-->
U3F1ZWV6ZTMzNTg0ODE3NzI1X0FjdGl2YXRpb24zODA0Njk2NDgxODg=
recent
آخر القصص

رواية قطرات الحب بقلم إلهام رفعت - الفصل الرابع عشر

مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة وأجمل الروايات الممتعة والروايات الرومانسية مع رواية رومانسية اجتماعية واقعية جديدة للكاتبة إلهام رفعت ورواياتها التى نالت مؤخرا شهرة على مواقع البحث نقدمها علي موقعنا قصص 26 وموعدنا اليوم مع الفصل الرابع عشر من رواية قطرات الحب بقلم إلهام رفعت

رواية قطرات الحب بقلم إلهام رفعت - الفصل الرابع عشر

تابع من هنا: روايات رومانسية جريئة 

رواية قطرات الحب بقلم إلهام رفعت

رواية قطرات الحب بقلم إلهام رفعت - الفصل الرابع عشر

 دثر أولاده جيدًا بعدما وضع أصغرهم في تخته حال غفوه، ثم بهدوء تحرك للخارج؛ تاركًا إياهم ينعموا بنومٍ مريح. سار أيهم في الرواق العلوي متجهًا لغرفته، وأثناء ذلك وجد السكون في أجواء الفيلا، وفطن اختلاء كل شخص بغرفته؛ للنوم، فاعتزم أن يغفو هو الآخر، متمنيًا أن تكون رسيل قد عادت، ثم ولج الغرفة وبحسه استشف مجيئها فابتسم، استمع لصوت ماء المغسل فدنا من باب المرحاض متسائلاً:

-رسيل، إنتِ خلصتي؟!

ردت من الداخل وهي تخرج من المغسل بعدما انتهت:

-شوية وخارجة

تحرك أيهم لينتظرها؛ لكن لمح أثناء مروره من جوار المرآة، زجاجة صغيرة وملفتة، كانت غريبة عن باقي العطور والأدوات، فاتجه نحوها مقطبًا، ثم أمسك بها وبادر في قراءة ما طبع عليها، وبخطٍ واضح لمح عبارة (Calms nerves) (مهدئ للأعصاب)، قال:

-جه في وقته، أنا مصدع من الصبح!

ثم فتح غطاء الزجاجة وسكب فيه من الدواء؛ حتى امتلأ الغطاء، خاطب رسيل من الداخل بمفهوم:

-رسيل أنا هاخد من المهدئ ده!

لم يجد جواب منها أو كأنها لم تستمع له، وبالأحرى لم يكن ليستأذن، بل يخبرها، ثم تجرعه أيهم دفعة واحدة، لعق شفتيه بعدما انتهى وهو يعيد غلقها مجددًا، وعقب وضعه للزجاجة موضعها فرك رأسه وهو يتجه للفراش؛ ليغفو، عل هذا الدواء يمنحه القدر الكافي من الراحة والهدوء من عقله الذي تشغله الأعمال طيلة النهار، وحين استلقى على التخت وسحب الغطاء عليه، أحس بأن النوم قد ذهب، وتملكت منه يقظة عجيبة، بل ونشاط مفاجئ، في ذلك الوقت خرجت رسيل من المرحاض وهي تفرك يديها بـ كريم ما للبشرة، ابتسمت له وقالت:

-معلش اتأخرت النهار ده، كان عندي شغل وانشغلت.

اعتدل أيهم في نومته بعدما جفاه النوم، قال:

-ولا يهمك، أنا متفهم ده.

ثم كشّر وجهه وقد تحير فيما أصابه فجأة، خاصة كم السعادة التي طرأت عليه دون مقدمات، ورغبته في الضحك بدون سبب، انتبهت له رسيل وهي جالسة أمام المرآة عبر انعكاس صورته، سألته بغرابة:

-متفرحني معاك!

لم يتمالك نفسه حتى كركر بشدة، فبدا التعجب على رسيل من مزاحه آخر الليل بهذا الشكل، ثم نهضت لتتجه نحوه، هتفت:

-مالك يا بني؟!

جلست بجواره مدهوشة وهو ما زال يضحك، وبعفوية ضحكت مثله، تابعت باندهاش أشد:

-أيهم قولي فيه أيه؟

غلبته نوبة الضحك وقال:

-مش عارف يا رسيل، من شوية كنت عاوز أنام ومصدع!

ترقبت أن يشرح لها باهتمام؛ حتى أخبرها بالصدمة، أردف:

-وبعدين أخدت من المهدئ بتاعك، النوم راح!

ثم تابع ضحكه وسط ذهولها، وتساءلت، عن أي مهدئ يتحدث؟، قالت باستنكار:

-أيهم أنا معنديش...

توقفت عن تكملة كلامها حين تذكرت زجاجة الإختراع التي جلبتها معها من المشفى، جحظت عينيها بصدمة ثم وجهت بصرها للزجاجة المسنودة على المرآة، عاودت النظر له وقالت:

-دا مش مهدئ يا أيهم، دا الإختراع بتاعي وحطيته في الإزازة دي علشان متعرضش لمشاكل لو حد شافها

ضحكه الهيستيري جعله لم يستمع لما تقوله أو ينتبه، فخشيت رسيل عليه وقلقت، ثم بدأت تتابع ردود أفعاله إثر حدوث نتائج الدواء المركب خاصتها، وأظهرت خوفها عليه من حدوث عوارض سيئة، وندمت أنها لم تنتبه لهذا الفعل غير المقبول، فربما وقع الدواء في يد أحد صغارها، عبست كثيرًا ثم وضعت ذراعها على كتفه نادمة ومغتمة، سألته بجدية:

-أيهم إنت حاسس بحاجة معينة؟!

نظر لها وقد إحمر وجهه من الضحك المسيطر عليه، بعكسها هي تناست أي فرح، وترقبت رده بشدة؛ لكن حين توقف عن الضحك فجأة تصلبت نظراتها عليه وتيبست موضعها تراقب ماذا بعد؟، فتبدلت نظراته نحوها لرغبة مقلقة، وفجأة طوق خصرها وقال:

-إنت محلوية النهار ده كده ليه؟!

تلوت بجسدها وقد خافت منه ومن فعله ذاك، سألته بتلعثم:

- حـ حصلك أيه؟!

قوته التي تفوقها جعلت فرصة ردعها له تفشل، فجذبها لتلتصق به ونظراته توترها أكثر، قال:

-حصلي حاجات تجنن!

حالة الرغبة التي لاحت عليه لم تمر عليها من قبل، وارتعدت أن يصل الأمر معه لشيء آخر يؤثر بالسلب عليه، وحين شرع في نزع ثيابها تركته يفعل ما يريد، فالأفضل لها أن ترضخ لردة فعله، وكانت رهبتها الأشـد من تفاقم الأمر لما لا يحمد عقباه، وأعطت نفسها اللوم فهي من تسببت في تحوله الغريب ذاك....!!

___________________________________


تحديقها القاسي نحوه لم يدفعه للتراجع خطوة، بل استمر يتعمق للداخل بخطى واثقة، ولم يعطي لحضورها أي اهتمام؛ أو حتى بدت عليه علامات توتر من وجودها، وعلى النقيض لمى التي بهت وجهها، وخشيت من تهور والدتها، سواء عليه أو عليها، فخاطبتها بحذر:

-ماما تعالي نتكلم جوه!

اتجهت نظرات السيدة إيمان الحادة عليها، صاحت بانزعاج:

-ليكِ عين تتكلمي، وإنتِ واخدة شقة علشان يقابلك فيها من ورايا، وتلاقيها شقته

جاءت لمى لتبرر بحزن فقاطعتها السيدة بحنق:

-وكل أما أسألك عليه تقولي خلاص بعدنا عن بعض، لحد إمتى هتكدبي عليا؟

-أنا اللي طلبت منها متقولش لحد، دي رغبتي أنا

رد زين عليها كان مثير للحنق، فنظرت له باحتقار وقالت:

-من حقك، ما هي الرخيصة بس هي اللي بتتجوز في السر

عارضت لمى على وصف والدتها لها، قالت:

-دا جوزي يا ماما والكل عارف ده!

سخرت السيدة من ردها الجهول، قالت:

-رجوعك بالشكل ده ليه أكبر دليل إن معندكيش كرامة، وإنك تستاهلي اللي بيجرالك منه!

ألقى زين مفاتيحه على الأريكة ثم اتجه ليجلس؛ مقررًا عدم مناقشة السيدة، بينما علقت لمى على كلامها بضيق:

-ماما أنا مش صغيرة، واعمل اللي شيفاه صح ليا

شعرت السيدة بخيبة الأمل وهي تتطلع على ابنتها، هتفت:

-عندك حق، ومن حقي أنا كمان أقولك مش عاوزة أشوفك تاني، ولما يبهدلك ودا قريب هيحصل، إنسي إن ليكِ أم يا لمى!

تحركت السيدة للخارج مستاءة، فنظرت لمى لـ زين بحزن؛ لكنه لم يعلق، فتحركت لمى سريعًا؛ لتلحق بوالدتها، ولم يتأثر زين بما حدث مطلقًا وظل هادئًا، أو ادعى ذلك أمامهـن..!

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

استخدمت لمي المصعد الآخر للحاق بوالدتها؛ كي تشرح لها وتطلب العفو منها، وأثناء خروج السيدة إيمان من المصعد في الطابق الأرضي لمحتها سمر، وبخفة توارت الأخيرة خلف عمود رخامي ضخم بالجوار، ثم راقبتها من خلفه، فقد جاءت هنا نتيجة مراقبتها لـ زين، وحين وصلت إليها لمى قبيل مغادرتها المبنى، تابعت باهتمام ما سيدور بينهن من حوار..

حالت لمى دون خروج والدتها وقالت بعتاب:

-ماما الكلام ميبقاش كده، معقولة هتتبري مني

ردت الأخيرة بتبرم:

-مش إنتِ مش صغيرة، خليكِ بقى لنفسك واعملي اللي على كيفك طالما معملتيش اعتبار لأمك.

اختلقت لمى تبرير لها وقالت:

-زين هددني يا ماما، وأنا كنت خايفة عليا وعلى يونس بالأكتر

لامتها باستنكار:

-أنا أمك على الأقل قوليلي، علشان أقف جنبك وابعده عنك


غضبت سمر حين تفهمت أن زوجها من أراد رجوعها، ولعنت حماقتها فقد ظنت أن هذه الفتاة لعوب وهي من دفعته للعودة إليها، وسئمت وهي تتابع، هتفت لمى بترجٍ:

-متزعليش مني يا ماما، أنا مكنتش هقدر أسافر تاني واتغرّب، كنت عاوزة أفضل جنبك، وصدقيني أنا عملت كده علشان يونس، خوفت يأذيه، لأن لحد دلوقتي مخبية عنه الحقيقة.

قالت السيدة باستهزاء:

-يعني وجود يونس معاه في مكان واحد مش هيأذيه

قالت موضحة:

-أنا فهمته إن يونس مش ابن سيف ولا حتى ابني، فهمته إنه ولد لقيته وكفلته.

استفهمت السيدة باندهاش:

-وهو صدق الكلام ده؟!

-اقنعته بطريقتي يصدق

بدت السيدة معترضة على تهورها في قول ذلك، قالت:

-ليه تعملي كده، دا ابنك وكده غلط يا لمى؟

ردت الأخيرة باكتراب:

-لأن لو فضل عارف إن سيف أبو الولد مش في صالحي أو صالح يونس، وكان هيفضل يكرهه ويأذيه ويأذيني.


بأيدٍ ترجف كانت سمر تمسك بهاتفها وتسجل ما يحدث بينهن صوت وصورة، وكانت في حالة صدمة؛ لكن من شدة فرحتها، فقد وقع في يدها دليل خيانة حبيبته له، ثم اتسعت بسمتها ومسرتها؛ كونها لن تبذل مجهود لإفساد هذه العلاقة، ثم أوقفت التسجيل مكتفية بهذا القدر من الاعترافات المثيرة، وانتظرت انتهاء حديثهن المسلي؛ كي تخرج وتدبر طريقة قوية للتخلص منها وللأبــد....!!

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

مدح نفسه حين خبأ حقيقة عقمه عليها، فربما معرفة والدتها بالزواج ستدفعها لتركه، فيكفي كم حزنه على نفسه، تسطح زين على التخت متألمًا من الداخل، ورغم أن زوجته سمر قدمت له قبولها معه وارتضائها لحالته، لم يهمه أمرها، وكانت رغبته الأكبر حين تسانده لمى، فهي من أحبها وتمنى أن تكون معه للنهايــة..

ولجت لمى الغرفة وجدته هكذا، فرفع رأسه نحوها ثم اعتدل قليلاً، اقتربت منه قائلة:

-اتكلمت معاها، وفهمتها إنك اتغيرت ومش هتزعلني مهما حصل

ثم جلست على طرف التخت في مواجهته، فرد عليها مؤكدًا:

-خلاص يا لمى، ننسى اللي فات ونبدأ من جديد

توالت نصائح والدتها الأخيرة لها على ذهنها ووعتها جيدًا، ولم تتردد في إخباره بها، قالت:

-ماما دلوقتي عرفت، وأنا كنت خايفة من ده، هل إنت جاهز تقول للكل على رجوعنا؟!

تطلع عليها وقد بدا عليه التلعثم، وفشل في إيجاد رد تقبله، وذلك ما جعلها تنزعج بشدة، فقست نظراتها عليه، هتفت:

-ساكت ليه، ولا مش من حقي يا زين؟!

وضعته قاب قوسين، وشلت عقله من مجرد التفكير بعقلانية في الأمر، فوجد نفسه يقول بمفهوم:

-سيبيني أفكر وأشوف الموضوع ده، متنسيش إني متجوز

نهضت لمى ولم تتحمل الكثير، خاصة حين تفكر في وجوده مع امرأة أخرى ويشاطرها الحياة، صاحت بغضب:

-من حقي دلوقتي أرفض إنك تكون مع حد غيري، فاختار بينا، لأن دا شرطي

تشجيع والدتها لها دفعها لقول ذلك، وتخرج ما كانت تكبحه من عدم رضا في بقائه للآن مع زوجته الأخرى، وهذا ما فطنه زين، فقد تحمست بفضل والدتها، فنهض هو الأخر ثم وقف أمامها، قال:

-يعني لو طلقتها يا لمى هتفضلي معايا؟!

-أيــوة!

قالتها بجدية، فعاد موضوع عقمه يراوده، ثم سألها بترقب:

-وتوعديني لأي سبب تاني مش هتبعدي عني، مهما كان أيه؟!

لم تعي مقصده الأساسي، وما تفهمته أنه يخشى ابتعادها عنه، فأكدت مبتسمة:

-مش ممكن أبعد عنك لأي سبب، طلقها ونفضل أنا وإنت وبس.

-وعد؟

-وعد يا زين!

حثته بكلامها على تخليه عن الأخيرة، فهذا ما أراده من البداية، ابتسم لها ثم ضمها إليه بقوة جعلتها لأول مرة تشعر بالراحة حين حدث ما كانت تبغاه، فهي فرصة جيدة لتخبره بوجود ابنه، وتمنت أن يحدث ذلك سريعًا، قال:

-اديني كام يوم كده وهطلقهــا.......!!

_____________________________________


كأي أب في موضعه ذاك، عليه التدخل بعقلانية لفض الأمر، للصواب بالطبع، فدعا ابنه للحضور لمكتبه بالفيلا، وكانت الجلسة خاصة بينهما، بالأخص استغل زين عدم وجود نور؛ ليحل الأمر دون ضجـة..

جلس آيان مقابيله باحترام وقال:

-خير يا بابا؟!

سأله آيان رغم تيقنه مغزى دعوته له؛ لكنه رسم الهدوء، وبالطبع أعد الردود مسبقًا، خاطبه زين باستياء:

-سمحت لمراتك إزاي تروح لعند أهلها، على أساس كنت معترض قبل كده تعملها وتاخد العيال.

رد حانقًا:

-خدتهم من ورايا يا بابا، وببجاحة سافرت من غير إذن

سأله زين بجهامة:

-وكل دا ليه؟، واشمعنا لما رجعتوا فيلتكم؟

الشعور الذي وصل آيان احتفظ به لنفسه؛ كونها لربما لم تتقبله، وجاء ارتضائها للزواج غصب من أهلها، فرد على والده بهدوء ظاهري:

-بابا لو سمحت خليني اتصرف معاها بطريقتي، لأن مش هقبل طريقتها معايا بالشكل ده، وكفاية لحد كده، مش هجبرها عليا

استمع له زين بعين الدهشة، هتف محتجًا:

-بقى دي اللي فهمت الكل إنك اغتصبتها علشان تتجوزها، جاي تقول دلوقتي مش هجبرها عليا

رد بعزيمة فاجأت والده:

-أنا مش آيان العيل يا بابا، أنا دلوقتي مسؤول عن تلت ولاد، أنا باحبها بس خلاص كفاية، عِندها كرهته وتحكمها فيا جاب أخري

اختلف زين معه كليًا وقال:

-كده بتهد أسرة، المفروض تقعد مع مراتك وتتفاهموا، من إمتى بيحصل خناق كبير كده بينكم، إنتوا بينكم ولاد، مفكرتوش فيهم

هتف بعصبية:

-اسألها يا بابا ليه تعمل كده، أنا مكنتش بقولها لأ، ودايما حبي ليها كان واضح للكل، أعمل أيه تاني؟.

-أنا هروح واتكلم معاها، علشان مينفعش كده

رفض آيان بشدة وقال:

-الموضوع خاص بيا، وأنا اتكلمت مع عمرو وفهمته كل حاجة، وقالي إنها مش هترجع عن اللي في دماغها، تبقى هي اختارت

ذُهل زين ولم يستوعب كم الحماقة النابعة منه؛ أو من زوجته غير الواعية، هتف مستنكرًا:

-أيه ده، بسهولة كده، أنا مش هقبل ده يا آيان، اوعى تكون بتفكر في طلاق لأن مش هيحصل، أنا مبطلقش حد

تهكم آيان من جملة أبيه الأخيرة، وعلق عليها بطريقة أحرجته قائلاً:

-طيب ما حضرتك طلقت ماريـان......!!

_____________________________________


تجشمت من كم الأخبار التي تأتيها عنه، وانفطر قلبها حين وصلها مدى السعادة التي ينعم بها حال انفصالها عنه، ورغم أنها قد تركته وانتهى، ظلت تتبع أخباره عبر الهاتف من صديقتها المقربة يسـرا، فخاطبتها ماريان بألم:

-أنا هموت من اللي بيحصلي، مش قادرة اتحمل إني انخدعت فيه، وعاوزة انتقم منه

ردت عليها يسرا بنصح:

-انسيه يا ماريان، هو خلاص اتجوز وشاف حياته، ولو كان ظلمك ربنا مش هيسيبه

علقت ماريان بسخرية حزينة:

-باين أهو ربنا بيعاقبه، دا حياته مبقتش كويسة غير بعد ما سابني، زي ما أكون وشي وحش عليه!

ظلت يسرا تعطي نصحها لها فأضافت بتعقل:

-تابعي علاجك يا ماريان، واشغلي نفسك بأي حاجة، لأن لو فضلتي كده هتتعبي، انسيه أرجوكِ.

أحست ماريان بالقهر، وبكت في وجوم رغمًا عنها، ثم أنهت مكالمتها سريعًا؛ لتأخذ وقتًا خاصًا للتنفيس عن حزنها المهلك لقلبها المكسور، ودخول والدتها عليها بغتةً، أصابها بالإرتباك ونهضت، فتضايقت نور من حالتها واكفهرت، هتفت:

-هتفضلي كده ولا أيه، إنتِ خلاص مبقاش فيه منك فايدة!

نظرت لها ماريان بأعين حزينة باكية، قالت:

-عامل حفلة ومبسوط، وأنا انكسرت وضاع حقي، أنا مقهورة منه

دنت نور منها وكانت هي الأخرى غاضبة؛ لكن زين طلب منها ألا تتدخل، فضاق ذراعها وقالت:

-دا ابن خالتك، مينفعش نأذيه حتى، بس اللي ينفع ننساه ونشوف غيره

ردت ماريان بحرج وتردد:

-مش هينفع اتجوز، مش مستعدة ارتبط بحد تاني دلوقتي!

أمسكتها والدتها من كتفيها وقالت في شغف:

-العدة بتاعتك استغليها بإنك تتعاملي مع الناس، وكمان أنا قولتلك إن مستر زاك طلب إيدك

تلك الخطوة وترت أعصابها، وهزت جسدها كليًا، فحمستها نور قائلة:

-النهار ده هتشوفيه وأكيد هيحاول يتكلم معاك، متصديهوش واتعاملي معاه، أنا شيفاه مناسب ليك، دكتور ومثقف، وصغير مش كبير

حاولت ماريان أن تتقبل طلب والدتها، بعكس قلبها الذي يرفض هذا العبث، وهزت رأسها لتبدي موافقتها على ذلك، فابتسمت نور برضى، قالت:

-يلا بينا نجهز علشان نروح المستشفى مع رسيل....!!

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

ضبطها للمنبه ما دفعها للإفاقة في موعدها، فاعتدلت رسيل بصعوبة بأعين ناعسة، فقد غفت في وقت متأخر، ولم تأخذ نوم كافٍ يمنح جسدها النشاط، وكل ذلك بسبب نزقها.

وحين تذكرت ما حدث ليلة أمس، تنبهت جيدًا ثم حدقت بـ أيهم، تفحصت بدنه وملامح وجهه باهتمام، هزته ليفيق وقالت:

-أيهــم!

لم يجيب عليها وانغمس في النوم بشدة، فلم تضغط رسيل عليه وتركته يريح جسده، فحالته أمس وصلت حد الهوس، ثم نهضت لتتجه ناحية زجاجة الدواء، رفعتها نصب أعينها وطاشت بعقلها في مفعولها الذي لم تتوقعه، قالت:

-مش معقول، المفروض دا يسكن الألم و...

بترت بقية كلامها حين تذكرت القرد، هتفت بشغف:

-القرد، يا ترى أخباره أيه؟!


بعجالة وخفة ارتدت رسيل ملابسها، وطلبت من عمتها متابعة أيهم كل فترة؛ كي تطمئن عليه أكثر، فما يريح قلبها أن أثر الدواء لن يصيبه بمكروه من الناحية الجسمانية، ثم توجهت للمشفى برفقة نور وابنتها، وعندما وصلت لم تفكر في شيء آخر سوى رؤية حالة القرد، وعند ولوجها المعمل استقبلتها راندا، التي هتفت بذهول:

-الحقي يا رسيل، القرد طول الليل بعد ما شرب فضل يكسر في القفص وعايز يخرج، وزي ما يكون اتجنن

تحركت رسيل صوب قفص القرد وهي تحملق به، وجدته ساكنًا وهادئًا، وربطت ما حدث مع أيهم به، هنا أيقنت أنها لربما وضعت مقادير خاطئة، أو أضافت عنصر مغاير، قالت:

-أنا درست كتير، وأخدت رأي مستر زاك وتابع معايا، بس مش فاهمة المشكلة فين؟!

قالت راندا بمعنى:

-على العموم هو جاي كمان شوية، ممكن يفيدك

قالت رسيل بقلق:

-لازم أعرف الدوا دا ليه نتايج تضر أو لأ

ثم أمرت راندا بعملية:

-ابعتي لحد من الحرس يجي، هنعمل تحاليل للقـرد......!!

_____________________________________

بحديقة السراية، جلست معها لشم الهواء النقي والجلوس تحت شمس الصباح المفيدة، ومنها ترفه عنها بعدما وصل تشدد زوجها في عدم الموافقة على شروطها، ولم تتوقع أن يصل الأمر ويتفاقم لهذا الحد المبغوض، هتفت باستنكار:

-طلاق يا زينة، إنتِ معاك تلت ولاد، هتعملي أيه؟

هذا آخر ما فكرت به زينة، ولم تتخيل أن يصل الموضوع بها لهذه النقطة، وينتهي بطلاقها منه، قالت:

-مش مصدقة، آيان بسهولة كده يطلقني، كنت فاكرة لما نكون لوحدنا هتكون حياتنا أحسن

هتفت جاسمين بظلمة:

-أنا سمعت عمرو بيتكلم معاه، وكان باين جدا إن آيان مش هيوافق على طريقتك معاه، وكان الاتفاق هو الانفصال بهدوء، وهيفضل الود موجود

ابتسمت زينة في سخرية ورفضت قبول هذا الخطل؛ لكن إذا كانت هذه نية الأخير في الرضا بتركها، لا مفر من الإعتراض، مسدت جاسمين على ظهرها لتواسيها، وهن كذلك انتبهت جاسمين لحضور زوار، قالت:

-فيه حد باين جاي عندنا

أعدلت زينة من هيئتها جيدًا ثم نظرت بتكهن للقادم، ثم نهضت هي وجاسمين لاستقبال الزوار. فولجت سيارة سوداء وللحظة تمنت زينة أن يكون أحد أقارب زوجها قد أتى إليها طالبًا الصلح؛ لكن السيارة كانت عادية وغير حديثه، وكشف هوية صاحبها جاسمين التي لوت فمها وقالت في تهكم:

-كنا ناقصين دول كمان يجوا يقرفونا

ترجل من السيارة شاب ثلاثيني، فارع الطويل وبجسد ثمين، هيئته كانت ضخمة، وملامحه قاسية ذي شارب طويل، ومن بعده ترجلت فتاة عشرينية، قصيرة القامة، وجسدها يملؤه الدهون من كل ناحية، حد أنها تجد صعوبة في الحركة.

جهلت زينة من هما حتى تحدثت جاسمين وقالت:

-أهلاً وسهلاً، نورت السراية يا ريس عمران

دنت الفتاة منهن مبتسمة باتساع، تساءلت:

-فين عمرو؟

نظرت لها جاسمين بضيق مكبوت، فهي تتعمد استفزازها بسؤالها الدائم عن زوجها، فسألتها زينة بهمس:

-مين دي؟!

ردت جاسمين من بين أسنانها:

-صباح!

جاء عمرو مرحبًا بحفاوة كبيرة، هتف:

-أهلاً وسهلاً، سرايتي نورت

ثم عانق عمران، ومن العجيب انتظار صباح أن يعانقها هي الأخرى ليرحب بها؛ لكن وقفت جاسمين حائلاً، ولاحظت زينة عدم قبول جاسمين للفتاة، ثم دنت من أذن جاسمين وهمست:

-البت دي مالها بتكلم عمرو كده ليه؟!

همست جاسمين بغيظ:

-بت سخيفة وبجحة، عينيها من أخوك، بترسم عليه

استنكرت زينة ذلك وظهر تنمرها عليها حين قالت:

-البغلة دي، دي ملهاش شكل وعاملة زي الجاموسة هي وأخوها

ردت جاسمين بقسمات محتدمة:

-أخوك بيقول عليها مربربة وحلوة، شكلها عجباه

كتمت زينة ضحكاتها بصعوبة، وما زالت معترضة على قبول أحد لفتاة في هيئتها، وحين دعا عمرو عمران للدخول، سار الأخير لداخل السراية ومعه أخته، فالتفت عمرو لـ زينة قبيل تعقبه لهما، خاطبها بمفهوم متشفٍ صدمها:

-تعالي اقعدي مع الضيوف، علشان تتعرفي على عريسك المستقبلي.........!!

_______________________________________


شاركت والدتها مشاهدة الفيديو المسجل رغم أنها قد حفظته عن ظهر قلب، وظلت تتردد الكلمات المبهجة تلك في آذانها، حين توقف هتفت والدتها بدهشة المتهلل:

-برافو عليك يا سمر، بتعرفي تفكري، الفيديو دا هيخلصك منها من غير ما تتعبي نفسك!

كشرت سمر فجأة حين تذكرت كلمات والدة الأخيرة لها، هتفت:

-كانت بتقولها لو عايزك بجد يبقى تخليه يطلقني، بنت الـ...

لم تكمل سمر سبها كونها لم تعتاد على قول هذه الكلمات، فأطالت والدتها النظر إليها تفكر، قالت:

-أما بجحة صحيح، خلاص زين لازم يشوف الفيديو ده، لأنه أكيد دلوقتي بيفكر يتخلى عنك!

تحابقت سمر عليه وعاتبته قائلة:

-يعني قولتله إني واقفة جنبه وبرضوه مش عاجبه

ابتسمت والدتها بسخرية وكادت تضحك من حماقتها، قالت:

-هنكدب الكدابة ونصدقها يا سمر، إحنا عارفين إنه معندوش حاجة

بأعين حزينة نظرت بلوم لوالدتها، واستشعرت أنها المعيبة، فتراجعت والدتها عن تذكيرها بحالتها وقالت:

-المهم دلوقتي لازم نتصرف بسرعة، ومن غير ما يعرف إنك ورا ده

ابتلعت ريقها ثم استعادت حماسها وهي تخبرها بما فكرت به، قالت:

-أنا عاوزاه يشك فيها، يعني سيف ده عاوزة زين يشوفوا معاها، طالما أبو الولد يبقى أكيد بيشوفه وبتقابله

علقت والدتها بضجر:

-وليه كل ده، إحنا نبعتله الفيديو وخلاص.

ردت عليها بحنكة:

-مش كفاية، أنا عاوزاه يشوف بعينه، وهيحصل ده لأنها فعلاً بتكدب عليه

سألت والدتها بجهل:

-وهنجيب سيف ده منين وهنعرف إزاي بيقابلها فين؟!.......

____________________________________


دفعته بغية داخلية في التقرب أكثر منها، حيث وجدها الفتاة الثانية التي جذبته، وحماسها في قضاء العمل معه لساعاتٍ طوال شجعته ليختارها دون تفكير، وقبيل طرحه لطلبه الزواج منها، فكر في موقف أخيها، فبالطبع لن يقبل ذلك، وسيتدخل لعدم تكملة ذاك الإرتباط..

أمام مبنى مكتبه وقف سيف شاردًا، والعمال من حوله ينقلون البضاعة للأعلى، فلاحظت سكونه المفاجئ ثم اقتربت منه مبتسمة، سألته بتعطف:

-ممكن أعرف سرحان فيه أيه؟!

انتبه سيف لها وأخد يطالع وجهها المبتسم بقبول، فمدى لطفها في التعامل معه كان يدفعه أكثر للتجاذب نحوها، وذلك ما جعله يتهور ويسألها:

-لين تتجوزيني؟!

أدرك بعد نطقه لذلك أنه اندفع؛ لكنه ترقب ردها بلهف شديد، وتابع مؤشرات وجهها بتمعن، فنظرت له بتفاجؤ لثوانٍ ثم كبحت ضحكة فرحة خجولة من عرضه، فتأمل سيف خيرًا، قالت:

-يا ترى بناءً عن أيه بتطلب كده، حبتني ولا...

قاطعها موضحًا بصدق:

-اتعلقت بيكِ، وشوفت فيكِ الحاجات اللي بتمناها في البنت اللي هرتبط بيها.

وقفت لين مطرقة، وقد ألجم لسانها عن قول ما يعتريها، فتأمل سيف ملامحها وقال:

-عاوز أعرف رأيك، ومش هزعل لو لأ

هتفت سريعًا بمعنى:

-مش للدرجة دي، أنا بس اتفاجئت، إنت شاب كويس جدًا وكمان أنا معجبة بيك.

قالتها بخجل صريح فاتسعت بسمته وقال:

-يعني موافقة؟!

اومأت بقبول أبهجه وأخذ يطالعها بنظرات حب، ثم تجرأ وأمسك بيدها، فزادها الأمر حرجًا وخجلاً، قال:

-كنت خايف ترفضي، علشان أنا مش من مستواكِ اللي...

قاطعته مستهزئة بفكره:

-أيه الكلام ده، بالعكس بابا أكتر حد مش بيعلق على حاجة زي دي، لأنه متجوز ماما وهو كان موظف في شركتها

تأجج شغف سيف أكثر وحماسه في تكملة الأمر، قال:

-أنا هكلم باباكِ، ممكن تاخديلي ميعاد معاه...


تيبست مايا مكانها حين خرجت من المبنى ورأتهما معًا، وتلك الابتسامات المتبادلة أشعرتها بالغِيرة، خاصة امساكه ليدها بهذا الشكل، فدل ذلك على وجود علاقة وطيدة، وربما قدوم علاقة أكثر من مجرد الصداقة، وغطا على قسماتها حزن عميق، وعند خروج نيفين هي الأخرى انتبهت لذلك ثم أخذت تتابع ما يفعله سيف ولين من تودد، وما لفت نظرها متابعة مايا لهما، وهنا أيقنت أن هذه الفتاة متعلقة بشدة بأخيها، فتضايقت أكثر وأدركت أن الوضع لن يكون مجثمًا بينهــم......!!

*********************
إلي هنا ينتهي الفصل الرابع عشر من رواية قطرات الحب بقلم إلهام رفعت
تابع من هنا : جميع فصول رواية قطرات الحب بقلم إلهام رفعت
تابع من هنا: جميع فصول رواية أرض زيكولا بقلم عمرو عبدالحميد
تابعوا صفحتنا على الفيس بوك للمزيد من روايات عربية
أو أرسل لنا رسالة مباشرة عبر الماسنجر باسم القصة التي تريدها
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة