-->
U3F1ZWV6ZTMzNTg0ODE3NzI1X0FjdGl2YXRpb24zODA0Njk2NDgxODg=
recent
آخر القصص

رواية أفيندار بقلم صفية الجيار - الفصل الثانى

مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة والقصص الرومانسية مع رواية اجتماعية واقعية ومثيرة جديدة للكاتبة صفية الجيار علي موقعنا قصص 26 وموعدنا اليوم مع الفصل الثانى من رواية أفيندار بقلم صفية الجيار

رواية أفيندار بقلم صفية الجيار - الفصل الثانى

اقرأ أيضا: روايات رومانسية

رواية أفيندار بقلم صفية الجيار

رواية أفيندار بقلم صفية الجيار - الفصل الثانى

 أحبه ويحبني ،لكن العادات والتقاليد،التي تتحكم بقرارات عائلته، خاصة المصيرية كالزواج، وقفت حائلاُ أمام عشقنا وإتمام زواجنا، "أفين" أحتاج نصيحتكِ ومشورتكِ، ماذا أفعل، كيف أتخذ قراري؟ هل أتخلى عن عشقي ،أم أتمسك به؟

هذا ما أرسلته لي صديقتي العزيزة في رسالة على موقع صراحة دون ذكر اسمها كالعادة، رسالة تصف بها حالتها والمعضلة التي تؤرق مضجعها، وظلم بعض العادات والتقاليد العقيمة لها وتود معرفة رأيي ومؤكد تنتظر إبداء رأيكم في الموضوع ، ما أنصحكِ به حبيبتي من خلال خبرتي الشخصية ، وهذه أول مرة أٌفصح عن هذا الأمر، لكن لتشابه حكاياتنا، لا يسعني سوى مشاركتكِ، خبرتي.

بالبداية، لن أعاتبكِ يكفيكِ ما أنتِ به، لكن سأخبركِ شيئاُ واحداُ، ليكن هذا درساً لكِ أنتِ ومتابِعِيَّ الأعزاء ،أيمكن أن تكون تلك العقبات التي تقف بينكِ وبينه ،هي عقاب من رب العالمين، لبداية حياتكما على معصية، وإنشاء علاقة خارج إطار الخطبة والزواج، مهما كانت براءة ونقاء تلك العلاقة ، حتى وإن وصلت للحب العذري، لن ألومكِ هذا ثقافة مجتمع يستبيح المحرمات ، الذنب ليس ذنبنا عزيزتي، هذا الوزر يتحمله من بيدهم تعديل السلوكيات الخاطئة ولا يفعلون، هذا ذنب من يزرعون في عقولنا منذ الصغر استباحة النظر إلى لما حرمه الله ،أو إقامة العلاقات مع من ليسوا حلالنا، حتى تعاليم ديننا الصحيحة أصبحت مهمشة ، و في الآونة الأخيرة لم يعد من ضروري أن نتعلمها أو نسير على نهجها، ، لن ألومكِ جميعاُ نخطئ ،وارتكبنا نفس الخطأ في مرحلة ما بحياتنا ،وخير الخطائين التوابون توبي إلى بارئك وادعي ربكِ

أن يعفو عنكِ ويصلح حالكِ، وعن تجربة حقيقة ما بدأ على معصية لا يباركه الله، إما أن يكون سبباً لشقائنا، أو يحرمنا الله متعته وسعادته .

أما عن نصيحتي لا تفعلي شيئاً، إياكِ أن تخطي خطوة واحدة إلى الأمام بعلاقتكما، لا تسمحي بأي تغيير يطرأ عليكِ سوى أمر واحد، نقطة ومن بداية السطر، هذا ما ستفعلينه بالضبط ،أنا هنا بمنزلي أنتظر قدومك لتطلب يدي من والدي ،حقيقة مشاعري نحوك تعلمها جيداً لكن ، إلى هنا ولنتوقف ،لن نبدأ حياتنا على معصية، قم بإقناع عائلتك بالزواج بي وستظفر إن شاء الله معي بحياة هنيئة ،هذا ما ستخبرينه به والآن، قبل فوات الأوان وانتظري ردة فعله ،هي ستدلكِ على خطوتك القادمة إما تعطيه السعادة الكاملة وتكوني خير زوجة، وتدافعي عن عشقكِ باستماتة، أو تطوي صفحته وكأنه لم يكن بحياتكِ يوماً، ولا تنظري للأمر وكأنه عقبة في طريقكما بل على العكس انظري له على أنه اختبار من رب العالمين، لعلاقتكما، لتختبري تمسكه بكِ، وما سيفعله من أجلكِ، وكيف سيحاول زرع حبكِ ,احترامكِ بقلوب عائلته، ليس بالشدة وإنما باللين، ما أتى بالشدة يكون بينه وبين القلب حجاب لا يدخله مطلقاً، يقف هكذا لا هو داخل القلب ولا هو خارجه، فقط نتقبله حتى تسير مركب الحياة ، وإن رأيتِ هذا الشعاع منه، لا تتخلي عنه تمسكي به، في مجتمعنا عزيزتي قلما نجد رجل يحارب من أجل عشقه، هذا اختبار إما أن يتضح أنه ما كان سوى خطيئة وسوء اختيار منكِ وعلى هذا فإن سرعة الرحيل ،وقطع جميع سبل الوصال أمر مفروغ منه، وانتظار النصيب الحلال في الوقت الذي قدره لكِ ربكِ، أو هو رجل صادق أرسله لكِ رب العالمين، صادق بعشقه ، صادق بعهده، وإن حدث اثبتي للجميع أنكِ نعم الزوجة، وأنكِ تستحقين محاربته من أجلكِ وبجدارة، وبرهني للعالم أجمع أن تلك العادات ليست سوى موروثات توارثناها لنحيا بها في مجتمع عقيم.

"لنتفق

لنخطو بالحلال وإلا نفترق

لنحيا في النور ليجملنا الشفق

لنسير بتعاليمنا حتى لا تعصف بنا الحياة لمفترق طرق

الصحيح

نصمد.. نجاهد.. ندخل البيوت من أبوابها.. فلنحارب من أجلنا

الخطأ

نستبيح الهمسة ..النظرة ..اللمسة واللقاء خلسة عن أهلنا

لندافع عن عشقنا

لا نسمح لهم بتبديد أحلامنا

ولنتيقن مصيرنا ليس بأيديهم مصيرنا بقدرة خالقنا

ولنتفنن بإسعاد روحنا وطمأنة قلوبنا

لا ننسى

لنثبت لهم وبجدار صدق عشقنا

وقبل كل هذا لنتأكد من حسن اختيارنا

وإن أصابنا سوء الاختيار اتخذوني عبرة ها أنا

كسرت كسرة لا تقوى عليها جبرة

لكن لرب العالمين قدرة

نهضت انثر في الأرجاء السعادة والود

أفيندار 4/11/2012

هذا آخر ما قرأته "يسر" مستمعة إلى موسيقى، لها قدرة على طمأنة القلوب أرفقتها "أفين" بكلماتها بالفيديو، قبل أن تغفو بثبات دون أن تعلق أو تكتب رأيها في الموضوع الذي كان محل نقاش أفيندار ليوم الثلاثاء، بعد أن عصفت بها تلك الغصة التي شعرت بها في حلقها إلى أماكن كانت قد أقسمت أنها لن تسافر إليها مطلقاُ، فكلمات "أفين"، كانت كخنجر يعاود تمزيق جرحها القديم والذي لم ولن يلتئم مهما تناست تلك التجربة، ما قالته "أفين" كان وكأنه رسالة إلى "يسر" وما خطته هو وصف لتجربتها في حياة العشق والعشاق، لقد قررت الصمت حتى لا تنبش جرحها ،خاصة أنها خير من يفهم ما تمر به بطلة أفيندار.

*************

تململت بالفراش بغضب بعد أن داعبت أشعة شمس الشتاء الدافئة المحببة إلى قلبها وجهها، فانكمش جفنيها بتذمر، ووضعت يديها على وجهها تفركه بغيظ ، لتحجب الضوء عن عينيها، وراحت تفتحها وتغمضها مراراً حتى تعتاد على ضوء الشمس، جاءها صوت والدتها الواقفة بالقرب من الفراش ويديها تتوسط خصرها وهي تقول" هيا أيتها الكسولة ستتأخرين على العمل" تنهدت بنفاذ صبرٍ ثم جلست على الفراش وهي تعيد خصلات شعرها المتمردة لخلف أذنيها قائلة:

_أمي والله فقدت الأمل منكِ، مهما حاولت ثنيكِ عن فعلتكِ التي تصيبني بالجنون كل صباح لا تتوقفين، عندما تقومين بمداهمة الغرفة وفتح النافذة وتصفقين بيديك هكذا .

قامت :"يسر" بالتصفيق وهي تبتسم وكأنها تقلد والدتها و تابعت:

_ حين تفعلين هذا، أشعر وكأنكِ ضابط شرطة يداهم وكر للمجرمين.

_ انهضي يا كسولة ،والدكِ يتضايق إن لم يجدكِ على المائدة، خلال دقيقتين تكوني بالخارج، تلتقطين الخيار والخس كالسلحفاة .

وقفت وأعطت أمها التحية العسكرية وهي تدب بقدمها على الأرض و قالت:

_علم وينفذ يا ملكة القلوب.

خرجت "سمية" لتترك "يسر" تتجهز للذهاب إلى العمل، وهي مجبرة أن تتحمل مضايقات مديرها الفظ ،عديم الذوق، مفتقر الرقي في التعامل مع البشر.

"سمية الدالي" ابنة عم "طاهر ونجيب الدالي" ، وزوجة "طاهر" الوفية ،التي وقفت شامخة في وجه الريح ،حينما هوت الحياة بصفعة قوية على وجههم، تاركة

أثر لن يمحى وعصف بهم القدر لحافة الهاوية، ولم تبدي يوماً امتعاضها أو استيائها من الحالة التي وصلوا إليها ،تمسكت بابتسامتها وحسن معاملتها للجميع رغم الظروف العصيبة التي مرو بها منذ سنوات، لم تتخلى عنه وكانت الصدر الحنون الذي احتواه لحظات انهياره ، الأيدي القوية التي اتكأ عليها عندما فقدت شركاته قيمتها وإنهار اقتصادياً

؛ مما أدى إلى إشهاره افلاسه فأصيب بشللٍ نصفي، ليصبح الكرسي المتحرك رفيقه مدى الحياة.

********************************

حول مائدة صغيرة تتوسط غرفة تحضير الطعام بشقة بأحد البنايات بحي "المهندسين" يغلب عليها الرقي والبساطة في آن واحد، أثاثها أنيق وزع بالشقة بذوق رفيع ، كل قطعة به وضعت بمكانها الصحيح، وكأن من نظمته هي سيدة درست فن الديكور بإتقان، الشقة صغيرة الحجم والأثاث أيضاً يكفي احتياجات ثلاثة أفراد ، ما تحتويه غرفة إعداد الطعام كان منظم بعناية الرفوف مرتبة ، والألوان به كانت تدعو للبهجة ، حياة هادئة وبسيطة للغاية كانت تغلف المنزل وساكنيه ، كانت هناك باقة ورد قطفت من زهور مزروعة بشرفة المنزل ، موضوعة بمزهرية تزين وسط الطاولة التي كان يجلس عليها "طاهر الدالي" رفقة زوجته وابنته الوحيدة "يسر"، التي كانت تتناول طعامها بالشوكة والسكين وهي تتصفح إحدى الصحف تارة وتارة أخرى تأخذ رشفة من كوب الشاي بلبن المفضل لديها، داعبها والدها وهو يتطلع بها بإعجاب، بعد أن أوحت له هيئتها تلك وكأنها أحد أفراد الطبقة الارستقراطية ، فقال:

_انحدرنا إلى أدنى الطبقات المجتمعية وما ذلتِ متمسكة بعادات وتقاليد الطبقات العليا يا ابنة "سمية".

لوحت "يسر" بالشوكة التي بيدها في الهواء، كطفلة وهي تلوك الطعام بفمها بسرعة وكأنها تجاهد لبلعه ثم قالت:

_أنتَ قلتها يا أبي ابنة "سمية"، هلا قلت لي الآن ،هل اتباع الاسلوب الصحيح في حياتنا بالتعامل مع أي شخص وكل شيء يقتصر فقد على ساكني القصور ؟ أنا أتمسك بالطريقة الصحيحة في التعامل مع الجميع ، وفي تناول الطعام ، وأفعل ما يحلو بشرط أن لا أضر أحد ، نشأت على أمي تفعل هذا وتسير بخطوات ثابتة وناجحة وسأكون خليفتها إن شاء الله، وإن انحدرنا لطبقة أقل في مجتمعنا، هذا ليس عيباً اقسم لكَ أنا الآن أكثر راحة وسعادة عن ذي قبل.

ابتسم إليها بفخر وقال وهو يربت على كتفها:

_بوركتِ بنيتي، أنتِ ابنة "سمية حقاً.

*********

في مقر جريدة نبض الحياة، تحديداً بإدارة القسم الالكتروني بها ،بمكتب يضم مكتبين لامرأتان هما " "ماريان" و"يسر" ،كانت الأخيرة تجلس تتابع سير العمل بالموقع الإلكتروني للصحيفة ،وهي تكفكف عبراتها دون أن يلاحظ أحد زملائها بكائها ،حتى لا يتساءلون عن سبب حزنها وتضطر أن تخبرهم أن رئيس التحرير الغليظ الفظ قام بتوبيخها لرفضها لقاء أحد العملاء بالخارج بمكانٍ عام، وأنها طلبت منه أن يستدعيه لمقر الجريدة، مما سيعرضها للانتقاد من قبل زملائها فرئيسها على حق، أي مدير شركة برمجة قضى سنوات بالعمل بالخارج سيقبل المجيء لجريدة ما لعقد لقاء صحفي مع صحفية مبتدئة ؟

ولكي تهدأ وتصبح بمزاج جيد لتقوى على مباشرة عملها مرة أخرى قررت مهاتفة "رهف" فهي الوحيدة القادرة على تحسين مزاجها، توجهت نحو السلم لتحظى ببعض الخصوصية، وجلست على أحد درجاته بعفوية ثم قامت بالاتصال بـ"رهف" أجابتها الأخيرة بلهفة قائلة:

_"ياسوو" اشتقت لكِ، لم أسمع صوتكِ منذ مساء البارحة، أين أنتِ، لما أشعر أنكِ تبتعدين عني منذ موافقتي على الخطبة؟

ـ يا مجنونة أنا من شجعتك على الموافقة، فقط لدي ضغط عمل هذه الفترة والحقير" نبيل" يعاملني كآلة تعمل ليل نهار على الأغلب، أو كأني ليس لدي مشاعر لأغضب أو لأفرح.

زفرت "رهف"، لأنها تعلم مدى معاملة هذا الرجل السيئة لـ "يسر" فقالت:

_ ماذا فعل مجدداً؟

_ قولي ماذا لم يفعل، لم يترك هذا البغيض شيئاً إلا وفعله بي.

_ هاتي ما عندكِ يا ابنة العم، من الواضح سآتي إليكِ، واقتله.

_ سنقوم بلقاء صحفي لمديري أحد الشركات عادا للتو من الخارج ،بعد قضاء سنوات بالعمل والدراسة، يطمع رئيس التحرير، بعقد صفقة معهما ،مقابل القيام بالدعاية لشركتهما، ووكل لي القيام بحوارٍ صحفي معهما ،وبالطبع لا أستطيع الرفض، ولا أستطيع الجلوس معهما بمكان عام، فطلبت منه أن يأتيا إلى الجريدة لنقم باللقاء، خاصة أنه حدد معهما موعد بأحد الأماكن العامة، نظراً لضيق الوقت ، فرفض ووبخني بشدة وألقى على مسامعي الكثير من الكلمات المؤلمة.

شهقت "رهف" فور أن فرغت "يسر" من الحديث ثم قالت مهاجمة:

_ كان الله بعونه، هل تودين الجلوس كالملكة على رأس مكتبكِ ،ويأتي العملاء للقيام بالمقابلات الصحفية، من أين أخذتِ شهادتكِ يا ابنة العم؟

أجابتها بامتعاض قائلة:

__ من الجامعة يا "رهف".

_ لا يا حلوتي ، من الواضح أنكِ أخذتِها من بائع البطاطا.

_"رهف" لا تتحدثي وكأنكِ لا تعرفين، أنا لا ألتقي برجل خارج مقر العمل .

التمست "رهف" العذر لها و قالت:

_ماذا قال لكِ هذا الفظ؟

انسابت دمعتها على وجنتيها واسترسلت بالحديث وكأنه جبل يقبع على قلبها وتود التخلص منه :

_ بعد أن أخبرته من تخوفي أن يراني أحد أجلس معهما في مكانٍ عام، خاصة أنه ليس مكتوب على جبينهما عملاء للجريدة صاح بي وقال، أتريدينني أن أقلل من شأنهما واستصغر مكانتهما و أطلب حضورهما إلى هناللقاء السفيرة عزيزة، فيتوقف التعاون بيننا وبينهما ،وتفسدين سمعة الجريدة، ويقولون جريدة نبض الحياة، تقلل من شأن عملائها، وكل هذا من أجل تخوفكِ على سمعتكِ أي سمعة عزيزتي! أعذريني اسمعتك التي دهست تحت الأقدام منذ سنوات، وعلى يد من! اذهبي إلى عملك وانهي المهمات التي كُلفتي بها وإلا تعرضتِ للمسائلة.

بعد أن روت "يسر" على مسامع "رهف" ما حدث بينها هي ورئيسها أطلقت "رهف" من بين شفتيها سبة لا تليق البتة بوضعها الاجتماعي أو طبيعة أخلاقها العالية؛ فصدمت "يسر" خاصة وأنها لم تعتد عليها هكذا فقالت "رهف":

_ الحقير كيف له أن يحزنكِ هكذا ، والله لو كنت أنا للقنته درساً لا ينساه.

استعادت "يسر" رباط جأشها، ثم أزالت دمعاتها بكم كنزتها وقالت:

_ لن ألومه هو على حق، ألقى "يس" بسمعتنا تحت أحذية الجميع؛ لذلك لن أغضب منه ،كنت غاضبة من نفسي وسوء الحظ ،ليس من فجاجة لسان "نبيل".

لم يعجب الحديث "رهف" فعاتبتها قائلة:

_ مجدداً يا يسر، مجدداً.

_حسناً يا "رهف" لن أتفوه بكلمة واحدة بعد، لدي عمل سأذهب لإنهائه.

****

أصابها الحزن من أجل وضع ابنة عمها، لاهي تتحمل الانخراط بين الناس وتحمل نظرتهم الظالمة لها

، ولا هي قادرة على التخلي عن العمل فهو مورد الدخل الوحيد لأسرتها، بعد أن حاولت والدتها انقاذ أعمال والدها فطالتها الخسارة هي الأخرى

،لذلك عليها التحمل وعدم اليأس مهما كلفها الأمر من أوجاع، وخسائر نفسية، فهمهمت بالدعاء قائلة" ليرزقك الله السعادة الأبدية يا حبيبتي".

أغلقت "يسر" الهاتف وقد اتخذت القرار، لن تضع سمعتها على المحك بعد ما تعرضت له، ولن تنفذ ما أمرها به رئيس التحرير ، فبحثت عن أرقام الهواتف الخاصة بالشركة التي ستجري الحوار الصحفي مع مديريها، وقامت بالاتصال بهم وطلبت تأجيل الموعد لساعتين ولقائهما في مقر الشركة، وبعد انتظار دام لعشر دقائق جاءها الرد بالموافقة.

وحتى لا تضع نفسها بموقف صعب قررت التحايل على "نبيل" وأخبرته، أن الشركة اتصلت بها وأجلت الموعد لساعتين، اعتلت ثغرها بسمة الانتصار وهي تغادر غرفة رئيس التحرير، فها هي انتصرت عليه ، ونفذت ما أرادته بالحيلة.

******

في مقر إحدى شركات البرمجة والتي ظهرت على الساحة من وقتٍ قريبٍ جداً ،وحققت سمعة طيبة بين عملائها لتفاني القائمين عليها في العمل ،كانت تجلس "يسر" بمكتب السكرتارية الخاص بالمدير، تنتظر لقائه وفور أن سمحت لها السكرتيرة بالدخول ،نهضت متوجهة نحو الغرفة في عجالة بسبب قلقها من تأخرها عن العودة إلى المنزل، فوالدها لا يسمح مطلقاً بالتأخر ولو نصف ساعة عن موعد عودتها من العمل.

في مكتب صمم على الطراز "الحديث "المودرن " يتماشى مع طبيعة عمل الشركة، كان اللون الطاغي على الأساس والجدران هو الأبيض والأسود ، كانت هناك شاشة عرض تغطى إحدى جدرانه، وأمامها طاولة مستطيلة تقام عليها الاجتماعات، وبالقرب منها مكتب يجلس عليه أحد مدراء الشركة ويدعى المهندس " مراد عزام" ،سينهي عامه الثلاثون بحلول نهاية العام، قضى ما يقرب من نصف حياته بالدراسة والعمل في الولايات المتحدة الأمريكية، وعلى الرغم من قضائه كل هذا السنوات في بلاد الغرب، إلا أنه تمسك بعادات وتقاليد بلده وتعاليم دينه، ولم يتأثر مطلقاً بالتحرر الزائد عن حده هناك، يتسم بالرزانة والتعقل في اتخاذ القرارات، طويل القامة جسده إلى حد ما صحي رياضي، ما يميزه هو شعره الأسود كسواد الليل وخصلاته الانسيابية التي تتمرد من لحظة إلى أخري لتنزل على جبينه وتغطي معظمه، له هيبة يخشاها الجميع، لكنه طيب القلب ،لا يسامح في الخطأ لكنه يقف بجانب كل مظلوم ويرأف بحال كل محتاج.

ألقت "يسر": تحية قائلة:

_ مساء الخير سيد"مراد".

نهض وهو يمد يده نحوها ثم ابتسم لها قائلاً:

_السلام عليكم سيدتي.

أومأت برأسها إلى الأسفل بتفهم ،مدركة خطأها بعدم إلقائها تحية الإسلام وهي السلام؛ فقالت:

_وعليكم السلام، أنا "يسر الدالي" صحفية من جريدة نبض الحياة.

مط شفتيه رافعاً حاجبيه إلى الأعلى، وهو يمرر يده على أحد الملفات أمامه وقال:

_ الصحفية التي أجلت الموعد لساعتين متجاهلة الخلط الذي سيحدث بجدول أعمالي، وكذبت على مديرها وأخبرته أني طلبت تأجيل الموعد على الرغم أنه كان طلبها هي.

جلس على مقعده واضعاً ساق فوق الأخرى وقال:

_ عفواً لن أعمل مع فتاة تستغل ساعات العمل بأمور لا يعلم رئيس تحريرها عنها شيئاً.

وضعت جهاز التسجيل الخاص بها ، ودفتر تدوين الملاحظات على المكتب، ثم قالت:

_سأخبرك أمرين لا تنساهما مطلقاً، وبعدها افعل ما يحلو لكَ، اولاً رسولنا الكريم أمرنا أن نتحرى الحقيقة قبل أن نتهم الناس زوراً كما فعلتَ أنتَ وادعيت أني كاذبة ً،قبل أن تسأل لما فعلت كل هذا، ثانياً إياك أن تسيء الظن بفتاة تعمل جاهدة على المحافظة على سمعتها للدرجة التي تجعلها تطلب تأجيل الموعد والتحايل على رئيس عملها حتى لا تلتقي برجل غريب عنها في مكان عام، مما يتيح للناس ظن السوء بها، وتجادلت معه في الأمر مما عرضها للمسائلة، أما عن جدول أعمالك أظن أني هاتفت مساعدتك ،حتى اعتذر، و أحدد موعد جديد.

حدق بها بعد تصديق، لتفاجئه بشخصيتها وطبيعة أخلاقها، التي لا تتناسب مع هيئتها فهي وإن كانت تلتزم إلى حد ما بالثياب المحتشمة لكنها ليست محجبة، فلم يتوقع أنها لا تتشبث بالتحرر كما تفعل فتيات جيلها، وهذا يدل أن الحجاب ليس المقياس الوحيد لسوء أو حسن الخلق، قال بعد أن تبدلت نبرة صوته لنبرة تحمل الكثير من الندم:

_ عفواً لم أفهم أن الأمر هكذا، كما أنه ما العيب في اللقاء بمكان عام، هذا عمل ، كنا سنقوم به ونرحل.

_أنتَ قلتها عمل كنا سنقوم به ونرحل، وها أنا أرحل قبل أن أقوم به، فأنا لا أعمل مع من يسئ الظن بالآخرين، حتى لو كنت سأتعرض للمسائلة، من قبل رئيسي. 

*********************
إلي هنا ينتهي الفصل الثانى من رواية أفيندار بقلم صفية الجيار
تابعوا صفحتنا على الفيس بوك للمزيد من القصص الرومانسية
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة