-->
U3F1ZWV6ZTMzNTg0ODE3NzI1X0FjdGl2YXRpb24zODA0Njk2NDgxODg=
recent
آخر القصص

رواية عصفورة تحدت صقراً بقلم فاطمة رزق - الفصل الثاني والعشرون

مرحبا بكم متابعين قصص 26 موعدنا في قسم روايات رومانسية كاملة والكاتبة فاطمة رزق والفصل الثاني والعشرون برواية عصفوره تحدت صقراً 

وَعَـىَ على مُر الحياهِ ، حين إِصطَدم بواقِعِــهِ .. فنشأَ على كُره حــواءَ ، فلم تكن يوما منزلُــهُ .. وبنفورِهِ جعلَ الجواري تَشتهى قُربَــهُ .. فعُزِزَ الغُــرور في نفسهِ ، بأنُ لا مِثل لـهُ .. فأتتْ هي قبل أن ينخدِعَ بِظَنــهِ .. لتُريهُ مدى ضآلة حجمــهِ .. فليست من الجــَواري، ولا أَمـه يروق لها منزلــُه .. هي سيـدةٌ فى قصرٍ من الحيــاءِ تزينت جُدرانُـهُ .. هي سيـدةُ حسنـاءٌ ، تملك من الكـِبْرِياءِ ما تَكبَح بـِهِ غـرورَهُ .. فقطعَ العهــودَ والمواثيــقَ على نفســهِ .. بأن أيامها القادمــةُ ستكونُ داخلَ جحيمــهِ .. ولِتـَـرى ابنه حــواء ذاك الذي قَـللتْ من شأنِــهِ .. كيف يَسوقهـا إلى هاويةِ الهـلاكِ بنفسـهِ ..! هل ستقاوم سَبيـهُ ، أَم هل ترضـخُ لــهُ ؟ هل ستعيش حبيسَــةً ، أَم سيُجّــلِي قَيــّدَهُ ؟ اللي مشفش الفصل الرابع يقدر يشوفه من هنا رواية عصفوره تحدت صقراً "الفصل الواحد والعشرون"
روايات رومانسية كاملة | رواية عصفوره تحدت صقراً "الفصل الثاني والعشرون"

عصفوره تحدت صقراً

الفصل الثاني والعشرين 

-أنا أخوها يا غبي ..

كانت تلك الكلمة كافية لجعله يصمت، ويصمت، ويستمر في الصمت ..
-إزاي أختك، هي ملهاش اخوات ؟
قالها هو متسائلًا بدهشة، فنظرت له جويرية بهدوء غريب وقالت :
-أظن ده يخصنا، وإنت مجرد دخيل !
رفع نظره ليواجهها فتفاجأ به يلكمه في بطنه، وضع يداه الإثنتان على بطنه ليخفف حدة الألم بينما صرخ به براء :
-إياك تجيب سيرتها على لسانك تاني يا ...
وقبل أن يتابع كانت قدما صهيب قد إتخذت طريقها حول قدم براء وإستطاع عرقلته ببساطة، وكاد براء أن يقع على الأرض إلا أنها أسرعت تمسك به وهي تردف بسرعة :
-براء، خلي بالك !
حينها وضع صهيب يده في جيبه بهدوء، وكأن شيئًا لم يكن !
خطوتين قريبًا منها، كلمتين قالهما بنفس الهدوء لها :
-بكرة أشوفك !
-تمام
كان ذاك ردها الذي أردفت به بصلابة، ببرود، ودون تردد ..

نظرت له نظرات غامضة، لا غضب، لا كره، تلك المرة نظراتها ثابتة، هادئة، وكأنها قد فقدت بعضًا من حيويتها هذا الصباح، والأمر يزعجه ولا يدري لما !

لكنه تركهما وذهب بخطى بطيئة،
أما براء فظل ينظر لها لا يفهم شيئًا ..
وحين تأكد من ذهابه سألها بجدية :
-يشوفك بكرة فين ؟
أجابته هي بنبرة جامدة :
-الشركة عنده
عقد حاجباه وسألها بترقب وحيرة :
-ليه ؟
تنهدت هي بعمق، وسارت خطوتين بعيدة عنه وهي تقول :
-هشتغل هناك
إتسعت عيناه وخطى إليها مردفًا بصدمة :
-نعم !!
ببساطة أردفت هي :
-أكيد كان لازم يكون فيه تمن للفيديو !
هز رأسه مستنكرًا وحرك يده بإنفعًال وهو يرد عليها بغضب :
-لأ مستحيل بجد، إنتي بتهزري صح ؟
هزت كتفاها مبتسمة بثبات عجيب، ولم تعَّقب ..
وكانت تلك إجابة كافية ليدرك أنها جادة تمامًا،

كارثة وأي كارثة تلك !

وضع يديه على كتفها وسألها بغضب :
-ليه يا جويرية عملتي كده ليه ؟
بهدوء النظرات والنبرات أردفت :
-مكنتش هستحمل ياخد براءة !
قوس حاجباه في حنق، وقال بحزم :
-مش هتروحي هناك يا جويرية ..
هزت رأسها نافية، ثم وضعت يدها على يده الممدودة على كتفها وإستطردت بقولها البسيط :
-لو كان بإيدي مكنتش هروح بس أنا وعدته !
-بس أنا خايف عليكي، لا جويرية إنتي متضمنيش ممكن يعمل إيه و...
قاطعته هي بجمود، وثبات :
-مش هيعمل حاجة، هو بس شايفني لعبة جديدة، تحدي جديد، حاجة مختلفة،..
مش أكتر، وشوية وهيزهق !
أردف هو حينها بقلق :
-إنتي متعرفيش الأشكال دي ممكن تعمل إيه !
إبتسمت له ببساطة، وقالت :
-إنت مش كنت دايمًا بتقولي أنا بثق في حكمك على الناس !
-آه، بس آآآ ...
-خلاص يبقى متخافش لأن هو زي ما قولتلك مش هيعمل حاجة ...
تنفس بعمق، نظر لها مطولًا، بحزن، بضيق، وغضب، ثم سأل بهدوء :
-طب ودراستك، وإمتحاناتك ؟
أجابته دون تردد :
-بسيطة، أنا كنت مذاكرة شوية من المنهج وهذاكر لما أرجع من الشغل، ثم أنه مش هيتحملني كتير !
إبتسمت له بثبات وهي تسير ثلاث خطوات للخلف واضعة يدها خلف ظهرها، ثم تابعت بثقة :
-صدقني
رفع حاجباه متسائلًا بحيرة :
-إزاي ؟
هزت كتفاها بعدم إكتراث، وإستدارت لتسير عكس التيار قائلة :
-مش هيتحملني يا براء، مش أي حد يقدر يتحملني !
و .. وبالذات لو أنا مش عاوزاه يتحملني ....!!

تقدروا تشوفوا احداث الفصل الأول من هنا  حب لا يجوز شرعاً "الفصل الأول"

كان في تلك الغرفة الهادئة الألوان، ممسك بهاتفه النقال، مستندًا على الحائط خلفه ...
ظهرت على ملامحه الضيق والغضب، لكن نبرته كانت هادئة أثناء قوله عبر الهاتف :
-أيوة قدرت أعرف هيرحلوه امت، هما هيرحلوه الساعة أربعة العصر عشان مفيش سجون هنا، وطبعًا إنت فاهم هما قاصدين إيه، قصدهم مفيش سجون تليق بجنابه هنا !
صمت قليلًا ليستمع إلى الجانب الآخر قبل أن يتابع بجفاء :
-هما هيرحلوه على سجن **** *** وإبتداء من الساعة 4 هياخدوه من ...
صمت هو حينما سمع الجانب الآخر، وأومأ رأسه بهدوء بعد فترة وهو يردف :
-السطا، وهنتقابل بعد ساعة في البيت القديم نتفق هنعمل إيه بالظبط
ظهر شبح إبتسامة على محياه وهو يقول بصوته الأجش :
-مش إنت قولتها بنفسك قبل كده أنا اللي هوديكم في داهية !
وضع إحدى يديه في جيبه، وإعتدل في وقفته لتختفي إبتسامته ويعود ليتحدث بجدية :
-مش هعيد عليك تاني لو حد خايف أو مش ....
صمت فجأة ثم عاد ليقول بهدوء :
-خلاص زي ما اتفقنا،... يلا سلام

وحينها أنزل الهاتف ووضعه في جيبه، وسار صوب الخارج قائلًا بثبات :
-آل خمس سنين آل، أنا بقى هوريهم يعني إيه خمس سنين، بلد **** كلها نصابين وحرامية ...

.....................

هو يعلم أنه مهتم بها فقط لأنها مختلفة، غريبة، هادئة ..
قد يراها البعض فتاة عادية، أما هو فيراها كوكبًا من الأسرار ...
إهتمامه بمعرفة تفاصيلها لا تدل على إهتمامه بها نفسها !
هو فقط يريد أن يبرهن لنفسه أنها كغيرها من الحواءات !
يريد أن يبرهن لنفسه أنها ليست كما تبدوا، الفتاة القوية، الضعيفة، شبيهته لكن بنكهة الأنثى !
هم على النقيض برغم تشابههما !

لما يهتم بتبرير كل ذلك لنفسه !
سؤال طرحه هو، فسارع المخ يحاول الرد ...
لكنه أوقفه قبل أن يجد الإجابة ...

نظر لنفسه في مرآة السيارة، ثم عاد ينظر للطريق ...
لا يهم أي شيء، المهم أن حياته صارت ذا نكهة مذ دخلتها،
أليس كذلك !
قاطع تفكيره المستديم هاتفه النقال، فأخرجه من جيبه وأجاب بهدوء :
-أيوة يا عقاب !
أتاه صوته عبر الهاتف :
-فيه إجتماع بكرة الساعة 2 مع المندوبين السويسريين، و...
قاطعه هو ببشم :
-عقاب أنا عاوز منك خدمة، الوقت عاوزك تطرد السكرتيرة الجديدة، وعاوزك كمان تلغي كل الإجتماعات بتاعة بكرة أو تقدمها للنهاردة، وأهم حاجة عاوز ضغط بكرة على شغل السكرتيرة بحيث إنها متمشيش قبل الساعة واحدة ..
أجابه الأخير عبر الهاتف بعجب :
-منين بتقولي مشي السكرتيرة، ومنين بتقولي زود الشغل عليها !
زفر هو بنفاذ صبر، ثم أردف بإيجاز :
-أنا هجيب غيرها، المهم إعمل اللي قولتلك عليه
جاءه رده المتفهم بـ :
-خلاص يا صهيب إعتبره تم، بس القاضي اللي إنت إديته الفلوس وحكم عليه برضوه مش عاوز تتصرف معاه ؟
أجابه صهيب باسمًا :
-لأ كله تمام، هبقى أحكيلك بعدين، المهم إعمل اللي قولتلك عليه وإقفل الوقت ..
-طيب خلاص، يلا سلام
-سلام

وضع الهاتف على المقعد بجانبه، ولم تختفي إبتسامته أثناء قوله :
-أما نشوف هتتصرفي مع اللي جاي إزاي !

....................

حين إختبأت الشمس بنورها الساطع خلف ضياء القمر الوهاج، مودعة كوكب الأرض بعد أن وعدته بالعودة بعد ساعات ...

كانت جالسة على سريرها، أخيرًا سترحل وتترك كل تلك البلد بما فيها في الصباح ...
ضمت قدماها إلى صدرها، وجابت بعينها المكان حولها ..
كم باتت تخشى الجلوس وحدها فكأنما هناك من يتربص بها الدوائر ...

تنهدت، ثم تنهدت، وعادت لتتنهد من جديد، ثم نظرت للهاتف بجانبها وأمسكته، وبهدوء وضعته على أذنها بعد أن ضغطت على عدة أزرار ..
وبعد القليل من الإنتظار، أجابها هو بهدوء :
-أيوة يا فيروز ؟ فيه حاجة !
هدأت هي من إضطراب نبرتها ثم قالت :
-سُهيّل إنت فين لحد الوقت، بجد أنا خايفة أوي !
رد عليها بدفئ ليطمئنها :
-روحي إفتحي الباب
إستعادت هي بعضًا من الشجاعة، وسارت إلى الباب بسرعة، ثم فتحته ..
وفقط بمجرد أن رأته إرتمت في حضنه وبدأت تبكي ...
لم تعلم لما كانت تشعر بكل ذاك الرعب، مع أنها تُركت وحدها مرارًا في منزل خالتها !
الأمر ربما يرجع إلى المكان، أو لأنها رأته اليوم ..
وكفاها أن جاء هو الآن ليُسكن روعتها ...

وضع يده على شعرها وحركها عليه برفق، لم يتفاجأ فقد صارت هكذا من بعد ما حدث لها، لكنه أراد أن يزرع الشجاعة في قلبها، وإلا لما ذهب هو بنفسه ليأخذ لها حقها الذي هدر !
وعند تلك النقطة رفع وجهها ليقابل وجهه وقال :
-ياااه للدرجادي كنتي خايفة ؟
أومأت رأسها، فأبعدها عنه قليلًا وهو يتابع مازحًا :
-طب إيه رأيك ندخل ونحضر عشا عشان بالله جعت أوي
إبتسمت له ثم دخلت، وسارت إلى المطبخ بالفعل، فناداها هو بخفوت :
-فيروز !
نظرت له منتظرة أن يتابع، فإقترب هو منها ثم أمسك بيدها وسحبها معه قائلًا برفق :
-عاوزك تشوفي حاجة !
ثم أجلسها على الأريكة وجلس بجانبها، وعبث قليلًا في هاتفه ثم عرضه عليها مردفًا بـ :
-خدي
أمسكت الهاتف وأخذت تشاهد ما فيه، ...
ذاك الذي قتل الجميل بها به موجود به، وأخوها وبعض الشبان ..
تلك العصى أخذت موقعها فوق رأسه، وتلك اليد من ذاك الشخص علمت محلها في عينه ..
ودور الشال الذي إلتف حو رقبته، والشبان وبهم أخوها علقوه، 
وبالشال في الأعلى ..

مسكين بيجاد لقد مات منتحرًا !
وبالشال !

وكانت هي تنظر للفيديو بصمت، لكانت حزنت لو أنها لم تتذكر ما حدث لها بسببه بمجرد رؤياه ...
لكانت أشفقت عليه لو فعل هو حين إستحلها بدمٍ بارد !
ولأول مرة في حياتها تشعر بسعادة لموت أحدهم، ..
وحين وجدها سهيل صامتة، وقد إنتهى المشهد أمامها، أردف هو بهدوء :
-حسيت ده الحكم اللي يستحقه، فنفذته بنفسي ...
نظرت له وقالت لائمة :
-بس ممكن حد يـ...
قاطعها هو بجدية :
-لأ متخافيش كل حاجة تمام، والراجل اللي كان بيحرس السجن هناك كان معرفة وكده، وهو ساعدنا
تركت الهاتف بجانبها، ولم تعقب ..
فوضع هو يده على كتفها وسألها بود :
-فكرتك هتفرحي !
أجابته بهدوء دون أن تنظر له :
-أيوة فرحانة فيه، بس ... بس أنت قتلت !
أرجع هو رأسه للخلف، وقال لها باسمًا :
-أنا مش معتبر ده قتل يا روزي، دي تصفية حساب، أنتي غالية أوي عندي ودمه هو ولا حاجة بالنسبالك
نظرت له، ولم تملك غير الإبتسام، ولم يطمح هو لأكثر من هذا ..
ثم وقفت، وقالت له ببساطة وكأن شيئًا لم يكن :
-وأنا كمان جعانة على فكرة ..

ولتنسَ ولو للحظات ما مرت به في العدة أيام السابقة، هل نسيت وفاة والدتها ؟
لا لم تنسَ لكن ما مرت به كفيل أن يجعلها تحاول التشبث بأي سعادة تواجهها، و الإبتعاد عن الحزن ولو قليلًا .. وما يساعدها على ذلك ندرة الذكريات الجميلة بينهما، وقد تكون منعدمة من الأصل !
لكان الأمر مختلفًا لو كان والدها، فهي قد رقدت شهرًا كاملًا في المشفى بعد تلقي خبر.. وفاته .!

-طب يلا أنا جايب فول وطعمية إنما إيه إشطا !
نظرت له بضيق وقالت :
-بكرههم
ضحك هو حينها ونظر لها قائلًا :
-ما أنا عارف، كنت بهزر، تعالي أنا جايب بيتز وكاتشب وحاجة فل
-وكولا !
إبتسم وقال سعيدًا، فهو لا يصدق أنها تتحدث معه بتلك الطريقة الآن :
-وكولا ..

...................
الفصل الرابع ..إغتصاب ولكن تحت سقف واحد
وحين، وفت الشمس بوعدها وأضوت الأرجاء ..

كانت هي أمام الشركة، الآن الساعة الثامنة إلا دقيقتان، في الغالب الدخول سيأخذ دقيقة ونصف إلا لو ..
-إنتي تاني ؟!

نعم إلا لو تدخل الحراس المزعجون ..
نظرت بهدوء لهه، وقالت ببساطة :
-آه، و عندي شغل جوا ..
عقد الرجل حاجباه في ضيق وقال :
-بس أنتي مش ...
قاطعته هي بنبرة جادة :
-أنا السكرتيرة الجديدة، أعدي بقى !
أفسح لها الرجل المجال، فلم تسبب كوارث المرة السابقة على أي حال ...

في تمام الثامنة كانت أمام المكتب، وفي ذاك التوقيت خرج هو من مكتبه ليرى إذا ما كانت قد جاءت أم لا ...

وحين رآها صدق ولأول مرة في حياته أن هناك نساءًا تحترم الوقت وتقدسه مثله !
ظهرت إبتسامته السمجة وهو ينظر في ساعته، ثم يقول لها بهدوء :
-امممم عظيم على الوقت بالظبط !
لم تجبه هي، ولن تفعل، فقط إكتفت بالجلوس وهاهي تراه ينتظر أن تطلب مساعدته في فهم ما حولها، ولكن ما لا يعرفه ذلك المستفز أنها تفهم ذاك العمل جيدًا فقد كانت فيروز غالبًا ما تأتي بباقي عملها عندها حين تسافر والدتها، وكثيرًا من الأحيان كانت تساعدها بعد أن تعلمت ما عليها فعله ...

راقبها هو واضعًا يديه في جيبه، و لكن حاجباه قد إنعقدا في دهشة حين وجدها تجلس وتمسك بالملف الذي أمامها ..
لتعمل ... حسنًا هو كان ينتظر أن تطلب مساعدته !
-على فكره إحنا مش بنلعب هنا، المفروض تكوني عارفة الشغل بيمشي ازاي، مش هيبقى عند وخلاص !

تابعت هي النظر للملف أمامها، والحاسوب الذي بجانبها ..
ثم أجابته بهدوء :
-تقدر تمشي الوقت، أنا عارفة شغلي كويس !
حاول التحامل على نفسه، فيجب عليه أن يتماسك، لن يخسر هو من الجولة الأولى هكذا !
وأجابها بروية وهو ثابت في مكانه :
-تمام، أنا عاوزك تجهزيلي ورقة بأسماء كل الشركات اللي بدأت تعاقد جديد معانا، وعاوزك تتصلي بمندوبين الشركة السويسرية تأكدي عليهم إن الآجتماع بكرة الساعة 2
سار خطوتين ونظرت له بشراسة، كم تكره أن يأمرها أحدهم بشيء !
حتى ولو رأيسها في العمل !

إستدار برأسه لينظر لها مرة أخرى وتابع ببرود :
-ومتنسيش كوباية القهوة ها ؟
ثم عاد مجددًا إلى مكتبه، مبتسمًا ...

شبكت أصابعها أمام وجهها، ونظرت لآخر أثر له وهي تقول لنفسها بغيظ :
-أنا شايفة إن أجيبله الضغط قبل ما يجيبلي السكر !
وضعت يدها على وجهها وتابعت بثبات :
-إستنى بس عليا ...!

................

دلف هو مكتبه باسمًا، ذهب نحو مقعده وجلس، ثم أرجع رأسه للخلف قائلًا بخبث :
-لما نشوف بتعرف تشتغل ازاي دي ..!

لم يمضِ عشر دقائق حين وجد الباب يطرق، فأردف قائلًا :
-إدخل ..

دلف أحد العمال ممسكًا كوب القهوة وبعض الملفات، ثم وضع كوب القهوة أمامه وهو يقول :
-إتفضل يا صهيب باشا، دي القهوة، والملف اللي جواه أسماء الشركات، والآنسة بتقول لحضرتك إنها بعتت إيميل للمندوب عشان هي مش بتعرف تتكلم لغتهم !

نظر له صهيب بضيق وحنق، ثم قال له :
-وهي مجتش بنفسها ليه ؟
-هي لاقتني جايلك فطلبت مني أدهملك، وأنا كنت جايلك عشان ...
قاطعه صهيب بنفاذ صبر :
-خلاص امشي أنت الوقت ..
تحدث الرجل بجدية قائلًا :
-بس آآآ ..
نظر له صهيب بغضب وهو يردف بنبرة عالية قليلًا :
-قولتلك امشي !
نظر له الرجل بإرتباك ثم أسرع بالذهاب، بينما هو جلس من جديد غاضبًا مما فعلته هي، هل أحضرها لتكون نصب عينيه لكي تتجنبه أيضًا !
وحين وصل لتلك النقطة إنتصب وأسرع قاصدًا الخارج ..

لحظات كما توقعت وكان فوق رأسها ..
لم تأبه له، وتابعت عملها على الحاسوب أمامها، أما هو فسأله بغلظة :
-المفترض كونك موظفة عندي، إنك تدخلي بنفسك وتديني اللي طابته و...
قاطعته هي ببشم وهي مستمرة بالنظر للحاسوب :
-مش كله وصلك على التمام ! ، دا اللي ليك، ودا اللي عليا ..!!
إستشاط هو غضبًا وضرب المكتب بكف يده وهو يقول :
-بطلي الطريقة دي !
نظرت له حينها بلا تعبير يذكر عدى الثبات الرهيب، وأردفت :
-والله دي طريقتي، ودا أسلوبي، ولو مش عاجبك تقدر تمشيني ببساطة !
قاطعها هو بنبرة مجهدة من كثرة النقاش :
-طيب هقولهالك لآخر مرة، لما أطلب منك حاجة متبعتيش حد ..
لم تعره إهتمامًا تلك المرة، وظلت تتابع حاسوبها بهدوء، أما هو فقد حمل وجهه اللون الأحمر القاني ...
جذب خصلات شعره للخلف، مغمض العينين يحاول السيطرة على نفسه، فقد يسمع في الأخبار بعد قليل قتل مدير لسكرتيرته !
-عاوز كوباية قهوة تانية عشان الأولى بردت
لم تنظر له، ولم ينتظر هو منها ردًا، بل دلف بسرعة إلى مكتبه، أما هي فابتسمت تردف لنفسها بهدوء :
-أما نشوف هتتحملني لحد أمت ؟

...................

توًا خرجت من الحماك، فسمعت صوت طرق الباب، وذهبت بهدوء لتفتحه ..
حينما رجدتها أمامها سألتها بنبرة طبيعية :
-فيه حاجة يا سلمى ؟
أومأت سلمى رأسها، ومدت يدها لها بظرف أبيض صغير وهي تقول :
-فيه حد إجى اداني الظرف ده امبارح بس حضرتك كنتي نايمة فامحبتش أزعجك ...
أومأت رأسها ومدت يدها لتأخذه منها قائلة بخفوت :
-ثانكس سلمى، لو مش هتعبك عاوزة كوباية القهوة بتاعتي
إبتسمت لها الأخرى مجاملة أثناء قولها :
-حاضر يا مدام كاثرن، دا أنتي تؤمري ..
ثم تركتها في حين أنها جلست على الفراش وفتحت الظرف بفضول
أخرجت منه ورقة مكتوب بها خطاب باللغة الإنجليزية ...
بدأت تقرأه بخفوت، وقد كانت ترجمة نصه كالآتي ...
" مرحبًا عزيزتي ...
لقد كتبت لك هذا الخطاب حينما بدأت أتدارك ما كنت أفعله معكِ قبل أن أزج هنا ..
الآن حُكِمَ علي بالسجن لخمس أعوام، مع أنني توقعت خروجي ببساطة، ومن يعلم هل سأخرج على قيد الحياة أم لا ..
لكن سوف أعترف لكِ إعترافًا، أنا حقًا أستحق العقاب، فقد دمرت حياتها، وحياتكِ قبلها !
أريد إخبارك أنني ندمت حقًا على كل ما فعلته، وأريد أن أعتذر وإن كان الإعتذار لا يكفي !
لن أنكر أنني حرمتكِ من جميع حقوقكِ كزوجة !
لن أنكر أنني تزوجتكِ لأنكِ بديعة الخَلق، ولم أرَ بجمالكِ يومًا،..
لن أنكر أنكِ أعطيتني أكثر مما أستحق، فقد أغدقت عليَ الحب، ولم أبادلكِ أنا إلا بالقسوة !
أكتب لكِ بعد أن أدركت كل هذا، فلم أعلم أن الإختلاء بالنفس قد يوقظ الضمير بي ..
حررتكِ مني عزيزتي، وطلقتكي في ذات اليوم الذي جئتينني تبكي فيه ..
هل تعلمين أنني لم أكن أعلم أنني أحبكِ بهذا القدر إلا في اللحظة التي حررت فيها إسمك من إسمي !
هل تعلمين أنني كنت أعمى حين نظرت لغيرك، فقد كان وجهك يضويني إذا ما أردت الضياء !
آسف
لو سامحتني فتلك أقصى أمانيا
وداعًا حبيبتي ...

من زوجك السابق بيجاد رشوان ..

العجيب أنها لم تبكِ، لم تذرف دمعة واحدة ولم تلمع عيناها حتى، فعلام تبكي إذا ما كان هو قد أفقدها الشعور بالشفقة !
لكن الأمر ليس كذلك، فهو فقط يريد إكتساب تعاطفها، والجيد في الأمر إعترافه الصريح بتطليقها !
أغمضت عينيها، وأرجعت رأسها للخلف قائلة :
-إزاي أسامحك من مجرد جواب بعته لما حسيت بالندم !
يعني تهيني وتذلني وتجيني من بلدي مخصوص عشانك وتدمر حياتي !
تحبسني في البيت وتمنعني أطلع منه وأنا أصلًا معنديش حد هنا أعرفه وتكون متأكد اني مش ههرب عشان تنفذ اللي أنت عاوزه، وتجاري سطوتك عليا !
وبعدها ببساطة تقولي آسف !
أنا عمري ما هسامحك حتى لو آآآ ...
قاطع حديثها صوت رنين الهاتف، فأمسكته موافقة على الإتصال ثم وضعته على أذنها قائلة بنبرة مختنقة :
-ألو
صمتت هي قبل أن تستمع للجانب الآخر، وبسرعة تبدلت ملامحها للجدية التامة، وإتسعت عينيها بصدمة، مع زيادة معدل النبض في قلبها وهي تردف :
-إيــــه إنتحـــر !


ترجلا من السيارة وسط اللون الأخضر ..
أخيرًا عادت هي لموطنها التي تحبه،
ظلت تجوب بعينها المكان حولها، وقبل أن تتفوه بكلمة قال هو باسمًا بخفوت :
-من حوالي سنة مجتيش هنا صح !
أومأت هي رأسها، ونظرت له قائلة بحزن :
-ويوم ما آجي ماما تبقى ماتت
وضع يده على كتفها مردفًا بحنان :
-ربنا يرحمها يارب، أنا لما ماما ماتت فضلتي تقوليلي إنها كانت تعبانة جدًا والموت ريحها من الحياة وما فيها .. وده دوري ومتنسيش أنها كانت بتعاني !
أدمعت عيناها وهي تسير مبتعدة، تضم ساعداها إلى صدرها بحزن ...
سار هو بجانبها ثم أحاطها بزراعه متابعًا برفق :
-هي الدنيا دي كده، ودا أجلها مينفعش يتأخر عن كده صح !
أومأت رأسها بألم، فوقف وأوقفها معه قائلًا :
-يبقى نرضى بقضاء ربنا وكفاياكي عياط، إنتي عيطتي كتير أوي ياروزي اليومين اللي فاتم !

-إيه ده إنتو جيتو !
قالتها تلك الفتاة الصغيرة بضيق وهي تنظر إلى فيروز نظرات غريبة ...
لكن فيروز قد إنحنت إلى مستواها بعد أن مسحت دموعها وقالت لها بود :
-إزيك يا ديما ؟
نظرت لها الفتاة مطولًا قبل أن تركض من أمامها بسرعة ..
نظرت فيروز لسهيل بدهشة وقالت :
-هي مالها ؟
هز سهيل كتفه قائلًا :
-والله ما أعرف ! ، يلا نروحلهم
أومأت رأسها وسارت معه، ولحظات وكانت أمام بيت المزرعة، والذي خرجوا هم بالفعل منه لرؤيتهم ..
ما إ رأوها حتى أجمع جميعهم على نظرات الإحتقار، التي لم تفهم مغزاها
لكنها ذهبت نحو إحداهن قائلة :
-إزيك يا عمتي صفا عاملة إيه ؟
أجابتها الأخرى بإقتضاب :
-نحمده ونشكر فضله
أومأت فيروز رأسها لها قائلة :
-دايمًا، أومال فين تيتة ؟
أشارت لها بعينها على مكانها، فذهبت فيروز بسرعة إليها وإختضنتها مردفة بـ :
-وحشتيني أوي يا تيتة عاملة إيه
لكن العجيب أن الأخرى لم تفعل شيئًا فقط تركتها تضمها ولم تجب حتى
فإبتعدت عنها هي مضيقة عيناها بقلق قائلة :
-أومال فيه إيه ؟
نظرت حولها فجميع الحتضرين يرمقوها بنظراتهم الحانقة، ذاك عمها، والآخر إنه، وتلك زوجة عمها، وذوع عمتها الجالس هناك !
ما تلك النظرات ؟

-الظاهر إن إبني مات بدري قبل ما يربيكي يا فيروز !
قالتها جدتها بحدة وهي تنظر لها ..
حينها نظرت لها فيروز بصدمة، ثم تبعت تلك النظر بـ :
-ليه أنا عملت إيه ؟
جاءت عمتها من خلفها تقول بغضب :
-إزاي تلطخي إسم إخويا بالشكل ده يا فيروز ؟
إقترب منها صهيب وقد بدأ يشعر بالغضب من تلك الطريقة في الإستقبال، وأردف بنبرة جادة :
-فيه إيه إنتو بتكلموها كده ليه ؟
نظرت لهم الجدة بإحتقار وقالت :
-أصل هي ما صدقت أمها وأبوها ماتوا عشان تمشي على حل شعرها، وتسلم شرفها للرايح والجاي، وأخوها سايبها ومعندوش مشكلة .......!!

.........................................!!!!!!

يتبع ....

يارب تكون حلقة النهارده عجبتكم وأستنونا كل يوم في نفس الميعاد فصل جديد من رواية عصفورة تحدت صقرا وعلشان تجيلكم الفصول بتسلسلها تقدروا تتابعونا من خلال صفحتنا علي الفيس بوك
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة