-->
U3F1ZWV6ZTMzNTg0ODE3NzI1X0FjdGl2YXRpb24zODA0Njk2NDgxODg=
recent
آخر القصص

رواية أفيندار بقلم صفية الجيار - الفصل الرابع عشر

مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة والقصص الرومانسية مع رواية اجتماعية واقعية ومثيرة جديدة للكاتبة صفية الجيار علي موقعنا قصص 26 وموعدنا اليوم مع الفصل الرابع عشر من رواية أفيندار بقلم صفية الجيار

رواية أفيندار بقلم صفية الجيار - الفصل الرابع عشر

اقرأ أيضا: روايات رومانسية

رواية أفيندار بقلم صفية الجيار

رواية أفيندار بقلم صفية الجيار - الفصل الرابع عشر

 دلف مراد مسرعًا إلى الجناح الخاص به هو و يسر، يبحث عنها كالمجنون؛ ليخبرها بوصول أسرتها بالأسفل، وليعاتبها أيضًا على مكوثها كل هذا الوقت بالأعلى، فلقد تركها لما يقارب الساعة والنصف لكي تتجهز ولكنها لم تنضم إليهم لاستقبال عائلتها، كان يدعو ربه وهو يبحث عنها أن تمر هذه الزيارة على خير وألا تُفرغ أمه جم حنقها بعائلةِ الدالي، لذا كان ينوي استدعائها والعودة إلى الأسفل سريعاً قبل أن يحدُث ما لا يحمد عقباه، جال بعينيه بالغرفة باحثًا عنها فلم يجدها، القى نظرة سريعة بغرفة تبديل الملابس لكنها كانت فارغة هي الأخرى ، تسلل صوت شهقاتها القادمة من المرحاض إلى أُذنيه فجأة؛ فاندفع صوب الباب وراح يطرق عليه طرقات متتالية لكنها لم تجيبه؛ فعاود الطرق بعنف مرة أخرى مصحوبًا بالصراخ قائلًا:

_يسر ماذا هناك، ما هذا الصوت اتبكين؟

لم يتلقى أي استجابة منها فكرر سؤاله :

_ يسر ماذا بكِ تركتكِ بخير، ماذا حدث؟

كانت تجلس على الأرض بوضع القرفصاء، وتحتضن ركبتيها بذراعيها وهي تستند بذقنها عليهما، و دموعها تنساب كالشلال على وجنتيها، من هول المفاجأة فهذا التواصل هو الأول لهما منذ ثلاث سنوات، وعلى الرغم أن الخطاب كان يحمل لها تهديدًا مباشرًا لكنه أعاد إليها ذكريات مرت منذ سنوات، ذكريات عايشتها منذ نعومة أظافرها، ذكريات تكذب إن قالت أنها لم تكن أجمل ذكرياتها، و إن سُئلت عن معنى السعادة الحقيقية ستكون تلك الذكريات والأحداث التي عايشتها منذ طفولتها متمثلة في ذلك الاسم "سو"، فلم يكن يناديها بِه سوي شخص واحد، لذا لم تجد صعوبة في التعرفِ على هويةِ مرسل الرسالة، وتنبؤها لما سيحدث بعد عودته أمر سهل للغاية، ويبدو أنه تعمد أن يذكر ذلك الاسم حتى تتعرف عليه، ليدبِ الخوفِ بقلبها، كانت تومئ بجسدها مرارًا وكأنها ترفض العودة، ترفض اللقاء، ترفض المواجهه، ترفض كل شيء سيجمعهما سويًا ، ارتجفت شفتيها و تمتمت ببعض الكلمات عندما استمعت لصوتِ مراد يحاول الاطمئنان عليها "هذه أنا، سو أنا، اشتقت لي، اشتقت للحياة، اشتقت له، وأموت من الاشتياق، وسأضعف، أعلم هذا سأضعف ما إن تتلاقى أعيننا ، سأرضخ لن أستطع المواجهة، لما الآن يا ربي لما! لقد كنت أخشى ذلك، ليتني لم أفعلها ليتني لم ادخل مراد إلى حياتي".

تعالى صوت هتاف مراد باسمها فأدركت خوفه عليها و خشيت أن يكتشف ما يحدث لها، فتلك ستكون الطامة الكبرى، فهو عين أمها التي تراقبها دومًا، ومعرفة أمها بما حدث ستقلب الأحداث رأسًا على عقب؛ لذا قررت دفن أوجاعها وحزنها كعادتها بقلبها واختارت ألا تصدر صوتًا حتى لا يفشى سرها.

اجابته وهي تلملم شتات روحها وتكفكف دموعها بأناملها المرتجفة:

_ مراد أنا بخير لم يحدث شيء، امهلني بعض الوقت من فضلكَ.

_ يسر افتحي هذا الباب، لقد سمعتكِ، لما

البكاء الآن؟ .

صرخت بلا وعي :

_ مراد أخبرتك أنني بخير، ارحل من فضلكَ.

لم يكن الباب موصدًا من الخارج، لكنه ببداية الأمر لم يستطع اقتحام خصوصيتها بمكان كهذا ، لكن عندما اجابته وعلم أنها آثرت الهروب منه بالمرحاض ؛ قرر أن يقتحم خلوتها وليحدث ما يحدث، ادار مقبض الباب إلى الأسفل وعندما انفتح بحث عنها بتوجس فسقطت نظراته عليها تجلس بوضعها المثير للشفقة وهي تمسك بهاتفها بشدة، وكأنها تعتصره بين يديها إلى أن ابيضت مفاصلها، جحظت عيناه عندما رآها على هذا الحال، فاندفع نحوها وانحنى بجذعه، ثم وضع يده لا اراديًا على كتفها، ورمقها متفحصًا قالًا:

_ تبًا لمن أبكاكِ، ماذا حدث لكِ؟

دفعت يده بعيدًا عنها وقالت وهي تفترسه بعينيها:

_ أبعد يدك عني، وهذا الذي أبكاني إياك أن تتحدث عنه هكذا مرة أخرى.

حدق بها مشدوها، لا يصدق هجومها عليه،

لكنه فهم بديهيًا عمن تبكي، شيء بداخله رفض تقبل ذلك،لكنه لم يظهر حنقه منها واشتعاله غضبًا، لذا وبدون أن يظهر غضبه قال:

_ يدي أبعدتها، كما تعلمين لست مولع بلمسكِ أو التقرب منكِ، وهذا الذي أبكاكِ لن أتحدث عنه اتقزز من ذكر سيرته، ولأخبركِ شيئًا ليلعنه ربي آلاف المرات لكن بعيدًا عنا،ليس من أجلكِ ولكن من أجل التي تجلس بالأسفل، يبدو أنكِ تستحقين ما يحدث لكِ.

التفت ليذهب لكنه عاد يتطلع بها بعتاب وقال:

_ عائلتكِ بالأسفل ينتظرونكِ، إن كنتِ تريدين لقائهم نحن ننتظركِ، أما إن أردتِ البكاء على الأطلال هذا ما تستحقينه بالفعل.

قال هذا ورحل مسرعًا دون أن يعطيها الفرصة لترد عما قاله، أو تسأل عما يقصد لكنه أعادها إلى صوابها بحديثه عن البكاء على الاطلال، فأدركت أن لا جدوى من بكائها كالمسكينة، ولابد أن تشرع في وضع خطط بديله حينما تحين لحظة الهجوم.

***

هبطت يسر السلم بخطوات واثقة لا تنُم ابدًا عما كانت تمر به قبيل لحظات، رأسها مرفوع، تسير نحوهم وهي ترسم بسمة صافية تزين محياها، من يراها لا يصدق أنها كانت في حالة انهيار تام منذ قليل، ولما لا وهي ابنة سمية الدالي، وما إن يصل الأمر إلى كرامتها تتخلى عن ضعفها وتتلبس رداء القوة، اتجهت صوب والدتها بعد أن تجاهلت المحيطين بها، فور رؤية سمية لها علمت أنها ليست على ما يرام وهناك أمر جلي يحدث لها، خطفت نظرة سريعة نحو مراد فأومأ برأسه ليخبرها أن كل شيء على ما يرام، عادت تنظر مبتسمة نحو ابنتها ثم مدت ذراعيها وابتسامة مشرقة تعلو ثغرها وقالت:

_ لقد جاءت العروس ، اشتقت لكِ يا ابنة الدالي.

ارتمت يسر بين ذراعيها، ومالت برأسها على كتفها، حينها فقط شعرت أنها ألقت بثقل قلبها على صدر أمها وتخلصت منه، لمرات عدة كان سيغلبها البكاء لكنها تماسكت، خشية أن يراها أحدهم، ابتعدت سمية عنها ثم قبلت جبينها قائلة:

_ مبارك لكِ يا عروس.

طأطأت رأسها بخجل مصطنع، حقيقته أنها كانت ترفض كلمة عروس، فوضعت سمية يدها أسفل ذقنها ورفعت وجهها للأعلى وقالت:

_منذ متى وأنتِ تُحنين رأسكِ يا ابنة الدالي!؟

كانت ستجيبها لكن قاطعتهم شروق قائلة:

_تُرددين لقب ابنة الدالي كثيرًا، ابنتكً لم تعد كذلك، إنها الآن زوجة مراد عزام وتنتمي لعائلة عزام، وكما تعلمين إنه شرف تمنته الكثير من الفتيات.

قالت سمية بشموخ:

_ وفي الأخير حصلت عليه ابنتي، هذا لأن الزواج من ابنة الدالي شرف يستحقه مراد بكرم أخلاقه وحسن ضيافته، أما عن لقب ابنة الدالي كما تعلمين اسم عائلتنا ثقيل يصعب تغييره لأي عائلة أخرى، وإن شاء الله يكون مراد جديرًا بها وحينها سأناديها زوجة عزام.

ألجمت كلمات سمية الحاملة للكثير من المعاني بين طياتها ألسنة الجميع، ولم يستطع أحد أن ينبس ببنت شفة، لقد أصابهم جرأتها ولباقتها بالخرس وراحوا يحدقون ببعضهم البعض، إما من فرط السعادة كما حال يسر وكرم، أو من فرط الصدمة وهو حال عائلة عزام، أراد كرم تدارك التوتر الذي غلف الأجواء؛ وجذب يسر من ذراعها نحوه فارتطم جسدها بصدره، ابتسمت له فور تقبيله لجبينها وكأنها نسيت تمامًا غضبها منه، ابتعدت عنه قليلًا تتطلع به بعجزٍ وكأنها تحاول النجدة به ثم عاودت معانقته مرة آخرى وهي تتشبث بقميصه، قام مراد بجذبها من ذراعها دون أن يدرك لما فعل هذا وقال:

_ ما كل هذا العناق وكأننا لم نراهما منذ عام،كنا معهما منذ يومان، اتركيهما لقد تورمت أقدامنا من الوقوف، لم تتجادل معه أو تنظر نحوه فلقد تجاهلته تمامًا، فلم تمرر ما حدث بالأعلى بعد، دعتهم شروق للجلوس لتناول القهوة لكن أوقفتهم سمية وهي تجذب يسر من يدها وتذهب بها نحو مراد لتقف قبالتهما، وابتسامة ساحرة قوية ترتسم على محياها، والبهجة تُغلف صفحة وجهها، ولما لا وهي وأخيرًا حصلت على مرادها، لم يدرك أحد ماذا يحدث سوى كرم، حدقت بها يسر وكأنها تستفهم منها عما يحدث، لكن لم تجيبها واستطردت بالحديث قائلة بعد أن التقطت يدها لتقوم بتفحصها ثم رفعت وجهها نحو مراد وقالت:

_ أين خاتم زواج ابنتي يا ابن عزام؟

ارتبك ولم يجد إجابة لسؤالها، لكنه تدارك الموقف حينما قال :

_ تعلمين ظروف زواجنا، وخاتم زواج يسر لن يكون خاتمًا عاديًا، وأردت ان تكون لحظة ارتدائها له مميزة للغاية؛ لذا ارجأت الأمر إلى أن تسمح لنا الظروف للقيام باحتفالٍ بسيط .

حررت العلبة القابعة بيدها والتي كانت تحاول اخفائها لسبب سنعلمه بعد قليل، ثم قالت وهي تفتحها وتأخذ منه قطعة ماسية نادرة :

_ يسر الدالي لا يليق بها سوى خاتم واحد، وخاتمها ينتظرها منذ مئات السنين.

التقطت يد يسر وألبستها خاتم من الألماس تعلوه نجمة باللون الأحمر اللامع القاتم،من حجر الياقوت ذو القيمة العالية والثمن الباهظ، حدقت بها يسر مشدوهة فهي تعلم ماهية هذا الخاتم جيدًا، وتعلم الجدل و الحرب الدائرة عليه منذ قديم الأزل، تطلعت بوالدتها بصدمةٍ وكأنها تسألها عما يدور بعقلها، فلم تعطيها الفرصة وتابعت حديثها قائلة:

_هذا الخاتم قام جد والدي أي جد والد طاهر رحمة الله عليه بصنعه، من أجل زوجته وأهداها إياه يوم زواجهما، وكانت وصيته أن يتوارث هذا الإرث الثمين الذي لا يقدر بثمن إلى أحفاده من بعده، وآخر من حصل على هذا الإرث كنا أنا وطاهر رحمة الله عليه، وانتقل منا إلى زوجين لما يحالفهما الحظ فعاد إلينا مرة أخرى وها أنا أنقل إليكما إرث عائلتي الثمين أرجو أن تحافظا عليه وأن تعطياه لمن يستحقانه بعدكما، التقطت شيئًا آخر من العلبة لم يستطع أحد التعرف على ماهيته سوى كرم الذي يتابع الموقف بتوجس ويسر التي تكاد مقلتيها تخرج من حدقتيها بسبب صدمتها مما يحدث أو بمعنى أصح مما سيحدث، توجهت سمية صوب مراد وقالت وهي تمد يدها لتطلب منه أن يعطيها يده :

_ وهذا أكبر إرث تمنى رجال العائلة بأكملها الحصول عليه، وحدث من أجله الكثير من المشاحنات والحروب ، لكن لم يكن أي منهم جديرًا به سواك.

قامت بوضع خاتم من الفضة بإصبعه على شكل دائرة محاطة بأحجار كريمة صغيرة للغاية باللون الأحمر القاتم من حجر الياقوت، يتوسطه حفر مفرغ على شكل نجمة وهناك قطع مستطيل به يسمح بمرور النجمة منه، بحيث ما إن يتم وضعه بجانب الخاتم الآخر الخاص بيسرِ يشكلان تصميم للقمر وهو يحيط بنجمة وكأنه يعانقها ،في تصميم فريد من نوعه خاص بعائلة الدالي فقط، وكأنه صُمم ليميزهم عن الجميع، ربتت علي يده وكأنها توصيه خيرًا بأمانتها، لكنه قال:

_ لكني لست من عائلة الدالي حتى أحصل عليه!

قالت:

_ لم يبقى بعائلتنا رجال يمكن أن ينتقل ارثنا لهم، لذا الدور على يسر وبصفتك زوجها أنتَ أحق رجل بهذا الخاتم، أرجوا أن تحافظ عليه كما ستعدني بالمحافظة عليها.

حدقت بهما يسر فاغرة فاه ودارت بعينيها بين الجميع، حاولت كتم غيظها لكنها لم تستطع ذلك فتغلب عليها ضعفها وقالت:

_ لكن مازال هناك رجال بعائلتنا يستحقون هذا الإرث بل هناك الكثير أنسيتِ!.

فهمت سمية مقصد حديث ابنتها، وكأنها أقسمت أن تلك الحرب الدائرة بينهما منذ سنوات لن يُكتب ليسرِ بها النصر مطلقًا، فقالت وهي تربت على كتف كرم:

_إن كنتِ تقصدين كرم،كما تعلمين هذا الخاتم ظل بإصبعه لسنوات يا يسر، يعني حقه بالحصول عليه لم يعتدي عليه أحد، كنت احتفظ به من أجله ، لكنه جاء إلي ذات يوم وأعاده لي قائلًا:

"الخاتم لكِ من الآن أعطيه لمن يستحقه، لقد جربت حظي بالزواج ولم أفلح"

وها أنا يا يسر اعطيه لمن يستحقه،ألديكِ اعتراض؟ إنه لأمرٍ جميل أن أرى خاتم زوجي في يد أحدهم مرة أخرى، مراد ابني كُن جديرًا به أرجوك.

تعمدت يسر ألا تنظر نحو الخاتم القابع بإصبع مراد فله ذكرى سيئة للغاية معها ولا تحتمل رؤيته مرة أخرى، خاصة بيد كأيدي مراد، لكن بنهاية الأمر خانها فضولها واسترقت النظر نحوه وفور رؤيتهت للخاتم بإصبعه، لم تتمالك نفسها وأجهشت بالبكاء ثم وضعت يدها على صدرها وقالت وهي تلهث وكأنها كانت تركض لأميال:

_ ليس مجددًا أرجوكم، لن احتمل رؤيته مرة أخرى، لن احتمل.

وشرعت في نوبة بكاء انتهت بسقوطها مغشيًا عليها بين يدي زوجها،وكأن القدر حكم عليها ألا تكون سوى بين يديه.

*********************
إلي هنا ينتهي الفصل الرابع عشر من رواية أفيندار بقلم صفية الجيار
تابعوا صفحتنا على الفيس بوك للمزيد من القصص الرومانسية
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة