-->
U3F1ZWV6ZTMzNTg0ODE3NzI1X0FjdGl2YXRpb24zODA0Njk2NDgxODg=
recent
آخر القصص

رواية قطرات الحب بقلم إلهام رفعت - الفصل السادس والعشرون

مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة وأجمل الروايات الممتعة والروايات الرومانسية مع رواية رومانسية اجتماعية واقعية جديدة للكاتبة إلهام رفعت ورواياتها التى نالت مؤخرا شهرة على مواقع البحث نقدمها علي موقعنا قصص 26 وموعدنا اليوم مع الفصل السادس والعشرون من رواية قطرات الحب بقلم إلهام رفعت

رواية قطرات الحب بقلم إلهام رفعت - الفصل السادس والعشرون

تابع من هنا: روايات رومانسية جريئة 

رواية قطرات الحب بقلم إلهام رفعت

رواية قطرات الحب بقلم إلهام رفعت - الفصل السادس والعشرون

 صعد لغرفته ليأخذ غفوة، ولم يكن على علم بحضوره إليه، فقد حضّرت له مريم مفاجئة بإحضارها للولد إليه، ثم ولجت الغرفة تبتسم باتساع، والصغير في يدها هادئًا..

وقفت عند رأس زين النائم تنظر إليه، ثم تهيأت لتوقظه، حين مدت يدها لتهزه في لطف، ولسان حالها يردد:

-زين، أصحى يا زين!

تنمل الأخير ليفتح عينيه رويدًا رويدًا، نظر لها ولم ينتبه للولد، قال:

-أيوة يا ماما!

-شوف جبتلك مين.

ردت عليه وهي تسحب يونس ليقترب منه، وحين رأه زين انتفض فجأة، وذلك ما جعله يتناسى أمر ذراعه وكتفه المكسورين فتألم، هتفت مريم بقلق:

-بالراحة يا زين، إنت بخير؟!

اعتدل حذرًا هذه المرة، ثم بيده السليمة جذبه ليصعد التخت بجواره، وفي بادرة من منحه العطف، قبّله في حنوٍ، قال:

-يونس، حبيب بابا!

في ظل اكتنافه للصغير قالت مريم:

-كلمت خالك يجيبه، وهو بنفسه اللي جابه لحد هنا

تأمل زين الولد وقد طاش في ملامحه، وبعفوية التصق الولد به، حتى تفهم زين شعوره بالخوف؛ وكونه يعرفه جيدًا اقترب منه، قالت مريم في تفهم:

-هو باين ولد هادي، كان زعلان لما أخدته من مامته، وباين دلوقتي إنه متعود عليك.

وجه زين بصره لكف يونس يتفحصه، فالجرح في يده ترك بعض العلامات، وبحب رفع كفه ليقبله، ما جعل مريم تبتسم، سأل زين بترقب:

-هيفضل معايا هنا؟

نفت بضيق:

-لأ، هيجي كل فترة.

هز رأسه متفهمًا، ثم اعتدل في رقدته وهو يضم يونس إليه، وابتهاج مريم من وجوده جعلها تهتف:

-أنا هنزل اعمله أكل بنفسي

امتن زين لها ثم دلفت هي للخارج، وحين نظر لـ يونس، وجده ينظر إليه، ثم قضى وقت لا بأس به يخاطبه كأنه يتفهم عليه، مع بعض من الوجع الذي أصاب زين وهو يعتذر عن أذيته له، ثم خاطبه بتعطف:

-قولي يا بابا

-قول بابا.... بابا

حثه زين أكثر من مرة على نطقها، وبصعوبة كبيرة قالها يونس بتقطع:

-بـ.. ابا

اعتياد الولد عليه جعله يردد خلفه، فنبض قلب زين بقوة وهو قريب منه هكذا، وأنه منه، ودمه يجري بداخله، وهنا تذكر يوم الحادثة، حين تبرع له بدمه، وتأكد الآن وثبت كل شيء، فالدماء واحدة، قال:

-تفتكر لو كنت أعرف من الأول إنك ابني كنت عملت حاجة من اللي أمك افتكرتها.......... أكيد لأ!

عبس يونس فجأة ليردد:

-Mom!

تفهم أنه يريد والدته، فرد بعدم رضى:

-مش لو كنا حلوين كان زمانها جنبك دلوقتي.

زاد تكشّر يونس وإلحاحه برؤية والدته، فهدأه قائلاً:

-calm dear, Will go to it..........!!

-إهدأ عزيزي، سوف تذهب إليها..........!!

____________________________________


بعد فترة قاربت على العشرة أيام، وفي الحديقة بالأخص، انتبه آيان فور عودته من عمله لـ زينة تجلس على الأرض برفقة الصغيرة تلاعبها، فضيق نظراته نحوها وكأنه يخطط لشيءٍ ما، ثم أخذ يتقدم منها وقد انتوى تنفيذ ما فكر به..

وصل عندها وقال بعبوس مزيف:

-عاملين أيه؟

انتبهت له زينة ثم أخذت تتأمل سحنته المزعوجة، استفهمت:

-مالك متضايق كده ليه؟!

افترش الأرض بجانبها وهو يدعي الكرب، قال:

-أصل صعبان عليا حال زين قوي، من وقت ما سجل ابنه مطلوب منه يطلق لمى، يعني مش هيشوف الولد غير مرة في الأسبوع

فكرت سريعًا وقالت باقتراح:

-ممكن أخلي لمى تزود أيام ليه.

لوى فمه خفية متهكمًا من اقتراحها، ثم توسلها قائلاً:

-طيب ما تخليها ترجعله.

شهقت لتعترض ووضحت:

-لمى مش طايقة تسمع اسمه، كفاية إنه سوّء سمعتها، مش اللي عمله دلوقتي بس.

ادعى المسكنة أكثر وهو يخاطبها بلؤم داخلي:

-يعني يا زينة هنقف كده، مش المفروض نساعد ونعمل حاجة، كفاية اللي حصل زمان مكنش بإيد حد ومكناش نعرف اللي بينهم، عاوزين نرجعهم ونكون كلنا حلوين.

اقتنعت زينة لترد بتمنٍ:

-نفسي قوي، كفاية لحد كده، هما بينهم ولد والتاني إن شاء الله

تهللت أسارير آيان من كلامها وقال:

-أيوة كده خليك معايا على الخط، عاوزين نصالحهم

زمت شفتيها للحظات وقالت:

-طبعًا زين نفسه قوي، الأهم دلوقتي لمى!

هز رأسه وهو يترقب إعلانها عما ستقوم به، فأردفت بتأمل:

-هكلمها، بس يا رب توافق، مع إني أشك

دنا آيان منها راسمًا التودد الشديد، قال:

-لو عرفتي تقنعيها ليكِ عندي هدية كبيرة قوي.

رغم أن ذلك أسعدها، قالت:

-مش مهم، أنا المهم عندي ميكونش فيه مشاكل.

رفع يدها ليقبلها فخورًا بها، قال:

-إنتِ ست عظيمة، بفكر أقدملك في الأم المثالية

هتفت باستنكار:

-العيال لسه صغيرين.

رد بحماقة جعلتها ترمقه بغيظ:

-لا إنتِ ربتيني أحسن تربية..........!!

___________________________________


في حفل زفاف أخته المقام بفندق زين، اضطرت لمى للحضور؛ تلبيةً لدعوة سيف ونيفين لها، ثم أتت بمفردها، بعدما اعتذرت مايا عن الحضور، وجلست برفقة السيد كارم على إحدى الطاولات تتابع في صمت وتتجنب الحديث مع أي أحـد..

لمحتها لين وهي تجلس على المسرح الخاص بالعروسين، تمعنت فيها النظر وكأنها أدركت معاناة هذه الفتاة، ومن قلبها تمنت عودة أخيها لها؛ خاصة بعد وجود طفل يجمعهما، ثم في لحظة عابرة تقابلت أنظار لمى معها، وبتجاوب ابتسمت لين لها في ود، وبعد ثوانٍ بادلتها لمى الابتسام؛ لكن بتحفظ قليلاً، ثم أشاحت نظراتها لزوج والدتها، خاطبته في تكشّر:

-لو سمحت كلم انكل زين يعجل الطلاق، أهي أخته اتجوزت أهي

رد ممتثلاً لها:

-متخافيش هكلمه، وزين وعدني وقد كلمته

تنهدت بضيق ثم حاولت قدر الإمكان ألا يراها زين هنا، قالت:

-شوية كده هنسلم على سيف ونمشي، أنا اتخنقت

رد في طاعة:

-هنمشي، بس بعد ما أسلم على أيهم ورسيل حتى...!!


تأملت ملامحه المقطبة بعدم رضى وقالت:

-ما تفرد وشك، عاوز الناس يقولوا مغصوب على الجوازة!

حدجها باستياء وقال:

-أيوة مغصوب، لما سيادتك عاوزة تطلقي من أول أسبوع

هتفت بتهكم واضح:

-عاوز تفهمني إنك بتحبني، ومقصدتش تضحك عليا بجوازنا العرفي.

وضع كفه فوق كفها القريب منه وقال:

-لين بلاش نطلق، أنا بحبك صدقيني، لو سمحتي

توسله لها لان من قسوتها كثيرًا، وجعلها تعيد التفكير في الأمر، ثم حدقت أمامها بالفراغ كأنها تفكر بتعقل، ثم انتبهت لـ لمى تتقدم منهما، ومن الواضح قدومها للتهنئة لهما، فابتسمت في خبث لتأتيها فكرة داهية؛ لتستغل طلب سيف منها، ثم نظرت له وقالت في تصميم:

-لو مش عاوزنا نطلق، اقنع لمى ترجع لـ زين....!!


لاحظت وهي تجلس على إحدى الطاولات بجانب زوجها، وضع ابنها المحزن وهو يسير هنا وهناك بين الحضور غير قادر على التحرك بشكلٍ جديد، وبالأخص ذراعه الذي لازمته الجبيرة منذ أكثر من شهر، خاطبت حسام في بؤس:

-زين حالته بقت وحشة قوي من وقت ما عرف إن يونس ابنه، على طول مهموم وباين الندم عليه

أشفق حسام عليه وقال:

-هو من وقت الحادثة وبقى مش همه حياته خالص، حتى لو باظت.

ثم تابع ليسألها بغرابة:

-طيب إنتِ ليه مأجلة طلاقه من لمى طالما موافق.

وضحت باكتراب:

-لأن مش عاوزاه يطلقها، دي حامل، وجبتله ولد، هي أحسن ليه من أي حد.

هتف باندهاش:

-سبحان مغير الأحوال يا مريم، إنتِ مكنتيش بطيقيها

تنهدت لتقول في ندم:

-كنت فكراها ظلمت ابني، خلاته سنين عايش وحيد، بس الحمد لله ربنا بيحبه، وخلفت منه، وأنا احترمتها أكتر لما حافظت على الحمل

قال في تعقل:

-وأخرة دا أيه، هي عاوزة تطلق، مش حابة ترجعله

لأول مرة تتشدد مريم في رغبة انتوتها، حين قالت في ثقة:

-مش هيطلقها، أنا مش عاوزة ابني يتعذب تاني، لو هذل نفسي إنها ترجعله، سعادة ابني عندي بالدنيا..........!!

_____________________________________


الاتفاق على شيءٍ واحد يعد بالأمر شبه المستحيل؛ لكن اتفاقهم الآن على عودتهما، قرار نابع من رغبتهما في لم الشمل من جديد، والتدخل بشكل عقلاني؛ منعًا من تفكك الحياة بينهما..

وبدأت المهمة من قبل مريم، التي حفزته على رفض الطلاق، فهذا يعني قلة أيام رؤيته للولد؛ لكن إذا توقف عن ذلك، سيراه متى يشاء ويحق له ذلك، فاقتنع زين بكلام مريم وتقاعص عن الطلاق؛ حتى تأزقت لمى وباتت تشتكي، ولرغبة الجميع في رجوعها لزوجها، ادعوا فشلهم في السيطرة على زين وإجباره على تطليقهـا..

ثم شاركت زينة آيان في خديعة محنكة، هي من وحي تفكيرها الماكر، وهي أن تخبر لمى بأن زين يرفض إعطائها الولد، وبالطبع ستغضب، وتضطر للذهاب إليه وإحضار الولد، وبالفعل وصلت لمى للفيلا مزعوجة ثائرة حين علمت، خاصة وهي بمفردها ستواجهه، فلم تجد أحد كأن الجميع قد اختفوا..

ثم جاءت لتدق الباب فوجدته مفتوحًا، ولجت في البداية ببطء، ثم دق قلبها في توتر شديد، فهذا المكان جمعهما للمرةِ الأولى، وبداخله عانت من شكه، استحقرت لمى المكان وبالأحرى أدعت ذلك، ثم تعمقت للداخل بحثًا عن ابنها، وقبل أن تنادي وتصيح، انتبهت لأصوات منبعثة من المطبخ، أجل فهي تعرفه جيدًا، ثم تحركت نحوه وجسدها ينتفض..

وعند وصولها للباب، تفاجأت به يطهي الطعام بنفسه، بمعاونة يده السليمة فقط، ويتعثر عليه جلب بعض الأشياء، ثم انتبهت لابنها يجلس على رخامة المطبخ ويلتقم موزة ويتابع باهتمام ما يفعله زين..

استمرت لمى للحظات تقف متوارية وتتابع ما يفعله، ثم أحبت تودده للولد، وهو يطعمه بيده ويقول:

-طعمها حلو؟

رد يونس صدمها حين قال:

-حلوة!

لم تصدق لمى ما استمعت إليه، فلأول مرة يتحدث العربية، وفي لحظة كرهت أن يونس قد أحبه أو اعتاد عليه، وهنا تدخلت لتلج المطبخ عليهما..

تفاجأ زين من مجيئها ولبعض الوقت الذي طال تبادلا النظرات في وجوم، وبصعوبة رسمت بالضيق وهي تتجه ناحية يونس، الذي تعلق برقبتها، قالت:

-عاوز تاخد ابني مني، إنت بتحلم!

هتف زين بإنكار:

-مين قال كده، هو قاعد معايا زي كل مرة.

سألته يامتعاض:

-ليه مش بطلقني، لسه عاوز مني أيه تاني!

رد بهدوء عجيب:

-مش عاوز حاجة، عاوز ابني أشوفه على طول، وبطلاقك ممكن تحرميني منه، بس أنا مش هسمح.

قالت في إصرار:

-هتطلقني، وغصب عنك مش بمزاجك.

ثم تحركت بالولد لترحل به، فمنعها باحتدام ليقف أمامها حائلاً، هتف:

-وخداه فين، لسه الوقت مخلصش علشان تاخديه

ثم شده منها ليحمله على ذراعه، فقالت بتذبذب:

-يعني بعد الوقت ما يخلص هاخده؟.

قال بتأكيد وهو يعيد الولد لمكان فوق الرخامة:

-أيوة، وهيوصلك زي ما جه.

وقفت لمى ولا تعرف لماذا؟، فالمطلوب منها الآن الرحيل؛ لكن دفعتها مشاعر ما، تتمنى أن يعتذر منها؛ أو يتوسل، ثم نفضت ما تفكر به وتعيد الجفاء، وعند تحركها للخارج ناداها:

-لمى!

نطقه لاسمها وترها، فتوقفت لتستدير له، ثم وجدته ينظر لها، سألها بجدية:

-أنا مش عاوز أغصبك، ومن حقك تكرهيني، براحتك، أنا عارف إني غلطان، بس ممكن اقترح عليكِ حاجة.

أنصتت له باهتمام وهو يسترسل حديثه قائلاً:

-أنا مش هطلقك علشان عاوز يونس على طول جنبي، فلو تحبي تعيشي هنا يكون أحسن، على الأقل علشان يونس

تذكرت اتفاقهما السابق ومدى حقارته معها، صاحت:

-هترجع تقولي عيشي معايا، واللي عملته فينا لما رجعتلك دا كان أيه؟

باتت تتهكم للغاية فقال بصدق:

-لمى أنا مش هبقى ليا علاقة بيكِ، لو مش عاوزة تكلميني إنتِ حرة، فكري وشوفي، كله علشان يونس، لأن بجد مش هطلق!

احتدت نظراتها أكثر نحوه لترفض دون تفكير:

-لا مش موافقة...........!!

____________________________________


سافرت لابنتها فور وصولها خبر حملها بتلك السرعة، وهي في طريقها لشرم الشيخ، هاتفت رسيل لتشكرها وتمتن لها، ثم شاركها زين السفر؛ احتفالاً بهذا الخبر السعيد..


بينما استمر آيان يحيك المؤامرات لعودة زين ولمى بمشاركة زينة وكانت تفشل جميعها، وفي يوم وعلى حين غُرة، وجدوا لمي توافق على العيش مع زين في الفيلا، والعجيب سكوت السيدة إيمان وعدم رفضها لذلك..

ثم جلبت لمى كل ما يخصها بالفيلا هي وابنها يونس، واعتزمت تقاسم الفيلا معه، وذلك الأمر ما جعل زين يتعجب، فقد رفضت حين سألها، فماذا جد إذن؟!..


وفي صباح أحد الأيام، ظلت لمى تفرغ ما في معدتها منذ استيقظت، ولم ينتبه زين لذلك إلا بحديث يونس عنها، وإخباره بأنها مريضة، ولم ينكر زين أنه قلق بشأنها، ثم توجه فورًا لغرفتها.

وحال دخوله عليها سيطر عليه القلق، كون نصفها فقط على التخت، وساقيها على الأرضية، فتقدم منها ليطمئن عليها، وصدم حين كانت مغمضة العينين، استفهم:

-لمى إنتِ فايقة؟

لم يجد جواب فجلس بجانبها ثم شرع في قياس درجة حرارتها بكفه، وتحير بعدها كيف يتصرف؟، وهداه فكره لأخذها للطبيب وفحصها، فهي حامل وربما ذلك سبب وعكتها..

وبتفكير سريع حملها؛ لكن على كتفه، وأمر يونس بالتحرك خلفه قائلاً:

-تعالى ورايا!

لحق به الصغير مجيبًا، بينما توجه زين بها للخارج حيث سيارته، وبمساعدة حنفي وضعها بالمقعد الخلفي ومعها يونس، ثم انطلق بسيارته لأقرب مشفى..


وبعد فحص الطبيبة لها، أخبرته بعلتها، وهي عدم تناولها للطعام بشكلٍ جيد؛ لكن الطفلة بخير، وكان زين وقتها يعلم بأنها فتاة لأول مرة، لذا ابتسم بشدة، وأحب فكرة أن تأتيه فتاة..

وبدراية من الطبيبة، طلبت مكوثها اليوم بالمشفى؛ حتى تستعيد وعيها، فظل زين مرافقًا لها، ولم يخبر أحد بما حدث، بل تولى المهمة بمفرده، وبالطبع ويونس معه..

حل الليل وبدا في أواخره حتى فاقت لمى، ثم بتعب نظرت حولها لتجده جالسًا على المقعد نائمًا، ومن جواره يونس غافي على الأريكة، ثم صلبت نظراتها على زين، كانت تلومه بشدة، فعدم ثقته بها أوجعت قلبها، وما جعلها تقبل البقاء معه، ليس صمته فقط، ولا رضوخه التام وتبدل حاله للاستسلام، بل حين حضرت مريم عندها هي وابنتها وجميعهم؛ ليترجوها كي تعود، ثم زاغت لتتذكر...


لم تراها هكذا من قبل، الضعف البادي عليها والتذلل الذي تفتعله أمامها، كل ذلك ضايقها بالفعل؛ رغم سطوتها السابقة، وكانت مريم تفعل ذلك من أجل ابنها، ومدى تمنيها بوجود حفيد ينير حياتها، ويشبع شغفها نحو ذلك، وذهبت إليها وكان حديثها رزين غير منفعل البتة، قالت:

-لو سمحتي يا لمى ترجعي، أنا حكتلك إنه بعد الحادثة مبقاش عنده أمل يعيش، هو ابني وبيزهق بسرعة، والكسور اللي فيه خنقاه قوي

أضاف آيان بعقلانية:

-فكري في يونس، أفضل ليه يعيش وسط أبوه وأمه، وبراحتك لو مش عاوزة ترجعيله، بس قربي منه يمكن دا يشجعه يستحمل اللي حصل معاه.

أخفضت لمى رأسها بحرج من كم التوسلات الصادرة منهم، فهذا يجبرها على تخليها عن ما عانته معه، وبدأت تفكر في ذلك؛ خاصةً أن زين قد اقترح عليها الأمر قبلهم..

نظرت مريم لـ زينة مهمومة، فاقنعتها أن ذلك الصواب، وستوافق بالطبع، فهي صديقتها المقربة وتدرك أنها تحبه، وتكبت ذلك..

وبعد وقت ضئيل، أعلنت لمى قرارها لتقول في قبول:

-موافقة أعيش معاه، بس ملوش دعوة بيا.....


فاقت لمي من شرودها لتعيد النظر لـ زين، خاطبته بصوت مرتفع نسبيًا:

-زيــن!!

تيقظ من نومه مشوش، ثم تنبه للوضع من حوله، وبقلق نهض متجهًا نحوها، سألها باهتمام:

-حاسة بحاجة؟

رجفة جسده ونبرته المهزوزة جعلتها تدرك وجله نحوها، قالت:

-أنا بخير، إنت ليه نايم كده؟

دنا من الفراش ليجلس في مقابلتها، قال:

-إنتِ تعبتي، فجبتك هنا.

وضعت يدها على بطنها وتفهم خوفها على الحمل، تابع:

-متقلقيش، البنت كويسة الحمد لله، شدي حيلك إنتِ بس

-بـنت!!

رددتها لمى وهي تتخيل أنها تحملها، ولمعة عينيها أذاعت مسرتها بذلك، أكد زين مبتسمًا:

-أيوة هيكون عندنا بنت.

نطقها زين بعفوية، وكأنه تناسى خصامهما، بينما هي لا، كانت تتعامل معه بحذر عكسه، ثم انتبهت له يمسد على شعرها؛ كأنه يحثها بشكل غير مباشر على الغفران له، وأدركت أنه متقبل ما تفعله به من كراهية توجهها له، ولم يعترض، ثم أخذت تتأمل حالته، ومدى اليأس الذي يحاوطه، قالت:

-بتحبني ولا لأ؟!

سؤالها زرع الأمل بداخله ليتوتر، قال:

-أنا عشت معاكِ لما قولتي إنك اتجوزتي واحد تاني، عارفة ليه

استشفت الإجابة من تلميحاته؛ لكنه أكد أكثر قائلاً:

-علشان عاوزك، أنا استنيتك سنين، دا لواحده مش شوية علشان تعرفي بحبك ولا لأ.

-ليه مش بتثق فيا، شوفت مني أيه يخليك تعاملني كده؟!

-إنت كدبتي عليا، ليه مقولتليش، لمى أنا سافرت أمريكا علشان تشخيص غلط، اتقالي إني مبخلفش، فرد فعلي طبيعي لما أعرف إنك حامل ومخلفة من غيري.

تبادلا اللوم والعتاب بينهما، وتلك كانت البداية للمصالحة وإبرام عهود جديدة بينهما، وليعلن زين ندمه قال:

-لما كل حاجة وضحت بينا، أنا بقيت عاوزك قريبة مني وخلاص، راضي بكده بس، مش عاوز حاجة تانية

نبرته الحزينة وهو يتحدث، جعلتها تستاء بشدة، وترفض ضعفه، فدعته لضمها، فانحنى عليها يحتضنها وهو يكبح دموعه، قالت:

-أنا بحبك، محبتش حد تاني، كان من حقي أزعل منك أول مرة، لكن مش من حقي ألومك دلوقتي لأن كدبت وكان غلط

ابتعدا قليلاً عنها وقال:

-برضوه هقولك إنتِ حرة، مش هغصبك تكملي معايا

تمنيه سعادتها دليل أنه يعشق بحق، فالمحب فقط من يتمنى ذلك وإن ارتبط الطرف الآخر بغيره، وكان لهدوئه النصيب الأكبر لتشفق عليه، لذا قالت:

-لا أنا عاوزة ولادي يتربوا مع أبوهم، مع أهلهــم.........!!

*********************
إلي هنا ينتهي الفصل السادس والعشرون من رواية قطرات الحب بقلم إلهام رفعت
تابع من هنا : جميع فصول رواية قطرات الحب بقلم إلهام رفعت
تابع من هنا: جميع فصول رواية أرض زيكولا بقلم عمرو عبدالحميد
تابعوا صفحتنا على الفيس بوك للمزيد من روايات عربية
أو أرسل لنا رسالة مباشرة عبر الماسنجر باسم القصة التي تريدها
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة