-->
U3F1ZWV6ZTMzNTg0ODE3NzI1X0FjdGl2YXRpb24zODA0Njk2NDgxODg=
recent
آخر القصص

رواية قطرات الحب بقلم إلهام رفعت - الفصل السادس عشر

مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة وأجمل الروايات الممتعة والروايات الرومانسية مع رواية رومانسية اجتماعية واقعية جديدة للكاتبة إلهام رفعت ورواياتها التى نالت مؤخرا شهرة على مواقع البحث نقدمها علي موقعنا قصص 26 وموعدنا اليوم مع الفصل السادس عشر من رواية قطرات الحب بقلم إلهام رفعت

رواية قطرات الحب بقلم إلهام رفعت - الفصل السادس عشر

تابع من هنا: روايات رومانسية جريئة 

رواية قطرات الحب بقلم إلهام رفعت

رواية قطرات الحب بقلم إلهام رفعت - الفصل السادس عشر

 انتفض من جلسته داخل مكتبه بالفيلا مزعوجًا حال دخولها عليه، فاستخدمت نور الهوادة والاستعداد لمناقشته، قالت:

-أقعد وخلينا نتكلم بالراحة!

بتضايق شديد عاود زين الجلوس وبداخله استنكر أي تبريرات في تركها لابنتهما بمكانٍ آخر، فجلست نور مقابيله وقالت:

-أولاً ماريان مش عند حد غريب، ورسيل بنفسها سعيدة بوجودها معاهم!

تشدد في حديثه وهو يرد عليها:

-أنا مش قولت بلاش ماريان تتكلم مع الدكتور الأجنبي ده، ليه كلامي مبيتسمعش؟!

ردت بهدوء وهي تعلل:

-ماريان دلوقتي بتشتغل معايا، ووجودها في القاهرة علشان هتمسك العلاقات العامة في المكتب، مالوش علاقة قعادها بـ زاك

استمرت علامات العبوس على زين رغم ما قالته، فهتف باصرار:

-ارتباط ماريان بالراجل ده مش هيحصل يا نور علشان لو بتفكري في كده!

بدت نور متبرمة لترد معارضة:

-والسبب أيه إن شاء الله؟، لأن شيفاه شخص كويس جدًا ومناسب لبنتي

رد بتعسف لم يعجبها:

-بنتي هتتجوز اللي أنا أشوفه مناسب يا نور، ومش هرميها لواحد معرفش كان عايش إزاي ولا أيه طبعه علشان بس أمريكي والكلام ده.

تفكير زين ورده الجازم عليها فاجأها، بل وأغاظها أيضًا، هتفت:

-تسمحلي أقولك إنك هتضيع بنتك لأن فرصة زي دي كويسة

احتج على مفهوميتها المحدودة وقال:

-إنتِ اللي هتضيعيها باستعجالك ده، بنتك صغيرة ومش علشان جوزها اتجوز نجري نرميها لأي واحد.

انفعلت نور أكثر فقد أرادت ذلك ولم تبغي الدخول في نقاش، وكون زين يعرفها جيدًا أدرك مدى غضبها من قراره، فأردف بتعقل:

-عارف إنك متضايقة من جواز ريان وإنه اتخلى عنها، بس لازم تكوني أهدى وأعقل من كده، على الأقل خلي ماريان تختار بنفسها وتشوف اللي يقدر يعوضها عن اللي فات

جملته الأخيرة وضعت فيها الأمل وجعلت بعض استيائها يتلاشى، وركزت فقط عليها وارتضت، قالت:

-خلاص يا زين، هنسيب الموضوع لـ مريان، وهي حُرة تختار، ولو كان زاك اختيارها فإنت مش هترفض

نظرت له وقد وضعته قاب قوسين، فكتم زين ضيقه من تصميمها رغم توضيحاته العقلانية لها، فأذعن قائلاً:

-المهم متضغطيش عليها بأي شكل، وأنا وقتها هوافق.......!!

________________________________________


حقًا لن يقف يشاهد خديعتها ويرتضي بها، وأدرك حاليًا كم غبائه، وبالأحرى حظه العسِر الذي لم يمنحه ما يأسره، ولم يتفاجأ كونه أضحى معتادًا لاستقبال المآسي التي لطالما لازمته فترة لا بأس بها، ودفعه تفكيره على مراقبتها ورؤية خيانتها بعينه، فأخذ سيارته من بداية اليوم ووقف بها ينتظر خروجها؛ لتتبع خطواتها، وحين خرجت ومعها ابنها تحفزت حواسها للانتباه جيدًا، ثم أخذ يتحرك خلفها باحتراز؛ كي لا يلفت انتباهها..


وصلت لمي لفيلا زينة أولاً وقد اندهش زين الذي يقف بعيدًا قليلاً من مجيئها باكرًا هنا، وحين أوقفت السيارة أمام البوابة ترجلت حاملة الولد، ومجرد دقائق معدودة خرجت بدونه، وهنا تفهم تركها للولد معهم، فتقطب وجهه فقد بات بين ليلة وضحاها لا يهتم حتى بأمره، وعادت كراهيته له تنمو من جديد، وذلك بفضل كذبها الذي بات يكرهه.

ثم تحرك خلفها مجددًا وقد كظم غيظه، وما يحمله من ضراوة الآن يحتاج الشخص الأقوى كونه تكبد ما علم به، ولبعض الوقت قد فات وهما كذلك، توقفت لمى بسيارتها عند مقهى مفتوح إلى حد ما، فما بالخارج يستطيع رؤية ما بالداخل، وهذا جيد.

ثم جلست لمى تنتظر وما هي إلا دقائق قليلة حتى وصل هو إليها، وكانت صدمته الكبرى حين شاهد بنفسه ما يدور بينهما في الخفاء، فبدا زين ثائرًا، وبصعوبة استطاع كبح هياجه وهو يتابع مدى درجة الود في لقائهما.


صافحته لمى وابتسمت، فقد طلبت منه الحضور للتحدث بشأن زواجه، وخاطبته بنبرة حملت اللوم:

-أنا عرفت إنك عاوز تتجوز لين!

تنحنح متوترًا قليلاً؛ لكن بالطبع لن ينكر، قال:

-ما أنا أكيد مش هتجوز في السر يا لمى، ولازم كمان لين تعرف عني كل حاجة.

ردت عليه بانفعال طفيف:

-ودا مش في صالحي، إنت حر في حياتك، بس متبقاش أناني، لأن بكده بتظلمني.

استنكر سيف أن يفعلها فهتف مدافعًا عن نفسه:

-لو الدنيا كلها ظلمتك يا لين أنا لأ، وإنتِ عارفة إنتِ بالنسبة ليا أيه، كل الحكاية لين شوفتها مناسبة ليا.

زادت ملامح لمى عبوسًا، فبداخلها رفضت الاقتناع، وجدت الأمر ما زال يكن لها الأسوأ قادمًا، قالت:

-ومفكر زين هيوافق، دا لو عرف بيك طبعًا هيرفض، ولا هتتجوزها من وراه؟!

تهكمت من طلبه فرد عليها باصرار:

-لين موافقة وبتحبني، ومش بس كده، كلمت والدها وموافق، ناقص بس رأي والدتها

لم تحمل لمى الحجة التي تردعه عن زواجه؛ كونه جاهل لعودتها لـ زين، وقد أحبت هدوء العلاقة معه، وتجديد ثورانها ليس في صالحها، فنظر لها سيف مبتسمًا بود وقد جاءت فكرة ما إلى ذهنه، قال:

-أيه رأيك نقول لـ لين على علاقتنا، علشان لو زين حب يبوظ الجواز ويقول كلام مش صح

كأي حد يتركها تفكر في ذلك، وترتضي أم ترفض فهذا مؤجلاً؛ لكن لم يترك لها مساحة للحرية حين وضعها أمام الأمر الواقع، وهو يتابع في حماس:

-لين زمانها جاية، أنا قولتلها تيجي وهتبقى مفاجأة لما تشوفك وبالمرة تعرف!

حدجته لمى بنظرة حادة ورفضت ما يهذي به، صاحت:

-إزاي الكلام ده، شوفتني وافقت، بقيت أناني بجد يا سيف

ثم نهضت مزعوجة، فندم سيف على فعلته؛ كون الأمر ضايقها لهذا الحد، فنهض هو الآخر ليمنعها من الرحيل حين أمسك بيدها، هتف:

-فيها أيه يا لمى، ما هو مش معقول هتفضلي مخبية الحقيقة، وكل حاجة كانت هتتعرف، وأولها دلوقتي علشان جوازي يتم

أقصت يديه من عليها وهدرت:

-مش هتجبرني أعمل كده، على الأقل أنا مش حابة الحقيقة تتعرف دلوقتي، دي حريتي

وبدون وداع تحركت لتغادر فورًا قبيل مجيء الأخيرة، وكانت نظرات زين الثاقبة تراقبها باهتمام، ومن حدسه تفهم أن العلاقة بينهما متوترة، ولم يتحرك خلفها حين غادرت، بل ظل مكانه يحدق بغل في سيف، وأراد الترجل من سيارته لتأديبه وافراغ غضبه فيه؛ لكن جاءت صدمته التي أوقفته حين أتت أخته إليه، فبدا مذهولاً وهي تصافحه وتجلس برفقته، ردد مشدوهًا:

-هو أيه اللي بيحصل ده، ولين تعرفه منين؟!.........

___________________________________


بالشرفة المطلة على البحر، جلس ينتظر أن تأتي زوجته بالقهوة، حيث أخبرها باحتياجه لها لمناقشة أمر هام، فأحضرت الأخيرة القهوة لهما ثم دخلت عليه، قالت مبتسمة:

-القعدة هنا حلوة أحسن من جوه!

تصلبت نظراته على كوبين القهوة وهو يتناولهما منها وهتف:

-كمان القهوة من إيدك بتعدل المزاج

شاطرته الجلوس في هذه الطلة الساحرة، وابدت استماعها المهتم له، فقال بجدية:

-لين جيلها عريس!

تركت مريم الكوب وقد انتبهت جيدًا له، استفهمت بشغف:

-مين يا حسام؟، حد نعرفه؟!

تهيأ مسبقًا لإخبارها وقلق من رفضها المباشر حين تعلم بمستواه، فقال برزانة:

-هو سيف، الشاب اللي شاركته في مشروعه الجديد

كما تفهم بالضبط ردة فعلها، فقد كشّرت مريم وأظهرت ترددها، قالت:

-دا في بداية حياته، عاوز بنتك تتجوز ده، دا مش ممكن حتى يوفرلها مصاريفها

قال في تروٍ:

-دا شاب مكافح، ودا مش عيب، بالعكس ميزه، والنوع دا يعجبني

لم ترتاح مريم للأمر في المجمل وقالت:

-طيب ما يشوف بنت من مستواه وتستحمله، ليه لين؟!

ثم تابعت بتوجس:

-ليكون داخل على طمع ومستنيك تـ....

قاطعها مستنكرًا ذلك:

-الولد أنا شايفه كويس، وكنت سألت عليها، أخلاقه ممتازة وكافح كتير قوي، أهله ماتوا وهو صغير، فسافر واعتمد على نفسه هو وأخته

لم تنطقها مريم صريحة وهي تعلن الرفض، فهي تتمنى حياة مترفة لابنتها لا تقل عما هي عليها، فردت بحذر:

-طيب نشوف الموضوع مع لين ونبقى نبلغه رأَ...

قاطعها للمرة الثانية وصدمها حين قال:

-لين موافقة!

-موافقة؟!

سألته مدهوشة فأماء لها مؤكدًا، هنا تبدلت طريقة تناولها للموضوع لتأخذ جانب آخر، سألت:

-ولين قالت موافقة على حياته وكل حاجة، ولا مجرد إنها مثلاً معجبة ولا أيه السبب؟!

هتف موضحًا:

-واضح إنهم متفقين، وعلشان كده مبسوط إنه اختيار لين بنفسها، وكمان وهو بيطلبها مني حبيت رغبته الكبيرة في الإرتباط بيها

فكرت مريم في الأمر، وكونه لم يعجبها أحترمت رغبة ابنتها، فوضع حسام كفه على كفها متوددًا وهو يضيف في حماس:

-أحسن حاجة لما يكون الاتنين في بداية حياتهم ويبدأوها سوا، بتكون الحياة بينهم ليها طعم تاني

تأملت مريم فرحته وقبوله للزيجة وقد قررت عدم الاعتراض، فهتفت بقلق:

-يا ريت ميكونش طمعان فيها ولا يكون قرار متهور منهم.........!!

___________________________________


فوجئت عقب ولوجها المعمل بوجوده مع مديرة أعمالها ويتحدثا بعمق إلى حد ما، فتحركت نحوهما فانتبها لها، ابتسمت راندا وقالت:

-دكتورة رسيل وصلت!

تبسم السيد هانك لها وهو يمد يده لمصافحتها، قال:

-Good Morning!!

-Good Morning!

ردت رسيل باقتضاب لتتساءل بعدها في دهشة:

-زيارة مفاجئة للمعمل هنا، ليه مبلغتنيش؟

رد في تهذيب:

-لقد أردت مفاجأتك بالحضور ومعرفة إلى أين وصلت إنجازاتك

وجدت رسيل أن حضوره سهّل عليها الكثير فقالت:

-طيب كويس لأن محتاجة حضرتك النهار ده في إننا نمشي بالخطوات مع بعض، علشان مفعولها كان شديد شوية ومخالف لتوقعاتي.

-على الرحب!

نظرت رسيل لـ راندا وقالت:

-روحي يا راندا بلغي آلاء تجيب الصندوق بتاعي من عندها

امتثلت راندا ثم تحركت لتجلب لها ما أمرتها به، ثم دعت السيد هانك لمطالعة حالة القرد في القفص، قالت:

-أنا شايفة حالته مستقرة دلوقتي بعد العقار اللي خده، ومكنتش أعرف إن مفعوله هيكون شديد قوي كده

سحب السيد هانك الورقة المعلقة على قفص القرد وخطف نظرات سريعة لفحواها، مط شفتيه قائلاً:

-أعتقد زيادة الجرعات اختلفت معك، أو وضعتي عقار بديل عن آخر تكون نتائجه مختلفة قليلاً

تيقنت رسيل مما قامت به فجاء ردها عليه واثق:

-مظنش، أنا عارفة حطيت أيه؛ لكن...

ثم صمتت للحظات بدا عليها فيهن القلق، أردفت:

-لكن خايفة تكون الآثار الجانبية لسه موجودة، يعني ممكن يتأذى بعدين أو تضره.

لم تكن رسيل تحمل هم القرد مطلقًا، فجاء خوفها على أيهم زوجها، فقد باتت تراقبه جيدًا وتهتم به عن السابق، فتمعن السيد هانك النظر في التقرير الممسك به وكان جيد التدقيق في كل مغزى مطبوع أمامه، فترقبت رسيل باهتمام وشغف أن يعطي من علمه ما ينفع، وبعد فترة صمت، قال:

-جميع هذه المواد ليس بها ضرر؛ لكن ما حدث مع القرد مقلق، ومثل تلك الحالات يصاحبها إدمان للعقار

ركزت رسيل اهتمامها على كلماته الأخيرة وقد ارتعدت، هتفت:

-يعني أيه إدمان؟!

لمح الخوف في عينيها فقال بتأنٍ:

-لما أنتِ خائفة هكذا؟، القرد هنا للتجربة، لم نضر أحد ولم يتم التصديق على العقار!

بالطبع لن تقدر رسيل على إخباره بالحقيقة، وأن زوجها قد تناول منه، فهذه مسؤولية كبيرة ستلقى عليها، وربما يتم اتهامها بالإهمال حينها، وتنتهي معها مهنتها، فبهتت تعابيرها وهي ترد:

-معاك حق، مجرد قرد هقلق ليه؟!............

____________________________________


جلوسه الواجم ذاك أدهشه، واستشعر وجود أمر هام كان السبب في مجيئه إليه، وحين وضعت الخادمة القهوة أمامهما في حديقة الفيلا، تحدث هنا معه بجدية، قال:

-أيه حصلك بسرعة كده، امبارح الصبح كنت أحسن؟!

تناول زين كوب قهوته في صمت، وبهتان ملامحه كان مقلق، فانتظر آيان أن يوضح له، تنهد زين باغتمام وقال:

-طلعت بتخدعني، الولد ابنها وابنه، أنا كنت غبي قوي، وساذج لأبعد الحدود.

هدوء زين وهو يتحدث جاء من كثرة ما تحمله من معضلات قد واجهته، بعكس ما يحمله داخليًا من وجع، فهتف آيان بحنق:

-كان قلبي حاسس، معقول سابتك تلت سنين تعاني وتحرق في دمك وفي الآخر تصدقها، دي تلاقيها ماشية على حل شعرها، ومش بعيد تكون مع التاني وهي معاك، ما سبق وعملتها

لم ينتبه آيان أنه يضرم غضبه، فتعالت بالفعل أنفاس زين ولم يتحمل، صاح:

-يعني أقتلها وأخلص!

وعي آيان لكم الحماقة التي افتعلها فتراجع ليتحدث بتروٍ كبير:

-وليه تودي نفسك في داهية، سيبها يا زين، ابعد عنها، ليه بتعمل في نفسك كده، مالك ومالها!

توالت استنكارات آيان لما ارتكبه زين من تهور وجهولية في حق نفسه؛ ورغم ذلك لعن زين حبه لها، وتعلقه بها هكذا، قال:

-أنا بحبها، مش قادر أسيبها لغيري

جاء آيان لينهره فتراجع، فقد أدرك ماهية مشاعره وأن حبه صادق، فرد عليه بعقلانية:

-طالما مش عاوزاك سيبها، ليه تغصبها عليك

نظر له زين بظلمة وسأله:

-يعني لو اكتشفت إن زينة مش عاوزاك هتسيبها

هنا اعترض آيان قائلاً:

-متقارنش لمى بـ زينة، دي واحدة خاينة كانت مع واحد تاني وهي على ذمتك، إنما زينة عايشة معايا وجايبة مني تلت عيال

هتف بتهكم:

-على أساس إنك اكتشفت إنها مش بتحبك، وجوازها منك غصب، مش دا كلامك ليا

تراجع آيان عن حديثه السابق وقال بمفهومية:

-غصب تخلف مني تلاتة، أنا عارف إنها متهورة ويمكن بتستغل حبي ليها، ومش ممكن تفكر تخوني، زينة متربية كويس، وهي دلوقتي معايا وعايشة في بيتي، وعيالي حواليا

ترددت جملة آيان الأخيرة في آذان زين كثيرًا، وأشعرته بضعفه في حتى أن يحظى بطفل واحد، ولا إراديًا وجه بصره للأولاد من حوله وهم يتبارون في اللعب، ثم تصلبت نظراته فجأة على يونس، وتنافى قبوله له مؤخرًا مع نظراته النافرة نحوه، وتملك منه غيظ شديد، ولم يتحمل رؤيته له أمامه، فانتبه آيان لذلك ثم وجه بصره للطفل، تفهم الأمر ونظر لـ زين قائلاً بجدية:

-دا عيل يا زين ملوش ذنب، حرام تربطه باللي بيحصل، ميعرفش حاجة ومينفعش تكرهه

دفن وجه بين راحتيه وقد اكترب، فعاد آيان يتابع حديثه حين تذكر:

-دا حتى النهار ده لما شوفته قعدت أشبه بيك، فيه شبه كبير منك، يعني لو خلفته منك مش هيطلع كده!

لم يهتم زين لحديثه؛ لكن حين أكمل استفزه بشدة:

-تقولش لما كانت مع التاني بتفكر فيك

ثم ضحك آيان غير عابئ بأن الأمر لا يستحق المزح كما يفعل، ثم وعي لنظرات زين اللائمة نحوه فتوقف فورًا، قال:

-مش قصدي، أنا بس الولد لفت نظري، بجد حسيته شبهك.

نهض زين وقد وصل لقمته، قال:

-همشي أنا محتاج أريح أعصابي شوية

خلفه آيان النهوض واستفهم باهتمام:

-مقولتش هتعمل أيه معاها، اوعى تتهور يا زين؟!

أنكر زين أن يفعل ذلك فهو متعقل كثيرًا، رد بجهامة:

-أنا مش عاوز أشوفها، وقافل تليفوني لأن مش عاوز أسمع صوتها، ولحد ما اتأكد هي فعلاً بتقابله وهي معايا أو لأ، هتكون ليا ردة فعل وقتها......!!

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

من خلف الستارة بشباك غرفتها ظلت تتابع ما يدور بينهما، ثم أخبرت التي معها على الهاتف بمعنى:

-باين الموضوع اللي بيتكلموا فيه مهم، وشكل زين متضايق من حاجة!

سألتها لمى بقلق:

-مافيش مجال تعرفي بيقولوا أيه، دا من امبارح تليفونه مقفول ومش عارفة أوصله!

ردت زينة بجهل:

-صدقيني مقدرش، لأن كمان مش بكلم آيان، ومستحيل اسأله هو كان هنا ليه، لو بنتكلم كان قال

حزنت لمى بشدة، ولم تتفهم سبب تقلبه المفاجئ، وتخوفت من فكرة تلاعبه بها كما قالت والدتها، وأنه يستغلها، قالت:

-ماله بس، أنا مش فاكرة عملت حاجة تزعله مني، بالعكس آخر مرة كنا أحسن من أي يوم مر علينا

وبختها زينة بغيظ:

-ما إنتِ غبية، لازم تفهمي إن اللي فيه خصلة مش هيغيرها، نسيتي عمل معاكِ أيه، وإنتِ زي الهبلة جريتي تاني ليه، تستاهلي يلعب بيكِ كمان وكمان!

هتفت لمى بانفعال مدروس:

-لو طلع بيلعب بيا أنا هسيبه، واللي عنده يعمله، والحمد لله إني مقولتلوش على يونس

علقت زينة بسخرية على كلماتها الأخيرة:

-وكنت بعبطك مستنياه الليلة علشان تقوليله، احمدي ربنا بيديك علامات علشان دا شخص ميستاهلش، كل الرجالة متستاهلش

بدت زينة معقدة وهي تتفاعل مع وضع لمى، حيث تذكرت ما تمر به مع زوجها، ولم تكن تنتبه لحضور آيان ويستمع لها تقول ذلك، فرد عليها بحنق:

-وباين برضوه الستات متستاهلش!

اضطربت زينة ثم التفتت له، وعفويًا أغلقت الهاتف لتنهي محادثة لمى معها، وتوجست من أن يكون قد استمع لحديثهن، وخفّت رهبتها حين سألها بتبرم:

-ويا ترى بتشتكي لمين همومك، لصديقتك المقربة المحترمة

لم تتفهم زينة عليه فسألته:

-تقصد مين؟

رد باستهزاء مزعج:

-هيكون مين غير لمى، اللي ليل نهار تليفونات معاها ومقابلات

لم تحبذ زينة طريقته في الحديث عن لمى، فردت باستياء:

-وأيه اللي يضايقك في ده، دي صديقتي وأختي كمان

صمت آيان للحظات ويبدو أنه يخفي قرار غامض قد اتخذه، فدنا قليلاً منها، ولم تتزحزح زينة ووقفت في شموخ غير مبالية بضيقه من لمى، فحدق بها بحدة وتشدد في أمره حين قال:

-لمى دي باين لاعبة في مخك وعاوزة تخرب بيتك، وعلشان كده ممنوع تصاحبيها تاني.........!!

___________________________________


غيابه اليوم عن المكتب كان غريب بالنسبة لها، فهو لم يفعلها من قبل، وكان ذلك دافع لها لتفعل ما أمرتها به والدتها، فإلحاح والدتها وأختها ضغط على عقلها ولن تستطع التجاهل أو التراخي، لترضخ كليًا وتبدأ في استغلاله إلى ما تريد..


وقفت ندى على باب شقته متوترة، فما ستفعله اليوم مريب ومقلق، وموتر لأعصابها، تنهدت بقوة ثم ضغطت على زر الجرس، وترقبت أن يفتح لها، فما يخفف من حدة رهبتها أنه شاب ودود لأقصى درجة، ويعطي الأمان للآخرين بكل سهولة، وبعد وقت قصير فتح لها ريان، وحين رآها ابتسم، قال:

-اتفضلي يا ندى!

برقتها المعتادة ردت عليه وهي تلج في حرج:

-مجتش المكتب النهار ده ليه؟!

أوصد الباب ثم أشار لها بالتقدم للداخل، رد وهو يتحرك بجوارها:

-لقيت نفسي مليش مزاج قولت أريح النهار ده

جلست ندى على الأريكة برفقته وقالت:

-أنا مرضتش اقلقك، وقولت أكيد تعبان فيرتاح شوية

نظر لها بمحبة وقال:

-أحسن حاجة إنك فهماني يا ندى، إنتِ بنت جميلة ومؤدبة قوي

أخفضت نظراتها في خجل صريح، تابع بأسى:

-كويس إن فيه حد يسأل عليا، أنا حتى أهلي مبقوش بيردوا على مكالماتي، وكمان...

تنهد بكمد ليضيف:

-ماريان وحشتني، مكنتش أعرف إنها هتوحشني كده، أنا باين بعاقب نفسي مش هي

تأملت ندى وجهه ولمحت ندمه وألمه في غيابها، فقالت مخففة عنه:

-مكنش قدامك حل تاني، وكان لازم تعمل وقفة لأسلوبها معاك

تذكُر ريان لغطرستها معه كانت تزعجه، وتعاليها عليه كان يثير غضبه، ولم يتحمل كل ذلك منها؛ فرغم حبهما المتبادل كان تشابكهما ينتج عنه تكبر مستفز من جانبها، نظر لـ ندى وقال:

-تمام هستحمل بعادها عني، أحسن من طريقتها معايا، وأنا كل اللي مضايقني إنها كمان السبب في تأخر خلفتنا، مكنتش بتسمع كلامي

ردت باستنكار:

-الخلفة بتاعة ربنا، وربنا له أسباب كتير في إنه يكرمكم بيها أو لأ

أحب ريان عقلانيتها ووعيها وهي تتحدث معه وابتسم، قال:

-وربنا علشان بيحبني وقعك في سكتي، علشان إنتِ النجدة ليا

زيفت ندى ابتسامة لتخفي به ما تضمره من خديعة ستفعلها بعد قليل، فاستطرد بتودد:

-هقوم اعملك قهوة

جاء لينهض فاستوقفته قائلة في اعتراض:

-لا ميصحش وأنا موجودة، أنا هاعملها أنا

وجدتها ندى فرصة سائغة لتنفيذ ما خططت له، ثم نهضت وقد تأهبت لذلك، ثم تحركت ناحية المطبخ وهي مرتبكة داخليًا، ثم وقفت عند الموقد تفرك أناملها، وشرعت في وضع الإناء المليء بالماء وبودرة القهوة على النار، وبحذر اختلست نظرات ناحية الباب وهي تخرج قنينة صغيرة قد دستها في جيبها، فتحتها في عجالة وقطَرت بضع نقاط في أحد أكواب القهوة، ثم خبأتها مجددًا، اضطربت أنفاسها وهي تفعل ذلك، فقد تخوفت من أمور شتى، أولها أنها لا ترد كشف ملعوبها ذاك، ثم استعدت لتخرج له بالقهوة وتبدأ مهمتها الحقيقيـة....!!

____________________________________


ذهابه لوالدته لم يكن لرؤيتها هي، بل أحب التحدث مع أخته لفهم ما رآه اليوم منها؛ لكن فاجأته والدته بخبر كان آخر ما توقع حدوثه، وهو زواج أخته من سيف، فجلس أمام والدته بلسان ملجوم من وقع فظاعة ما علم به، فلم يتخيل أنها بهذه الخساسة لتدفع عشيقها في الإقتراب من أخته، وهنا أدرك ليس فقط خيانتها له، بل أنها أرادت أن تنتقم منه، وهنا تساءل في حيرة، هل ما زالت تحمل ضغينتها تجاهه بسبب ما فعله معها؟، أجفل زين وشعر بدوار شديد، فنظرت له مريم بغرابة، وتعجبت من أمره وردة فعله حين أخبرته، فقررت معرفة رأيه، وحين طال صمته سألته بجدية:

-مقولتش يا زين رأيك أيه؟، موافق؟!

نظر لها يريد الضحك؛ ساخرًا بالطبع مما يسمعه، فهز رأسه في استنكار وقال:

-معقول حضرتك وافقتي عليه!

نظرت له بعدم فهم وقالت:

-ماله الشاب يا زين، إنت تعرفه؟!

انتفض موضعه وهو يرد بهياج:

-الزفت دا لو آخر واحد مش هجوز أختي ليه

ذُهلت مريم من رد ابنها المنفعل، تساءلت:

-طيب فهمني ماله بس، إنت تعرف حاجة؟!

نهض زين وهو ينفخ بقوة، ثم تحرك بضع خطوات غاضبًا مما يحدث معه، فما يكتشفه دمره من الداخل أكثر وهدم مشاعره، فتوجهت مريم إليه وقد قلقت من رؤيته بهذا الشكل، هتفت:

-حبيبي فهمني، ليه اتنرفزت لما قولتلك؟!

التفت لها زين بطلعة بائسة مغتمة، قال:

-سيف دا يا ماما اللي لمى اتجوزته.... عليا زي ما بيقولوا!!

وضعت يدها على فمها من شدة الصدمة، رددت:

-الـ***، عاوز أيه من بنتي الحيوان ده؟!

تابعت بقسمات حزينة:

-دي متعلقة بيه، وهي اللي اقنعتنا إننا نوافق عليه

أمسك زين بكتا عضديها وقال بتنبيه:

-هو باين بيضحك على لين، فأنا مش عاوز أجرحها لو عرفت بنوياه ناحيتها، وبهدوء كده يا ماما ترفضي

حركت رأسها باستنكار وقالت في ألم:

-إنت مشوفتش أختك كانت عاملة إزاي، الـ*** بجد استغلها وضحك عليها، لأن مش صدفة أكيد إنه يقابلها ويعرض يشغلها معاه

هتف زين بغضب:

-هو دا كمان اللي شغالة معاه دلوقت؟!

أومأت له وقد تحسرت، فتعصب زين أكثر ورغب في قتل هذا الحقير، ومن اتفقت معه أيضًا، فهنا تيقن زين أنه السبب، وما يتم فعله الآن هو المسؤول عنه، وبتأنٍ شديد فكر في طريقة عقلانية لمقابلة ما يُحاك ضده، واعتزم اللعب بنفس طريقتهما، فهو لن يسمح بأن يكون فريسة سهلة، ثم نظر لوالدته بغموض، قال:

-لين مش لازم تعرف حاجة يا ماما، وأنا هتصرف بطريقتي......!!

*********************
إلي هنا ينتهي الفصل السادس عشر من رواية قطرات الحب بقلم إلهام رفعت
تابع من هنا : جميع فصول رواية قطرات الحب بقلم إلهام رفعت
تابع من هنا: جميع فصول رواية أرض زيكولا بقلم عمرو عبدالحميد
تابعوا صفحتنا على الفيس بوك للمزيد من روايات عربية
أو أرسل لنا رسالة مباشرة عبر الماسنجر باسم القصة التي تريدها
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة