-->
U3F1ZWV6ZTMzNTg0ODE3NzI1X0FjdGl2YXRpb24zODA0Njk2NDgxODg=
recent
آخر القصص

رواية وصية والد بقلم على اليوسفى - الفصل الرابع عشر

مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة والروايات الرومانسية في موقعنا قصص 26 مع رواية جديدة من روايات الكاتب علي اليوسفي ووالذى سبق أن قدمنا له رواية أشلاء واليوم سنقدم لكم الفصل الرابع عشر من رواية وصية والد بقلم على اليوسفى هذه القصة مليئة بالعديد من الأحداث والمواقف المليئة بالكثير من الرومانسية والعشق.

رواية وصية والد بقلم على اليوسفى - الفصل الرابع عشر

اقرأ أيضا: روايات رومانسية

رواية وصية والد بقلم على اليوسفى

رواية وصية والد بقلم على اليوسفى - الفصل الرابع عشر

 مازال مجد على جلسته شارداً في طيف أخيه الذي غادر ،مذهولاً من تصرفات شقيقه معه ،وكذلك ريما والتي باتت تقلقه، لكن أكثر ماكان يشغله هو سبب بكاء ريما وعودتها باكراً إلى المنزل، فطوال الاثني عشر عاما التي عاشها مع ريما وأدهم خارجاً لم يرَهما في حالة التخبط تلك.


لم يفكر أكثر وهو ينتفض من مكانه متجهاً إلى محل ريما، سيتحدث مع إيمان صديقتها الجديدة ،علّها تخبره مالذي استدعى دخول ريما في هذه الحال ،و تنقذه من الوقوع في تفكيرٍ عقيم .


.......................


جلس مجد في المطعم القريب من المحل برفقة إيمان- وقد كان يملي طلباتهما للنادل- بعد أن طلب منها موافاته هناك ليتحدثا، حيث أن ريما لم تغلق المحل بعد .


والحق يقال فإن مجد كان بحاجة إلى من يتحدث معه حول تصرفات ريما المريبة.


تحدثت إيمان بتساؤلٍ قَلِقْ بعد رحيل النادل : مالأمر مجد؟؟ هل ريما بخير؟؟

تبسم مجد بخفة مجيباً: لا تقلقي إيمان ريما بخير.

عبست تعابيره مضيفاً: الحقيقة انا بحاجة إلى شخص ما لأحدثه.


ظهر الاهتمام جلياً على قسماتها وهي تشير له بالإيجاب وتحثه على المتابعة ، لكن مجد توقف لثانية يفكر ،هل يصحّ أن يُشارك غريباً في أسرار أخيه وزوجه؟؟؟

لكن إيمان ليست غريبة !! فهو يعرف صداقتها مع ريما مع أنها مستحدثة لكن ريما مرتاحة معها وهذا مايهم، وهذا ما دفعه للقدوم إلى هنا ومقابلتها.


تابع حديثه قائلا: الحقيقة لا أعلم السبب ولكن ، استشعر تبدل معاملة ريما معي منذ مدة.

تنفس بعمق ثم أضاف مبرراً لجوءه إليها : انا أعتذر إيمان إن كنت ازعجك، لكنك صديقة ريما الوحيدة وكذلك كنت معها في المحل منذ مدة، وقد تساعدينني في معرفة سبب تغيرها.


زوت مابين حاجبيها بقلق فسألته: مالذي تقصده مجد؟؟؟

مطّ شفتيه بتفكير قبل أن يتحدث بما خطر على باله: لا أعرف تماماً ،لكنّ ريما باتت تتجاهلني وتغيرت معاملتها معي منذ حفل خطبتي.


زمّت إيمان فمها بتفكير كأنها تحلل حديثه فيما أضاف مجد بآسىً: أنا لم أقترف ذنباً لتحاسبني عليه بتغيرها، لطالما كانت لي الآم والصديقة.


أجفلت إيمان بخفة فسألته كمن تذكر شيئا: هل لي أن أسألك أمرا مجد؟؟ لمَ ريما وأدهم لم ينجبا؟؟

تجعد جبينه باستغراب بينما تابعت فكرتها: أعني أنهما متزوجان منذ وقتٍ طويل صحيح؟؟؟ فلماذا إذاًلم ينجبا أطفالا؟؟؟؟


رمش مجد قبل أن يجيبها بجدية رغم استغرابه أنها تسأله هو هذا السؤال: أذكر أنني سألتهما هذا السؤال منذ مدة طويلة ،أخبرتني ريما يومها أنها تعاني مشكلة ما تمنعها من الإنجاب، فاكتفيا بوجودي في حياتهما.


أعادت رأسها للخلف متسائلة باستنكار: ألم تذهب إلى طبيب ما للكشف عن حالتها؟؟


همس مجد و هو يشعر بالضياع من أسئلتها- المحرجة في بعضها- كأنها توجهه إلى أمر ما بعينه: لا لم تذهب، أذكر أن الطبيب كان قد أخبرها أن مشكلتها لا حل لها.


شردت إيمان بعيداً وهي تستذكر ماحصل بين ريما وابنة أيمن الصغيرة، بينما كان مجد يراقبها فاستراب من صمتها الذي بدى بلا نهاية، فسألها بشك: هل هناك ماتودين إخباري به ايمان؟؟


تطلعت إليه وهي تبتسم ببساطة، وقد ظنت أنها اهتدت إلى التحليل المنطقي: ريما تفتقد شعور الأمومة مجد، هذا كل ما في الأمر.


لم يفهم مقصدها، وقبل أن يسألها أردفت بتبرير: لقد رأيتها هذا الصباح كيف تعاملت مع ابنة جارٍ لي بينما كانت تنتظرني، ومنذ أن جئنا إلى المحل لم تتوقف دموعها حتى أخبرتني أنها متعبة وعادت إلى المنزل.


كتفت يديها على الطاولة أمامها مضيفةً: أعتقد أن السبب هو حنينها لأن تصبح أماً.


شرد مجد في حديثها،بدى أنه التحليل الأقرب للمنطق، خاصة بعد أن استذكر تبدل أدهم هو الآخر معه،تطلع إلى إيمان التي تحدثت: لقد تقدم الطب كثيرا الآن، أعتقد أنه يجب على ريما ان تحاول مجددا مع طبيب جديد، علّه يمدها ببعض الأمل في حالتها.


صمت لثوان كأنه يفكر،ثم أعاد نظره إليها قائلا بحرج طفيف: ربما كلامك منطقي، لكن من يستطيع إقناعها؟؟ فأنا لايمكنني التحدث معها حول الأمر لربما احرجتها !!


أسندت ظهرها إلى الخلف ،حركت رأسها وهي تبتسم بمكر، ثم أخبرته بنبرة ذات مغزى ناظرةً إلى نقطة ما خلفه: دع الأمر لي.


...........................................................................


قضى أيمن النهار بطوله جالساً قرب ابنته الصغيرة، يتآكله الندم على مااقترفت يداه في حقها ،تطلع إلى جسدها الصغير المسجى أمامه على السرير ،يدها الصغيرة وأنبوب رفيع متصل بها ،أمسك بكفها الأخرى ليقبلها بضعف وهو يطالعها بحزن...بندم...بجزع.


دلفت شقيقته إيناس حاملةً في يدها طبقاً فيه بعض الطعام المطهوّ حديثاً ،وضعت الطبق أمامه ناظرةً إليه بشفقة، لم تعرف بعد ماحدث بالضبط ليصل شقيقها مع ابنته إلى هذه الحال، لم يكن أيمن في حالة تسمح لها بسؤاله، كما أن المربية لم تنفعها كثيراً ، فقط أخبرتها أنه عاد من عمله ليجد ابنته تتحدث مع سيدة ما ، واستشاط غضباً بعدها .


رحلت أخيراً بعد أن آيست من أن يتناول شقيقها شيئاً ليسدّ به رمقه، إلى جانب رفضه مبيتها بجوار ريما علّه يرتاح هو الاخر، متعلّلاً بأنها مسؤوليته وحده.


...........................................................................


عاد أدهم إلى المنزل مساء، لكنه لم يجد مجد فعلم أنه غادر ليشرف على استلام الشحنة التي سبق وأن كلفه أيمن بها.

زفر باختناق فقد كان يريد أن يحادثه بشأن صراخه عليه سابقا.


كانت ريما جالسة ً في سريرها واضعةً كتاباً ما في حجرها لتقرأه، لكنها فعليا لم تقرأ منه حرفاً ولم تتطلع إلى كلماته أساساً ،بل كانت شاردة أمامها، تعبث بإحدى الصفحات تمرّر إصبعها يميناً ويساراً عليها.


شغل بالها التفكير في أمر أدهم و أماليا ،آلمتها رؤيتها لأيمن لدرجة باتت تفكر في قلب تلك المسكينة أيضاً، كانت تفكر في طريقة لتجمع شملهما، لكن الأهم الآن هو إقناع أدهم بأن يعترف لها بالحقيقة وهي على يقين أن أماليا ستصدقه كونها تحبه وتوافق على الزواج منه.


ربما هي لاتعرف ردّة فعل مجد كيف ستكون لكن بما أنه قد شُفي من علّته النفسيه- حسب تقرير الطبيب- فلا تظنّ أنه سيمانع زواج أدهم وأماليا.


شدّت ظهرها وفردت كتفيها عندما خطرت لها فكرة قد تبدو مقنعة لمجد في حال رفضه.


قطع تفكيرها صوت أدهم يستأذن للدخول، أدخل رأسه من شقّ الباب مبتسماً ببساطة هاتفاً: مساء الخير ؟؟

بادلته بابتسامة مقتضبة دون إجابة، دلف ليجلس بقربها على السرير ،تفرّس في وجهها لحظة ثم امتدت يده إلى الكتاب المسنود على حجرها متسائلاً في محاولة منه لخلق حديث معها لاعتقاده بأنها مازالت حزينة: مالذي تقرأينه في هذا الوقت ؟؟


وقبل أن تصل يده إلى الكتاب أزاحته ريما برفق من أمامه لتضعه على الطاولة قربها، تعجب أدهم من فعلتها، لكن عجبه زال فور أن تحدثت بنبرة هادئة : أريد أن أحدثك في أمر ما أدهم.


زوى مابين حاجبيه مُشيراً لها بالموافقة: حسناً ريما اخبريني، مالأمر؟؟

تنفست بعمق ثم نطقت بثبات؛ يجب أن تصارح أماليا بالحقيقة أدهم.


قلب عينيه زافراً بضيق وهو يشيح بوجهه عنها، عبست تعابيره ليجيبها بجمود: سبق وأن تحدثنا في هذا الأمر ريما.

أصرّت ريما على قرارها قائلة بعناد: بلى تحدثنا، لكنك لم توافق بعد.


انتفض من مكانه واقفاً ليضع يديه في جيبي بنطاله متحدثاً بآسى حزين: لا شيء لأوافق عليه ، فأماليا لن تقبل.

أمالت رأسها للجانب لتجيبه ببسمة صغيرة وقد استشعرت ميله لحديثها: بل ستوافق لأنها تحبك، وإن أخبرتها الحقيقة كاملة عن زواجنا فلن يبقى هناك أي حجةٍ للرفض.


سكت لثوان كأنه يحسب احتمالات تحقق ماقالته ريما، زفر بضيق عندما لاح في خياله ردة فعل مجد، عاد اليأس ليسيطر عليه وهو يخبرها ناظراً لها بقلة حيلة: ومجد؟؟ كيف ستكون ردة فعله على زواجي لو تمّ؟


اتسعت ابتسامتها مُردّدةً بثقة: مجد سيوافق من دون تردد أؤكد لك.

استراب من ثقتها المفرطة، فتوارد إلى ذهنه أنها أخبرت مجد بكل شيء، اقترب منها بعينين متسعتين والذهول واضحٌ على محياه هامساً بخفوت: هل أخبرتِ مجد بالحقيقة؟؟؟


قهقهت بخفة وهي تحرك رأسها للجانبين بيأس من سذاجته وأردفت: بالطبع لا، لم أُجنَّ بعد.

ناظرها بشك: إذاً؟؟


أشارت له بالاقتراب ليجلس قربها ففعل، كتفت يديها في حجرها وهي ماتزال على جلستها في السرير لتقول بهدوئها المعتاد: اسمع أدهم، أتذكر منذ سبع سنوات تقريباً ، عندما سألنا مجد لماذا لم ننجب أطفالاً؟؟

شرد ذهنه في تلك الذكرى، عندما فاجأهما مجد بهذا السؤال وكم أحرجهما يومها، لتخبره ريما بكذبة اخترعتها سريعاً مفادها بأنها لا تستطيع الإنجاب لعلةٍ ما بها ليس لها دواء، وأنهما اكتفيا به ولداً.


عاد من شروده السريع على حديث ريما التي استطردت: سنخبره بأنك ترغب بالأطفال الذين لم أستطع انا أن أمنحك إياهم، وأنني موافقةٌ على زواجك لأجل الأطفال.


...........................................................................


قلّب حديثها في ذهنه ثم سألها باهتمام بادٍ في قسماته: لماذا أماليا تحديداً؟؟ ألن يستغرب مجد الأمر واختياري لها بالذات؟؟


زمّت فمها بتفكير قبل أن تنطق رافعةً كتفيها بلا مبالاة : لأنها ببساطة شقيقة نور، ونعتقد أنها ستكون بمثل أخلاقها ولطيفة مثلها، وهكذا لن تحصل أية مشاكل..


ركّز النظر في ملامحها الجادّة ، لكن بدى ماتقوله ضربٌ من الجنون ،حرّك رأسه للجانبين بإنكار: لا ،لن تنطلي تلك الخدعة على مجد ،فهو ذكي للغاية، ثم ماذا لو انتكس مجدداً؟؟


أجابته فوراً دون تردّد : لا تقلق عليه فقد شُفيَ تماماً، ألا تذكر تقرير الطبيب؟؟


التفت للجانب ليفكر في جدوى فكرتها، رغم شوقه لأن يجتمع بمحبوبته، ولكن ظهرت أمامه عقبةٌ جديدة، يخشى من ردّة فعل أماليا هذه المرة لو علمت الحقيقة فعلاً، حينها سيظهر هو كالجبان في نظرها عندما هرب دون أن يخبرها بالأسباب، ربما هذا أسوء بكثير من نظرتها إليه الآن كخائن.


نفخ بيأس ملتفتاً صوبها ليردد: لن ينجح الأمر ريما، أخشى أنّ الحقيقة ستجرح كبرياء أماليا فقط، ولن توافق على أية حال.


تهدل كتفاها بذهول، حقاً لم تعتقد أن أدهم سيكون يائساً إلى هذه الدرجة، نفخت بغيظٍ من عناده، راقبته وهو يتجه لينام في غرفة الملابس ،ثم صاحت خلفه بهدوء غريب ، تجمّدت يده على مقبض الباب دون فتحه عندما سمع كلماتها: الحقيقة مرة كحبةِ الدواء أدهم، يلزمها الوقت لابتلاعها، لكنها ستُشفى في النهاية.


تفكّر في كلماتها للحظات قبل أن يدلف إلى الداخل دون أن ينظر إليها.


اتسعت ابتسامتها لدخوله دون أن يجادلها، إذاً فهو يفكر وسيقتنع بالطبع، أراحت ظهرها إلى الخلف دون أن تخبو ابتسامتها، وهي سعيدةٌ لقرب التقاء قلبين.


قد يبدو مافعلته ريما غير مقنعٍ أبداً ،لكنها قاست الأمر عليها هي، لربما بإمكانها هي أن تحتمل ألم الفراق كما فعلت طوال السنين الماضية، فهي لن تقابل أيمن كثيرا على أية حال وربما لن تفعل أبداً ، لكن أماليا ستقابل أدهم كثيراً شاءت أم أبت........ أسعدتها حقاً فكرة أن تجمع قلبين مُعذبين، علّ خافقها الملتاع يرتاح قليلاً.


......................................................................


دخلت أماليا بسيارتها إلى مكانها المخصص في مرآب المستشفى، ترجلت من السيارة لكنها شهقت بهلع عندما ظهر أدهم أمامها من العدم، عادت خطوة للخلف حتى استجمعت شتاتها، ناظرته بحدة وقد ثارت أمواجها: ما بالك أنت؟؟ كيف تظهر أمامي بهذه الطريقة؟؟


ابتسم ببلاهة وهو يستشعر غضبها منه، لطالما كان الأمر يسعده قبلاً، زفرت بضيق وأغمضت عينيها لثانية، فتحتها من جديد محاولةً تجاوزه، مشت عدة خطوات قبل أن يوقفها سؤاله: لماذا هربتِ ليلة الحفل؟؟


عقدت حاجبيها بريبة من سؤاله، سرعان ماأسعفها عقلها بإجابة خبيثة ربما أراد أن يعرفها بزوجته، ضغطت على شفتيها بقوة قبل أن تجيب بنبرة ثابتة: لم أهرب، لقد كان لديّ عمل.


التفت ليواجه ظهرها وشعرها الحريري الطويل، ثم تحدث بابتسامة صغيرة: هذه حجةٌ ممزقة، ألديكِ سواها؟؟؟


زفرت باختناق تحاول استدعاء ثباتها، التفتت لتقابله مجيبةً بنبرة تعمدت جعلها مُهينة: وهل هناك مايجبرني على اخبارك؟؟

طالعته من أعلى لأسفل وبالعكس مضيفة بتهكم: وعلى أية حال مالذي تفعله هنا؟؟ حسب علمي فهذا مرآب خاص للموظفين في المشفى وليس مشاعاً للعامة؟؟


هل قالت عامة؟؟ هل نحن في العصور الوسطى وطبقة النبلاء والعبيد؟؟؟ ابتسم على تفكيره الأبله فاعتقدت أنه يسخر منها، استشاطت غضبا وصرّت على أسنانها بغيظ، رمقته بنظرة سريعة قبل أن تستدير داخلة للمشفى، انتبه لهروبها وأسبابه فتبعها مهرولاً : انتظري أماليا.


وقفت لتلتفت إليه بحدة، رمقته بنظرة تحذيرية ففطن لمرادها، أحنى رأسه لثانية ثم رفعه متحدثاً: اسمعي أمال....

تدارك نفسه مردفاً: دكتورة أماليا، أريد أن أحدثك في أمرٍ هام، ولا يحتمل التأجيل أكثر.


استرابت من كلماته فيما أضاف هو قبل أن تعلق: أرجوك، لن يأخذ منكِ سوى دقائق.

ضغطت على شفتيها بتفكير ثم اردفت بنبرةذات مغزى : لكن لديّ عمل الآن.


تبسم باتساع مُعلقاً : لا يهم، سأنتظرك الساعة الرابعة

، في الحديقة قرب العيادة.

اقترب منها أكثر مضيفاً بنبرة خالطت بين الرجاء والأمر: لا تتأخري، وأتمنى أن تحضري فعلاً.


رغم غرابة أن يكون على علمٍ بموقع عيادتها واسترابتها من طلبه ، لكنّ فضولها أجبرها على القبول فأشارت له موافقةً، اتسعت ابتسامته اكثر وهو يتمتم : شكراً.


خرج من المرآب بخطوات سريعة، فيما ظلت هي تطالع خياله بحزن، تنهدت بتعب ثم استدارت لتدلف إلى المشفى، وفي قلبها نورٌ ونار.


...................................................................


هل سبق وأن أجبرك أحدهم على تنفيذ مراده دون أن تتمكن من الرفض، حتى يُخيّل إليك بأنك قد نُوّمتَ مغناطيسياً؟؟؟


كان هذا حال ريما بالضبط، لا تعرف كيف أو لماذا، لكنها جالسةٌ الآن في سيارتها أمام عيادة طبيب ما، حقاً لا تعلم كيف تمكنت من إقناعها، والأغرب أنها طاوعتها ،ليس لأنها لا تستطيع الرفض بل لأنها لا تجيد فنّ كسر الخواطر، هي ليست من النوع القاسي ببساطة.


لكن إيمان بدورها ليست من النوع الذي يستسلم بسهولة، رغم معرفتها الحديثة بريما لكنها اعتبرتها أكثر من مجرد مديرة في العمل والأخرى لم تمانع ، فبعد أن أخبرتها إيمان بما دار بينها وبين مجد، صدمتها بأنها قد حجزت لها موعداً لدى طبيبة نسائية تعرفها ، تفهمت ريما الأمر بأنه مشاعر صادقة من إيمان.


زفرت من أنفها وهي تخبر إيمان: هذا خطأ كبير.

التفتت صوبها مضيفةً علّها تعدل عن الفكرة : إن علم أدهم أنني ذهبتُ إلى طبيبٍ ما دون علمه سيغضب كثيراً.


ابتسمت الأخرى لتجيبها: لن يعرف صدقيني، ثم إنها طبيبة وليس طبيباً !

حركت رأسها بقلة حيلة: نعم ولكن....

قاطعتها بإصرار: من دون لكن، هيا لننزل..


ترجلت إيمان دون سماع ردّها، أغمضت ريما عينيها زافرةً باختناق تحاول استدعاء ثباتها، لا تستطيع لومها فإيمان لا تعرف حقيقة زواجها، وفعلت هذا من باب الصداقة الحقيقية، ترجلت من السيارة لترمق إيمان بنظرة رجاء أخيرة، لكن الأخرى لم تفهم نظرتها، بل سحبتها من يدها صاعدةً إلى أعلى.


من فرط توترها وجزعها لم تلتفت حولها أو حتى تقرأ الاسم المدوّن على اللافتة الخشبية ذات اللون البني، ما كان يشغل بالها أكثر هو كيف تهرب قبل الدخول إلى تلك الطبيبة التي لا تعرفها أصلاً ،ولا تخاطر بكشف سرّها.


..........................................................................


كانت العيادة فارغة تقريبا ،جلست ريما على كرسي الانتظار حيث أشارت لها إيمان، ريثما تحادث الفتاة الجالسة على المكتب، تمكن خوفها منها ومن وضعها الآن، طالعت تلك السيدة الجالسة بانتظار دورها ، شعرت بأنها لا تشبهها قط، خطرت على ذهنها فكرة تنقذها من هذه المصيبة.


استلت هاتفها لتبعث برسالة إلى أدهم قبل عودة رفيقتها: اتصل بي، رجاءً.


لكن أدهم لم يجبها لانشغاله في اجتماع هام، زفرت بجزع وهي تشاهد إيمان تتقدم منها وعلى وجهها ابتسامة عريضة، جلست بجانبها لتضرب على قدمها برفق: أمامنا دورٌ واحد فقط.


ازدردت ريقها بوجل وهي تعلق برجاء : إنني خائفة ايمان،دعينا نرحل أرجوك.

وقفت مُغادرةً لولا يدُ إيمان التي امتدت قابضةً على ذراعها لتعيدها بجانبها مُردفةً كأنها تُحادث صديقة تعرفها منذ سنين: مابالك جبانة هكذا ريما؟؟


رمشت عيناها من الصفة التي أطلقتها عليها، فيما أضافت الأخرى غير عابئةً بملامح الصدمة على وجهها: اجلسي وانتظري دورك، لا تعلمين كم تعبتُ حتى حصلتُ على موعد قريب .


عقبت ريما بمزيجٍ من السخرية والجد: عوض الله تعبكِ عزيزتي إيمان !!

طالعتها المعنية ببسمة بلهاء، تزامناً مع خروج الطبيبة مع إحدى المريضات، وقفت أماليا لثوان تحادث المريضة قبل أن تودعها ببسمة صافية.


انتفضت إيمان من مكانها صائحةً بحماس: حضرة الطبيبة.

استدارت أماليا صوبها بجبينٍ مقطب حالما رأتها متسائلة باستغراب : إيمان، مالأمر؟؟

ضيقت عينيها تسألها بجدية: لا تخبريني بأنك حامل؟؟ فابنتك مازالت صغيرة !!


قهقهت إيمان بمرح رافعةً يديها: لا حضرة الطبيبة، اطمئني فلستُ حاملاً.

تبسمت بارتياح فيما أخفضت إيمان صوتها مُضيفةً وهي تشير لها بعينيها صوب ريما: لقد أحضرتُ صديقتي تريدُ الكشف عندك، لديها مشكلة في الإنجاب.


نظرت أماليا حيث أشارت لها إيمان فتلاقى بحريها مع عسل ريما، اختفت بسمتها وهي تشاهد الأخرى تومئ لها ببسمةٍ مُقتضبة، حملقت فيها بذهولٍ مبرر لدرجة ظنت معها أن فكها قد لامس الأرض من فرط المفاجأة.


لحظة !!!


لحظة واحدة فقط !!!


بشرودٍ سريع ربطت الأحداث ببعضها، أدهم يطلب مقابلتها اليوم على عجل لأمر لا يحتمل التأجيل، والآن ترى ريما قابعةً أمامها بانتظار أن تكشف عليها إذاً.........


الوغد الحقير؟؟ !! يريدها هي أن تعالج زوجته ليُنجب منها أطفالاً !!؟؟؟


وهل في الدنيا انحطاطٌ أكثر من هذا الموقف؟ !!

*********************
إلي هنا ينتهي الفصل الرابع عشر من رواية وصية والد بقلم على اليوسفى
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة