-->
U3F1ZWV6ZTMzNTg0ODE3NzI1X0FjdGl2YXRpb24zODA0Njk2NDgxODg=
recent
آخر القصص

رواية خط احمر بقلم عبد الرحمن أحمد - الفصل الثالث والعشرون (الأخير)

 مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة والقصص مع رواية رومانسية جديدة للكاتب المتألق عبد الرحمن أحمد الرداد و الذى سبق أن قدمنا له رواية طريق الدماء علي موقعنا قصص 26 وموعدنا اليوم مع الفصل الثالث والعشرون (الأخير) من رواية خط أحمر وهى الجزء الثالث من سلسلة عالم المافيا بقلم عبد ارحمن أحمد الرداد.

رواية خط أحمر بقلم عبد الرحمن أحمد - الفصل الثالث والعشرون (الأخير)

إقرأ أيضا: حدوتة رومانسية

رواية خط احمر بقلم عبد الرحمن أحمد

رواية خط احمر بقلم عبد الرحمن أحمد - الفصل الثالث والعشرون (الأخير)

تابع من هنا: روايات زوجية جريئة

"مهما طال طريق الظلام ستكون نهايته حتما مزينة بأضواء النجاة وثمار الصبر والعزيمة"


ساد الصمت للحظات وكانت النظرات التي تعبر عن الصدمة هي سيدة الموقف، نهض «طيف» من مكانه والتف حول كرسيه قبل أن يسحب سلاحه الذي مد يده به أحد رجال الشرطة، نهضت «سيزكا» هي الأخرى ونظرت إليهم جميعًا قبل أن تقول بهدوء:

- Game over

(انتهت اللعبة)

ابتسمت ابتسامة هادئة وتابعت:

- ده آخر اجتماع للريد لاين، كل حاجة انتهت

نظر إليها «باسل» نظرات صادمة وردد بعدم تصديق:

- يعني ايه؟ ازاي أصلا! أنا مبقتش فاهم حاجة

هنا تحدث «طيف» وقال بثقة:

- أنت دخلت لعبة أنت مش قدها يا باسل، خليت أختي جزء منها لمجرد إنك تداري على نشاطك القذر لكن شوف النهاية، أنت خسرت ومش أي خسارة واحنا اللي ضحكنا في الآخر

بدل «كريم» نظراته بين «طيف» و «سيزكا» قبل أن يقول بتساؤل:

- دي خطة جديدة صح؟ برافو عليكي يا سيزكا أنتي اثبتي إنك رئيسة الريد لاين بصحيح، ضحكتي علينا كلنا ولبستينا ببعض وخرجتي منها علشان تعيشي الحياة الوردية اللي متخيلاها، وأنت يا طيف كنت فاكرك صاحبي

لوى «طيف» ثغره ونظر إليه بغضب قائلًا:

- متقولش صاحبي، صاحبي لو هيخون بلده ويبقى بالقرف ده فأنا عمري ما اعتبره صاحبي، أنت في يوم من الأيام كنت صاحبي في الجامعة وكنا صحاب جدا لكن ساعتها كنت أنت هو كريم صاحبي لكن دلوقتي أنت مجرم وخاين، مجلس الريد لاين اللي لا يُقهر وقع دلوقتي

خلع رجال الشرطة اقنعتهم فاتسعت حدقتي «طيف» عندما وجد «يوسف» فردد بابتسامة:

- سيادة المقدم يوسف رأفت بنفسه؟ المحفل نور والله


في تلك اللحظة رفع «باسل» سلاحه بسرعة كبيرة والذي كان يضعه أسفل مقعده، وجه السلاح بسرعة كبيرة تجاه «سيزكا» التي لم تتوقع أن يحدث هذا بكل هذه السرعة وقبل أن يطلق رصاصته التف «طيف» وأطلق رصاصة من سلاحه فاستقرت في رأسه وسقط قتيلًا في الحال.


نظرت هي إليه بعدم تصديق وكذلك هو لم يصدق رد فعله السريع وردد قائلًا:

- لازم نتحرك

على الجانب الآخر تلقى «رماح» إشارة الهجوم فتحرك مع قوته وحاصر المبنى بأكمله قبل أن يقتحم القاعة الخاصة بالمحفل دون أي مقاومة تُذكر، تقدم بغضب وركل أحدهم بقوة ليوقعه أرضًا ثم وجه السلاح إلى رأسه ونظر إليه قائلًا:

- أنا دلوقتي عايز أدفنكم هنا لكن بحكم شغلي مش هعرف بس كفاية أشوف حبل المشنقة بيتلف حوالين رقابيكم كلكم

وفي تلك اللحظة خرج بقية رجال الشرطة من الغرفة الخاصة بالاجتماع بعد أن قيدوا أعضاء مجلس الخط الأحمر وقادوهم إلى الخارج بعد نجاحهم الكبير في إنهاء تلك القضية.


"بعد مرور أربعة أشهر"


رفعت يدها ووضعتها على فمها لتكتم صوت تألمها الذي زاد كثيرًا في تلك الليلة عن الليالي الأخرى، قبضت بيدها الأخرى على الوسادة، ظلت هكذا للحظات حتى زاد تألمها بشكل كبير فخبطت بخفة على كتف «طيف» الذي كان نائمًا، تحرك قليلًا من مكانه لكنه لم يستيقظ فضربت على كتفه بقوة أكبر وهي تقول بتألم:

- طيف الحقني، أنا بموت

نهض مسرعًا من نومه وامسك بيدها وهو يقول بلهفة:

- مالك يا حبيبتي! وجع كل يوم ولا أيه؟

هزت رأسها بالنفي ورددت بصوت يأبى الخروج:

- المرة دي الوجع صعب أوي ومش قادرة استحمل، شكلي بولد يا طيف

وصرخت بعد تلك الكلمة فانتفض هو من مكانه وتحرك بشكل عشوائي في الغرفة من شدة التوتر فهو لم يعرف ماذا يفعل ومع صرخة أخرى منها ركض إلى الطابق الأول حيث والديه وطرق الباب بقوة، بعد دقيقة فتح له والده الباب وهو يقول بقلق:

- فيه أيه يا طيف؟

حضرت «اسماء» من خلفه وهو يقول بتوتر شديد:

- نيران شكلها بتولد ومش عارف أعمل أيه

تقدمت «اسماء» على الفور ورددت بجدية وهي تستعد للصعود:

- البس يا أيمن وأنت يا طيف هاتلي لبس الخروج بتاعي على فوق وبعدين البس، انا هساعد نيران في اللبس علشان ناخدها على المستشفى، اتحرك يا طيف أنت واقف ليه


هز رأسه عدة مرات بتوتر وبعد مرور عشرون دقيقة كانوا قد استعدوا للرحيل واستقل «طيف» المقعد الأمامي خلف المقود وكان بجواره والده أما عن «أسماء» و «نيران» فقد استقلا المقعد الخلفي قبل أن تنطلق السيارة بأقصى سرعتها.


كانت تتألم كثيرًا بينما كان يتابعها هو من المرآة بخوف شديد وكانت «اسماء» تحاول التخفيف عنها قليلًا، لم يكن يتوقع أنه سيكون خائفًا هكذا في هذا اليوم كما أحزنه كثيرًا تألمها بهذا الشكل، وصلت السيارة أخيرا إلى المستشفى وترجلوا جميعًا قبل أن يتقدم «طيف» ويقوم بحملها بين ذراعيه، حملها إلى الداخل وصاح بصوت مرتفع عايز دكتورة بسرعة، حضر على الفور ممرضتين وساعدوه في وضعها على سرير متحرك قبل أن يحضر طبيب ويقول بجدية:

- الدكتورة مش موجودة يا سيادة الرائد، هنضطر نولدها قيصري وأنا اللي هولدها

وضع «طيف» يده في جيب بنطاله واخرج هاتفه ومد يده به إليه قائلًا:

- لو مش معاك رصيد تكلمها خد كلمها من عندي

نظر إلى يده الممدودة وردد بإصرار:

- حتى لو كلمتها مش هتوصل غير بعد ساعتين اقل حاجة لأنها في محافظة تانية

نظر إليه بغضب شديد وأردف بصوت مرتفع:

- كلمها يا دكتور متخلينيش اخرج عن شعوري مراتي بتموت، مش هخلي راجل يولدها أنا! هتمشيني غصب عني ولا أيه؟

هنا تدخل «ايمن» الذي ردد بدبلوماسية:

- اهدى يا طيف وبعدين مش لازم الدكتورة اللي نيران بتتعامل معاها، بلغ أي دكتورة هنا يا دكتور


بالفعل قام بتنفيذ طلبه وحضرت الطبيبة ومعها ممرضة أخرى وطلبت منهم جميعًا الانتظار لحين التأكد من أنها مستعدة لكي تلد الآن، دلفت إلى داخل الغرفة ومضى من الوقت خمس دقائق قبل أن تخرج وتقول بجدية:

- لازم تولد دلوقتي، متقلقوش إن شاء الله خير

تقدم «طيف» إلى داخل الغرفة وأمسك بيدها قائلًا بابتسامة:

- متقلقيش يا حبيبتي، هتعدي وتبقي بخير إن شاء الله، مش عايزك تخافي من حاجة أنا جنبك

تنفست بصعوبة وهي تردد بتعب:

- عايزاك معايا يا طيف، متسبنيش هنا لوحدي

قبض على يدها بقوة وبيده الأخرى وضع يده على وجهها وأردف:

- هفضل معاكي مش هسيبك لوحدك، مش هسيبك يا حبيبتي


بالفعل ظل مُمسكًا بيدها إلى أن بدأت الطبيبة، ارتفع صراخها بينما قبض هو على يدها ونظر إلى عينيها وهو يقول بخوف:

- بصيلي هنا يا نيران، هانت يا حبيبتي، هانت


ظل الوضع كما هو عليه إلى أن ارتفع بكاء طفلة صغيرة حينها هدأ صراخ «نيران» ومسح هو جبينها الذي كان يتصبب منه العرق وعقله مشغول بتلك الطفلة لكنه الآن يهتم بحبيبته ويطمأن على حالها، مسح على رأسها بحنو شديد وابتسم في وجهها قائلًا:

- مش قولتلك هتعدي! حمدالله على سلامتك يا نور حياتي

ابتسمت بتعب ورددت بضعف:

- الله يسلمك يا حبيبي

رفع نظره ونظر إلى الممرضة التي انتهت وقامت بتغطية الطفلة ثم ردد بلهفة:

- بنت ولا ولد؟

ابتسمت في وجهه وتقدمت بالطفلة ووضعتها بين ذراعيه وهي تقول:

- بنت زي القمر

زادت دقات قلبه فهو دائما ما تمنى أن تكون له ابنة، نظر إلى وجهها بسعادة وارتسمت ابتسامة تلقائية على وجهه وهو يقول:

- ما شاء الله، قمر زي مامتها

قبل جبينها ثم قربها من «نيران» وردد قائلًا:

- شوفي يا حبيبتي، بنتنا

لمعت الدموع في عينيه من شدة الفرحة ولمست هي وجه الطفلة بسعادة لا تقدر بثمن قبل أن تقول:

- قمر أوي يا طيف، أنا بحب الأطفال أوي ما بالك لما الطفلة دي تكون بنتنا


اقتربت منهم الطبيبة ورددت بابتسامة:

- حمدالله على سلامتك، ألف مبروك على البنوتة وربنا يفرحكم بيها

ابتسم «طيف» وردد قائلًا:

- ربنا يخليكي يا دكتورة

- ربنا يخليكي


وقف «طيف» وحمل الطفلة بين ذراعيه قبل أن يقول:

- هخرج لبابا وماما افرحهم وهاجي اساعدك تتنقلي الاوضة التانية

بالفعل تحرك إلى الخارج وما إن رآه والديه حتى تقدما تجاهه بسرعة ولهفة كبيرة لرؤية حفيدتهما.


وضع «طيف» الطفلة بين ذراعي والدته التي ابتسمت ومسحت على وجهها بحب وهي تقول:

- يا خلاثي يا ناس، أيه القمر ده

قبلت جبينها بحب ورفعت رأسها قائلة بسعادة:

- ياااه مش مصدقة إني شوفت ولادك يا طيف، بقيت جدة

اقترب منها ووضع يده على كتفها ليقول بابتسامة:

- أحلى جدة في الكوكب والكواكب المجاورة، ربنا يديكي طولة العمر وتحضري فرحها وفرح عيالها كمان يا ست الكل

- لا يا واد أنا مش هعيش ده كله، كفاية عليا الفرحة دي وهي إني أشيلها بأيدي كدا


قربت الطفلة من «ايمن» ورددت بابتسامة:

- خد يا أيمن شوف حفيدتك وأنا هخش اتطمن على نيران

أخذ منها الطفلة بابتسامة وردد قائلًا:

- بسم الله الرحمن الرحيم، ما شاء الله تبارك الرحمن، ربنا يحفظها ليك يا طيف، اللحظة دي فكرتني بلحظة ولادتك لما شيلتك وبصيت في وشك لأول مرة، ساعتها كنت فرحان فرح لا يوصف لكن دلوقتي فرحتي أكتر بمراحل، ربنا يبارك لك فيها ويفرحك بيها

ابتسم وقبل يد والده قبل أن يقول:

- ربنا يخليك لينا وما يحرمناش منك يا سيادة اللواء


دلفا إلى الغرفة الخاصة بـ «نيران» وجلس «طيف» بجوارها قبل ينظر إليها بحب قائلًا:

- عاملة أيه دلوقتي يا نيرو؟

ابتسمت بسعادة ورددت بهدوء:

- الحمدلله كويسة، ها قررت أو مقرر على اسم لبنتنا؟

ابتسم ونظر إلى والده الذي كان يحمل الطفلة بين ذراعيه وردد مازحًا:

- مبدئيًا كدا أسامي ديزني اللي بابا فرحان بيها دي ننساها ولا تنة ولا رنة ولا حتى روبينزل، أيه رأيكم في ميلا؟

رفعت «نيران» حاجبيها بإعجاب كبير قبل أن تقول برضا تام:

- الله الاسم روعة يا طيف، حلو أوي

ورددت «اسماء» بابتسامة:

- اسم حلو جدا يا طيف، ميلا طيف ايمن

ابتسم بسعادة ونهض من مكانه ثم اتجه إلى والده وأخذ منه الطفلة وهو يقول بمرح:

- كفاية عليك كدا يا بابا، سيب مولة حبيبتي في حضني شوية


***


نهضت من مكانها واتجهت إلى المرحاض وتقيأت ثم قامت بغسل وجهها وعادت إلى سريرها مرة أخرى، ظلت مكانها تشعر بالارهاق والتعب إلى أن تململ «نائل» في الفراش وفتح عينيه تلقائيًا ليجدها على هذا الحال فنهض من مكانه واعتدل في جلسته قبل أن يقول بتساؤل:

- ياسمين! حبيبتي أنتي صاحية ليه؟ فيه حاجة!

رسمت ابتسامة هادئة على وجهها ورددت بتعب واضح:

- مفيش حاجة يا حبيبي أنا كويسة، مش جايلي نوم بس، كمل نوم أنا شوية كدا وهنام أنا كمان

لم يصدق ما تقول واقترب منها أكثر ثم رفع رأسها بيده قبل أن يقول بهدوء:

- وشك باين عليه التعب والارهاق متخبيش عليا يا ياسمين، قوليلي مالك! حاسة بأيه؟

التقطت أنفاسها وأجابته بعد إصراره:

- من الصبح حاسة إني معظم الوقت دايخة ورجعت أكتر من مرة، باين دور برد

أمسك بكفيها وقبض عليهما قبل أن يقول بحنو:

- ألف سلامة عليكي يا عيوني، أنا هنزل أجيبلك حاجة من الصيدلية اللي جنبنا لغاية ما نروح نكشف بكرا

رفضت رحيله ورددت باعتراض:

- متتعبش نفسك يا نائل أنا هبقى كويسة وبكرا لو فضلت تعبانة أوعدك اكشف

ربت على كفيها وردد بإصرار:

- هو أيه اللي أتعب نفسي يا ياسمين هو أنا غريب ده أنا جوزك حبيبك وبعدين الصيدلية مش بعيدة دي جنبنا علطول، مش هتأخر عليكي


نهض من مكانه وبدل ملابسه بسرعة ثم اتجه إلى الأسفل ومنه اتجه إلى الصيدلية المجاورة للمنزل، تقدم إلى الداخل وردد بجدية:

- بعد اذنك يا دكتور ياريت حاجة كويسة للترجيع وشريط اوجمنتين مضاد حيوي

- تحت أمرك

تقدم الطبيب إلى الداخل وجهز له ما يريده ثم عاد إليه ووضع الأدوية أمامه فأخرج هو النقود ومد يده بها إليه ثم أخذ الدواء والتفت ليرحل لكنه توقف وخطر بباله شيء ما وتردد في هذا الأمر لكنه اتخذ قراره وعاد إلى الداخل مرة أخرى قبل أن يقول:

- معلش عايز اختبار حمل

احضر له الطبيب ما طلبه وأعطاه هو النقود ثم عاد إلى المنزل وجلس بالقرب منها قبل أن يقول بابتسامة:

- اتفضلي يا حبيبتي ده مضاد حيوي وده علشان الترجيع بس قبل ما تاخدي حاجة منهم اعملي الاختبار ده

ضيقت نظراتها عندما رأت اختبار الحمل بيده ورفعت بصرها إليه لتقول بعدم تصديق:

- هو ممكن اكون حامل؟

ابتسم واجابها بهدوء وهو يرفع أحد حاجبيه:

- وليه لا! إحنا كنا بنحلم باليوم ده، جربي مش هتخسري حاجة

ابتسمت له بهدوء ووافقت على طلبه وفي اليوم التالي اجرت هذا الاختبار وانتظرت ظهور النتيجة بتوتر شديد قبل ذهابها إلى الشركة، أنهى «نائل» ارتداء ملابسه ونظم شعره قبل أن ينظر إلى ساعته ليجد أنهم تأخروا عن العمل فاتجه إلى المرحاض وطرق على بابه بخفة وهو يقول:

- ياسو حبيبتي إحنا اتأخرنا، لو تعبانة ريحي ومش لازم تيجي

أجابته هي من الداخل وهي تنتظر ظهور النتيجة:

- لحظة يا حبيبي أنا خارجة أهو

ثم عاودت النظر إلى الاختبار لتتسع عينيها من شدة الصدمة.


خرجت أخيرًا ووجهت بصرها تجاهه لتقول بسرعة دون تمهيد:

- نائل أنا حامل

اتسعت حدقتيه بعدم تصديق وتقدم خطوتين منها وهو يقول بتساؤل:

- بجد يا ياسمين! أنتي حامل بجد؟

هزت رأسها بالإيجاب وعلى وجهها ابتسامة واسعة فأسرع إليها وحضنها بقوة وهو يحملها، أغلق عينيه وردد بسعادة:

- مش مصدق نفسي، هبقى أب

حاوطت رقبته بذراعيها ونظرت إلى عينه مباشرة وهي تقول بحب:

- هتبقى أب يا حبيبي، وأخيرا هبقى ماما ويبقى عندنا نونو صغنن نلعب بيه

تخيل نفسه وهو يحمل الطفل بين ذراعيه وشعر بسعادة كبيرة، نظر إلى عينيها وردد بحب:

- سيبك من الشركة النهاردة، هنروح لأي دكتورة علشان نتطمن عليكي وتتابعي معاها وبعد كدا انسي الشركة لغاية ما ربنا يقومك بالسلامة

عبثت ملامح وجهها وتدللت وهي تقول:

- لا بالله عليك يا نائل خليني اروح حتى اول شهور الحمل وبعدين اوعدك هقعد، وبعدين لسة في الأول

لوى ثغره وأصر على رأيه قليلا:

- يابنتي أنا خايف عليكي وعلى البيبي

ضمت وجهه بين كفيها وأردفت بابتسامة:

- أوعدك إني مش هتعب نفسي خالص ولا حتى هتحرك من المكتب غير معاك واحنا مروحين، علشان خاطري بليز

صمت لثوانٍ لكي يفكر بالأمر قبل أن يردد بابتسامة:

- خلاص علشان خاطرك بس من أول السادس هتقعدي

حضنته على الفور ورددت بسعادة:

- ربنا يخليك ليا يا أغلى ما ليا

اتسعت ابتسامته ومسح على رأسها وهو يقول:

- ويخليكي ليا يا حبيبتي


"بعد مرور ثـــــلاث ســــنــــوات"


تقدم بخطوات هادئة بعد أن فتح الباب الخارجي للمقابر وسار أمتار قليلة إلى الداخل حتى وصل إلى وجهته، ابتسم تلقائيًا وألقى السلام:

- السلام عليكم

تقدم ووضع أمام القبر باقة من الورود ثم عاد ليجلس مكانه قبل أن يقول:

- ازيك يا حبيبتي، وحشتيني أوي، وحشني صوتك وضحكتك وكلامك معايا، وحشتيني كلك على بعضك، امبارح جيتي على بالي وأنا بصلي قيام الليل وفضلت ادعيلك، أنا حتى نسيت أدعي لنفسي وفضلت طول الصلاة ادعيلك

منع دموعه من الانهمار وتابع حديثه وهو يرسم ابتسامة هادئة على ثغره:

-

عدى حوالي 3 سنين ونص على فراقك، الفترة دي عمري ما نسيتك ولا لحظة، كنت بفتكرك في كل خطوة باخدها في حياتي، قبل ما اخد قرار بحط نفسي مكانك واقول لو فاطمة معايا دلوقتي هل كانت هتوافقني على القرار ده ولا لا ولو لا مباخدش القرار، في كل خطوة ببقى حاسس إنك واقفة بتراقبيني من بعيد علشان كدا كنت بلبس واتشيك احسن لبس واحاول انجح في أي حاجة أعملها علشان افرحك، أنا حتى اتحولت من رماح اللي كل حياته جد لرماح بيهزر وبيضحك، الحياة الجد مش وحشة بس لما حد بيخسر حد غالي عليه كل التماسك والجد اللي كان في حياته بيطلع عليه في اللحظة دي، مش بيقدر يستحمل نهائي علشان كدا غيرت من نفسي، يارب تكوني مبسوطة دلوقتي، أنتي سيطرتي على كل حياتك، مش هنساكي أبدا بس سامحيني أنا مضطر أخد الخطوة الجاية دي في حياتي وأنا عارف إنك هتقدري ده، مش هبطل ازورك ولا هبطل ادعيلك، مش هنساكي أبدا


نهض من مكانه ونظر نظرة أخيرة وهو يقول مودعًا:

- مع السلامة يا حبيبتي، سلام


ترك المكان واتجه إلى سيارته وقادها إلى أحد المطاعم الكبرى بالقاهرة، ترجل من سيارته واتجه إلى الداخل بعد أن بحث بعينيه عن ما يريده، ابتسم تلقائيًا واقترب من الطاولة التي كانت تجلس أمامها «سيزكا» فصاحت هي باعتراض:

- كل ده تأخير يا رماح! وكمان مش بترد على تليفوناتي؟

جلس على الكرسي المقابل لها وردد بهدوء:

- معلش يا حبيبتي كنت بزور حد غالي عليا أوي

عرفت على الفور من يقصد لذلك هدأت ورددت بتساؤل:

- فاطمة صح؟

هز رأسه بالإيجاب ليؤكد تلك المعلومة:

- أيوة فاطمة الله يرحمها

لاحظت الحزن على وجهه رغم إخفائه لذلك فقبضت على كفيه ورددت بابتسامة:

- أنا عارفة إن فاطمة كانت كل حاجة بالنسبة ليك بس خليك عارف إنها في مكان أحسن بكتير دلوقتي، عمري ما هزعل في يوم علشان انت زعلان عليها أو بتحبها للدرجة دي بالعكس أنا فرحانة إن فيه حد بيحب للدرجة دي زيك كدا

صمتت قليلا ثم تابعت بمرح:

- بس ادينا شوية من الحب ده يا رحرح

ابتسم ورفع يدها ليقبلها قبل أن يقول بحب:

- أنا بحبك يا سيزكا ولو مكنتش بحبك مكنتش كتبت كتابي عليكي ولا وصلنا للمرحلة دي ولا حتى بقينا قاعدين القعدة دي، أنتي الفترة اللي فاتت هونتي عليا كتير، فاطمة الله يرحمها اينعم واخدة كل قلبي لكن الحياة لازم تستمر وحبي ليكي ميقلش عن حبي ليها، سيبنا بقى من الموضوع ده، عندي خبر حلو ليكي

اتسعت حدقتيها ورددت بسعادة:

- ها قول فرحني

اخرج من جيبه كارت باللون الذهبي وردد بمرح:

- دعوات فرحنا باللون الدهبي زي ما طلبتيها

أخذت منه الدعوة ونظرت إليها بانبهار قائلة:

- واااو دي أحسن بجد من ما كنت متوقعة، ربنا يخليك ليا يا رماح

ابتسم لسعادتها وردد بحب:

- ويخليكي ليا يا حبيبة قلبي، يلا يا دوب نلحق نوزع الدعوات علشان الفرح كمان يومين واحنا كدا اتأخرنا أوي

هزت رأسها بالموافقة ورددت بجدية:

- بعد الغداء نوزعها على كل اللي نعرفهم مع بعض

وتنفست بارتياحية فهي انتقلت من بيئة شديدة الظلام إلى بيئة أخرى مضيئة ومليئة بالسعادة والحب الذي لم تتذوق منه طوال حياتها الماضية، تذكرت تلك الليلة التي كانت بداية جديدة لحياتها


"قبل ثلاثة أعوام ونصف"


- يعني كدا أنا براءة بجد! أقدر أعيش الحياة اللي علطول حلمت بيها؟

قالتها «سيزكا» لـ اللواء «أيمن» الذي أخبرها بخبر أنها أصبحت حرة فأجاب عن سؤالها بابتسامة:

- أيوة تقدري، أنتي ساعدتينا في قضية دولية وتقريبا أصعب القضايا اللي قابلتنا، أنتي تستحقي كل خير

انهمرت دموعها وشعرت أنها الآن خرجت من الظلام الذي كان يُحيط بها من كل الجهات، صمتت لثوانٍ قبل أن تردد بجدية:

- ممكن طلب وياريت حضرتك تنفذه ليا

هز رأسه بتساؤل:

- طلب أيه اتفضلي

- عايزة ابقى جزء من التيم، أنا عارفة إن ده مش هينفع بس اللي أقصده إني أكون جزء في أي مهمة تكون صعبة، مبقاش جزء بالمعنى الرسمي يعني هو ده اللي أقصده ومش عايزة مقابل، أنا عملت حاجات كتير وحشة قبل كدا وعايزة ابدأ من جديد وأول حاجة لازم أعملها هي إني اعتذر لبلدي عن اللي كنت بعمله وده هو الاعتذار، ياريت حضرتك توافق

ابتسم بسبب سماعه لتلك الكلمات وضم يديه أمامه قبل أن يقول بجدية:

- موافق يا سيزكا، لو احتاجتك في أي مهمة هقولك


"عودة إلى الوقت الحالي"


تنفست بارتياحية ورددت بصوت مرتفع:

- الأكل أتأخر كدا ليه؟

رفع «رماح» أحد حاجبيه وردد بتعجب:

- اوبا تصدقي أنا نسيت أطلب أكل اصلا!


***


- يابنتي اسمعي الكلام، ليه لا مش يمكن يكون حصل فعلا!

قالها «بارق» لزوجته «تنة» التي كانت معترضة تمامًا على ما يقوله ومع نهاية جملته تلك رددت هي بإصرار:

- لا يا بارق، أنت لما اتجوزتني كنت عارف قبلها إني مش بخلف ووافقت على ده وقولت إنك عايزني أنا مش عايز أطفال ودلوقتي لما اتعب شوية تعب صغننين تقولي مش يمكن تكوني حامل وعايزني اعمل اختبار حمل! إحنا متجوزين من 3 سنين ونص يا بارق مش هاجي أحمل دلوقتي!

اقترب منها أكثر وأمسك بكف يدها ثم نظر إلى عينها وردد بهدوء:

- يا حبيبتي أنتي ليه مصممة إني بطلب منك الطلب ده علشان احسسك بعجزك وانك مش بتخلفي! ربنا يعلم إني لما اتجوزتك اتجوزتك علشان بحبك وعلشان سرقتي قلبي واتعلقت بيكي ومكانش هاممني أطفال خالص علشان عايزك أنتي، دلوقتي أنتي اليومين دول بتنامي كتير ومرهقة علطول فاقترحت إنك تعملي اختبار حمل يمكن يكون ربنا أراد أنا مش شايف في ده غلط خالص

سحبت يدها من يده ورددت بغضب:

- لا فيه غلط يا بارق، بعد إذنك سيبني لوحدي

شعر بالحزن الشديد فهو لم يقصد مضايقتها، تراجع خطوتين إلى الخلف وردد بهدوء:

- حاضر يا تنة هسيبك لوحدك، أنا رايح الشغل


تركها ورحل بينما جلست هي مكانها وبكت بشدة، عادت مشهد حوارهما مرة أخرى في رأسها ووجدت أنه لم يخطئ بل هي من جعلت نفسها تشعر مثل هذا الشعور بسبب ما حدث معها في الماضي، ظلت مكانها لأكثر من نصف ساعة قبل أن تقرر الذهاب إلى معمل تحاليل طبية بعد أن اخبرت والدتها بأنها ذاهبة لزيارة صديقتها، اجرت الاختبار وعادت إلى منزلها وفي اليوم التالي ذهبت لأخذ النتائج لكنها لم تفهم شيء لذلك اتجهت إلى طبيبة متخصصة في هذا الأمر وجلست في انتظار دورها، تسارعت دقات قلبها في تلك اللحظات لأن الأمل الذي قد قُتل داخلها في الماضي قد زُرع داخلها مرة أخرى، أتى دورها أخيرًا وتقدمت إلى الداخل ثم أعطت نتيجة الاختبار إلى الطبيبة ورددت بتساؤل:

- بعد إذنك يا دكتور طمنيني، سلبي صح؟

فحصت الطبيبة التحاليل بعينها قبل أن ترسم ابتسامة على وجهها لتقول:

- ألف مبروك، انتي حامل وفي الشهر التاني كمان

اتسعت حدقتيها بعدم تصديق وتوترت كثيرًا وهي تقول:

- ازاي يا دكتور اكيد فيه حاجة غلط؟ ممكن تتأكدي تاني!

هزت الطبيبة رأسها ورددت بابتسامة:

- اتأكد من أيه! بقولك انتي حامل

شعرت بأن المكان يدور من حولها ولم تتحمل وفقدت الوعي في الحال.


ضوء خفيف تسرب إلى جفونها وفتحت عينها بتعب لتجد الجميع حولها، كان بارق يمسك بيدها وحولها «طيف، اسماء، رنة» فرددت بتعب:

- أنا فين!

ابتسم «بارق» وردد بسعادة:

- انتي هنا جنبي يا حبيبتي، عاملة أيه دلوقتي؟

وضعت يدها على جبينها وفركته بخفة قبل أن تتذكر سبب وجودها هنا فرددت على الفور:

- بارق أنا حــ ...

قاطعها هو وردد بابتسامة:

- حامل، عرفت من الدكتورة، ألف مبروك يا قلبي

هزت رأسها بعدم فهم لتقول بتساؤل:

- بس ده ازاي؟ الفترة دي كلها خليتني اتأكد إن خلاص ده شيء مستحيل

قبض على يدها بحب ليقول بابتسامة:

- «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ»

أنتي صبرتي كتير واتحملتي وربنا في النهاية كافئك على صبرك ده، ربنا كريم وكرمه كبير أوي

انهمرت دموعها بغزارة فهي بالفعل تحملت الكثير من المشقة والتعب وشعورها بالعجز والآن عوضها الله عن كل هذه السنوات.


حاول «طيف» تلطيف الأجواء ولجعل شقيقته تكف عن البكاء لذلك قال بمرح:

- يا جدعان المواقف اللي زي دي الواحد بيقوم يتنطط من الفرحة، يقوم يضحك ويفرفش مش يعيط وبعدين اعتذري لجوزك يا مفترية ده أنتي منكدة عليه من امبارح والراجل يا عيني يا إما سرحان يا إما بيكلم نفسه

ضحكت رغمًا عنها ونظرت إلى «بارق» لتقول معتذرة:

- أنا اسفة يا بارق، مكانش قصدي ازعلك ولا اعمل كدا بس ساعتها كان كل اللي حصل قبل كدا كان بيجي في دماغي، حقك عليا

مسح بيده على رأسها وردد بابتسامة:

- حبيبي أنا عمري ما أزعل منك أبدا وكنت مقدر اللي أنتي فيه، الحمدلله ربنا عوضك خير وفرحنا كلنا وهيجي نونو يملى البيت مع ولاد طيف

هنا صاح «طيف» وردد بمرح:

- كويس أوي، ميلا وقايد عايزين ولاد عمة وهيفجروا البيت باللي فيه

ضحك الجميع بصوت مرتفع قبل أن تنهض «اسماء» من مكانها وتمسح على رأس ابنتها وتقول بحب:

- أي فرحة كنت بفرحها كانت بتبقى ناقصة علشان كنت علطول فاكراكي وفاكرة اللي أنتي فيه لكن بعد دلوقتي أنا أسعد واحدة في الدنيا علشان ربنا كرمك يا تنة يا حتة مني

نظرت إلى والدتها بحب وقبلت يدها قبل أن تقول:

- ربنا يخليكي ليا يا ماما وميحرمنيش منك أبدا


عادوا جميعًا إلى المنزل ورحبت «نيران» بـ «تنة» وهنأتها كثيرًا لحملها، جلس «طيف» على المقعد وتنهد بصوت مرتفع وفي تلك الأثناء اقتربت «ميلا» منه ورددت بحزن:

- بابا! بابا!

اعتدل ونظر إليها وهو يقول بابتسامة:

- عيون بابا، عايزة أيه يا مولة

لوت ثغرها ورددت بصوت طفولي:

- عايزة اضلب قايد

رفع حاجبيه بتعجب وقال متسائلًا:

- عايزة تضربي قايد ليه يا متشردة!

أجابته بنفس النبرة الحزينة:

- علثان هو مث بيتكلم معايا ومث بيلد عليا

رفعها ووضعها على قدمه ثم نظر إليها وقال بابتسامة:

- ما هو مش بيرد عليكي ومش بيتكلم علشان هو لسة نونو صغنن، لما يكبر شوية هيتكلم ويلعب معاكي كمان

- طب وهو هيكبل امتى؟

فكر قليلًا في إجابة لهذا السؤال وأردف:

- بكرا إن شاء الله يكبر، سيبك بقى من قايد وتعالي نفتح الفريزر ونشوف الايس كريم بتاع عمتك رنة بيقول أيه

صفقت بسعادة وأردفت بصوت مرتفع:

- هييه هناكل الايس كليم بتاع عمتو لنة

أسرع وكتم فمها قائلًا:

- يخربيتك اسكتي هتفضحينا، عمتك رنة لو سمعت هتيجي تولع فينا وتدفي اديها من البرد بنارنا


***


ركضت إلى الأسفل وصاحت بصوت مرتفع:

- الحق يا زين ابنك بيعاكس بنتي وبيقولها هتجوزك

نهض من مكانه ورفع أحد حاجبيه قائلًا:

- يابن الايه يا مازن تربية أبوه، ما تسيبيه يعاكسها هي كانت اشتكت ليكي

لوت ثغرها واجابته:

- لا مشتكتش، صحيح قولي فرح مين اللي هنروحه بكرا ده

جلس مرة أخرى وردد قائلًا:

- فرح رماح صاحبي في الشغل، اعملي حسابك بقى، أها صحيح نائل هيرجع امتى من السفر؟

لوت ثغرها بحزن وأردفت:

- المفروض كمان يومين، هيمضي العقود ويجي

- ربنا يرجعه بالسلامة

- يارب


***


في اليوم التالي استعد الجميع لحفل زفاف «رماح» وامتلأت القاعة بالكثير من المدعوين، على الجانب الآخر صاح «طيف» بصوت مرتفع:

- اخيرا فرحنا بيك يا رماح، البدلة هتاكل منك حتة

في تلك اللحظة صرخ «رماح» وهو يمسك كتفه:

- آآآآه

شعر «طيف» بالقلق واقترب منه قائلًا بتساؤل:

- فيه أيه مالك؟

ضحك وردد مازحًا:

- البدلة كلت مني حتة

رفع «طيف» أحد حاجبيه ونظر إليه بعدم رضا وهو يقول:

- بقى تبعتني أنا البعتة دي! خلصانة هسامحك علشان فرحك بس

في تلك اللحظة دلف «زين» ومعه «بارق» و «فهد» إلى الغرفة وصاحوا بصوت مرتفع وهم يحملون «رماح»:

- هيييييييه

ارتفع صوت «رماح» حيث صاح بقلق:

- بس يا مجانين، يخربيتكم هقع الحقيني يامااا


ظلت موجهة بصرها إلى باب القاعة بشرود فهي افتقدته كثيرًا في تلك الأيام بسبب سفره الخاص بالعمل وأثناء شرودها صاحت طفلتها «دانا» قائلة:

- مامي، بابي جيه

فاقت من شرودها على الفور ونظرت حولها فوجدت «نائل» يقف أمامها وعلى وجهه ابتسامة هادئة فأسرعت وحضنته بقوة وهي تقول بعتاب:

- بعد كدا مش هسيبك تسافر لوحدك، هسافر معاك يا إما نبعت مندوب

ضحك ومسح على رأسها بحب قائلًا:

- أنا مطولتش وخلصت كل حاجة بسرعة علشان وحشتيني وقولت أعملها مفاجأة واجي في الفرح

ابتعدت قليلا عنه ونظرت إلى عينه قائلة:

- أحلى مفاجأة

وضع يده في جيب بنطاله وأخرج علبة صغيرة وفتحها ليكشف عن خاتم لامع بداخلها وردد قائلًا بحب:

- عجبني قولت أكيد هيعجبك

نظرت إلى الخاتم بإعجاب شديد وأردفت بسعادة:

- الخاتم تحفة يا نائل جميل أوي، ربنا يخليك ليا يا حبيبي وميحرمنيش منك أبدا

حمل الخاتم ووضعه بداخل إصبعها ثم قبل يدها وقال:

- ربنا يديمك في حياتي يا حب قلبي


في تلك الأثناء ارتفع صوت الأغاني ليعلن عن دخول العروسين ووقف الجميع ليتابعون، تقدموا وسط متابعة الحاضرين لهما مع أصوات الموسيقى، جلسوا على المقاعد المخصصة لهما قبل أن يقول «رماح» بابتسامة:

- المفاجأة بقى إنك تختاري أي مكان يخطر على بالك نقضي فيه شهر العسل حتى لو كان في كوكب تاني

فكرت قليلًا في عرضه قبل أن تقول بتردد:

- بص أنا عايزة اروح امريكا لأني الصراحة عيشت فيها حياتي كلها بس طبعا مش هينفع علشان بقايا الريد لاين لو عرفوا بينا يبقى الله يرحمنا، بص أنا سمعت كتير عن شرم الشيخ بس مروحتهاش نروح أول اسبوع او اتنين هناك وبعدين نطلع على السخنة، شوفت أنا طلباتي خفيفة ازاي

ابتسم وقال بحب:

- طلباتك مُجابة يا أجمل عروسة


تنهدت «نيران» بأريحية وهي تنظر إلى حيث يوجد العروسين ثم قالت بسعادة:

- ياااه رماح ابن خالتي اتجوز، أنا كنت خايفة اموت قبل ما اشوف اليوم ده

اقترب «طيف» بمقعده منها وردد مازحًا:

- أها سترناه وجوزناه خلاص

ضحكت بشدة على ما قاله قبل أن تقول:

- عقبال ما نجوز ولادنا يا حبيبي

في تلك اللحظة حضرت الطفلة «ميلا» وقالت:

- مفيث هنا ايس كليم زي بتاع لنة اللي إحنا كلناه امبالح يا بابا؟

استمعت رنة إلى كلماتها فاقتربت ورددت بعدم رضا:

- هو طيف هيخلف مين يعني، وأنا اللي قلبت الفريزر كله على الايس كريم وانتوا كلتوه؟

أشارت «ميلا» على «طيف» وقالت بقلق:

- بابا اللي قالي، أنا قولت بلاث عمتو هتزعل بس مسمعث الكلام

رفع حاجبيه بصدمة مما تقوله طفلته وردد بعدم رضا:

- يابنت الايه أنتي بتبيعيني وتلبسيني التهمة! اومال لما أكبر هتعملي فيا أيه! هتحطيني في دار مسنين؟

نظرت إليه وهزت رأسها قبل أن تقول بنبرة طفولية:

- معلث يا بابا علثان متولعث فيا

اتسعت حدقتي «رنة» وصاحت بصوت مرتفع قائلة:

- وكمان مفهمها إني بولع في الناس!


ارتفعت ضحكات «نيران» على حالهم وساد جو رائع على جميع الحاضرين لينسوا جميع أحزانهم بعد فترات عصيبة سادت لوقت طويل.


«وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا»


*تمت*

*********************
إلي هنا تنتهي رواية خط أحمر بقلم عبد الرحمن أحمد
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة