-->
U3F1ZWV6ZTMzNTg0ODE3NzI1X0FjdGl2YXRpb24zODA0Njk2NDgxODg=
recent
آخر القصص

رواية وصية والد بقلم على اليوسفى - الفصل التاسع

مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة والروايات الرومانسية في موقعنا قصص 26 مع رواية جديدة من روايات الكاتب علي اليوسفي ووالذى سبق أن قدمنا له رواية أشلاء واليوم سنقدم لكم الفصل التاسع من رواية وصية والد بقلم على اليوسفى هذه القصة مليئة بالعديد من الأحداث والمواقف المليئة بالكثير من الرومانسية والعشق.

رواية وصية والد بقلم على اليوسفى - الفصل التاسع

اقرأ أيضا: روايات رومانسية

رواية وصية والد بقلم على اليوسفى

رواية وصية والد بقلم على اليوسفى - الفصل التاسع

 انتصف الليل وماتزال نور تحادث مجد عبر تطبيق الواتساب فيديو، لم تصمت للحظة وهي تخبره بإسهاب عن إعجابها بتصميمات ريما ، خاصة و أنّ العرض أصبح حديث مواقع التواصل الاجتماعي.


قد كان مجد يستند برأسه على يده ،وابتسامة ملل ارتسمت على شفتيه مستمعاً بكل جوارحه إلى حديث نور ،ربما لم يفهم أغلبه لكنه فقط سعيد لأنه يراها ويحدّثها .


هتفت نور بإعجابٍ واضح وهي تشير بيديها : ياآلهي مجد كم أعجبتني هذه المجموعة، خاصة ثوب الزفاف ، يا آلهي ، إنه أسطورة حقيقية.


ضحك مجد بخفة فانتبهت لضحكته، عقدت حاجبيها بانزعاج جلي وهي تعتدل في جلستها قائلة بغيظ طفلة : لماذا تضحك؟؟


أبدل ضحكته بابتسامة طفيفة لينظر إليها وقد زادت جاذبيتها فأجاب بهدوء : لأنك منذ نصف ساعة كاملة وأنت جالسة أمامي تمتدحين تصاميم ريما ولم تعيريني انتباهك أبدا.


أخفضت أنظارها وهي تزم فمها بانزعاج من نفسها فهو محق، بينما أضاف مجد بنبرة لئيمة: الى الآن لم اسمع كلمة غزلٍ واحدة، ولم تسأليني كيف حالك حبيبي؟؟ متى ستعود حبيبي؟ اشتقت اليك حبيبي؟؟


احمرّ وجهها بشدة وهي تنتهره بضعف: مجد.

عاد ليضحك من جديد من خجلها اللذيد منه ،سألته بعد لحظات: متى ستصل طائرتكم ؟؟


_ أعتقد الساعة الواحدة بتوقيتكم، ولا تنسي أنتي مدعوّة إلى العشاء غداً لتتعرفي إلى ريما.

تبسمت بخفة وهي تتمتم: تصلون بالسلامة ان شاء الله.


ودّعها مجد وأغلق الهاتف، استلقى على ظهره شارداً في السقف وعلى وجهه تلك الابتسامة ، مُستذكراً لقاءهما للمرة الأولى منذ عام تقريبا.


......................


Flash Back.


كان مجد يشعر بالملل الفظيع في الجامعة، فهو على الرغم من تسجيله فيها منذ ثلاث سنوات ،إلا أنه لم يحضر الا قليلا، لم يعد إلى بلاده طمعاً في التعلم ولا بسبب الغربة القاتلة كما ادّعى وأقنع شقيقه، بل كان جُلَّ همه بأن يتخلص من الطبيب النفسي الذي كان يتولى علاجه في لندن، ذاك الأحمق المزعج حسب ادّعاءاته ليس طبيباً إنما هو ( خرّاب بيوت).

لذا قام مجد بإقناع أدهم بأن يعودا إلى البلاد ليتعلم في الجامعة التي لم يحضر من محاضراتها الا مايُعدُّ على الأصابع، الحقيقة أنه كان يحضر فقط ليظنَّ أخاه بأنه متحمس للدراسة، بينما كان يقضي معظم وقته يتسكع في مقهى الجامعة وحيداً، بعد فشله في إنشاء صداقات .


خرج من المقهى بالتزامن مع انتهاء دوام الكلية، وصل إلى حيث ينتظر سائق الأجرة الذي هاتفه مسبقاً وهو يلتفت حوله بروتينية، لفت انتباهه فتاة تمشي مُسرعةً، وهي تتكلم مع أحدهم في الهاتف وتقطع الشارع دون انتباهٍ منها ،لاحظ سيارةً تتقدم بسرعة تجاهها، خفق قلبه بشدة وقد اختلطت المشاهد في عينيه بين السيارة المسرعة والفتاة المتهورة وذكريات قديمة من حادث سيارة مخيف.


رمى كتبه على الأرض ،جرى بلا وعي منه وهو يصرخ بها: يا آنسة!!!

تطلعت إليه نور بعدم فهم فيما السيارة تقترب ويبدو أن صاحبها شابٌ متهور حتى أنه لم يضغط على بوق السيارة لينبه من أمامه، رمى مجد بثقله ليحاوط نور ويرتمي معها على الرصيف .


تجمع عدد من الطلاب لرؤية ما حدث، فيما كان مجد يحاوطها بحماية وارتجافة كبيرة بجسده، ونور المُحاطة بين أحضانه وهي ترمش بعينيها بدهشة ولم تستوعب بعد ماحدث، تعالت الهمسات من حولهما فتنحنحت نور قائلة بهمس خافت: لو سمحت؟؟


حرّرها من بين يديه وهو عاقدٌ حاجبيه، أخفضت نظرها بحرج من زملائها الذين تجمعوا حولهما فقط للهمس عليهما دون أن يمدّ أحدهم يد المساعدة لها، نفضت الغبار عن كنزتها الخضراء و بنطالها الجينز الأزرق، فيما وقف مجد من فوره و أنفاسه تتسابق كمن دخل في سباق، رفعت رأسها إليه عندما انفجر بها صارخاً: ألا تنتبهين إلى طريقك؟؟ كيف تقطعين الشارع وانتي تتحدثين في الهاتف دون الانتباه إلى السيارات؟؟؟


رفرفت بأهدابها وهي لا تعي سبب انفجاره بها، نعم أنقذها لكن هذا لايعطيه حق الصراخ في وجهها، زمّت فمها وكانت على وشك البكاء وهي تتمتم بضعف: أنا آسفة أعتذر.

ضغط على شفتيه ثم تحدث من بين أسنانه المُطبقة: إياكِ وأن تعيديها مجدداً، فهمتِ؟؟؟


إما أن هذا الشاب أحمق أو أنه غبي؟؟

من هو ليتحدث معها بهذه اللهجة الغاضبة؟؟

انتفضت بقوة وقطع سيل أسئلتها لنفسها صراخه بها مجدداً: فهمتي؟؟

حركت رأسها إيجابا مراتٍ عدّة وهي تردد : نعم فهمت، فهمت.


تمالك أنفاسه قليلاً ،انتبه لتوه لتلك الدموع التي تشكلت داخل عينيها البنية القاتمة، شعر بإحساس عجيب يجتاحه ليشعره بأنه آلمها ويجب أن يعتذر، لم يتحمل دموعها فامتدت يده ليساعدها على الوقوف قائلا بهمس هادئ: هاتي يدك.


حتماً إنه مُصابٌ بانفصامٍ في الشخصية، هذا مافكرت به نور من تقلبه المفاجئ، ازدردت ريقها وهي تعطيه يدها ليساعدها،ماإن وقفت حتى تمتمت بخفوت: شكرا.


نظر حوله ليسدّد لأولئك الفضوليين نظرة نارية ثم صاح بهم: هل هناك عرضاً ما وقد أتيتم لمشاهدته؟؟

تبادل الشبان والفتيات المجتمعين النظرات المستغربة فيما بينهم، ثم انفضّ الجمع عندما صاح مجدداً وهو يصفق بيديه : هيا تفضلوا من هنا، اذهبوا إلى دروسكم ومحاضراتكم هيا.


ظلّ يناظرها وهي تنفض التراب عن نفسها ، ربما انزعجت لصراخه لها لكنها أيضا ممتنة لأنه أنقذها، فلولاه لكانت الآن تجاور والدها الذي تمّ نقله إلى المستشفى بعد حدوث أزمة قلبية مفاجئة له أثناء عمله.


امتدت يده نحوها ليتمتم بنبرة هادئة: أعتذر إليك أولاً، و اسمي مجد ثانياً.

رفرفت اهدابها للمرة التي لاتعرف عددها وهي تطالع وجهه باستغراب، تنحنحت بحرج عندما لاحظت يده الممتدة، تحدثت وهي تصافحه قائلة: أشكرك جزيل الشكر لإنقاذي، وانا اسمي نور.


نور!!!

اسم على مسمى، كتلة من النور والبهاء يراها أمامه وقد نسي يدها داخل كفه، تاه في عينيها منذ ذلك الحين ولم يجد طريقه بعد.


.........................................................................

.


_ أبي ،حبيبي، أرجوك يجب أن تذهب معي لإجراء التحاليل!!

هتفت بها أماليا بيأس وهي جالسةٌ أمام والدها تحاول إقناعه عبثاً بالذهاب معها إلى المشفى، فيما كان عمار يعقد ذراعيه أمام صدره ويزمّ فمه هاتفاً بعناد الأطفال: لا أريد أماليا، تعلمين أنني أكره المشافي.


أشاح بوجهه إلى الجانب الآخر ليبدو حقاً كطفل لم يتجاوز الست سنوات بعد، زفرت أماليا بضيق وهي تمرر يدها بين خصلاتها الشقراء، ضيقت عينيها بتفكير ثم خطر لها بال، ابتسامة ماكرة رسمتها على مُحيّاها وهي تقول لوالدها بنبرة خبيثة: سيد عمار، ألن تذهب إلى المشفى معي؟؟؟


هزّ والدها كتفه علامة على رفضه، فاستقامت من مكانها لتتجه صوب الباب وهي تضيف مصطنعةً عدم المبالاة: كما تشاء أبي، لكنك هكذا ستفوت على نفسك غداءً معتبراً.


التفت والدها إليها ليسألها مُقطباً جبينه بشك: ماذا تقصدين بغداء معتبر؟؟

حركت كتفيها كما فعل هو، مطت شفتيها وهي تخبره ببساطة: لو أنك تذهب معي لأخذتك فور انتهائنا إلى المطعم وستأكل مايحلو لك هناك.


سال لعابه وارتخت تعابيره وهو يسألها: حقاً أماليا؟؟

نظرت إليه نظرة ثعلب وهي تشير له بالإيجاب، ثم أضافت وهي على وشك الخروج: لكنك لا تريد الذهاب، فأنا سأتركك على راحتك.


هتف من خلفها بحماس: لا لا أماليا عزيزتي سأذهب سأذهب.

التفتت إليه بابتسامة عريضة وهي تقول مشيرة بيدها: أمهلني خمس دقائق فقط لأبدّل ثيابي ثم نذهب بعدها.


ركضت أماليا من فورها قبل أن يغير والدها رأيه، اختفت ابتسامته السعيدة بخروجها، أسند رأسه إلى ظهر السرير خلفه ، لقد وافقها على مضض، يعتقدون أنه يكره المشافي لأنها تذكره بضعفه فقط؟؟

قطعاً لا، فهو يكرهها أيضاً لاقترانها بذكرى سيئة له وسعيدة في الوقت ذاته، هناك خسر والدة أماليا عشقه الأول والأخير، بعد ولادتها بيومين فقط، رغم أنه أيضاً رُزِقَ بأماليا وتعرف هناك إلى عليا الحنونة ، لكنّ مكانة سيدرا لم تتغير في قلبه بمرور السنوات، لذلك رفض أن تنجب عليا بعد زواجهما مُتعلّلاً بصغر سنّ أماليا، ولم تأتي نور إلى الدنيا إلا بعد ثماني سنوات كاملة.


كلّما ذهب إلى هناك يشعر بضعفه وقلة حيلته، يخشى يوم توافيه المنيّة وهو لم يطمئن بعد على بناته ووالدتهن، ابتسم لنفسه ساخراً : وكأنّ بيدك حيلة!!!


..............................................................................


وصلت عائلة أدهم إلى الديار أخيراً، لم يُحادث ريما وهي لم تُعاود سؤاله لانشغالهم طيلة اليوم الماضي بتوضيب الأغراض والثياب تمهيداً لعودتهم برفقة ريما .


توقفت السيارات أمام الباب الرئيسي للمنزل الضخم، كان مؤلفاً من طابقين، غرف واجنحة النوم في الأعلى وفي الأسفل كان المطبخ و وغرفة مكتب وصالة كبيرة لاستقبال الضيوف.


توافد العمال والعاملات المنزليات في المنزل لنقل الحقائب الكثيرة إلى الأعلى تحت إشراف( أم ميسر) مدبرة المنزل، التي تعرفت إلى ريما وعرفتها بنفسها ثم أرشدتها إلى الجناح الذي خُصّص لها ولزوجها.


كان جناح ريما كبيراً مؤلفاً من غرفتين، إحداها للمبيت تحوي سريراً كبيراً ومرآة وأريكة صغيرة ،والأخرى للثياب وداخلها أيضاً أريكةٌ أخرى لكنها أكبر ، تبدو أقرب إلى السرير منها إلى أريكة،إضافة إلى حمام كبير ، تأملت ريما الغرفة بابتسامة رقيقة لا تفارق مُحيّاها أبداً، تنفست بعمق وهي تشعر لتوها بمعنى الحياة ، هذه المرة الأولى التي تعود بها إلى بلادها بعد غياب اثنتي عشر عاما كاملة.


قطع عليها تأملها دخول أدهم حاملاً إحدى الحقائب المخصصة للثياب ووضعها بجانب الأخريات ، استدارت نحوه فوقف ليخاطبها بجمود: هل أعجبك الجناح؟؟ إن كان هناك مايزعجك فبإمكاننا تغييره.


أشارت له بالنفي مُتحدثةً: لا عزيزي، لا أريد تغيير شيءٍ فيه.

أشار باستحسان وهي يردف مُقطب الجبين: حسناً ، غرفة مجد قريبة من جناحنا، لذا سنضطر لمقاسمته سوياً ريثما يتزوج وينتقل بعدها إلى جناحه في الطرف الآخر من الطابق.

اكتفت بالإشارة له بالإيجاب ليضيف ببرود: بإمكانك أن ترتاحي ريما، المنزل فيه خدم وفيه أم ميسر وهم سيقومون بكل شيء فلا تتعبي نفسك، ولا تنسي موعد العشاء مع مجد ونور.


ألقى كلماته ليستدير خارجاً من الجناح، قبل أن يوقفه نداؤها باسمه، التفت إليها باستغراب فتحدثت : أدهم ألا تريد إخباري بما يضايقك؟؟

كاد ان يتحدث لكنها قاطعته وهي تكتف يديها أمام صدرها لتقول بنبرة هادئة لكنها حازمة: وأرجوك لا تخبرني أنه العمل وما إلى ذلك لأنني لن اصدقك.


علم أنه لن يستطيع الهرب أكثر ،زفر من أنفه بتعب ثم سار نحو الأريكة ليرمي ثقله عليها ويحني ظهره بعجز، تنهد بقوة قبل ان يتكلم بنبرة متألمة مُكتفياً بكلمة واحدة: قابلتها.


قطبت جبينها بعدم فهم فأردفت: لم أفهم من تقص.....

قطعت سؤالها تزامناً مع اتساع عينيها ورجفة فكها،وقد اعتلت الدهشة ملامحها وهي تهمس بصدمة: أماليا؟؟؟

أشار لها برأسه إيجابا ومايزال مُطرقاً للأسفل، وضعت يدها على فمها لتتحدث بالإنكليزية: ياآلهي!!!


ازدردت ريقها ثم سألته: أين؟؟ وكيف ومتى؟؟

ابتسم ساخراً وهو يرفع رأسه إليها مُردفاً: لن تصدقي إن أخبرتك، أماليا هي شقيقة نور الكبرى.

زادت دهشتها مُرفقةً بالصدمة، مررت يدها على رأسها كمن يشعر بالضياع، بللت شفتيها وهي تمشي لتجلس بجانبه مرددة: معقول؟؟ ياآلهي ماهذه الصدفة العجيبة؟؟


لم يُعلق أدهم بشيء، فتحدثت ريما من جديد: كيف تعاملت معك أخبرني؟؟

قهقه بلا مرح على سؤالها_ الساذج من وجهة نظره_

ثم أردف بشيء من التهكم وهو يدير رأسه إليها: وكيف تتوقعين معاملتها لي وقد تفاجأت برؤيتي هي الأخرى؟؟ أتراها أخذتني بالأحضان سعيدة لرؤيتي مثلاً؟؟


تحولت ملامحه إلى الخيبة ثم أضاف باختناق و غصة حارقة تُشعل صدره: أماليا تكرهني ريما، تكرهني لدرجة أنها لاتطيق رؤيتي أمامها، لدرجة أنها مسحت ذكرياتنا سوياً من ذاكرتها.


رغم الصدمة التي استولت عليها من حديثه لكنها استطاعت رؤية تلك الدموع التي تحجرت داخل مقلتيه، ياآلهي أدهم يبكي؟؟؟

لم يفعلها سوى مرتين قبلاً والآن الثالثة، ازدرمت ريقها بارتباك وهي تمسح على ظهره بحنوّ ،ثم تحدثت: أخبرني أدهم، أخبرني بكل شيء علّك ترتاح.


...................................................


مازال الوجوم هو المسيطر عليهما منذ أن انتهى أدهم من سرد كل ماحدث بينه وبين أماليا في مكتب الأخيرة، حتى تحدثت ريما بنبرتها الهادئة: الحقيقة لا أستطيع لومها، فهي محقة.


رفع رأسه إليها كطلقة رصاص يخبرها باستنكار لم يخلو من التهكم : أعلم أنها محقة بالمناسبة، لكننا أحياناً نحتاج إلى من يواسينا ولو بكذبة أملٍ زائف!!!


نظرت إليه بعتاب وهي تميل برأسها: تعلم أنني لستُ هكذا.

أشاح بوجهه إلى الجانب الآخر، لكنه أعاده إليها مع ملامح دهشة واستنكار معاً حينما أضافت بحزم : أخبرها أدهم، أخبرهابكل شيءٍ من البداية.


لثوانٍ نظر داخل عينيها ثم ابتسم ساخراً: أخبرها بماذا بالضبط؟؟؟

_ رفعت كتفيها ببساطة: الحقيقة أدهم ، ربما لو أنها عرفت الحقيقة لعذرتك.


مازالت ابتسامته متهكمة وهو يقف أمامها ثم يجيبها باستنكار ساخر: أي حقيقة تقصدين؟؟ حقيقة أنني تركتها مُرغماً ولم أستطع نسيانها طوال تلك السنين؟؟ أم حقيقة أنني كنتُ جباناً لدرجة أنني فضلتُ أن أرى الخيبة في عينيها على أن أبرر لها ما لا أستطيع؟؟؟


قاطعته بحزم وقوة وهي تقف لتقابلة: أخبرها الحقيقة كاملة بلا تسويف أو تدليس.

طالعها بجمود فيما أضافت وهي تعقد يديها أمام صدرها: أدهم ،من حق أماليا أن تعلم لمَ تركتها فجأةً هكذا دون مقدمات، لاتنسى أنك وعدتها بأنك ستخطبها ثم تعود بعد أسبوع لتخبرها بأنك تزوجت؟؟ أتعلم مافعلته بها يومها؟؟


أدار لها ظهره بينما تابعت هي بانفعال طفيف: انت ببساطة انتزعتها من سماء الأحلام الوردية لتسقطها إلى الجحيم دفعة واحدة.

هز رأسه بيأس وهو على وضعه فتابعت ريما بنبرة ذات مغزى : ولا تنسى أنك ودعتها على الهاتف مع أنها كانت تبعد عنك عدّة أمتار فقط، لذا برأيي فهي محقة بالكامل بغضبها منك.


.....................................................


شعر أدهم بالغباء لبقائه والاستماع إلى حديث ريما الذي لن يؤتي بنتيجة، مشى خطوتين لتخاطبه بنبرة حملت معها الأمل: لربما إن أخبرتها لسامحتك أدهم، فكر في الأمر.

التفت نحوها ليصيح بها بقسوة لم تعهدها منه : أخبرها بماذا بالضبط ريما ؟؟ أأقول لها أنني تزوجتُ ابنة عمتي فقط لأنها رغبة أبي ومجد؟؟ أم أخبرها أنني متزوجٌ منذ اثني عشرة عاما وأعيش مع زوجتي كالأخوة؟؟


صاحت ريما بعناد: نعم ، حدّثها بهذا أليست الحقيقة؟؟

قهقه ساخراً ليعقب : بالله عليكِ ريما أنتي بوعيك؟؟أوتظنينها ستصدق حديثي الذي يُعتبر ضرباً من الجنون؟؟؟


نطقت بثقة: هي تحبك وستصدقك بالتأكيد.

رفع يده في وجهها قائلاً بصراخ: هل تسمعين نفسك ريما؟؟ لو كان أيمن من يقف أمامك وأخبركِ بما تقولينه أكنتِ ستصدقينه؟؟؟


ارتخت تعابيرها المشدودة بثقة ليحل محله الصدمة ،فغرت فاهها وتألم قلبها لمجرد نطقه بتلك الكلمات، فيما تابع هو صراخه غير عابئٍ بتلك التي ضغط على جرحها دون وعيٍ منه: حسناً وبعد، لنفرض أنها صدقتني ما الذي سيحصل بعدها؟؟


ازدردت ريقها وهو تخفض أنظارها أرضاً حتى تمالكت نفسها، ثم رفعت رأسها مجددا وهي تقول بشبح ابتسامة فاترة ،مُتجاهلةً حديثه الموجع لها : تتزوجها.


قهقه مجددا بلا مرح مردفاً: نتزوج؟؟ كيف؟؟ أتظنين أنها ستقبل؟؟

اتسعت ابتسامتها الرقيقة لتخفي وجعها وهي تجيبه بكل بساطة: سبق وأخبرتك، هي تحبك وستوافق بالتأكيد.


عادت السخرية لتحتلّ ملامحه وهو يصرخ بصوتٍ عالٍ نسبياً: ومجد؟؟

لوهلة اختفت ابتسامتها وتجمدت عيناها على وجهه كمن فطن إلى وجود مجد، بينما تابع هو: هل فكرتي بموقف مجد من زواجي بها ؟؟


ازدردت ريقها بتوتر وهي تشيح بوجهها عنه ،ثم سمعته يضيف: يستحيل أن أضع أماليا في موضع شبهات أو أن تكون زوجة ثانية، لذا سنضطر لأن نتطلق، أتعتقدين أن مجد سيوافق بهذه السهولة على طلاقنا؟؟؟


سكتت دون إجابة، فأشاح أدهم بوجهه إلى الجانب الآخر وهو يزفر باختناق، مرّت ثوان حتى نطقت ريما دون أن تنظر إليه بنبرة هادئة ومُعاتبة في آن : لولا أنني أعرفك جيداً أدهم لجزمتُ بأنك تحملني مسؤولية كلّ ماحدث!!


تجمد مكانه للحظات، التفتَ نحوها بوجهٍ شاحب ليراها تبتسم بشكل مريب ، ليعلم أنها تتألم وتخفي ألمها خلف تلك الابتسامة.

*********************
إلي هنا ينتهي الفصل التاسع من رواية وصية والد بقلم على اليوسفى
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة