي معه تتأبط ذراعه، ثم تحرك معها ناحية غرفة الطبيبة، ووجوم تعابيره كان يوحى بمدى الاستنكاف الذي هب كالريح عليه دون انتباه، جلسا أمام الطبيبة ثم تأهبا لسماع وصفها للحالة، فقالت بأسف مغشوش:

-أنا دلوقتي التحاليل قدامي، ومضطرة مخبيش عليكم، هو أولاً مافيش حمل!

أشرق وجه زين بطريقة جعلت الحزن الذي زيفته سمر فور تلقيها الخبر يتلاشى، وتحيرت في أمره، خاطبها بمواساة مصطنعة:

-متزعليش يا حبيبتي، أنا مش متضايق!

رده جعلها تشك أكثر، فكيف تغيّر من يوم وليلة؟، فقد أضحى يحثها على ذلك منذ ارتبط بها، ماذا جد الآن؟، وقلقها ذاك ما جعلها تنظر للطبيبة بنظرة دفعتها لتكملة المهمة، والتي تابعت بعملية دارسة:

-بس تحاليل الاستاذ زين فيها مشكلة

ذابت بهجة زين الداخلية وحدق بالطبيبة بعدم فهم لمقصدها، أكملت:

-للأسف تحاليل حضرتك بتقول إن عندك مشاكل في الخلفة

بهتت تعابيره حين ألقت عليه الخبر الموجع ذاك، قال:

-أيه الكلام ده، تقصدي أيه؟

ردة فعل زين المبتئسة ذكرت سمر بنفسها، وكم الشعور القاسٍ في سماع ذلك، فعلقت مشاعرها في خانة البرود، وزيفت صدمة ممتزجة بالحزن الشديد، هتفت:

-مش ممكن يا دكتورة، حضرتك متأكدة؟!

تعالت نبضات زين بجزع وهو يترقب أن تشرح له، وقبيل شرحها الذي لن يضيف شيء، رسم حياة فارغة، لن يهنأ بها قط، قالت الطبيبة بأسف:

-التحاليل سليمة، وحضرتك يا استاذ زين للأسف عندك عقم!

أخفض زين رأسه في ضياع، ومن هيئته، بدا وكأنه قد كبُر في العُمر فجأة، وداهمت الهموم حياته، أحست سمر به؛ كونها تمر بنفس الأمر، وحبها للبقاء معه، جعلها تبقى على تنفيذ هذا الخداع المؤسف، ثم جلست على طرف مقعدها لتُقرب المسافة منه، واسته حين أمسكت بكلتا يديه قائلة:

-متزعلش يا حبيبي، أنا معاك على طول!

ببطء رفع رأسه لينظر لها، وكم الحزن في عينيه اللامعة كان كفيلاً بإعلان ما به، تابعت بحنوٍ جارف:

-اوعى تزعل نفسك، والموضوع ده مش هيبعدنا عن بعض، لأن باحبك بجد!

رمش بعينيه مانعًا نفسه من البكاء، فقد ظن وقوف الرب بجانبه؛ كونه لا يريد هذه الزوجة، وتقبل دعوته في رفضه هذه النعمة، وها هو الآن يقابل نتيجة تعجرفه، ثم تنهد بألم.

وعي زين الآن للموقف وجاهد على التشدد، أعلن رباطة جأشه حين قال:

-يلا نمشي من هنا بسرعة............!!

_____________________________________


لاحظا الأخوان عدم وجود قبول بينهن، وكأن شيئًا ما حدث بينهن، وبالأخص من جانب لين، الذي بدا وكأنها المذنبة كأخيها، فتابع سيف المقابلة بترقب واهتمام، وسعد حين بادرت لين بمد يدها لـ مايا للمصافحة وتقول:

-أهلاً يا مايا، عاش من شافك!

باعتياصٍ تحملت مايا وجودها، فهي تعلم جيدًا أنها تبغضها، خاصة وأن صديقتيها يحملن لها من العداوة الكثير، قالت:

-نورتي المكان!

لطف لين الجديد أدهشها، بالأخص وهي تتحدث وتتعامل مع الغير، قالت:

-من شوية طلبت من سيف أعمل الشغل اللي مطلوب منك، ولما ترجعي تكملي، يا رب يعجبك.

رفعت مايا حاجبها قليلاً متفاجئة من شخصيتها الجديدة، فيبدو أن السفر للخارج جعلها تتخلص من صفاتها الدنيئة والسمجة، فأحب سيف اللقاء الذي تخوف منه، تدخل قائلاً:

-طيب مش يلا نشوف شغلنا!

تحمست لين وقالت:

-تمام، تعالى بقى مكتبي أوريك حاجة كده!

وبعفوية سحبته من يده، الأمر الذي أحرجه وأحبه في ذات الوقت من وجود ألفة تجمعها به، فحملقت مايا بهما بغيرة، ظهرت لـ نيفين وكأنها ضيق من وجود تلك لين، خاطبتها بهدوء:

-اوعي تكوني لسه متضايقة من وجودها!

تيقظت مايا وأخفت حالة نفورها تلك، قالت:

-لا مافيش حاجة تزعل، باين عليها شاطرة

قالت نيفين باعجاب:

-الصراحة ذكية جدًا، ولبقة في الكلام، كسبت ودنا بسرعة

الجملة الأخيرة أحدثت قلق كبير في نفس مايا، وجزعت من نبت علاقة تجمعها بـ سيف، فما يتضح لها هو ابتهاجه من انضمامها لهم، وعدم اهتمامه بضيق لمى إن علمت؛ رغم أن أخيها زين، والعداوة بينهم ليست هينة، وجاء السؤال المهلك على بالها، ماذا ستفعل إذا حدث تجاذب بينهما.

لاحظت نيفين شرودها غير المبرر، سألتها لتنتبه:

-مايا، اللي واخد عقلك؟!...........

__________________________________


أطعمت صغيرها واهتمت به جيدًا، ثم شاطرته اللعب في ألعابه؛ كي لا تلامس يديه شيء حاد يضرها، وكان لاقتراح زينة أثر عظيم في اخماد ارتعادها في كل مرة تضطر لمواجهة اتهاماته وتلقى الصفات القميئة من فيهه، واليوم فقط استعادت اشراقتها، وتكهنت للحظات رائعة ستنبثق بينهما، ثم اغمضت عينيها تحلم وترسم أمانٍ مدنفة..

خرجت من حالة الوله تلك على صوت الباب يفتح، حدقت بالباب متشوقة لرؤيته، وحين رأته يلج سارعت بالنهوض؛ لتستقبله، فتحرك زين بخطواتٍ بطيئة للداخل، وحين تفرست ملامحه، انتبهت له بحالة لا تبشر بخير، وارتابت في عدم تصديقه إياها، بينما دنا زين منها واجمًا، وحين وقف أمامها، سحبها لأحضانه بقوة، فتعجبت لمى؛ لكن ضمته هي الأخرى، وما فعله جعلها تقلق بشدة، استفهمت:

-مالك يا زين؟!

استمر يعتصرها بين ضلوعه؛ كأنه يمتص منها شيء يفتقده، أو لربما صدقها ويعبر عن أسفه، فتابعت:

-أنا مش زعلانة منك، أنا حابة بس تتقبل الولد، وتفهم الحقيقة وتكون بينا بس.

كبت زين حزنه داخله، وبالفعل قرر في طريقه إليها ألا يخبرها، وتماشي مع اعتقادها ثم ابتعد عنها، قال:

-لو كنتِ قولتيلي الحقيقة من الأول كانت حياتنا هتكون كويسة

تأملته بعشقٍ وكأنها المرة الأولى التي تراه فيها هادئًا رقيقًا، قالت:

-كان لازم اعمل كده علشان محدش ياخد الولد مني، ملقتش غير الطريقة دي، بس فكرت وقولت لازم تعرف الحقيقة، لأن مش هستحمل ظلمك ليا.

قال ساخرًا بحزن:

-أنا مكنتش عايز غيرك، دلوقتي اتجوزت واحدة تانية

وضعت يديها على أكتفافه وقد رغبت في أن تحظى به بمفردها، قالت:

-طلقها، أنا مراتك الأولى، نسيت كل اللي فات، ويلا نبدأ من جديد

في نظراته نحوها لمحت لمى شيء مبهم لها، هدوئه كان حزين، جعلها تستنبط أنه مغموم من شيء، فشعر زين بقلة الحيلة، قال:

-مش هينفع!

رفعت راية ضيقها وقالت:

-ليه بقى؟!

ثم تذكرت موضوع حمل زوجته الأخرى واختلجت، تابعت بتيه:

-يبقى هي حامل!

رددتها لمى بأعين دامعة بحسرة، ولم يتحمل زين الحديث في هذا الأمر، فتحرك منزعجًا ناحية غرفة نومهما، هنا تيقنت لمى أن هذا هو السبب، فسوّغت غضبها وبدت ثائرة، فقد ظنت أن كل شيء على ما يرام الآن؛ لكن تأزم عن السابق كثيرًا، وفقدت الشغف في الاستمرار هكذا..


بالغرفة جلس زين على طرف التخت منكبًا، يحدق بالأرض غير راغب في مواجهة أحد، وبالأحرى ارتعد من انكشاف ضعفه؛ أو يدفعه وجعه لإخباره بكل شيء، ثم لمح أقدام الصغير كأنه يقف أمامه، رفع رأسه فجأة فوجده بالفعل أمامه ينظر إليه ويبتسم، أطال النظر إليه، وتذكر كم البُغض والعدائية التي كنّها له، وهنا عاب على نفسه في كراهية طفل صغير لا يفقه شيء، وربط عُقمه بقساوة قلبه تجاه هذا الولد، ولأول مرة يشفق عليه، ويشعر بالذنب حياله، وضع زين يده على رأسه بلطف، قال:

-حتى لو مكنتش أعرف حقيقتك، ربنا بيعاقبني على اللي عملته فيك، أسوء حاجة حصلتلي النهار ده!

كلام زين لم تتفهمه لمى، التي تقف عند الباب وتتابع، زاد فضولها وخوفها عليه ثم اقتربت منه، سألته باهتمام:

-حصلك أيه يا زين إنطق، وأيه علاقة يونس بالموضوع.........!!

_____________________________________


لم يجد مهرب من والدته، فالأخيرة لم تفارقه لحظة، وتعمدت حين انتوى المغادرة أن ترافقه للفيلا؛ بحجة أنها اشتاقت للصغار؛ لكن نور رغبت في معرفة مدى سير العلاقة بينه وبين زوجته، ووجل آيان من حدوث مشادة من ناحية والدته إذا علمت بمشاكلهما..

عندما ولجوا للداخل، توتر آيان تأجج، قال:

-اتفضلوا اقعدوا وأنا هاطلع أبلغ زينة والولاد!

-روح يا حبيبي ومتتأخرش

قالتها نور وهي تتحرك مع ابنها عُمر ناحية الصالون أمامهما، فصعد آيان للأعلى بخفة كبيرة؛ معتزمًا تحذير زينة من التطاول، وبالطبع تزيف أنهما بخير. وفور ولوجه لغرفة الأطفال شُده حين رآها فارغة، ظنهم مع أمهم فتوجه لغرفة النوم، ثم فتحها..

أيضًا وجدها فارغة، خطا آيان للداخل مدهوشًا، وأخذ يمرر نظراته على ما حوله، والاضطراب الذي سيطر عليه بغتةً، أصابه بالخوف من اندفاعها وتهورها، بالأخص إذا فكرت بالرحيل.

وقعت عينا آيان على خزانة الملابس، فوجدها مفتوحة على مصراعيها من ناحية ما تخصها، وخالية تقريبًا من الملابس، وتوقع أنها تركت الفيلا؛ رغم ألمه من ذلك، غضب أيضًا من تصرفها القبيح، ثم بغيظ أخرج هاتفه ليتحدث معها، ويستفهم أين هي؟!...

لم تجيب عليه مع استمراره معاودة الاتصال، حيث فعلت زينة معه بالمثل، حين نظرت لهاتفها بتهكم وهي بالسيارة مع أبنائها متوجهة للقاهرة، ثم كلت وملت من اتصالاته، وقررت الإجابة عليه، هتفت بنفور:

-أيه قرفتني، عاوز أيه؟

هتف باحتدام:

-فيه ست محترمة تكلم جوزها كده؟!

ردت بلا مبالاة:

-إنت اضطرتني لكده، وابقى طنشني زي ما عملت النهار ده، أنا كمان باعرف اطنش!

كانت تثير غضبه أكثر بردودها، صاح باهتياج:

-إنتِ فين، والولاد فين؟

ردت بمكر:

-أنا راجعة بيت أهلي ومعايا العيال، خلي الست اللي اختارت وجودها معاك تنفعك!

لم يتحمل نزقها وهدر بها:

-اللي بتعمليه ده مش هينفعك، ولا هيخليني أنفذ اللي في دماغك، هتتعبي يا زينة من ردة فعلي

-ميهمنيش!

تحامقت وهي تقولها، وذاك ما جعله يتيقن عدم حبها له، قال:

-ماما كان عندها حق لما قالت دي عُمرها ما حبيتك، خلاص يا زينة اتأكدت، ومش هغصبك!

ألقى آيان الهاتف وقد احتقن بغضب كليًا، حاول التنفس بهدوء ثم جاء ليتحرك للخارج؛ اصطدم بوالدته التي تقف عند مقدمة الغرفة وقد استمعت لكل شيء، وذاك البادي على ملامح وجهها الحادة، خاطبته نور بحزم:

-كويس إنك فوقت لنفسك، والبت دي أنا عاوزاك تربيها......!!

_____________________________________


وهي جالسة معه بالصالون، شرحت باقتضاب له الهراء الذي حدث؛ رغم تفاهة الأمر، كان مثير للدهشة والاستنكار، فعقّب أيهم على ما قالته بغرابة:

-كل الضجة دي علشان يكسّرولك مكتبك!

هو الآخر لم يقتنع، وفطن وجود غموض وراء ذلك، تابع:

-مش مطمن يا رسيل، أكيد في سبب ورا كده، وكبير كمان

قالت بجدية:

-علشان كده عاوزة منك تجبلي أمن زيادة، لأن بجد مبقتش مطمنة، بيتهيألي فيه حد عاوز يأذيني!

-هيحصل، واطمني مش هيحصل حاجة تانية!

ترددت رسيل في إخباره بأمر متعلق بعملها؛ لكن نظرات أيهم حين تفهم عليها جعلتها تطلب منه بحرج:

-أيهم هتديني الشيك إمتى اللي كلمتك في البلد عليه؟!

لم يبالي أيهم في البداية؛ لكن زاد الأمر وكثرت طلباتها، رغب في الرفض؛ أو التملص منه، لكن نظراتها الواثقة نحوه أرغمته على الموافقة، وعلى مضض قال:

-يومين كده وهيكون جاهز، لأني مشغول في مصاريف كده!

ارتاحت رسيل قليلاً كونه لم يرفض في المجمل، قالت:

-بإذن الله هعوض كل اللي بتصرفه ده!

زيف بسمة لها فهو لن ينتظر المقابل، واعتراه شيء غريب أدرك من خلاله أنها ستفشل، لذلك وجد أن ماله ينفق في الفراغ...!

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

وهي تترجل من السيارة، استقبلتها سميرة بترحيب حار، وفور رؤية زينة لها، خاطبتها بتنبيه:

-مش عاوزة حد يعرف يا عمتي بحاجة دلوقتي!

احترمت سميرة رغبتها ثم تحركت للداخل مصطحبة إياها والأبناء، وحين علمت رسيل بحضورها انصدمت، وتخيلتها جاءت لزيارتها، لذا تهللت لتقابلها باحتفاءٍ جم، ثم احتضنها بحرارة ورددت:

-أخيرًا شوفتك بعد شهور!

ابتعدت رسيل وتابعت بتوبيخ محبب:

-مجتيش ليه البلد، كنت مستنية أشوفك، وحشتيني!

رحب بها السيد مروان أيضًا ثم دعاها للجلوس والراحة، وبالفعل فعلت، سألتها رسيل بترقب:

-فين آيان، ولا جاية لواحدك؟!

ردت ناظرة لعمتها بتلجلج:

-قولت أجيلك اقعد يومين، والولاد يلعبوا مع بعض

تبسمت رسيل وقالت:

-كفاية إني شوفتك بخير وكويسة!

ثم انتبهت رسيل لقدوم أيهم، قالت:

-أيهم جه أهو، أصل كان عمي بيكلمه

أخفت زينة ارتباكها، وتوجست من معرفة والدها بوجودها هنا، وقبيل أن تحذرهم على التكتم، كان قد انضم أيهم لهم وقد تفاجأ بـ زينة، فوجه لها الحديث بجدية:

-باباكِ لسه مكلمني، وطلب مني أشوفك فين

ذابت أوصالها من فرط رهبتها، فها قد كُشفت الأمور، فتابع أيهم بمفهوم صدمهم:

-آيان باين مكلمه، وبيقول لو عايزة تطلقي معندوش مانعَ......!!

*********************
إلي هنا ينتهي الفصل الحادى عشر من رواية قطرات الحب بقلم إلهام رفعت
تابع من هنا : جميع فصول رواية قطرات الحب بقلم إلهام رفعت
تابع من هنا: جميع فصول رواية أرض زيكولا بقلم عمرو عبدالحميد
تابعوا صفحتنا على الفيس بوك للمزيد من روايات عربية
أو أرسل لنا رسالة مباشرة عبر الماسنجر باسم القصة التي تريدها
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة