-->
U3F1ZWV6ZTMzNTg0ODE3NzI1X0FjdGl2YXRpb24zODA0Njk2NDgxODg=
recent
آخر القصص

رواية خط احمر بقلم عبد الرحمن أحمد - الفصل الحادى والعشرون

 مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة والقصص مع رواية رومانسية جديدة للكاتب المتألق عبد الرحمن أحمد الرداد و الذى سبق أن قدمنا له رواية طريق الدماء علي موقعنا قصص 26 وموعدنا اليوم مع الفصل الحادى والعشرون من رواية خط أحمر وهى الجزء الثالث من سلسلة عالم المافيا بقلم عبد ارحمن أحمد الرداد.

رواية خط أحمر بقلم عبد الرحمن أحمد - الفصل الحادى والعشرون

إقرأ أيضا: حدوتة رومانسية

رواية خط احمر بقلم عبد الرحمن أحمد

رواية خط احمر بقلم عبد الرحمن أحمد - الفصل الحادى والعشرون

تابع من هنا: روايات زوجية جريئة

 استمر إطلاق الرصاص على الجانبين لوقت طويل ووقع الكثير من رجال المنظمة، خرج «يوسف» وأطلق عدة رصاصات ثم عاد إلى حصنه مرة أخرى قبل أن يقول:

- إحنا لازم نخرج من هنا

أطلق صديقه «عمر» رصاصة وأوقع أحدهم ثم نظر إليه ووافقه على ما يقول:

- فعلا لازم نتحرك لأن الذخيرة اللي معانا قربت تخلص ولو خلصت مش هنخرج من هنا على رجلنا

نظر الآخر في جميع الاتجاهات بحثًا عن وسيلة خروج وما إن وجد نافذة طويلة حتى ردد بجدية:

- طارق عايزك تشغلهم وتضرب عليهم وأنت يا عمر أطلع معاه واضرب علشان محدش يشك بحاجة وأنا هخرج من هنا وأنتوا هتنسحبوا واحد واحد من غير ما ياخدوا بالهم، أنا هخرج وأمن المكان تحت

هز الاثنين رأسهما بالإيجاب قائلين:

- تمام يا باشا


بالفعل بدأوا في تنفيذ الخطة وخرج «يوسف» من النافذة وقبل أن يقفز قام بتركيب كاتم للصوت في فوهة مسدسه حتى لا يتم فضح أمره وما إن انتهى حتى قفز ووصل إلى الأرض بسلام، اعتدل بسرعة واقترب من بوابة حديدية صغيرة بالداخل ثم قام بإطلاق الرصاص على اثنين من هؤلاء المسلحين ليبقى المكان فارغًا.


تبعه صديقه «عمر» وقفز من خلال النافذة واقترب منه قائلًا:

- مكان الخروج آمن؟

هز رأسه بالإيجاب وردد بثقة:

- طريقنا فاضي، كلهم فوق ولازم طارق أول ما ينزل نتحرك علطول لأن من وقت هروبه لهجومهم على المكان اللي كنا بنضرب منه هياخد بالظبط 30 ثانية لأنهم هيبقوا معتقدين في البداية إننا بنحط ذخيرة لكن لما يلاقونا اتأخرنا هيهجموا، خلال الوقت ده نكون إحنا برا المنطقة دي خالص

بالفعل قفز صديقهم الثالث من النافذة وركضوا جميعًا في اتجاه السور الخارجي للمكان، اخرج «يوسف» حبل ضخم من حقيبته وقام بإلقائه ثم قام بتسلقه حتى وصل إلى قمته، تبعه صديقيه الآخرين وقفزوا جميعًا إلى الجهة الأخرى وتم هروبهم بنجاح.


***


عاد إلى المنزل بوجه شارد وحزين، ترجل من سيارته واتجه إلى الباب قبل أن يضع يده بجيب بنطاله ويخرج المفتاح، وضع المفتاح بالباب وأداره ثم ولج إلى الداخل حيث والدته.


كانت هي تقوم بإعداد الطعام وسمعت صوت بالخارج فخرجت لترى من فوجدته قرة عينها «طيف»، ركضت تجاهه وحضنته بقوة وهي تقول:

- حبيبي يا حتة مني، نورت بيتك يا طيف

ابتسم واغلق عينيه وهو بالقرب منها قبل أن يقول بمرارة:

- ياااه يا ماما، الدنيا دي وحشة أوي لكن حضنك بينسيني أي حاجة وحشة، بحس بأمان فظيع، ربنا يخليكي ليا وميحرمنيش منك ولا من حضنك الجميل ده

ابتعدت قليلا عنه وضمت وجهه بكلتا يديها وهي تقول بتساؤل ولهفة:

- مالك يا طيف! قلبي بيقول إنك مش كويس وفيه حاجة حصلت، طمني يا حبيبي واحكيلي حصل أيه

رسم ابتسامة مزيفة على وجهه وحاول التهرب من سؤالها قائلًا:

- مفيش يا حبيبتي، أنا كويس بس محتاج أنام ساعتين بس علشان مطبق بقالي يومين


دلفت «نيران» إلى الشقة في تلك اللحظة وابتسمت بسعادة وهي تقترب منه قائلة:

- طيف حبيبي حمدالله على سلامتك

ضمها إلى صدره بابتسامة وهو يقول:

- الله يسلمك يا حبيبتي

ابتعد قليلًا عنها ونظر إلى والدته بنفس الابتسامة وهو يقول:

- بعد إذنك يا ماما هطلع اخد دش واريح ساعتين كدا أحسن دماغي بتودي وتجيب

ربتت على كتفه بحنو شديد ورددت:

- اطلع يا حبيبي ربنا يسعدك ويريح بالك

تحرك إلى الخارج فاقتربت هي من «نيران» ورددت بصوت هامس:

- طيف شكله مش مريحني، حاولي تعرفي ماله يا نيران أنا قلبي قلقان عليه أوي

ابتسمت وهزت رأسها بالإيجاب قائلة:

- حاضر يا ماما، متقلقيش أنا هعرف ماله وإن شاء الله خير

- ربنا يسعدك يا نيران وينولك اللي في بالك يارب


تركتها واتجهت إلى الأعلى ثم دلفت إلى الداخل ومنه توجهت إلى غرفتهما فلم تجده، بحثت عنه في كل مكان إلى أن اسمعت إلى صوت المياة المرتفع من داخل المرحاض فابتسمت وعادت إلى غرفتهما مرة أخرى وقامت بتحضير ملابس له، انتظرت لدقائق ثم طرقت الباب ففتح هو الباب ليجدها تمد يدها بملابسه وهي تقول:

- اتفضل يا حبيبي الهدوم بتاعتك

ابتسم لها ابتسامة هادئة وجذب منها الملابس ثم قام باغلاق الباب مرة أخرى وقام بارتدائها.


خرج أخيرا بعد أن انتهى من حمامه ثم اتجه إلى غرفته وألقى بجسده على الفراش بإرهاق شديد قبل أن تقترب هي منه وتجلس بجواره وهي تقول بتساؤل:

- مالك يا طوفي، شكلك مش مطمني خالص

حاول رسم ابتسامة هادئة على وجهه وهو يجيبها بتهرب:

- مفيش حاجة يا نيرو شوية تعب بس من الشغل

هزت رأسها بالرفض وأمسكت بكف يده وهي تقول بترجي:

- لا يا طيف أنا مش هتضحك عليا زي ما عملت مع ماما تحت، أنت فيك حاجة وحاجة كبيرة كمان لأني عارفاك كويس أوي وبعرف امتى تكون كويس وامتى تكون مش كويس، علشان خاطري قولي مالك

أغلق عينيه للحظات وهو يتذكر ما حدث قبل أن يفتحهما مرة أخرى قائلًا:

- اكتشفت إني أغبى بني آدم في الكوكب كله

ضمت حاجبيها ورددت بتعجب:

- ازاي!

نظر إلى سقف الغرفة وبدأ في سرد ما حدث منذ بدايته إلى أن أنهى حديثه قائلًا:

- بس كدا، سيزكا ضحكت عليا ولعبت بيا الفترة دي كلها وبابا اداني دش محترم ووقفني عن العمل وحولني للتحقيق، الصراحة أنا أستحق

قبضت على كف يده ورددت برفض:

- لا يا طيف أنت متستحقش ده، أولا أنت مكنتش تعرف إن سيزكا بتلعب عليك كل الفترة دي وعلى أساس كدا أتصرفت، سيزكا مثلت الدور بكفاءة كبيرة أوي واستحالة كان حد يشك في نواياها، أنا نفسي مشكتش فيها، أنا واثقة إن اللواء أيمن هيهدى وهيرجعك تاني

نظر إليها وحرك رأسه بالرفض عدة مرات قبل أن يقول بجدية:

- لا خلاص، خلصت لغاية هنا، أنا هقدم استقالتي لأن مفيش حد يغلط الغلطة اللي غلطتها دي، أنا عرضت كل حاجة للخطر، عرفتهم كل المعلومات اللي محتاجينها من غير قصد

لوت ثغرها بحزن وصمتت لثوانٍ لكي تفكر بحل بينما أغلق هو عينيه بتعب كبير، فكرت كثيرًا بالأمر قبل أن تقول بهدوء:

- لما اللواء أيمن يجي اتكلم معاه وفهمه، اللي عملته عقوبته مش للدرجة دي، في شغلنا وارد الخطأ لكن حساب الغلط ده صعب أوي


لم يجيبها فرفعت حاجبيها وهي تقول بهدوء:

- طيف! أنت نمت؟

حزنت كثيرًا على حاله ثم نهضت من مكانها وقامت بفرد الغطاء عليه ليقوم بتدفئته في هذا الجو البارد وما إن انتهت حتى تركت الغرفة واتجهت إلى الأسفل لتقص ما حدث على «أسماء».


***


عاد إلى داخل الغرفة مرة أخرى بعدما قام بإغلاق هاتفه وردد بحزن:

- اللواء أيمن لسة قافل معايا وبلغني بكل اللي حصل، المهمة كلها اتكشفت وكل حاجة باظت، طلب مننا نسافر على أول طيارة لمصر

ضم «عمر» حاجبيه وردد بتعجب شديد:

- نرجع! هو اللي حصل في مصر ليه علاقة باللي حصل هنا! خطة يعني؟

جلس على المقعد بتعب وأجابه بشرود:

- أيوة اتضح إن طيف شغال لحسابهم وبلغهم بكل حاجة ومش بس كدا ده ساعد سيزكا تدخل مكتب اللواء أيمن وتاخد كل المعلومات اللي عايزاها، اللي بقولهولك ده طبعا سر وميطلعش من حد فيكم، اللي محيرني ازاي طيف يعمل كدا وليه، من خلال الفترة اللي قعدتها معاه فاستحالة إنه يكون خاين، أكيد فيه حاجة إحنا مش فاهمينها


***


تململ في فراشه قبل أن يفتح عينيه بصعوبة ليعلن عن استيقاظه بعد ساعات من نومه، جذب هاتفه من جواره ونظر إلى الساعة فوجدها التاسعة والنصف مساءً، نهض من مكانه واتجه إلى المرحاض ثم قام بغسل أسنانه وتوضأ، عاد إلى غرفته مرة أخرى وفرش سجادة الصلاة وصلى ما فاته من صلاة أثناء نومه وما إن انتهى حتى ارتدى ملابسه بالكامل واتجه إلى الأسفل ووجد في طريقه شقيقته «تنة» التي ابتسمت بسعادة عندما رأته وصاحت قائلة:

- طيف أخيرا رجعت

ابتسم في وجهها وردد بجدية:

- أيوة رجعت يا ستي، صحيح عاملين أكل أيه علشان جعان جدا

رفعت أحد حاجبيها ورددت بغموض:

- مش هقولك، خليها مفاجأة أحسن ولا أقولك أنت أول ما تخش هتشم الريحة وهتعرف علطول


تركها واتجه إلى الداخل ليجد شقيقته «رنة» التي رفعت أحد حاجبيها قائلة:

- أيه ده أنت لابس ورايح فين! أنت لحقت تيجي لما هتمشي

ابتسم في وجهها وردد مازحًا:

- خليكي في حالك يا اوزعة، فين ماما ونيران؟

جلست أمام التلفاز قبل أن تجيبه قائلة:

- ماما بتصلي ونيران خرجت تشتري حاجة

رفع أحد حاجبيه وردد بتعجب:

- نيران خرجت لوحدها! محدش منعها ليه

نظرت إليه شقيقته وأجابته بثقة:

- أيه اللي محدش منعها يا طيف هي صغيرة وبعدين دي ظابط زيك يعني متخافش عليها

لوى ثغره بعدم رضا وأسرع إلى الخارج ليتفاجئ بوالده الذي ترجل من سيارته، رمقه بنظرة سريعة وتحرك من أمامه على الفور لكنه توقف مكانه عندما سمع نداء والده من خلفه، التقط أنفاسه قبل أن يلتفت وهو يقول ببرود:

- أفندم

قام بإغلاق الباب الأمامي للسيارة وتقدم خطوتين تجاهه قائلًا بعدم رضا:

- أيه الطريقة اللي بتكلمني بيها دي! أنت اتجننت ولا أيه

اعتدل في وقفته وضم كلتا يديه أمامه وهو يقول:

- آسف يا سيادة اللواء أؤمر

انتظر لثوانٍ وهو يرمقه بنظرات مجهولة ثم قال بإيجاز:

- رايح فين؟

أجابه بإيجاز شديد وهو يستعد إلى الرحيل:

- رايح أحمي نيران

وقبل أن يرحل تحدث والده قائلًا:

- من مين؟

ابتسم ابتسامة هادئة قبل أن يجيبه بسخرية:

- من الناس اللي كنت أنا السبب في هروبهم

تركه ورحل بينما وقف هو ليتابع رحيله وقد تأكدت شكوكه وما سمعه حول ابنه الذي لم يكن يتوقع أن يصبح جزء أساسي من هذه الحلقة المغلقة.


***


على الجانب الآخر بداخل المستشفى أفاق «نائل» من نومه ولكن تلك المرة كان يتذكر كل شيء، حرك رأسه ووقع عينه على شقيقته الصغرى فابتسم وردد على الفور اسمها:

- يارا حبيبتي

نهضت من مكانها واقتربت منه سريعا لكنها اكتفت بمسك كف يده حتى لا تؤلمه بينما ابتسم هو وردد بعينان دامعتان:

- عاملة أيه يا غالية، أنا آسف إني سيبتك الفترة اللي فاتت دي لوحدك، مكنتش حابب أخليكي في الوضع ده خالص

رسمت ابتسامة على وجهها رغم تساقط دموعها وقالت بهدوء:

- أنا كنت كويسة يا نائل واللي حصل ده غصب عنك، أنا كنت بخير والفترة اللي فاتت دي ياسمين مسابتنيش وكانت معايا خطوة بخطوة وكانت بتذاكرلي كمان


كانت تتابع هي ما يحدث بعينان دامعتان فهي ودت لو تنهض من مكانها وتقترب منها لكي تحضنه وتبكي بالقرب منه لكن وضعها الحالي لا يسمح بذلك.

نظر إليها بعدما استمع لكلمات شقيقته وردد بوجه خالي من الملامح:

- شكرا علشان كنتي مع أختي الفترة اللي فاتت

رسمت ابتسامة على وجهها وهي تجيبه:

- دي أختي زي ما هي أختك، أنا معملتش حاجة، حمدالله على سلامتك

أدار وجهه ونظر إلى شقيقته قائلًا:

- الله يسلمك

شعرت أنه يرفض وجودها وكانت على وشك الانفجار في البكاء لذلك نهضت على الفور واتجهت إلى الخارج دون أن تتفوه بكلمة واحدة.


***


قام بمهاتفتها عدة مرات لكنه لم يستطيع الوصول إليها بسبب عدم إجابها على الهاتف وهذا ما أثار قلقه كثيرًا، زفر بقوة وألقى بهاتفه على المقعد الأمامي المجاور له لكنه رأى ورقة بيضاء مطوية، رفع حاجبيه بتعجب وجذب تلك الورقة ليرى ما بها وكان ما توقعه صحيحًا، كانت الورقة تحتوى على عنوانًا ولكن ليس موضحًا إلى أين يقود هذا العنوان لذلك قرر التحقق بنفسه من الأمر وأدار محرك السيارة لينتقل إلى هذا العنوان.


سار لأكثر من عشرون دقيقة حتى وصل إلى العنوان الموجود بتلك الورقة، ترجل من سيارته وسار باتجاه الفيلا ولاحظ وجود حراسة مشددة وهذا ما أكد له أن ما بداخل هذا المكان هي «سيزكا» مما جعله يبتسم لأنه تمنى الوصول إليها لكي يقوم بالانتقام لما فعلته به، وصل إلى الباب وأوقفه أحدهم ثم قام بنزع سلاحه بعد أن قام بتفتيشه ثم تركه يمر إلى الداخل، سار طيف في طريقه إلى أن وصل إلى الباب الداخلي للفيلا، صعد درج قصير ثم توجه إلى الداخل ليجدها هي بالفعل وعلى وجهها ابتسامة واسعة، بادلها نفس الابتسامة حتى رددت هي:

- كنت مستنياك من بدري

اقترب منها أكثر وردد بهدوء:

- لعبتيها صح

ضحكت بصوت مرتفع قبل أن تردد بفخر وهي ترفع أحد حاجبيها:

- مش سيزكا اللي يتضحك عليها بالسهولة دي يا سيادة الرائد، أنا لا يمكن حد يعرف اللي في دماغي غير لما يحصل وهو ده اللي حصل بالظبط

لوى ثغره ومثل أنه يجوب المكان قائلًا:

- لا فعلا ممثلة كبيرة، لو حد كان قالي إنك بتضحكي عليا الفترة دي كلها مكنتش هصدق لأني وثقت فيكي

ثم اقترب منها مرة أخرى بهدوء حتى لا تشك بما يدور في رأسه وما إن أصبح قريبًا بالقدر الكافي حتى التف بحركة سريعة ونزع سلاحها من جانبها ثم وجه فوهته إلى رأسها ولف ذراعه الأيسر حول رقبتها ليقيد حركتها بالكامل.


اقترب منه رجالها وهم يوجهون أسلحتهم تجاهه فردد هو بصوت مرتفع ونبرة تحمل التهديد:

- أي حركة منكم هقتلها، سيبوا الأسلحة

شدد من قبضته على رقبتها وردد بصوت غاضب:

- قولي ليهم يسيبوا الأسلحة!

فردت ذراعها في الهواء وأشارت إليهم بترك الأسلحة وبالفعل قاموا بتنفيذ طلبها قبل أن يقول هو بابتسامة:

- جدعة، فهميني بقى اللي حصل بالتفصيل الممل

لم تخاف من سلاحه الموجه إلى رأسها وبدأت في سرد خطتها منذ البداية قائلة:

- في البداية أنا فعلا اتشديت ليك جامد وكان عندي شك بسيط من ناحيتك، حضرت جلستين علاج معاك واستريحت بس كان لازم أتأكد أنت مين الأول علشان كدا خليت حد من رجالتي يصورك وأنت ماشي في الطريق وبحثنا بطريقتنا عنك وعرفنا إنك ظابط مصري، ساعتها كنت ناوية أقتلك بس قولت ألعب لعبة من نوع خاص شوية، اتفقت مع المجلس على اللعبة دي والمراكز الضعيفة بس هم اللي معرفوش عن الخطة دي حاجة علشان كدا كانوا بيتصرفوا أكن الموضوع حقيقي، كنا عارفين إن فيه خساير بس المكاسب أكتر أولهم كل المعلومات اللي محتاجينها وبالنسبة ليا أدمر علاقتك بالشرطة علشان ميبقاش ليك طريق غيري وابقى كسبتك لصفي، كملت لعبتي ورجعت مصر عرفت إنك اتضربت رصاصتين بس لحسن حظي إنك فضلت عايش، ساعتها قتلت اللي حاولوا يعملوا ده قدامك علشان أكسب ثقتك، عملت إني اكتشفت إنك ظابط وكنت هقتلك لكن مثلت إني مقدرتش علشان اخليك تثق فيا ثقة كاملة وبعدين؟ أنت عملت الباقي، دخلتني مكتب اللواء أيمن بكل سهولة وخدت كل المعلومات، قبل ما نخش الاجتماع فهمتك إنك تتبع كلامي بالظبط وتجاريني لأني عرفت إن سيادة اللواء بابا زارع أجهزة تصنت معاك، قولت أضرب عصفورين بحجر وخدت المعلومات وفي نفس الوقت خليت أبوك يسمع بنفسه إنك خاين وتعمدت تعمل ده وأنت الصراحة كنت متعاون أوي بغبائك، دلوقتي بقى سيادة اللواء دماغه بتودي وتجيب إزاي ابنه المحترم خاين وبيفكر ألف تفكير وبكدا مبقاش قدامك طريق غيرنا تمشي فيه


شعر بالصدمة لما تقول فهو لم يكن يتوقع أن والده قد سمع ما حدث وأن الشك قد زُرع داخله، عاد بذاكرته لغضب والده عليه وابعاده عن تلك القضية ثم تحويله إلى التحقيق وعرف أن السبب ليس فشله ولكن اعتقادًا منه أنه خائن، رمقها بغضب وألصق فوهة مسدسه برأسها بقوة وهو يقول:

- أيه! أنتي شيطانة! أنتي مش بشر أكيد، أنتي قلبك مات وعمرك ما هتحسي، أنا لو قتلتك دلوقتي هبقى خلصت البلد من عقربة زيك

ابتسمت بسخرية قبل أن تقول بثقة:

- متقدرش تقتلني، أولا لأني دليل براءتك ولو قتلتني هتفضل بردو خاين وثانيا لأنك مش الشخص اللي غضبه يسيطر عليه لدرجة إنه يقتل ثالثا بقى أنا بحركة صغيرة هخلي المسدس متوجه لراسك أنت بس أنا سايباك بمزاجي


دفعها بقوة وألقى بسلاحها على الأرض قبل أن يقول بغضب:

- أنا هسيبك بس مش علشان كل الأسباب دي، علشان أنتي الطريق الوحيد لنهاية الريد لاين

ثم تركها وذهب بينما ابتسمت هي قائلة:

- هنشوف


***


اتجهت إلى الخارج ثم توجهت إلى نهاية الممر الطويل لتجد نافذة صغيرة تطل على حديقة المستشفى فوقفت أمامها وانفجرت في البكاء فهو مازال يرفضها في حياته بسبب ما فعلته به على الرغم من اعتذارها له وقربها واهتمامها به، شعرت أن كل محاولاتها لكسبه مرة أخرى قد فشلت بشدة وأنه لن يعود إليها مرة أخرى، ضمت وجهها بين كفيها وتابعت البكاء حتى وجدت من يضع يده على كتفها من الخلف فالتفتت لتجده شقيقها «زين»، ارتمت بين أحضانه وزاد بكائها ونحيبها فربت بخفة على ظهرها وردد بهدوء:

- أنا جنبك يا حبيبتي، أخوكي سندك وضهرك اللي تتسندي عليه

تحدثت من بين بكائها بصوت متقطع:

- أنا بحب نائل أوي ومقدرش أعيش من غيره يا زين، مش هستحمل بعده عني، مش هستحمل

أبعدها قليلا عنه ومسح دموعها بكلتا يديه وهو يقول:

- طالما بتحبيه أوي كدا ومش قادرة تستغني عنه فأكيد هو بيحبك ومش قادر يستغنى عنك، مش معنى إنه مديكي الوش ده يبقى بيكرهك بالعكس ده بيتعذب من جواه ومهما طالت الأيام مسير الحديد يلين، يمكن قادر على ده دلوقتي لكن بعد كدا مش هيستحمل وهترجعوا لبعض، خليكي عارفة إن نائل بيحبك زي ما أنتي بتحبيه، أديله وقته بس


على الجانب نظر هو إلى سقف الغرفة وعاد بذاكرته عندما فتح عينه ووقعت عليها مباشرة، لم يفسر سرعة نبضات قلبه واشتياقه لرؤيتها لكن سرعان ما تذكر ما حدث مما جعله يغير مجرى بصره وعندما خرجت هي شعر بضيق وحزن داخله، فسر خروجها السريع برغبتها في البكاء وتخيلها تبكي في ركن بالخارج، أغلق عينيه وتخيل نفسه يضمها إلى صدره لينهي حزنها وفي تلك اللحظة هاجمته ذكريات سيئة للغاية عندما قامت بإهانته، هز رأسه بقوة لينفض تلك الذكريات من رأسه وردد داخله:

- معقولة لسة بحبها بعد كل اللي عملته فيا؟ معقولة مأثر فيا إنها ممكن تكون بتعيط دلوقتي! اعمل ايه؟ المفروض أتصرف إزاي بس! يارب


***


أوقف سيارته أمام منزله وأمسك هاتفه مرة أخرى ليهاتف زوجته، ضغط على زر الاتصال وانتظر لأكثر من دقيقة لكن لا يوجد رد فقرر الدخول إلى المنزل ومعرفة هل عادت أم لا وبالفعل فتح الباب وتقدم إلى الداخل ثم وصل إلى باب الشقة لكن الأضواء كانت مختفية تمامًا ولا يوجد غير الظلام، رفع أحد حاجبيه بتعجب وتقدم إلى الداخل وهو يقول:

- ماما! نيران! تنة! ألووو حد هنا؟

وفجأة عاد الضوء مرة أخرى وصرخوا جميعا في وجهه وهم يلقون بالزينة والبالونات في وجهه فصرخ هو من الفزع قبل أن يدرك أنها مفاجأة، التقت أنفاسه وردد بانفعال:

- حرام عليكم سيبتوا ركبي، دي مفاجأة ولا عايزيني أقطع خلف

صاحت نيران بسعادة وهي ترميه بـ بالون:

- Happy birthday to you teef

ابتسم وأمسك بالبالون وهو يقول:

- أيه ده النهاردة عيد ميلادي وأنا ناسي! وأنا أقول يوم مهبب ليه

تقدمت «رنة» وقامت بتفجير الزينة في وجهه قائلة بسعادة:

- كل سنة وأنت طيب يا طوفي عقبال 100 سنة تفاهة

تذكر ما حدث قبل رحيله وضيق نظراته قائلًا:

- أها أنتوا متفقين بقى، يعني الاخت تقولي نيران نزلت ومش صغيرة علشان اطلع اجري زي الاهبل وتحضروا المفاجأة، خلصانة هسامحكم

اقتربت «تنة» وفجرت هي الأخرى الزينة في وجهه قائلة:

- ششش كفاية رغي خلينا نحتفل بعيد ميلادك يا طيوفة وبعدين نيرو صاحبة الفكرة

اقتربت والدته منه فضمها إلى صدره على الفور قبل أن تقول هي:

- كل سنة وأنت في حياتنا يا طيف

ابتسم وأبعدها عنه قليلا قبل أن يرفع كف يدها ويقبله قائلًا:

- ويديمك في حياتنا يا ست الكل يا قمر أنتي

صاحت «نيران» بصوت مرتفع بعد أن جذبته من يده:

- يلا بينا نطفي الشمع


كان «ايمن» يستمع إلى صوتهم من داخل غرفته بعد أن رفض مشاركتهم بحجة تعبه الشديد بينما التف الجميع حول مائدة مستطيلة الشكل وفي منتصفها صورة لـ «طيف» وهو يحمل سلاحه، أضاءت «نيران» الشمع ونسي هو همومه بتلك المفاجأة التي لم يكن يتوقعها، اغلقت «رنة» الأضواء وبدأوا جميعًا في ترديد:

- Happy birthday to you, happy birthday to you teef, happy birthday to you

سنة حلوة يا جميل، سنة حلوة يا جميييل

وقام هو بإطفاء تلك الشمعة فاشتعل تصفيقهم الحار وسط صياحهم المرتفع


عادت الأضواء مرة أخرى واقترب هو من حبيبته قبل أن يمسك يدها ويقبلها بحب قائلًا:

- ربنا يخليكي ليا يا نيران قلبي

ابتسمت بسعادة ورددت هي الأخرى بهدوء:

- ويخليك ليا يا حبيبي، يارب تكون المفاجأة فرحتك

أمسك كلتا يديها واقترب منها أكثر وهو يقول:

- فرحتني فوق ما تتخيلي، اليوم كان صعب أوي بس بعد المفاجأة دي أنا نسيت كل هم وكل تعب


ارتمت في حضنه وضمها هو بحب كبير وأثناء ذلك استمعوا لصوت رنين جرس المنزل فأسرعت «رنة» لتفتح الباب وما هي إلا ثوانٍ حتى عادت بوجه قلق وهي تقول:

- فيه ظباط عايزين طيف برا!

ابتعدت «نيران» عنه ورددت بتساؤل:

- عايزينه ليه

خرج «ايمن» من غرفته أخيرا وأشار إلى الباب قائلًا بجدية:

- قدامي

سيطر الصمت على المكان بينما تحدثت «اسماء» قائلة:

- قدامك على فين يا أيمن!

انتقل ببصره إلى ابنه وأجابها قائلًا:

- برا هيعرف

تحرك «طيف» من مكانه وانتقل إلى الخارج حيث ضباط الشرطة وردد بتساؤل:

- أفندم أنا طيف!

تحدث أحدهم قائلًا بجدية:

- اتفضل معانا

رفع «طيف» أحد حاجبيه وردد بتعجب:

- أفندم! اتفضل فين؟

هنا جاء الرد من خلفه حيث أجاب «ايمن» قائلًا بجدية:

- صدر أمر من النيابة بالقبض عليك

ثم نظر إلى ضباط الشرطة وردد بلهجة آمرة:

- شوفوا شغلكم ...

*********************
إلي هنا ينتهي الفصل الحادى والعشرون من رواية خط أحمر بقلم عبد الرحمن أحمد
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة